السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إفصاح: إن الله وملائكته يصلون على النبي يأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما
إفصاح آخر:
- لم يعد في وسعي التحمل، أعطيني البندقية.
-آه... ماذا ستفعل؟ الانتحار خطيئة!
- أي انتحار أيها الأبله، سوف أقتل الجميع!
دوستويفسكي..
*************************************************
الفصل
الرابع عشر
ما زلت أجهل الكثير!
التركيبة العجيبة لهذا العالم... ما زالت غريبة وما زال من الصعب الاعتياد عليها وعلى السحر الذي يغلف كل حركة وكل مكان حولي.
قدومي إلى هنا للمرة الأولى استغرق وقتًا في مركبة تحلق في الهواء بواسطة سحر يمتلكه سكان الكوكب، والآن خلال خمس دقائق تمكنا من العودة إلى المنزل من خلال نفق مشابه للذي جئنا منه!
عندما دلفنا للمنزل نظرت لواندر بحيرة وسألتها عن سبب انعدام المنطق في المسافة والوقت.
ضحِكت كما تفعل عندما أوجه إليها أي سؤال عادةً وقالت "من الصعب الشرح دون التوغل في الأساسيات السحرية للمكان والزمان، والمنظور الهندسي للممرات السحرية، ببساطة كل شيء له علاقة بالفرسان غير طبيعي ولن يكون، لتسهيل حياتهم تستخدم المملكة كل الإمكانيات، فيكون جلّ تركيزهم على التدريب والقتال".
مما يعني ببساطة، ستعتادين على الأمر جلنار، لا بأس، هززت كتفي باستسلام لكن لم أتمكن من إنكار الفضول الذي اعتراني لقراءة أي كتاب يتحدث عن هذه الأساسيات التي تحدثت عنها توًا من باب المعرفة.
بدأت واندر بتفريغ أكياس التسوق بينما تحدث نفسها قائلة "علي تحضير الطعام قبل عودة هؤلاء الوحوش، بعد التدريب يكونون قادرين على تناول الأخضر واليابس".
تذكرت صورة لوش الذي كان يأكل الأخضر واليابس بدون تدريب حتى، وجراء ذلك ارتسمت ابتسامة صغيرة على وجهي.
"أتحتاجين مساعدة؟ يمكنني تصنيف نفسي كطاهية جيدة". عرضت المساعدة لتقف لثواني وتفكر في عرضي قبل أن تجيب "لمَ لا تأخذين جولة داخل المنزل؟ سيكون هذا أكثر متعة من تحريك بعض المكونات".
"لا أعلم... ألن يمانع الآخرون؟" ترددت بينما أتذكر أن نصفهم يتجنبني والنصف الثاني لم أقابله حتى.
دحرجت عينيها وهي تقول بتململ "انسي أمرهم، لا يحق لأحدهم الاعتراض، إنه منزلك كما هو منزلهم".
هي نوعًا ما محقة، ولكن لا أريد أن أسمي هذا بالمنزل، أنا سأذهب من هنا لا نية لي بالبقاء لوقت طويل.
"هيا، اذهبي لا تقلقي سيعجبك المكان لكن... لا تتوهي".
عقدت حاجبَي بتشوش... أتوه! لا أظن المنزل كبيرًا للحد الذي قد يجعلني أتوه به!
حسنًا، ربما تحاول إشعال حماسي، أظن أنه لا بأس بأخذ جولة سريعة في المكان. "حسنًا إذًا، سأذهب" صاح يوجين بحماس وأومأت واندر برضى.
دالتفت بنية الذهاب لكن توقفت في مكاني بينما عيني تعلقت بالجدار القابع خلف
الأريكة، مجددًا! ذلك الشعور الغريب، اعتراني مجددًا، الشعور بأن هذا الجدار لم
يكن جدارًا، كان باب!
أعلم يبدو الأمر في غاية السخف لكن أكاد أقسم أنني أعرف المكان، بل وحتى شعور بالبرودة بدا مألوف جدًا.
"هل من خطب؟" لاحظت واندر تجمدي لتسألني باستغراب، نظرت نحوها لثوانٍ مترددة في إخبارها بشعوري الغريب.
"لا شيء" تمتمت بإجابتي وقررت ترك الأمر يمضي، لكن صورة الباب وهو شبه مفتوح يتسلل الضوء من خلاله أزعجتني جدًا وأردت إثبات أنني لم أُجن بعد؛ لذلك التفت قائلة "في الواقع هناك شيء ما".
قابلتني بنظرات متسائلة لأقول "فقط لنفترض... افتراضًا أنني جننت فجأة ولا أملك تبريرا لسؤالي التالي، لكن... هل صادف وجود باب هنا من قبل؟ غرفة ربما؟"
أشرت حيث أقصد وراقبت رد فعلها بتوتر.
"غرفة" تمتمت وقد تكونت عقدة بين حاجبيها وعينها نظرت للجدار وكأنها تحاول التذكر. ارتفع حاجبيها فجأة وقالت بدهشة "كيف تـ..." صوتها كان عالٍ دون إدراك منها.
"عن أي غرفة تتحدثان". سأل يوجين وهو يلمس الجدار بيده يحاول اكتشاف الأمر.
"حسنا، في الواقع... لقد كانت هناك غرفة هنا بالفعل".
عيني اتسعت في صدمة، وشعرت بالانتصار لأنني كنت محقة بالفعل حول هذا الأمر "لكن تغير مكانها قبل مجيئك بأيام لذلك... كيف عرفتِ؟"
كيف سأخبرها وأنا حتى لا أعرف؟ ألن يكون من المريب قول 'شعرت بذلك'؟
حاولت إخراج ضحكة طبيعية وقلت "لقد اختلط الأمر علي عندما جئت أول مرة، كنت أجلس في الجهة المقابلة لذلك كنت أقصد هذه الغرفة". أشرت على غرفة مقابلة. واندر شخص ودود لكنه ليس أحمقًا، لم تفتني نظرة عدم الاقتناع على وجهها، لكن لسبب ما لم تسأل أكثر من هذا واكتفت بالتظاهر أن تفسيري كان مرضٍ.
"لحظة، ماذا تقصد بـ 'تغير مكانها' جلنار؟" تسائل يوجين مقتبسًا من
حديثها لأهمس له بـ "لا أعلم!" قبل أن ألقي نظرة أخيرة على الجدار
المصمت ثم أحرك قدماي بعيدًا.
"حسنًا، من أين علينا أن نبدأ؟"
لم تخلُ نبرة يوجين من الحماس بينما يفرك يديه ويلتفت حوله، نظرت للمكان أحاول
تحديد وجهتي. غرفة معيشة عادية، لا شيء مثير للاهتمام عدا الباب الصغير أسفل
الدرج، اتجهت إليه والتفت وأمسكت المقبض، لكني تراجعت ونظرت ليوجين هامسة "لا
بأس بالدخول، صحيح؟ ربما تكون غرفة شخصية".
دحرج يوجين عينيه قبل أن يقول "لقد قالت استكشفي المكان، لم تذكر أي
تحذيرات". ما إن أنهى جملته حتى أتجه مخترقًا الباب. تبا، يوجين.
"ليست غرفة خاصة، هيا!"
خرج نصف جسده من خلال الباب مشجعًا لآخذ نفسًا وأهم بفتح الباب، دلفت للداخل قبل أن أنظر حولي متفحصة المكان.
ممر
مظلم نسبيًا بسبب بعض المشاعل الموزعة في المكان، بحذر أخذت خطواتي حتى نهاية
الممر حيث باب من الفولاذ كان مغلقًا، التفت إلى يوجين ناظرة إليه.
"ماذا؟".
"فقط اخترق الباب، يوجين! ربما هو مكان لا يجب دخوله".
دحرج عينيه قبل أن يكتف ذراعيه فوق صدره مستندًا على الجدار خلفه "لن أفسد
المفاجأة على كلينا، افتحي الباب جلنار، أسوأ ما قد يحدث ظهور أتريوس بأحد
فأسيه".
كدت أقول شيئًا لكنه قاطعني "ظننتكِ تخلصتِ من هذا الأسلوب الممل!"
-"إنه ليس ممل، إنه أسلوب حذر".
-"الحذر ممل جلنار، افتحي الباب فحسب".
زفرت قبل أن أنظر نحوه بانزعاج والتفت لأضع يدي فوق المقبضين الباردين وأفتحه ببطء
وصورة أتريوس في الداخل مع فأسيه احتلت عقلي فجأة، يوجين ليس بالصحبة الجيدة.
ما إن فتحت الباب حتى أغلقت عيناي وقد اقتنع عقلي بفكرة يوجين المريضة، لكن قهقهته
وهو يقول "افتحي عينيك أيتها الجبانة". جعلتني أدرك أنه فقط يتلاعب بي.
لعنته تحت أنفاسي قبل أن أدخل للغرفة والتي في الواقع لم تكن في حجم غرفة على
الإطلاق، كانت في حجم قاعة ضخمة وقد كانت فارغة تقريبًا من كل شيء، إلا أن جدرانها
التي تحتوي على ضربات قوية تسببت في شقوق وفجوات خلالها، حتى أن الأرضية تحتوي بعض
الفجوات وكأنها انفجرت بقبضة قوية.
"عليكِ رؤية هذا". صاح يوجين الواقف أمام شق ضخم في الجدار لأتحرك نحوه
ألقي نظرة على ما هو مثير للاهتمام "إنها تبني نفسها بنفسها".
أشار نحو الشق لأنظر نحوه بتركيز، ارتفع حاجباي بدهشة عندما لاحظت الأحجار صغيرة
الحجم تتحرك من تلقاء نفسها ببطء وتصطف متلاصقة لتغلق الشق بالكامل.
"انظرِي هنا أيضًا". لم أنتبه كون يوجين قد تحرك مبتعدًا عني متجهًا نحو
أحد الفجوات في الأرضية. تحركت باتجاهه أراقب تلك الفجوة، تمامًا كالجدار، كانت
الصخور تتدحرج من تلقاء نفسها تتراص وهي تصلح الفجوة مجددًا. لم أتمالك نظرات
الدهشة بينما أنظر إلى يوجين الذي اتسعت ابتسامته.
ابتعدت أنظر باهتمام إلى المكان، كان السقف مرتفعًا بشكل كبير عن رؤوسنا، يحتوي
على بعض النقوش التي يصعب معرفة إن كانت كتابات أو مجرد رسوم! أعدت أنظاري أتفحص
الضرر على الحائط والأرضية وحتى أنه قد وصل للسقف، هل كان أحدهم يتدرب هنا؟ هل هم
حقًا بهذه القوة؟
انتزعتني من أفكاري سخرية يوجين بصوت عالٍ "أنا متأكد أن من صنع هذا المكان
كان ثملًا يومها!.. من يضع بابًا هنا بحق الله؟"
التفت حيث ينظر لأعقد حاجبي بدهشة، هناك باب أعلى الحائط؟ تقدمت أقف بجوار يوجين
يحدق كلانا بالباب الخشبي..
تسائلت "من يمكنه الصعود لباب على هذا الارتفاع؟" تظاهر يوجين بالتفكير
قبل أن يقول ساخرًا "ربما شخص يمتلك أجنحة أو يتحكم بالهواء والنار وغيرهم،
أو مستذئب أو..." قاطعته "حسنا حسنا! وصلت الفكرة، الجميع هنا يمكنه عدا
البشرية".
زفرت بحدة قبل أن أكتف يدَي مستندة على الجدار بجانبي، انتفض جسدي فزعًا عندما
شعرت بشيء يندفع تحت كتفي المستندة على الجدار، ابتعدت بسرعة لكن اهتزاز الأرض كان
أسرع قبل أن تبدأ العديد من الصخور المستوية في الاندفاع خارج الجدار متراصة فوق بعضها
حتى كونت سُلمًا يوصل إلى الباب.
فغرت فاهي ناظرة إلى يوجين الذي ظل يبدل نظراته بيني وبين السلم الصخري قبل أن
يقول "حسنًا، الآن يمكن للبشرية الوصول إلى الباب".
اتجه نحو السلالم ليصعدها لأتبعه بحذر، فمن يعلم ما قد يحدث!
توقفت أمام الباب وأنا ألهث "يا إلهي! أشعر بالتعب لصعودي سلمًا كهذا،
ويريدون مني إنقاذ المجرات معهم!" انفجر يوجين ضحكًا بينما اكتفيت بابتسامة
ساخرة.
حركت مقبض الباب قبل أن أفتحه وكدت أخطو للأمام لكن في اللحظة الأخيرة تراجعت
للخلف بسرعة وصرخة ذعر خرجت قبل أن أدرك حتى الأمر.
اتسعت عيناي بفزع وأنا أنظر نحو الباب المفتوح "حسنًا، نحن نتخطى حدود العقل
هنا!" تمتم يوجين بصدمة.
لا يمكنني استيعاب هذه الهندسة! الباب هنا أعلى الجدار لكن ما إن تفتحه تجد نفسك
تنظر من سقف الغرفة! من يضع بابًا في السقف بحق الله؟
اقتربت مجددًا أنظر للأسفل وإلى الارتفاع الكبير بين السقف وأرضية تلك الغرفة المليئة بالنباتات قبل أن أعيد أنظاري للغرفة التي أنا بها الآن.
الباب هنا عبارة عن فتحة في الجدار لكن عندما أنظر من خلاله فما هو إلا فتحة في سقف الغرفة التالية. حسنًا، أنا مشوشة، مشوشة إلى حد كبير. "هذا مستحيل! الأمر أشبه بغرفة مقلوبة؟ لا يبدو المنزل مقلوبًا من الخارج". قلت ناظرة ليوجين الذي ارتسمت ابتسامة استمتاع كبيرة على وجهه قبل أن يقول "ألم تخبرك واندر 'لا تصدقي كل ما ترين' يمكنني فهم ما كانت ترمي إليه الآن".
"حسنا، للأسف لا يمكننا بلوغ الغرفة التالية هيا لنعد أدراجنا". قلت لتتسع عينا يوجين بدهشة "هل تمزحين معي؟ انظري للأسفل تلك النبتة الضخمة التي لا أعرف ما هي تبدو طرية وقادرة على امتصاص الصدمات". عقدت حاجبي وتسائلت "ما الذي ترمي إليه؟" دحرج عينيه وقال "اقفزي!"
حسنًا، هذا الجنون بعينيه. "إن كانت حياتك قد انتهت فأنا مهتمة بحياتي، لن
أقفز، هذا مستحيل". فتح فمه بصدمة قبل أن يصيح "أوتش، هذا مؤلم أيتها
البليدة". دحرجت عينَي "أنت لا تشعر بالألم يوجين؛ لأنك ميت!" رفع
حاجبيه قائلًا "للمرة الثانية... أوتش، أيتها المتنمرة! كوني شبح لا يسمح لك
بالتنمر علي بهذه الطريقة البغيضة، ما زلت أمتلك بعض الإحساس الوهمي".
زفرت بحدة قبل أن أكتف يدي "لا يهم، خلاصة القول: لن أقفز حتى وإن ظهر أتريوس
خلفي يحاول قتلي". كدت التفت للعودة لكن عينا يوجين التي اتسعت بخوف ناظرة
اتجاه الباب الذي دخلنا منه أوقفتني.
"ماذا هناك؟" تمتمت متسائلة قبل أن ألتفت لأرى ما ينظر نحوه لكنه أفزعني
صارخًا "تبًا، إنه أتريوس!" التفت بسرعة متراجعة للخلف ولم أدرك أني
تراجعت بسرعة حتى شعرت بإحدى قدمَي تحط على الهواء وخلال ثانية كنت قد سقطت نحو
الأسفل.
أغمضت عينَي بسرعة وقد صرخت بقوة لاعنة يوجين، اصطدم جسدي بشيء طري وناعم ولم أشعر
بأي ألم كما قد تخيلت لكن ضحكات يوجين التي تعالت أشعلت غضبي.
فتحت عيناي وما زلت مستلقية فوق ظهري أنظر نحو الباب الفتوح في السقف ويوجين يقف
هناك منهمكًا في الضحك "هل جننت؟ هذا غير ظريف بالمرة أيها المعتوه! ماذا إن
لم تكن هذه الأشياء قوية لدرجة تحمّل وزني؟" صرخت بقوة لتزداد ضحكاته قبل أن
يقفز ولكنه لم يسقط فقد هبط تحليقًا. ذلك الـ...
" 'لن أقفز حتى وإن ظهر أتريوس'... إلهي، تمسكي بما قلته لدقيقة على
الأقل". زفرت ناهضة قبل أن أقفز من فوق النبتة الضخمة ذات الشكل البيضاوي
الغريب واللون الأبيض "لم أقفز، لقد تعثرت والفضل يعود لك". أردت بشدة
لكمه، لكن أدرك أن هذا مستحيل.
"لا تلصقي التهمة بي، أنتِ فقط جبانة، تقبلي الأمر". رفع كتفيه فقلدته
بسخرية وانزعاج.
تنهدت قبل أن أنظر للمكان حولي، كان عكس الغرفة السابقة الفارغة؛ مليء بالنباتات
الضخمة والصغيرة، بعضها تمتلك أشكالًا غريبة وبعضها يبدو مألوفًا، حتى الأرضية
كانت الحشائش الصغيرة تغطيها، الجدران تسلقت عليها بعض جذوع النباتات بشكل جذاب
غير فوضوي، بعض أوراق الشجر كانت أكبر من حجمي وبعضها كان صغيرًا، الأخضر والأصفر
وهناك أوراق أرجوانية.
كانت هناك الكثير من الرفوف تحوي العديد من الزجاجات الشفافة داخل كل منها ورود
بأشكال وألوان مختلفة، كل واحدة لا تشبه الأخرى أبدًا، وهناك رفوف عليها بعض العلب
الصغيرة التي كتب عليها 'بذور' أو تحذيرات كـ 'لا تلمس!' وما شابه ذلك.
"يبدو المكان كمتحف للنباتات" علق يوجين لأومئ موافقة له.
لفت انتباهي سلم صخري التفت حوله جذوع النباتات بشكل جذاب، وفي أعلاه كان هناك رفٌ
خشبي فوقه ما جذب عيني منذ البداية، تلك الوردة السوداء التي وضعت بعناية داخل
حافظة من الزجاج، توجهت نحوها قبل أن أقف أتأمل شكلها، لقد كانت مميزة بشكل جذاب
للأنظار، طويلة الساق وكانت أوراقها السوداء الكثيرة المتفتحة تضفي لمسة رائعة
وكأنها لوحة فنية يجب حقًا حفظها داخل هذا الزجاج.
"هل تعجبكِ لهذا الحد؟" أومأت ليوجين الذي توقف بجواري دون أن أنظر
نحوه؛ فقد كانت عيني منشغلة بتأملها "لا أراها جميلة، أعني... إنها سوداء،
جلنار". ابتسمت قبل أن أرد قائلة "نعم، سوادها ما يجعلها ميزة يوجين، لا
شيء جذب عيني سوى هذا السواد". استطعت الشعور بهِ يدحرج عينيه لكني تجاهلته
بينما أتلمس زجاجها بيدي "ألا يمكنني لمسها؟" تمتمت متسائلة ليجيب يوجين
"إن كانوا يُريدون منكِ لمسها لما وضعوها داخل زجاج". تنهدت موافقة
فكرته.
"انظر، ألا تبدو وكأنك جمعت سواد ليلة مظلمة وزرعتها لتغدو وردة؟" قهقه
يوجين "الليالي المظلمة ليست جميلة". وضعت يدي فوق الزجاج قبل أن أهمس:
"لا تستمعي إليه، ظلمتكِ آسرة... لا تفقدي سوادكِ، فالسواد خصيصًا له رونقٌ
لا تملكه باقي الألوان".
ابتسمت برضا عن مواساتي "يا لكِ من شاعرية، حقًا؟ تحدثين الورود الآن!"
التفت نحوه رافعة حاجبًا "كل شيء حي قادر على سماعنا". حرك رأسه وكأن لا
فائدة ترجى من حوارنا قبل أن يرفع كتفيه ويهبط السلالم "لنرَ الغرفة
التالية". صاح لأتبعه قبل أن ألقي نظرة أخيرة على تلك الوردة.
هذه المرة كان الباب عاديًا، لم يكن بابًا في أعلى السقف أو يحلق في الأرجاء، ومع
ذلك فتحته بحذر؛ فأنا حقًا لم أعد أثق بأبواب هذا المنزل.
الباب كان أثقل من العادي وكأن هناك ما يدفعه نحوي مما أخافني قليلًا، لكن ما إن فتحت الباب بالكامل اكتشفت سبب ثقله، الجاذبية كانت تدفع الباب نحو الأسفل... نعم، الأسفل، لأني الآن أنظر من خلال باب في أرضية الغرفة!
وكأني فتحت باب قبو ما، نحو الجهة الأخرى، حسنًا لننظر للجانب الجيد، لن أسقط من
مكان عالٍ هذه المرة.
أمسكت أطراف الباب واستندت عليه بكامل قوتي لأرفع جسدي للأعلى.
نسمة من الهواء قد واجهتني ما إن وقفت على قدمَي لتتسع عيناي بصدمة وأنا أنظر إلى
الأعلى. لقد كان السطح مكشوفًا بالكامل بينما السماء الزرقاء تعتلينا وبعض السحاب
قد زينتها، لم أتمالك ابتسامتي التي اتسعت بينما آخذ نفسًا عميقًا وأخرجه براحة.
"علي الاعتراف، هذه من أفضل الغرف هنا". وافقت يوجين الرأي بينما أتجول
هنا وعينَي متعلقة بالسماء.
أخفضت عينَي أتفحص الغرفة من حولي، جدران بلون رمادي لكنها احتوت على بعض الخدوش،
أرضية واسعة من الخشب الناعم، وكانت بعض الدمى الخشبية والتي كان من الواضح أنها
أهداف للتدريب متوزعة على المكان.
شيء ما كان الأكثر غرابة في الغرفة كاملة، على الجدران والدمى الخشبية قطع ضخمة حادة ومنغرزه بقوة، كانت تشبه مادة البلور!
"هناك واحدة هنا" صاح يوجين لألتفت حيث يقف، نظرت نحو التي يشير يوجين إليها، كانت شبيهة بالبلور لكنها كانت من الفولاذ، كانوا ثلاثة منغرزين أسفل بعضهم البعض في الحائط.
"من كان يتدرب هنا؟" تمتم يوجين متسائلًا لأرفع كتفي قائلة "أتظنها غرف تدريب؟" رفع حاجبًا وقال "لا، تلك الخدوش والجدار المحطم تبدو آثارًا لحفلة شاي بعد الظهيرة". ألقيت نظرة حادة نحوه، لا يضيع فرصة ليلقي واحدة من تهكماته.
"إذا الغرفة الأولى لمن تعتقد؟" سألت ليعقد حاجبيه مفكرًا قبل أن يجيب
"صاحب الفأسين الأخرق أتريوس، الضرر الناتج كان قويًا وعنيفًا، لم أرَ قوة
هذا الرجل لكن شخصيته تنم عن عنف في القتال، وأيضا ربما المستذئب وذلك
الإلترانيوسي أوكتفيان، بعض الفجوات تحوي آثارًا لحروق، مما يعني أن مستخدمًا
للنار كان يتدرب هناك، أظنها غرف تدريب مشتركة".
ظللت أحدق نحو يوجين بصدمة، اعذروني، أنا معتادة على يوجين الأحمق! متى أمكن عقله
تحليل كل هذا بحق الله!؟ "ربما عليك أن تكون أنت الفارس، لا أنا". تمتمت
ليقهقه "يا فتاة تعلمت فن التحليل منكِ".
ارتفع حاجبي ببعض الاستغراب وأشرت على نفسي متسائلة "أنا!؟" أومأ قائلًا "بالطبع أنتِ، ألا تذكرين كيف كنتِ تركضين من لغز لآخر حتى تقومين بحله؟ قضاء الوقت معك أكسبني بعض الخبرات".
لم أستطع منع ابتسامة الرضا التي أخذت مكانها على وجهي وأنا أتمتم بـ'حسنًا' بصوت منخفض. "لمن تظنين الغرفة الثانية؟" تساءل مما دفعني للتفكير لثوانٍ، لكني لم أجد أن غرفة مليئة بالنبات واللون الأخضر قد تناسب أيًا من الشخصيات التي قابلتها.
"ساحرة ربما!" تمتمت محاولة التخمين ليهز يوجين رأسه.
أردفت بعدها "وربما متحكم بالطبيعة!" جذب حديثي انتباهه ونظر نحوي بمعنى أكملي، لأقول "أتتذكر!؟ قالت لنا واندر أن أحد الكواكب تحتوي على قوم يمكنهم التحكم بالكائنات والطبيعة، لذلك ربما تلك الغرفة لذلك الشخص". أرتفع حاجبيه قبل أن يومئ هذه المرة باقتناع.
"وماذا عن هذه؟" اتسعت ابتسامتي "لقد فكرت في هذا مسبقًا... الغرفة
تناسب شخصًا يحتاج إلى حرية في التحرك... أغدراسيل الشخص الوحيد الذي سيحتاج لسقف
مفتوح حتى يستطيع التحليق". اتسعت عينا يوجين وكأنه أدرك الأمر للتو.
"إذا أهذه الأشياء الحادة أحد قواته؟" زممت شفتي قبل أن أومأ
"تتذكر ماذا قالت واندر عن المجنحين؟" عقد حاجبيه متذكرًا قبل أن نقول
في الوقت ذاته "يمكنهم تحويل أجنحتهم لأي مادة!" أومأت برضا وظل يوجين
يحدق في الفولاذ المنغرز في الجدار.
وجود يوجين حولي يساعدني على التفكير بشكل أوسع، فكلما تحدثت معه كلما زالت غمامة
الأفكار وانفك تشابكها وأصبح التفكير أسهل.
"هيا، هناك باب هناك لنذهب". قلت متجه نحو الباب الحديدي ليتبعني.
هذه المرة لم نواجه شيئًا خارقًا عن الطبيعة، كل ما وجدناه كان ممرًا آخر مُضاء
بمشاعل معلقة على الجدران وفي نهايته كان هناك ثلاثة أبواب، واحد على الجهة اليمنى
يقابله باب مشابه تمامًا، وفي المنتصف بينهما كان بابًا حديديًّا كبير الحجم.
لمَ لدي هذا الشعور بأنني إن اخترت الباب الخطأ سأقع في ورطة؟ لكن يبدو أن يوجين
لا يفكر بالطريقة ذاتها، لأنه اختار على الفور الباب الحديدي الضخم. "لنعبر
خلال هذا". أحد حاجبي اترفع بتلقائية "لمَ هذا تحديدًا؟" رفع كتفيه
مجيبًا "إنه حديدي، وضخم... وحديدي!" نعم، سبب وجيه.
ورغم سخافة دافع يوجين؛ إلا أنني بالفعل دفعت بالباب الأوسط والذي كان ثقيلًا
نوعًا ما.
ما إن تزحزح الباب عن مكانه تسلل للخارج ضجيج عالي لأصوات متداخلة من المحركات والمسننات المختلفة وكأنه مصنع كبير.
كانت الغرفة مليئة بالعديد من... قطع الغيار! كانت أشبه بذلك... العديد من الصفائح
المعدنية والعجلات والشفرات، بعض الأرفف فوقها ما يشبه مصابيح إنارة قديمة وعلى
يساري كان هناك حائط مليء بالأدراج، حرفيًا كان الحائط من الأعلى للأسفل عبارة عن
مئات الأدراج التي وضع على كل واحد منها رقم ما!
بعض الأوراق التي احتوت على مخططات ورسوم تم تعليقها على الجدار وعشرات أخرى ملقاة
على الأرضية بإهمال.
في الزوايا كانت هناك العديد من الآلات التي كانت مصدر الضوضاء، تتحرك مسنناتها
باستمرار، وفي أعلاها كان هناك مصباح صغير يضيء بلون أرجواني، وما جذب انتباهي كان
كرسيا مرتفعا بشكل مبالغ به على الأرض وأمام أحد الآلات كان شيء ما يجلس هناك.
جذبت انتباه يوجين أشير نحو ذلك الشيء صغير الحجم الذي كان يرتدي ما يشبه المعطف
بينما يمكنني رؤية شعره البرتقالي من هنا بسبب كثافته.
تبادلت نظرات التساؤل مع يوجين، هل علي جذب انتباه هذا الكائن المشعر البرتقالي أم
علي الانسحاب بهدوء؟
لكن لم نضطر للتفكير أكثر من ذلك لأن ذلك الشيء كان قد التفت فجأة ناظرًا إلى
كلينا عبر نظارات سميكة الإطار و أعين واسعة ووجه مليء بالشعر البرتقالي، حرفيًا
كان الشعر يملأ كل مساحة صغيرة من وجهه.
نظرت بترقب وحذر لأي رد فعل قد يصدر منه، لكنه اكتفى بالنظر نحوي لثانية قبل أن
يهز رأسه للجانبين ويهمس بشيء ما كان أشبه بصفير خافت.
قفز من فوق الكرسي العالي وتحركت قامته القصيرة نحوي، كان طوله لا يتجاوز القدمين ونصف تقريبًا لكن ملامح وجهه الشبه ظاهرة هي لشخص بالغ بكل تأكيد.
ورغم ضآلة حجمه إلا أنني اتخذت موقفًا دفاعيًا على الفور، فلا شيء آمن في هذا
العالم، حتى العصفور قد يتحول لتنين قاتل.
تلاشى حذري عندما رمقني ذلك القزم بطرف عينه وكأنني كتلة غباء قبل أن يتحرك
مبتعدًا عني، بالتأكيد استغل يوجين الأمر لينفجر ضحكًا.
زفرت وأنا أدحرج عينَي قبل أن ألتفت نحو ذلك القزم الذي وقف أمام الرف العلوي وقد
رفع رأسه للأعلى يحدق بمجموعة المعلبات الملونة المصطفة بجوار بعضها. اتجهت نحوه
بنية مساعدته في التقاط ما يريد رغم ترددي في ذلك.
وقفت بجواره قبل أن أنظف حلقي وأقول
"أتود المساعدة؟ أي واحدة أجلبها لك؟" ظل يحدق نحو العلب دون أن يوليني
اهتمامًا، وعندما طال صمته توقعت أنه ربما لا يفكر في طلب المساعدة أو أنه لا يفهم
ما قلت، لكن هذا تغير عندما نظر نحوي مجددًا بطرف عينه الرمادية ثم أخفض رأسه
وحركها للجانبين متمتمًا بشيء لم أستطع سماعه.
حسنًا، هذا غريب وموتر نوعًا ما!
تحرك ذلك القزم خطوة إلى اليمين قبل أن يضغط زرًا لجهاز تحكم صغير كان بين يديه،
فارتفعت البقعة التي وقف فوقها إلى الأعلى حتى أصبح يصل للرف المعلق، أخذ العلبة
الحمراء ثم تحرك مجددًا عائدا لمكانه نحو الأرض، تجاوزني متجهًا إلى الكرسي العالي
الذي انخفض إلى الأسفل ليقفز متعلقًا به ثم يعود للارتفاع.
تبادلت نظرة متعجبة مع يوجين الذي يبدو أنه مستمتع بالأمر وقال "هل هو من
العباقرة التي قالت عنهم واندر؟" هذا وارد، وربما يكون صانع أدوات بالحكم على
كمية القطع والأدوات في هذه الغرفة، وقد لا يكون هذا ولا ذاك.
"لننسحب" همست بها مشيرة إلى الباب الذي دخلنا منه ليومئ موافقًا. اتجه
كلانا للباب لكن صوتا حادا أوقف خطواتنا "السيد لافيان في رحلة إلى منزله
سأحرص على إخطاره بزيارتك لكن علي معرفة من تكونين؟"
كان من الصعب إخفاء ملامح الاندهاش على وجهي، لقد ظننته غير قادر على الكلام!
عندما طال صمتي التفت نحوي يرمقني بنظرات متسائلة " أوه، ذلك... ربما لم
أتعرف على سيدك من قبل، أعني... هو لا يعرفني، أنا فقط آخذ جولة، جئت منذ..."
صمت عندما لاحظت أنني لا أقدم له شيئا مفيدا بسبب نظراته الغير مهتمة "جلنار،
الفارسة الثانية عشر". نعم، اختصار جيد كان علي قوله من البداية.
عقد القزم حاجبيه الكثيفين وقد احتدت عيناه قبل أن يومئ بصمت ويلتف مجددًا ليكمل
أيًا يكن ما يعمل عليه.
كان هذا غريبًا حقًا لذلك انسحبت من المكان بسرعة وأخذت أنفاسي التي حبستها دونًا
عن إرادتي.
"إنه ليس أحد الفرسان". نظرت نحو يوجين الذي قال ناظرًا نحو الباب لأسأله
"وما أدراك؟" رفع كتفيه قائلًا "لقد تحدث عن فارس بصيغة السيد،
لذلك لا أظن أنه فارس" حسنًا، انه محق.
نظرت حولي قبل أن أقول ليوجين "لدينا بابان، أيهما نختار الآن؟" زم
شفتيه في تفكير مبدلًا أنظاره بينهما قبل أن يغمض عينيه ويبدأ في غناء أغنية
طفولية سخيفة وينهيها بالعد حتى العشرة محركًا يديه بين البابين.
دحرجت عينَي، لا فائدة ترجى منه. تجاهلت غنائه متجهة للباب الأيسر لأفتحه بحذر وما
إن تأكدت أنني لست بحاجة للقفز أو التمسك بشيء ما دخلت إلى الغرفة.
تبعني يوجين متذمرًا لأني لم أنتظر اختياره بطريقته الحمقاء.
التفت أنظر حولي وما زال هذا المكان يدهشني مرة تلو الأخرى! فقد كانت هذه الغرفة
أشبه بمهرجان مزدحم! ضخمة بشكل غير معقول والكثير من الأشياء تطفو في الهواء! بعض
الكتب تتحرك هنا وهناك من تلقاء نفسها، وهناك رفوف مليئة بالكتب التي تنظم نفسها
بنفسها، وفي إحدى زوايا الغرفة كانت هناك خزانة ضخمة تحتوي على مئات الزجاجات
المليئة بسوائل ملونه أشبه بالعقاقير أو المواد الخطرة في المختبرات!
رمقت كل شيء حولي بذهول، مجموعة القنينات الصغيرة تتحرك في المكان وتطفو نحو
الأرفف وحدها لتوضع في نظام معين، ولكن ازدادت دهشتي عندما اكتشفت أن تلك القنينات
لا تتحرك من تلقاء نفسها!
"إلهي، جلنار أنظري! لقد وجدت تنكربِل حقيقة هنا!" كان يوجين يقف أمام طاولة كبيرة بطول نصف الغرفة تقريبًا وفوقها مئات الأوراق والكتب والأدوات الغريبة التي لم أرَ مثلها في حياتي، وجميع تلك الأشياء كانت تتحرك ويتم تنظيمها بواسطة تلك المخلوقات.
عندما اقتربت كان يمكنني رؤية أجسادها بشكل أوضح، صغيرة جدًا تمتلك أجنحة شفافة لامعة وأعين واسعة ذات ألوان باهرة كالأصفر الفاقع والأزرق الغامق بشكل ملفت، كانت صغيرة الحجم ربما بطول إصبع شخص بالغ، ورغم صغرها كانت تحمل كُتبًا أضعاف حجمها بكل سهولة.
"لا يمكنك رؤية شيء كهذا إلا في أحد أفلام ديزني أو عالم الأحلام السعيدة
الطفولية". تمتمت ليهمهم يوجين كموافقة وهو ينحني أكثر ناظرًا إليهم بتركيز
وانبهار.
ابتعدت عن يوجين أنظر حولي عن كثب، المكان يبدو كوكر ساحرة، لا أحتاج حتى للتفكير
في الأمر!
اتجهت نحو المكتبة التي كانت تلك الجنيات تنظم بعض كتبها متجاهلات وجودي، الكثير
من الكتب بمختلف الأحجام والأنواع، سحبت أحدها أتفحصه بين يدي، كان مغلقًا بسلاسل
تطوقه وفي منتصفه قفل صغير لكن لم يبدو كقفل ذي مفتاح كالخاص بنا نحن البشر، كان
ذا شكل غريب دائري بارز يمكنه الدوران.
أدرته نصف دورة، لم أتمالك دهشتي عندما فُتح بالفعل، بينما تلك السلاسل التي كانت
تطوقه سحبت بشكل أوتوماتيكي نحو أربعة ثقوب كانوا على زوايا الكتاب.
العنوان للوهلة الأولى بدا غير واضح البتة كرموز غير مفهومة، لكن ما إن طرفت بعيني
كان العنوان واضحاً! ليس هذا فحسب، صوت ما صدح في عقلي ناطقًا بالعنوان
"متكاملات التحول". عقدت حاجبَي أنظر حولي بشك، ولكن لا أحد موجود، لم
يكن الصوت وكأن أحدهم بجواري، كان داخل عقلي... من الصعب الشرح لكن الأمر وكأن
أحدهم داخل رأسي وقد تحدث للتو.
بللت شفتي بتوتر قبل أن أفتح الكتاب من منتصفه واتسعت عيناي بدهشة. كان
الكتاب عبارة عن رموز غريبة لكن خلال ثانية أضاءت بشكل خافت قبل أن تتحول لحروف
مفهومة وقد عاد الصوت ذاته في عقلي يقرأ العناوين الفرعية في الكتاب "تعويذة
ألبيبا.. الدونلي للحركة العضلية.. تحويل ريشة".
طرفت بعيني أكثر من مرة وأنا أكاد أصدق ما أسمعه، التفت حولي بشك مجددًا ويبدو أن
يوجين قد انتبه لحركتي المريبة لأنه تقدم نحوي.
تجاهلته قبل أن أفتح صفحة أخرى ليحدث ما حدث سابقًا وتتالت الأسماء داخل عقلي
"ألبوريان .. صنع الجنيات.. تعويذة فردويات.. التحكم بتحول سمكة". أغلقت
الكتاب بسرعة وعيناي تتجول في الفراغ بلا وجهة، هذا مريب.
"ما بالك؟" قفزت بفزع لصوت يوجين الذي كان خارج رأسي هذه المرة، نظر
نحوي بتعجب بينما وقفت أهدئ قلبي.
"لا تفزعني هكذا مجددًا!" صحت به ليرفع أحد حاجبيه "عذرًا، تبدين
مذعورة دون مساعدتي". حسنًا إنه محق.
أعدت الكتاب مكانه بسرعة وأردت التحرك لكن فكرة ما أوقفتني... هل يوجين قادرًا على
سماع هذه الأصوات أيضًا؟
نظرت نحوه أتساءل بين نفسي ليرتفع حاجبه ويبدو أنه على حافة أن يسأل 'هل جننتِ
أخيرًا؟'. لم أترك له فرصة لأنني سحبت أحد الكتب الذي لم يكن مغلقًا هذه المرة
وكالعادة ما إن نظرت للعنوان صوت صدح داخل رأسي ناطقًا به "الرياح
وعناصرها". لم أعلق ولم أتساءل فقط عدت على يوجين بسرعة وقلت "أنظر
هنا".
أومأ وهو يمنع نفسه بشدة من سؤالي، فتحت الكتاب على إحدى الصفحات "رياح
الشمال.. عواصف أزغردو". نظرت نحو يوجين الذي حدق بالكتاب بتركيز قبل أن يحول
عينيه نحوي "لا أفهم حرفًا من المكتوب في الواقع".
عقدت حاجبَي قبل أن أسأل "ألم تسمع شيئا غريبا؟ ربما صوت ما؟ داخل رأسك". حدق نحوي لبرهة وقال "هل تسخرين مني؟" حركت رأسي نافية قبل أن أفتح صفحة
أخرى وأقول "ألا تستطيع قراءة شيء؟ أي شيء على الإطلاق؟ ألا يوجد صوت يقرأ
المكتوب كلما فتحت صفحة؟" نظر للكتاب ثم حول عينيه نحوي "هل هذا ما يحدث
معك؟" سأل لأزفر وأغلق الكتاب وأعيده لمكانه "أكاد أجن! لثانية يصبح كل
المكتوب واضحًا وهناك لعنة داخل رأسي تستمر بقراءة المكتوب كلما فتحت صفحة
ما".
تكتف قبل أن ينظر نحوي بتفكير صامتًا، ولكنه تنهد رفعًا كتفيه "لا يمكنني التفكير في تفسير، كل ما أستطيع قوله لا تتعجبي من أي شيء من الآن، بل واستعدي لما هو أغرب من هذا، لا شيء هنا يبدو طبيعيا البتة ولا شيء سيكون طبيعيا؛ لذلك تمالكي دهشتك، أراهن أن ما نراه هو نقطة من محيط وما ينتظرنا أكثر مما خضناه".
منطقي بالكامل لكن ليس وكأن الأمر بيدي، من الصعب أن تحتفظ بالهدوء وأنت محاط
بجنيات صغيرة وكتب تقرأ ذاتها!
أومأت له بصمت قبل أن أبحث حولي عن باب ما لكن كان المكان فوضى ويصعب التركيز على
شيء بعينه،
لا
يمكنني إيجاد الباب الذي دخلت منه! "يوجين، أترى الباب الذي دخلنا منه؟"
سألته ليحرك رأسه للجانبين ويلتفت ينظر من حوله "ألا يوجد باب هنا؟"
تساءلت وأنا أبحث حيث دخلت لكن لم أجد شيء! الباب تحرك من مكانه!
أجفلت للشعور بشيء يسحب فستاني من فوق كتفي، كانت جنية صغيرة ذات أعين زرقاء فاقعة
اللون وشعر أسود ظلت تسحب قماش فستاني، وما إن انتبهت أنني أنظر نحوها حلقت أمام
وجهي مشيرة إلى أحد الخزانات الضخمة أمام الحائط.
تحركت محلقة إلى هناك وتحركت معها مجموعة صغيرة منهن ليبدأن في دفع الخزانة معًا
ولو أن شخص عادي رأى هذا لأجزم أنه من المستحيل أن تتحرك الخزانة قيد أُنملة، لكنها
لقد تحركت بالفعل وبسهولة، علي الاحتفاظ بإحدى هذه الجنيات عند العودة للمنزل.
فيريونكا قد تموت فزعًا.
لم أفهم سبب تحريكهن للخزانة إلا عندما ظهر من خلفها باب خشبي، حسنًا، هذا لطيف
جدًا.
تحركت أنا ويوجين نحو الباب وأشرت لهن شاكرة ليلتففن حولي في دورة سريعة ويتحركن
مبتعدات، حسنا، لنعتبر هذا 'عفوًا'.
أغلقت الباب من خلفي ما إن عبرت مع يوجين والتفت أنظر للغرفة الجديدة. أعلم أنني
تناقشت للتو مع يوجين حول كم أن كل شيء هنا غريب وسحري، لكن لم يكن من السهل تمالك
الدهشة عند رؤية قاعة ضخمة كالتي أقف فيها الآن.
الأمر غير منطقي على الإطلاق!! منزل الفرسان من الخارج لا يبدو بهذا الحجم، لذا بحق الله كيف؟
ليس فقط حجم القاعة ما يثير الذهول، بل البوابة الضخمة في جدارها الشمالي، لم أرَ في حياتي بوابة بهذا الحجم. لقد كانت بحجم الجدار بالكامل، يتوسطها عجلة ضخمة شبيهة بدفة السفن، بينما يلتف حولها سلاسل ضخمة من المعدن تحكم إغلاقها.
البوابة كانت ذهبية اللون مليئة بالزخارف المختلفة ورسومات محفورة لأشخاص وكلمات وأسماء.
المكان كان مليئا بالنوافذ التي سمحت لنور الشمس أن تدخل المكان، السقف يمتلك
مظهرًا لا ينسى، قبة من الزجاج الملون تعكس على الأرضية ضوء مختلف الألوان، في
منتصف القاعة عمود فولاذي ضخم يصعد من الأرض للأعلى وكأنه عمود لخيمة إن سقط سقطت.
لم يقتصر الأمر على هذا فحسب، العمود الفولاذي ارتبطت بنهايته اعلى السقف ثلاث أذرع حديدية،
كل واحدة في نهايتها احتوت على حلقة مفرغة برونزية اللون، وعلى مسافة أقصر قليلًا ثلاث
أذرع أخرى اتصلت بالعمود لكن هذه المرة كل ذراع احتوت على كرة حُفِرَ على كل
واحدة منها العديد من الخطوط، وفي منتصف كل واحدة كان رمزًا غريب الشكل.
وفي نهاية العمود الفولاذي على الأرض عجلتان كدفة السفينة تلتف حوله.
الجدران كانت باللون الكريمي المريح للعينين والأرضية كانت من الرخام الذي أكاد
أجزم أن برودته منعشة إن سرت فوقه بلا حذاء، كان الرخام مزيجا بين لون الجدران
الكريمي ولون القهوة الغامقة.
ظلت عيناي تتجول على كل نقش ورسم ورمز موجود على الجدران والسقف، حتى البوابة
الضخمة كان هناك الكثير من الرسوم التي تحوي كل واحدة منها معنى ما!
لم يقتصر الأمر على المنظر فحسب لكن كان الشعور مثيرًا للراحة، لم أفهم المغزى من
وجود هذه الغرفة، وبدأ الفضول يلعب ألعابه داخل عقلي وسؤال تردد كثيرًا، ماذا يوجد
خلف هذه البوابة؟ لمَ هي مغلقة؟ لما كل شيء مغلق يثير فضولًا قاتل بداخلي بحق
الله؟
كل مني أنا ويوجين التزم الصمت محدقًا في المكان وكأن الحديث سيفسد رونق الأجواء
المنعشة، أشعة الشمس المنعكسة على المكان وحدها تعطي شعورا بالراحة والهدوء، لكن
ما زالت البوابة المغلقة تزعجني بشدة.
اقتربت منها بحذر أتفحصها بعيني، على مستوى نظري كانت هناك أحرف محفورة بوضوح على
كلٍّ من جانبي البوابة.
بدا شكل الحروف مألوفا للغاية، لم أقاوم الصدمة التي اعترتني عندما تذكرت هذه اللغة، الرومانية القديمة!
أعني هذا غير ممكن، لمَ هناك حروف رومانية هنا! في هذا العالم؟
"لم أعتقد أبدًا أنكِ ستصلين إلى هنا بهذه السرعة". قفزت من مكاني بفزع
ملتفة صوب الصوت الذي داهم الهدوء فجأة، وضعت يدي على صدري وأنا أنظر لواندر التي
تحولت نظراتها إلى اعتذار. "لم أقصد إخافتكِ". اعتذرت لأومئ بلا بأس.
"كيف وجدتنا؟" تساءل يوجين وهو ينظر نحو الباب في نهاية القاعة التي دخلت منه واندر "لقد استغرقتِ وقفت قصيرًا تقريبًا لتفقد المكان، هل رأيتِ كل شيء؟" زممت شفتي متذكرة ما مررت به قبل أن أقول "رأيت بعض الغرف التي أظنها للتدريب، هناك الغرفة التي تعيد إصلاح نفسها بنفسها أظنها لتدريب أوكتفيان و... أتريوس، وهناك الغرفة ذات السقف المكشوف والتي يبدو أن أغدراسيل أكثر من يستعملها، وأيضًا الغرفة المليئة بالأدوات حيث ذلك القزم الغريب وغرفة السحر المليئة بجنيات صغيرة، وها أنا هنا".
ارتفع حاجبيها بدهشة "لقد مررت بمعظم المكان إذًا... هذا رائع، أتذكر أن
لافيان قد تاه لمدة يومين هنا... المسكين، ظل يدخل ويخرج من غرفة لأخرى وهو لا
يدري أنه يلتف في دوائر حول نفسه فحسب" هزت رأسها بأسى.
هل تاه أحدهم هنا ليومين وتركتني أتفحص المكان لوحدي!؟
"لافيان! أتذكر أن القزم في غرفة الأدوات ذكر اسمه". أومأت واندر متفهمة وقالت "بالطبع سيفعل، فلافيان هو سيد تورنادو القزم المساعد لمتحكم الأدوات".
متحكم أدوات؟ إذا كما اعتقدت، تلك الغرفة لمتكم أدوات بالفعل! "تعلمين؟ من
الصعب أن يجد شخص طريقه لبوابة العلم من المرة الأولى، ويستاء الجميع عندما أقول
أنك مميزة". نظرت نحوها باستفهام، عليها التوقف عن تأمل المزيد مني، فأنا
الشخص الأخير الذي يمكنه أن يكون مميزا.
"لا شيء مميز واندر، الأمر فقط أنني ظللت أدخل من باب إلى آخر حتى وصلت
لهنا". حركت رأسها نافية وقد ارتسمت ابتسامة هادئة على ثغرها "أنتِ لا
تفهمين الأمر جلنار، أتتذكرين ما قلته لكِ من قبل؟ لا تصدقي كل ما ترينه... هذا
المنزل بالتحديد جلنار، أنا متأكدة أنكِ لاحظتِ بعض الخلل في اللحظات المكانية
هنا". عقدت حاجبَي قبل أن أقول "أتقصدين خللا كـوجود باب في سقف غرفة وفي
الغرفة الأخرى في أعلى جدارها". قهقهت على السخرية في صوتي وهي تومئ بنعم.
"تمامًا، ألم تتساءلي لماذا؟" رفعت كتفي كإجابة بجهلي وخمنت "ربما
من صمم المكان كان ثملًا أثناء بنائه". صمتت لوهلة وكأنها توقعت مني قول شيء
مخالف لكنها انفجرت في الضحك في النهاية.
"حسنًا، قد يكون احتمالًا واردًا لكن لا... الأمر أن المكان يتغير باستمرار،
كل ساعة أو يوم أو أسبوع سيتغير مكان الغرف والأبواب وستنتقل من مكان لآخر لذلك من
الصعب حقًا أن لا تتوهي في المكان من المرةِ الأولى".
لحظة لحظة! تتغير أماكن الغرف؟ "هل يعني هذا أنني قد أستيقظ وأجد باب غرفة نومي أعلى السقف؟" قلت بذعر لتضحك مجددًا وتحرك رأسها نافية "أبدا! اطمئني، غرف النوم الرئيسية لا تتغير أماكنها، فقط غرف التدريب وما شابه".
هذا يجعلني أتذكر شيء ما، الباب الذي أنا على يقين بوجوده في غرفة المعيشة! هذا ما قصدت واندر قوله عندما قالت أن هناك باب كان هناك بالفعل!
أردفت واندر قائلة "لذلك أنا مذهولة من كونك وصلت لهنا في ساعة واحدة، لا
يمكن لأحد فعلها إلا إن كان عالمًا لأين يتجه وأين يريد أن يذهب، رغبتكِ القوية
تنعكس على السحر الهائل الموجود في المنزل وتجبره على تسيير الطريق حيث المكان
الذي تريدين".
"واندر... لقد كنت أتفحص المكان بلا هوادة، لا أعلم لما أنا هنا ولم أملك
رغبة في هذا". اتسعت ابتسامتها قبل أن تنظر نحو الباب الضخم "هل أنتِ
متأكدة؟" كان صمتي إجابة كافية لتقول "جلنار، ستدهشين عندما تعلمين عن
كم الطاقة الضخمة في رغباتك هنا" أشارت بإصبعها نحو الجهة اليسرى من صدري
وأدركت أنها تقصد قلبي.
"يا للدراما" تمتم يوجين ساخرًا.
"لكن نقطة ضعفك أنك غير قادرة على ترجمة هذه الرغبات، قلبك يريد وعقلك جاهل بما يريد قلبك، تستمرين في إنكار ما تريدين وتزييف حقيقة رغبتك، ربما في عالمك قد يقتنع الناس بكذبك، لكن هنا السحر والقوة من تحكم جلنار، ولن ينافق السحر رغباتك كما تفعلين أنتِ".
شيء ما أصابني جراء كلماتها، رغم أنني لا أفهم المعنى خلف هذه الكلمات لكن شيئا ما جعل قلبي ينقبض وكأنه يصرخ موافقًا لما قالت للتو.
أكذب على نفسي؟ أزيف رغباتي؟ لم أمتلك رغبة أردت تزييفها من قبل... هل فعلت حقاً؟
"دراما مضاعفة، بعد قليل ستعلمك استخدام الكونغ فو وتتحدث عن الطاقة المكنونة داخل أحشائك". كعادة يوجين السخرية خير علاج لأي محادثة.
"لربما تتساءلين عما خلف هذا الباب ولما هو مغلق!" التفت نحوها وقد
استطاعت جذب انتباهي مجددًا "أخبرتكِ قبل لحظات أنها بوابة العلم، ربما
معرفتكِ بحقيقة ما خلفها قد يوضح رغبتكِ ولو قليلًا. بوابة العلم لا تحمل خلفها
إلا العلم جلنار، خلف هذه البوابة ستجدين إجابات كل سؤال قد يخطر على بالكِ".
تحركت نحو البوابة تتلمس زخارفها بأصبع يدها أكملت "عبر القرون كان يتم تسجيل
كل شيء وأي شيء على ورق، ربما قد أُغرِمنا بهذه الطريقة منكم أنتم أيها البشر...
كل شيء تمت كتابته وحفظه هنا خلف هذا الباب". اتسعت عيناي بصدمة، أتعني أن
هناك مكتبة ضخمة خلف الباب؟
"المشكلة هو أن هذه البوابة قد أغلقت منذ عقود من خلال صانعها، لا نعلم سببًا
محددًا لإغلاقه باب العلم لكن من منظوري الشخصي أنه رأى أن لا أحد قد يهتم بها كما
مضى، أصبح الجميع يركض لاهثًا خلف القوة.,. القوي يُعترف به هنا، ماذا قد تفيد
القراءة والكلمات إذا".
رفضت بشدة ما سمعته منها ويبدو أن شعوري هذا قد ترسم على وجهي دون إرادة مني لأنها
قالت "أغضبكِ الأمر؟ ربما أثار خيبتكِ!" زفرت بانزعاج وقلت "لقد
أزعجني أكثر من كونه أثار خيبتي، لا معنى لما قلته للتو، القوة يعترف بها؟ ربما
التدريب يمنح قوة مؤقته لكن العلم يصنع منك شخصا غير قابل للهزيمة". كتفت
ذراعي بغيط، لا يمكن أن تخبر فتاة تمضي يومها في القراءة أن العلم غير مفيد، هذا
يثير غيظي.
"تبًا لهم، وكأن التلويح بالسيف والسحر سيكسبك احترام الناس". تمتمت بضجر
مستندة على الباب من خلفي.
لم أدرك سوى الآن نظرات واندر نحوي، تلك النظرة كانت حالمة أو ربما متأملة ،لا
أعلم كيف يمكنني وصف هذا، كنها أربكتني كثيرًا. "إن كان صانع هذه البوابة
والأقفال هنا يسمع حديثكِ لربما كان فكر مجددًا قبل إغلاق المكان". طرفت
باستغراب لطريقتها الهادئة قبل أن تتنهد وتنظر من حولها.
"حسنًا، دعيني أخبركِ بهذا..." صمتت قليلًا قبل أن تبلل شفتيها وتنظر
نحوي لثوانٍ بتفكير قبل أن تقول بنبرة تحمل معنى "ماذا إن أخبرتكِ أن البوابة
لم تغلق للأبد وأن هناك طريقة لفتحها!" اتسعت عيناي قبل أن أبتعد عن البوابة
وألتفت بكامل جسدي منتبهة إلى حديث واندر.
"كـ… كيف؟" اتسعت ابتسامتها ورفعت حاجبًا قائلة "تبدين
مهتمة!" أومأت بسرعة، أنا لست فقط مهتمة، أكاد أموت لأعرف الطريقة.
فقط لنقل أن هناك علاقة حب عجيبة تجمع بيني وبين الأشياء المغلقة.
"حسنًا، لنقل أن صانع المكتبة عندما أصابه اليأس وصنع هذه الأقفال داهمهُ قليل من الأمل في أن أحدهم قد ينجح في الوصول إلى العلم خلف هذا الباب لذلك..." تحركت نحو الجهة اليمنى من البوابة ووقفت بجوار لوح ذهبي لم أنتبه له إلا الآن.
"صنع أُحجية صغيرة حلها سيفتح البوابة". ضغطت على أحد الأحجار الستة فوق
اللوح الذي انشق لنصفين وانفتح مظهرًا خلفه لوحة مستطيلة الشكل، على حوافها كانت
أطرافا صغيرة بارزة نُقش على كل واحدة رقما ما من الواحد حتى العشرين. ضغطت واندر
على أحد الأرقام، راقبت ما حدث باهتمام، تزامنًا مع ضغط واندر صوت تكة صدر من
اللوحة المصمتة قبل أن تظهر ثلاث خانات في أماكن مختلفة خلف كل منها حرف ما!
لحظة هذا؟ إنها أشبه بتلك اللعبة التي كنت ألعبها وأنا صغيرة، كنت أكتب رسالة قد
تبدو عادية لكن الطرف الآخر الذي سيستلم الرسالة يمتلك ورقة مطابقة لحجم ورقة
الرسالة تحتوي على ثقوب في أماكن معينة بحيث تظهر بعض حروف من الرسالة وتكون
الكلمة السرية أو ما شابه.
"هذه هي..." قاطعت واندر "أعرف ما هي جيدًا، ستُفَاجَئين حقًا من
عدد الأوراق المماثلة التي صنعتها عندما كنت طفلة". ارتفع حاجبيها في شيء من
الدهشة قبل أن تبتسم "رائع، هذا يسهل الأمر".
أعادت أنظارها للوح "كما ترين، هذه الأطراف البارزة هنا، كل واحدة تم حفر
خطوط مختلفة عليها، بعضها متقاطع والآخر متجاور، لا نعلم ما هي بالتحـ..."
سمحت لنفسي بمقاطعتها مجددًا بحماس "إنها أعداد رومانية، واندر".
بدلت واندر نظرها بيني وبين اللوح وقد انعقد حاجبيها بدهشة.
"إنها من الواحد إلى العشرون. أنظري، هذا الرمز l يعني العدد واحد، وهذا ll العدد اثنين، وهذا الرمز lll يشير إلى الرقم ثلاثة، ثم هذا lV هنا فهما الرقم أربعة، وهذا V وحده هو خمسة..." توقفت عندما لاحظت نظراتها المصدومة التي تبدلها بيني وبين الأرقام على أطراف اللوح وكأن هذا كان أسرع مما توقعت "أ… أرقام ماذا؟".
حسنا، كيف عليك شرح ما هي الرومانية لشخص لا يعرف شيئا عن اللغات في عالمك؟
"إنها لغة يستخدمها سكان منطقة تسمى بروما في الأرض، هناك أيضًا الرومانية القديمة
كالنص المكتوب هنا، هذه رومانية قديمة".
يبدو أن معرفتي بلغة النص على البوابة لم تفعل شيئا سوى زيادة دهشتها واتساع عينها.
"تستطيعن قراءة هذا؟" سؤال اندر جاء تزامنًا مع سؤال يوجين الذي ظل
صامتًا لوقت طويل، أومأت بنعم لكليهما لتنظر واندر نحوي ونحو الكلمات تحاول إدراك
الأمر "لمَ بحق الله يمكن لطالبة طب قراءة الرومانية القديمة؟ هل بعض الجروح
تحتاج كلمة سر رومانية لتجري لها عملية؟" دحرجت عيني على سخفه وقلت وكأن
حديثي موجها إلى واندر:
"نحن في إنجلترا لا نتحدث الرومانية بالطبع، أما الرومانية القديمة فمن الصعب
وجود من يستطيع فهمها، لكن... في مرحلة ما تملكني الفضول لتعلم عدة لغات قديمة وها
أنا ذا!"
أومأت بشرود وما زالت تفكر بشكل مبالغ به "مجرد فضول؟ عدة لغات؟ بحق الله ما
قدر ما يعرفه عقلك، جلنار؟ ظننتك مجرد ضعيفة شخصية كل ما تهتم به هو الروتين
الممل، تعلمين ذلك النوع من الأشخاص الذي سبق ورسم خط حياته، التخرج والحصول على
الماجستير ثم الوظيفة فالزواج والأطفال والشيخوخة والموت! يصعب تصديق أن لكِ
اهتمامات بعيدة عن مجال دراستكِ". ألقيت نحوه نظرة حادة لكنه رفع كتفيه وصاح
"ماذا؟ تبدين هكذا لأي شخص".
"أهذا يعني أنكِ قادرة على حل الأحجية!؟" تمتمت واندر لأرفع كتفَي مجيبة
"الأمر يعتمد على صعوبة الأمر، حتى وإن استطعت فهم اللغة المكتوبة فلا يعني
هذا أنني حللت الأمر، لم تسمى بأحجية لأجل لا شيء".
بدت شاردة الذهن وهي تنظر نحوي مما دفعني لتغيير الموضوع قبل أن تفكر في شيء
يورطني لاحقًا مع الفرسان.
"ألم يستطع أي شخص حتى محاولة فتحه؟" بدت وكأنها عادت للواقع وأجابت "بالطبع هناك من حاول، أولهم أرتيانو، ولم يقبل كبرياءه أن يكون أحد العباقرة بينما يقف أمام عبقريته أحجية مماثلة، في الواقع أنا معجبة به كونه أول من فك رموز تلك الرنمـ..." صححت لها "الرومانية، الرومانية القديمة". أومأت "بالضبط، لم نعلم أي لغة هذه، لكن أرتيانو نجح في فك بعض غموضها لكنه لم يستطع إكمال الأمر، فقد كان معقدًا نوعًا ما".
"إذا هل استسلم؟" هزت رأسها نافية "لقد قام بتأجيل الأمر لكنه لم
يستسلم، أرتيانو لا يستسلم بهذه السهولة". ربما سيكون من الممتع لو قابلته، إن
استطاع شخص لا يعرف شيئًا عن البشر ولغتهم فك رموز الرومانية القديمة فوصف عبقري
قليل بحقه.
"لدي سؤال أخير" هزت رأسها مشجعة لأكمل "لقد أخبرتني من قبل عن
وجود الوسطاء وهم بمثابة عباقرة الإلترانيوس، ألم يحاولوا فتح الباب من قبل؟"
نظرت نحو الباب في شيء من السخرية قبل أن تقول "سأكذب إن قلت أنهم لم يحاولوا
بالفعل لكن، يبدو أن كبريائهم كان أكبر من محاولاتهم، لقد تخلوا عن فكرة فتح
البوابة، ظنوا أن لا شيء سيفيدهم خلفها وأن علمهم سيكون كافٍ، فهم لا يحتاجون
لكتاب قديم ليساعدهم، يظنون أنهم بالفعل يعرفون الكثير دون الحاجة لشيء مثل مكتبة
مغلقة".
صمتت قليلًا ثم طأطأت رأسها مردفة "إنه لمخزٍ حقًا أن تظن أن علماء مملكة
بكاملها قد يتحكم بهم كبريائهم لهذا الحد، فشلهم في فتح الباب وحل الأحجية جرح
كبريائهم لذلك تخلوا عن الأمر بحجج حمقاء". تنهدت تتفحص المكان بعينها قبل أن
تتوقف علي.
"والآن، جلنار... ما الذي تنوين فعله؟ تعلمين كيفية قراءة هذه الكلمات
بالفعل، لذا..." اتسعت ابتسامتي وفهمت أنه يسمح لي فعل ما أريد، لم أحاول حتى
إخفاء الحماس في صوتي وأنا أقول "أتمازحينني؟ بالطبع سأجد حل هذه الأحجية
وسأفتح الباب اللعين!".
رغم أن لمحة من الدهشة كانت في نظراتها لكن اتسعت ابتسامتها "دعيني أخبركِ
أنني أول من أؤمن أنكِ ستفعلينها".
"أخيرًا عدنا لحل الألغاز مجددًا". صاح يوجين بحماس ولم أستطع إخفاء
قهقهتي. "من حماسك هذا يمكنني أن أحزر أنها ليست مرتكِ الأولى في حل لغز
ما". نفيت برأسي "أصبتِ! سيصدمك عدد الألغاز الذي ظللت أحلها واحدة تلو
الأخرى والتي كانت السبب في وصولي إلى هنا".
ارتفع حاجبيها بدهشة "ألغاز أوصلتك إلى هنا؟" اندفعت باستغراب لأومئ
متسائلة عمّا أثار استغرابها "هل يمكن...؟" تمتمت وقد نظرت بعيدًا
بتفكير، ظننتها ستخبرني بشيء ما لكنها ما لبثت حتى حركت رأسها مبتسمة وقالت
"سأكون سعيدة إن حكيتِ لي ما حدث، شيء ما يخبرني أنها ستكون ممتعة". رغم
أنني لم أفهم ردة فعلها الأولى إلى إنني أومأت بصمت.
"هيا بنا". طرفت بتعجب بينما أعطتني ظهرها متجهة إلى الباب الذي جاءت منه
"ألم تقولي أنه يمكنني حل الأحجية!؟" لم تلتفت لكنها قالت "بالطبع!
لكن لا يمكنكِ التفكير بمعدة خاوية، هيا، سنتناول الغداء جميعًا".
حسنًا، هذا عادل فاكتشاف المكان كان وحده مجهودا أشعرني بالجوع.
ألقيت نظرة نحو الباب واللوح بجواره لأشعر بالحماس يكبر داخلي، لدينا عملٌ أخيرًا
سيملئ وقتي. التفت أتبع واندر ولحقني يوجين وهو يلقي بضع نظرات على المكان.
عندما خرجنا وجدنا أنفسنا داخل رواق مشابه تمامًا للذي كانت غرفتي به، ويبدو أن
واندر شعرت برغبتي العارمة في السؤال فأجابت دون سماعي أسأل "إنه الطابق
الثالث، غرفتكِ في الطابق الثاني أسفلنا تقريبًا، احفظي مكان الباب إذا أردتِ
المجيء إلى هنا".
تحركت نحو السلالم وقالت "حتى لا يختلط عليكِ الأمر دعيني أوضح أماكن غرف
النوم. في الطابق الأول غرفة نومي وكذلك غرف الضيافة والجلوس والمطبخ، الطابق
الثاني هناك غرفتك ثم غرفة الساحرة ثم الميت زوندي تتذكرينه، صحيح؟" أومأت
بنعم لتكمل " الطابق الثالث غرف نوم كل من رومياس المستذئب ولافيان صانع
الأدوات وأوكتيفيان متحكم العناصر".
هبطنا السلالم إلى الطابق الثاني وأكملت "ثم الطابق الرابع، ستجدين غرف
جوزفين الجاسوس كما أطلقتِ عليه وأغدراسيل المجنح وأرتيانو العبقري، ثم ... الطابق
الخامس، لا أحد يذهب هناك لذلك إن أردت الصعود للطابق السادس لا تتوقفي عند
الخامس".
عقدت حاجبَي ولم أمنع سؤالي "لماذا؟" تنهدت ضاحكة "ببساطة لأنه
طابق أتريوس". حسنًا، هذا تبرير كافٍ لأبتعد عن الطابق الخامس طيلة حياتي.
"أن يأخذ طابقًا كاملًا له أنانية، هل هدد الجميع بالقتل إن أخذ أحدهم غرفة
بجواره؟" سخر يوجين ولم أمنع نفسي من التفكير في الأمر ذاته.
"أتريوس لم يهدد أحدهم، جلنار". اتسعت عيناي وكأنها سمعت أفكاري "لا
تقلقي، لا أقرأ الأفكار، الأمر هو أنه من السهل التنبؤ بما ستظنين". أخذت
نفسًا ثم توقفت "الجميع يرى أنه من الأفضل وتجنبًا للمشاكل البقاء بعيدًا عن
أتريوس بسبب طبيعته العدائية كما رأيتِ، لذلك لم يرغب أحدهم في البقاء في الطابق
ذاته معه، ولم يمانع هو فيبدو أن الأمر أعجبه".
لو كنت مكانهم لفعلت المثل، لا أستطيع تخيل نفسي أنام في الطابق ذاته معه، لقد
ظللت طيلة الليل مستيقظة بمجرد التفكير أننا في المنزل نفسه، ما بالكم بالطابق
ذاته!؟
"الطابق السادس ستجدين غرفة كل من العملاق ومتحكم الكائنات، وإن كنتِ
تتساءلين أين غرف التدريب بين كل هذا فقد أخبرتك من قبل أنها غير ثابتة، قد
تجدينها في أي مكان، لذلك لا تشغلي بالكِ، ستعتادين الأمر".
عندما وصلنا للطابق الأول جذب انتباهي يوجين الذي قال "اسأليها عن حقيبتكِ
بسرعة". اتسعت عيناي متذكرة أمرها لألتفت إليها قائلة "واندر، عندما جئت
إلى هنا في المرة الأولى كنت أحـ..." كانت تستمع لي لولا الشخص الذي هتف من
خلفها لتلتف نحوه.
تبا، أنه جوزفين ألم يجد وقتًا أفضل من هذا؟ زفرت بانزعاج ولم أنتبه لما كان كل
منهم يتحدث عنه سوى عندما سمعته ينادي باسمي "ها أنتِ ذا لم أركِ عندما جئت،
أين كنتِ؟" ابتسمت مجاملة رغم أنني أردت الصراخ بـ 'دعني أكمل سؤالي!'
"لقد كانت تتفحص المكان" أجابت واندر عوضًا عني ليرفع حاجبيه "لا
تخبريني أنها تاهت واضطررتِ للبحث عنها! ما كان عليكِ إرسالها وحدها". أنب
واندر لتدحرج عينيها "توقف عن استباق الأحداث، لم تته كانت قد وصلت سابقًا
لبوابة العلم، ذهبت فقط لأناديها لتناول الغداء".
هناك شيء ما خطر ببالي، كيف علمت واندر أني سأكون في تلك القاعة؟ بحق الإله هذا المكان غير طبيعي بالمرة.
اتسعت عيناه وهو يلتفت نحوي بصدمة "لم تته؟ تمزحين! كيف بحق الله وصلتِ
لبوابة العلم وهذه مرتكِ الأولى في هذا المكان؟ ظللت أسبوعا أدور في حلقات حتى
وصلت لهناك". رفعت كتفَي دلالة على أنني لا أملك شيئا لأقوله.
"توقف عن التقليل من شأنها، أحمق متسرع". صفعت رأسه بخفة ليتأوه
"حسنًا، سأذهب لغسل وجهي وأعود بسرعة". استأذنت منهما قبل أن أتحرك إلى
الأعلى نحو غرفتي.
"تبا، لمَ كان عليه مقاطعتكِ الآن؟ شيء ما يظل يلح علي أن الكتاب في حقيبتكِ
مهم الآن أكثر من أي وقت مضى". تذمر يوجين لأومئ وأقول "محق، لكن لا
يمكنني الثقة في أحد حتى الآن". وقوفه أمام وجهي أوقفني عند أعلى السلم.
"حتى الآن!؟ جلنار، لا يجب أن تثقي بهم أبدًا، لا تدعي التعامل اللطيف يخدعك،
قد يكون أتريوس ذاك أبغضهم لكن في الواقع هو أول من أظهر فقط حقيقته دون أقنعة
وتظاهر، لذلك أنا ممتن لصراحته. عليكِ الحذر منهم جلنار، أنتِ مجرد شخص كان أسطورة
بالنسبة لهم، هم أيضًا لا يضعون ولو قدرا صغيرا من الثقة بك".
لا يمكنني إنكار أن ما قاله منطقي نوعًا ما، لكنه أزعجني، لست معتادة على هذا
النوع من التعامل، من الصعب أن تفكر في شخص يعاملك بلطف أنه قد يوقع بك، أشعر أنني
بغيضة.
"إن لم تبتعدي عن الطريق لن أقاوم رغبتي في إلقاء جسدك من هنا". بشكل لا
إرادي التفت نحو السلالم التي تتجه إلى الأعلى حيث كان يقف أتريوس ينتظر ابتعادي
وهو يرمقني ببرود ولا مبالاة وهناك لمحة من الانزعاج في تلك النظرات.
"هل تنوين أخذ كامل وقتكِ في التحديق؟" نبرته الحادة وتحرك جسده هابطًا
عدة درجات أخرجني من صدمتي لأحرك جسدي مبتعدة عن الطريق، أردت تجاهله والذهاب إلى
غرفتي إلا أن الدم تجمد داخل عروقي عندما أقترب مني عوضًا عن النزول للأسفل.
"هل أنتِ مجنونة؟" ارتفع حاجباي بدهشة لكنه أكمل "تتحدثين مع
نفسكِ! لم أظن أن عقلكِ سيتلف بهذه السرعة". ابتلعت بينما تمسكت بدرابزين
السلم من خلفي حتى لا أتعثر.
توقف أمامي مباشرة لكنه لم يقترب أكثر وكنت ممتنة لهذا "لا أعلم نوع الجنون
الذي احتل عقلكِ، لكن من بين الهراء الذي تتفوهين به هناك شيء واحد كنتِ محقة به
ويجب على عقلك الصغير استيعابه" اقترب خطوة بينما ابتعدت عنه قدر الإمكان وقد
التصق ظهري بدرابزين السلم ليقول:
"لا يمكنكِ الثقة بأحد، احتفظي بهذا داخل عقلك جيدًا طيلة مدة مكوثكِ هنا". لم أبدِ أي رد فعل في الواقع، فقط تجنبت التحديق بعينيه بينما أنظر لأي شيء آخر،
ولكن عندما سكت لمدة أجبرت نفسي عن النظر نحوه وفاجأتني النظرة على وجهه، بدا
وكأنه يحاول ألا يظهر فضوله وعيناه تتجه نحو... عنقي!
عندما لاحظ أنني أنظر نحوه أشاح بوجهه بعيدًا ثم ابتعد متجهًا للأسفل، لم أتمالك
نفسي وأنا أنحني على الأرض ألتقط أنفاسي. هذا كان غريبًا ومرعبًا، تبا، كيف يمكن
لوجود شخص أن يرعبني لهذا الحد؟ هو حتى لم يلمسني، لكن نظراته تحمل بريق شرساً
كارهًا يشعرني بالاختناق.
"لا تخبريني أن هذا السافل يخفيكِ لهذا الحد". ألقيت نظرة حادة ليوجين
قبل أن أعيد أنظاري نحو الفراغ أمامي، جرب أن تنظر في عيني شخص حاول قتلك ولا
يمكنك فعل شيء حيال ذلك، أنا لست بطلة خارقة بحق الله.
عندما استعدت هدوئي التفت بصمت متجهة إلى غرفتي، وأظن أن يوجين احترم هذا الصمت
وتوقف عن مضايقتي.
دلفت للحمام بصمت لأغسل وجهي أكثر من مرة حتى أتمالك نفسي.
لا تثقي بأحد! من هو حتى يخبرني بما علي فعله! تبًا لك ولعينيك ولنظراتك، فلتذهب
للجحيم. لم أدرك أنني صحت بإحباط وأنا أضرب الحوض بيدي بقوة، اللعنة عليك أتريوس،
سأبقى ألعنك حتى تموت أو أبتعد عنك، اللعنة عليك.
نظرت للمرآة بغيظ لكن شيء ما قفز لذهني، تلك النظرة الموجهة لعنقي لم تكن المرة
الأولى، حتى على الفطور لقد احتوت عينيه على نظرة مشابهة.
عقدت حاجبَي باستغراب قبل أن أبعد شعري عن جانب عنقي الأيمن، إما أنه شخص منحرف أو
أن هناك شيء غريب على عنقي.
أعدت أنظاري للمرآة ولم أتوقع رؤية شيء ما لكن يبدو أن لا شيء يحدث كما أظن أبدًا.
اتسعت عيناي بصدمة. هناك أسفل أذني تمامًا، لماذا؟ كـ... كيف؟
لم أشعر بشيء إلا عندما صحت بسرعة "يـــوجيــن!".
ربما تخطينا الخمس دقائق حتى الآن وما زال كل منا يحدق في المرآة، نحدق إلى عنقي إن كنا أكثر تحديدًا.
دخول يوجين إلى المرحاض بعد صراخي باسمه كان يوحي بالأفكار السوداء التي ارتسمت في عقله، ربما يراني أحتضر أو شيء ما يحاول قتلي، لذلك رمقني بكل غضب عندما أخبرته أن لا شيء من ذلك حدث.
قال أن أمرًا تافهًا لا يدعوا لصرخة الفزع تلك، ولكن أرى أنه تراجع عن كلمته تمامًا عندما أشحت بوجهي أريه عنقي بينما أحدق في المرآة.
ومنذ ذلك الحين... منذ خمس دقائق كل منا يحدق بعنقي ثم بوجه الآخر بصمت.
"هذا ليس وشمًا؟" رمقته بحدة قائلة "هل أبدو لك كشخص سيضع وشمًا!" رفع حاجبيه وضم شفتيه وتمتم "محقة، أنتِ أجبن من ذلك" تتملكني رغبة في لكمه وتزداد يومًا بعد يوم.
"حسنًا، لا نريد أي استنتاجات غبية، لنطرح أفكارنا مباشرة دون الالتفاف حول الموضوع. أظنها بكل تأكيد علامتك". أنزلت شعري مجددًا أنظر بعيدًا، لقد حذرني من الالتفات حول الموضوع لأنه يعلم أن هذا ما سأحاول فعله عوضًا عن تقبل حقيقة الأمر.
"وافقيني الرأي وأرجوك ألا تخرجي باستنتاج غبي فقط لتكذيب حتى ما تصدقينه أنتِ". تنهدت قبل أن أجلس على طرف حوض الاستحمام.
"أنت محق. حسنًا، هذا ما تبادر إلى ذهني، ولكن يا رجل تقبل هذا صعب جدًا، أتعرف ما تعنيه هذه العلامة؟" صحت بيأس ليضم ذراعيه متكاتفا فوق صدره "أعلم، هذا يثبت كونكِ واحدة من الفرسان، مبارك!" سخريته في نهاية الجملة لم تكن في الوقت الصحيح أبدًا.
"لا أريد هذا يوجين، أنا بعيدة كل البعد عن هذه الفوضى، أعني بحق الله لم أتحمل مسؤولية حماية نفسي من متنمرة، كيف سأتحمل مسؤولية حماية شعب بكامله، يوجين؟"
رفع كتفيه وقال "لن أظهر بمظهر الحكيم وأكذب عليكِ قائلًا بعض الحماقات التي لا أعرف معناها، الفرق بيني وبينكِ أنني ميت وأنتِ حية، غير ذلك كلانا جاء من الكوكب نفسه". صمت قليلًا ثم أردف:
لكن ماذا؟ ما الذي يضايقني إذا؟ لا يمكنني الوصول لسبب هذا الضيق داخل صدري بهذه الطريقة، حتى عندما أفكر في كوني بعيدة عن المنزل لا يضيق صدري بشكل مماثل، إذا لمَ أنا متضايقة؟ ظهور هذه العلامة يجعل الأمر أسوأ.
"دعك من هذا! ماذا برأيك تدل عليه هذه العلامة؟" غيرت مجرى الحديث بسرعة ليرتفع حاجباه وكأنه لم يفكر في هذا سابقًا.
اتجه نحوي وطلب أن أرفع شعري مجددًا ففعلت، وضع يديه على ذقنه متخذًا وضعية المحقق الجاد "حسنًا، هذه بكل تأكيد دائرة. لقد وجدتها، أنا أعرف!" نظرت نحوه بتساؤل "إنها أربعة دوائر متشابكة". رفعت حاجبًا وألقيت نحوه نظرة بطرف عيني "شكرًا، لقد أنرت لي طريق المعرفة. هل أنت غبي؟ لقد رأيتها في المرآة وأعلم ما هو شكلها".
زم شفتيه قبل أن يقول " إذا لا معنى لعلامتك، ربما المقصد أنكِ ستكونين جيدة الحظ إن شاركتِ في الأولمبياد". حدق كلانا في الآخر لوهلة قبل أن ننفجر ضحكًا. تبا، هذا الأحمق يبرع في تحسين مزاجي.
"وأيضًا الكلمة الغريبة في مركز الدوائر لا تبدو مثل أي لغة قد رأيتها من قبل" قلت بينما أحدق بها في المرآة، كلمة غريبة، حروفها مشابهة قليلًا للإنجليزية لكنها مختلفة عن المعتاد!
"لهذا إذًا كان يحدق إلى عنقي بهذه الطريقة الغريبة، لقد رأى العلامة", تذكرت نظرات أتريوس قبل قليل وفي الصباح وربما له الحق قليلًا في التعجب، ما الذي تعنيه أربعة دوائر على أي حال.
"جلنار، لا تشغلي بالكِ بهذا. هيا، تناولي طعامك، لدينا أحجية علينا حلها. تعلمين؟ إن استطعتِ فتح هذا الباب قد تجدين إجابة للكثير، إن كان ما قالته واندر صحيح وأنا واثق أنه كذلك؛ فخلف هذا الباب معارف لا تعد ولا تحصى، ربما تجدين طريقة العودة للأرض".
أومأت موافقة وعاد الفضول يهاجمني وقد تحسن مزاجي نوعًا ما بعدما عكره أتريوس.
أخذت خطواتي إلى الأسفل وحاولت عدم التفكير في أني سأرى وجه الأحمق على المائدة. سُرق انتباهي بواسطة الرائحة التي لا تقاوم والتي تزداد كلما هبطت سلمة، كما كانت أصوات أغدراسيل و جوزفين يتشاجران ويبدو أنها العادة على كل مائدة، وهناك صوت ثالث يشاركهم، صوت لا أسمعه كثيرًا كان عالٍ جدًا يتضاحك كل ثانية.
توقفت أعلى سلم الطابق الأول ولم أتمالك ابتسامتي وأنا أرى رومياس يشارك أوكتيفيان بعض الحديث وينتقل في دقيقة أخرى لمناصرة أحد الطرفين في مجادلة أغدراسيل و جوزفين. هذا الفتى فقط من هذا البعد يعطيك إحساس بكونه مرح ولطيف لكن ما إن أقترب منه حتى يصبح حذرًا وانطوائيًا! ماذا أخبروه عن البشر في صغره حتى يأخذ هذا الموقف الغبي اتجاهي؟
كانت واندر تغرف بعض الأطباق وتوزعها على طاولة الطعام وفي كل مرة توبخ أحدهم.
ثم كان هو... الأحمق الدموي! أتريوس رغم أنه يجلس معهم لكن يمكن رؤية الفارق الكبير بينه وبينهم كان هادئًا يكتف ذراعيه فوق صدره وقد ألقى رأسه للخلف ينظر للسقف بصمت، وفي هذه اللحظة كان بإمكاني رؤية شيء مختلف.
لسبب ما عند النظر لهم من بعيد بدا وكأن هذه المائدة الصغيرة ضخمة جدا وطويلة، اجتمع أولئك الأربعة في بدايتها وهناك مسافة ضخمة تفصلهم عن نهاية المائدة حيث جلس أتريوس بصمت.
لقد كنت فضولية، فيمَ قد يفكر شخصًا مثله؟ من سأقتل اليوم؟ أي سلاح علي أخذه معي؟ هل أفجر رأس أحدهم أم أبدأ بتعذيب تلك البشرية التي أكرهها جدًا؟
عندما يأتي الأمر له لا يمكنني التفكير في شيء مخالف، ربما أكون قد بالغت، لكن لا يسعني رؤيته خلاف شخص دموي.
ثم خلال ثانية شعرت بشفقة! رغم أني صدمت نفسي قليلًا، ورغم كوني أكره أن يشعر أحدهم بشفقة نحوي؛ لم أتمالك إحساس الشفقة تجاهه! بدا حقًا حقًا وحيد، لجزء من الثانية أردت إلقاء التحية عليه ومحادثته كشخص طبيعي بسبب الشفقة.
لكن في النهاية الكره والازدراء والاشمئزاز تغلبا على الفضول والشفقة، وعدت أرى أنه يستحق الموت وحيدًا في منزل متهالك بجواره علبة من أمعاء الخنزير التي قد انتهت صلاحيتها وزجاجة بيرة شبه فارغة قذرة، يلفظ أنفاسه الأخيرة.
حسنًا، هذا وحشي لكنه يستحق!
لم أدرك أنني استغرقت في أفكاري إلا عندما تنبهت أخيرًا أنه بدأ يبادلني التحديق، ولم أشعر برعب مماثل إلا عندما أُمسك بي أسرق بعض الحلوى من المتجر الموجود بجوار المدرسة الابتدائية.
لم يكن غاضبًا كالعادة كان مستمتعًا وكأنه يريد أن يعرف نهاية مسابقة التحديق هذه، وكان لي السعادة بإنهائها ما إن سمعت واندر تنطق اسمي.
لم أدرك حقًا ما قالته قبل اسمي وتمنيت ألا يكون سؤالًا حتى لا أقتل نفسي من الإحراج، ورغم أني ظننت أنني استغرقت الدهر كله واقفة على السلم أفكر إلا أنها كانت دقيقة أو اثنتين فحسب.
ما إن انتبه الجميع لوقوفي صمتوا لثانية قبل أن يزفر أغدراسيل ويصيح قائلًا "أخيرًا شخص ما عاقل". ثم ألقى نظرة ازدراء نحو جوزفين الذي انفجر ضحكًا ويبدو أنه يستمتع بكامل وقته في إغاظة أغدراسيل.
تحركت نحو الأسفل ولم أتمالك ابتساماتي لتصرفات كليهما "ماذا حدث؟"
دعونا نقول أني تفاجأت من سؤالي أكثر من تفاجئهم، لكن تدارك أغدراسيل صدمته، ورغم أنه بدأ يشتكي كانت هناك ابتسامة بسيطة تزين ثغره.
"هذا الطفل، فقط لأنه غلبني في جولة لا يعني أنه أفضل مني، لقد غش بشكل واضح". اتخذت مقعدًا بين أغدراسيل وجوزفين ويبدو أن واندر استحسنت الأمر لأنها نظرت بامتنان متمنية أن وجودي سيوقفهم عن الشجار.
"آنستي، عندما لا نضع قواعد للنزال فهل يعني أي فعل ما أنه غش؟" دافع جوزفين عن نفسه لأزم شفتَي "لا، لا يوجد قواعد لكسرها لذا لا يعتبر غشًا". نظرت في نهاية حديثي لأغدراسيل الذي نفث في عدم رضا "أرأيت؟ كان يستخدم أجنحته في كل مرة أحاول بها تثبيته أرضًا، وأنا المسكين لا أمتلك قوة تمكنني من الوصول له تحليقًا".
شعرت فجأة بفضول لأعرف ما فعل ووجدت نفسي ألتفت له بكامل جسدي وأنا أسأل "إذًا ماذا فعلت؟".
عندما ارتفع حاجباه بشكل بسيط وقد ظل صامتًا لثانية عرفت أن ردة فعلي فاجأه، ففي الصباح فقط كنت أتجنبهم، لكن يبدو أن فضولي أعجبه لأنه ابتسم باتساع وقال:
"عندما لاحظت أنه يحلق كلما تمكنت منه، هجمت عليه متظاهرًا بالمحاولة ووضعت بكل بساطة طبقة صغيرة من إلتريوت على جناحه، ما إن حلق راقبته يرتفع بكل استمتاع حتى وصل لارتفاع عالي، بدأ عمل الطبقة التي أرسلت تيارا كهربيا لأجنحته مما قتل قوة جناحيه للحظة كانت كفيلة بجعل جسده يرتطم أرضًا، كان الارتفاع العالي عاملًا مهمًا حتى تكون قوة الاصطدام أكبر فلا يقوى على مقاومتي".
أنهى سرده لخطته رافعًا رأسه بفخر وفي الواقع لم أقاوم نظرات الإعجاب التي رمقته بها.
"هذا غش، لقد استعمل أداة خارجية بينما لم أستعمل واحدة" صاح أغدراسيل بغيظ لأرد أنا هذه المرة "وأنت استعملت جناحين وهو لا يملك مثلهم! لا قوانين، هذا عادل كفاية" كان ردي بمثابة الضربة الحاسمة لأن جوزفين صاح كالفائز قبل أن يضم جسدي من الخلف وربت على رأسي باستحسان وأشاح أغدراسيل بوجهه بانزعاج.
"الأميرة محقة، الأمر عادل كفاية" تمتم أوكتيفيان بجملتي مبتسمًا مما جعل لذة الانتصار داخل جوزفين تزداد "ما زلت أراه غشًا". تمتم أغدراسيل لأربت على كتفه مواسية وأنهض بنية مساعدة واندر، لكني قلت "عليك دائمًا التفكير في حل ما حتى وإن كنت بلا قوة، لأن عدوك سيفعل المثل إن كان ماهرًا، وحينها لا يمكنك اتهامه بالغش، سيكون ذكيًا بينما أنت فقط بلا حيلة".
ابتعدت
دون انتظار رد أي منهم متجهة إلى المطبخ، لكن جملة جوزفين "بدأت تروقني هذه
الفتاة". جعلت ابتسامتي أوسع.
استقبلت نظرات واندر التي كانت ذات مغزى بكل تأكيد، وهي مشابهة تمامًا لتلك النظرات التي يضعها يوجين وكلاهما يرمقانني بها "ماذا؟" هزت واندر رأسها للجانبين قبل أن تسحبني بجوارها "جيدة فقط في إلقاء المواعظ على أغدراسيل، أرى أن تعملي بما وعظتِ أيتها الماكرة". ألقيت نظر ليوجين الذي هز رأسه موافقًا في رضا تام عن حديثها.
تنهدت ولكن لم تتزحزح ابتسامتي وأنا أقول "الأمر مختلف، هناك فرق شاسع بيني وبين أغدراسيل كنت أتحدث على صعيد قواهم ومهاراتهم التي أنا بجوارها صفر بعد الفاصلة". صفعت واندر رأسي بخفة "حمقاء، مجرد حمقاء، لكن لا بأس، سيعلمك الوقت كل ما تحتاجين".
لم تترك لي فرصة لأرد لأنها تحركت تمسك بطبقين وتتجه للمائدة، كان ذلك قبل أن تصيح بي "لا تقفي مكتوفة اليدين، اجلبي طبق اللحم ذاك معك!".
ما إن أنهت ما قالته حتى رددت بعدم تصديق في الوقت ذاته مع يوجين "لحم!" ركضت اتجاه الطبق وكم كان علي أن أصف روعة الرائحة وشكله، لونه المحمر الذي يشير تمامًا لإنها ستذوب داخل فمك ما إن تمضغها. كنت أقفز بسعادة عندما عرفت أن الجميع سيحصل على اللحم و الأرز وصلصة ما لا أعرف ما هي في الواقع، لكنها تبدو شهية.
"كم أتمنى لو بإمكاني تذوق واحدة". لم أتمالك ضحكتي عندما قال يوجين ذلك بحسرة "أيها المسكين". أمسكت الطبق واتجهت للمائدة متجاهلة سبّات يوجين.
عندما بدأنا تناول الطعام كان الجميع يتحدث رغم أنني ظننت أنهم سيصمتون قليلًا، وليس علي إخباركم من ظل صامتًا طيلة الوقت، الدموي و رومياس. وضعت قطعة من اللحم في فمي قبل أن ألقي بضع نظرات نحو رومياس، كان يجلس على الجهة المقابلة حيث أوكتيفيان و أتريوس، لا أصدق أنه يجلس بجوار أتريوس الغبي ويتجنب حتى النظر نحوي.
علي حل مشكلتي مع هذا الفتى، هذا الشعور بتجنبك، أنه مقيت!
توقفت يدي التي تحمل الملعقة إلى فمي في منتصف الطريق عندما أدركت شيئًا ما! لم يكن شعور تجنب الآخرين لي مقيتًا! ألم يكن محببًا من قبل؟ أحببت بشدة أن يتجاهلني الآخرون! إذا لمَ الآن أشعر بالانزعاج؟ أنا هنا منذ يومين فحسب، أو ثلاثة، لا أتذكر، ما الذي حدث بحق الله؟
هؤلاء الرفاق يملكون تأثيرًا سيئًا على طبيعتي.
"هل طعم اللحم جيد؟" انتفضت فزعًا وبصعوبة بالغة كتمت صرخة الهلع التي كادت تغادر حلقي، لأن يوجين الغبي لم يجد سوى أن يمرر رأسه خلال طبقي، الأمر أشبه بأن طبقي يحمل رأس شخص ميت عوضًا عن اللحم.
رمقته بكل ذرة حقد وغضب، ما زال قلبي ينبض بسرعة "ماذا؟ ألا يبدو منظر رأسي فاتحًا للشهية؟" ألا يمكنني صفعه؟ أتمنى حقًا أن أجد سحرا ما يمكنني من ذلك ولو لمرة واحدة.
"هل أنتِ بخير؟" رفعت رأسي بسرعة نحو أوكتيفيان الذي يجلس مقابلًا لي "تبدين شاحبة وكأنك شاهدتِ شبحًا!" اتسعت عيناي بصدمة، لولا أن نبرته كانت متسائلة لا تحمل شيئًا ما لظننت أنه رأى ما حدث.
أخرجت ما يشبه الضحك، أردت منها أن تكون ضحكة لكنها بدت كهمهمة من عجوز تفقد روحها ليس إلا "اللحم لذيذ جدًا، هذا كل ما في الأمر". قلت متظاهرة بالسعادة وأنا أنظر بطرف عيني بغضب إلى يوجين الذي ابتعد عن طبقي.
"أوه! هذا لطف منكِ عزيزتي، إنه لحم استويون مسوا على البخار منذ يوم أمس". بدا وكأن واندر تنتظر أن يمدح أحدهم طبقها الذي استحق المدح، لكن الشباب هنا همهم الأكبر ملئ بطونهم.
"رغم أني لا أعرف ما هو الاستويون، لكنه لذيذ". أومأت بسعادة قبل أن تقول "لقد اصطاده أتريوس صباح الأمس عندما..." صمتت فجأة وهنا شعرت برغبة في إبعاد طبقي بعيدًا جدًا، ربما رميه في المرحاض.
ببساطة بدت وكأنها تريد أن تقول عندما جئتِ والتي هي عندما قتلني، أو حاول بالأحرى. صمت ما جال في المكان بدت واندر نادمة على جملتها الأخيرة.
بطرف عيني لمحت نظرته نحوي، كان يراقبني وكأنه يراقب فأر تجارب يريد توقع رد فعله، وبدا فجأة مستمتعًا جدًا بالموقف المربك عندما ذكر اسمه ويوم أمس.
أغاظني جدًا استمتاعه بالأمر، أغاظني أن مجرد ذكر اسمه يؤثر على الجميع حتى دون أن يفعل شيء، يؤثر علي وأنا أعطيه متعة مراقبة ردود أفعالي.
إنه ذكي، يعلم تمامًا ما أريد وما أشعر، أراهن بحياتي أنه توقع أنني لن ألمس الطبق وسأظل صامتة، لكن لم أترك له فرصة، وجود الجميع جعلني أشعر بأنه لن يتمادى مهما حدث لذلك...
أمسكت الشوكة وأخذت قطعة أخرى من اللحم وأنا أضع كل تعابير الاستمتاع بطعمه قبل أن أقول "هكذا إذا! تعلمين؟ عندنا نأكل اللحم أيضًا رغم أن طعمه مختلف قليلًا، لكننا نسويه بالبخار أحيانًا، نأكل لحوم البقر والغنم والجمال، وهناك ما يسمى بالدجاج إنه رائع عندما تقوم بقليه في الزيت، مقرمش ولا يقاوم".
نظرات الجميع أخبرتني أن هذا آخر ما توقعوا مني فعله، وخلال لحظة نظرات واندر أوحت لي أنها تفهم تمامًا ما أحاول فعله لذلك رسمت ابتسامة راضية.
"مقرمش؟" عينا جوزفين المتسعة باهتمام حفزتني لأشرح بحماس "نعم! إنه أفضل شيء قد تتذوقه في حياتك، نضع قطع الدجاج في تتبيلة خاصة به ثم نقليه في الزيت مع البطاطس والكاتشب. تبا، أشتاق لطعم الدجاج". ما إن أنهيت حديثي اكتشفت شيئا ما! بقدر ما أشعر بالفضول حول حياتهم وعالمهم هم أيضًا يشعرون بالمثل، فهم لا يعرفون شيئًا عني، كلما تحدثت أكثر زادت أسئلتهم أكثر، حتى أن رومياس تقدم أخيرًا وسأل عن كيف يبدو طعم الهمبرغر.
في النهاية تحدثنا كثيرًا عن الطعام في عالمي إلى أن تعبنا! أو تعبت أنا على الأرجح، فما زال أوكتيفيان يلقي بعض الأسئلة ويبدو أنه سيحضر قلمًا ودفتر ملاحظات ويسجل كل ما أقوله.
شيء آخر لاحظته... أتريوس توقف عن النظر بتلك النظرة المستمتعة! في الواقع لقد توقف عن النظر نحوي ووضع كامل اهتمامه في طبقه الخاص وقد طبع نظرات اللا شيء على وجهه، ما جعلني أتساءل إن كان يشعر بشيء عدا المشاعر البغيضة؟
"جلنار فعلتها؟" أعدت انتباهي نحوهم عندما سمعت اسمي، وكان الجميع ينظر نحوي بتعجب واضطررت أن أنتظر من أحدهم قول شيء حتى أعلم فيما كانوا يتحدثون.
"هل حقًا وصلتِ لبوابة العلم منذ المرة الأولى؟" شكرت داخليًا سؤال أغدراسيل الذي أرشدني، وكإجابة رفعت كتفي "لقد صدمت عندما أخبرتني واندر لأول مرة، يا رجل! أتتذكر كم ظللت أدور في دوائر حتى وصلت للمكان؟" انفجر أغدراسيل ضحكًا بعد حديث جوزفين ممسكًا معدته.
"استمعي جلنار، ستعجبك هذه القصة كثيرًا". قال أغدراسيل ليتذمر جوزفين "توقف عن نشر هذا في كل مكان". عاد أغدراسيل للضحك ثم قال ما إن تمالك نفسه "عندما جئنا للمرة الأولى هنا أخبرتنا واندر أنه في مكان ما في المنزل توجد بوابة ضخمة تسمى بوابة العلم المغلقة لم يتمكن أحدهم من الوصول إليها بسهولة وخلفها الكثير من الأشياء الصادمة بلا بلا بلا...".
صمت قليلًا يحاول منع نفسه من الضحك "عزيزُنا العبقري هنا اشتعل داخله الحماس لإيجاد البوابة ومعرفة ما يوجد خلفها، وظل أسابيع يبحث ويدور حول نفسه وفي كل مرة يتفاخر قائلًا 'أنا أول من سيفتح بوابة العلم المغلقة' حتى وجد البوابة أخيرًا وعندما تقدم بكل فخر ليفتحها أنصدم من كونها مغلقة".
عقدت حاجبَي ونظرت لجوزفين "لمَ الصدمة؟ ألم تخبره واندر أنها مغلقة؟" أومأ أغدراسيل وما زال يحارب ضحكته "بالضبط، لكنه لم يفهمها بهذه الطريقة لقد ظن أن اسمها بوابة 'العلم المغلقة' لم يفكر أنها بالفعل ستكون مغلقة!" انفجر أغدراسيل ضحكًا أخيرًا.
اتسعت عيناي مدركة حماقته وعندما انفجر يوجين ضحكًا كان هذا بمثابة القشة الأخيرة لأنني بدأت في الضحك بقوة، تبًا، ظننت لوش أغبى الكائنات على وجه العالم، لدينا منافس جديد على اللقب.
عندما توقفت أخيرًا أدركت أن الجميع يحدق نحوي، الجميع حرفيًا، حتى أتريوس، مما جعلني أشعر كأني ارتكبت شيئًا شنيعًا.
عندما التفت لأوكتيفيان نظر بعيدًا لكن مع ابتسامة خفيفة على ثغرة، أما رومياس كان ينظر بعيدًا بأعين متسعة، أغدارسيل اكتفى بالنظر نحوي بتعجب، وعندما التفت لجوزفين كان حاجبيه مرتفعان وقال فورًا "أنا مختلف عن هؤلاء الحمقى، عندما أرى امرأة مع ضحكة فاتنة كخاصتك سيسعدني كثيرًا إخبارها بـ شكرًا لك، لقد جعلتني أشعر بالحياة بعد التواجد مع مجموعة أغبياء لا يجيدون سوى القتال".
لن أكذب وأقول أنني دحرجت عيني أو لم أبالي لأنني واللعنة تأثرت بهذا، ويمكنني الجزم أنني تحولت للون الأحمر خلال ثانية. لا يخبرني رجل كل يوم بأن ضحكتي فاتنة، ويشير أن رد فعلهم المرتبك كان بسبب ضحكتي! هذا دمر قلبي حرفيًا.
"لا تقعي لفخ زير النساء هذا". قالت واندر ليهز رأسه ويقول "دعكِ مني، انظري للمسكين رومياس، تحول وجهه للأحمر بالكامل، المسكين كان يعيش مع سبعة أخوة، من يلومه؟" لا إراديًا نظرت لرومياس الذي قفز من فوق كرسيه بسرعة "لا، لا تقل شيـ… شيئًا لا تقصده أيها…" توقف عندما نظر نحوي وتحول وجهه للأحمر بالكامل ليتمتم بـ "أحمق" ويخرج من المنزل.
واو! علي إعادة النظر حول شخصية الجميع هنا، عدا شخص واحد، بالطبع تعرفونه جميعًا، لنكف عن ذكر اسمه حتى لا أشعر بفقدان الشهية.
انقضى الوقت في الأحاديث التي كانت تتداخل بشكل لا إرادي بلا تنظيم أو مقدمات. شعرت بالكثير من التعجب، ككيف أنه يومي الثاني وأشعر بهذا الاستمتاع؟ علمت أن الأمر لن يدوم! نفسي المستنذرة بالخطر والتي أثق بها كثيرًا أخبرتني أن هذه هدنة فحسب، أنتِ لم تري شيئًا بعد.
وعوضًا عن نفسي القديمة التي كانت تعيش على الأرض والتي كانت ستنسحب من الوضع بهدوء وتحاول حماية نفسها من الخطر القادم، نفسي هذه على أرض الإلترانيوس حاولت الاستمتاع بكل لحظة على هذا الغداء الذي طال وكأن الجميع يماطل حتى لا تنتهي أحاديثنا التي كنت أشارك في بعضها حائزة على اهتمام الجميع إن كان موضوع نقاشي هو 'الأرض' وكل شيء يخص كوكبي. تخلى عنا أتريوس منذ نصف ساعة تاركًا المكان بصمت، لم يعلق أحدهم أو يمنعه سوى واندر.
عندما قررنا أخيرًا ترك المائدة كانت السماء على مشارف الظلام، كانت السماء أشبه بشاب تائه قرر فجأة أنه فنان وأمسك بلونين مناقضين لبعضهما وبدأ يلطخ لوحته تارة يقرر رسم نهر ثم يبدأ في رسم شعلة من النار وينتهي به الأمر وهو يضع بعض اللمسات على كوكب المريخ.
لست أفضل من قد يتغزل في جمال السماء، لكن عندما نظرت عبر النافذة كانت هذه الفكرة الأولى التي خطرت على بالي. حتى عندما أكون بعيدة كل البعد عن كوكب الأرض فإن السماء ما زالت تقدم عرضًا من الجمال على كل أرض وكون.
سمحت لنفسي بالشعور ببعض الاسترخاء وظللت أتأمل سماء إلترانيوس حتى أظلمت، وعندما فعلت! تمنيت لو أبقى وقتًا أطول لأن القمر كان يبدو أضعاف الحجم الذي اعتدت النظر إليه على كوكبي! كان ضخمًا واضحًا وجميلًا.
لو أنني أملك كوب من أي مشروب ساخن وفي يدي كتاب ما! لكانت أفضل أمسيات حياتي التي سأظل أرويها حتى مماتي.
حاولت المماطلة للبقاء، لكن يوجين أشعل حماسي مجددًا وهو يذكرني أنه بإمكاننا السهر اليوم في ساحة البوابة محاولين حل ذلك اللغز، وبالفعل تحركنا معًا إلى الطابق الثالث ومنها إلى البوابة تاركين الفرسان الذين قرروا إكمال بعض تدريباتهم في الغابة المحيطة بالمنزل.
طلبت من واندر بعض الأوراق وقلم إن كانوا يملكون واحدًا، وعندها أعطتني ما يشبه الكتاب الأسود، جميع أوراقه بيضاء، وقلما ذا رأس حديدي مدبب يشبه الريشة لحد ما وقالت إنه مليء بالحبر الأسود.
على عكس أشعة الشمس التي كانت تتسلل بخفة حريرية من خلال النوافذ الزجاجية تضيء المكان صباحًا، كانت الأربع ثريات المعلقات في سقف القاعة كافيات لإنارة المكان وجعل كل تفاصيله واضحة.
أربع ثريات كبيرة الحجم متدلية من كل زاوية من زوايا السقف، كانت ضخمة مكونة من طبقات بلورية متأنقة وكأنها جمعت نجوم السماء اللامعة.
أما في المنتصف ما زال ذلك العمود الفولاذي يقف شامخًا وفي نهايته كانت الست أذرع، ثلاثًا عاليات تتدلى من كل واحدة منها حلقة مفرغة، وثلاث أذرع منخفضات في نهايتها كرات معدنية ضخمة.
ضوء الثريات جعل السقف أكثر وضوحًا ومكنني من رؤية الرسوم المختلفة على السقف، رسوم لشخصيات مختلفة وتعبيرات مختلفة ولكنهم جميعًا يشبهون الملائكة بأجنحتهم البيضاء الضخمة وملابسهم ناصعة البياض.
لنصب جام تركيزنا على البوابة في الوقت الحالي.
"من أين نبدأ؟" سؤال يوجين خرج بحماس وفضول كبيرين، لذلك اتجهت ناحية البوابة التي كانت تتكون من بابين مغلقين ونص كُتِبَ بالعرض على كليهما، مررت أصابعي على الحروف البارزة قبل أن أقول ليوجين "فلنبدأ بما نعرفه".
*****************************************
اهلاااا
عارفة ان اغلبكم مستعد يشرشح في التعليقات تحت عشان التاخير بس غصب عني
الفصل 11 الف كلمه خد وقت وانا بقرأه وطلعت قدامي ظروف اليومين الي فاتوا اخروني جاااامد
الناس الي بتسأل بقرأ الروايه ليه تاني وانا بنزلها والمفروض مراجعها
لسببين:
زهايمر
جنون المثالية
غالبا كل ما اوصل واكتب فصول جديده بكون ناسية احداث وتفاصيل مهمة في الرواية فبرجع اقرأها بسرعة تاني من اول عشان اركز وافتكر لان في تفاصيل اتذكرت في الاول خالص محتاجلها توضيح قدام والاحداث ماشيه بوتيرة بتخلي لاااازم تتوضح الحاجات دي بعدين في وقت معين
ثانيًا حابه الفصل ينزل بيرفكتتت
طبعا الكمال لله وحده
بس تقريبا عندي جنون ارتيابي مع الروايه دي فمعلش
عمومًا كتعويض في هنزلكم فصلين ال 14 و 15
حاليًا الساعه 5 الفجر لكن هينزلوا كلهم الصبح ان شاء الله
ولو الوقت كفى معايا اراجع كمان فصل فهنزل معاهم ال 16 عشان انتوا تستاهلوا والله وكتعويض عشان اخلفت بمعادي
بالنسبه للفصل
منزل الفرسان يدوخ انا شخصيا دخت وقت ما كتبت الفصل
افتكر ان فكرة الابواب الي في السقف والي امكانها غريبه كانت بتجيلي لما بسرح في الفصل زمان واتخيل لو ان افتح باب الفصل الاقي نفسي بقع مش بطلع.
محدش يستغرب كنت مستعده افكر في كل حاجه عدى اني اركز في حصة احياء
كانت اياااام
دلوقتي معدتش بروح المحاضرات اصلا
المهممممممممممممممم
داخلين على لغزززز جديدددددد
اللهم صلي على سيدنا محمد بنتنا هترفع راسنا ان شاء الله
حد خد باله من ان اتريوس الوحيد الي مركز اوي مع علامه جلنار؟؟؟
اممممممممممممممممممم
امممممممممممممممممممممممممممممم
امممممممممممممممممممممممممممممممممممممم
-وضعية كونان-
بقول بس مش اكتر يمكن يكون رخم وفضولي مش اكتر
ويمكن لا !
الله اعلم
بدايه دخول جلنار الجو في الفصول دي وتعامل الفرسان معاها بكل رقة بيخليني اضحك اوي وانا بفتكر الفصول الي هتنزل بعدين
المهم مفيش كاتب اهبل بيحرق روايته قدي فيارب الاحداث تكون عجبتكم
الروايه واخده مني وقت حلو لدرجه اني اخر وحدة النهرده عرفت ان في قروب تبع مشروع الترم وانا اخر وحده داخله القروب الي معمول من الازل وطبعا خلصت عليا افكار المشاريع
فانا اخر وحده هتشحت افكار حرفيًا لان ممنوع نعمل برنامج شبه التاني
وشكرن عفون
وحسبي الله ونعم الوكيل والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر
انجويييييي
باي
أنا لم أقرأ الفصل بعد لكن أنا متأكدة أنه سيكون رائعا كالفصول السابقة
ردحذفحقا انت كاتبة رائعة ومبدعة وكان تعويضك سخيا
أحبك في الله ووفقك الله في مشروعك 💜💜
أخييرا!!! يومين وانا انتظر!!!!!!
ردحذفأزال المؤلف هذا التعليق.
ردحذف❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️
ردحذفالله الفصل يجنن وحمااس ما حسيت فيه وانا اقرأ 🔥🔥
ردحذفومفيش داعي تجبري نفسك اذا كان الفصل ياخذ من وقتك احنا راضيين 💗
يلحماسسس😭😭😭💕
ردحذفطبعاً متت من الضحك وانا اقرأ الفصل مليان تحشيش ، الله يسعدك يا اسراء مثل ما جاي تسعدينا ♥️😂
ردحذفاخخخيرا 💃🏻💃🏻💃🏻💃🏻😭
ردحذف🔥🔥❤️
ردحذف❤️❤️❤️🔥🔥
ردحذفIn love with your novel 💕
ردحذفالفصل بجد يجنن ومش عارفه كميه الحماس بجد ولا كأني اول مره أقرأه 😂❤️❤️
ردحذفوأخيرا طل علينا الفرج 😭😭🫂
ردحذفالفصل جميل وممتع بشكل موووش طبيعي وطبعا حبيبنا يوجين يخلي كل شيء ممتع أكثر متعة مع سماجته وشكرا عفوا
ردحذفيس حاليا وضعيه كونان اريد اقرا الروايه من جديد استلذ بقرائتها 💟💟💟
ردحذفحصل و انا بفتكر معامله الفرسان مع جلنار بعدين متت 🤭😂😂😭
ردحذفعمو دوستويفسكي فكرنى ب ارين 😂😂
ردحذفو اخيرا المكتبه و الغازها 😭😭😭
ردحذفبس كل اللي ابغى اعرفة ليش الرسم اللي كان في الكنيسة الدائرة اللي التف حوليها الدوائر الثانية كانت لونها ازرق و ليه كانوا حداشر دائرة مش عشرة بما ان الاريبوس منفيين ولو قولنا ان الدائرة البعيدة هي الاربوس كده يبقى الارض لسه بينها و بين الكواكب الثانية اتصال ما انقطع رغم ان اتقال ان الاتصال اتقطع، ابغى عن جد اعرف التفسير 😭
ردحذفعلامة جلنار ايش معناها و ليش ما حد اهتم غير اتريوس؟ ساعات كتير بتسائل هل هما الاثنين عندهم نفس العلامة لو لأ
ردحذفمش عارفة جاني فجأة احساس ان جلنار بتكتب حكايتها يعني كل اللي بنحضره هلأ ما هو اللي سرد لاحداث حصلت ليها في الماضي
ردحذفاللععبب الحماسس زمان عن الالغازز متحمسه مره للمكتبة او بوابة العلم هذيي
ردحذفانا نفس جلنار اشفقت على اتريوس الصدق وهو جالس لحاله وحيد حتى محد يبغى يكون معاه بنفس الطابق (رغم انه عاجبه الوضع) 🥲
بس ياخي لما تتذكر حركاته ما يمديك تشفق عليه 😭
يوجييينن يفووز باكثر واحد يضحكني بالروايه لللاببددد
سالفه جوزفين مع بوابة العلم المغلقة اههخخخ انكتمتتت يضحكك 😭😭😭😭
والله فخرييي بنتي جلنار كلهم منصدمين انها وصلت لبوابة العلم بسرعة بدون ما تضيع
ضحكتت على جوزفين والبوابه المغلقه ولما فضح رومياس هههههههههههههه
ردحذفمتحمسة ان جلنار تثبت قوتها ونفسها😭💖💖💖
ردحذفحمااااس باامعنى الحرفي 😭😭😭
ردحذفوخلصت قراءة الفصول ورجعت تانى اعيدها ... حرفيا مش عارفة اقرأ حاجة تانية
ردحذف