السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إفصاح: "اللهم اهدني واغنني بحلالك عن حرامك واغفر لي ذلتي وقبل توبتِ واكرمني بكرمك يا كريم".
إفصاح آخر "الحياة لا تدللنا ولا تقف في انتظار اوامرنا وأوهى رغباتنا.. هذا يحدث في المطاعم الفاخرة حيث يتم معاملتك كزبون، بينما الحياة لا تعتبرك زبونًا يجب ارضاؤه في كل الأوقات.. إن لم يرق لك المطعم يمكنك ان ترحل ولسوف يأتي غيرك فورًا". أحمد خالد توفيق
مساحة لذكر الله
****************************************
الفصل الربع والعشرون
سأحصل على رقم قياسي إن
ظللت أتثاءب كل دقيقة كما أفعل الآن. حاولت بشدة المحافظة على نفسي مستيقظة وقد
غسلت وجهي بالماء بالبارد عشرات المرات وفي كل مرة ألعن أتريوس.
ارتديت الشيء الوحيد الذي سيناسب التدريب، الشيء الوحيد الذي يمكنني ارتداءه براحة في الواقع! البنطال والقميص... علي زيارة مونيكا قريبًا.
وقعت عيني على جسده الجالس بكل راحة فوق كرسي قد وضعه هنا سابقًا بينما يتناول شيئا ما بكل استمتاع، لم أتناول الفطور حتى! إنه طاغية بكل المقاييس.
"لا أعرف لما قد يستغرق أحدهم كل هذا الوقت للتبديل والنزول" صاح قبل أن ينهي ما يأكله "ربما لأن هذا الشخص يتصرف بشكل طبيعي ويأخذ حمامًا قبل النزول" دحرج عينيه ونهض قائلًا "إذًا عليكِ أن تتعلمي كيف تأخذين حمامًا بشكل أسرع" كتفت ذراعي وأجبت "هذا أسرع ما يمكنني، الانتظار مشكلتك أنت".
لاحظت أنه أخذ نفسًا عميقًا كمحاولة للتحكم بنفسه قبل أن يلتفت ويسير نحوي ويقول "لنعقد اتفاقًا" حك ذقنه بينما ينظر نحوي قبل أن يردف "بما أنني عالق معكِ و..." قاطعته "هذه وجهة نظرك، ولكن الجميع يعلم أني الشخص العالق هنا" نفس عميق آخر وخطوة أخرى نحوي، ثم قال من بين أسنانه:
"هذا هو موضوع اتفاقنا، لا جدال، ستتوقفين تمامًا عن مجادلتي في كل شيء أقوله مهما كان" رفعت حاجبًا وقلت "رائع، سأسمعك تهينني وسأبتلع لساني!" فرقع بأصابعه قبل أن يقول "بالضبط!" لم أتمالك نفسي وقلت "تعلم أين تضع اتفاقك".
يبدو أنه لم يتوقع ردًا مشابهًا لأني لاحظت اتساعًا طفيفًا في عينيه وارتفاع كلَا حاجبيه قبل أن يقول "ما لعنتك؟" رفعت كتفي وقلت "أنت!" زفر بحدة وسأل من بين أسنانه "هل تملكين ردًا لكل كلمة أقولها؟" تظاهرت بالتفكير وأجبت "أمم، هذا يعتمد على كم الحقارة التي تتفوه بها... لحظة، كل ما تتفوه به هو حقارة، لذلك يتوجب علي الرد".
"هذا يكفي!" علا صوته لأحافظ على الملامح الباردة ذاتها "إن ظللتِ بهذه الوقاحة لن أمنع نفسي من تحطيمك، لذلك ركزي في تمرينك. نفذي ما أقول دون سؤال" اقترب عدة خطوات حتى أصبح يقف مقابلًا لي وأشار نحوي بسبابته وقال "ولا جدال".
تثاءبت بقوة وأشرت نحو وجهي وقلت "هذا دليل عن كم أن حديثك ممل" هو دليل عن رغبتي الشديدة في النوم أيضًا ولكن ما المانع من استفزازه؟ الأمر يصبح ممتعا.
"إذًا لنتوقف عن الحديث، عشر دورات حول المكان كله" انتظرت حتى يقول أنه يمزح أو شيء مماثل ولكنه سبقني بالفعل وبدأ في الهرولة. لم أستطع الممانعة، وإلا سأكون أنا المخطئة أمام الحكيمة؛ لذلك تحركت ألحق به وألعن حظي الذي أوقعني بين يديه.
انتصفت الشمس السماء وأصبح الجو أكثر حرارة، كنت ألهث حرفيًا بينما أكرر أن الباقي هو أربع دورات وسأنتهي، بالكاد يمكنني التنفس بينما اللعين يبدو مرتاحًا وقد أنهى الدورة الحادية عشر وقد بدأ الثانية عشر، وفي كل مرة يمر بجواري ويتعداني يجب أن يلقي كلمة ساخرة… ضعيفة،. هشة، لا تموتي جراء الهرولة، بطيئة ويمكنكم عد الكثير من هذا.
أنهيت السابعة وبدأت الثامنة لألتقي به مجددًا. أبطأ من سرعته حتى أصبح يجاورني وقال "إن ظللتِ على هذا المنوال ستُعدم المملكة كلها بينما لم تكملي العاشرة" لا تجيبي، الأمر أشبه بذبابة بجوار أذنك "أتريدين بعض الماء؟" اتسعت عيني ونظرت نحوه صائحة "حقًا!".
"لا، كنت أمزح"
أظن أن الشياطين قد تبدأ في أخذ حصص عند هذا الغبي، لم أجد المزحة مضحكة كما وجدها هو، في الواقع لم أجدها مزحة حتى!
أنهيت العشر دورات وألقيت بجسدي بينما أحاول التقاط أنفاسي بصعوبة، وقف عند رأسي قبل أن يحرك سوارًا ما بين يديه وقد أدار أحد خرزاته لتظهر صورة مجسمة لمؤقت غريب الشكل "وقت طويل لعشر دورات، أداؤك سيء جدًا".
لم أجد الطاقة لأرد أو أتواقح لذلك وفرت مجهودي في محاولة التنفس "حسنًا، على كل حال يجب أن نبدأ التدريب الآن" بقيت مكاني أحاول استيعاب ما قال "نبدأ؟ ما الذي كنت أفعله إذًا طيلة هذا الوقت؟" جلس على مشط قدمه وأخفض رأسه لينظر نحوي ويقول "تلك كانت التحمية، من الأحمق الذي يبدأ تدريبًا جديًا دون تسخين جسده؟" نهضت بسرعة لتصطدم رأسي برأسه بقوة ويتأوه كلانا.
"ما مشكلة الاندفاع لديكِ؟" صاح ولكن الاندفاع لم يكن ما يهم الآن "تحمية؟ ركضت حول هذا المكان عشر مرات وبالكاد أحافظ على أنفاسي وأنت فقط تقول تحمية؟" فرك رأسه قبل أن ينهض ويرفع كتفيه قائلًا "ليس مشكلتي أنكِ لستِ رياضية، والآن انهضي والحقي بي".
تركني مع فك يلامس الأرضية وأقسم أنني لمحت شبح ابتسامة على شفتيه، قطعت الحشائش على الأرضية بغيظ وأنا أشتمه بين أنفاسي.
عندما لحقت به وجدته يقف بجوار تمثالين كبيرين أحداهما بحجمه تقريبًا والآخر أصغر منه نوعًا ما، بينما كان يحرك يده حول الأرض التي كانت تتصاعد فوق بعضها وتتشكل مكونة تمثالا ثالثًا أصغر حجمًا و واحدًا رابعًا كان يصل حجمه لنصف حجمي أنا تقريبًا.
"ماذا؟ ستتفاخر بهبتك الآن؟" دحرج عينيه قبل أن يصفق بيده ويقول "هذا هو تدريبك، عليكِ رمي كل واحد من هذه التماثيل، الأكبر سترميه خمس مرات والذي يليه في الحجم سترميه عشر مرات، والثالث خمس عشرة مرة والصغير سترميه عشرين مرة".
لم أفهم المغزى أبدًا من هذا الحُمق ولكنني اتجهت للصغير ودفعته بقدمي ليقع أرضًا. "هل تمزحين معي؟" نظرت نحوه وقلت "ماذا؟ ألم تقل أن ألقيه؟" أغمض عينيه ودلك ما بين حاجبيه بنفاد صبر قبل أن يتحرك ويتجه نحوي ويقول "ستحملينه على ظهرك وترميه من فوق كتفك بهذه الطريقة" حمل الأكبر بكل بساطة وألقاه من فوق كتفه قبل أن يمسك به ويعيده مكانه.
"ابدئي" أمر مشيرًا على التماثيل، بدلت نظري بينه وبين التماثيل وفتحت فمي لأعترض ولكنه أشار بيده لأصمت وقال "حاولي الاعتراض، أريد منكِ أن تعترضي حتى تصبحي تحت رحمة تلك العجوز وأتخلص منكِ كليًا".
نظرت نحوه بغيظ وعضضت شفتي في محاولة لمنع نفسي من شتمه. اتجهت لأصغر تمثال فيهم وانحنيت أحمله فوق ظهري وألقيه من فوق كتفي، لم يكن خفيفًا كما توقعت، كان ثقله يساوي عشرة كيلو جرامات أو ربما أكثر، ولكن لم يكن صعبًا جدًا في حمله، سأنهي العشرين بسهولة، أو هكذا ظننت…
وصلت للتاسعة وشعرت بظهري قد انقسم لنصفين، وفي كل مرة أنظر للثلاث تماثيل الأخرى أشعر بالإرهاق يزداد. أتريوس عاد للمنزل وجلب مشروب ما لنفسه ليغيظني لا أكثر، يمتلك عقل طفل في العاشرة.
ظل يتمتع برؤيتي أتعذب حتى أنهيت العشرين مرة، وعندما حاولت الاستلقاء على الأرضية شعرت بظهري يتحطم، حتى أني سمعت طقطقة عظامي.
ألقى نحوي علبة معدنية باردة وقال "لا أريد أن أتورط في دفن جثتك لاحقًا" نظرت للعلبة والتي من الواضح أنها لمشروب ما ولكن لم أكتشف طريقة لفتحها. كنت أموت عطشًا وظللت أقلبها بين يدي لعلي أجد غطاء ما، ولكن لا فائدة.
نظرت نحو أتريوس بطرف عيني بينما هو فوق الكرسي غير مبالٍ، إن طلبت مساعدته غالبًا سيرفض، صحيح؟ سيقوم بإذلالي حتى يفتحها هذا مؤكد. "لم أسممها، يمكنكِ شربها" قال فجأة مما جعلني أومئ بصمت، لا أعرف كيف أفتحها حتى.
ظللت أنظر نحوه وأحاول اكتشاف طريقة ما حتى أشربها ولكن لا فائدة "إن كنتِ لا تريدين يمكـ..." قاطعته وأنا أمد العلبة نحوه وأنظر بعيدًا وقلت "لا أعرف كيف أفتحها" إلى اللقاء أيها الكبرياء.
ظللت مدة مادةً يدي دون أن يأخذ العلبة مني؛ لذلك قررت أن أتوقف عن إذلال نفسي وأضع العلبة بعيدًا لكنه سحب العلبة لأنظر نحوه، كان يحاول تخبئة ابتسامته والتي كانت تتحول لضحكة، أمسك بطرف العلبة وأدارها قبل أن يضغطها للأسفل لينفتح جزء على طرف العلبة يمكنني الشرب منه.
لاحظت أنه يحاول ألا يضحك؛ مما أغاظني "مـ… ما المضحك؟ أشيائكم غريبة، ليس ذنبـ…" قررت الصمت لأن محاولاته في منع ضحكه تزداد كلما تحدثت وأخذت العلبة منه بصمت وشربتها كلها غير مبالية بأن أعرف ما أشربه حتى.
عندما أنهيتها نهض وقال "استرحتِ بما فيه، الكفاية هيا" كدت أعترض ولكني أغلقت فمي ونهضت بصمت للتمثال الآخر.
كان أثقل من سابقه، الضعف ربما! كان حمله ورميه ثلاث مرات كافيا بجعلي ألهث من التعب، ولكن أتريوس لم يبالي، كل ما يهمه هو إنهاء ما أمر به، استطعت سماع أصوات الجميع العالية من هنا وشيئا فشيئا بدأت رائحة الفطور تصل لأنفي، كدت أبكي لحالي المثير للشفقة.
ربما إن كنت لطيفة معه سيسمح لي بتناول الفطور، الجميع مهما كان يمكنه أن يكون مراعيا قليلًا، صحيح؟ رائحة اللحم الشبيهة باللحم المقدد رائعة. "أتريوس" توقفت وناديت باسمه ولكنه لم يرد "ألا تشعر بالتعب؟ لمَ لا تتناول الفطور؟ يمكنني إكمال التدريب بعد الفطور، لن أكون ثقلًا لهذا الحد".
نظر نحوي أخيرًا مع حاجبٍ مرفوع وقال "لست جائعًا" أجبت بتذمر "ولكني جائعة" رفع كتفيه وقال "هذه مشكلتك" أخذت نفسًا قبل أن أصرخ في وجهه بلعين وأعود لأكمل ما أفعله.
عندما وصلت للمرة التاسعة خرجت واندر من المنزل متجهة نحونا. "الفطور جاهز" قالت وهي تشير للمنزل "لسنا جائعين" اتسعت عيني ونظرت نحوه قبل أن أنظر لواندر بترجي وأحرك رأسي للجانبين "لكن يبدو أن جلنار كذلك!" نظر كلانا لأتريوس الذي نظر نحوي وفكر قليلًا مما أعطني أملًا.
"بعد تفكير... حسنًا"
اتسعت ابتسامتي وكدت أصرخ بسعادة
"سأتناول الفطور معكم بينما ستكمل جلنار تدريبها، أراكِ بعد الفطور"
نظر كلانا نحوه بصدمة بينما يتحرك متجهًا للمنزل بكل أريحية؛ مما جعلني أصرخ بغيظ "لست جائعة ولا أريد فطورًا! أتمنى أن تتسمم بفطورك!" نظرت نحوي واندر بشفقة قبل أن تربت على كتفي وتقول "لا يمكنني قول شيء وقد عينته الحكيمة مسئولًا عنكِ، ولكن سأحاول مع ذلك الأحمق".
وبهذا قد تُركت وحدي مع أربعة تماثيل أُعاني تحت حرارة الشمس وذلك الشبح الأحمق تحول لمحب للنوم الآن. بالحديث عن الشبح الأحمق لمحت يوجين وهو يخرج من المنزل يعبر من خلال الباب متجهًا نحوي، أرسلت نظرة ساخطة نحوه ليرفع كلتَي يديه يقول "ماذا؟ لن أقطع ساعات من الهدوء لرؤية صاحب الفأسين يستمتع بتعذيبك".
لمَ تحول الجميع لأنذال اليوم؟
"ما هذا؟" سأل وهو يحوم حول التماثيل لأحمل الذي بين يدي وألقيه للمرة العاشرة "تدريبي" أجبت باختصار ليرفع حاجبًا وينظر نحوي بينما أعاني لرفعة للمرة الحادية عشر ورميه "تدريبك هو رمي التماثيل؟" ضحكت بسخرية وأنا أرميه مجددًا وأقول "لا، تدريبي هو كيفية كسر ظهري".
أنهيت الخمس عشرة مرة وشعرت بأني أنقسم لنصفين بالفعل، لقد مللت حقًا. قال يوجين "لم أفهم المغزى" دلكت كتفي وأنا أتأوه بألم "أنا التي أتدرب ولم أفهم المغزى أيضا، الركض حول المكان عشر مرات للتحمية والآن رمي هذه التماثيل الثقيلة حتى تتفتت عظام كتفي. هناك مغزى واحد وهو كيف نعذب جلنار".
أومأ عن اقتناع وتمتم "يبدو أن هذا هو المغزى الوحيد مما تفعلينه" نظر نحوي مجددًا وقال "لمَ لا تتناولين الفطور معهم؟ يبدو لذيذًا" قضمت شفتي بغيظ وأجبت باقتضاب "لست جائعة".
صوت معدتي الذي تلي تصريحي صرخ بكاذبة لينفجر يوجين ضحكًا "لمَ لا تعود للنوم وحسب؟" صحت به لتزداد ضحكاته.
حاولت مجددًا بكل ما أملك من قوه ليرتفع سنتيمترا واحدا عن الأرض ويعود لمكانه مجددًا، عندما مللت المحاولة جلست أسند ظهري للتمثال وأحدق في الأرضية بيأس.
"هل هو ثقيل لهذا الحد؟" أومأت ليوجين دون حديث، بالكاد أوفر مجهودي لتقبل تعذيب الأحمق الآخر "جلنار، كيف تُبلين؟" صوت أنثوي جعلني أرفع رأسي وأنظر لصاحبة الشعر الأصهب الممسكة بكأس لمشروب ما… إنه الظهر تقريبًا، من يشرب الآن؟
قطعت بعض الحشائش بملل وقلت "أموت ربما!" انحنت وجلست بجواري وقالت "لم يقل أحد أن الأمر سيكون سهلا" تنهدت دون رد. مدت نحوي كأس المشروب لأحرك رأسي للجانبين.
"تعلمين؟ عليكِ أن تكوني أكثر حذرا" نظرت نحوها بتعجب لتقول "الجميع لاحظ ما حدث بينك وبين الحكيمة عندما جاءت" عقدت حاجبي أحاول تذكر ما تقصد "تعلمين، كانت تتحدث عن شخص أو شيء ما وأنتِ بدوتِ هجومية بشكل سيء، سمعت الفتيان يتحدثون عن ذلك صباحًا. تعلمين أنهم أغبياء ولكن كان الأمر واضحًا نوعًا ما".
اتسعت عيني لوهلة وأرسلت نظرة ناحية يوجين الذي حبس أنفاسه "وماذا قالوا؟" رفعت كتفيها وأجابت "الجميع يظن أنكِ تُخفين شيئا ما ولكنهم لا يظنون أنه بالأمر الكبير، أعني… يظنون أنه شيء حدث على الأرض ولكن لم يفهم أحدهم لما بدوتِ شرسة أمام الحكيمة. قلت لهم أن لا شيء كبير يحدث الأمر، متعلق بغموض الألغاز ربما ولن نفهم منه شيء وبدوا مقتنعين بذلك. لا تقلقي، لن أدعهم يشكون بشيء".
نظرت نحوها وقلت "لمَ؟ أعني ماذا تظنين أنتِ؟" اتسعت ابتسامة خبيثة على ثغرها والتفت نحوي بكامل جسدها وقالت "أظن الكثير، جلنار! أعلم أنكِ تخفين شيـ… لا، تُخفين الكثير من الأشياء، وأعلم أنكِ لستِ بذلك الضعف الذي يبدو عليكِ، وأعلم أن ما تخفينه أعظم مما تظهرينه. أنتِ مميزة ويمكنني رؤية ذلك من النظرة الأولى، ومهما أنكر هؤلاء الحمقى ذلك إلا أنهم يعلمون الأمر كعلمهم بكفوف أيديهم، إن قمت بوصفك سيكون صندوق المفاجآت هو الوصف الأنسب. لا تقلقي، لست ذلك النوع الفضولي، أعني… أجل، أنا فضولية، ولكن بعض الأسرار من الأفضل تركها حتى تُكشف وحدها. لن أضايقكِ، فجميعنا يملك سرًا على الأقل".
"هذه المرأة ذكية" قال يوجين بصدمة وكدت أومئ لولا وجودها بجواري "أنا لـ…" كدت أنكر ولكنها هزت رأسها قائلة "لا تحاولي الإنكار، صدقيني لا يهم ما تخفين بالنسبة لي، المهم أن هناك أنثى غيري في هذا الفريق، إلهي، سعيدة بوجودك حقًا. من يصدق أنكِ ابنة التوبازيوس يمكنكِ قطع رأسي في ثانية؟".
اتسعت عيني وأشرت بيدي بسرعة نافية، لمَ أفكارها عشوائية هكذا؟ "لن أقطع شيئا، لا يمكنني حمل هذا حتى" قلت وأنا أضرب التمثال خلفي لتنظر نحوه قبل أن تنهض وتقول "أتريوس حقًا لا يمزح".
سحبت يدي لتجبرني على الوقوف وتقول "الفتيات يدعمن بعضهن، أليس كذلك؟" قالت وهي تضرب كتفي قبل أن تحرك يدها اليمنى في الهواء بحركة سلسلة وتقول:
"فوشربينت"
أضاءت يدها بضوء أبيض قبل أن يضرب التمثال بسرعة، نظرت نحوي مبتسمة وقالت "الآن يمكنكِ حمله" لم أفهم ما حدث ولكنها دفعتني لأحاول حمل التمثال، وعندما فعلت كان أخف من أصغر تمثال فيهم، اتسعت عيني بصدمة لتنفخ على خصلة من شعرها بفخر وتقول:
"تعويذة فوشربينت الأفضل في جعل الأشياء بلا وزن، لنتضامن ضد ذلك الوغد" قالت ممسكة بيدي بقوة.
"ذلك الوغد يكون أنا كما أرى"
صرخت كل واحدة منا ممسكة بالأخرى عندما باغتنا صوت أتريوس من خلف ظهر ثونار، كان يقف ممسكًا بأحد فأسيه رافعًا أحد حاجبيه تجاه ثونار التي ابتلعت وقالت بسرعة "أتريوس صديقي، لقد كنا نتحدث عن كم أنك أفضل مدرب على الإطلاق، أتمنى حقًا لو كنت مكان جلنار، أريد إمضاء بعض الوقت معكما ولكن كما تعلمان، التدريب يشمل الجميع".
انطلقت بسرعة متجاوزة أتريوس ولكنه أمسك بقلنسوة عباءتها الزرقاء وسحبها لتقف أمامه وأمر "ألغي التعويذة" أغمضت عيني بيأس وأسندت رأسي على التمثال بلا أمل "أي تعويذة؟" تظاهرت بالجهل ليرمي فأسه ويلتقطه مجددًا موجهًا نظرات التهديد نحوها.
على الفور رفعت يدها وقالت "ڤاريسربينت" وابتسمت باصطناع وقالت "كما تريد أيها الأمير" تركها لتهرول بعيدًا وتشير لي قبل أن تصنع قرون بأصابعها فوق رأسها وتشير نحو أتريوس لأكتم ضحكي بقوة، ولكن الفأس الذي ستقر بجانب قدمها جعلها تركض للمنزل. هذه الفتاة كارثة بالفعل.
"إن كان لديكِ وقت للمزاح ربما عليكِ استعماله في إنهاء تدريبك" دحرجت عيني وقلت "لقد أنهيت اثنين وبقي اثنين واللذين بالمناسبة من المستحيل لي أن أحملهما".
"لا يوجد شيء يسمى بمستحيل"
ضحكت بسخرية "هذا النوع من الجمل هو بحد عينه كذبة نقولها لتشجيع أنفسنا ولكن المستحيلات موجودة، أن يستيقظ الأموات مستحيل وأن أنفث النار من فمي مستحيل وأن تتحول أنت لشخص جيد مستحيل وأن أحمل خمسين كيلوجرام فوق ظهري مستحيل، أنا بالكاد أزن خمسين جرامًا! كما أني لا أفهم، ما الذي قد يفيدني في هذا؟".
تحرك نحوي وسحب ذراعي وتحرك باتجاه التمثال ثم قال "أنتِ سيئة جدًا في حمل الأوزان، لن تتمكني من حمل سيف يزن وزن ذراعكِ، أنتِ أسوأ من السيء في استعمال عقلك كدفاع، القوة ليست كل شيء بالمناسبة، وأخيرًا جسدك لا يمكنه التحمل؛ لذلك أي ضغط بسيط على جسدك قد يقتلك، أتمنى أن يكون عقلك قد استوعب كل شيء".
لم أستطع الرد في الواقع! أعني أنه محق فيما قال، دفعني ليصبح التمثال خلفي وأمسك بذراعي وثبت كلتيهما حول التمثال وقال " لا تستخدمي قوة يديك لحمل شيء ما على ظهرك، اجعلي قدمك اليمنى مستقيمة" قال ودفع ركبتي بقدمه لتستقيم "اثني اليسرى وحملي عليها بعض الثقل" قال وهو يثني ركبتي بكعب قدمه.
التفت حول كل مني أنا والتمثال حتى توقف خلفنا وقال "لا ترفعي ولكن أميلي التمثال على كتفكِ الأيمن" نفذت ما قال ليردف "حملي ثقل التمثال من الأسفل بقدمك اليسرى المثنية وارفعيه وثبتيه على كتفك ثم القيه".
لا أريد الاعتراف بها، لكنها نجحت! استطعت رمي التمثال من فوق كتفي ولم يكن الأمر مؤلمًا كما توقعت، وحينها فقط أدركت ما قام بفعله.
"كل ما عليكِ هو أن تقومي بــ..." قاطعته وأنا أقول "أن أقوم بتوزيع ثقل التمثال على أكثر من عضو في جسدي عوضًا عن تحميله على يدي وظهري فقط، من قال أن الفيزياء لا فائدة منها؟".
ارتفع حاجبه لوهلة ورأيت ابتسامة جانبية اختفت بسرعة قبل أن يقول "كان عليكِ استعمال عقلكِ من البداية عوضًا عن إجهاد جسدك" نظرت نحوه بغيظ وقلت "كان عليكِ تنبيهي من البداية أيها اللئيم" نقر رأسي وهو يدفعني بأصبعه وقال "وكيف يصبح تدريبًا إن كنت أخبركِ بكل شيء دون أن تكتشفي بنفسك؟".
محق مجددًا، نقطتان لأتريوس ولا شيء لي.
ما تلى ذلك كان سهلًا، ليس سهلًا جدًا فقد كان مؤلمًا ويتطلب جهدًا، ولكنه كان أفضل بكثير مما تخيلت، تمكنت من حمل تمثال يزن ضعفي وزني وإلقائه خمس مرات بفضل إرشادات أتريوس، رغم ذلك كان الألم في ظهري ورقبتي قويًا كلما حاولت تحريكها.
كان الأحمق رحيمًا عندما أنهيت التدريب وسمح لي باستراحة على أن أعود مجددًا هنا بعد غروب الشمس بما أنه يحتاج للتدرب أيضًا.
ألقيت بجسدي المهلك على الأريكة قبل أن تُحضر لي واندر طبقا من اللحم المحمص وعصير أصفر اللون، لم أعد أسأل عما آكل أو أشرب، إن كان طعمه لذيذ فهو جيد.
"لقد أنهيتِ تدريبك؟" التفت لأوكتيفيان الذي دخل من الباب الأمامي لأومئ برأسي وأقول بفم مملوء بالطعام "تقريبًا، استراحة ثم سأعود للعذاب مجددًا" ربت على كتفي وقال "لا بأس أيتها المسكينة، سيصبح عذابكِ معتادًا" نظرت نحوه بحاجب مرفوع ليقول "ماذا؟ الحقيقة مرة كمرارة البيتافين".
"لا أعلم ما هو البيتافين ولكن هل أنت بخير؟" التف حول نفسه وقال "بأفضل حال" نظرت نحوه بصمت، هناك شيء ما غريب به… "لمَ أنتِ متفاجئة أيتها القائدة؟ تعلمين أننا جميعًا تحت خدمتك" هنا كنت أختنق بالطعام، ماذا حدث لأوكتيفيان؟
"هل سقطت على رأسك؟" سألت بشك ليحيط كتفي ويقول "أعتذر، ولكن جمالك أسر عقلي" وأنهى جملته بقبلة على خدي جعلتني أنتفض واقفة وأبتعد عنه مسافة آمنة. "ما الذي يحدث لك؟" صحت ليضحك وتلك كانت المرة الأولى التي أراه يضحك بها بهذه الطريقة ويقول وهو يخرج من المكان "إنه يوم جميل".
عاد المكان لصمته وظللت واقفة مكاني بصدمة مما حدث، ماذا يحدث للرجل المسكين؟ هل تلقى ضربة على رأسه؟
"هذا الشخص مصاب بانفصام الشخصية، هذا هو التفسير الوحيد" قال يوجين ما إن خرج من ذهوله ولم أستطع الرد حتى من الذهول.
دخل أتريوس وهو يلهث بتعب قبل أن ينظر نحوي ويقول "ما خطبك؟" نظرت نحو الباب ثم نحوه وقلت "أوكتيفيان يعاني من خطب ما في عقله" أومأ وقال "إنه دومًا ما يعاني من خطب ما في عقله يا قائدة".
"لا، ليس كذلك، أنــ... لحظة، بماذا ناديتني؟" رفع كتفه وقال "قائدة! ألستِ قائدة الفريق؟" ماذا يحدث؟ بدأت أشعر بالفزع "نعم و… ولـ… ولكن أنت لم..." قاطعني وهو يتجه نحوي "ما الخطب؟ تعلمين؟ أشعر أحيانًا بأني قاسٍ عليكِ أنتِ لا تستحقين كم الحقارة الذي أدفعه نحوك؛ لذلك لمَ لا نكون أصدقاء؟" قال وهو يمد يده نحوي.
"هل يتعاطى الجميع الهيروين؟" قال يوجين بصدمة ولم أستطع إبعاد عيني عن أتريوس.
نظرت نحو يده ثم لوجهه بفزع "حسنًا، سأعترف. الحقيقة أني أغير منكِ وربما معجب بك لذلك فعلت كل ما فعلت".
"هل هذه نهاية العالم؟ قولوا بصراحة، سنموت جميعًا الآن، أليس كذلك؟ أعني أنا ميت ولكن ستصبحون جميعًا مثلي؟" صاح يوجين بينما أكاد أُجن.
سألقي بنفسي من فوق منحدر ما وأموت في سلام لأن هذا ليس أتريوس "ما لعنتك بحق الله؟" صرخت بوجهه وأنا أضع كرسيا بيننا.
"كل ما في الأمر أ..."
"أين واندر؟"
قاطع حديث أتريوس الواقف أمامي أتريوس الذي دخل من الباب الخلفي بجواره أوكتيفيان!!
لحظة…
هناك اثنان أتريوس!
أوكتيفيان دخل من الباب الخلفي بينما خرج قبل ثوانٍ من الأمامي...
ثوانٍ ظل كل شخص فيها يحدق بالآخر قبل أن يقول يوجين "أهذه هي اللحظة التي سنكتشف أن هناك أخ توأم ضائع لأتريوس وسيحتضن كلاهما الآخر؟".
بدأ أتريوس الذي أمامي ينسحب ببطء "أظن أنني سأذهب" تمتم بصوت منخفض ولكن الفأس التي حطت بجوار رأسه عالقة في الجدار منعته من الحركة "حسنًا، ربما لن يحتضن أخاه التوأم، ربما سيقتله" علق يوجين الذي يبدو أنه بدأ يستمتع.
"ماذا يحدث بحق الله؟" صحت بهم لينظر أتريوس الواقف بجوار أوكتيفيان للآخر ببرود وهو يتقدم نحوه، نظرت للآخر الذي كان هناك شيئا غريبا يحدث له، شيء سيء ربما، العينان الزجاجيتان تحولتا لأخرتين رماديتين، والشعر ذو الجذور البنية تحول إلى أشقر قصير يصل لبداية الرقبة، الطول بدأ يقل وملامح الوجه الحادة كانت تتبدل لأخرى، وجه ذو ذقن بارز وعظام خدين، حتى الملابس كانت تتحول لأخرى.
إنه جوزفين!
"شقيق أتريوس التوأم هو جوزفين، نهاية دراما صادمة" فليسكت أحدكم يوجين.
كانت عيناي متسعة بصدمة دون أن أنطق بشيء بينما أتريوس تقدم ليقف أمامه ويسحب فأسه ويقترب منه لدرجة غير مريحة ويقول بحدة "هل قلت من قبل أني لا أحب حس الفكاهة؟ لأني لا أحبه" أراهن على أن هذا صحيح "لا شيء جديد، كلنا نعلم أنك عدو الفكاهة" نظرت ليوجين ليصمت ولكنه لا ينظر نحوي حتى.
"ذلك يعني أن أوكتيفيان قبل قليل كان أنت؟" تمتمت بصوت مسموع لينظر نحوي بصدمة ويحول عينيه ناحية أوكتيفيان الذي أغمض عينيه بنفاد صبر وحرك يده لتشتعل بالنيران "أتريد أن تشتم رائحة جسدك يحترق؟" لم يكن سؤالًا افتراضيا بالمرة.
"كنت فقط أحاول إخبار جلنار بما يميـ… أنا آسف" تمتم في النهاية وبالكاد يمكنني رؤيته بسبب قامة أتريوس، ولكن يمكنني المراهنة على أن نظرة أتريوس وحدها كفيلة بإرعابه.
تنهد أوكتيفيان وتمتم "عليك التوقف عن هذه الألاعيب جديًا" ابتعد عنه أتريوس أخيرًا قبل أن يتحرك نحو المطبخ باحثًا عن واندر. "لم يفعل شيئا سيئا بشكلي، صحيح؟" نظرت لأوكتيفيان ثم لجوزفين الذي حرك رأسه للجانبين بـ لا "لا، لم يفعل شيئا سيئا جدًا، لقد قلدك جيدًا" قلت الكلمة من بين أسناني وأنا أُلقي نظرة نحوه.
ابتعد أوكتيفيان متجهًا للأعلى، ألقيت أول ما وقعت يدي عليه نحوه ليتأوه بألم "أيها الأحمق لقد أصبتني بنوبة قلبية، كنت على حافة الجنون بسببك!" انفجر ضحكًا حتى دمعت عينيه "لقد كان شكل وجهكِ هو أفضل شيء رأيته خلال قيامي بهذه الخدعة وللأبد".
نظرت نحوه بغيظ ولكن لم أستطع كبت حماسي، قفزت من فوق الكرسي نحوه وقلت "يمكنك التحول لتشبه الآخرين! هذا رائع" أومأ بفخر وقال "هذا ما يميز شعبنا، من الصعب أن تفرق بين الشخصية الأصلية وشخصيتنا عندما نأخذ شكل شخص ما، لذلك نسمى بأصحاب المائة وجه".
"هذا مذهل! يمكنني إقامة حرب عالمية ثالثة إن كنت أملك قوى مذهلة كخاصتك" بدى سعيدًا بالمديح لذلك ربت على كتفه بقوة وقلت بتهديد "إن استعملتها للمزاح بهذه الطريقة مجددًا سأترك أوكتيفيان يشعل رأسك" كتم ضحكته وأومأ برأسه.
"بالمناسبة أين تتدربون؟" سألت ليشير ناحية الباب الخلفي ويقول "خلف المنزل بجوار ساحة القتال التي رأيتها من قبل، أتريدين المجيء؟".
"أريد التحدث مع رومياس"
"رومياس؟"
أومأت دون تفسير ليرفع كتفيه ويشير لي لأتبعه.
كلما اقتربنا من المكان كانت الأصوات تصبح أكثر وأعلى، وعندما وصلنا كان الجميع هنا. عاد أوكتيفيان وأتريوس اللذان عادا للمنزل من دقائق، وذلك الطفل المستفز أرتيانو لم يكن بينهم.
لاحظت زوندي الذي كان يبذل مجهودًا في القتال بالسيف مع فتاة ذات شعر بلون القهوة ومظفر من بداية رأسها لآخر ظهرها، أظن أنها كانت تدعى لوريتا والتي كانت بالمناسبة ماهرة في استعمال السيف والحركة بسهولة، بينما تينر جام كان يجلس فوق شجرة قريبة من الغابة وفي كل مرة يصفر يفقد تركيزه بسبب أصوات البقية ربما فيعاود المحاولة.
لافيان كان يقف مع ذلك القزم الذي رأيته من قبل داخل الغرفة وحولهم الكثير من الأغراض المتطايرة، ابتسمت لرؤية هارليك يتدرب بحماس مع سيّف.
أغدراسيل كان مع هاميدال كالعادة، ورومياس كان منغمسا في قتال بالأيدي مع فتاة ذات شعر أشقر وحجم صغير ولكنها كانت تفوز كما أرى.
لم أرَ ثونار بينهم لذلك التفت لأسأل جوزفين ولكن صوت الانفجار الضخم بين أشجار الغابة جذب انتباهي "ستقتلان بعضهما" تمتم جوزفين وهو ينظر للدخان المتصاعد وبينه كان هناك جسمان يحلقان! أدركت أنها ثونار وتلك الساحرة فيدر.
"ألا يجب علينا إيقافـ..." صوت البرق الذي ضرب المكان ذاته أفزعني وقاطعني "أو ربما علينا تركهما" تمتمت وتحركت ناحية رومياس.
ناديت رومياس بصوت عالٍ ولكنه بدا منغمسًا في القتال "ماذا تفعلين؟" التفت حيث يوجين لأهمس "ماذا؟ سأحاول مساعدته، لمَ تظن أننا دخلنا ذلك الكتاب؟" رفع كتفيه وقال "لأنه ممتع؟" نظرت نحوه دون رد.
"جلنار!" التفت حيث رومياس الذي توقف عن القتال أخيرًا بينما يأخذ أنفاسه بصعوبة، ابتسمت وتقدمت ناحيته "بدوت مندمجًا في قتالك" ابتسم بخفة وقال "جميعنا نحاول".
"إلهي، أنتِ ابنة التوبازيوس" نظرت للفتاة ذات الشعر الأشقر التي كانت تدرب رومياس قبل قليل، عين بندقية وشعر مرفوع للأعلى وملامح حادة مع فك بارز وقامة قصيرة.
"أنا دوريث سكارليت، ناديني سكارلت، مدربة رومياس. إنه لشرف لي أن أقابلكِ، سيدتي. لقد سمعت الحكيمة تتحدث عنكِ، أنتِ حقًا مذهلة، أعني أنا أتحدث مع شيء أشبه بالأساطير. أعتذر عن كل معتقداتي الخاطئة عن البشر سابقًا، أنا فخورة بوقوفي بجوارك"
أنهت حديثها وهي تضرب صدرها الأيسر بقبضة يدها اليمنى ويدها اليسرى خلف ظهرها مع انحناءة بسيطة برأسها.
ظللت أحدق بذهول قبل أن أنظر لرومياس الذي ابتسم وقلد حركتها قبل قليل وقال "أنتِ القائدة" ظللت كالسمكة أفتح فمي وأغلقه مرارًا وتكرارًا قبل أن آخذ نفسًا وأقول "تعلمين؟ يمكنكِ مناداتي فقط بجلنار، لا بأس معي".
"من يرفض هذا الكم من الاحترام والتقدير بحق الله؟ شخصية معقدة" كدت ألقي نظرة ناحية يوجين ولكن سيكون الأمر واضحًا جدًا.
"كيف يمكنني فعل شيء كهذا؟ فليقطع لساني قبلها" حركت رأسي بسرعة وقلت "الجميع معتاد على ذلك، لا تقلقي، أشعر براحة أكبر هكذا".
أومأت برأسها مع ابتسامة كبيرة وقالت "حسنا، سيدة جلنار. كما تريدين".
"بدون سـ… سـ… أتعلمين؟ انسي الأمر" الأمر غير مريح بالمرة في الواقع.
"لا أريد مقاطعة تدريبكم ولكن أظننى اكتشفت شيئا قد يساعدك" قلت مشيرة لرومياس الذي ارتفع حاجباه بدهشة وأشار على نفسه كتأكيد لأومئ برأسي.
"مساعدته؟"
نظرت لسكارلت وفسرت "تعلمين، حالة رومياس ومستذئبه مميزة عن البقية؛ لذلك كنت أبحث عن حل لحالته حتى لا يفقد وعيه كلما تحول لهيئة المستذئب".
"أولًا؛ لست مميزًا، أنا طفرة ما، لذلك الأمر مختلف هنا، لا يوجد حل"
صفعت سكارليت كتفه بقوة ليتأوه وتقول بحدة "ما زلت تتفوه بهراء إخوتك ذاك؟ انظر، حتى ابنة التوبا... أعني السيدة جلنار رأت أنك مميز، لابد أنها أكثر معرفة منك أو أنها ترى شيئا لا تراه أنت، أعلم جيدًا ما تقصده السيدة جلنار" نظرت نحوي بترجي وقالت "أرجوكِ، حاولي إقناع هذا الأحمق، لا يوجد في عالمنا شخص مثله وهذا يجعله مميز، بل الأقوى. إنه يمتلك ذئبًا مختلفا وهذا رائع" أحببت هذه الفتاة.
"أنتِ مستذئبة؟"
نظر نحوي يوجين بسخرية وقال "ماذا تظنين؟ من سيدرب مستذئب إن لم يكن مستذئبا مثله؟" ألا يمكنني تبديله بشبح آخر؟
"نعم، درست في أكاديمية أولبابوس وتخرجت مع مرتبة شرف، لذلك أنا من ضمن العاملين داخل القصر الملكي" قالت بفخر ليدحرج رومياس عينيه ويقول "لا تكوني فخورة لهذا الحد، تلك الأكاديمية أشبه بمقرٍ للوحوش" رمقته بنظرة مخيفة ليشير عليها ويقول "رأيتِ!؟".
ضحكت على أفعالهما وقلت "يبدو أنكما تعرفان بعضكما جيدًا!" أومأت الفتاة وقالت "ليس كثيرًا، ولكني مدربته منذ أصبح فارسًا" نظرت لرومياس بجدية وقلت "عليك التوقف عن معاملة ذئبك وكأنه شيء لا عقل ولا روح له، توقف عن معاملته وكأنه هيئة ما لأنه أكثر من ذلك بكثير" كاد يقول شيئا ما ولكنه عقد حاجبيه لوهلة قبل أن يدحرج عينيه "ماذا؟" سألت ليقول "لا شيء، إنه فقط يقول من الرائع أن تبقى حيًا حتى ترى شخصًا ذكي".
لم أقاوم الابتسامة ولكني سحبت ذراعه وجلست فوق الأرضية ليفعل المثل هو وسكارليت "ما هو اسمه؟" نظر كلاهما لي بتعجب وقال كل منهما في الوقت ذاته "اسمه؟" أومأت برأسي وحاولت الشرح "لا تتعامل مع ذئبك كما يتعامل الآخرون مع خاصتهم. أنت مميز رومياس وذئبك كذلك، الآخرون يعاملون ذئابهم كهيئة تشعر بالخطر وتتواصل وتتعاطف مع الرفيق، ولكنك مختلف ذئبك ليس هيئة، إنه روح، أنتما روحان وعقلان في كيان واحد؛ لذلك عليك التعامل معه كشخص لا كشيء".
التفت سكارليت ناحيته بابتسامة عريضة وقالت بحماس "هيا، اسأله" أغمض عينه وضحك قبل أن يتمتم "أنتِ تروقين له" انحنيت برأسي وقلت "هذا يشرفني".
"اللعنة عليك" قال من بين أسنانه لأنظر بتساؤل "إنه أحمق فحسب، يقول إن إخباري من عدمه لا فائدة منه" تنهدت سكارليت كما حرك رومياس شعره بانزعاج.
" جلنار، ذلك المستذئب يمتلك قدرا عاليا من الكبرياء، تلاعبي بهذه النقطة" نبهني يوجين لأفكر لوهلة قبل أن أبتسم بخبث.
أخذت نفسًا وأظهرت خيبة أمل في صوتي وأنا أقول "للأسف كان الأمر ليكون في صالحه… تعلم، من قد يوافق على أن يُعامل كشيء ما أو كهيئة بينما يمتلك عقلًا خاصًا به، تعلم أن الأسماء هي ما تعطينا شخصياتنا، ولكن يبدو أنك ستضطر مناداته وكأنه شيء لا عقل له، يمكنك إذًا مناداته بالشيء كما يريد".
نهضت من مكاني أنفض ملابسي وهممت بالرحيل بخطى بطيئة وأنا أدعي أن تنجح.
"دراكوس"
توقفت ونظرت ناحية رومياس الذي اتسعت عيناه ونظر نحوي قبل أن يردد مجددًا "اسمه دراكوس". كبت رغبتي في القفز والصراخ ووضعت تعابير طبيعية وقلت "اسم نبيل، رومياس، لابد أن تبدأ إذًا في معاملة دراكوس كشخص ثانٍ؛ لا كيان فحسب. حاول فتح الكثير من الحوارات، سينجح ذلك" غمزت في النهاية لتتسع ابتسامته ويحرك شفتيه بـ "شكرًا لك".
تركت رومياس ليكمل تدريبه وتحركت ناحية المنزل ولكن أحدهم نادى باسمي لألتفت نحوه، كان هاميدال الذي توقف عن القتال مع أغدراسيل، توجهت ناحيتهما باستغراب.
"إذًا قريبة واندر من الحدود اتضح أنها ابنة التوبازيوس" عضضت شفتي بينما تحول وجهي ربما للون أحمر وتمتمت "أعتذر، كان علينا الكذب" ضحك بصوت عالٍ قبل أن يربت على كتفي ويقول "الأوامر لا نملك يدًا فيها، لا بأس. بالمناسبة، ألا تملكين تدريبًا مع أتريوس؟" تنهدت عندما تذكرت رحلة عذابي وقلت "أنا في راحة حتى غروب الشمس بما أنه يحتاج للتدريب أيضًا" أومأ برأسه وقال "يمكنكِ استغلال هذا الوقت في مراقبتنا، تحليلكِ وملاحظتكِ جيدة جدًا، عليكِ تنميتهما".
كان محقًا في هذه النقطة؛ لذلك وافقت على طلبه وتحركت معه ناحية ساحة تدريبهم، لوح أغدراسيل بابتسامة لأبادله بواحدة وحاولت إخفاء نظرات الإعجاب بأجنحته… يا رجل، إنه أشبه بملاك!
بدأ كلاهما في القتال مجددًا بينما أتربع على مسافة آمنة منهما وأتابع ما يحدث، كالعادة كان هاميدال أكثر من ممتاز ولكن أغدراسيل كان يظهر عليه تحسن ملحوظ في قتاله... كان أسرع بكثير، بالكاد أراه عندما يحلق، لكنه يستعمل نمط الدفاع أكثر من استعمال للهجوم.
هاميدال كان يعتمد على قدرته على إخفاء جسده عند الهجمات وذلك يشتت أغدراسيل كثيرًا.
"من المستحيل له أن يهزمه طالما الآخر يختفي" قال يوجين لأومئ برأسي وأنا أركز وأحاول إيجاد ثغرة ما "هناك طريقة لإيجاده دون وجود أتريوس" نظر يوجين نحوي وقال "وتلك الطريقة هي؟" أشرت نحو أجنحة أغدراسيل وقلت "تلك الأجنحة… إنها تضرب الهواء والهواء يضربها، تحرك هاميدال يغير من اتجاه موجات الهواء التي تضرب جناح أغدراسيل، إن وضع تركيزه على أجنحته عوضًا عن محاولة البحث وإلقاء مواد حادة باستعمال جناحه كان ليجده".
"تحليل ممتاز" صرخت بفزع والتفت للشخص الذي انحنى نحوي "أوكتيفيان!" ابتسم ابتسامة جانبية وقال "أهي عادة أن تتحدثي مع نفسك بصوت عالٍ؟" أخرجت ضحكة خالية من أي فكاهة وقلت "من الصعب التخلص من بعض العادات".
لمحت أتريوس يقف خلفه ويتابع ما يحدث بصمت. جلس أوكتيفيان على أمشاط قدميه ليصبح مجاورًا لي ويقول وهو ينظر نحو القتال الدائر بينهما "أغدراسيل شخص ذكي جدًا ولكن من السهل تشتيته أحيانًا وهذه النقطة هي ما يلعب عليها هاميدال، لكن لن يستغرق وقتًا حتى يحلل أغدراسيل القتال كما فعلتِ للتو ويوقف هجوم هاميدال".
كان أوكتيفيان محق… لم يستغرق أغدراسيل الكثير حتى اكتشف طريقته وأوقف هجوم هاميدال، ليس هذا وحسب، لقد تمكن من محاصرته ليعلن الآخر استسلامه. كانوا لا يستطيعون هزيمته وهم أربعة والآن يهزمه وحده، هؤلاء الرفاق يزدادون قوة.
تحرك أغدراسيل نحونا وتبعه هاميدال وكلاهما يلهثان بتعب "عليك التوقف عن التبجح وإخفاء نفسك بهذه الطريقة" تذمر أغدراسيل ليبتسم الآخر بصمت.
بدأ الآخران يشاركان في نقاش عن نمط القتال وما شابه مما جعلني أنسحب ببطء بعيدًا عنهم دون أن يلاحظني أحد، أو هذا ما ظننت، لأن أتريوس مسك ذراعي وسحبني نحوه بخفة وقال "سنكمل بعد الغروب" دحرجت عيني وقلت "ما زلت أتذكر".
ترك ذراعي لأبتعد وأتجه للمنزل "هذا الرجل أشبه بالحظ السيء، يظهر من حيث لا نعلم" زفرت وقلت ليوجين "أوافقك تمامًا".
بما أني ما زلت أملك الكثير من الوقت حتى غروب الشمس اتجهت لغرفتي وأغلقت الباب جيدًا، أخرجت كتاب سندفال ونظرت ليوجين ليرفع كتفيه ويقول "كما تريدين".
أخذت نفسًا وفتحت الكتاب على الصفحة التي عدنا منها آخر مرة، سنعود لسندفال مجددًا.
*********************************
بكده رحلة اتريوس وجلنار التدريبة العذابية بدأت
ردود جلنار قاعده تاخد طابع اتريوس كل شويه والموضوع يخوف والله
بحب فصول التدريب اوي زيكم بس الي بيجي بعدها احلى بكتيييييييييييييييييير
حابه اوي حماسكم للرواية وشغفكم سواء ان كنتم معايا من زمان او لسه تعرفوني جديد
فشكرًا لان حماسكم بيزيد شغفي والله
انجوي بالفصول
باااي
اول تعليق❤
ردحذف❤️❤️❤️❤️❤️
ردحذف💓💓💓💓💓
ردحذف❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️
ردحذف💖💖💖💖💖💖🔥🔥
ردحذف7مارس 2024 احب توبازيوس الشي الحلو الي يصير لي هالايام ❤️❤️❤️❤️❤️
ردحذفالفصول تزداد حماسة 😭😭🔥🔥
ردحذفيجنننننننن
ردحذفشكرا الك على هذه الرواية الاكثر من رائعة صراحة اقرأ الفصول كاني اقراها اول مرة مبهرة ❤❤❤❤👍👍👍😘😘😘
ردحذفجوزفين وتحوله هههههههههه
ردحذف💖💖💖💖💖💖
ردحذفمش لقيه الكلام الكفايه اني أوصف به الجمال ده 💖💖💖
ردحذف🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰
ردحذفلما بلشت اقرأ الرواية ع الواتباد كان هاد اول فصل بنطرو
ردحذفالغريب انو الحماس نفسو و السعادة نفسا
اخيرا بدأت ايام التدريب.. اشتقت ليها 😭😭♥️♥️
ردحذفتحفه اشتقنا 💗
ردحذفروعة بجد تسلم ايدك يا إسراء
ردحذفمبدعة كل عادة دائماً وأبداً✨😔
ردحذفجامددد، حرفيا قرايتي للرواية بقت عاملة زي جلنار لما بتفتح سندفال، بتحشر جواها ومبحسش بأي حاجة على ارض الواقع، المهم ويتينج اللي بعدههه، بقا أحب الأوقات لقلبي وقت قرايتي للرواية قبل مانام بجد شكرا ليكي عشان الماستر بيس دي♥️♥️
ردحذفحماسي للجاي 🔥🔥مولع
ردحذفديييم وربي الروايه مرره تجنن ابدعتي وانا مرره متحمسه للجاي 😭💖
ردحذفاحلا شي جوزفين ♥️
ردحذف😍😍😍😍
ردحذفبدأ العذاب و أخيرا 😭❤
ردحذففصل مهلبية بالله و خفيف ع القلب😭💕💕💕
ردحذفو اخيرا دراكوس ظهر 😭😭😭💕
ردحذفالفصول جالسة تقصر أو أنا صرت أقرأ بسرعة؟ 🙂💔
ردحذفيلاهوي اتريوس هكر البنت باقت نسخته الانثوية
ردحذفحبيت اجواء التدريبات ! مره مره حبيت 💗💗
ردحذفيوجييينننن الغدره سحب على جلنار وكمل نومه اخر شي توقعته منك هههههههههههههه كان خفف عنها عذاب تدريبات اتريوس بنكاته😓
-
"أمم، هذا يعتمد على كم الحقارة التي تتفوه بها... لحظة، كل ما تتفوه به هو حقارة، لذلك يتوجب علي الرد"
وااععهه ججلنناارر 😭😭😭😭😭 ردودها تموتني ما اقدرر
واتريوس ؟ صادق ولا يستهبل؟😨 عشر لففااتت كلها تحميه بس؟ اوييللييي
جلنار يو كان دو ات احنا معاك ✋🏻
-
- "إن ظللتِ على هذا المنوال ستُعدم المملكة كلها بينما لم تكملي العاشرة".
اسف جلنار بس ضحكت، اتريوس يعرف كيف يتمشت😭😭😭😭
والننذللل قعدت تترجاه تروح تفطر اخر شي قال خلاص اوكي بفطر انا وانتي كملي تدريببكك هههههه!! عااااااا جعلك تتسمم بفطورك
-
«هناك مغزى واحد وهو كيف نعذب جلنار»
مييتتههه ليش كذا صدق هههههههههههههههههه
-
مقددرر ثوناررييي بالغابه نورتت حبيبتي وروحي 💓 بس يسعدلي اجوائك مين يشرب الظهرر!
ولما سوت تعويذه تخلي التمثال خفيف 😭 ثونار الخوي الفزعه 🌹🌹
بس اتريوس خرعني لما طلع من وراهم ههههههههههه جني اول ما قالوا اسمه طلع لهم
-
«أعلم أنكِ لستِ بذلك الضعف الذي يبدو عليكِ، وأعلم أن ما تخفينه أعظم مما تظهرينه. أنتِ مميزة ويمكنني رؤية ذلك من النظرة الأولى، ومهما أنكر هؤلاء الحمقى ذلك إلا أنهم يعلمون الأمر كعلمهم بكفوف أيديهم، إن قمت بوصفك سيكون صندوق المفاجآت هو الوصف الأنسب.»
فخر فخر اقسم بالله الفخر بيطلع من راسي ❤️🔥 صندوق مفاجآت منجد الوصف الانسب لبنتنا ، مو بس تفاجئهم حتى انا تفاجئني كل مره بالحاجات الي تقدر تسويها! واكيذ الجاي اعظم حاطه امال عاليه فيها 💞
-
ممييتتههه جلنار لما كانت ترمي قائمة المستحيلات بالعالم وقالت "ان تتحول انت لشخص جيد مستحيل" 😭😭😭😭😭😭😭 ترمي عليه كلام بين السطور احبها
-
وبخصوص جوزفين لما تنكر باوكتيفيان واتريوس! وانا اقول شفيهم قلبوا مين هذول شكل جني متلبسهم طلع جوزفين يخفف دمه هههههههه ولا لما اوكتيفيان او "جوزفين" قبل خد جلنار بغيت انصرعع! ما الوم جلنار يوم خافت
-
"شقيق أتريوس التوأم هو جوزفين، نهاية دراما صادمة" بلوت تويست غوي 😨
تعليقات يوجين بالخلفيه دايما تضحكني ههههههههههه
-
سوو اسم ذئب روماس هو دراكوس! حبيتهه رهيب الاسم فخم
جوزفين 🤣😂😂🤣
ردحذف