الفصل الرابع والثلاثين | اثنان ضد واحد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إفصاح: "رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ".

إفصاح آخر "لأن أحداً لا يأتي في موعده ولأن الانتظار يشبه الجلوس على صفيح ساخن .. أعاد عقارب ساعته اليدوية عشرين دقيقة إلى الوراء . هكذا خفف عن نفسه عذاب الانتظار ونسي الأمر ". محمود درويش

 مساحة لذكر الله

****************************************

الفصل الرابع والثلاثين


أخذت نفسًا عميقًا أملأ صدري بهواء الليل المنعش، حاولت تحريك عضلات جسدي استعدادًا لتدريبات أتريوس القاسية واحتفظت بالتذمر لنفسي.

"هل تشعرين بالاطمئنان على الفتى الآن؟" سأل أتريوس قاصدًا هارليك "نوعًا ما، نعم" أجبت وكتفت ذراعي فوق صدري ليكمل "جيد؛ لأن على ذهنك أن يكون صافيًا، حاليًا انسي تمامًا العملاق وركزي على نفسك".

"لا تعجبني نبرة الصوت هذه" اتسعت ابتسامته حتى تحولت لضحكة "لا يجب أن تعجبكِ بالفعل؛ فلن يكون الأمر سهلًا" أخذت نفسًا وراقبت يوجين بزاوية عيني وهو يحلق ويتربع فوق الهواء كعادته بأكبر ابتسامة على وجهه. "ماذا سنفعل إذًا؟" سألت بفضول وأنا أنظر لابتسامته التي لا تعجبني على الإطلاق.

تحرك وأخرج من جيبه كرة صغيرة ووضعها فوق الأرضية "عليكِ إمساك هذه الكرة" رفعت حاجبًا وكان الاستنكار واضحًا على وجهي الذي كان يقول بكل وضوح 'أتمزح؟'.

 اتسعت ابتسامته ولم أتمالك رغبتي فهتفت "فقط هذا؟". رفع كتفه وفجأة نقر الأرضية بقدمه…

المكان الذي وضع الكرة عليه ارتفع ليصبح في طول رجلين راشدين. "فقط هذا" قال مؤكدًا وهو يشير للكرة بيده، فغرت فاهي وظللت واقفة أترقب كلمة 'أمزح' بتخرج من بين شفتيه، لكنه لم يكن يمزح لأنه قال "ستحاولين التحكم بعنصر الأرض وستتقنينه خلال يوم، لا أسبوع. عليكِ بناء سلم صخري من ثلاث درجات لتصلي للكرة".

انخفض كتفي وقلت "لن أنجح".

"سأدفعكِ لذلك إذًا" نبرة الصوت، الابتسامة، النظرة، حركة الجسد، جميعها تنذر بالأسوأ. "ما الذي تعنيه بـ سأدفـ..." اندفع جسدي بقوة وأنا أشعر وكأن قبضة من حديدٍ التحمت بمعدتي، لم يتحرك حتى من مكانه... تلك كانت الرياح!

ظللت مستلقية على ظهري بصدمة ويدي احتضنت معدتي التي تعتصر نفسها ألمًا. "هل أخبرتكِ؟ ستحاولين الوصول للكرة وتتحكمين بعنصر الأرض بينما تتجنبين المئات من الموجات المشابهة" وصلني صوته المستمتع مما دفعني للنهوض ومحاولة تجاهل الألم القوي الذي قد يجبرني على التقيؤ لولا أن معدتي فارغة أصلًا.

"أتريد قتلي؟" صرخت به ليرفع كتفه وقال "أنتِ من أردتِ مساعدة الصبي في المقام الأول، الاختبار ليس ببعيد وعليكِ التحسن؛ لذلك إمامكِ ثلاثة خيارات" نهضت على قدمي بينما رفع هو ثلاث أصابع "إما أن أقتلك أنا" أنزل إصبع وتحولت الابتسامة الواسعة لواحدة أخبث "إما أن تقتلكِ الحكيمة باختبارها وهي لن تبالي" أنزل إصبعًا آخر قبل أن ينظر نحوي ويرفع حاجبًا "أو يمكنكِ كسر كلٍ من الخيارين والتحكمِ بعنصر آخر فتصبحين قادرة على الدفاع عن حياتك".

مع ضمه لإصبعه الثالث لقبضته وجهها نحوي وبسط يده، ما إن أدركت الأمر التفت للركض لكن لم أكن سريعة كفاية لأنها ضربت ظهري والألم الذي أصاب أنفي نتيجة اصطدام وجهي بالأرض كان أقوى من ألم ظهري حتى. "أوتش" خرجت بصعوبة من حلقي قبل أن أنهض بسرعة وأحاول الركض بعيدًا عن مرمى بصره.

موجة أقوى استشعرت تيارها قبل أن تصيبني؛ مما ساعدني لدفع جسدي بسرعة بعيدًا عنها، لم تكتمل سعادتي بتفاديها؛ فإلقائي لجسدي فوق ذراعي كان مؤلمًا كموجات الهواء الخاصة باللعين.

لا تبقَ ثابتًا، هذا أول ما ستتعلمه في دروس أتريوس غير المنطوقة؛ لذلك نهضت على الفور أحاول الابتعاد عنه. "أتظن أن هذا سيساعد؟" صرخت دون النظر نحوه وأنا أستمر في الركض وتفادي موجاته واحدةً تلو الأخرى ولكنه استشعر لأين سأتجه تاليًا ليدفع بموجة أخرى عن يميني، في ثانية انحنيت لأنزلق فوق الأرضية وأشعر بتيار الهواء يمر من فوقي.

"بحقك ظننت أننا تجاوزنا هذه التصرفات الوحشية!" صحت وأنا أتحرك بسرعة حول العمود الصخري الطويل الذي تقبع الكرة فوقه، بينما تحرك هو بخطوات عادية وصاح لأسمعه "ظننتكِ اشتقتِ لطريقتنا، أحاول قتلكِ فتفلتين بحياتك فأحاول قتلك بحجة التدريب فتنجين مجددًا، هيا! أليس ممتعًا؟" ذلك اللعين "ليس ممتعًا عندما تكون أنت من يتلقى الأذ..." ضربة الهواء أصابت جنبي مما دفع جسدي ليصطدم بالعمود الصخري بقوة.

"تحتاجين لمساعدة هنا أم يمكنني الاستمتاع ببقية العرض؟" رمقت يوجين بحدة، مساعدة! أجل، وكأني في حاجة لتفسير وجود شبح ساخر حولي.

"تعلمين كيفية إيقافي، المسي الكرة" صاح باستمتاع مما دفعني للسخط أكثر عليه.

نهضت وحاولت صنع أي شيء لعين صخري لكن لا فائدة، ضربة أخرى دفعتني فوق الأرض وشعرت بعدها بمذاقٍ مالح وشيء صلب يتدحرج هنا وهناك داخل فمي، بصقت الدماء مع ضرس كُسر؛ مما دفعني للصراخ بغضب وضرب الأرض بيدي.

"لقد كسرت ضرسي!" صرخت به ليضحك ويقول "جيد، خطوة صغيرة أيتها الأميرة" تدحرجت متجنبة ضربته التي تلت جملته "خطوة صغيرة؟ تشويهي خطوة صغيرة!" صرخت ليومئ ويقول "ستُفاجئين من عدد الكسور التي أصابت هؤلاء الرفاق منذ بداية مجيئنا" ضحك بقوة قبل أن يقول "ذلك الطير تم قطع جناحه عشرات المرات" وبقوله الطير كان يقصد أغدراسيل بلا شك.

"لا تقلقي، سينمو واحد آخر" سخر مما دفعني للنهوض ورمي صخرة من على الأرضية نحوه "أتظن أن فمي حوض لزرع الأزهار؟" زاد من ضحكه وزاد غضبي مع استمتاعه. "لحظة! ألا تنمو الضروس مجددًا إذًا؟" ثم يأتي يوجين ليزيد الأمر سوءً بغباء.

"من الأفضل أن تأخذي الكرة" بنبرة غنائية قال ثم دفع موجة قوية نحوي بالكاد تجنبتها، ركضت حول المكان مئات المرات وفي كل مرة أحاول لمس الأرض في محاولة لإخراج أي لعنة لكن لا فائدة، أي تدريب هذا؟

موجة أخرى، سقطة أخرى، ألم أشد... وطفح الكيل، نهضت على قدمي وصرخت بقوة في وجهه بتوقف، ولكن يبدو أنني قررت جعله يتوقف بطريقة أو بأخرى لأن عشرات الجذور الخضراء الحادة اخترقت سطح الأرضية نحو وجه أتريوس تمامًا.

لم يخفي تفاجئه بالهجوم المفاجئ وصرخ يوجين بحماس، لكن لم تكتمل سعادته لأن أتريوس لوح بيده ببساطة مولدًا موجة حادة من الرياح التي قطعت الهجوم الموجهة نحوه في ثانية.

تلك المرة لم تكن صدفة! شعرت بكل شيء، الشعور بالجذور وبالأرض وبالنبات كان كله كافيًا لإعادة ما حدث، وحركت يدي بسرعة نحوه، المزيد من الجذور نحوه لكنه لم يتحرك خطوة للخلف، كل ما يفعله التلويح باليسرى ببساطة ليقطع كل هجوم أشنه نحوه.

تحركت يده اليمنى مما جعلني أدرك أن وقت هجومه قد حان لذلك أطلقت ساقي ووجهت هجومًا أخيرا؛ عله يعيقه. لا فائدة كان يقف ساكنًا يقطع جذوري باليمنى ويهاجم باليسرى دون الحاجة لأخذ خطوة واحدة، وهذا ما أغاظني كاللعنة.

"جيد، لكنه ليس المطلوب"

كان يقصد هجومي، علي بناء سلم صخري لعين، لكن الأمر صعب، التحكم بسطح صلب وتشكيله ليس بهين!

أركض حول المكان منذ ساعات وهو فقط يلوح يمنيًا ويسارًا، في كل دورة أحاول لمس الأرضية لربما أنجح لكن الأمر الجيد أن شعوري بالسطح من حولي كان ينمو بسرعة، مع كل خطوة أخطوها يكون هناك الكثير من النبض داخل الأرضية وكله يعود لأشجار الغابة حولنا.

توقفت عن الهجوم عندما علمت أن هذا لن ينفع معه، أحتاج لخطة محكمة حتى يعطيني بعض الوقت للمحاولة، إن كان الهجوم بلا فائدة فعلي تقييده!

نظرت حولي بسرعة أبحث عن شيء قد يساعدني في رسم خطة لكبح هجماته المتتالية، وابتسمت بخفة للفكرة التي خطرت لي، حولت اتجاهي لأركض بعيدًا عن مستوى نظره بين الأشجار، انحنيت نحو الأرضية واضعة كفي فوقها قبل أن أغمض عيني.

لنحول دمج شيئين معًا! هجماتي وقدرتي على الشعور بكل شيء وأنا مغمضة العينين. اتسعت ابتسامتي عندما رأيته يتحرك بملل ناحية الأشجار، أخذت نفسًا ونقلت نظري للأرض، لأسفل الأرض بشكل خاص؛ حيث الكثير الجذور، الرفيع منها والضخم.

الشعور الذي أتحكم به عندما أهاجم استحضرته مجددًا نحو مئات الجذور الرفيعة، وفي تلك الثانية نجحت، خرجت من تحت الأرض نحوه وقيدت يديه لتدفعه ليقع على ركبتيه، جلنار تفوز!

ركضت من بين الأشجار ولاحظت ارتفاع حاجبيه عندما لمح حركتي، توقفت أمام الكرة على السطح العالي قبل أن أبسط كفي فوق الأرضية وأنا أكرر "هيا هيا هيا هيا..." لمحته بطرف عيني وهو يدفع يده بقوة لتتقطع الجذور حولها مما دفعني لإغماض عيني بقوة وأن أصرخ بين نفسي "هيا، اعملي! لا مزيد من الضربات".

التفت نحوه لأشعر بالفزع عندما حرر يده الأخرى ونهض نحوي. "تبًا!" صرخت وضربت الأرض بيدي بقوة.

السطح الذي أقف عليه تشقق قبل أن يرتفع بسرعة مرعبة "تــوقـف!" صرخت بفزع لتتوقف حركة الأرض بشكل مفاجئ ولكن لم أترك وقتًا لأفهم الأمر، كل ما رأيته هي الكرة أمام عيني؛ لذلك التقطها بسرعة ورفعتها صارخة "لقد أمسكت بها، توقف الآن أيها اللعين!"

لهثت بتعب وحاولت التقاط أنفاسي أخيرًا، ولأن المكان كان حرفيًا يدور حولي فلم أهتم أين أستند بيدي؛ لذلك بكل حماقة… وقعت!

انتظرت المزيد من الآلام المبرحة، لكن قرر الأحمق أنه فجأة أصبح قديسًا رحيمًا والتقط جسدي، لم يلتقطه كليًا، لكنه استطاع الإمساك بخصري؛ مما خفف وطأة الوقعة ولم أسقط على ظهري، بل على قدمي واقفة.

نظرت نحوه قبل أن أبعد يده عني وأمسك بالكرة الصفراء وألقيها بقوة على رأسه، كانت صغيرة ومليئة بالهواء الذي لن يؤلمه على الإطلاق، لكنني أحاول مراضاة نفسي التي تم التنمر عليها لساعات من قبل متحكم عناصر سادي.

"أنت… حقًا سافل" قلت من بين أنفاسي قبل أن أدفعه مجددًا وألقي بجسدي أستند على الأعمدة الصخرية التي صنعها كلانا "عمل رائع، كان من الممتع رؤيتك تركضين هنا وهناك كالفأر" أمسكت صخرة متوسطة الحجم وألقيتها ناحية يوجين بقوة، بدا لأتريوس أنني أفرغ غضبي، وبدا ليوجين أنني أحاول يائسةً إيذائه مما دفعه للتظاهر بالألم ساخرًا "لقد آلمتني".

"اللعنة على كليكما" تمتمت بين أنفاسي وأسندت رأسي للخلف "نجح الأمر في النهاية!" تحدث أخيرًا لأغمض عيني بتعب "أجل، وخلعت ضرسًا وأصبت بكدمات على طول جسدي وتحطمت بعض عظامي وربما تمزقت عضلات جسدي، أريد ماء!" سخرت قبل أن أهتف في النهاية فأنا بالكاد أشعر بلساني يلتصق بحلقي لشدة العطش.

"لست خادمًا" هتف في المقابل مما دفعني للأنين بتذمر، هذا حقًا يستنزف حياتي، فتحت عيني للنهوض وجلب الماء، لكن الزجاجة الباردة التي ألقاها لتقع بين يدي دفعت ابتسامة ضخمة على شفتي قبل أن أنهيها في دقيقة وآخذ نفسًا منتعشًا "كان يمكنك إحضارها منذ البداية دون تعليقات تهكمية".

جلس مقابلي وقد بسط قدما وثنى الأخرى وقال "حينها لن أكون أتريوس" ضحكت وأومأت موافقة "هذا تعليق ساخر كان علي أنا إطلاقه" رفع كتفه وقال "اسبق عدوك حتى لا تترك له الفرصة" ألقيت الزجاجة الفارغة نحوه وتمتمت "لست عدوتك".

"تمزحين معي؟ لقد كان يحاصرك كفأر في علبة منذ دقائق، لو كان أنا لجعلته الشرير الذي تدور حياتي حوله" جلس يوجين بجواري وهو يراقب أتريوس بحدة، وكأنه لم يكن يستمتع بالأمر!

"أنت حقًا تحاول قتلي" سخرت عندما استعدت أنفاسي، أطلق ضحكة صغيرة ساخرة "إن كان هذا قتلًا... كان عليكِ رؤية ما حدث لأولئك المساكين عندما تم اختيارهم" عقدت حاجبي واقتربت بفضول "ماذا حدث؟" أبعد ربطة شعره قبل أن يعيد جمعه بشكل فوضوي ويقول "تلك العجوز أول ما قالته ما إن تم جمعنا كان: إن كنت ستموت بسبب تدريبات بسيطة فمن الأفضل أن تموت هنا على أن تموت كضعيف في الميدان".

رفعت حاجبًا وفهمت أن القصد بالعجوز هنا الحكيمة.

"التدريبات البسيطة تسببت في كسر ذراع ذلك الكلب البري ثلاث مرات، والعصفورة الصغيرة تم قطع جناحها لعشرات المرات، الغبي ذو المائة وجه تلقى كسرًا سيئًا في ركبته وشرخا في الجمجمة وهذا تقريبًا سبب ازدياد غبائه، الميت تم قطع أطرافه لمئات المرات، وتينر جام تأذت أحباله الصوتية بشدة، ذلك القزم النرجسي استطاع النجاح كل مرة بلا إصابات، كلب الملك كان يعود كل يوم بكسرٍ مختلف، حتى الصبي لم يسلم منها، وتلك الساحرة كادت تحترق ذات مرة وكادت تقتل صانع الأدوات من قبل"

ابتلعت وضممت قدمي نحوي، يبدو أني أفلت بسبب وجود أتريوس، وأنا من تتذمر لكسر ضرسها!

"هذا فظيع!" همست ليتنهد ويقول "لولا تلك الطبيبة الملكية ووصفاتها ومن يعملون تحت يدها لظل الغالبية بإعاقة دائمة، عدا الكلب البري؛ فجسده يشفى ذاتيًا" تذمر في النهاية مما دفعني لدفعه بقدمي بخفة هاتفه "اسمه رومياس، وهو ذئب، لا كلب".

رفع حاجبًا وقال "كلاهما يملك فراء وكلاهما مليء بالبراغيث، لا فرق" ابتسمت ساخرة "دع دراكوس يسمعك تصفه كالكلب، لنهش ذراعك" أشار نحوي بسبابته وقال "حتى الكلاب تنهش" دحرجت عيني لجداله الطفولي "أتملكون كلابًا هنا أيضًا؟" تساءلت بين نفسي "بالطبع هناك، ضخمة نوعًا ما لها أعين حمراء وتحب تناول الكائنات الحية".

اتسعت عيني وأجزم أن يوجين يملك نفس تعبيري لأنه قال "أفضل جراء الأرض الظريفة، ما خطب طعام الكلاب... طعمه جيد!" قاومت بشدة النظر نحو قائلة متى تذوقت طعام الكلاب، لكني تمالكت نفسي.

قفز لرأسي شيء ما قد ذكر سابقًا لذلك طرحته قائلة "ألست ايضًا تملك قوة شفاء تساعدك، أخبرني احدهم بذلك". ارتفع حاجبه بخفة وأومأ برأسه قائلًا "أملك واحدة لكنها لا تقارن بخاصة الكلب". عقدت حاجباي قائلة "أهو شيء يمتاز به الإلترانيوسيين؟" صمت لوهلة قبل أن يقول على مضض "ليس جميعهم".

"لذلك عودة لموضوعنا الأصلي عليكِ الاختيار، إما أن تقتلي نفسك وتأخذي تدريباتكِ على محمل الجد، أو يمكنكِ ترك نفسكِ للموت في اختبار العجوز" غير دفة الحديث قائلًا لازفر وافرك فروة رأسي بانزعاج "ألا يوجد خيار حيث لا أموت فيه؟" نظر بعيدًا لوهلة متظاهرًا بالتفكير "لا أظنه خيار وارد، جميعنا سيقتل نفسه في هذه الحرب".

متشائم وسلبي وقاتل للدعم النفسي، هذا ما تمكنت إيصاله بنظراتي نحوه.

"إذًا تمكنت من استخدام عنصرين" ضحك وأجاب "أنتِ بالكاد تستخدمين عنصر الأرض ولا أعرف مهارتك مع النار جيدًا، ربما تمكنتِ من عنصر، ولكن الثاني لا" رأيتم! قاتل للدعم النفسي.

"وبما أنكِ التقطِ انفاسك ولأنني كنت جيد كفاية لترككِ تستريحين فانهضي الآن، سنكمل" ملامح وجهي كانت معبرة كفاية حتى ينفجر يوجين في الضحك ويرسم هو ابتسامة وكأن هذا أفضل أوقات حياته، أنا حقًا أتمنى ركل وجهه وبقوة.

"ألم ننتهِ!" خرجت بيأس من بين شفتي "ننتهي! لم نبدأ بعد" رائع... فقط رائع، وكأن المزيد من العذاب هو ما ينقصني.

استسلمت ونهضت على قدمي قبل أن أنظر للسماء التي بدأت على مشارف الفجر، هل قضينا كل هذا الوقت حقًا!

المكان يصبح أكثر وضوحًا كلما زادت السماء نورًا وهذا هو عزائي الوحيد في هذا العذاب المستمر، عندما تحرك أتريوس بعيدًا حاولت اللحاق به وهتفت "لأين سنذهب؟" ألقى فأسه للأعلى قبل أن يلتقطه مجددًا "للساحة خلف المنزل" رفعت حاجبي بنوع من الاستغراب لكني تبعته على أي حال.

"أيمكنني الانضمام لكما؟" توقف ثلاثتنا عن الحركة والتفتنا حيث يقف أمام باب المنزل، يرتدي قميصا رماديا بلا أكمام وسروالا أسود فضفاض ولم يرفع خصلاته السوداء بالرغم من مضايقتها لعينه الزرقاء.

"رومياس!" هتفت بدهشة مما دفعه لإلقاء نظرة سريع خلفي نحو أتريوس قبل أن تعود عينه لي، زم شفتيه وأخذ خطوة للأمام بتردد "أنتما تتدربان؟" أومأت بابتسامة تدفعه للحديث ليكمل "لا تمانعان انضمامي إذًا؟" التفت آخذ نظرة سريعة نحو أتريوس الذي حدق برومياس بملل.

ليس وكأني سآخذ الأذن منه!

"بالطبع، تقدم" شعرت بهالة السخط خلفي ويمكنني بطرف عيني لمح نظرته التي بالكاد تحرق ظهري، دحرجت عيني والتفت أنظر نحوه واضعة يدي على خصري "ماذا؟ كلما كان العدد أكبر كان ذلك أفضل، التدرب وحدي لن يساعد عندما أقاتل في مجموعة، أوه أعتذر، لمن أتحدث؟ لا أظن أن أحدهم قام بتسجيل مصطلح العمل الجماعي داخل قاموسك!".

ازداد نظرته حدة وتقدم نحوي وقبل أن يفتح فمه قاطع رومياس كلينا "لا أريد التسبب في المشاكل، لا بأس يـ..." قاطعته بصرامة وعيني ثابتة على وجه أتريوس بتحدي "لن تتحرك من هنا سوى معنا" رفع حاجبًا وقال "وأنا المسئول هنا ومن يقرر" نظرت بعيدًا لثانية بنظرة لا مبالية قبل أن أثبت نظري عليه "خبر جديد، لست من يقرر! رومياس قادم معنا" قلت بنبرة نهائية "وماذا إن قلت لا" رفعت كتفي وكدت أرد بوقاحة لكن…

"ألا يمكنني اتخاذ قراري بنفسي؟" التفت بنظرة حادة نحو رومياس تلقائيًا وكذلك فعل أتريوس ليجفل رومياس ويأخذ خطوة للوراء "أفعلا ما تظنانه صحيحا" تمتم بسرعة لأتنهد وأمحي تلك التعابير السيئة.

"أتريوس، هيا، هذا سيساعدني" الطريقة اللطيفة قد تأتي بثمارها!

نظر نحوي وحول نظرة نحو رومياس قبل أن ينقر جبيني بقوة "اثنين يمكنني تحطيم أجسادهما، أظن أن لا بأس بهذا". اتسعت ابتسامتي والتفت بسعادة لرومياس لكنه كان يبتلع كثيرًا ونظرة فزعة على وجهه؛ مما دفعني للكم ذراعه بمزاح "لا تقلق هذه طريقته في قول: يمكنك الانضمام لنا. أتعلم؟ تسبب في خلع ضرسي" اضفت في النهاية ورميت نظرة تعني 'متوحش' لكنه تقبلها بابتسامة فخورة والتفت ليسير نحو الساحة خلف المنزل.

تبعته ورومياس يرافقني ويوجين يدندن بأغنية طفولية عن شمس الصباح أو رياح الصباح. "هل سيقتلنا حقًا؟" همس رومياس مما دفعني لنكز ذراعه "أنه ليس آلة للقتل، أتريوس ربما قاسٍ قليلًا، لكن... أكره قول هذا، لكنه جيد بالفعل، لم أكن لأتقدم بهذه السرعة لولا تدريباته".

ألقيت نظرة سريعة أتأكد إن كان قد سمع همسي؛ فلا نريد من الغرور أن يفجر رأسه.

بلل شفتيه بتوتر وحرك شعره في الدقيقة مائة مرة ومال نحوي مجددًا "لم أتدرب تحت يده من قبل، لكني تدربت معه و… لا أظنه محب للمجموعة" زفرت وأومأت "لا يحبنا؟ نعم، سيقوم بعرقلتنا؟ لا، هذا هو أتريوس؛ لذلك إن أردت منه التعامل معك جيدًا كن قويًا ووقحًا".

وضع ابتسامة وتوقف عن توتره مما دفعني للابتسام أيضًا "لا أظن أنني سأتمكن يومًا من أن أكون وقحًا" ضحكت ووضع يدي بين خصلات شعره ابعثرها كما أفعل مع هارليك عادة، رومياس حقًا النوع من الأصدقاء الذي تود وضعه داخل ظرف وإرساله بعيدًا عن الأشرار في العالم.

التفت لأتريوس الذي زفر والتفت برأسه نصف التفاتة وبطرف عينه نظر لكلينا قبل أن يقول "الأجواء الوردية لن تساعدكما في الحفاظ على سلامة جسديكما من الكسور" دحرجت عيني ونظرت حولي أبحث عن حجر يمكنني رميه عليه وعندما لم أجد هتفت "هل يمكن لعنصر الأرض أن يصنع الصخر؟".

"إن تمكن من لمس الأرض، نعم" قال قبل أن يبسط يده لتخرج من كفه صخرة متوسطة الحجم "لم تلمس الأرض!" صحت ليتنهد ويرمي الصخرة نحوي لألتقطها "قدمي فوق الأرض، أتحرك وأشعر بها، لا أعني لمسًا بالمعنى الحرفي" أخرجت 'أوه' صامتة ونظرت للصخرة بين يدي قبل أن ألقيها بقوة على ظهره.

توقف عن المشي ولم يمنع يوجين نفسه من الضحك؛ مما سبب عدوة أصابتني بالابتسامة لكن ابتسامة فخورة، رومياس أجفل وأخذ خطوة للخلف وهو يهمس "ماذا فعلتِ بحق الله؟".

التفت على كعب قدمه يرمقني بتلك النظرة التي قد تبدو لشخص ما قاتلة لكنني أعرف أنه يعني 'هل أنتِ طفلة؟' رفعت كتفي وقلت "ماذا! أردت منك التقاطها لكنني نسيت كلمة التقط" أنهيتها بابتسامة كبيرة ليزفر ويغمض عينيه.

صرخت فزعة عندما حط فأسه وانغرس طرفه بجوار قدمي "أوبس! نسيت قول كلمة التقطِ" قضمت شفتي ورمقته بغضب لكنه تقدم ببساطة وأمسك فأسه وانتزعه بسهولة ثم التفت نحو الساحة التي أصبحت أمامنا.

"مازلتِ متأكدة أنه لن يقتلنا؟" همس رومياس نحوي "أنا متأكد أنه سيفعل!" هتف يوجين وهو يلوح بيده ضاحكًا قبل أن يردف "سأصلي لأجلكما" دحرجت عيني لمزاج يوجين هذا الصباح والذي يبدو منتعشًا أكثر من اللازم.

قفز ليهبط على الأرضية المنبسطة والتي تبدو مشوهة لكثرة الضربات والآثار السوداء بسبب الانفجارات المتتالية، يمكن لهذا المكان أن يكسب جائزة لصموده!

رومياس قفز على قدميه للأسفل ووجدت نفسي أقفز تلقائيًا مثلهما "لم تلوِ الأميرة كاحلها" دحرجة عيني للمرة الألف هذا اليوم نحوه "لا أعلم؟ تفقد حال كاحلك، أهو بخير؟" أجل، في وجهك أتريوس، رومياس أخذ دور الفزع المترقب ويوجين صفق بفخر.

التفت نحوي وسحب رسغي بقوة وفي ثانية رفع جسدي في الهواء وكأنه يرفع زجاجة ماء، لا جسد شخص ما، تلا رؤيتي للسماء تنقلب من حولي، صوت قوي لاصطدام ظهري بالأرض الصلبة وألم معتاد تسلل من نهاية ظهري حتى كتفي وعنقي.

كرد فعل اكتسبته من قتالات أتريوس وكقاعدة أساسية... لا تبقَ ثابتًا أبدًا! لذلك ضغطت كفي يدي نحو الأرضية ورميت ألم جسدي لأبعد نقطة من تفكيري، دفعت جزئي العلوي للنهوض ورد الضربة بقدمي لوجهه لكن كل خططي ذهبت هباءً.

وكأنه توقع شيئًا مماثلا؛ لذلك أمسك يدي فوق رأسي وثبت جسدي بقدميه ضاغطًا على فخذي مما تسبب في شل حركة قدمي وأي محاولة أخرى للحركة.

"راقبي فمكِ جيدًا، جلنار" حسنًا، لست قادرة جسديًا، لكني كذلك شفويًا "صدقني أقصد كل كلمة تخرج منه" بادلت نظرته المتعجبة بنظرة مستمتعة "أتريدين مني التدخل؟" صاح يوجين بنبرة تخبرك بـ 'لا أريد التدخل، لكني أعرض هذا فقط احتسابًا للصداقة بيننا'.

"لن تبقي سليمة للأبد إذًا!" اتسعت ابتسامتي ورفعت وجهي ناحيته هامسة "رومياس يشاهد، سيظنك منحرفًا صدقني" لمحت اتساعًا طفيفًا في عينيه وكأنه انتبه لوضعيتنا التي في نظر كلينا تؤلمني ولكن في نظر أي شخص آخر… غير محتشمة ربما!

وعندما ظننت أنه سيعطيني نظرة لا أهتم ترك يدي وابتعد ناهضًا، الرجل يهتم لسمعته، هه! مثير للسخرية فعلًا!

رفعت جسدي من فوق الأرضية ونهضت مبعدة الغبار عن ملابسي، التفت نحو رومياس الذي كان يقف بعيدًا بوجه شاحب وأعين متسعة، هيا، لا تخبرني أنه يخاف أتريوس أكثر من خوفه من الإريبوسيين اللعناء!

"أتنوي الوقوف بعيدًا للأبد؟" أجفل ما إن هتف أتريوس ليتحرك بخطى سريعة نحوي، أمسك كتفي بقوة غير مقصودة مما آلمني وهمس "هل أنتِ بخير؟ هل حاول قتلكِ للتو؟ ربما علينا العودة" أبعدت يده بخفة وابتسمت في وجهه "لا تقلق، هذا حديثنا المعتاد صدقني".

طرف بتعجب وبدل نظره بيننا "أتريوس ليس قـ..." قاطعني صوته العالي وهو ينظر لكلينا "هل لنا أن نبدأ؟" كتفت ذراعي فوق صدري أحاول اكتشاف ما يخطط له الآن!

"بما أن هناك شريكًا انضم لصفك..." ألقى نظرة سريعة على رومياس الذي عاد للتوتر مجددًا "لنقل إنها مباراة اثنين ضد واحد" وهنا بدأ الأمر يصبح شيقًا وغير مريح في ذات الوقت "كل ما عليكما فعله هو أخذ أحد الفأسين من فوق ظهري" أشار للفأسين اللامعين المعلقان على ظهره "كل شيء مسموح، أي نوع من الهجوم يسمح لكما استخدامه" سار بخطوات بطيئة حول كلينا "من يخرج خارج الساحة يعتبر خارج المباراة تاركًا رفيقه خلفه" أشار للحدود العالية وكلامه كان واضحًا جدًا، أحدكما سيخرج من الساحة! لكن ليس أتريوس.

"حاولا بقدر ما تستطيعان، يسمح إيذاء الخصم بأي قدرة تمتلكها" قال ومجددًا بدا وكأنه يقصد رومياس في هذا الحديث مما دفع الأخير لقبض يده بتوتر وترقب. 

أخذ أتريوس مكانه مقابلنا على الجهة الأخرى من الساحة والتفت ثم أخذ عدة خطوات هادئة، أحاول ترتيب خطة واضحة تمكننا من أخذ فأسه مع أقل ضرر ممكن "أتحتاجين مساعدة؟ تعلمين، يمكنني فعلها هكذا..." قال يوجين و فرقع بأصابعه إشارة لسرعته، التفت نحوه بابتسامة جانبية "لا، اترك هذا الأمر لي" إن كان هناك من سيكسر نرجسية هذا الرجل فهو أنا!

وربما أحد من أغدراسيل أو أوكتيفيان، كلٌ منهما قوي كاللعنة، دعونا لا نغتر وتأخذنا اللحظة.

ابتعد يوجين جالسًا على الحافة العالية للساحة المنخفضة وراقب ما يحدث باهتمام، وفي الواقع بدا وكأنه يراقب حركات أتريوس أكثر مني ومن رومياس.

"رومياس، علينا تجنب هجومه وإعاقته لأخذ الفأس يـ…" توقفت عندما التفت لرومياس لأكمل حديثي لكنه كان شاحبًا كبشرة زوندي تمامًا ويتجنب النظر ناحية أتريوس تمامًا "إنه ليس آلة إعدام، إنه يتأذى مثلي ومثلك؛ لذلك تمالك نفسك".

حرك رأسه للجانبين "لقد رمقني للتو وكأنه مخبول قاتل" أحسنت، أتريوس، يا لها من حركة صبيانية! "إنه يحاول إخافتك" قلت بيأس؛ مما دفعه للنظر نحوي بأعين متسعة وصاح "وقد نجح في ذلك! لقد عشت بين سبعة أخوه كل واحد أكثر وحشية من الآخر، وبالرغم من ذلك أفكر أحيانًا أن أتريوس قادر على قتلهم بحركة إصبع".

ما اللعنة التي فعلها أتريوس ليأخذ عنه الجميع هذا الانطباع السيء؟ يمكنني توقع الأسوأ! أول انطباع تركه لدي كان مدمرًا ولم أرَ سوى شيطان كلما تحدثنا عنه.

تنهدت ودلكت رأسي وكدت أحاول التحدث بالمنطق مع رومياس وإخباره بخطة، لكن أتريوس لم يترك فرصة لأنه صفق بيده وصاح "لنبدأ يا أميرات".

دحرجت عيني والتفت نحوه ولكن قفزت بعيدًا للجهة الأخرى من الساحة في ذات الثانية وقفز رومياس في الاتجاه المعاكس لي.

سعلت الغبار الذي اقتحم رئتي وحدقت بالأرضية التي انشقت مخلفة انفجارًا قويًا، وعلى الجهة الأخرى رومياس هبط على قدميه عكسي أنا التي تشعر بظهرها يصرخ بطلب الرحمة!

قفزت ناهضة على قدمي وأخذت موقفًا دفاعيًا لأي هجوم مفاجئ؛ فمعنا سيد المفاجآت القاتلة.

لم أستطع لمح جسده حولنا مما دفعني للشتم بخفة "الأميرات لا تتلفظن بشيء سيء" اتسعت عيني والتفت للخلف، لكنه لم يمهلني فرصة لأنه لكمني بقوة رمت جسدي على بعد خطوات منه، أمسكت جانب معدتي بألم. تبًا، إن كانت هذه لكمته العارية دون استخدام عنصر ليجعلها قوية فكيف ستكون مع قوته كاملة؟

صوت تأوه عالٍ دفعني لرفع رأسي والنهوض على قدمي، رأيت رومياس مكشرًا عن أنيابه بألم وعلى ركبتيه ممسكًا بصدره والجدار من خلفه متشقق بشكل سيء.

صفعت نفسي داخليًا حتى أجاري سرعة هجوم أتريوس غير العادية، علي التذكر ألا أبقى ثابتة في مكان واحد، وضعت كف يدي على الأرضية وأغلقت عيني أحاول اكتشاف أن يقف أتريوس بالضبط!

اتسعت ابتسامتي عندما رأيته يتحرك خلفي، انتظرت اقترابه حتى أصبح خلفي تمامًا، وقبل أن يهاجم دفعت جسدي بقوة رأسًا على عقب وحملت ثقل جسدي على يدي، وقدمي التي حلقت في الهواء وجهتها ناحيته قابضة على رقبته بقوة ودفعته للجهة المقابلة.

وقفت على قدمي وراقبت جسده الذي توازن بسهولة وهبط على قدميه، لم أترك فرصة ليهاجمني، حركت يدي ملوحة نحوه بقوة، أربعة جذور قوية اخترقت سطح الأرض وثبتت يده، ركضت ناحية جسده وصليت أن أنجح في فعلها مجددًا.

لمست الأرض وخلال ثانية الأرضية أمامه ارتفعت لأقفز عليها وأستند على كتفه ملتفته لظهره لأحاول نزع الفأس.

كدت أمسكه، ولكن اندفع جسدي بقوة عندما أمسك بقدمي وكأني دمية وألقاني ناحية الحائط ليصطدم ظهري وأخرج أنين متألم.

لمحته يمزق باقي الجذور حول رسغه ويتحرك نحوي، تبًا، علي محاولة إيقافه، قبضته سحبت تيارات الهواء من حولي مما دفعني لمحاولة دفع جسدي عن الأرضية. "رومياس!" صرخت باسمه عندما أيقنت أنه من الصعب تجنب ضربته.

أغمضت عيني مستعدة لموجة من الألم، لكن صوت اصطدام قوي لم أكن أنا مصدره دفعني لفتح عيني. رومياس وقف يتنفس بقوة أمامي ومقابله أتريوس على ركبة واحدة والجدار متصدع من حوله، دلك أتريوس فكه وكأنه مصاب بالحكة، لا لكمة من يد مستذئب.

تقدم رومياس وسحب ذراعي يساعدني على الوقوف. "سيقتل كلينا" قال لأزمجر في وجهه "لن يفعل، توقف عن أخذ زاوية منعزلة وساعدني في تحطيم رأسه" رمقني بدهشة ورمقت أنا أتريوس بغيظ "استمع لي، حاول إشغاله، من الواضح أن ضرباتك أقوى مني بكثير؛ لذلك هاجمه بأقوى ما تملك، حتى إن اضطررت لإخراج دراكوس".

"لن أخرج دراكوس، إنه يزمجر باستمرار برغبته في تقطيع أتريوس، كما أن عيناكِ خضراء!" أضاف في النهاية بتعجب. واو، حتى أنه دفع الذئب لكرهه "دراكوس لا يكرهه، دراكوس يراه تحديًا" أجاب على سؤالي غير المنطوق قبل أن يقفز صائحًا "سأحاول إشغاله".

تحرك نحو أتريوس الذي وقف على قدمه بابتسامة منتظرًا هجوم رومياس، تحرك الآخر بسرعة بنية تثبيت جسد أتريوس، لكنه تلقى لكمة دمرت معدته ورمته بعيدَا، قفز رومياس على قدمه مجددًا وحينها قررت التصرف، حاولت تثبيت جسده بجذوري التي انطلقت تربط جسده بالكامل.

استغل رومياس الفرص وركض ناحيته كما فعلت أنا، لكم فك أتريوس لإبطاء محاولته في قطع الجذور التي تقيض جسده، واستغللت أنا انشغالهما والتفت حول أتريوس أحاول إمساك الفأس.

تنهيدة خرجت منه ولمحت عينه التي ارتفعت ناحية رومياس، في ثانية اختطف رومياس جسدي الذي كان قريبًا كفاية لأخذ الفأس ودفعني قبل أن يقفز هو بعيدًا.

لم أفهم ما يحدث، لكني فهمت بعدها أننا لم نكن سريعين كفاية! دون أن يستخدم قبضته ولد موجات حادة كالشفرات من كامل جسده قطعت الجذور وأصابت كلينا، كتف رومياس جرح بقوة ولسعات قوية أصابت ظهري وشعرت بالدماء تزحف على جلدي.

نحن لم نصبه إصابة جادة حتى!

تجاهل الألم أصبح شيئًا معتادا، كل مرة يصبح الشعور بالألم شيء عادي يمكن التأقلم معه؛ لذلك نهضت بسهولة كما فعل رومياس الذي على عكسي كانت جروحه قد التأمت بسهولةٍ تامة.

محاولة، اثنتان، ثلاثة… وفي كل مرة نحن من ناصب بالأذى، لم ينزف لمرة واحدة وأصبح يهاجم سواء حاولنا مهاجمته أو لا، من كل مكان، ستجد شيئًا ما يقوم بلكمك أو إلقاءك بعيدًا ورميك وكأنك دمية!

لهثت بتعب ووقفت أمسح الدماء التي غطت الجانب الأيمن من رأسي، رومياس كان محظوظًا لقدرات شفائه؛ مما لم يترك أثرا على جسده، لكن كل جرح كان يترك بقعًا من الدماء قبل أن يشفى.

هذا لن ينفع. كدت أتحرك، لكن جذوره تحركت وأمسكت بقدمي وألقتني بعيدًا، الأمر يغضبني... صوت رومياس المتألم تلى صوت اصطدامي بالحائط.

حسنًا، هذا يكفي!

قفزت على قدمي وركضت نحوه بسرعة، لمح جسدي مما دفعه للتلويح بيده ببساطة، جذوره انطلقت نحوي، لكني تجنبتها وتابعت الركض، واحدة أخرى كانت تتجه من الخلف نحوي وعوضًا عن أن تمسك بي أخذت انحدارًا قويًا وأمسكت بجذوره التي التفت حول ذراعي سحبتها بقوة دفعها الغضب داخل عروقي.

تمزقت فألقيتها بعيدًا، تيارات الهواء التي انسحبت للخلف حيث أتريوس أعلمتني أنه يستعد لهجومٍ جديد، وعوضًا عن الركض بعيدًا عنه ركضت نحوه، ملت ناحية الأرضة ألمسها بأطراف أصابعي لتتشقق وترتفع أمامي كسلم، ركضت قافزة فوقها في اللحظة التي وجه راحة يده نحوي.

قفزت من فوق السطح المرتفع الذي تفتت بسبب هجمة أتريوس والتفت متوازنة في الهواء لتصيب قدمي وجهه أخيرًا دافعة جسده للخلف بقوة.

هبطت على ركبتي ونظرت نحوه ببعض الصدمة، فعلتها في دقيقة!

لطالما تدربت معه على هجمات مماثلة، لكن ما حدث للتو بدا وكأن جسدي تحرك تبعًا للصورة التي رسمتها داخل عقلي للهجوم، وكأنني متمرسة في هذا! أنا التي لم تكن قادرة على قفز مسافة مترين دون ليّ كاحلها.

صراخ حماسي دفعني للنظر للأعلى حيث يوجين، اتسعت عيني عندما رأيت هارليك وثونار ومع جوزفين وتينر جام وكذلك زوندي يقفون حول المكان، وكل من ثونار وجوزفين يصرخ بتشجيع.

"احترسي!" صرخت ثونار وجوزفين مع هارليك؛ مما دفعني للقفز بعيدًا دون النظر نحو أتريوس ليصيب هجومه الأرض.

لهثت عندما حفرت قبضته شكلًاها على الأرض "أتريد قتلي واللعنة؟" رفع حاجبًا وقال "ستؤذيكِ هذه!" لا، لن تفعل، هي ستقتلني أيها الغبي.

رمى أتريوس جسده بعيدًا عندما حاول رومياس مهاجمته من الخلف، استفزني بشدة كيفية نجاته من كل هجمة؛ لذلك صحت برومياس "لا تقلق بشأني وهاجم بلا توقف واستعمل قدراتك قليلًا!" نظرتي كان حادة ونبرتي نهائية؛ لذلك أخذ نفسًا قبل أن يومئ.

تحرك نحوه ورأيت شرارته الزرقاء تأخذ مجراها حول ذراعه اليمنى انتقالًا لليسرى وهاجم أتريوس، لكماته أصبحت أسرع وكانت تدمر كل ما تصيبه، وكأن لكمات رومياس أصبحت عشرة أضعاف قوتها العادية.

أتريوس أنشغل تمامًا في محاولة تجنب هجماته وكانت الساحة تهتز لحركتهما السريعة والقوية التي بالكاد يمكن ملاحظتها، وهنا كان دوري… سآخذ كفايتي منك، أتريوس.

تحركت بسرعة نحوه وأشعلت ذراعي بالكامل، وفي اللحظة التي قفز رومياس فيها بعيدًا عن أتريوس الذي حاول مهاجمته وهبط على ركبة واحدة قفزت ووضعت قدمي على ظهر رومياس ودفعت نفسي نحوه أتريوس قبل أن ألكم وجهه بقوة.

لم تكن لكمة عادية؛ فأتريوس لم يتمكن من تجنبي واندفع جسده مصطدمًا بالحائط وتناثر شعره حول وجهه، ثبت ثلاثتنا وترقب الجميع.

رفع رأسه نحونا، فكه محمر بالكامل وقد احترق جلده والتهب بسبب نيراني وعندما كدت أشعر بالذنب لفعلتي وضع ابتسامة مظلمة وبنبرة مرعبة بصق باستمتاع "الآن يمكنني تسميته قتالًا".

النبرة والابتسامة جعلت كلينا يدرك حقيقة مؤلمة، أتريوس لم يكن يقاتل حتى الآن! لقد كان يلهو بكلينا، لم يكن ذلك قتالًا حقيقيًا، الآن فقط سيتم قتلنا.

استعددت بسرعة وأخذ رومياس وضعية مشابهة، دون أن أنتظر حركته التالية ركضت نحوه بنية لكم معدته، لكنه رفع عينيه نحوي ودون أن يحرك جزءً من جسده حتى رياحٌ قوية دفعت جسدي للناحية الأخرى من الساحة، ورومياس الذي قفز يلكمه أوقف لكمته بكف يده!

قبض أتريوس على قبضة رومياس التي تنتشر الشرارات حولها، قبضة أتريوس كانت غامقة اللون وصلبة كـ… كالصخر تمامًا!

دون أن ينطق أحدهما ضغط أتريوس على قبضة رومياس وصوت تحطم العظام دفع عيني للاتساع بقوة، صراخ رومياس المتألم تزامنًا مع صوت عظامه التي تتحطم قبل أن يكسر أتريوس رسغه بقوة دفعتني لإغلاق عيني للمنظر المؤلم.

رومياس قفز بعيدًا ما إن حرر أتريوس يده واحتضن يده وتعابير الألم ارتسمت بقوة على وجهه حتى كدت أنا أبكي وأشعر بالألم عوضًا عنه.

الجيد أن عظامه كانت تلتئم وتعود مجددًا وأصابعه المتحطمة بدأت تعود لمكانها الصحيح، لكنه استغرق وقتًا…

وقتًا كافيًا لأتريوس ليتحرك نحوه بخطوات ليست بسريعة وهو يحدق به ونية سيئة ترتسم داخل عينه، نهضت على قدمي وركضت ناحية أتريوس، يكفي ما أصاب رومياس حتى الآن، النيران تكورت لتتحول لقذيفة وجهتها ناحية أتريوس.

دون أن ينظر نحوها رفع كفه وموجة الهواء كانت كفيلة لعكس هجمتي لي، رفعت يدي أمامي لأحمي وجهي واتسعت ابتسامتي عندما امتصت قبضتي الهجمة دون أذى.

عاودت هجومي مجددًا لينظر نحوي هذه المرة، وقبل أن تصيبه قبضتي كان قد أمسك برسغي بقوة، النيران حول رسغي كانت تحرق كف يده بوضوح لكنه لم يهتم، نظر لعيني باستمتاع أصابني بقشعريرة وضغط على رسغي يدفعني لصراخ بألم، سيكسر!

فكرة أن كسر يدي لن يتعافى كما يفعل رومياس دفعتني للنظر نحوه بغضب قبل أن أمسك برسغه في المقابل وأشعل جسدي بالكامل.

لم أتوقع نجاحي لكن اتساع عينيه والحرارة القوية التي صدرت مني تلاها لهيب تفجر في المكان كنت مصدره جعلني أوقن أنني نجحت.

أتريوس ليس غبيًا للبقاء بجوار جسد مشتعل؛ لذلك ترك رسغي قافزًا لمسافة مترين بيننا "لا تحرقي ملابسك!" هتف رومياس ولم أحتج لنصيحته، تحكمي بالنيران وصل لدرجة أنه يمكنني التحكم فيما تحرق النيران في هذه اللحظة!

دعونا نعترف…

قتال مع أتريوس يساوي منافع كبيرة لم أكن أتوقعها، إنه يدفع جسدي للحافة فيطلق أفضل ما لديه، لكن في المقابل لن تحصل على قتال ودي! هذا الرجل لا يراعي شيئًا كما أرى.

وقف رومياس بجواري وحرك أصابعه وكف يده الذي عاد كما كان وقال بجدية وعيناه معلقة بأتريوس "أتملكين خطة؟" ابتسامتي الجانبية اتسعت وأخفضت نيراني حتى تلاشت "هاجم بلا توقف" لا يمكنني التفكير في شيء حاليًا؛ لذلك تجانبًا لأذية أتريوس علينا نحن إيذائه.

أومأ قبل أن تنقبض عضلات ذراعيه لتخرج مخالب حادة وقوية، وأنيابه أصبحت أطول، والشرارات الزرقاء عادت على طول ذراعيه.

ركض ناحية أتريوس الذي نهض مستعدًا للهجوم هو الآخر، رومياس حاول خدشه وأتريوس حاول لكم الأخير أحيانًا يفلحان وكثيرًا ما يفشلان، لم آخذ دور المتفرجة لأنني انطلقت نحوه وثبت عيني -التي أكاد أجزم أنها اتخذت اللونين الأخضر والأحمر القاني في هذه اللحظة- عليه.

جذور أخرجتها من تحت الأرض والتفت حول ذراعي الأيمن بالكامل قبل أن تشتعل بالنيران وأطرافها كانت طويلة، لنرَ ما سيفعل مع سوط مشتعل.

"رومياس، يمينًا!" صرخت وفهم رومياس مقصدي دون أن يلتفت ويرى ما أحاول فعله، هجومه نقله لجانب أتريوس الأيمن، أتريوس ليس غبيًا ليتغاضى عن حركة رومياس بعد صراخي؛ لذلك نقل اللعين تركيزه إلي.

اتسعت عين رومياس بصدمة عندما ضربت بالجذور المشتعلة ناحية أتريوس، الاثنان قفزا بعيدًا وأنا فجأة شعرت باستمتاع رسم ابتسامة على شفتَي. لم أترك فرصة له ليتنفس، ضربة وراء الأخرى ،لم يتمكن حتى من إيقافي وكل طاقته وضعها في تجنب ضربات السوط المشتعلة.

حاول قطعها بتياراته لكنه لم يصب، حاصرته وأيقنت أن الأمر انتهى، لقد وقع الأسد في الفخ وتمت محاصرته.

تجنبًا لهجوم كاد يطلقه ضربت بالسوط ولكنه لم يتجنبه كما توقعت، أمسك به ولفه حول ذراعه كما أفعل أنا وسحبه بقوة بالرغم من النيران التي تحرق يده.

في المقابل اندفع جسدي نحوه مصطدمًا به، يده التفت حول خصري يثبتني دون حركة، ويده اليسرى الممسكة بالجذع أصدرت تيارًا قويًا أطفأت النيران ثم تحول السوط حول يدي لتربة وتفتت.

حاولت دفع جسده لكنه أمسك ذراعي بيده الأخرى وهمس بابتسامة "أنت بالفعل مشتعلة" وألقى جسدي بعيدًا بقوة وانتظرت اصطدامي بالأرضية مجددًا، لكن رومياس الذي قفز والتقط جسدي خلال ثانية منع هذا.

يد رومياس التفت حول معدتي وتدلى جسدي ككيس ملاكمة مما دفعني لدحرجة عيني، مهين!

تركني لأقف بهدوء على قدمي لألتقط أنفاسي، لكن ذلك دور أتريوس لمنعنا من الراحة، تحرك نحونا وضرب الأرض بقبضته وما لبثنا حتى فقد كلانا اتزانه، ولكننا قفزنا بعيدًا لأن أكوامًا من الأشواك الصخرية كادت تقتلنا.

هذا لن ينتهي على خير.

لم أنتظر معرفة هجومه التالي لأني قفزت أحاول الهجوم عليه ليمسك بجسدي ويلقي بي، لم أقع وتوازنت على قدمي، شيء آخر لم أكن أستطيع إتقانه أصبح سهلًا بالنسبة لي.

هاجم رومياس ليفعل بجسده المثل. أحاول إيجاد خطة ممتازة، لكني مشوشة الآن ولا يمكن لشيء أن يظهر داخل عقلي.

أصوات التشجيع والحماس والصراخ كانت تصدر من حولنا ولمحت عدد الأجساد التي تشاهدنا قد ازدادت ولكنني لم أدقق فيمن يقف ومن غير موجود.

رومياس كان ضحية أتريوس لأنه وضع تركيزه عليه مجددًا وهذا يدفعني للابتسام في الواقع، كون أتريوس يضع غالب تركيزه على رومياس يعني أن ذئب فريقنا أصبح أقوى وأكثر خطورة لدرجة تشويش أتريوس، هذا حقًا يجلب الفخر، ولكن هذا الوقت غير مناسب أبدًا للتفكير في هذا.

كانت ضربات رومياس قوية تدفع أتريوس للدفاع وطال الأمر بين الاثنين لدرجة دفعت أتريوس للنظر بسخط نحوه وكأنه مل من هذا، أمسك بذراع رومياس وكسرها في حركة واحدة قبل أن يلقي جسده على الأرضية باستعمال يده المكسورة وبقدمه كسر ركبة رومياس الذي كتم صراخًا ولكن تعبيره كان يفضح الألم الذي حل به.

"لقد اكتفيت منك" قال دون النظر لرومياس الذي يتألم بقوة رغم أن عظامه ستشفى تمامًا، لكن ما زال يتألم!

ضغطت على أسناني بغضب ونهضت نحوه "أنا من اكتفى منك".

أشعلت قدمي قبل أن أوجه ضربة لمعدته صدها، لكني كنت غاضبة لرومياس؛ لذلك لم أترك فرصة لنفسي حتى أتنفس، التفت حوله ووجهت ضربة بقدمي الأخرى لجانب وجهه.

صدها لكنها كانت قوية وسببت دفع جسده لمسافة متر بيننا، انطلقت مجددًا وانتقلت النيران لقبضتي التي وجهتها لمنتصف صدره، أصابته ولكنه لم يبتعد وحاول الهجوم، انحنيت للأسفل وضربت معدته بركبتي بقوة، ونهضت بلكمة أصابت فكه ليتراجع عدة خطوات.

عاود كلانا الهجوم، أمسك رسغي ودفعني للحائط وركل معدتي بقوة، أمسكت قدمه عندما حاول ركلي مجددًا وأحرقتها.

لكمتين، ثلاثة وأكثر تبادلها كلانا، مللت من وضع أتريوس الذي لا يتعب، هذا الرجل ليس طبيعيًا لم يلهث لمرة ولم يلتقط أنفاسه، عندما شتته أمسكت فكه وضربت وجهه بكوعي.

النزيف الذي سال على جانب وجهه أثار بعض الأمل في فرصتنا للقضاء عليه، ولكنه لم يبدُ كشخص مبال، في المقابل أجزم أن الدماء تغطي وجهي بشكل مرعب.

لم أترك فرصة ليهاجم، انطلقت نحوه ولكمته ولكنه تصدى لها وأمسك بعنقي بقوة قبل أن يدفع جسدي نحو الحائط، قبض على رقبتي واقترب ليهمس "أنتِ لا تحاولين بجهد". 

ارتفع حاجباي وأمسكت بذراعه أحاول إحراقها ولكنه لم يتألم، نظر لعيني ببرود "لن تصمدي على هذا المنوال".

صررت على أسناني ودفعت قدمي لمعدته ليعود خطوة للخلف ويرفع قبضته نحو وجهي، كان من المستحيل صدها وكنت موقنة أني سأخسر مجموعة ضروس أخرى، لكني لم أفعل.

يد حاطها الشرار الأزرق امتدت أمام وجهي ممسكة بقبضة أتريوس، وفي الثانية التالية أمسك بيدي ودفع جسدي بعيدًا، لم تكن دفعة قوية لأنني هبطت على قدمي دون عناء.

اتسعت عيني بصدمة عندما لمحت أتريوس قد حلق مصطدمًا بالجدار على الناحية الأخرى!

وفي الناحية التي كنا نقف فيها وقف رومياس، جسده بالكامل تحوطه الشرارة الزرقاء، الرياح داعبت خصلات شعره ذات الجذور السوداء التي تحولت أطرافها لأبيض ناصع! أبيض كفراء دراكوس.

خصلاته التي ابتعدت عن وجهه كشفت عن عدسة خضراء مطابقة لأعين ذئبه ونظرة قوية وهالة مخيفة كانت تحيط به.

"دعنا نلعب الآن"

الصوت القوي كان خاصًا بدراكوس والنظرة الجدية كذلك الخالية من التردد، لكن التركيز والإصرار كان خاص برومياس، إنهما واعيان معًا ويتحكمان بهذا الجسد معًا في ذات اللحظة.

ما إن مال رومياس للأمام مستعدًا للركض تحول جسده لشرار أزرق واختفى عن الأنظار! وهنا تلقى أتريوس ضربات لم يستطع تخمين مكانها.

رومياس كان سريعًا يضرب في كل مكان ومن الصعب ملاحظته، وفي ثانية ظهر خلف أتريوس وأمسك به قبل أن يلقي بجسده بعيدًا.

للمرة الأولى لم يهبط أتريوس على قدميه، بل وقع أرضًا وسط دهشة الجميع وصوت 'أوه' علا في المكان.

النظرة التي أخذت مكانها على وجه أتريوس أفصحت عن شيء واضح، رومياس أصبح شيئًا ضخمًا وليس من الذكاء التساهل معه.

وما حدث تاليًا هز المكان، الاثنان تبادلا ضرباتٍ قوية وكل ضربة تركت أثرًا قوي هز المكان، أتريوس بادل بين الهواء والأرض ورومياس استعمل قدراته وقدرات دراكوس وكان هذا قتالًا حقيقي بين فارسين اختارتهما التوبازيوس.

وأنا!

يا صاحبي أخذت مقعد المتفرج مجددًا…

مشاهدتهما يتقاتلان بهذه القوة والسرعة دفعتني لعقد حاجبي بغيظ، كلاهما جديران ليكونا في الفريق ولكن أنا! لا يمكنني حتى التدخل لمساعدة رومياس، لأنني قد أقوم بإعاقة حركته.

أن يتصدى أتريوس لقوة رومياس ودراكوس في ذات الوقت وبعد أن ظننت أن كل مني أنا ورومياس قمنا باستنزاف طاقته -فقد كان يصد هجمات اثنين وهو واحد- يجعلني في دهشة... إلي أين يمكن أن تصل صلابة هذا الرجل؟

جميعنا نمتلك حدودًا، لكني لا أرى حدوده، وكأنه غير قابل للكسر!

جمعت قبضتي بغيظ لفكرة أنه يمكنه أيضًا هزيمة رومياس وهو في هذه الحالة وأن الأمر طال كثيرًا، نحن اثنان وهو واحد ولم نتمكن من أخذ فأسه حتى هذه اللحظة!

هو حتى لم يستخدم سلاحه وتركه على ظهره وكأنه يقول أننا ضعفاء لدرجة عدم مقدرتنا على أخذ شيء معلق على ظهره، الغضب كان يتصاعد داخلي، وفكرة أن الفريق بكامله أقوى مني كانت تدفعني أكثر.

فهمت شعور هارليك في هذه اللحظة… رؤية الجميع يعطي أفضل ما لديه، رؤية الجميع جدير بلقبه ورؤية الجميع يستثنيه، هذا ما دفعه أكثر، رغبة حماية عائلة قوية ورغبة استحقاقه للقبه بين الفريق كانت دافعًا له…

كما كانت دافعًا لي، الغضب دفع شعورًا ساخنًا داخل جسدي وأصبحت أرى أوردتي بالكامل كالجمر المشتعل، خطوة تليها الأخرى ولمحت رومياس الذي حلق جسده وقد ألقاه أتريوس.

يمكنكِ إنهاء القتال، جلنار.

ثبت عيني على فأس أتريوس، ابتسامة جانبية أخذت مكانها على وجهي وفجأة الرغبة في القتال اندفعت داخلي، رغبة غريبة وشعور لم اعتده في حياتي. حرارة قوية صدرت من جسدي قبل أن يرسم اللهب خطوطًا ورسومًا على طول ذراعي وأخذت مكانها تزحف على جسدي حتى وجهي.

خطواتي الواسعة أصبحت أسرع، وفجأة أصبح بإمكاني رؤية كل شيء يتحرك ببطء، بطء جعل كل شيء واضح وأي حركة كان يمكنني رؤيتها بوضوح.

ركضت نحو أتريوس ودفعت جسده بقوة، حركة جسده وهو يصطدم بالحائط كانت بطيئةً جدًا وأنا استغللت أيًا يكن ما يحدث وركضت نحوه ثم جذبته من ياقة ملابسه وركلته ليقفز في محاولة للاتزان، وقبل أن تقع قدمه فوق الأرضية أمسكت بعنقه ودفعته ناحية الحائط.

اقتربت منه بأكبر ابتسامة مستمتعة وهمست "أنا بالفعل مشتعلة، ويبدو أنني سأصمد".

ألقيت به وكدت ألكمه لكنه أمسك قبضتي وتلاقت أعيننا بالنظرة المستمتعة ذاتها "للأسف؛ أنتِ تفوزين". 

رغم صدمتي لتلك الجملة التي خرجت منه مع ابتسامة واثقة إلا أنني لم أضيع الفرصة بالثغرة التي لاحظتها.

عوضًا عن إبعاد جسدي أمسكت رسغه بيدي الحرة وجذبته نحوي والتففت وأنا أحكم قدمي حول خصره، سحبت فأسه بسرعة ودفعت جسده بقدمي لأقفز بعيدًا أخيرًا.

أخذت الفأس اللعين.

أحكمت قبضتي حول الفأس وحبست أنفاسي أراقب أتريوس الذي مال ناحية الأرضية حتى جلس وأسند ظهره للحائط، الهدوء طغى على المكان قبل أن يرفع أتريوس رأسه ناظرًا لعيني بنظرة قبضت أنفاسي وقال بابتسامة بسيطة:

 "خسرت"

 صوت صراخ ثونار كان أول ما قطع الصمت يليه صوت جوزفين وهارليك، نصفهم قفز محتضنًا الآخر وكأنهم كانوا ينتظرون هذه اللحظة بالذات، وأنا ثبت عيني على أتريوس الذي ما زال يعطيني تلك النظرة... فخر!

اتسعت ابتسامته وقال بصوتٍ لم يسمعه سوى كل مني و رومياس "استرخي، لقد انتهى الامر".

لم أكن أدرك حتى أن جسدي ما زال يتخذ وضع الهجوم ونظارتي الحذرة لم ترتفع عن جسد أتريوس مترقبةً لأي حركة.

ألقيت الفأس ورميت جسدي فوق الأرضية بإنهاك، أتريوس أغلق وضع القاتل المهووس، وأنا يمكنني أخذ أنفاسي أخيرًا.

لمحت رومياس بطرف عيني وهو يتحرك نحوي قبل أن يجلس بجواري، عينه تدريجيًا عادت للونها الأزرق الأصلي واللون الأسود زحف ليلون خصلاته بالكامل مجددًا.

"هيئة النار! ظننتها أسطورة"

عقدت حاجبي لجملته ونظرته المندهشة نحوي، رفعت كف يدي أمام عيني، النيران رسمت خطوطًا ورسومًا حولها بالكامل حتى ذراعي، وشيئًا فشيئًا بدأت تختفي حتى انعدمت تمامًا.

جسد ألقي فوق جسدي وثقله كتم أنفاسي، كومة من الشعر الأصهب المجعد كان أول ما تمكنت من رؤيته قبل أن تنهض حاملة ثقلها على يديها وتبحلق في وجهي بعينها الزرقاء الفاتحة "أنتِ مذهلة! كنتِ حقًا رائعة. إلهي، طيلة عمري ظننت أن هيئة النار مجرد أسطورة لا يمكن حدوثها، لقد أخذتِ هيئة النار للتو! النيران كانت جزء من جسدك وعينك كانت حمراء مشتعلة، حتى أن شعرك كان مشتعلًا كاللهب!".

اغمضت عيني للصداع الذي اجتاح رأسي وتنهدت براحة عندما وضعت ثونار يدها الباردة فوق رأسي وتلت تعويذة ما خففت الألم "أنتِ الأفضل". 

همست لتنهض بعيدًا عني بصمت، فتحت عيني لصمتها المفاجئ لألاحظ عينها المثبتة على شيء ما.

نظرت لأتريوس الذي نهض من مكانه متجهًا لرومياس، نهضت وراقبته بحذر مستعدة لوضع جسدي بينهما إن حاولا القتال مجددًا، ظننت أن هذا انتهى!

توقف أمام رومياس الذي لم يقوَ على النهوض ونظر نحوه بترقب، زفر أتريوس والتقطت تلك النظرة السريعة التي رماها نحوي قبل أن يعبث بخصلات رومياس لثانية ويقول:

"منذ اليوم، أنت ستقاتل بجواري"

اتسعت عينا رومياس بصدمة كما فعلت ثونار وسمعت شهقة صغيرة من هارليك الذي كان يقف خلفنا وعرفت أن هذا أقوى مديحٍ قد يقدمه أتريوس لشخص ما.

تفحصت وجوه البقية الواقفين حولنا، الجميع حرفيًا كان موجود وملامح كل شخص تنم عن شيء مختلف عما يفكر به الآخر، تنهدت وراقبت جسد أتريوس الذي يبتعد، ولكنه تجمد كما تجمد ثلاثتنا عندما صدح صوت صراخ غاضب…

"ثلاثتكم إلى الداخل، حالًا!"

....

 

وقف ثلاثتنا كل واحد يحاول التماسك وعدم التأوه بألم، أتريوس كان كعادته متململ من الوضع "واندر، ألا يبـ...".

قاطعته ممسكة بملعقة الغرف الضخمة وضربت رأسه بأقوى ما تملك، الصوت مؤلم، لكن ملامح أتريوس المتذمرة لم تتغير حتى.

"لا أريد سماع صوتك حتى آذن لك أيها الأهوج!"

نقلت نظرها لرومياس الذي نظر بعيدًا على الفور "أنت! تنجرف مع جنونهما؟ ما اللعنة التي أصابتك؟" قضم شفتيه قبل أن يقول "لقد كنا نتدرب و...".

قاطعته صائحة "اسمه تدريب، لا اقتل نفسك مع لعين فلورمان!"

اعتذر بصوت خافت لعله يقلل غضبها. 

"وأنتِ!"

أجفلت عندما جاء دوري.

"أحب هذه الفقرة دائمًا!"

صاح يوجين الذي يرمقني باستمتاع كبير، وبهذه اللحظة كان يوجين بالنسبة لي أكثر شرًا من أتريوس.

"هل أصابتكِ العدوى؟ لا أصدق أنكِ تجارين عنفه، ماذا إن أصابكما الأذ... أنتما بالفعل مليئان بالجروح في كل مكان!" 

فتحت فمي للحديث لكنها ضربت كتفي بالمغرفة وحاولت إخفاء الأنين الذي سببته ضربتها.

"لا أريد سماع صوت أي منكم حتى تصل الطبيبة الملكية إلى هنا"

أومأ ثلاثتنا بصمت، تحركت نحو أتريوس وأمالت رأسها ناظرة للحرق الذي ترك علامةً سيئة وتمتمت بأسى ثم رمقتني بطرف عينها لأنظر بعيدًا.

"لم أعهدكِ بهذا العنف" 

أنبت لأتنهد ملتفتة لرومياس أسند رأسي لكتفه "فليقتلني أحدهم".

ضحك بصمت وحاول إخفاء الأمر.

شهقة خرجت من واندر دفعتني للالتفاف نحوها بفزع "مـ… مـاذا؟". تحركت نحوي وأدارت جسدي تنظر لظهري وقميصي الذي تمزق والدماء تغطيه حرفيًا "ما اللعنة؟".

"لقد قامت بإحراق يدي أيضًا!" 

صاح أتريوس بسرعة دفاعًا عن نفسه وأخذ خطوتين بعيدًا عن واندر حتى لا يتلقى ضربة أخرى من المغرفة في يدها "ماذا فعلت بظهر المسكينة؟".

صرخت به وأدار وجهه يتجنب النظر لكلينا.

مسحت وجهها وابتعدت عنا وهي تتمتم بغضب وتشتم ثلاثتنا.

كان البقية يراقبون بصمت وبعضهم اختبأ حتى لا تشمله واندر بصراخها وشتائمها. "ما الذي جركم لقتال كهذا؟" التفتنا حيث جوزفين وقبل أن يرد أحدنا قال أتريوس ببساطة "ما شأنك؟" صفعت رأسي بيأس، لكني تألمت بسبب الجرح الذي ما زال يدمي.

"ما شأنه؟ كدت تقتلهما وتقـ..." تينر جام الذي أمسك بكتف أغدراسيل منعه من بدء شجارٍ نحن في غنى عنه "أتمزح معي؟" صاحت ثونار نحو أغدراسيل "يقتلهما؟ بدا لي كقتال لا يمكنك معرفة الفائز فيه".

أومأ لافيان موافقًا وقال "أظنه قتالًا عادلا".

أخرجت 'هه' ساخرة "عادل! بحق ألم يلحظ أحدكم أنه قتال اثنين ضد واحد وقد استغرقنا كل هذا الوقت لأخذ فأسه فقط؟" هتفت بحنق ليصمت الجميع ونظروا نحوه وأنا رمقته بغيظ غير راضية.

وضع ابتسامة مستفزة "لا تكوني غيورة". 

تمتم نحوي وألقى بجسده على الأريكة، قلدته بسخرية ورميت جسدي بجواره، لكني قفزت واقفة بألم عندما اشتد ألم ظهري.

"كيف أخذتِ هيئة النار بحق الله؟"

التفت الجميع لأوكتيفيان الذي كتف ذراعيه ناظرًا نحوي.

 "شخص ما يشعر بالغيرة" 

اتسعت عيني لنبرة أتريوس الغنائية وجملته التي تزامنت مع يوجين، حمدت الله أن لا أحد غيري سمعهما.

"لا أعرف، أنا لا أعرف ما هيئة النار أصلًا" 

دافعت بسرعة متجنبة مزاج أوكتيفيان السيء، رفع حاجبًا وبدا الشك عليه "أخبرني بشيءٍ يمنعني عن إخباركِ إن كنت أعرف كيف فعلتها، إلا إن كنت تظنني خبيثة لا تريد مشاركة شيءٍ قوي مع غيرها". 

كتفت ذراعي ناظرةً نحوه، دائمًا ما أشعر به يتهمني دون أن يتحدث حتى.

تنهد باستسلام وتمتم "ليس هذا ما قصدته".

رفع خصلاته للخلف وأردف بصوت أعلى "ما حدث في ساحة القتال لم يحدث لأحدهم من قبل، وهيئة النار لم يتمكن أحد من الوصول لها، إنها أسطورة!".

"ما هي هيئة النار على أي حال؟" سألت أتفحص وجوه الجميع، تبادلوا النظرات بينهم مما دفعني للنظر لأرتيانو "هل ستتكرم وتخبرني أنت على الأقل؟" رمقني بطرف عينه قبل أن يزفر "هناك أسطورة متعارفة بين الإلترانيوسيين والساحرات، بما أن بعض الساحرات يولدن وطاقتهن لها علاقة بالطبيعة؛ لذلك تبادل الشعبان أسطورة الهيئة، متحكم العناصر يصل إلى أقصى حدود طاقة العنصر إذا أخذ هيئة العنصر، بمعنى لا أحد يمكنه التحكم بعنصر النار بقدر ما تفعلين أنتِ، الآن النيران أصبحت جزءً من جسدك".

حدقت به لفترة قبل أن أنظر لأوكتيفيان الذي أومأ برأسه بخفة كتأكيد. هذا يعطيني شعورًا غريبًا، لا أعرف حتى ما يجب علي قوله، لقد حدث الأمر دون تخطيط!

تحرك أوكتيفيان وتعدى جسدي للخارج، نظرت ناحية تينر جام الذي تقدم وربت على كتفي "لا تبالي كثيرًا، أوكتيفيان دائمًا متقلب المزاج".

أومأت بخفة بالرغم من انزعاجي من هذا الأمر.

"إنه فقط غيور، جلنار. الأقوى يوجد من هو أقوى منه"

قال يوجين ببساطة وهو يحدق بالباب حيث خرج للتو أوكتيفيان، لا أظنه طفوليا، الأمر فقط أنه ربما يريد أن يكون الأفضل، بالإضافة إلى أن خبرته في القتال تجعله أقوى مني، الفارق بيننا كبير.

"لكن ماذا حدث لك أنت هنا؟" أشار جوزفين برأسه ناحية رومياس مما دفع لافيان ليصيح "هذا صحيح؟ لقد اختفيت وظهرت وكانت... يا رجل كنت مدهشًا".

ابتسم وأشاح وجهه بخجل "لم يكن شيء كبيرًا".

ارتفع حاجب زوندي صائحًا "لم يكن شيء كبير؟ اللعنة! أهذا الوقت الذي يظهر للجميع قدرته الخاصة وأنا فقط أشاهد؟" قهقه الجميع وأحاطت ثونار رقبة زوندي "لا تنزعج يا صاح، أتمنى أن أمتلك قدرتك في التجدد لمرة في حياتي".

أومأت وقلت "عليك أن تجرب الألم الذي أجابهه الآن، أنت نعمة في الفريق". 

رمقت أتريوس بطرف عيني لكنه حرك شفتيه بلا صوت "أنتِ طلبتِ هذا" سخيف جدًا أنا لم أطلب شيئًا حتى!

التفت الجميع لباب المنزل الذي أصدر صريرًا قبل أن تظهر خلفه فتاة أعرفها، الطبيبة الملكية كراميل.

حدق الجميع بها والصمت احتل المكان لوهلة، شعرها الأشقر كعادته مجموع للأعلى وترتدي ملابس رسمية، قميص سكري وتنورة سوداء طويلة يعلوهما معطف أبيض طُرزت أطرافه بخيوط ذهبية لامعة، تحدق بنا بعينها العسلية قبل أن تقع علي وتشهق بصدمة "إلهي! ماذا حدث؟".

أكاد أقسم أني سمعت تنهيدات خرجت من نصف الرجال هنا؛ مما دفعني للنظر ليوجين بفضول، وكما توقعت تمامًا، يبدو كجرو وجد عظمة ذهبية.

"كنا نتدرب" قلت ببساطة لتتقدم نحوي وتلمس ذقني بأصابعها تميل رأسي تنظر للجرح أو الجروح التي تملأ وجهي "هذا يبدو مؤلما، هل يمكنكِ الجلوس لوهلة؟ قد تصابين بالدوار لفقدان الدماء" أومأت وجلست ببطء بسبب ظهري.

عينها حلقت حولنا وأومأت برأسها كترحيب بالجميع قبل أن تقع على أتريوس وتتسع عينها "سيد فلورمان، وجهك" نظر نحوها بطرف عينه ولم يكلف نفسه بالرد، وقح!

قضمت شفتيها وأشاحت عينها عنه بإحراج وتقدمت نحوي أخرجت منشفة من حقيبتها وقامت بتطهيرها قبل أن تمسح الدماء عن وجهي بالكامل.

"سنذهب نحن لتدريباتنا"

صرحت ثونار وسحبت كل من جوزفين ولافيان اللذين لم تنتقل أعينهما بعيدًا عن كاراميل، تبعهم زوندي الذي أومأ بلطف للطبيبة لتلوح له بابتسامة، أوه، يبدو أنهما يعرفان بعضهما.

نظرت لليد التي ربتت على كتفي لأنظر لصاحبها "ستكونين بخير؟" أومأت بابتسامة لأغدراسيل الذي بدا قلقًا "لا تنغمسي بقتالات قاسية".

دحرجت عيني وبالرغم من ذلك لم أقاوم الابتسام نحوه "سأحاول".

أعطى أتريوس نظرة سيئة وخرج من المكان.

شيئًا فشيئًا انسحب الجميع، ورومياس لم يكن يملك جرحًا واحاد حتى، المحظوظ فقط سيأخذ حمامًا ويغير ملابسه الممزقة وأنا سأعاني هنا.

ما إن مسحت الدماء مررت أصابعها على جرح رأسي مما دفعني للأنين لوهلة، اللسعات أسوأ مما ظننت، ابتسمت نحوي وقالت "لن يترك ندبة، لا تقلقي". 

لا أظن أنني قلقة من هذه الناحية في الواقع، كل الجروح التي غطت وجهي ويدي وقدمي تولت كراميل أمرها.

التفت كلينا لأتريوس الذي نهض بملل متوجهًا للأعلى، نهضت كاراميل بسرعة ممسكة برسغه المحترق بسببي "لا تتحرك حتى أعتني بأمر حروقك والجـ..." تنهد وسحب يده "عالجي ظهرها حالته سيئة". 

زفرت بضيق وهتفت "لا تكن طفلًا! اجلس حتى تقوم بمعالجتك" تحرك دون النظر نحوي "سأشعر بالذنب إن ظللت أنظر لوجهك بذلك الحرق الفظيع، اجلس".

توقف لنبرتي المنزعجة والتفت بحاجب مرفوع، لكني كتفت ذراعي بعناد، دحرج عينيه قبل أن يعود مجددًا ويجلس وتتنهد كراميل براحة "ما خطب ظهـ...".

شهقت ما إن التففت وهي تنظر لمشهد لا أظن أنني أود النظر له "اعتني بحروقه أولًا، لا أظن أنه سيصبر أكثر"

همست نحوها لتومئ وتتجه نحوه.

حاولت النظر لظهري لكن يوجين منعني قائلًا "لا أنصحكِ بذلك". 

تنهدت وأبعدت عيني نحو أتريوس الذي أغمض عينيه بانزعاج وحاجباه معقودان، كراميل كانت ترمي نظرة على وجهه بكل ثانية قبل أن تمسك كف يده المحترق حتى رسغه بسببي، وما إن مررت يدها فوقه شفي بالكامل.

رفعت يدها بتردد نحو وجنته ووضعت يدها هناك بخفة وفي تلك اللحظة فتح أتريوس عينيه ناظرًا نحوها، ظننتها ستنسحب لكنها لم تفعل، حدقت به قبل أن تشفي حروق خده بالكامل.

لا أعلم، لكن في هذه اللحظة شعرت أن وضعي بينهما غريب وكأنني ربما دخيل، والصمت كان سيئًا جدًا في هذه اللحظة.

"يجب أن تبعد قميصك" 

قالت ما إن لاحظت الحرق الممتد على طول عنقه، دحرج عينيه ونفذ لتتسع عيني بصدمة، جانب صدره الأيسر عليه حرق طولي ومعدته مليئة بالكدمات والجروح، نظرت بعيدًا بضيق "إن ظللت على هذا المنوال ستقتل نفسك". 

تمتمة كراميل كانت واضحة وتجنبت النظر لهما وكأني مذنبة.

"ليس من شأنك" 

ابتسمت بيأس لوقاحة هذا الرجل والتفت نحوهما بنظرة سخرية، لكن النظرة التي كانت توجهها كراميل لأتريوس استوقفتني لوهلة، أليس الأمر وكأنها تحدق به كثيرًا؟

يدها ارتفعت حتى كتفه للجرح هناك لكنه منعها وأبعد يدها ونهض ممسكًا بقميصه "عالجي ظهرها".

أمر دون النظر نحوي "اهتم بنفسك قبل أن تهتم بغيرك" قالت كراميل ناهضة على قدميها وكتفت ذراعيها فوق صدرها "مجددًا، ليس من شأنك".

ترك كلينا وتحرك وهو يرتدي قميصه وصعد للأعلى، تنهدنا في ذات الوقت مما دفع كل واحدة منا لتبادل نظرة مستغربة محتها كراميل بأخرى لطيفة وطلبت "أرجوكِ؛ انزعي قميصك" رمقت يوجين بطرف عيني ليدحرج عينيه "أنا هنا لأجل الملاك، لا أنتِ".

ازدادت نظرتي حدة ليتنهد ويحلق بإحباط ليعبر الحائط للخارج.

شبح أو حي، لا يزال رجلًا.

نزعت قميصي وأنزلته عن ظهري وصوت كاراميل المتفاجئ دفعني لإغماض عيني، لا أريد حتى تخيل المنظر، صرخت لثانية عندما وضعت المنشفة اللعينة على ظهري، همست معتذرة قبل أن تفعلها ببطء ولكنها لا تزال تؤلم.

زفرت كل منا براحة عندما انتهت وابتسمت بسعادة لشعور الألم الذي اختفى "شكرًا" أومأت نحوي كرد وهي تمسح يدها.

نهضت وبدت مترددة بعض الشيء، لكنها عادت وجلست أمامي وأنا أغلق القميص "هل هو دائمًا هكذا؟" طرفت بتعجب وحدقت بها بلا فهم، أشاحت بوجهها وقالت "أتريوس... السيد فلورمان، أهو دائمًا...".

صمتت تحاول إيجاد كلمة مناسبة وجالت عيناها في المكان قبل أن تسقط علي وتقول "وحده!".

ارتفع حاجباي ورددت "وحده؟" أومأت وقالت "أشعر وكأن الجميع يتجنبه". 

زممت شفتي وراقبت تعابير وجهها لمدة "غالبًا، نعم".

أجبت بصراحة لتعقد حاجبيها لوهلة "إنه ليس بهذا السوء".

تمتمت مما زاد دهشتي. "لا، إنه ليس كذلك" أكدت انا بدوري.

ارتفعت عيناها نحوي لمدة قبل أن تقول "إنه يهتم لكِ!".

نظرت باستنكار وحركت رأسي للجانبين "لا يفعل، إنه فقط المسئول عن جروحي وأنا أحرقته، تسببنا بأذية كبيرة لبعضنا البعض".

بدت رافضة لتفسيري الذي أراه منطقيًا جدًا.

نهضت من مكانها ولملمت أشيائها "اعتني بنفسك جيدًا ولا تتسببي بجروح كهذه، جسدك مختلف عن أجساد الجميع وفقدانك للدماء قد يؤثر سلبيًا عليكِ" أومأت وراقبتها تبتعد، لكنها توقفت واستدارت نحوي بتردد…

"هناك شيء..."

صمتت وابتلعت، لكنها أخذت نفسًا وتحركت نحوي وجلست على ركبة واحدة أمامي "تبدين مقربة من أتريوس، يمكنكِ مساعدتي" لم أفهم شيئًا، أو ربما فهمت، لكني لست متأكدة أبدًا.

"ماذا هـ..."

"أظن أني معجبة بأتريوس"

أوه! هذا مثير للاهتمام.


**************************************

هاللوووووو

اخباركم؟ اخبار صيامكم؟

ان شاء الله بخير

الفصل ده كنت شخصيًا مستنياه على نااار 

بحب قتالاتهم اوي وبتحمسني وانا بكتبها وانا بقرأها كمان

مفيش رغي كتير عشان ورايا مذاكرة

فهودعكم هنا

لوف يو 

باااي

Esraa A

احظ بوقت ممتع بعيدًا عن العالم.

37 تعليقات

  1. ❤️❤️❤️❤️❤️

    ردحذف
  2. احلا شي بالفصل أنه مرتب عكس الأول موفقه 🥺🤍

    ردحذف
  3. حوووو تسلم ايدك 😳🥺🥺💗💗

    ردحذف
  4. الفصصل الممننتظظظررررر

    ردحذف
  5. من اللي قال مع اتيروس قوة شفاء تساعده؟
    ذا الكلام ما كان في النسخة القديمة، ماذا يحدث؟

    ردحذف
    الردود
    1. أزال المؤلف هذا التعليق.

      حذف
    2. اتوقع بسبب حقيقته الي راح تبين لقدام فهو مش اشي جديد

      حذف
    3. اوكتفيان قال ان اتريوس عنده قوة بيشفي بيها نفسه لما حصل هجوم و اغدراسيل اتصاب، انما في الفصول القديمة متذكرش الجزء لما جلنار سألت اتريوس فعلا

      حذف
  6. بالتوفيق 😊😊 الأحداث ناااااار والفصول الجديدة قربت والحماس بيزيييييييييد 🥰😍😍😍😍

    ردحذف
  7. جرح الكتف اللي متعالجش، الجرح الرائع وحقه المومنت 😭😭😭😭😭💜💜💜الله يصبرنا لبكرة عاد😭😭

    ردحذف
  8. "بدت رافضة لتفسيري الذي أراه منطقيًا جدًا."

    جلنار حبيبي منطقك ذا ما بسبه احتراما للشهر الفضيل يا أغبى خلق الله عاطفيا

    ردحذف
  9. ❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️

    ردحذف
  10. وصلنا لأكثر فصل يعتبر قنبلة احراج😫 "أسوء مستشارة عاطفية" اااااا انا اسجل انسحابي من الفصل القادم لان غباء جلنار فيه عظيم و غباء يوجين اعظم و جوزفين الضحية النهائية محاسن الفصل الوحيدة هي ان بسبب هذا الغباء اتخلق كوبل جوزنار😂❤️

    ردحذف
  11. ياربى مستنيه بارت مستشاره عاطفيه اوى 😂😂😂 جلنار هببت الدنيا فيه 😭😭😭

    ردحذف
  12. ♥️♥️😔 كالعاده ابدااع

    ردحذف
  13. جلنار واتريوس بي لايك : اللي يموت اول هو الخاسر

    ردحذف
  14. نعم يا حبيبتي معجبة بمين ؟؟ انا استنى الكوبل الغبي دا تطور علاقتهم بس لا لازم يتقاتلو بكل فرصة وتجين انتي بكل بجاحة معجبة به يعجب بيك كلب ان شاء الله

    ردحذف
  15. أنا بنتظر فصل قادم على نار كمية احراج لا تنوصف جلنار كل ما بدها تحل شي بتتورط أكثر😱🤯😂 مسكين جوزفين🤣🤣ثونار🤣🤣 إحرااااااااااج🤫🤫🤫🤫

    ردحذف
  16. السحر في رواية توبازيوس حتى بعد غياب هل سنين لما نعيد نقرا فصل بنحس بحماس كأننا أول مرة بنوصل لدرجة يخلينا نذكر عنوان فصول قادمة وأحداث يلي فيها

    ردحذف
  17. شكلي انا الوحيده الي نسيت ايش رح يصير بالفصل الجاي 🥲

    ردحذف
  18. ❤️❤️❤️❤️❤️

    ردحذف
  19. الفصل القادم بعنوان احرااااااج😂😂😂🤭🤭❤️

    ردحذف
  20. يمااا تعبتتتت عادي اني فارطة ضحك على النهاية الله يعينك يا كراميل بس عنجد ما لاقيتي تعجبي غير باتريوس 😭😭 المشكلة جلناار بتقهرنييي احنا منستناها تغار عليه وهي بتروح بتساعدنا وبدنا نحط عشر خطوط على بتساعدها لأنه بعرفش اذا تعتبر مساعدة 😭😭
    عادي انا بصرخ من الحماس وانا قارئة الرواية 🙂🙂

    ردحذف
  21. انا بحب الشابتر ده اوووىى 😭😭💜💜💜💜💜💜💜💜💜💜💜

    ردحذف
  22. اخيرا قتال اثنين ضد واحد، بجد متعرفيش انا كنت منتظرة البارت دا بفارغ الصبر ازاي، المهم هو عظمة عظمة عظمة حقيقي، لما اتريوس قال لرومياس انت هتقاتل بجواري يربي دماغي كانت هتفرقع من الفخر بجد روياس اكتر واحد فخروة بيه، بس فكرة ان جلنار معرفتش تفوز على اتريوس - و تفوز هنا مش معناها انها تهزمه هي بس خدت الفاس بتاعه - غير لما اتخدت هيئة النار و دا ان دل على شئ فهو ان اتريوس بجد قوته اكبر من كده بكتير ببكي المفروض جلنار توصل لكام هيئة و كام قوة علشان تهزمه بجد😭😭😭، بالنسبة لكراميل و البارت القادم بتاع اسوء مستشاره عاطفية بمووت مع انه اكتر بارت محرج في الرواية كلها الا اني بحبه بسبب انه السبب في ظهور تاني اجمد و احلى قابل في الرواية، بالله متحمسه انه يظهر لاني من كتر حبي ليهم كنت كل لما اقرأ الرواية افضل افكر فيهم لدرجة اني بحلم بيهم و بهلوس و انا نايمة ببكي حقيقي يارب نهايتهم تبقى حلوة علشان بجد هزعل اووي لو كانت غير انهم يبقوا مع بعض 😭😭😭، في الاخر احب اشكر اسراء على ابداعها في البارت و القتال يربي حقيقي كل مرة بقرأه بنفس الحماس و بفضل اصوت كتير، في انتظار الباقي 😭💕💕

    ردحذف
  23. إسراء ما عم اقدر لاقي الفصل 33 ليش

    ردحذف
  24. الفصل ممتع و القتال نار وشرار

    ردحذف
  25. كاراميل غيريها احبيبة

    ردحذف
  26. كراميل غيريها احبيبة

    ردحذف
  27. يعني ايه معجبة ب أترايوس مافيش الكلام دا وبعدين جلنار هتبدأ مشاعرها تتحرك امتي علشان زهقت

    ردحذف
  28. فاينلي هل رح نشوف غيرة جلنار على آت؟؟؟🤔😃😃😃😃😃😃😃😃

    ردحذف
أحدث أقدم

نموذج الاتصال