السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ﻋﻴﻨﻪ ذات اﻟﻠﻮن اﻟﻔﻀﻲ اﻟﻼﻣﻊ ﺣﺪﻗﺖ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ﺑﺨﻤﻮل، ﺳﻮدﺍء ﻣﻈﻠﻤﺔ... ﻣﻄﺎﺑﻘﺔٌ
ﻟﻘﻠﺒﻪ.
نسيم الهواء الذي اقتحم القاعة المظلمة حرك الستائر المخملية ذات اللون
الخمري وبعثر خصلات شعره شديدة السواد.
لم يكن يضع تعبيرًا خاص، كان من المستحيل التخمين ما قد يدور في خلده وهذا
ما جعل الوقوف في وجهه يزلزل كيان عدوه.
تنهيدةٌ صغيرة غادرت شفتيه، والتفت بعيدًا عن النافذة الضخمة ليقرع حذائه
الأسود الضخم الأرضية بخفة، وفي كل خطوة يخطوها، كان العفن يتوغل داخل الأرض التي
يسير عليها. صعد الدرجات الصغيرة قبل أن يلقي بجسده فوق العرش الهائل الذي يتربع
تلك القاعة الفارغة والمظلمة.
أسند ظهره لعرشه لترتطم عينه بالسقف العالي، بلا روحٍ حدق فيها قبل أن تنطبق
جفونه بهدوء.
صراخ الساحرة، صوت بكاء الليكان قبل أن يموت، صرخات جنود الإريبوس وتأوهاتهم قبل الموت،
جميعها انفجرت داخل رأسه وظلت ملامحه هادئة، عدا من تلك الدمعة التي شقت طريقها
على وجنته اليمنى.
بين جميع تلك الصور، والذكريات وأشباحهم التي لا تتركه، توقف أمام صورة
جلنار، ممسكةً بسيفٍ من نار وواقفة في وجه أحد أقوى رجاله في ساحة المعركة.
لقد كان هناك! لقد كان دائما هناك، ولكنها لم تتمكن من رؤيته، كان يراقبها
بصمتٍ ولهفة.
ابتسامة صغيرة ارتسمت على شفتيه قبل أن يهمس: "أسرعي، الوقت يمر".
....
"ما الذي يعنيه هذا بحق الجحيم؟"
صُراخ سيد عائلة صاميومين كان يملأ القصر منذ انتهاء البث الذي سمعته
المملكة كُلها.
"اغرب عن وجهي، أيها الغبي! أنت مطرود" وهكذا كان قد طرد
الرجل الثالث بعد المائة في هذا اليوم، كان كشيطانٍ على استعدادٍ لأن يحرق كل شخصٍ
ينظر لعينيه فى هذه اللحظة.
ﻛﺎن اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻳﺒﺪﻮ خائنًا ﻓﻲ ﻧﻈﺮه، ﻛﺎن ﻳﺸﻌﺮ وﻛﺄن الأﻋﻴﻦ ﻛﻠﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮاﻗﺒﻪ،
وأن اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻣﺴﺘﻌﺪٌ للتخلي ﻋﻨﻪ ﻓﻲ أي ﺛﺎﻧﻴﺔ.
"ﻣﺎ اﻟﺬي ﺗﻈﻦ أﻧﻚ ﺗﻔﻌﻠﻪ؟"
اﻟﺘﻔﺖ ﻧﺤﻮ اﻟﻤﺮأة اﻟﺘﻲ اﻗﺘﺤﻤﺖ اﻟﻤﻜﺎن ﺑﻐﻀﺐٍ ﺻﺎﻓﻌﺔ ﺑﺎب ﻣﻜﺘﺒﻪ ﺑﻘﻮة.
"اﺧﺮﺟﻲ ﻣﻦ ﻫﻨﺎ، ﻣﺎﻟﻴﺰا. ﻻ أﻣﻠﻚ أﻋﺼﺎﺑًﺎ للشجار ﻣﻌﻚ اﻵن" ﺿﻐﻂ ﻋﻠﻰ أﺳﻨﺎﻧﻪ
ﺑﻘﻮةٍ ﻳﺤﺎﻮل ﺗﻤﺎﻟﻚ ﻧﻔﺴﻪ. "اﺫﻫﺐ ﻟﻠﺠﺤﻴﻢ، أﻧﺎ ﻫﻨﺎ ﻷﻋﻴﺪك إﻟﻰ ﺻﻮاﺑﻚ، أﻳﻬﺎ اﻷﺣﻤﻖ!
إن ﻇﻠﻠﺖ ﺗﻄﺮد اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻤﻨﻮﻻ ﻟﻦ ﻳﺒﻘﻰ ﻋﺎﻣﻞٌ وﺍﺣﺪ ﻓﻲ ﻗﺼﺮﻧﺎ"
ﻗﺒﺾ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺤﻔﺔ اﻟﺰﺟﺎﺟﻴﺔ أﻣﺎﻣﻪ ﺑﻐﻀﺐٍ ﻗﺒﻞ أن ﻳﻠﻘﻲ ﺑﻬﺎ ﻟﺘﺮﺗﻄﻢ ﺑﺎﻟﺤﺎﺋﻂ وﺗﺘﺤﻮل
إﻟﻰ ﻓﺘﺎت زﺟﺎج "ﻣﺎذﺍ ﺗﺮﻳﺪﻳﻦ ﻣﻨﻲ أن أﻓﻌﻞ، أﺧﺘﺎه؟ ﺷﺨﺺٌ ﻟﻌﻴﻦ ﻗﺎم ﺑﺘﺼﻮﻳﺮي ﻣﻊ
اﺛﻨﻴﻦ آﺧﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﻗﺎدة اﻟﻌﺎﺋﻼت دﺍﺧﻞ ﻗﺎﻋﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺟﺪ في ﻗﺼﺮي، إن ﻟﻢ أﺟﺪ
اﺑﻦ اﻟﻌﺎﻫﺮة اﻟﺬي ﻓﻌﻞ ﻫﺬا ﻓﺴﺄذﺑﺢ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻫﻨﺎ، ﻣﺎذﺍ ﺗﺮﻳﺪﻳﻦ ﻣﻨﻲ ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻒ
ﻛﻬﺬا؟".
ﺗﻘﺪﻣﺖ ﺑﺨﻄﻮاتٍ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﺑالرغم ﻣﻦ ﺻﺮاﺧﻪ، وﻭﺿﻌﺖ ﻛﻠﺘﺎ ﻳﺪﻳﻬﺎ ﻓﻮق ﻛﺘﻔﻪ وﺃﺟﺒﺮﺗﻪ
ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻠﻮس ﻓﻮق اﻟﻜﺮﺳﻲ.
"أﺭﻳﺪ ﻣﻨﻚ أن ﺗﻬﺪأ، أﻳﺎ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﻫﺬا ﻓﺄﻧﺖ ﺗﻌﻄﻴﻪ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪ،
إﻧﻪ ﻳﻌﻠﻢ أﻧﻚ ﺳﺘﻔﻘﺪ أﻋﺼﺎﺑﻚ، أﻧﺖ ﺧﺎﺻﺔ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﺳﺘﺘﺨﺬ اﻟﻘﺮاﺭات اﻟﺨﺎﻃﺌﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ
ﺗﻐﻀﺐ"
زﻓﺮت ﻟﺤﻤﻖ ﺷﻘﻴﻘﻬﺎ اﻷﻛﺒﺮ، وﺗﺤﺮﻛﺖ ﻧﺤﻮ اﻟﺠﺪاﺭ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ وﻃﺒﻌﺖ ﺑﻌﺾ اﻷرﻗﺎم ﻋﻠﻰ
اﻟﻠﻮح اﻟﻤﺜﺒﺖ ﻟﻴﻨﻔﺘﺢ اﻟﺠﺪاﺭ ﻛﺒﺎب ﺧﺰﻧﺔٍ ﻣﻈﻬﺮًا ﺧﻠﻔﻪ ﻣﺌﺎت اﻟﺰﺟﺎﺟﺎت اﻟﻔﺎﺧﺮة ﻣﻦ
اﻟﻤﺸﺮﻮب، اﻟﺘﻘﻄﺖ وﺍﺣﺪة وﺳﻜﺒﺖ ﻛﺄﺳﻴﻦ ﻟﻜﻠﻴﻬﻤﺎ.
ﻧﺎوﻟﺘﻪ إﺣﺪى اﻟﻜﺄﺳﻴﻦ وﺍﺭﺗﺸﻔﺖ ﻣﻦ ﺧﺎﺻﺘﻬﺎ "ﻋﻠﻴﻚ أن ﺗﻬﺪأ، أﺧﻲ. أﻧﺖ ﺿﺤﻴﺔٌ
ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻛﺎﻻﺛﻨﻴﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ، وﻋﻮﺿًﺎ ﻋﻦ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﻔﺎﻋﻞ، ﻋﻠﻴﻨﺎ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ ﺣﻞ".
ﺻﻮت رﻧﻴﻦٍ ﻃﻐﻰ ﻋﻠﻰ ﻫﺪوء اﻟﻐﺮﻓﺔ ﻗﺒﻞ أن ﺗﻨﺒﺜﻖ ﺻﻮرةٌ ﻣﺠﺴﻤﺔ ﻻﻣﺮأة ﺑﻼ أي ﺗﻌﺒﻴﺮ
"اﻟﺴﻴﺪ إﺩﻭﺍﺭﺩ ﺟﻠﻴﻦ ﻳﻨﺘﻈﺮ ﻣﺤﺎدﺛﺘﻚ، ﺳﻴﺪي. أﺗﺮﻳﺪ ﻣﻨﻲ ﺗﺤﻮﻳﻞ ﻣﻜﺎﻟﻤﺘﻪ أم إﺧﺒﺎﺮه
أﻧﻚ ﻣﺸﻐﻮل؟".
اﻟﺘﻔﺖ ﻧﺤﻮ ﺷﻘﻴﻘﺘﻪ وﻛﺄﻧﻪ ﻳﻠﺘﻤﺲ ﻣﻨﻬﺎ إﺟﺎﺑﺔ ﻋﻤﺎ ﻳﺠﺐ أن ﻳﻔﻌﻞ، ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن
ﻣﺎﻟﻴﺰا ﻫﻲ اﻷﺧﺖ اﻟﺼﻐﺮى ﻓﻲ ﻋﺎﺋﻠﺔ ﺻﺎﻣﻴﻮﻣﻴﻦ، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻃﺎﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻷﻛﺜﺮ ﺣﻨﻜﺔ ﺑﻴﻦ
أﺷﻘﺎﺋﻬﺎ اﻟﺬﻛﻮر اﻟﺜﻼﺛﺔ.
"ﺗﺤﺪث ﻣﻌﻪ، أﺧﺒﺮﺗﻚ أن اﻟﺬﻧﺐ ﻟﻴﺲ ذﻧﺒﻚ؛ ﻟﺬﻟﻚ إن ﻛﺎﻧﻮا ﺿﺤﺎﻳﺎ
ﻓﺄﻧﺖ ﺿﺤﻴﺔً أيضًا، أﺧﻲ. ﺟﻠﻴﻦ ذﻛﻲ، أﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻳﻘﻴﻦ أﻧﻪ ﻳﻌﺮف ﻣﺎ اﻟﻌﻤﻞ"
ﺗﻨﻬﺪ وﺃﻧﻬﻰ ﻣﺸﺮوﺑﻪ ﻓﻲ ﺟﺮﻋﺔٍ وﺍﺣﺪة ﻗﺒﻞ أن ﻳﻀﻊ اﻟﻜﺄس ﺟﺎﻧﺒﺎ وﻳﺘﻠﻘﻰ ﻣﻜﺎﻟﻤﺔ
ﺟﻠﻴﻦ.
"ﻻ ﺑﺪ من أﻧﻚ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻢٍ ﺑﺎﻷﻣﺮ اﻵن" ﺑﺪت ﻧﺒﺮة ﺟﻠﻴﻦ أﻛﺜﺮ
اﺗﺰاﻧًﺎ وﻫﺪوءً ﻣﻦ ﺻﺎﻣﻴﻮﻣﻴﻦ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻠﺤﻈﺔ. "ﻛﻴﻒ ﻻ أﻋﻠﻢ وﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﻛﻠﻬﺎ ﺗﻌﻠﻢ
ﺑﺬﻟﻚ، ﻓﻘﻂ ﻟﻮ أﻣﻜﻨﻨﻲ ﻣﻌﺮﻓﺔ ذﻟﻚ اﻟﻮﻏﺪ اﻟﺬي ﻳﺘﺴﺒﺐ ﺑﻜﻞ ﻫﺬا" ﺿﺮب اﻟﻄﺎوﻟﺔ
اﻟﺰﺟﺎﺟﻴﺔ ﺑﻘﺒﻀﺘﻪ ﻣﺴﺒﺒًﺎ ﺷﺮﺧًﺎ ﻃﻮﻟﻴًﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ.
"أﻫﺪأ ﻗﻠﻴﻼ، ذﻟﻚ اﻟﻔﺘﻰ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺪﺧﻞ ﻟﻌﺒﺔً ﻣﻌﻨﺎ، ﻟﻨﺤﻘﻖ ﻟﻪ
رﻏﺒﺘﻪ إﺫﺍ" ﺗﺒﺎﺪل اﻷﺧﻮاﻦ اﻟﻨﻈﺮات ﺑﺼﻤﺖٍ ﻳﻨﺘﻈﺮﻮن اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺟﻠﻴﻦ ﻛﺘﻮﺿﻴﺢ.
"ﻃﻴﻠﺔ ﻫﺬا اﻟﻮﻗﺖ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻠﻌﺒﺔ ﻣﻦ ﻃﺮفٍ وﺍﺣﺪ ﻓﻘﻂ، لمَ ﻻ ﻧﺘﺤﺮك ﻗﻠﻴﻼ وﻧﻬﺎﺟﻤﻪ ﺑﺎﻟﻤﺒﺪأ ذﺍﺗﻪ اﻟﺬي
ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻪ ﻣﻌﻨﺎ؟"
ﺑﺪا ﺻﺎﻣﻴﻮﻣﻴﻦ ﻣﺸﻮﺷًﺎ وﻓﺎﻗﺪًا ﻟﺼﺒﺮه، وﺳﻤﺎع اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﻟﻐﺎز ﻛﺎن ﻳﺸﻌﻞ ﻏﻀﺒﻪ
أﻛﺜﺮ وﻳﻤﻨﻌﻪ ﻣﻦ ﻓﻬﻢ أي ﻣﻤﺎ ﻳﺪوﺭ ﺣﻮﻟﻪ، ﻋﻠﻰ ﻋﻜﺲ ﺷﻘﻴﻘﺘﻪ اﻟﺘﻲ رﺳﻤﺖ اﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﺻﻐﻴﺮة ﻋﻠﻰ
ﺷﻔﺘﻴﻬﺎ ﻟﻨﻴﺔ ﺟﻠﻴﻦ.
"ﻳﺒﺪو أن اﻵﻧﺴﺔ اﻟﺼﻐﻴﺮة ﺗﻔﻬﻢ ﺗﻤﺎﻣًﺎ ﻣﺎ أﺭﻣﻲ إﻟﻴﻪ" اﺗﺴﻌﺖ
اﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﻣﺎﻟﻴﺰا وﻭﺟﻬﺖ ﻧﻈﺮﻫﺎ ﻧﺤﻮ ﺻﻮرة ﺟﻠﻴﻦ اﻟﻤﺠﺴﻤﺔ. "ﻟﻄﺎﻟﻤﺎ ﺗﻤﻴﺰت ﺑﺬﻛﺎﺋﻚ،
ﺳﻴﺪ ﺟﻠﻴﻦ" ﻣﺪﺣﺖ ﻗﺒﻞ أن ﺗﻨﻈﺮ ﻟﺸﻘﻴﻘﻬﺎ اﻟﺬي زﻓﺮ ﺑﻀﻴﻖٍ ﻗﺎئلًا: "ﻫﻞ ﻳﻨﻮي
أﻳﺎ ﻣﻨﻜﻤﺎ وﺿﻌﻲ ﻓﻲ اﻟﺼﻮرة وﺇﺧﺒﺎﺮي ﺑﺎﻟﻤﻘﺼﻮد ﻫﻨﺎ؟".
ﻧﻬﻀﺖ ﻣﺎﻟﻴﺰا ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ وﺍﺭﺗﺸﻔﺖ ﻣﻦ ﻛﺄﺳﻬﺎ ﺗﺮﻃﺐ ﺣﻠﻘﻬﺎ ﻗﺒﻞ أن ﺗﺸﺮح ﻟﺸﻘﻴﻘﻬﺎ
اﻷﺣﻤﻖ ﻣﺎ ﻳﺸﻴﺮ اﻟﺴﻴﺪ ﺟﻠﻴﻦ ﻟﻪ: "ﺑﻜﻞ ﺑﺴﺎﻃﺔ ﺳﻨﻠﻌﺐ ﻋﻠﻰ ﺧﻴﻂ اﻟﺜﻘﺔ ﻳﺎ أﺧﻲ، ﻣﺎ
ﻳﺪﻓﻊ ﺷﻌﺒﻨﺎ ﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﻫﺬا اﻟﺪﺟﺎل ﻫﻮ أﻧﻨﺎ ﻓﻲ ﺻﻤﺖٍ ﺗﺎم دﻮن أي دﻓﺎع ﻋﻦ أﻧﻔﺴﻨﺎ ﻣﻤﺎ ﻳﺆﻛﺪ
ﺣﺪﻳﺜﻪ، وﻟﻜﻦ...".
ﺗﻮﻗﻔﺖ ﺑﺠﻮاﺮه وﺿﻐﻄﺖ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﻔﻪ وﺍﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﺧﺒﻴﺜﺔ اﺭﺗﺴﻤﺖ ﻋﻠﻰ وﺟﻬﻬﺎ ﻣﺴﺘﻤﺘﻌﺔ ﺑﻬﺬه
اﻟﻠﺤﻈﺔ "ﻣﻦ ﺗﻈﻦ أن اﻟﺸﻌﺐ ﺳﻴﻘﻮم ﺑﺘﺼﺪﻳﻘﻪ؟ ﺷﺨﺺٌ أﺣﻤﻖ ﻇﻬﺮ ﻓﺠﺄةً ﻻ ﻧﻌﺮف ﻣﻦ ﻫﻮ
وﻛﻴﻒ ﻳﺒﺪو، أم اﻟﻘﺎدة ذﻭي اﻟﺪﻣﺎء اﻟﻨﺒﻴﻠﺔ وﺍﻟﺴﻼﻟﺔ اﻟﻨﻘﻴﺔ اﻟﻠﺬﻳﻦ ﻄﺎﻟﻤﺎ ﻗﺎﻣﻮا
ﺑﺤﻤﺎﻳﺔ اﻟﻨﺒﻼء وﺍﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻷﻓﻀﻞ ﻟﻌﺎﺋﻼﺗﻬﻢ؟".
ﻋﻘﺪ ﺻﺎﻣﻴﻮﻣﻴﻦ ذﺭﺍﻋﻴﻪ ﻓﻲ ﺗﻔﻜﻴﺮ ﻳﺤﺎﻮل إﻳﺼﺎل اﻷﻣﻮر ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﺒﻌﺾٍ ﻟﻴﻘﻄﻊ ﺗﻔﻜﻴﺮه
ﺿﺤﻜﺔ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﻣﻦ ﺟﻠﻴﻦ ﻗﺒﻞ أن ﻳﻤﺘﺪح اﻟﺸﻘﻴﻘﺔ اﻟﺼﻐﺮى ﻗﺎئلًا: "أﺣﺐ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺻﻴﺎﻏﺘﻚ
ﻟﻸﻣﻮر، آﻧﺴﺔ ﺻﺎﻣﻴﻮﻣﻴﻦ". ﻋﻴﻨﻪ اﺗﺠﻬﺖ ﻟﺴﻴﺪ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ وﻗﺎل: "ﺳﻨﺨﺒﺮ اﻟﺠﻤﻴﻊ أن
ذﻟﻚ اﻟﺪﺟﺎل ﻣﺎ ﻫﻮ إﻻ أﺣﺪ ﺳﻜﺎن اﻟﺤﺪوﺩ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﻤﻠﻮن ﺣﻘﺪًا ﺿﺪ اﻟﻨﺒﻼء، ﺳﻨﻘﻮم ﺑﺘﻐﺬﻳﺔ
ﺗﻠﻚ اﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ ﺿﺪ اﻟﻘﺬرﻳﻦ ﻓﻲ اﻟﺤﺪوﺩ وﺳﻨﻘﻠﺐ اﻟﻄﺎوﻟﺔ ﻟﺼﺎﻟﺤﻨﺎ، ذﻟﻚ اﻷﺣﻤﻖ اﻟﺬي ﻳﻌﻴﺶ
دﻭﺭ ﻓﺘﻰ اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﻻ ﻳﻌﻠﻢ أﻧﻪ ﻓﻘﻂ ﻟﻠﺘﻮ أﻋﻄﺎﻧﺎ اﻟﻘﻄﻌﺔ اﻟﻨﺎﻗﺼﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﻨﺎ ﻧﺒﺤﺚ ﻋﻨﻬﺎ،
ﺳﻴﺪ ﺻﺎﻣﻴﻮﻣﻴﻦ… ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻄﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺪﻓﻊ اﻟﻌﺎﺋﻼت اﻟﻨﺒﻴﻠﺔ، ﺣﺘﻰ أﻭﻟﺌﻚ اﻷﻓﺮاﺩ غير
المقتنعين بأن ﺳﻜﺎن اﻟﺤﺪوﺩ ﻣﺎ ﻫﻢ إﻻ ﺧﻄﺮٌ ﻋﻠﻰ ﻣﻤﻠﻜﺔٍ وﺃﻧﻬﻢ ﻣﺴﺘﻌﺪﻮن ﻹﺷﻌﺎل ﺣﺮبٍ
أﻫﻠﻴﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﺒﻼء وﺍﻟﻌﺎﻣﺔ وﺍﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻤﻠﻜﻴﺔ".
رﻓﻊ ﺻﺎﻣﻴﻮﻣﻴﻦ ﺣﺎﺟﺒًﺎ ﻟﺜﻮانٍ وﻫﻮ ﻳﺴﺄل: "وﻣﺎذﺍ ﻋﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺗﻠﻚ اﻷدﻟﺔ اﻟﺘﻲ
ﻳﻘﻮم ﺑﺘﻘﺪﻳﻤﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﺴﺮﻳﺒﺎتٍ صوتيةٍ ﺣﺘﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ وﻗﻌﺖ ﺑﺎﻟﺼﻮرة وﺍﻟﺼﻮت؟" ﺿﺤﻚ
ﺟﻠﻴﻦ وﺑﺪا ﻣﺰاﺟﻪ ﺟﻴﺪًا ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻤﺎ ﻛﺎن وﺠﺐ أن ﻳﻜﻮن.
"ﺑﻜﻞ ﺑﺴﺎﻃﺔ ﺳﻨﻨﻈﺮ ﻷﻋﻴﻦ ﻣﻦ ﻳﺆﻳﺪﻮن وﺟﻮدﻧﺎ وﺳﻨﺨﺒﺮﻫﻢ أﻧﻬﺎ
ﻣﻠﻔﻘﺔ"
ﺑﺪل اﻟﺴﻴﺪ آريس ﺻﺎﻣﻴﻮﻣﻴﻦ ﻋﻴﻨﻪ ﺑﻴﻦ ﺷﻘﻴﻘﺘﻪ وﺍﻟﺴﻴﺪ ﺟﻠﻴﻦ ﺑﺒﻌﺾ اﻟﺸﻚ وﺳﺄل
ﻣﺠﺪدًا: "وﻣﺎذﺍ ﻋﻦ اﻟﻤﻘﻄﻊ اﻟﺬي ﻳﻈﻬﺮك ﺑﻮﺿﻮحٍ ﺗﺘﺤﺪث ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﺤﻔﻞ؟".
ﺗﻄﻮﻋﺖ ﻣﺎﻟﻴﺰا ﻟﻺﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﺳﺆال ﺷﻘﻴﻘﻬﺎ ﺑﻌﺪ أن ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺘﻤﻊ ﺑﻬﺬه اﻟﻤﺤﺎدﺛﺔ وﻗﺎﻟﺖ:
"ﻟﻦ ﻳﻨﻜﺮ اﻟﺴﻴﺪ ﺟﻠﻴﻦ اﻷﻣﺮ، ﻣﺎ ﻳﻬﻤﻨﺎ ﻫﻨﺎ ﻫﻮ اﻟﻨﺒﻼء وﺗﺄﻳﻴﺪٌ ﺑﺴﻴﻂ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻣﺔ،
القصر يقع على أراضي أجدادنا والتي سيكون عارًا علينا إن لم نهتم بحمايتها من
الأعداء، ولم يدرك السيد جلين أن القوات التي أُرسلت للقصر كانت تحمي أراضي الحدود
لسوء تواصل بيننا والفرسان؛ ولهذا...".
صمتت لثانيةٍ تترك فرصةً لأخيها لاستيعاب الحديث الدائر ثم استرسلت: "
ما حدث كان خطأ الفرسان، لم يتواصلوا معنا لإيضاح خططهم العسكرية وكان عليهم بذل
جهدهم في حماية أراضي الحدود، أما النبلاء فهم عاجزون تمامًا أمام ما حدث وإن كان
بإمكانهم فعل شيءٍ لتفادي هذه المشكلة لفعلوه".
ﺻﻔﻖ ﺟﻠﻴﻦ وﺃﺗﺒﻊ ﻋﻠﻰ ﺣﺪﻳﺚ ﻣﺎﻟﻴﺰا: "وﺣﻴﻨﻬﺎ ﺳﻴﺼﺒﺢ ذﻟﻚ اﻟﺪﺟﺎل ﻣﺎ ﻫﻮ إﻻ
شخصًا ﻳﺤﺎﻮل اﺳﺘﻐﻼل اﻟﺸﻌﺐ وﺧﺪاﻋﻬﻢ وﺍﻟﺴﺨﺮﻳﺔ ﻣﻨﻬﻢ ﻹﻇﻬﺎرﻫﻢ ﻛﺎﻟﺤﻤﻘﻰ، وﺃﻧﺖ ﺑﺎﻟﺬات
ﺗﻌﻠﻢ ﻳﺎ ﺳﻴﺪ آريس ﺻﺎﻣﻴﻮﻣﻴﻦ أن اﻟﻨﺒﻼء ﻳﻜﺮﻫﻮن ﻣﻦ ﻳﺤﺎﻮل أن ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﺣﻤﻘﻰ".
"وﻣﺎذﺍ ﻋﻦ اﻟﺴﻴﺪة ﻛﻠﻴﺴﺜﻴﻨﻴﺲ؟ ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﺟﻠﻴًﺎ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ أﻧﻨﺎ ﻧﺘﺂﻣﺮ
ﻋﻠﻴﻬﺎ، إن ﺻﺪق اﻟﻨﺒﻼء شيئًا ﻛﺎﻟﺘﻠﻔﻴﻖ ﻓﺘﻠﻚ اﻟﻤﺮأة أﻛﺜﺮ دﻫﺎءً ﻣﻦ أن ﺗﺼﺪق ﻛﺬﺑﺔً
ﻛﻬﺬه!" اﻛﻔﻬﺮ وﺟﻪ ﻣﺎﻟﻴﺰا ﻋﻨﺪﻣﺎ ذﻛﺮ شقيقها اﺳﻢ اﻟﻨﺒﻴﻠﺔ وﺩﺣﺮﺟﺖ ﻋﻴﻨﻬﺎ وﻫﻲ ﺗﻘﻮم
ﺑﺈﻋﺎدة ملء ﻛﺄﺳﻬﺎ وﻛﺄﺳﻪ.
"ﻣﺎذﺍ ﺳﺘﻔﻌﻞ؟ ﻫﻞ ﺳﺘﻘﻮم ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ اﻟﺤﺮب ﺿﺪﻧﺎ؟ ﻟﻦ ﻳﺼﺪق أﺣﺪٌ ﺗﻠﻚ
اﻟﻤﺮأة ﻋﻠﻰ أي ﺣﺎل، ﺣﺘﻰ وإن ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻜﺴﺐ اﺣﺘﺮام أﻓﺮاﺩ ﻋﺎﺋﻠﺘﻬﺎ فقد ﻳﺨﺎﻟﻔﻮﻧﻬﺎ ﻓﻲ
اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﻌﺘﻘﺪاﺗﻬﺎ ﻋﻦ اﻟﻤﺴﺎوﺍة وﺍﻟﻌﺪل وﻣﺎ ﻳﺸﺎﺑﻪ ﻣﻦ اﻟﺤﻤﺎﻗﺔ، ﻟﻦ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﻓﻌﻞ ﺷﻲء
ﺣﺎﻟﻴﺎ، وﻟﻜﻦ ﻋﻠﻴﻨﺎ اﻟﺤﺬر ﻣﻨﻬﺎ ﺟﻴﺪًا وﻣﺮاﻗﺒﺔ ﻣﺎ ﻗﺪ ﺗﻔﻌﻞ" ﺟﻠﻴﻦ أﺟﺎب ﻣﻨﻬﻴًﺎ
ﺑﻬﺬا ﻛﻞ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳُﻘﻠﻖ ﺻﺎﻣﻴﻮﻣﻴﻦ.
اﺳﻨﺪ ﺻﺎﻣﻴﻮﻣﻴﻦ ﻇﻬﺮه ﻟﻠﻜﺮﺳﻲ ﺑﺮاﺣﺔٍ ﺑﻌﺪ أن تلاشى اﻟﻐﻀﺐ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻐﻠﻲ دﺍﺧﻠﻪ
وﺑﺪأ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺘﺸﻔﻲ ﻣﻨﺬ ﻫﺬه اﻟﻠﺤﻈﺔ ﻣﻦ اﻟﻠﻌﻴﻦ اﻟﺬي ﺗﺴﺒﺐ ﺑﻬﺬه اﻟﻔﻮﺿﻰ ﻣﻨﺬ اﻟﺒﺪاﻳﺔ.
اﺭﺗﺴﻤﺖ اﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﺻﻐﻴﺮة ﻋﻠﻰ ﺛﻐﺮه وﻗﺎل ﺑﺎﺳﺘﺤﺴﺎن: "أﺣﺐ ﻃﺮﻳﻘﺔ
تفكيركما".
....
"إﻟﻰ اﺑﻨﺔ اﻟﺘﻮﺑﺎزﻳﻮس، ﻗﺎﺋﺪة اﻟﻔﺮﺳﺎن:
إﻧﻪ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻷﻮل بيننا وﻋﻠﻲ اﻟﻘﻮل إنني أﺭﺗﺠﻒ ﻣﻦ اﻟﺤﻤﺎس ﺑﻴﻨﻤﺎ أﺧﻂ ﻫﺬه
اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻷوﺭاق.
ﺻﺪﻗﻴﻨﻲ عندما أقول إني ﻛﻨﺖ لأﻓﻀﻞ استخدام وسيلة تواصل أقل رسميةٍ بيننا ﻣﻦ
اﻷوﺭاق وﺍﻟﺤﺒﺮ، وﻟﻜﻨﻲ أﺭﺍﻫﻦ أن هذه طريقة البشر المثالية في التواصل، عكسنا ﻧﺤﻦ
اﻹﻟﺘﺮاﻧﻴﻮﺳﻴﻴﻦ، وﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ اﺳﺘﺌﻤﺎن رﺳﺎﻟﺔٍ ﻛﻬﺬه ﻣﻊ وﺳﺎﺋﻞ أﻛﺜﺮ ﺗﻘﺪمًا ﺑﻴﻨﻤﺎ يحكم
اﻟﻌﺪو ﻳﺪه ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﻲء.
اﻋﺬرﻳﻨﻲ إن ﺑﺪا ﺣﺪﻳﺜﻲ ﺑﻌﻴﺪًا ﻋﻦ اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ؛ ﻓﻌﻠﻰ ﻋﻜﺲ ﻧﺸﺄﺗﻲ أﻧﺎ ﺷﺨﺺٌ ﻳﻜﺮه
اﻟﺠﺪﻳﺔ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﺎ…
ﻣﻤﺎ ﺳﻤﻌﺖ فأنت ﺷﺨﺺ ﺳﺮﻳﻊ اﻻﻧﻔﻌﺎل وﺍﻟﻐﻀﺐ؛ ﻟﺬﻟﻚ أﺗﻤﻨﻰ أن ﻻ تقومي ﺑﺈﺣﺮاق هذا
المكتوب قبل قراءته، وبالطبع اﻷﺣﻤﻖ أﻭﻛﺘﻴﻔﻴﺎن؛ ﻓﺄﻧﺎ ﻣﻦ أﺟﺒﺮﺗﻪ ﻋﻠﻰ التواطؤ معي،
وﻟﻜني لا أحمل سوى النوايا الحسنة، فلست السيء في هذه الرواية!
ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ سيكون من الوقاحة طلب ثقتك بينما لا يمكنني الثقة بك بدوري، ﺣﺘﻰ
وإن اﺧﺘﺎرﺗﻚ اﻟﺘﻮﺑﺎزﻳﻮس ﻓﺄﻧﺎ ﻟﺴﺖ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻌﺪاﺩٍ لوضع كل ما وصلت له على المحك؛ ﻟﺬﻟﻚ
ﻫﺬه دﻋﻮةٌ ﻟﺒﻨﺎء ﺟﺴﺮٍ ﻣﻦ اﻟﺜﻘﺔ ﺑﻴﻨﻨﺎ.
أﻧﺎ وﺃﻧﺖ ﻧﻄﻤﺢ ﻟﺸﻲءٍ وﺍﺣﺪ ﻫﻨﺎ، وﺑﺪرﺍﺳﺔ الأمر ﺑﻌﺪة أﺷﻜﺎلٍ وﺟﺪت أﻧﻪ -ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ-
ﻟﻦ ﻧﺼﻞ إﻟﻰ ﻫﺪﻓﻨﺎ إن ﻟﻢ ﻧﺘﺤﺪ ﻣﻌًﺎ ﻓﻲ إﻳﻘﺎف اﻟﻨﺒﻼء؛ ﻟﺬﻟﻚ أﺣﺘﺎج إﻟﻰ ﺷﻲءٍ ﻳﺠﻌﻠﻨﻲ
أﺛﻖ ﺑﻚ ﻳﺎ اﺑﻨﺔ اﻟﺘﻮﺑﺎزﻳﻮس.
ﻣﺎ ﻓﻌﻠﺘﻪ اﻟﻴﻮم ﺳﻴﺜﻴﺮ ﺟﻨﻮن اﻟﻨﺒﻼء وﻣﺎ أﻣﻠﻜﻪ ﻗﺪ ﻳﺪﻓﻌﻬﻢ ﻟﻘﺘﻞ أﻧﻔﺴﻬﻢ، ﻟﻜﻨﻬﻢ
ﻟﻦ ﻳﻘﻔﻮا دﻮن رﺩ، أﻋﺮﻓﻬﻢ ﺟﻴﺪًا، إﻧﻬﻢ أﺧﻄﺮ ﻣﻦ أن ﻳﻘﻔﻮا ﺑﺼﻤﺖٍ وﻻ ﻳﻤﻜﻦ اﻻﺳﺘﻬﺎﻧﺔ
ﺑﻬﻢ.
ﺧﻼل ﻳﻮمٍ أﻭ أﻗﻞ ﺳﻴﻘﻮﻣﻮن ﺑﺮد اﻟﻀﺮﺑﺔ
ﺑﻄﺮﻳﻘﺔٍ لم أتبين تفاصيلها، لكني على يقينٍ من حدوثها، ﺳﺄﻧﺠﻮ ﻣﻬﻤﺎ ﺣﺪث، ﻓﺄﻧﺎ
اﻟﻨﺎﺟﻲ دﺍﺋﻤًﺎ، وﻟﻜﻦ ﻫﺬه اﻟﻤﺮة أﺭﻳﺪ ﻣﻨﻚ التصدي لتلك اﻟﻀﺮﺑﺔ ﺑﻄﺮﻳﻘﺘﻚ ﻳﺎ اﺑﻨﺔ
اﻟﺘﻮﺑﺎزﻳﻮس. رﺑﻤﺎ ﻧﺤﻦ ﻣﺨﺘﻠﻔﺎن، وﻟﻜﻨﻲ أﺻﺪق أن أساليبنا المجنونة هي ما تجمع بيننا.
ﻳﻤﻜﻨﻚ اﻟﺮﻓﺾ ﺑﻜﻞ ﺑﺴﺎﻃﺔ، وﺇﺣراق ﻫﺬا المكتوب كأن لم يكن وﻟﻜﻨﻚِ ﻟﻦ تفعلي، ﻷﻧﻚ
ﺗﻌﻠﻤﻴﻦ ﺟﻴﺪًا أﻧﻨﻲ ﻣﻔﻴﺪ، وﺃﻧﻚ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔٍ ﻣﺎﺳﺔ ﻟﻮﺟﻮﺪي.
فشيءٌ ما يُخبرني أنني بيدقٌ شُيَّد على رقعتك بدقة.
ﺳﺄﻧﺘﻈﺮ ﺿﺮﺑﺘﻚ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ…
ﻣﺘﺸﻮقٌ ﻟﻠﻘﺎءٍ ﺑﻴﻨﻨﺎ.
ﻣﻼﺣﻈﺔ أﺧﻴﺮة:
إن ﻧﺠﺤﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺬا ﻋﻠﻴﻚ ﻗﻄﻊ وﻋﺪ أﻧﻚ ﺳﺘﻘﻮﻣﻴﻦ ﺑﺘﻌﺮﻳﻔﻲ ﻋﻠﻰ ﺑﺸﺮﻳﺔٍ ﻓﺎﺗﻨﺔٍ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ
أﻭ ﺑﺄﺧﺮى.
ﻣﻊ ﺗﺤﻴﺎﺗﻲ: اﻟﺴﻴﺪ إي"
أﻧﻬﺖ ﺟﻠﻨﺎر ﻗﺮاءة اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻟﻠﻤﺮة اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ وﺑﺸﻜﻞٍ ﻣﺎ ﺷﻌﺮت أن ﻏﻀﺒﻬﺎ يتلاشى، ﻣﺎ
ﻳﻔﻌﻠﻪ اﻟﻔﺮﺳﺎن ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻠﺤﻈﺔ ﺷﻲءٌ ﺧﻄﺮٌ وﺣﺴﺎسٌ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ وﻓﻜﺮة أن أﻭﻛﺘﻴﻔﻴﺎن أﻓﺼﺢ ﻋﻦ
ﻫﺬا اﻟﺸﻲء ﻟﺸﺨﺺٍ ﻏﺮﻳﺐ أﺛﺎﺮت ﻏﻀﺒﻬﺎ، وﻟﻜﻦ اﻵن…
ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ أن ﺗﺮى بوضوحٍ أن ﻫﻨﺎك ﻓﺘﻰ ﻏﺮﻳﺐ اﻷﻃﻮاﺭ ﻳﺨﺎﻃﺮ حقًا ﺑﻜﻞ ﺷﻲءٍ ﻟﺪرﺟﺔ
ﺗﺪﻓﻌﻪ ﻟﻌﺪم اﻟﺜﻘﺔ ﺑﺎﺑﻨﺔ اﻟﺘﻮﺑﺎزﻳﻮس وﻫﻮ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔٍ أﺷﺪ ﺧﻄﺮًا ﻣﻨﻬﺎ، ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻣﺤﻖ!
اﻟﻔﺘﻰ ذﻛﻲ ﺟﺪًا، ﻳﻌﻠﻢ أﻳﻦ ﻳﻀﺮب ﺿﺮﺑﺘﻪ وﻳﻌﻠﻢ أن اﻻﺳﺘﻬﺎﻧﺔ ﺑﺎﻟﻌﺪو ﺣﻤﺎﻗﺔٌ ﻗﺪ
تتسبب ﻓﻲ ﻣﻘﺘﻠﻪ، وأن اﻟﺜﻘﺔ اﻟﻌﺸﻮاﺋﻴﺔ ﻣﺎ ﻫﻲ إﻻ ﺳﻜﻴﻦ اﻧﺘﺤﺎرٍ ﺳﻴﻨﺤﺮ ﻋﻨﻘﻪ ﺑﻬﺎ، إﻧﻪ
ذﻛﻲ... وﻭﺍﺛﻖٌ ﻣﻦ أﻧﻬﺎ ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻴﻪ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻔﺮﻳﻖ.
رﻓﻌﺖ ﻋﻴﻨﻬﺎ ﺑﻌﻴﺪًا ﻋﻦ اﻟﻮرﻗﺔ ﻧﺤﻮ أﻭﻛﺘﻴﻔﻴﺎن اﻟﺬي وﻗﻒ ﻳﺤﺪق ﺑﻬﺎ ﺑﺘﻌﺒﻴﺮٍ ساكنٍ
ﻳﻨﺘﻈﺮ رﺩ ﻓﻌﻠﻬﺎ التالي.
"ﻫﻞ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻚ اﻟﺘﻮﺿﻴﺢ ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ؟" ﺳﺄﻟﺖ وﻛﺘﻔﺖ ذﺭﺍﻋﻴﻬﺎ ﺑﻌﺪ
أن ﻧﺎوﻟﺖ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻷرﺗﻴﺎﻧﻮ دﻮن ﺗﺮدﺩ، ﻓﻼ ﻧﻴﺔ ﻟﻬﺎ لإخفاء أي ﺷﻲءٍ عن اﻟﻔﺮﺳﺎن.
"ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻨﻲ ﻗﻮل اﻟﻜﺜﻴﺮ، ﺟﻠﻨﺎر… ﻟﻜﻦ ﻫﺬا اﻟﻔﺘﻰ ﻳﻨﺘﻈﺮ ﺣﺮﻛﺘﻚ
اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ، وﺣﻴﻨﻬﺎ ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﻌﺮﻓﻲ ﻣﻦ ﻳﻜﻮن إي ﺣﻘﺎ" إﺟﺎﺑﺔ أﻭﻛﺘﻴﻔﻴﺎن ﻛﺎﻧﺖ وﺍﺿﺤﺔ،
ﻻ ﻣﺠﺎل ﻟﻠﻨﻘﺎش ﻓﻲ ﻫﻮﻳﺔ ﻫﺬا اﻟﺸﺨﺺ ﺣﺘﻰ ﻳﻘﺮر ﻫﻮ إﻇﻬﺎر ﻧﻔﺴﻪ.
"ﻫﺬا اﻟﻔﺘﻰ ﺣﻘﺎ ﻳﻤﻠﻚ ﺛﻘﺔً ﺿﺨﻤﺔ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ ﺑﻬﺬا اﻟﺸﻜﻞ! ﻣﺎ
اﻟﺬي ﻳﺪﻓﻌﻪ ﻟﻬﺬا ﺑﺤﻖ؟" ﺛﻮﻧﺎر اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ آﺧﺮ ﻣﻦ ﻳﻘﺮأ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺗﻌﺠﺒﺖ ﺑﺴﺨﺮﻳﺔٍ
وﻫﻲ ﺗﻨﻈﺮ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﻣﻨﺘﻈﺮةً إﺟﺎﺑﺔً ﻋﻠﻰ ﺳﺆاﻟﻬﺎ.
"ﻷﻧﻨﺎ بحاجته ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ"
ﻧﻈﺮوﺍ ﻧﺤﻮ ﺟﻠﻨﺎر اﻟﺘﻲ ﺑﺪت ﺷﺎرﺩةً ﻟﻠﺤﻈﺎتٍ ﻗﺒﻞ أن ﺗﻌﻴﺪ اﻧﺘﺒﺎﻫﻬﺎ ﻷوﻛﺘﻴﻔﻴﺎن
"ﻟﺴﺖ ﻣﺘﺄﻛﺪةً من إن ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﺠﻴﺪ ﺗﺮك الأمر ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻨﺤﻮ أم أن علي ﻟﻜﻤﻚ ﻷﻧﻚ
ﺗﺨﻔﻲ اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻋﻨﺎ". اﺑﺘﺴﻢ أﻭﻛﺘﻴﻔﻴﺎن وﺷﺒﻚ ﻳﺪﻳﻪ ﺧﻠﻒ ﻇﻬﺮه "أﻧﺖ ﺗﻤﻠﻜﻴﻦ
اﻟﺨﻴﺎر" ﻗﺎل ﺑﺜﻘﺔٍ وﻛﺎن ﺣﻘًﺎ ﻣﺴﺘﻌﺪًا ﻟﺘﻠﻘﻲ ﻟﻜﻤﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ وﺟﻬﻪ.
"ﺗﺒﺪو وﺍﺛﻘًﺎ بهذا اﻟﺼﺒﻲ! ﻇﻨﻨﺖ أن اﻟﻨﺒﻼء ﻻ ﻳﺜﻘﻮن ﺑﺄي ﻛﺎﺋﻦ
ﻳﺘﻨﻔﺲ" أﺗﺮﻳﻮس اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻤﺮ ﺑﺠﻮاﺭ أﻭﻛﺘﻴﻔﻴﺎن ﻧﺤﻮ اﻟﺒﺎر اﻟﺨﺎص ﺑﺎﻟﻤﻄﺒﺦ ﻗﺎل ساخرًا ﻗﺒﻞ أن ﻳﻠﺘﻘﻂ إخدى اﻟﺰﺟﺎﺟﺎت اﻟﻤﻠﻴﺌﺔ
ﺑﺎﻟﻤﺎء. "ﻫﻨﺎك أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﺗﻈﻦ، ﻓﻠﺮوﻣﺎن! وﺃﻛﺜﺮ ﺑﻜﺜﻴﺮٍ ﻣﻤﺎ رﺃﻳﺖ ﺣﺘﻰ ﺗﺤﻜﻢ ﺑﻬﺬه
اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻤﻴﻊ"
ﻟﻢ ﻳﺘﻤﺎﻟﻚ أﺗﺮﻳﻮس ﺿﺤﻜﺘﻪ المستنكرة "اﻋﺬرﻧﻲ، أﻧﺎ رﺟﻞ ﻻ ﺗﻌﻨﻲ اﻟﻤﺒﺎﺪئ له
ﺷﻴﺌﺎ، وﻟﻜﻦ أﻋﺘﺮف أن ﻣﺒﺪأ (اﻟﻨﺒﻼء سفلة) ﻫﻮ ﺷﻲء اﻟﻮﺣﻴﺪ المؤمن به". ﻋﻠﻰ ﻋﻜﺲ
أﻳﺎﻣﻬﻢ اﻷوﻟﻰ وﺟﺪ أﻭﻛﺘﻴﻔﻴﺎن ﻧﻔﺴﻪ ﻳﺒﺘﺴﻢ ﻟﺮد أﺗﺮﻳﻮس.
ﻛﺴﺐ ﺛﻘﺔ ﻫﺬا اﻟﺮﺟﻞ ﻫﻮ ﺷﻲء
ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ، ﻣﺎ ﺑﺎﻟﻚ إن ﻛﻨﺖ نبيلًا؟ ﻳﻌﻠﻢ أﻭﻛﺘﻴﻔﻴﺎن أن ﻛراهية أﺗﺮﻳﻮس ﻟﻠﻨﺒﻼء ليست
ﻟﻤﺠﺮد انتماءه لسكان الحدود، ﺑﻞ ﻫﻨﺎك ﻣﺎ ﻫﻮ أﻛﺜﺮ، ولكنه أيضًا يعلم أن من الحكمة
تجنب نبش ماضي هذا الرجل.
"ﻻ أﻣﻠﻚ ﻣﺎ أﻗﻮﻟﻪ ﻟﻜﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎ إﻻ أن اﻷﻣﺮ أﻋﻤﻖ ﺑﻜﺜﻴﺮٍ ﻣما
ﺗﻈﻨﻮن، ﻫﻨﺎك أﻣﻮر عالقةٌ من قبل ظهور الإريبوس وقبل تجمعنا معًا، أحداثٌ ظلت طي
الكتمان، وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻓﻘﻂ ﺗﻈﻬﺮ ﻟﻠﺴﻄﺢ اﻵن..." اﻟﺘﻔﺖ ﻟﺠﻠﻨﺎر وﻗﺎل ﺑﻨﻈﺮةٍ ﺟﺎدة
وﺻﺎرﻣﺔ: "الأمر أﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﻣﺠﺮد اﻟﺨﻴﺮ وﺍﻟﺸﺮ، وﺃﺳﻮأ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺑﻜﺜﻴﺮ، إﻣﺎ أن نبدأ
الحراك أو ﻧﻨﺘﻈﺮ ﻟﻸﺑﺪ".
ﻣﺠﺪدﺍ اﺗﺠﻬﺖ اﻧﻈﺎرﻫﻢ ﺻﻮب ﺟﻠﻨﺎر، إن كان قرارها التنفيذ أم الرفض فهم على أتم
استعدادٍ للاتفاق معها.
"ﻻ أﻋﻠﻢ ﻣﺎ إن ﻛﺎنت إحدى ﺧﺼﺎﺋﺺ ﻫﺬه اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻓﻬﻢ ﻷﻟﻐﺎز اﻟﺘﻲ
ﻳﻘﻮم ﻛﻞ ﺷﺨﺺ ﺑﻘﻮﻟﻬﺎ، وﻟﻜﻨﻲ ما زلت ﻻ أﻓﻬﻢ ﻣﻌﻀﻠﺔ اﻟﺨﻴﺮ وﺍﻟﺸﺮ ﺗﻠﻚ" طرفت نحو
يوجين لثوانٍ غير مبالية بسخريته؛ فقرارها سيحسم الأمر.
"رﻓﺎق! ﻋﻠﻴﻜﻢ اﻟﻨﻈﺮ ﻟﻬﺬا!" ﻗﺎﻃﻊ اﻟﻬﺪوء ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺻﻮت ﺟﻮزﻓﻴﻦ
اﻟﺬي ﺣﺮك ﻳﺪه ﻟﺘﺘﻮﺳﻊ اﻟﺸﺎﺷﺔ اﻟﻤﺠﺴﻤﺔ ﻣﻈﻬﺮةً ﺳﻴﺪ ﻋﺎﺋﻠﺔ ﺟﻠﻴﻦ يقف بشموخٍ وﻳﺘﺤﺪث ﺑﻜﻞ
ﺛﻘﺔٍ وﻋﻴﻨﻪ ﺗﻨﻈﺮ ﻟﻌﺪﺳﺔ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ بجرأةٍ وﺻﺪق…
"ﻟﺬﻟﻚ أﻛﺮر ﻣﺠﺪدﺍ ﻟﺠﻤﻴﻊ أﻓﺮاﺩ ﻋﺎﺋﻠﺔ ﺟﻠﻴﻦ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ وﺍﻟﻨﺒﻴﻠﺔ؛
اﻟﻤﺤﺎوﻻت ﻓﻲ ﺗﻔﺮﻳﻖ ﺻﻔﻮف اﻟﻨﺒﻼء ﻣﺎ ﻫﻲ إﻻ ﻣﺤﺎوﻻتٍ ﻓﺎﺷﻠﺔ ﻣﻦ أﻓﺮاﺩ ﺗﺤﻤﻞ اﻟﺤﻘﺪ وﺍﻟﺸﺮ
للنبلاء، إن ﻛﺎن شخصًا مجهولًا ﻣﻦ ﺳﻜﺎن اﻟﺤﺪوﺩ ﺳﻴﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺗﻔﺮﻳﻖ ﺟﻤﻌﻨﺎ ﺑﺎﻷﻛﺎذﻳﺐ
وﺍﻟﺘﺴﺠﻴﻼت اﻟﻤﻠﻔﻘﺔ؛ ﻓﻜﻴﻒ ﻟﻨﺎ أن ﻧﺘﺼﺪى لشرٍ أﻋﻈﻢ ﻳﺪًا ﺑﻴﺪ؟ رﺑﻤﺎ ﻳﻈﻦ اﻟﺒﻌﺾ أﻧﻨﻲ
ﻛﺴﻴﺪٍ ﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﺟﻠﻴﻦ اﺭﺗﻜﺒﺖ اﻷﺧﻄﺎء، ﻟﻜﻦ… ﻣﻨﺼﺒﻲ ﻫﻮ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺔ، وﺗﺤﻤﻞ ﻫﺬه اﻟﻤﺴﺆوﻟﻴﺔ
ﺗﺪﻓﻌﻚ ﻟﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﻳﻠﺰم ﻟﺤﻤﺎﻳﺔ أﺭﺍﺿﻲ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ وﻗﺼﻮرﻧﺎ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ من قوى الشر، وما كان
لسيد عائلة أن يترك أرواح أفراد الإلترانيوس لتقع فريسة الظلام لولا سوء التواصل
الذي دفع الفرسان لتجاهل إعلامنا بآخر تطورات أرض المعركة"
اتسعت أعين نصف الواقفين بصدمةٍ بينما تابع جلين بصوتٍ جهوري: "ﻣﺎ ﺣﺪث
هو أﺿﺮاﺭٌ ﺟﺎﻧﺒﻴﺔ ﻛﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺮﺳﺎن ﺗﺤﻤﻞ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺘﻬﺎ وﻟﻜﻦ... ﻻ ﻳﺠﺐ أن ﻧﻮﺟﻪ اﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ
ﻟﻔﺮﺳﺎﻧﻨﺎ ﺣﺘﻰ وإن أﺧﻄأﻮا ﻣﺮة. وﻣﻦ ﻣﻨﺼﺒﻲ ﻫﺬا أﻗﻮل إﻧﻨﻲ ﻛﺨﺎﺪمٍ ﻟﻬﺬا اﻟﺸﻌﺐ، وﺭﻏﻢ
ﻛﺮاﻫﻴﺔ اﻟﺤﺪوﺩ ﻟﻨﺎ، فأنا ﻣﺴﺘﻌﺪٌ ﻟﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﻳﻠﺰم ﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﻣﻤﻠﻜﺘﻨﺎ… ﻟﻦ ﻧﺘﺮك أي حاﻘﺪٍ ﻣﻦ
ﺟﻤﺎﻋﺎتٍ ﻣﺠﻬﻮﻟﺔٍ وﻣﺘﻤﺮدة يسعى لتدمير ﺳﻼﻣﺔ اﻹﻟﺘﺮاﻧﻴﻮس وﺍﻟﺘﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﻗﺪر ﻋﺎﺋﻠﺔ ﺟﻠﻴﻦ
و...".
أﻏﻤﻀﺖ ﺟﻠﻨﺎر ﻋﻴﻨﻬﺎ ﺑﻘﻮةٍ وﺿﻐﻄﺖ ﻋﻠﻰ أﺳﻨﺎﻧﻬﺎ ﺗﺤﺎﻮل ﻣﻨﻊ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺸﺘﻴﻤﺔ
ﺑﺼﻮتٍ عالٍ، ﻟﻜﻦ ﺟﻮزﻓﻴﻦ ﺷﺘﻢ ﻋﻮﺿًﺎ ﻋﻨﻬﺎ وﻫﻮ ﻳﺤﺮك ﻳﺪه ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺎﺷﺔ اﻟﻤﺠﺴﻤﺔ ﻟﺘﺘﻐﻴﺮ
اﻟﺼﻮرة ﻟﺸﺨﺺٍ آﺧﺮ. "ﻫﻨﺎك اﻟﻤﺰﻳﺪ" ﻗﺎل وﻫﻮ ﻳﻨﻈﺮ ﻟﺼﺎﻣﻴﻮﻣﻴﻦ وﺍﻗﻔًﺎ ﻳﺮدﺩ
ﺗﺮﻫﺎتٍ ﻣﺸﺎﺑﻬﺔ ﻟﻤﺎ ﻳﻘﻮﻟﻬﺎ ﺟﻠﻴﻦ، وﻣﺠﺪدًﺍ ﻏﻴﺮ اﻟﺼﻮرة ﻟﻴﻈﻬﺮ ﺳﻴﺪ ﻋﺎﺋﻠﺔ دﻮل ﻳﺘﺤﺪث
ﺑﺄﺷﻴﺎء ﻣﺸﺎﺑﻬﺔٍ ﺑﻐﻀﺐٍ ﻣﺼﻄﻨﻊ.
ﺻﺎح ﻻﻓﻴﺎن ﺑﻐﻀﺐٍ وﺍﺳﺘﻨﻜﺎر: "اﻟﻤﻼﻋﻴﻦ! ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أﻧﻬﻢ اﺗﻔﻘﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻲء
ذﺍﺗﻪ، ﻻ أﺻﺪق أن ﻫﻨﺎك ﺣﻤﻘﻰ ﻳﺼﺪﻗﻮﻧﻬﻢ!".
ﺿﺤﻜﺖ ﺛﻮﻧﺎر ﺑﺴﺨﺮﻳﺔ وﻗﺎﻟﺖ: "إنهم ﻳﺤﻤﻠﻮﻧﻨﺎ اﻟﺨﻄﺄ اﻵن! و ﻳﻘﻮل اﻟﻠﻌﻴﻦ: ﻻ
ﻳﺠﺐ أن ﻧﻮﺟﻪ اﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ ﻟﻔﺮﺳﺎﻧﻨﺎ، اﺑﻦ اﻟﻌﺎﻫﺮة" ﺿﺮﺑﺖ اﻟﺠﺪاﺭ ﺑﻘﺒﻀﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ
اﻟﺠﻤﻠﺔ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺪﻣﺎﺋﻬﺎ ﺗﻐﻠﻲ.
اﻟﺘﻔﺘﺖ ﺟﻠﻨﺎر ﻧﺤﻮ اﻟﺸﺎﺷﺔ ﻣﺠﺪدًﺍ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺻﺪح ﺻﻮت ﺳﻴﺪ ﻋﺎﺋﻠﺔ أﻟﻔﻦ قائلًا:
"اﻟﻨﺒﻼء ﻫﻢ ﺧﺪمٌ ﻟﻬﺬه اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ، وﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﺨﺎﻃﺮ ﻓﻨﺤﻦ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻌﺪاﺩٍ ﻟﻠﻮﻗﻮف
ﺿﺪﻫﺎ ﻣﻌًﺎ، ﻟﻘﺪ ﻓﺘﺤﻨﺎ أﺭﺍﺿﻴﻨﺎ ﻟﺴﻜﺎن اﻟﺤﺪوﺩ وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻣﺎ زﺍﻟﻮا ﻳﺠﺤﺪوﻧﻨﺎ وﻳﺜﻴﺮون
اﻟﻔﺘﻨﺔ ﺑﻴﻨﻨﺎ...".
ﺗﻨﻬﺪ أﺭﺗﻴﺎﻧﻮ وﻧﻈﺮ ﻧﺤﻮ ﺟﻠﻨﺎر قائلًا: "اﻷﻣﺮ ﻳﺒﺪو وﻛﺄﻧﻬﻢ ﻳﺬﻳﻌﻮن ﺗﺼﺮﻳﺤًﺎ
ﻟﻠﻨﺒﻼء ﺑﺎﺳﺘﺒﺎﺣﺔ دﻣﺎء ﺳﻜﺎن اﻟﺤﺪوﺩ اﻟﻤﻮﺟﻮدﻮن دﺍﺧﻞ أﺮض ﻛﻠﻴﺴﺜﻴﻨﻴﺲ، ﻛﻤﺎ أن ﺳﻴﺪة
ﻋﺎﺋﻠﺔ ﻛﻠﻴﺴﺜﻴﻨﻴﺲ ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻒٍ ﺿﻌﻴﻒ اﻵن، إن دﺍﻓﻌﺖ ﻋﻨﻬﻢ ﻓﻬﻲ ﺗﺪاﻓﻊ ﻋﻦ أﺷﺨﺎصٍ ﻳﻜﺮﻫﻮن
اﻟﻨﺒﻼء وﻳﻔﺮﻗﻮﻧﻬﻢ ﺑﺎﻟﻜﺬب، وإن ﻟﻢ ﺗﻔﻌﻞ ﻓﻬﻲ ﺗﻌﻄﻲ إﺷﺎرةً ﺧﻀﺮاء ﻟﻴﺨﺮﺟﻮا ﻣﻦ
أﺭﺿﻬﺎ"
ﻟﻌﻨﺖ ﺟﻠﻨﺎر وﻫﻲ ﺗﻨﻈﺮ ﻟﻮﺟﻪ ﺳﻴﺪ ﻋﺎﺋﻠﺔ أﻟﻔﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺎﺷﺎت، ﻻ ﻳﻤﻠﻚ أﺣﺪﻫﻢ حلًا
ﻟﻬﺬا اﻟﻮﺿﻊ، إﻻ إﺫﺍ...
"ﺟﻠﻨﺎر" ﻧﺎدى ﻳﻮﺟﻴﻦ ﺟﺎذﺑًﺎ اﻧﺘﺒﺎﻫﻬﺎ.
"أﻋﻠﻢ أﻧﻨﻲ ﻧﻮﻋًﺎ ﻣﺎ أﺧﺸﻰ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺨﻄﺔ اﻟﻤﺠﻨﻮﻧﺔ اﻟﺘﻲ خططتٍ
ﻟﻬﺎ، ﻟﻜﻦ… أﻇﻦ أن ﺣﻔﻨﺔ اﻟﻤﻼﻋﻴﻦ ﺗﻠﻚ ﻟﻦ ﻳﺘﻢ رﺩﻋﻬﻢ إﻻ ﺑﺎﻟﺠﻨﻮن! ﻗﻮﻣﻲ ﺑﻔﻌﻞ ﻣﺎ عليكِ
ﻓﻌﻠﻪ، ﻻ أﺟﺪ حلًا ﻟﻬﺬا إﻻ ﺧﻄﺘﻚ"
اﺑﺘﺴﻢ ﻧﺤﻮﻫﺎ ﺑﺜﻘﺔٍ وﺃﻭﻣﺄ ﺑﺮأﺳﻪ ﻓﻲ ﻣﺤﺎوﻟﺔٍ ﻣﻨﻪ ﻟﻘﺘﻞ اﻟﺘﺮدﺩ دﺍﺧﻠﻬﺎ، ﻳﻮﺟﻴﻦ
ﻛﺎن الدفعة اﻟﺼﻐﻴﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﺎﺟﻬﺎ؛ ﻓﻬﻲ ﻗﺪ ﻃﻔﺢ ﺑﻬﺎ اﻟﻜﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﻨﺒﻼء.
"ﻟﻨﺒﺪأ ﺑﺘﻨﻔﻴﺬ أولى ﺧﻄﻮاﺗﻨﺎ"
ﺻﻤﺖ اﻟﺠﻤﻴﻊ وﻧﻈﺮوﺍ ﻧﺤﻮﻫﺎ ﺑﺘﻔﺎﺟﺊ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﺟﻤﻌﺖ ﻗﺒﻀﺘﻬﺎ وﺭﻓﻌﺖ ﻋﻴﻨﻬﺎ ﻧﺤﻮﻫﻢ ﺑﺜﺒﺎتٍ
وﻛﺮﺮت اﻟﺠﻤﻠﺔ ﺑﺜﻘﺔ: "أﻋﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻣﻨﺬ اﻟﻴﻮم، ﻟﻨﺒﺪأ ﺑﻔﻌﻠﻬﺎ".
اﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﺣﻤﺎﺳﻴﺔ اﺭﺗﺴﻤﺖ ﻋﻠﻰ وﺟﻮه اﻟﺠﻤﻴﻊ وﺗﺒﺎدﻟﻮا اﻟﻨﻈﺮات ﺑﻴﻨﻬﻢ وﻛﺄن ﻛﻞ
وﺍﺣﺪٍ ﻣﻨﻬﻢ ﻳﺘﺄﻛﺪ أن اﻵﺧﺮ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺬات اﻟﻤﺰﻳﺞ ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺗﺮ وﺍﻟﺤﻤﺎس.
"ﺣﺴﻨًﺎ إﺫًﺍ، ﻟﻨﺘﺤﺮك" ﻏﻤﺰ أﻏﺪرﺍﺳﻴﻞ ﻟﺠﻠﻨﺎر ﻗﺒﻞ أن ﻳﺨﺮج
ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺰل ﻣﺘﺠﻬًﺎ ﻟﻠﻮﺟﻬﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﻨﺘﻈﺮ أﻣﺮ ﺟﻠﻨﺎر ﻟﻠﺬﻫﺎب إﻟﻴﻬﺎ.
"أﺭﺍﻛﻢ ﺣﻴﻦ ﻳﺒﺪأ اﻟﻘﺘﺎل" ﻗﺎل أﻭﻛﺘﻴﻔﻴﺎن ﻗﺒﻞ أن ﻳﺴﺤﺐ أﺣﺪ
اﻟﺴﻴﻮف الموجودة ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺪاﺭ وﻳﻀﻴﻔﻬﺎ ﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺘﻪ وﻳﺨﺮج ﻫﻮ أﻳﻀًﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻜﺎن.
"ﺑﺎﻟﺘﻮﻓﻴﻖ!" ﺗﻴﻨﺮ ﺟﺎم ﻫﺘﻒ ﺑﺎﺑﺘﺴﺎﻣﺔٍ وﻫﻮ ﻳﺮﺑﺖ ﻋﻠﻰ ذﺭاع
ﺟﻠﻨﺎر وﺗﺒﻊ اﻻﺛﻨﻴﻦ ﻗﺒﻠﻪ، رﻭﻣﻴﺎس اﻧﻄﻠﻖ ﻣﻊ ﻫﺎرﻟﻴﻚ ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ زﻭﻧﺪي وﻻﻓﻴﺎن اﻟﺬي ﺗﺤﺪث
ﻓﻲ ﺳﻮاﺮه ﻣﻊ رﺟﻞٍ ﻣﺎ.
"ﺳﺄﻧﺘﻈﺮ، ﻟﻜﻦ ﻻ ﺗﺘﺮﻛﻴﻨﻲ أﻧﺘﻈﺮ ﻛﺜﻴﺮًا؛ ﻓﺄﻧﺎ أﻣﻞ ﺑﺴﺮﻋﺔ"
ﺛﻮﻧﺎر ﻣﺎزﺣﺖ ﻗﺒﻞ أن ﺗﻬﺮﻮل ﻟﻠﺨﺎﺮج ﺑﺮﻓﻘﺔ ﺟﻮزﻓﻴﻦ.
اﻟﺘﻔﺘﺖ ﺟﻠﻨﺎر ﺗﻨﻈﺮ ﻧﺤﻮ أﺗﺮﻳﻮس وﺃﺭﺗﻴﺎﻧﻮ و ﻳﻮﺟﻴﻦ. "ﻫﻞ ﻟﻨﺎ أن
ﻧﺬﻫﺐ؟" ﺳﺄﻟﺖ ﻟﻴﺒﺘﺴﻢ ﻳﻮﺟﻴﻦ اﺑﺘﺴﺎﻣﺔً ﺿﺨﻤﺔ وﻳﻮﻣﺊ ﺑﺤﻤﺎس. "ﺗﺒﺪﻮن ﻛﺤﻔﻨﺔ
أﻃﻔﺎل" ﺗﻤﺘﻢ أﺭﺗﻴﺎﻧﻮ وﻫﻮ ﻳﺘﺠﻪ ﻟﻠﺨﺎﺮج وﻳﻮﺟﻴﻦ ﻳﺘﺒﻌﻪ وﻳﺤﺎﻮل اﻟﺴﺨﺮﻳﺔ ﻣﻨﻪ.
اﻟﺘﻔﺘﺖ ﺟﻠﻨﺎر ﻧﺤﻮ أﺗﺮﻳﻮس، وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻮﻗﻔﺖ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻈﺮت ﻟﻮاﻧﺪر اﻟﺘﻲ ﻇﻠﺖ وﺍﻗﻔﺔ
ﺗﻨﻈﺮ لهما ﺑﺎﺑﺘﺴﺎﻣﺔٍ ﺻﻐﻴﺮة "ﺳﺄﻧﺘﻈﺮ ﻋﻮدﺗﻜﻢ سالمين". اﺑﺘﺴﻢ ﻛﻼﻫﻤﺎ
ﺗﻠﻘﺎﺋﻴًﺎ ﻟﻮاﻧﺪر ﻗﺒﻞ أن ﻳﻨﻈﺮ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻟﻶﺧﺮ وﺗﺨﺘﻔﻲ اﺑﺘﺴﺎﻣﺘﻬﺎ.
أﻟﻘﻰ أﺗﺮﻳﻮس ﻓﺄﺳﻪ ﻓﻲ اﻟﻬﻮاء والتقطها ﻣﺠﺪدًﺍ وﻫﻮ ﻳﻤﺮ ﻣﻦ أﻣﺎم ﺟﻠﻨﺎر وﺗﺠﺎﻫﻞ
ﻧﻈﺮﺗﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﻻ تزال ﺗﺤﻤﻞ ﺑﻌﺾ الغضب ﺗﺠﺎﻫﻪ.
اﻟﺘﻘﻄﺖ سترة الجلد الملقاة فوق الأريكة وﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺰل وﺻﻔﺮت ﺑﻘﻮةٍ ﻟﻴﻀﺮب
اﻟﻬﻮاء اﻟﻤﻜﺎن ﺑﻔﻌل ﺟﻨﺎﺣﻲ ﻛﺎرﻭﻟﻮس اﻟﺬي ﻫﺒﻂ ﻋﻠﻰ اﻷﺮض ﺳﺎﻣﺤًﺎ ﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﻘﻔﺰ ﻓﻮق ﻇﻬﺮه،
ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﻞٌ ﻣﻦ أﺗﺮﻳﻮس وﺃﺭﺗﻴﺎﻧﻮ اﺳﺘﻌﻤﻼ اﻟﻤﺮﻛﺒﺔ اﻟﻤﻮﺟﻮدة أﻣﺎم اﻟﻤﻨﺰل.
ﻗﺒﻞ أن ﻳﺤﻠﻖ ﻛﺎرﻭﻟﻮس ﺑﻌﻴﺪًا ﻋﻦ اﻷﺮض رﻛﺾ آﺭﻛﻮن ﺑﺴﺮﻋﺔٍ ﻳﻀﺮب اﻷﺮض ﺑﺄﻗﺪاﻣﻪ و
ﻗﻔﺰ ﻓﻲ ﺣﺠﺮ ﺟﻠﻨﺎر ﻣﺘﺠﺎﻫﻼ زﻣﺠﺮة ﻛﺎرﻭﻟﻮس اﻟﻤﺴﺘﺎءة ﻣﻦ وﺟﻮﺪه.
"ﻫﻮن ﻋﻠﻴﻚ ﻳﺎ ﺻﺎح، ﻣﺎ زﻟﺖ اﻟﻤﻔﻀﻞ ﻟﺪﻳﻬﺎ" رﺑﺖ ﻳﻮﺟﻴﻦ ﻋﻠﻰ
رأس ﻛﺎرﻭﻟﻮس ﺑﻤﻮاﺳﺔٍ وﻫﻮ ﻳﻜﺘﻢ ﺿﺤﻜﺘﻪ ﻟﻨﻈﺮة ﻛﺎرﻭﻟﻮس غير الراضية.
....
"ﺳﻴﺪي، ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻚ اﻟـ..." اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺬي ﺣﺎﻮل ﻣﻨﻊ أﻭﻛﺘﻴﻔﻴﺎن
ﺑﺼﻌﻮﺑﺔٍ ﻣﻦ اﻟﺪﺧﻮل ﻟﻤﻜﺘﺐ اﻟﺴﻴﺪ أﻟﻔﻦ ﺗﻢ ﺗﺠﺎﻫﻠﻪ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ، وﺍﺭﺗﻄﻢ ﺣﺬاء أﻭﻛﺘﻴﻔﻴﺎن
بالأرض ﺑﻘﻮةٍ ﺟﺎذﺑﺎ أﻧﻈﺎر اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻓﻲ اﻟﻘﺼﺮ مكملًا ﻃﺮﻳﻘﻪ.
دﻓﻊ اﻟﺒﺎب اﻟﻀﺨﻢ اﻟﺨﺎص ﺑﻤﻜﺘﺐ أﻟﻔﻦ دﺍﻋﻴًﺎ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻠﺪاﺧﻞ. "ﺳﻴﺪي، ﻟﻘﺪ
ﺣﺎوﻟﺖ إﻳﻘﺎﻓﻪ، ﻟﻜﻦ..." اﺑﺘﻠﻊ اﻟﺮﺟﻞ ﺑﺘﻮﺗﺮٍ وﺑﺪل ﻧﻈﺮه ﺑﻴﻦ ﻧﻈﺮة أﻟﻔﻦ اﻟﻤﺴﺘﻨﻜﺮة
للتهجم اﻟﺼﺮﻳﺢ ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺘﺒﻪ وﻧﻈﺮة أﻭﻛﺘﻴﻔﻴﺎن اﻟﺘﻲ ﺑﺪت ﻣﺘﻌﺠﻠﺔً وﻫﻠﻌﺔ!
"ﻳﻤﻜﻨﻚ اﻟﺬﻫﺎب" أﺷﺎر أﻟﻔﻦ ﻟﻠﺮﺟﻞ ﻟﻴﺨﺮج ﻣﻦ اﻟﻤﻜﺎن ﻗﺒﻞ أن
ﻳﻌﻴﺪ اﻧﺘﺒﺎﻫﻪ ﻷوﻛﺘﻴﻔﻴﺎن.
"ﻣﺎ ﺧﻄﺐ دﺧﻮﻟﻚ اﻟﻤﺴﺮﺣﻲ، أﻳﻬﺎ اﻟﻤﻘﺪم؟ لمَ ﺗﺒﺪو ﺑﻬﺬه...
اﻟﺤﺎﻟﺔ؟"
ﺗﻘﺪم أﻭﻛﺘﻴﻔﻴﺎن وﻫﻮ ﻳﻨﻈﺮ ﻷﻋﻴﻦ أﻟﻔﻦ ﺑﺠﺪﻳﺔ "شيءٌ سيء للغاية على وشك
الحدوث". رﻓﻊ أﻟﻔﻦ ﺣﺎﺟﺒﻪ وﺑﺪا اﻟﻤﻘﺪم أﻣﺎﻣﻪ ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ اﻟﺘﻮﺗﺮ؛ ﻣﻤﺎ أﺛﺎر ﺣﻔﻴﻈﺔ
أﻟﻔﻦ لثوانٍ رغم مظهره المتماسك. "على ماذا ستقدم هذه المرة؟" ﻛﺎن ﻳﻘﺼﺪ
ﺟﻠﻨﺎر ﺑﺤﺪﻳﺜﻪ، وﻛﺎن ﻳﻌﻠﻢ أن شخصًا كأﻭﻛﺘﻴﻔﻴﺎن ﻟيس من عادته فقد هدوءه إلا إذا كان
الأمر شديد الخطورة.
"ﻟﻘﺪ ﺳﻤﻌﺖ ﺣﺪﻳﺜﻬﺎ ﻣﻊ ﻓﺎﺮس اﻟﻌﺒﺎﻗﺮة، إﻧﻬﺎ ﺗﺨﻄﻂ ﻹرﺳﺎل ﺟﻤﻴﻊ
ﺳﻜﺎن اﻟﺤﺪوﺩ إﻟﻰ أﺭﺍﺿﻲ اﻟﻨﺒﻼء اﻟﺨﻤﺴﺔ اﻟﻤﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺑﺄﻣﺮٍ رﺳﻤﻲ ﻻ ﻣﺠﺎل
ﻟﻠﻨﻘﺎش ﻓﻴﻪ، ﺳﺘﻘﻮم ﺑﺘﺤﻮﻳﻞ أﺭﺍﺿﻲ اﻟﻨﺒﻼء إﻟﻰ ﻣﻜﺎنٍ ﻟﻴﻌﻴﺶ ﻓﻴﻪ ﺳﻜﺎن اﻟﺤﺪوﺩ ﺣﺘﻰ ﺗﻨﺘﻬﻲ
اﻟﺤﺮب"
اﺗﺴﻌﺖ عينا أﻟﻔﻦ ﺑﺼﺪﻣﺔٍ ﻗﺒﻞ أن ﻳﻀﺮب اﻟﻄﺎوﻟﺔ ﺑﻘﺒﻀﺘﻪ، ولكنه استعاد هدوءه في
لحظةٍ وقال بنبرةٍ حادة: "ﻻ ﺗﻤﻠﻚ اﻟﺤﻖ ﻓﻲ اﻟﺘﺼﺮف ﺑﺄرﺍﺿﻲ ﻋﺎﺋﻠﺘﻨﺎ". ﻣﺴﺢ
أﻭﻛﺘﻴﻔﻴﺎن ﻋﻠﻰ وﺟﻬﻪ وﺯﻓﺮ ﺑﺘﻮﺗﺮ "ﻟﻸﺳﻒ إﻧﻬﺎ ﺗﻔﻌﻞ، ﻧﺤﻦ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺣﺮب! وﺫﻟﻚ
اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻠﻌﻴﻦ ﻳﺨﻮﻟﻬﺎ ﻟﻔﻌﻞ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪ، وﺍﻻﻋﺘﺮاض ﻳﻌﻨﻲ اﻟﺨﻴﺎﻧﺔ اﻟﻤﻠﻜﻴﺔ".
ﻧﻈﺮ أﻟﻔﻦ لأوكتيفيان وقد بدأ الغضب يتمكن منه؛ لذلك التقط أول ما قد وقعت
يده عليه وألقاه باتجاه الدولاب الزجاجي في زاوية المكتب ليتحطم بالكامل وقد صاح
لاعنًا.
دلف ابنه الأكبر المكتب على عجلةٍ وقد جذبه صوت الحطام -كما فعل لنصف
الموجودين خارج المكتب- وﻧﻈﺮ ﺑﻔﺰعٍ ﻟﻠﻔﻮﺿﻰ ﻗﺒﻞ أن ﻳﻨﻈﺮ ﻷوﻛﺘﻴﻔﻴﺎن "ﻣﺎذﺍ ﻳﺤﺪث
ﻫﻨﺎ ﺑﺤﻖ اﻹﻟﻪ؟".
رﻓﻊ أﻟﻔﻦ ﻧﻈﺮه ﻻﺑﻨﻪ اﻷﻛﺒﺮ ﻓﻠﻮرﻳﺎن وﻗﺎل: "ﺻﻠﻨﻲ ﺑﻘﺎدة اﻟﻌﺎﺋﻼت
الأربع". ﺑﺪا ﻓﻠﻮرﻳﺎن ﻣﺸﻮﺷًا وبالكاد يدك ما يحدث. "ﺣﺘﻰ
ﻛﻠﻴﺴﺜﻴﻨﻴﺲ؟" ﺳﺄل ﺑﺪﻫﺸﺔ؛ ﻓﻬﻮ ﻳﻌﻠﻢ أﻧﻬﺎ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻣﺴﺘﺜﻨﺎة ﻣﻦ ﻫﺬه اﻻﺗﺼﺎﻻت
اﻟﺨﺎﺻﺔ!
"ﻧﻌﻢ، ﺣﺘﻰ ﻫﻲ ﻓﻠﻮرﻳﺎن، ﺻﻠﻨﻲ ﺑﻬﻢ ﺣﺎﻻ" ﻗﺎل وﻫﻮ ﻳﻀﻐﻂ ﻋﻠﻰ
أﺳﻨﺎﻧﻪ ﻳﻤﻨﻊ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ اﻟﺼﺮاخ ﺑﻐﻀﺐ.
ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺎﺟﺊ ﻟﻔﻠﻮرﻳﺎن أن ﻳﺮى وﺍﻟﺪه ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﻐﻀﺐ وﻭﺟﻮد
أﻭﻛﺘﻴﻔﻴﺎن ﻛﺎن ﻳﺰﻳﺪ ﺣﻴﺮﺗﻪ، وﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎن دليلًا أن ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺎة اﻟﻐﺮﻳﺒﺔ ﻟﻬﺎ يد ﺑﺎﻷﻣﺮ.
ﻓﻲ ثوانٍ ﻛﺎن اﻟﻘﺎدة الأربعة على اﺗﺼﺎل ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻣﻊ أﻟﻔﻦ اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﺘﺮك ﻓﺮﺻﺔً
ليعبر القادة الثلاث عن استغرابهم لوجود كليسثينيس معهم!
"ﻻ أﻇﻦ أن اﻻﺣﺘﻔﺎل ﻫﻮ ﻣﺎ ﺟﻌﻠﻚ ﺗﺪﻋﻮﻧﺎ ﺑﺸﻜﻞٍ ﻋﺎﺟﻞ، ﺳﻴﺪ
أﻟﻔﻦ!" ﺑﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﻧﺒﺮة ﻛﻠﻴﺴﺜﻴﻨﻴﺲ ﻟﻢ ﺗﺤﻤﻞ ﺳﻮى اﻟﺠﻤﻮد إﻻ أن اﻟﺴﺨﺮﻳﺔ ﻓﻲ
ﻛﻠﻤﺎﺗﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ جليةً ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ. "ﻻ، ليس ﻛﺬﻟﻚ. ﻟﻘﺪ اﺗﺼﻠﺖ ﺑﻜﻞ ﻓﺮدٍ ﻣﻨﻜﻢ ﻹﻳﺠﺎد ﺣﻞٍ
ﻗﺒﻞ أن ﻳﺤﺪث ﻣﺎ ﺗﺨﻄﻂ ﻟﻪ ﺗﻠﻚ الفتاة" ﻗﺎل ﺑﺴﺨﻂٍ ﻣﻤﺎ أﺛﺎر ﺗﻌﺠﺐ أﺭﺑﻌﺘﻬﻢ.
"ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺎة ﺗﻨﻮي توزيع ﺟﻤﻴﻊ ﺳﻜﺎن اﻟﺤﺪوﺩ إﻟﻰ أﺭاضينا ﺑﺄﻣﺮٍ
ﻣﻠﻜﻲ"
ﻛﻞ ﺷﺨﺺ ﻣﻨﻬﻢ أﺧﺬ وﻗﺘﻪ ﻻﺳﺘﻴﻌﺎب اﻷﻣﺮ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﻐﻀﺐ ﻳﻨﻔﺠﺮ دﺍﺧﻠﻪ، اﺣﺘﻔﻈﺖ
اﻟﺴﻴﺪة اﻟﻮﺣﻴﺪة ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺑﺼﻤﺘﻬﺎ وﺍﺗﺠﻬﺖ ﻋﻴﻨﻬﺎ ﻧﺤﻮ أﻭﻛﺘﻴﻔﻴﺎن ﺑﺸﻚ، ﻟﻜﻨﻪ ﺗﺠﺎﻫﻞ ذﻟﻚ
وﺭﺍﻗﺐ اﻟﻮﺿﻊ ﻳﻨﺘﻈﺮ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻴﺘﺪﺧﻞ.
ﺑﻴﻦ ﺿﺠﻴﺞ اﻟﻘﺎدة اﻟﺜﻼث ﻛﺎن ﻓﻠﻮرﻳﺎن ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺤﻴﺮة ﺗﻜﺎد ﺗﻔﺠﺮ رﺃﺳﻪ، ﻣﺎ الأمر
اﻟﺬي ﻳﺨﻔﻴﻪ وﺍﻟﺪه ﻋﻨﻪ ﺑﺤﻖ الله؟ ولمَ اﺑﻦ ﺟﻴﺮﻣﻲ ﻳﻌﻠﻢ ﺑﺄﻣﺮٍ ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻪ ﻫﻮ؟
"ﻋﻠﻰ أﺣﺪﻫﻢ إﻳﻘﺎف هذا الجنون عند حده!" ﺟﻠﻴﻦ ﺻﺎح وﻫﻮ ﻳﺼﻚ
ﻋﻠﻰ أﺳﻨﺎﻧﻪ، ﻟﻴﺘﺒﻌﻪ دﻮل قائلًا باندفاعٍ وهستيرية: "تلك الأراضي ملك لنا، لم
نحصل عليها بسهولة لنقوم بتسليمها لحشود الضعفاء بسهولة ". زﻓﺮ ﺻﺎﻣﻴﻮﻣﻴﻦ وﻧﻈﺮ
ﻧﺤﻮ أﻟﻔﻦ بهدوء "علينا التحرك بسرعةٍ وعلى حركتنا أن تبدو تمامًا محايدةً
وغير مقصودة حتى لا نُتهم بالخيانة".
ﻟﺜﺎﻧﻴﺔٍ اﺑﺘﺴﺎﻣﺔٌ ﺻﻐﻴﺮة وﺧﺒﻴﺜﺔ ﻇﻬﺮت ﻋﻠﻰ ﺷﻔﺘﻲ أﻭﻛﺘﻴﻔﻴﺎن ﻗﺒﻞ أن ﺗﺨﺘﻔﻲ ﺗﻤﺎﻣًﺎ
وﺗﺘﺤﻮل ﻣﻼﻣﺤﻪ ﻟﺠﺪﻳﺔٍ وﻗﻠﻖ وﻳﺮﻓﻊ ﺻﻮﺗﻪ قائلًا: "ألا يمكن فقط وضع قوتنا
لمنعهم؟".
اﻟﺠﻤﻴﻊ اﻟﺘﻔﺖ ﻧﺤﻮ أﻭﻛﺘﻴﻔﻴﺎن اﻟﺬي ﺗﺪﺧﻞ ﻓﺠﺄةً ﺣﺘﻰ أن ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﻠﻤﺢ وﺟﻮﺪه ﻓﻲ
اﻟﺒﺪاﻳﺔ. "ﻣﺎذﺍ ﺗﻘﺼﺪ؟" ﺳﺄل أﻟﻔﻦ وﻫﻮ ﻳﻨﻈﺮ ﻧﺤﻮه ﺑﺘﻌﺠﺐٍ ﻟﻴﺠﻴﺐ أﻭﻛﺘﻴﻔﻴﺎن:
"يمكننا وضع حرسنا على حدود الشمال لحمايتنا".
ﺻﻤﺖ لثوانٍ وﻋﻴﻨﻪ دﺍﺮت ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻳﻨﺘﻈﺮ رﺩ اﻟﻔﻌﻞ اﻟﺬي ﻳﺮﻳﺪﻫﺎ. "أﺗﻌﻨﻲ حرسًا
ﻴﻤﻨﻊ دﺧﻮل اﻟﺴﻜﺎن؟ ﻫﺬه ﺧﻴﺎﻧﺔٌ وﺍﺿﺤﺔ ﻟﻸوﺍﻣﺮ!" تدخلت كليسثينيس هذه المرة في
محاولةٍ غير واضحةٍ من طرفها لدفع الخوف في قلوبهم، وﻟﻜﻦ ﺿﺤﻜﺔ أﻟﻔﻦ ﺟﺬﺑﺖ اﻧﺘﺒﺎهها.
"أتعلم ﻣﺎذﺍ؟ لمَ ﻻ ﻧﻔﻌﻞ؟" اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺗﻌﺠﺐ ﻣﻦ أﻟﻔﻦ، وﻟﻜﻦ
ﺑﺪا ﺟﻠﻴﻦ ﻧﻮﻋًﺎ ﻣﺎ ﻳﻔﻬﻢ ﻣﺎ ﺧﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﺑﺎل رﺋﻴﺲ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ. ﺗﻘﺪم أﻟﻔﻦ ﺧﻄﻮﺗﻴﻦ وﺗﻮﻟﻰ دﻓﺔ
اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﺴﺘﻮﻟﻴًﺎ ﻋﻠﻰ اﻫﺘﻤﺎﻣﻬﻢ…
"ﻣﻦ ﺳﻴﺘﻬﻤﻨﺎ ﺑﺘﻬﻤﺔ اﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﻳﺎ ﺳﺎدة؟ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﻫﻮ أن
ﻧﺠﻤﻊ ﺟﻤﻴﻊ ﻗﻮاﺗﻨﺎ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ وﺍﻟﻘﺘﺎﻟﻴﺔ، وﻟﻴﺲ ﻣﺠﺮد ﺣﻔﻨﺔٍ ﻣﻦ اﻟﺤﺮس! ﺳﻨﻀﻌﻬﻢ ﺟﻤﻴﻌًﺎ
ﻋﻠﻰ ﺣﺪوﺩ أﺭﺍﺿﻴﻨﺎ ﺑﺄﻓﻀﻞ اﻷﺳﻠﺤﺔ اﻟﻘﺘﺎﻟﻴﺔ، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺮى ﺳﻜﺎن اﻟﺤﺪوﺩ ﻣﻨﻈﺮًا ﻣﻬﻴﺒﺎ ﻛﻬﺬا
ﺳﻴﺘﺮاﺟﻌﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻮر ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻷوﺍﻣﺮ اﻟﻤﻠﻜﻴﺔ، وإن ﺣﺎوﻟﺖ الأميرة اﺗﻬﺎﻣﻨﺎ
ﺑﺎﻟﺨﻴﺎﻧﺔ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﻫﻮ استخدام ذريعة الحماية؛ فالأراضي الشمالية هي أكثر
مكان معرض للهجوم ومن حقنا حماية أراضينا ﻣﻦ ﺷﺮ اﻹرﻳﺒﻮس اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺘﻮﻟﻮن ﻋﻠﻰ أﺭﺍﺿﻲ
اﻟﺤﺪوﺩ اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻣﻨﺎ، وﻣﻬﻤﺎ ﺣﺎوﻟﺖ اﻷﻣﻴﺮة ﻓﻠﻦ ﺗﻨﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺧﻮف ﺳﻜﺎن اﻟﺤﺪوﺩ ﻣﻨﺎ وﻣﻦ
اﻟﻤﻮت"
أﺧﺬ ﻧﻔﺴًﺎ وﺃﻃﻠﻘﻪ ﺑﺮاﺣﺔٍ ﻗﺒﻞ أن ﻳﻤﺮ ﺑﻨﻈﺮه ﻋﻠﻰ اﻷرﺑﻌﺔ "ﻟﺬا… ﻫﻞ أﻧﺘﻢ
ﻣﻮاﻓﻘﻮن؟". اﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﺧﺒﻴﺜﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﺗﺴﻢ ﻋﻠﻰ وﺟﻮﻫﻬﻢ وﺍﻟﻤﻮاﻓﻘﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺎدﻳﺔً دﻮن
اﻟﺤﺎﺟﺔ ﻟﻠﻨﻄﻖ ﺑﻬﺎ، ﻛﻠﻴﺴﺜﻴﻨﻴﺲ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻮﺣﻴﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺘﺸﺘﺖ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻠﺤﻈﺔ ﺑﻴﻨﻤﺎ
ﺗﻨﻈﺮ ﻷوﻛﺘﻴﻔﻴﺎن…
ﻛﻴﻒ ﻟﻪ أن ﻳﻔﻌﻞ ﻫﺬا؟ ﻟﻘﺪ أﻭﺷﻰ ﺑﺎﺑﻨﺔ اﻟﺘﻮﺑﺎزﻳﻮس! إﻧﻪ ﻓﺎﺮس! ﻗﺒﻀﺖ ﻳﺪﻫﺎ ﺑﻘﻮةٍ
وﻧﻈﺮت ﻟﺒﺎﻗﻲ اﻷﺳﻴﺎد اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﺘﻈﺮﻮن ﻣﻮاﻓﻘﺘﻬﺎ خاصةً مستمتعين ﺑﺮؤﻳﺘﻬﺎ ﻛﺎﻟﻔﺄر ﻓﻲ
اﻟﺰاﻭﻳﺔ ﻻ ﻳﻤﻠﻚ ﻣﻜﺎنًا ﻟﻠﻬﺮب.
ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻻﺧﺘﻴﺎر ﺑﻴﻦ ﻣﺒﺎدﺋﻬﺎ وﺑﻴﻦ آﺧﺮ ﻗﺸﺔٍ ﺳﺘﺠﻌﻠﻬﺎ ﺗﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺎﻧﺘﻬﺎ كقائدة
عائلة ﻛﻠﻴﺴﺜﻴﻨﻴﺲ التي وﻋﺪت ﺑﻘﻴﺎدﺗﻬﻢ وﺣﻤﺎﻳﺘﻬﻢ ﺑﻌﺪ وﻓﺎة وﺍﻟﺪﻫﺎ.
ﻧﻈﺮت ﻷوﻛﺘﻴﻔﻴﺎن ﺑﻐﻀﺐٍ ﺧﻔﻲ، وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻔﺎﺟﺄت ﻋﻨﺪﻣﺎ أﻭﻣﺄ ﻟﻬﺎ ﺑﺨﻔﺔٍ وﻛﺄﻧﻪ ﻳﺪﻓﻌﻬﺎ
ﻟﺘﻮاﻓﻖ دﻮن ﺧﻮف.
أﺧﺬت ﻧﻔﺴًﺎ وﻗﺎﻟﺖ ﺑﺒﺮوﺩ: "ﺳﺄﺑﺪأ ﺑﺈرﺳﺎل ﻗﻮاﺗﻲ إﻟﻰ ﺣﺪوﺩ أﺮض ﻋﺎﺋﻠﺔ
ﻛﻠﻴﺴﺜﻴﻨﻴﺲ الموجودة ﻓﻲ اﻟﺸﻤﺎل. ﺷﻜﺮًا لتبيهي، ﺳﻴﺪ أﻟﻔﻦ" وﻫﻜﺬا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺠﻤﻠﺔ
اﻟﻮﺣﻴﺪة التي أنهت بها المحادثة بينهم.
"أتمنى أن تكون الثقة بك أوكتيفيان ألفن هو الخيار الصحيح" ﺗﻤﺘﻤﺖ
ﻛﻠﻴﺴﺜﻴﻨﻴﺲ وﻫﻲ ﺗﻨﻈﺮ ﻟﻠﻔﺮاغ ﺑﻌﺪ أن أﺭﺧﺖ ﻇﻬﺮﻫﺎ ﻟﻠﻜﺮﺳﻲ.
ﺑﺎﻗﻲ اﻟﻨﺒﻼء اﺗﻔﻘﻮا ﻋﻠﻰ إﺭﺳﺎل ﻗﻮاﺗﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻮر ﺣﺘﻰ ﻳﺴﺒﻘﻮا اﺑﻨﺔ اﻟﺘﻮﺑﺎزﻳﻮس
ﺑﺨﻄﻮةٍ ﺑﻌﺪ أن أﻧﻬﻮا اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺑﻴﻨﻬﻢ.
ﺳﻴﺪ أﻟﻔﻦ اﻟﺘﻔﺖ إﻟﻰ اﺑﻨﻪ وﻭﺟﻪ ﻟﻪ أﻣﺮًا ﻣﺒﺎﺷﺮًا بقيادة ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻘﻮات اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ
شخصيًا دﻮن أي ﺗﻮﺿﻴﺢ أﻭ ﺗﺒﺮﻳﺮ ﻟﻤﺎ ﻳﺤﺪث، وﻭﺟﺪ ﻓﻠﻮرﻳﺎن ﻧﻔﺴﻪ ﺗﺤﺖ ﺿﻐﻂ ﺗﻨﻔﻴﺬ اﻷوﺍﻣﺮ
ﺑﻜﻞ ﺟﻬﻞٍ دﻮن أن يدرك ﺣﺘﻰ ﻣﻦ ﻳﻘﺎﺗﻞ!
ﺑﺪا أﻟﻔﻦ أﻛﺜﺮ ﻫﺪوءً ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻠﺤﻈﺔ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻘﻒ وﻳﺤﺪق ﺑﻮاﺟﻬﺔ مكتبه اﻟﻤﻜﻮﻧﺔ ﻣﻦ
ﻃﺒﻘﺔٍ ﻣﻦ اﻟﻤﻴﺎه اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺸﺊ اﻧﻌﻜﺎﺳﺎ ﺑﺎﻫﺮًا ﻷﻟﻮان اﻟﻄﻴﻒ ﻋﻠﻰ ﺣﺪﻳﻘﺔ ﻗﺼﺮه.
"ﻳﺬﻫﻠﻨﻲ أﻧﻚ ﺗﺆﺪي دﻭﺮك ﺑﺸﻜﻞٍ ﺟﻴﺪ، أﻳﻬﺎ اﻟﻤﻘﺪم، ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ
ﻣﻘﺘﻚ اﻟﻮاﺿﺢ ﻟﻨﺎ!"
ﻗﺒﺾ أﻭﻛﺘﻴﻔﻴﺎن ﻗﺒﻀﺘﻪ ﺧﻠﻒ ﻇﻬﺮه وﺣﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﺑﺮوﺩ وﺟﻬﻪ ﻛﻤﺎ اﻋﺘﺎد ﻃﻴﻠﺔ ﺣﻴﺎﺗﻪ
"ﻛﺮاﻫﻴﺘﻲ ﺗﺸﻤﻞ اﻟﻠﻮاء ﺟﻴﺮﻣﻲ أﻟﻔﻦ وﺟﻤﻴﻊ ﻣﻦ ﺗﺴﺘﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﺳﺎﺑﻘًﺎ، وذلك لا صلة له
ﺑﺸﺮف اﻟﻨﺒﻼء، أﻧﺎ ﻓﺮد ﻣﻦ اﻟﻨﺒﻼء، وﻻﺋﻲ ﻗﺒﻞ أن ﻳﻜﻮن ﻟﻠﺘﻮﺑﺎزﻳﻮس ﻓﻬﻮ ﻟﻠﻌﺎﺋﻠﺔ اﻟﺘﻲ
ﻧﺸﺄت ﻓﻴﻬﺎ".
أﻭﻣﺄ أﻟﻔﻦ باستحسان ﻗﺒﻞ أن ﻳﻠﺘﻔﺖ وﻳﻨﻈﺮ ﻧﺤﻮه "أﺣﻴاﻨًﺎ أﺷﻌﺮ أﻧﻚ أﺑﺴﻂ
ﻣﻤﺎ ﺗﻈﻬﺮ، أﻳﻬﺎ اﻟﻤﻘﺪم! وﻟﻜﻦ ﻣﺎ زﻟﺖ أﺣﺘﺎﺟﻚ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻠﻌﺒﺔ، اﺳﺘﻤﺮ ﻓﻲ إيصال
الأخبار. ﻳﻤﻜﻨﻚ اﻟﺬﻫﺎب".
اﻧﺤﻨﻰ أﻭﻛﺘﻴﻔﻴﺎن ﺑﺨﻔﺔ ﻗﺒﻞ أن ﻳﻠﺘﻔﺖ وﻳﺨﺮج ﻣﻦ اﻟﻤﻜﺘﺐ.
وﻗﻒ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻧﻪ لثوانٍ وﻗﺒﺾ ﻳﺪه ﺑﻘﻮةٍ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺤﻄﻢ إﺣﺪى ﻛﺒﺴﻮﻻت اﻟﻨﺎر وﺗﺸﺘﻌﻞ
ﻳﺪه، ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ عادة ﻳﻔﻌﻠﻬﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺤﺎﻮل ﺗﺠﻨﺐ اﻻﻧﻔﺠﺎر ﻏﻀﺒﺎ، ﻟﻄﺎﻟﻤﺎ ﻛﺎن ﻋﻨﺼﺮ اﻟنار
ﻫﻮ أحد اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜﻞ اﻧﻔﻌﺎل اﻟﺠﺴﺪ، وﺍﻧﺪﻓﺎع اﻟﻨﻴﺮان ﺧﺎﺮج جسده كان ﻳﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ
ﺧﻔﺾ اﻻﻧﻔﻌﺎلات ﻛﺎﻟﻐﻀﺐ وﺍﻟﺤﻤﺎس اﻟﺰاﺋﺪ.
زﻓﺮ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺷﻌﺮ ﺑﻬﺪوء ﺻﺪﺮه وﺃﻃﻔﺄ ﻧﻴﺮان ﻳﺪه ﻗﺒﻞ أن ﻳﺘﺤﺮك ﻣﺒﺘﻌﺪًا ﻋﻦ اﻟﻘﺼﺮ،
ﻟﻤﺲ ﺳﻮاﺮه ﻟﻴﺘﺼﻞ ﺑﺠﻠﻨﺎر قائلًا: "ﻟﻘﺪ اﻟﺘﻘﻄﺖ اﻟﺠﻨﻴﺔ اﻟﻄﻌﻢ".
....
زﻓﺮ أﻏﺪرﺍﺳﻴﻞ وﻫﻮ ﻳﻨﻈﺮ ﻟﻠﻜﻢ اﻟﻐﻔﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس اﻟﺬي ﻳﺴﻴﺮﻮن من حوله، ﻓﺮك يديه
ﻣﻌًﺎ ﻗﺒﻞ أن ﻳﻘﻒ ﻓﻲ ﻣﻜﺎنٍ عالٍ ﻋﻦ اﻷﺮض وﻳﺤﺎﻮل ﺟﺬب اﻧﺘﺒﺎﻫﻬﻢ ﺑﺼﻮتٍ عالٍ:
"ﺳﻜﺎن أﺮض ﺟﻮﻧﺮي، أﻧﺎ اﻟـ...".
ﺗﻮﻗﻒ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻨﻈﺮ ﻟﻪ أﺣﺪٌ ﺣﺘﻰ وﻣﺴﺢ ﻋﻠﻰ وﺟﻬﻪ، أﺟﻔﻞ ﻟﺜﺎﻧﻴﺔٍ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺟﺬﺑﺖ ﻳﺪٌ
ﺻﻐﻴﺮة ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺑﻨﻄﺎﻟﻪ… ﻧﻈﺮ ﻟﻸﺳﻔﻞ ﻧﺤﻮ اﻟﻘﺰم ذي اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺒﺮﺗﻘﺎﻟﻲ اﻟﺬي ﻳﻐﺰو وﺟﻬﻪ
ﺑﻜﺜﺎﻓﺔٍ وﺑﺎﻗﻲ ﺟﺴﺪ، ﻛﺎن ﻳﻤﺪ ﻳﺪه ﺑﺠﻬﺎزٍ ﺻﻐﻴﺮ أﺷﺒﻪ ﺑﻌﻠﺒﺔٍ زﺟﺎﺟﻴﺔ "ﻟﻘﺪ أﻣﺮﻧﻲ
ﺳﻴﺪي أن أﻋﻄﻴﻚ ﻫﺬه قائلًا إﻧﻬﺎ ﺳﺘﺴﺎﻋﺪك ﻓﻲ إﻳﺼﺎل ﺻﻮﺗﻚ، وﺃﺧﺒﺮﻧﻲ أن أﺧﺒﺮك أن ﻋﻠﻴﻚ
ﻓﻌﻞ ﺷﻲءٍ ﻗﻮي ﻟﺘﺠﺬب أﻧﺘﺒﺎﻫﻬﻢ أولًا، وأن أﺧﺒﺮك ﺄﻧﻪ ﻳﺘﻤﻨﻰ ﻟﻚ ﺣﻈًﺎ ﻣﻮﻓﻘﺎ".
ﻃﺮف أﻏﺪرﺍﺳﻴﻞ ﺑﺘﻌﺠﺐٍ وﻗﺒﻞ أن ﻳﻔﺘﺢ ﻓﻤﻪ ليتساءل من أين ظهر بالظبط ﻛﺎن اﻟﻘﺰم
اﻟﺨﺎﺪم ﻟﻼﻓﻴﺎن ﻗﺪ وﺿﻊ اﻟﺠﻬﺎز ﺑﻴﻦ ﻳﺪي أﻏﺪرﺍﺳﻴﻞ وﺿﻐﻂ ﻋﻠﻰ زﺭٍ أﺣﻤﺮ ﻓﻲ ﺟﻬﺎز اﻟﺘﺤﻜﻢ
ﺑﻴﻦ ﻳﺪيه ﻟﺘﺘﺤﺮك ﻋﺮﺑﺔٌ ﺻﻐﻴﺮة ﻧﺤﻮه وﻳﻘﻔﺰ ﻓﻴﻬﺎ وﻳﺤﻠﻖ ﻣﺒﺘﻌﺪًا ﻋﻦ اﻟﻤﻜﺎن.
"ﻛﺎن هذا ﻏﺮﻳﺒًﺎ، ﺣﻘﺎ ﻫﺆﻻء اﻷﻗﺰام غرباء! ﻛﻴﻒ وﺻﻞ ﻟﻬﻨﺎ ﺑﻬﺬه
اﻟﺴﺮﻋﺔ؟" ﺗﻤﺘﻢ ﺑﺘﻌﺠﺐٍ وﻫﻮ ﻳﻨﻈﺮ ﺣﻮﻟﻪ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺴﺘﻌﻴﺪ ﺗﺮﻛﻴﺰه وﻳﻨﻈﺮ ﻟﻠﺠﻬﺎز ﺑﻴﻦ
ﻳﺪه. "وﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻬﺬا أن ﻳﻌﻤﻞ، ﻻﻓﻴﺎن؟"
ﺗﻨﻬﺪ وﺭﻓﻊ ﻋﻴﻨﻪ ﻟﺴﻜﺎن أﺮض ﺟﻮﻧﺮي غير المبالين ﺑﻪ وﻗﺒﺾ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻬﺎز. "ﻋﻠﻲ
ﺟﺬب اﻧﺘﺒﺎﻫﻬﻢ، اﺟﺬب اﻧﺘﺒﺎﻫﻬﻢ! أﺭﺍﻫﻦ أن ﺛﻮﻧﺎر ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺘﻨﺠﺢ ﻓﻲ ﻫﺬا ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻮر"
ﻫﻤﺲ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻣﺠﺪدًﺍ وﺃﺧﺬ ﻧﻔﺴًﺎ ﻋﻤﻴﻘًﺎ وﻗﻔﺰ ﻓﻲ اﻟﻬﻮاء.
ﻗﺒﻞ أن ﺗﻠﻤﺲ ﻗﺪﻣﻪ اﻷﺮض ﺗﻜﺴﺮت ﻋﻈﺎم ﻇﻬﺮه وﺃﺟﻨﺤﺘﻪ اﻟﺒﻴﻀﺎء اﻟﻀﺨﻤﺔ اﻧﻄﻠﻘﺖ
ﺑﺤﺮﻳﺔٍ ﺧﺎﺮج ﻇﻬﺮه ﻟﻴﺮﻓﺮف ﺑﻬﺎ ﻟﻸﻋﻠﻰ.
ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻨﺎدﺭ أن ﺗﺮى أحد اﻟﻤﺠﻨﺤﻴﻦ ﻓﻲ أﺭﺍﺿﻲ اﻟﺤﺪوﺩ، وﻛﺎن ﻟﻮن أﺟﻨﺤﺔ
أﻏﺪرﺍﺳﻴﻞ اﻟﺒﻴﻀﺎء ﺟﺎذﺑًﺎ ﻟﻼﻧﺘﺒﺎه ﻛﻔﺎﻳﺔ ﺑﺴﺒﺐ رﻳﺸﻪ اﻟﺬي ﺗﻨﺎﺛﺮ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن.
أﺧﺬ ﻧﻔﺴًﺎ ﻗﻮﻳًﺎ وﻭﺿﻊ اﻟﺠﻬﺎز أﻣﺎم ﻓﻤﻪ وﻗﺎل: "ﺳﻜﺎن ﺟﻮﻧﺮي اﻟـ...".
أﺑﻌﺪ اﻟﺠﻬﺎز ﻋﻦ ﻓﻤﻪ ﻟﻠﺼﻮت اﻟﻀﺨﻢ اﻟﺬي اﻧﻔﺠﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﻜﺎن وﺗﻔﺤﺼﻪ ﻳﺤﺎﻮل إﻳﺠﺎد ﺷﻲءٍ ﻗﺪ
ﻳﺨﻔﺾ اﻟﺼﻮت، دﺣﺮج عينيه ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺮأ ﺟﻤﻠﺔ ﻻﻓﻴﺎن اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ ﻋﻨﺪ زﺭٍ دﻭﺍﺭ: "ﺗﻔﺤﺺ
اﻟﺠﻬﺎز أولًا وﺍﺧﻔﺾ اﻟﺼﻮت ﻗﺒﻞ اﻟﺤﺪﻳﺚ".
"ﺳﻜﺎن ﺟﻮﻧﺮي! أﻧﺎ اﻟﻔﺎﺮس اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻣﻦ أﺮض اﻟﻤﺠﻨﺤين، ﺑﺼﻔﺘﻲ حامٍ
ﻟﺸﻌﻮﺑﻨﺎ أﻃﻠﺐ ﻣﻨﻜﻢ ﺟﻤﻴﻌًﺎ اﻟﺘﻮﺟﻪ إﻟﻰ اﻟﺒﻮاﺑﺔ اﻟﺨﻀﺮاء اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻤﺪﺧﻞ أﺮض
ﺟﻮﻧﺮي"
أﺑﻌﺪ اﻟﺠﻬﺎز ﻋﻦ ﻓﻤﻪ وﺣﺒﺲ أﻧﻔﺎﺳﻪ وﻫﻮ ﻳﻼﺣﻆ اﻟﻬﻤﺴﺎت اﻟﺠﺎﻧﺒﻴﺔ ﺗﺘﻨﺎﻗﻞ وﺍﻟﻨﻈﺮات
اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻐﺎﺿﺒﺔ وﻣﻨﻬﺎ غير ﻣﺒﺎﻟﻴﺔٍ وﺑﻌﻀﻬﺎ ﻣﺘﻌﺠﺐٌ وﺣﺎﺋﺮ. ﻛﺎد ﻳﻔﺘﺢ ﻓﻤﻪ
ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ ﺛﺎﻧﻴﺔ، وﻟﻜﻦ ﺻﻮت أﺣﺪ اﻟﺮﺟﺎل اﻟﻌﺠﺎﺋﺰ ﻋﻼ ﺻﺎﺋﺤًﺎ: "ﻟﻤﺎذﺍ؟ ﻛﻲ ﺗﺘﻢ
إﺑﺎدﺗﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎ؟". اﺗﺴﻌﺖ ﻋﻴﻦ أﻏﺪرﺍﺳﻴﻞ ﻣﺘﻔﺎﺟﺌًﺎ لثوانٍ أﺭﺍﺩ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ
اﻟﻔﺮﺳﺎن، وﻟﻜﻦ ﺻﻮتًا آﺧﺮ أﺻﺒﺢ أﻋﻠﻰ وﻟﻢ ﻳﺘﺮك ﻟﻪ اﻟﻔﺮﺻﺔ:
"أﺻﺒﺢ اﻟﻤﻼﻋﻴﻦ اﻟﻨﺒﻼء ﻻ ﺗﻌﺠﺒﻬﻢ أﺭﺍﺿﻴﻬﻢ وﻳﺨﻄﻄﻮن ﻷﺧﺬ أﺭﺍﺿﻴﻨﺎ،
ﻟﻦ ﻳﺘﻢ ﺗﺮﺣﻴﻠﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﻮﻃﻨﻨﺎ!"
وﻛﺄن ﺻﻮت اﻟﺮﺟﻼن اﻟﻌﺎﻟﻲ دﻓﻊ اﻟﺘﻤﺮد وﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ دﺍﺧﻞ ﻗﻠﻮب اﻷﻏﻠﺒﻴﺔ، ﺑﺪأت
اﻟﺼﻴﺤﺎت اﻟﺮاﻓﻀﺔ وﺍﻟﻜﺎرﻫﺔ ﺗﺘﻌﺎﻟﻰ وﺗﺪاﺧﻠﺖ ﻋﺒﺎرات اﻻﻋﺘﺮاض وﺍﻟﺘﻮﻋﺪ ﻓﻲ دﻗﺎﺋﻖ.
"اﻟﻠﻌﻨﺔ!" ﺗﻤﺘﻢ أﻏﺪرﺍﺳﻴﻞ وﻫﻮ ﻳﻨﻈﺮ ﺣﻮﻟﻪ وﻻ أﺣﺪ ﻳﺤﺎﻮل أن
ﻳﺘﺮك ﻓﺮﺻﺔً ﻟﻪ ﻟﻴﺘﺤﺪث، اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﺼﺒﻮر ﻣﻨﻪ ﺑﺪأ ﻳستفد، ﻟﻜﻨﻪ ﺣﺎﻮل اﻟﺘﺤﺪث ﻣﺠﺪدﺍ
ﻹﻳﻘﺎﻓﻬﻢ: "أﺭﺟﻮا أن ﺗﺘﻔﻬﻤﻮا، أﻧﺎ ﻫﻨﺎ ﻟﺤﻤﺎﻳﺘﻜﻢ وﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻠﻨﺒﻼء ﺑﺄيٍ ﻣﻦ ﻫﺬا،
ﻧﺤﻦ ﻟـ...". قوطِع ﻣﺠﺪدًﺍ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺪﺧﻞ رﺟﻞٌ ﺿﺨﻢ اﻟﺠﺜﺔ وﺑﺪا ﻏﺎﺿﺒًﺎ ﺟﺪًا ﺑﻴﻨﻤﺎ
ﻳﺼﻴﺢ: "اﻟﻠﻌﻨﺔ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻳﺎ ﺣﻔﻨﺔً من اﻟﻜﺎذﺑﻴﻦ! أﺗﻈﻨﻮن أﻧﻨﺎ ﺳﻨﺼﻤﺖ ﻟﻸﺑﺪ؟ ﺟﻤﻴﻊ
ﺟﻴﺮاﻧﻨﺎ ﺧﻠﻒ ذﻟﻚ اﻟﺠﺪاﺭ وﻻ أﺣﺪ ﻳﺤﺎﻮل ﻓﻌﻞ ﺷﻲء، إن ﻛﺎن اﻟﻨﺒﻼء ﻫﻨﺎك ﻟﺘﺤﺮﻛﺘﻢ ﺧﻼل
ﺳﺎﻋﺎت!".
وﻣﺠﺪدًﺍ اﻟﺼﻴﺤﺎت ﺗﻌﺎﻟﺖ وﻇﻦ أﻏﺪرﺍﺳﻴﻞ أن أﺣﺪﻫﻢ ﻋﻠﻰ وﺷﻚ إﻟﻘﺎء ﺣﺬاﺋﻪ ﻓﻲ وﺟﻬﻪ،
وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺷﻌﺮ أن الأمر أﺻﺒﺢ ﺧﺎﺮج اﻟﺴﻴﻄﺮة بدأ شعور القلق يسيطر عليه، ﻟﻘﺪ وﺛﻘﺖ ﺟﻠﻨﺎر
ﺑﻜﻞ ﻓﺮدٍ ﻣﻨﻬﻢ وﺫﻫﺒﺖ وﻫﻲ ﻋﻠﻰ أﺗﻢ اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻣﻦ ﻧﺠﺎﺣﻬﻢ.
ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻪ أن ﻳﻜﻮن اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﺳﻴﺤﺒﻂ ﻣﺨﻄﻂ اﻟﻔﺮﺳﺎن ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺘﻪ ﻓﻘﻂ! لأنه ﻻ ﻳﻤﻜﻦ
اﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﻠﻰ ﻏﻀﺐ ﻫﺆﻻء اﻟﺴﻜﺎن!
ﻛﻴﻒ ﺗﻤﻜﻨﺖ ﺟﻠﻨﺎر ﻣﻦ ﻛﺴﺐ وﺩﻫﻢ ﺑﺤﻖ الله؟ ﺗﺴﺎءل ﺑﻴﻨﻤﺎ عيناه ﺗﺠﻮل ﻋﻠﻰ وﺟﻮﻫﻬﻢ
اﻟﺴﺎﺧﻄﺔ، ﻟﻄﺎﻟﻤﺎ ﻛﺎن ﺳﻜﺎن اﻟﺤﺪوﺩ ﻋﺪاﺋﻴﻴﻦ لأجل حماية أﻧﻔﺴﻬﻢ بسبب طريقة ﻣﻌﻴﺸﺘﻬﻢ
اﻟﻘﺎﺳﻴﺔ، وﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ عليهم الاعتياد ﻋﻠﻰ ﺷﺨﺺٍ ﻏﺮﻳﺐ ﺑﻴﻨﻬﻢ.
ﻗﺒﺾ ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺒﺮ اﻟﺼﻮت ﺑﻴﻦ يديه ﻗﺒﻞ أن ﺗﻬﺒﻂ ذﺭﺍﻋﻪ ﺑﺠﻮاﺭ ﺟﺴﺪه، أﻏﻤﺾ عينيه وﺃﺧﺬ
ﻧﻔﺴًﺎ ﻗﻮﻳًﺎ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺼﺮخ ﺑﺼﻮتٍ ﻗﻮي أﺧﺮﺳﻬﻢ ﻓﻲ ﺛﺎﻧﻴﺔ: "ﻧﺤﻦ ﻟﺴﻨﺎ ﻛﺬﻟﻚ!".
ﻛﺎن ﺻﻮﺗﻪ اﻟﻌﺎﻟﻲ وحاجباه العقودان وﺍﻟﻨﻈﺮة اﻟﻐﺎﺿﺒﺔ اﻟﺘﻲ ارتسمت دﺍﺧﻞ ﻋﻴﻨﻪ
يشيرون إلى أﻧﻪ ﻟﻴﺲ ذات اﻟﺮﺟﻞ اﻟﻮﺪود ﻣﻨﺬ ثوانٍ. ﻧﻈﺮ ﻓﻲ أﻋﻴﻨﻬﻢ ﺑﻜﻞ ﺛﻘﺔٍ ﺑﻴﻨﻤﺎ
ﻳﻘﻮل:
"ﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﻌﻤﻞ ﺗﺤﺖ أﻳﺪي اﻟﻨﺒﻼء، وﻻ ﺣﺘﻰ ﺗﺤﺖ ﻳﺪ اﻷﺳﺮة اﻟﺤﺎﻛﻤﺔ!
ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺤﻜﻤﻨﺎ ﻫﻮ رﺍﺑﻄﺔ اﻟﺘﻮﺑﺎزﻳﻮس اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻤﻌﻨﺎ ﻧﺤﻦ اﻟﻔﺮﺳﺎن، وﺗﻠﻚ اﻟﻌﻼﻣﺎت ﻋﻠﻰ
أﺟﺴﺎدﻧﺎ ﻣﻨﺤﺖ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﻛﻞ ﻣﺨﻠﻮقٍ ﺣﻲ ﻳﻌﻴﺶ ﺗﺤﺖ ﻧﻈﺎم اﻟﺘﻮﺑﺎزﻳﻮس، ﺳﻮاءً ﻛﺎن
نبيلًا أو عاميًا أﻭ ﻣﻦ اﻟﺤﺪوﺩ، دﺍﺧﻞ اﻹﻟﺘﺮاﻧﻴﻮس وﺧﺎرﺟﻬﺎ، ﻧﺤﻦ ﻧﺤﺎﻮل ﺑﺄﻗﺼﻰ ﺟﻬﺪﻧﺎ
ﺣﻤﺎﻳﺘﻜﻢ وﻫﺬا ﻣﺎ أﻧﺎ ﻫﻨﺎ ﻟﻔﻌﻠﻪ. ﻗﺎﺋﺪﺗﻨﺎ أﻋﻄﺖ وﻋﺪًا ﺑﺤﻴﺎﺗﻬﺎ لأجل إﻧﻘﺎذ ﺳﻜﺎن
اﻟﺤﺪوﺩ ﺧﻠﻒ ذﻟﻚ اﻟﺠﺪاﺭ اﻟﻀﺨﻢ وﻧﺤﻦ ﺳﻨﻘﻮم ﺑﺘﻨﻔﻴﺬ ﻫﺬا اﻟﻮﻋﺪ ﺣﺘﻰ وإن ﺗﻄﻠﺐ اﻷﻣﺮ أن
ﻧﺼﺒﺢ ﺟﺜﺜًﺎ في سبيل ذلك! إن ﻟﻢ ﺗﺜﻘﻮا ﺑﻨﺎ ﻓﺄﻧﺎ أﺗﺮﺟﺎﻛﻢ أن ﺗﺜﻘﻮا ﻓﻲ اﻟﻘﻮة اﻟﺘﻲ
اﺧﺘﺎرﺗﻨﺎ ﻧﺤﻦ ﺧﺎﺻﺔ"
ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺪﺮس أن يكون خطيبًا ﺟﻴﺪًا! ﻫﻜﺬا أﺛﻨﻰ أﻏﺪرﺍﺳﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ أﻧﻬﻰ
ﺧﻄﺎﺑﻪ اﻟﻤﺆﺛﺮ اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﺘﺮك مجالًا ﻟﻼﻋﺘﺮاض! اﻟﺤﻴﺮة ﻛﺎﻧﺖ وﺍﺿﺤﺔ ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن
أﻏﺪرﺍﺳﻴﻞ أﺭﺍﺩ رﺅﻳﺔ اﻹﻳﻤﺎن ﻋﻠﻰ وﺟﻮﻫﻬﻢ، ﻟﻜﻨﻪ ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ﻧﺠﺢ ﻓﻲ إﺯﺍﻟﺔ اﻟﻐﻀﺐ.
صلى دﺍﺧﻠﻴًﺎ لئلا ﻳﻌﻠﻖ أﺣﺪﻫﻢ على اﻟﻘﺎﺋﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪث ﻋﻨﻬﺎ؛ ﻓﻘد ﺗﻤﻠﻜﺘﻪ
اﻟﺤﻤﺎﺳﺔ ﻟﺪﻗﺎﺋﻖ.
ﺗﺮﻗﺐ رﺩ ﻓﻌﻠﻬﻢ التالي والذي تمثل ﻓﻲ تمتماتٍ وﻫﻤﺴﺎتٍ وﺗﺮدﺩٍ وﺍﺿﺢ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﺣﺎﻮل
ﻣﺠﺪدًﺍ قائلًا: "أﻧﺎ أﺗﺮﺟﺎﻛﻢ أن ﺗﺘﺒﻌﻮﻧﻲ إﻟﻰ اﻟﺒﻮاﺑﺔ اﻟﺨﻀﺮاء ﺣﻔﺎﻇًﺎ ﻋﻠﻰ
ﺣﻴﺎﺗﻜﻢ، أﺭﻳﺪ ﻣﻨﻜﻢ أن ﺗﺤﻀﺮوﺍ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﻦ ﻓﻲ اﻟﻘﺮﻳﺔ وﻟﻦ ﻧﺘﺮك شخصًا ﺧﻠﻔﻨﺎ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎن،
ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺴﺮع!".
ﻣﺠﺪدﺍ ﻣﺎ زﺍﻟﻮا ﻣﺘﺮدﺩﻳﻦ ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﺑﻌﻀﻬﻢ -وإن ﻛﺎﻧﻮا ﻗﻠﺔ- ﺗﺤﺮﻛﻮا ﻧﺤﻮ
ﻣﻨﺎزﻟﻬﻢ ﻹﺣﻀﺎر ﻋﺎﺋﻼﺗﻬﻢ ﻓﻮرًﺍ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺷﻌﺮوﺍ أن اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ رﺑﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺑﻬﻢ ﻣﺜﻞ
ﺳﻜﺎن الأراضي الثلاث، ﺧﻠﻒ ﺟﺪاﺭٍ أﺳﻮد ﺿﺨﻢ.
ﺑﻴﻦ اﻟﺠﻤﻊ اﻟﻐﻔﻴﺮ اﻟﺬي ﺑﺪأ ﻳﺼﺒﺢ أﻛﺒﺮ وﺃﻛﺒﺮ ﻟﻤﺸﺎﻫﺪة ﻣﺎ ﻳﺤﺪث وﻗﻔﺖ ﻓﺘﺎةٌ
ﺑﺄﻋﻴﻦ ﺗﺎﺋﻬﺔٍ ﺑﻴﻦ وﺟﻮه اﻟﺠﻤﻴﻊ، ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺨﻮف ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ، ﻟﻄﺎﻟﻤﺎ ﻛﺮﻫﺖ اﻟﻨﺒﻼء وﻛﺮﻫﺖ
اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ اﻟﻤﻠﻜﻴﺔ، وﺣﺘﻰ ﺑالرﻏﻢ ﻣﻦ إﻳﻤﺎن ﺟﺪﻫﺎ ﺑﺎﻟﻔﺮﺳﺎن فقد كان وﺍﻟﺪﻳﻬﺎ ﻳﺪﻓﻌﺎﻧﻬﺎ
ﻟﻜﺮاﻫﻴﺘﻬﻢ ﻷﻧﻬﻢ ﻳﺨﺪﻣﻮن ﻓﻘﻂ ﺗﻠﻚ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ.
ﻟﻜﻨﻬﺎ اﺳﺘﺸﻌﺮت اﻟﺼﺪق ﻓﻲ اﻟﺸﺎب اﻟﻤﺠﻨﺢ أﻣﺎﻣﻬﺎ وﻗﺪ ﺑﺪا ﻟﻬﺎ أﻧﻪ أﻛﺜﺮ ﺧﻮﻓًﺎ على
ﻫﺆﻻء اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺒﺴﻄﺎء، ﻗﻠﺒﻬﺎ ﻛﺎن ﻳﺨﻔﻖ ﺑﻘﻮةٍ وﻫﻲ ﺗﺘﺨﻴﻞ أن ﻣﺼﻴﺮﻫﻢ قد يكون ﻛﻤﺼﻴﺮ
ﺳﺎﺑﻘﻴﻬﻢ.
ﺗﻌﻠﻢ أﻧﻬﻢ ﻋﻨﻴﺪﻮن وﻟﻦ ﻳﺘﺤﺮﻛﻮا إﻻ ﺑﻌﺪ اﻗﺘﻨﺎعٍ ﺗﺎم؛ ﻟﺬﻟﻚ رﻓﻌﺖ اﻟﻘﻠﻨﺴﻮة ﻋﻦ
رﺃﺳﻬﺎ ﻣﻈﻬﺮةً ﺷﻌﺮﻫﺎ اﻟﻄﻮﻳﻞ ذا اﻟﻠﻮن اﻟﺮﻣﺎﺪي اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻤﻴﺰﻫﺎ ﺟﻴﺪًا ﺑﻴﻦ ﺳﻜﺎن ﺟﻮﻧﺮي
وﺗﺤﺮﻛﺖ ﺑﺨﻄﻮاتٍ وﺍﺛﻘﺔ ﻧﺤﻮ ﻣﺘﺠﺮ اﻷﺣﺬﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻵﺧﺮ، ﺍﻟﺘﻘﻄﺖ ﻛﺮسيًا خشبيًا
وﻗﺎﻣﺖ ﺑﺠﺮه ﺑﺠﻮاﺭ اﻟﻤﺠﻨﺢ اﻟﺬي ﻳﺤﺎﻮل ﺑﺠﻬﺪ إﻗﻨﺎﻋﻬﻢ.
ﻋﻴﻨﻬﺎ اﻟﺰرﻗﺎء الحادة ﺗﺼﺎدﻣﺖ ﻣﻊ ﻋﻴﻨﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻﺣﻈﻬﺎ وﻫﻲ ﺗﻘﻔﺰ ﻓﻮق اﻟﻜﺮﺳﻲ
وﺗﺤﺎﻮل إﺯﺍﺣﺔ ﻃﺮف ﻋﺒﺎئتها اﻟﻤﺘﻬﺮﺋﺔ ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﺪوﺳﻬﺎ وﺗﺘﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﺳﻘﻮﻃﻬﺎ ﻛﺎﻟﺤﻤﻘﺎء.
"أﻫﺎﻟﻲ ﺟﻮﻧﺮي.."
ﺻﺎﺣﺖ ﺑﺼﻮتٍ ﻋﺎلٍ -ﻟﻢ ﻳﺘﻮﻗﻊ أﻏﺪرﺍﺳﻴﻞ أن ﻳﺼﺪر ﻣﻦ ﺣﺠﻢٍ ﻛﻬﺬا- أﺟﺒﺮ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻋﻠﻰ
اﻟﻨﻈﺮ ﻧﺤﻮﻫﺎ إن ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺣﺎﺰت ﻋﻠﻰ اﻧﺘﺒﺎه ﻧﺼﻔﻬﻢ ﺑﺤﺮﻛﺘﻬﺎ اﻟﺠﺮﻳﺌﺔ وﻭﻗﻮﻓﻬﺎ ﻓﻮق
اﻟﻜﺮﺳﻲ.
"أﻋﻠﻢ أﻧﻨﺎ ﺧﺎﺋﻔﻮن وﺃﻋﻠﻢ أﻧﻨﺎ ﻧﻜﺮه ﺗﻠﻚ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻠﻌﻴﻨﺔ اﻟﺘﻲ
ﺗﺤﺎﻮل دﻫﺴﻨﺎ، وﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﻜﻮن ﺣﻤﻘﻰ في سبيل هذه الكراهية! ﻻ ﻳﺠﺐ أن ﻧﻔﻘﺪ
أﺭﻭﺍﺣﻨﺎ ﺣﺬرًﺍ ﻣﻦ اﻟﻨﺒﻼء! أﻧﺎ إﻳﻔﻮﻻ اﺑﻨﺔ اﻟﺘﺎﺟﺮ دﻳﻜﺎﺮي ﻻﻣﻮﻓﺎر، أﻃﻠﺐ ﻣﻨﻜﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎ
راجيةً اﻻﺳﺘﻤﺎع إﻟﻰ ﻫﺬا اﻟﻔﺎﺮس وﺍﻟﺘﺤﺮك ﻣﻌﻪ، وﻟﻜﻦ ﻋﻠﻴﻨﺎ اﻟﺘﺤﺮك ﺟﻤﻴﻌًا؛ ﻓﻠﻦ ﻳﺘﻤﻜﻦ
اﻟﻨﺒﻼء ﻣﻦ اﻓﺘﻌﺎل ﻣﺠﺰرةٍ إن ﻛﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌًﺎ ﻣﻌًﺎ، وﻟﻜﻦ إن ﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﻔﺎﺮس
ﺻﺎدﻗًﺎ..."
اﺑﺘﻠﻌﺖ وﻧﻈﺮت ﻧﺤﻮ أﻏﺪرﺍﺳﻴﻞ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻣﺴﺘﻌﺪًا ﻟﺘﺤﻄﻴﻢ ﻋﻈﺎﻣﻬﺎ وﻫﻮ ﻳﻌﺎﻧﻘﻬﺎ
ﺑﺸﻜﺮ، ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺎﻮل أن تستشف ﺑﻌﺾ اﻟﺼﺪق ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﻘﻮد ﺳﻜﺎن ﻣﺪﻳﻨﺘﻬﺎ ﻟﻠﻬﻼك، وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺣﺮك
ﺷﻔﺘﻴﻪ قائلًا ﺑﺼﻮتٍ ﻟﻢ ﻳﺴﻌﻪ ﺳﻮاﻫﺎ: "أﻗﺴﻢ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎﺗﻲ أن ﻻ ﺷﺨﺺ ﺳﻴﻤﺴﻜﻢ ﺑﺴﻮءٍ إﻻ
ﻋﻠﻰ ﺟﺜﺘﻲ". اﺑﺘﺴﻤﺖ وﺍﻟﺘﻔﺘﺖ ﺗﻨﻈﺮ ﻟﻠﺠﻤﻊ أﻣﺎﻣﻬﺎ...
"ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﻀﻊ ﺑﻌﺾ اﻟﺜﻘﺔ ﺑﺄن ﻫﻨﺎك ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ أﺷﺨﺎصٌ
ﻳﻬﺘﻤﻮن ﺑﻨﺎ وﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﺤﻤﺎﻳﺘﻨﺎ، ﻧﺤﻦ أﻗﻮى ﻣﻦ أن ﻳﺘﻢ ﺧﺪاﻋﻨﺎ!"
ﺻﻮﺗﻬﺎ أﺻﺒﺢ أﻋﻠﻰ وﺃﻛﺜﺮ ﺣﻤﺎﺳﺔ وﻛﺎن ﻳﺒﺪو أن اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﻜﺎن ﻳﻌﺮﻓﻮن ﻫﺬه
اﻟﻔﺘﺎة ﻷﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺒﺘﺴﻤﻮن ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺘﺤﺪث ﺑﺜﻘﺔٍ وﺗﺤﺮك ﻳﺪﻫﺎ ﺑﻌﻔﻮﻳﺔٍ وﺗﺮﻓﻊ ﻗﺒﻀﺘﻬﺎ
ﺻﺎرﺧﺔ ﺑﺤﻤﺎس.
"ﺳﻨﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ﺑﺄي ﺛﻤﻦ!" ﺻﺮﺧﺖ ﺑﻘﻮةٍ ﻟﻴﺮﻓﻊ اﻟﺠﻤﻴﻊ
ﻗﺒﻀﺘﻪ ﺑﺤﻤﺎس وﻳﺼﺮﺧﻮن ﺑﺎﻟﺠﻤﻠﺔ ذﺍﺗﻬﺎ.
"أﺭﻳﺪ ﻣﻨﻜﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎ إﺣﻀﺎر اﻟﺠﻤﻴﻊ إﻟﻰ ﻫﻨﺎ في ﺧﻼل زﻣﻦٍ ﻗﺼﻴﺮ..
ﻣﺎﻟﻜﻮم، رﺍﻟﺰي و ﺟﻮاﻟﻴﺎن! ﺛﻼﺛﺘﻜﻢ ﺳﺘﺠﺒﻮن اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ وﺗﺘﺄﻛﺪﻮن ﻣﻦ وﺻﻮل اﻟﺨﺒﺮ ﺣﺘﻰ ﻷﺻﻐﺮ
ﻛﺎﺋﻦ ﻫﻨﺎ"
جالت عيناها على الجميع قبل أن تقول بأعلى صوتٍ لها: "لن نترك أحدًا
خلفنا!".
ﺑﺪا اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻣﺘﺤﻤﺴًﺎ ﻓﺠﺄة وﻣﺴﺘﻌﺪًا ﻟﻠﺘﺤﺮك، وﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺑﺪأ ﻳﻬﺮﻮل ﻟﻤﻨﺰﻟﻪ
أﻭ ﻣﻨﺰل ﺟﺎﺮه ﻹﻳﺼﺎل الأخبار. ﻛﺎن أﻏﺪرﺍﺳﻴﻞ ﻳﺸﺎﻫﺪ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث وﻫﻮ ﻣﺬﻫﻮلٌ ﻧﻮﻋًﺎ ﻣﺎ! ﺗﻠﻚ
اﻟﻔﺘﺎة ﻧﺠﺤﺖ ﻓﻲ ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﺠﻤﻴﻊ وﺇﻗﻨﺎﻋﻬﻢ ﻓﻲ دﻗﺎﺋﻖ ﺑﻜﻞ جرأة!
ﻫﺒﻂ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﻣﻴﻪ وﺍﺗﺠﻪ ﻧﺤﻮﻫﺎ ﺑﻴﻨﻤﺎ ما زﺍﻟﺖ وﺍﻗﻔﺔً ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺮﺳﻲ ﻋﺎﻗﺪةً ﺣﺎﺟﺒﻴﻬﺎ
وﺗﻘﻮم ﺑﺘﻮﺟﻴﻪ اﻟﺠﻤﻴﻊ وﺑﺪت ﻣﺘﺤﻤﺴﺔً ﺟﺪًا وﻫﻲ ﺗﻠﻌﺐ دﻭﺭ اﻟﻘﺎﺋﺪة.
"آﻧﺴﺔ إﻳﻔﻮﻻ، أﻧﺎ ﻣﻤﺘﻦٌ ﻟﻚ ﺣﻘﺎ. ﺷﻌﺮت بأني ﻓﺸﻠﺖ ﻓﻲ ﻣﻬﻤﺘﻲ
ﻟﻮﻫﻠﺔٍ ﻟﻮﻻ ﺗﺪﺧـ..."
ﺗﻮﻗﻒ واﺗﺴﻌﺖ ﻋﻴﻨاه ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻈﺮت ﻟﻪ ﺑﻄﺮف ﻋﻴﻨﻬﺎ وﺍﻧﺤﻨﺖ ﻧﺤﻮه ﻟﻔﺎﺮق اﻟﻄﻮل
ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ؛ ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻫﻲ اﻟﻄﺮف اﻷﻃﻮل في هذه اللحظة! ﻳﺪﻫﺎ اﺗﺠﻬﺖ إﻟﻰ ﻋﻨﻖ ﻗﻤﻴﺼﻪ وﺳﺤﺒﺘﻪ
ﻧﺤﻮﻫﺎ وﺑﻨﺒﺮة ﺗﻬﺪﻳﺪٍ ﻗﺎﻟﺖ: "إن اﻛﺘﺸﻔﺖ أﻧﻚ ﺗﻜﺬب وﺣﺎوﻟﺖ ﻣﺴﺎس ﺷﺨﺺٍ وﺍﺣﺪ ﻣﻦ
ﺟﻮﻧﺮي ﺑﺄذﻯ فأﻗﺴﻢ ﺑﺸﺮف ﻋﺎﺋﻠﺘﻲ أﻧﻲ ﺳﺄﻧﺤﺮ ﻋﻨﻘﻚ ﺑﻨﻔﺴﻲ".
بالرغم من تعبير وجهها البريء فإن في هذه اللحظة بدت نظراتها وثبات نبرتها
وهي تهدد فارسًا بكل بساطةٍ بنحر عنقه مخيفةً لدرجة أرسلت رعشةً بسيطة لعموده
الفقري، وقد تساءل لوهلة: كيف لفتاةٍ في هذا العمر أن تملك نظرةً بهذه القوة؟
وعلى الرغم من ذلك شيءٌ ما دفعه للابتسام، هذه الاندفاعية وثقتها القوية
بقدرتها على نحر عنقه بالفعل مقابل الحفاظ على حياة جيرانها كانت مبادرةً سامية
أثارت استحسان أغدراسيل.
"ﺣﺴﻨًﺎ، اﺗﻔﻘﻨﺎ وﻟﻜﻦ أﺭﻳﺪ ﻣﻨﻚ اﻟﺒﻘﺎء ﻣﻌﻲ ﺣﺘﻰ ﻧﻘﻮم ﺑﻨﻘﻠﻬﻢ
ﺑﺴﻼم" ﻃﻠﺐ ﻣﻨﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﺒﺎلٍ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺟﺬﺑﻬﺎ ﻟﻘﻤﻴﺼﻪ أﻭ اﻟﺘﻬﺪﻳﺪ اﻟﻮاﺿﺢ ﻓﻲ ﺻﻮﺗﻬﺎ
وﺍﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ ﻓﻲ عينيها، وﺃﻋﻄﺎﻫﺎ إﺣﺪى اﺑﺘﺴﺎﻣﺎﺗﻪ اﻟﻌﻔﻮﻳﺔ وﺍﻟﺘﻲ ﺗﺼﺮخ ﺑأن ﻫﺬا اﻟﺸﺨﺺ
ﻧﻘﻲٌ وﻣﺴﺎﻟﻢ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ.
ﺣﺪﻗﺖ ﺑﻪ لثوانٍ ﻣﺘﻔﺎﺟﺄة؛ فقد ظنت أن تهديدها لفارسٍ للتو سيمس شرفه وسيظهر
وجهه الحقيقي، لكن بدا ذلك آخر ما يكترث له الشخص أمامها؛ لذلك استجمعت ﻧﻔﺴﻬﺎ
ورفعت ﺣﺎﺟﺒًﺎ وﺗﻘﻮل ﺑﺎﺳﺘﻔﻬﺎم: "ﻧﻘﻞ! ﻫﻞ ﻳﺘﻢ ﻧﻘﻠﻨﺎ؟". اﺑﺘﺴﻢ أﻏﺪرﺍﺳﻴﻞ
وﺃﻭﻣﺄ قائلًا: "إﻟﻰ أﻛﺜﺮ اﻷﻣﺎﻛﻦ أﻣﺎﻧﺎ".
وﺿﻊ ﻳﺪه ﻓﻮق ﻗﺒﻀﺘﻬﺎ وﺃﺑﻌﺪﻫﺎ ﺑﻠﻄﻒٍ ﻋﻦ ﻋﻨﻖ ﻗﻤﻴﺼﻪ وﺍﻟﺘﻔﺖ ﻳﻨﻈﺮ ﻧﺤﻮ اﻟﻤﻜﺎن اﻟﺬي
ﺑﺪأ ﻳﺰدﺣﻢ ﺑﺸﻜﻞٍ ﻣﺨﻴﻒ ﺑﺠﻤﻴﻊ ﺳﻜﺎن ﺟﻮﻧﺮي.
"ﺑﺎﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ؛ ﻻ ﺗﻨﺎدﻳﻨﻲ ﺑﺎﺳﻤﻲ اﻷﻮل، أﻧﺎ ﻓﻘﻂ ﻻﻣﻮﻓﺎر!"
ﻛﺘﻔﺖ ذﺭﺍﻋﻴﻬﺎ وﺍﻋﺘﺪﻟﺖ ﻓﻲ وﻗﻔﺘﻬﺎ ﻓﻮق اﻟﻜﺮﺳﻲ وﺗﺤﺎﺷﺖ اﻟﻨﻈﺮ ﻧﺤﻮه، ﻟﻜﻨﻪ ﺿﺤﻚ ﻋﻠﻰ
ﺗﺼﺮﻓﺎﺗﻬﺎ وﺣﺎﻮل ﺗﻤﺎﻟﻚ ﻧﻔﺴﻪ قائلًا: "كان ذلك فظًا مني، آنسة لاموفار، أعتذر،
ﻳﻤﻜﻨﻚ ﻣﻨﺎدﺍﺗﻲ ﺑﺄﻏﺪرﺍﺳﻴﻞ ﻓﻘﻂ".
ﺣﺪﻗﺖ ﺑﻮﺟﻬﻪ وﺍﺑﺘﺴﺎﻣﺘﻪ وﻫﻮ ﻳﻨﻈﺮ ﻟﻸﻫﺎﻟﻲ اﻟﺘﻲ ﺑﺪأت ﻓﻲ اﻟﺘﺠﻤﻊ ﺣﺘﻰ آﺧﺮ ﺷﺨﺺٍ ﻓﻲ
ﺟﻮﻧﺮي، وﺍﻧﺘﻘﻠﺖ ﻋﻴﻨﻬﺎ ﻟﻠﺠﻨﺎﺣﻴﻦ اﻟﻀﺨﻤﻴﻦ ﻓﻮق ﻇﻬﺮه، ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ إنكار انجذابها لهما؛
فهي ﺗﺮى مجنحًا ﻟﻠﻤﺮة اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ وﻫﺬا ﻳﺬﻫﻠﻬﺎ، وﺫﻟﻚ اﻟﺮﻳﺶ اﻟﻜﺜﻴﻒ اﻷﺑﻴﺾ بدا
كأجنحة اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﺳﻤﻌﺖ أن اﻻﺟﻨﺤﺔ اﻟﺒﻴﻀﺎء ﻧﺎدﺭةٌ ﺟﺪا ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺠﻨﺤين وﻫﺎﻫﻲ ﺗﻠﺘﻘﻲ
ﺑﺄﺣﺪﻫﻢ.
"أﻏﺪرﺍﺳﻴﻞ، ﻫﺎ؟" ﺗﻤﺘﻤﺖ وﻛﺄﻧﻬﺎ ﺗﺠﺮب اﻷﺳﻢ ﻗﺒﻞ أن ﺗﺒﻌﺪ
اﻫﺘﻤﺎﻣﻬﺎ ﻋﻨﻪ وﺗﻀﻊ ﻧﻈﺮةً ﺟﺪﻳﺔ ﻟﻠﺴﻜﺎن تحاول اﻟﺘﺄﻛﺪ ﻣﻦ وﺟﻮد اﻟﺠﻤﻴﻊ.
....
"ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻨﻚ اﻟﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ إﺯﻋﺎﺟﻲ؟" ﻫﺘﻒ ﺟﻮزﻓﻴﻦ ﺑﺎﻧﺰﻋﺎجٍ ﺑﻴﻨﻤﺎ
ﺛﻮﻧﺎر ﻛﺘﻤﺖ ﺿﺤﻜﺘﻬﺎ ﺑﺼﻌﻮﺑﺔٍ وﺗﻈﺎﻫﺮت ﺑﺎﻟﺒﺮاءة وﻫﻲ ﺗﻘﻮل: "ﻻ أﻣﻠﻚ أي ﻓﻜﺮةٍ ﻋﻤﺎ
ﺗﻘﻮل!". رﻓﻊ ﺣﺎﺟﺒًﺎ ﻧﺤﻮﻫﺎ، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻤﺎﺳﻜﺖ وﻇﻠﺖ ﻣﻼﻣﺢ اﻟﺒﺮاءة ﺛﺎﺑﺘﺔً ﻋﻠﻰ وﺟﻬﻬﺎ.
"ﻻ أﻋﻠﻢ ﻟﻤﺎ وﺿﻌﺘﻨﺎ ﺟﻠﻨﺎر ﻓﻲ اﻟﻔﺮﻳﻖ ذﺍﺗﻪ ﺑﺤﻖ الله" ﺗﻤﺘﻢ وﺍﻟﺘﻔﺖ ﻳﺘﺤﺮك
ﻟﺘﻬﺮب ﺿﺤﻜﺔ ﺛﻮﻧﺎر اﻟﻤﺴﺘﻤﺘﻌﺔ وﺗﻠﻮح ﺑﺄﺻﺒﻌﻬﺎ ﻧﺤﻮه ﻓﻴﻨﺘﻔﺾ ﺟﺴﺪه ﺑﺴﺒﺐ اﻟﻠﺴﻌﺎت اﻟﺘﻲ
ﺗﺼﻴبه.
"اﻟﻠﻌﻨﺔ، ﺛﻮﻧﺎر!" ﻫﻤﺲ وﻫﻮ ﻳﺤﻚ ﻋﻨﻘﻪ ﺑﺘﺄﻟﻢٍ وﺿﺮب اﻷﺮض
ﺑﻘﻮةٍ وﻫﻮ ﻳﻤﺸﻲ ﻋﻠﻴﻬﺎ محاولًا ﻛﺘﻢ ﻏﻴﻈﺔ.
ﺗﺎﺑﻊ ﻛﻞٌ ﻣﻨﻬﻤﺎ اﻟﺴﻴﺮ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻤﻤﺮ ﺣﺘﻰ وﺻﻼ ﻋﻨﺪ ﺑﺎبٍ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺨﺸﺐ وﺍﻟﺤﺪﻳﺪ
ﻳﻘﻒ ﺣﺎرﺳﺎن ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧﺒﻴﻪ. "ﻫﻞ ﻣﺴﺎﻋﺪ الأميرة ﻣﻮﺟﻮدٌ ﻫﻨﺎ؟" ﺳﺄﻟﺖ ﺛﻮﻧﺎر أﺣﺪ
اﻟﺤﺎرﺳﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﺗﺒﺎدﻻ اﻟﻨﻈﺮات ﺑﺎﺳﺘﻐﺮاب ﻗﺒﻞ أن ﻳﻮﻣﺊ أﺣﺪﻫﻤﺎ قائلًا: "إﻧﻪ ﻓﻲ
اﻟﺪاﺧﻞ، ﻟﻜﻨﻪ ﻓﻲ اﺟﺘﻤﺎع ﻣﻊ ا...".
قطع ﺣﺪﻳﺚ اﻟﺮﺟﻞ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻓُﺘﺢ اﻟﺒﺎب وﻇﻬﺮت ﻣﻦ ﺧﻠﻔﻪ اﻣﺮأةٌ ﻓﺎرﻋﺔ اﻟﻄﻮل ذات ﻣﻼﻣﺢ
ﺟﺎﻣﺪةٍ وﻣﻼﺑﺲ رﺳﻤﻴﺔٍ أﺷﺒﻪ ﺑﻤﻼﺑﺲ اﻟﺤﺮس، وﻋﻠﻰ ﻓﻜﻬﺎ اﻷﻳﺴﺮ خطان مائلان ﺑﺎﻟﻠﻮن اﻷﺳﻮد.
ﺗﺠﻤﺪ ﺟﻮزﻓﻴﻦ وﻫﻮ ﻳﻨﻈﺮ ﻧﺤﻮ اﻟﻤﺮأة وﺷﻌﺮ ﺑﺎﻟﺘﺸﻮش لثوانٍ. "دﺍﻳﻠﻦ!"
ﺗﻤﺘﻢ بالاسم وﻛﺄﻧﻪ ﻳﺤﺎﻮل اﻟﺘﺄﻛﺪ ﻣﻦ وﺟﻮد ﻫﺬه اﻟﻤﺮأة ﻫﻨﺎ.
ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﺻﺪﻣﺖ اﻟﻤﺮأة لثوانٍ ﻋﻨﺪﻣﺎ رأت ﺟﻮزﻓﻴﻦ وﺍﻗﻔًﺎ أﻣﺎﻣﻬﺎ وﺑﺪت ﻗﻠﻘﺔً
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻈﺮت ﻟﻠﺨﻠﻒ. "ﻣﺎذﺍ ﺗﻔﻌﻠﻴﻦ ﻫـ..." ﺗﻮﻗﻒ ﺟﻮزﻓﻴﻦ وﻋﻠﻖ السؤال ﻓﻲ ﺣﻠﻘﻪ
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺧﺮج ﻣﻦ ﺧﻠﻒ اﻟﻤﺮأة المدعوة دايلن رﺟﻞٌ ذﻭ أﻋﻴﻦ رﻣﺎدﻳﺔٍ وﻧﻈﺮةٍ ﻛﺎﺪت ﺛﻮﻧﺎر
ﺗﻘﺴﻢ أﻧﻬﺎ ﻧﻈﺮة ﺷﺨﺺٍ ﺑﻼ رﻮح أﻭ ﻣﺸﺎﻋﺮ!
وﻟﻜﻦ ﺛﻮﻧﺎر ﻛﺎﺪت ﺗﺠﻦ وﻫﻲ ﺗﻼﺣﻆ اﻟﺸﺒﻪ اﻟﻮاﺿﺢ ﺑﻴﻦ ﺟﻮزﻓﻴﻦ وﺍﻟﺮﺟﻞ، وﻛﺄﻧﻪ ﺟﻮزﻓﻴﻦ
وﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﻋﻤﺮ أﻛﺒﺮ ﻧﻮﻋًﺎ ﻣﺎ وﺃﻛﺜﺮ ﺟﺪﻳﺔٍ وبهالةٍ أﻛﺜﺮ رﻋﺒًا، ﻫﺎﻟﺔ ذﻟﻚ اﻟﺮﺟﻞ ﻛﺎﻧﺖ
ﻣﻤﺎﺛﻠﺔً ﻟﻬﺎﻟﺔ ﺟﻮزﻓﻴﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﺤﻮل ﻟﺸﺨﺺٍ ﻏﺎﺿﺐ وﻗﺎﺗﻞٍ ﻓﺘﺎك!
وﺑﻴﻦ اﻟﺼﻤﺖ وﺍﻟﻨﻈﺮات اﻟﻤﺘﻔﺎﺟﺌﺔ وﺍﻟﻤﺘﺒﺎدﻟﺔ وﻗﻔﺖ ﺛﻮﻧﺎر ﺗﺤﺪق ﺑﺎﻻﺛﻨﻴﻦ
ﺑﺎﺳﺘﻐﺮابٍ وﺗﺮﻗﺐ، ﺗﺸﻌﺮ بأﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﻤﻤﻜﻦ ﻗﻄﻊ ﻫﺬا اﻟﺠﻮ ﺑﺴﻜﻴﻦ، ﻛﺎن اﻟﺘﻮﺗﺮ ﻳﺰﺣﻒ ﺑﺸﻜﻞٍ
ﺳﻲء ﻟﻜﻞ اﻟﻤﻮﺟﻮدﻳﻦ، ﺣﺘﻰ اﻟﺤﺎرﺳﻴﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺎب أﺧﺬ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺧﻄﻮةً ﻟﻠﺨﻠﻒ.
ﻗﺒﺾ ﺟﻮزﻓﻴﻦ ﻓﻜﻪ ﺑﻘﻮةٍ وﺃﻏﻤﺾ ﻋﻴﻨيه لثوانٍ وﺣﺎﺮب اﻟﻐﻀﺐ اﻟﺬي ﻛﺎد ﻳﺮﺗﻔﻊ، ﻳﺘﺬﻛﺮ
ﺟﻤﻴﻊ دﺭﻮس ﺿﺒﻂ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺬي ﻗﻀﺎ ﺷﺒﺎﺑﻪ ﻳﺘﻌﻠﻤﻬﺎ، أﺧﺮج نفسًا وﻓﺘﺢ ﻋﻴنيه وﻧﻈﺮ لدﺍﻳﻠﻦ
وﺍﺑﺘﺴﻢ ﻛﻌﺎدﺗﻪ قائلًا: "ﻟﻘﺪ ﻣﺮ وﻗﺖٌ، أﻳﺘﻬﺎ اﻟﻘﻮﻳﺔ. ﻛﻴﻒ ﺣﺎﻟﻚ؟".
ﺣﺎوﻟﺖ دﺍﻳﻠﻦ اﻻﺑﺘﺴﺎم ﻓﻲ وﺟﻬﻪ ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺷﻌﻮرﻫﺎ ﺑﺎﻟﺘﻮﺗﺮ ﻣﻦ لقاء ﺟﻼﻟﺔ اﻟﻤﻠﻚ
وﺍﻷﻣﻴﺮ اﻟﺸﺎب "ﺷﻜﺮًا ﻋﻠﻰ ﺳﺆاﻟﻚ، ﺟﻼﻟﺔ اﻷﻣﻴﺮ. أﻧﺎ ﺑﺨﻴﺮ، وﺃﺗﻤﻨﻰ أن ﺗﻜﻮن
ﻛﺬﻟﻚ". زﻓﺮ ﺟﻮزﻓﻴﻦ ﻹﺟﺎﺑﺘﻬﺎ وﺿﺤﻚ قائلًا: "ﻟﻘﺪ ﻧﺸأﻨﺎ ﻣﻌًﺎ، ﻻ دﺍعٍ ﻟﻜﻞ
ﺗﻠﻚ اﻟﺠﺪﻳﺔ ﻳﺎ امرأة، ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ أﻧﺖ ﻣﺪرﺑﺘﻲ".
اﺑﺘﺴﻤﺖ دﺍﻳﻠﻦ ﺑﺸﻜﻞٍ ﺑﺴﻴﻂ، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺠﻤﺪت ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺤﺪث اﻟﻤﻠﻚ ﻓﺠﺄة: "إن ﻛﻨﺖ
ﺳﺘﻀﻴﻊ وﻗﺘﻨﺎ ﺑﺤﺪﻳﺜﻚ اﻟﻌﺎﻣﻲ ﻓﺎﺑﺘﻌﺪ ﻋﻦ اﻟﻄﺮﻳﻖ، وﻻ ﺗﻈﻬﺮ وﺟﻬﻚ أﻣﺎﻣﻲ ﺑﻜﻞ جرأةٍ، أﻳﻬﺎ
اﻟﻘﺬر".
اﺗﺴﻌﺖ ﻋﻴنا ﺛﻮﻧﺎر ﺑﺼﺪﻣﺔٍ وﻛﺪت ﺗﺼﺮخ ﻗﺎﺋﻠﺔً: "وﻳﺤﻚ!" وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻤﺎﺳﻜﺖ
وﺭﺍﻗﺒﺖ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﺑﺼﻤﺖٍ وﻗﺪ ﺗﻤﻜﻨﺖ ﻣﻦ رﺑﻂ اﻷﻣﻮر ﺑﺒﻌﻀﻬﺎ؛ ﻓﻤﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أن اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺠﺎﻣﺪ
ذاك ليس إلا وﺍﻟﺪ ﺟﻮزﻓﻴﻦ، ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ استحالة ﻫﺬا ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻤﺰاجهما وطرقهما
اﻟﻤﺘﻨﺎﻗﻀﺔ.
ﺿﺤﻚ ﺟﻮزﻓﻴﻦ ﺑﻘﻮةٍ وﻧﻈﺮ ﻟﻮاﻟﺪه ﺑﻼ مبالاةٍ قائلًا: "أﻧﺎ أﺗﻔﻘﺪ اﻟﺮﻋﻴﺔ ﻳﺎ
ﺟﻼﻟﺔ اﻟﻤﻠﻚ، أم أﻧﻪ ﻣﺤﻈﻮرٌ أﻳﻀًﺎ، وﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ أﻧﺖ ﻣﻦ ﻇﻬﺮ أﻣﺎﻣﻲ ﻻ اﻟﻌﻜﺲ، ﻳﺒﺪو أن
اﻟﻌﻤﻞ ﻳﺸﻮش ﻋﻘﻞ ﺟﻼﻟﺘﻪ قليلًا" ﻟﻢ ﺗﺒﺪُ ﻣﺰﺣﺔ ﺟﻮزﻓﻴﻦ ﻣﻘﺒﻮﻟﺔً ﻋﻨﺪ وﺍﻟﺪه أﺑﺪًا،
لكنه أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺒﺎلِ ﺑﻬﺬا.
"دﺍﻳﻠﻦ، اﺫﻫﺒﻲ وﺣﻀﺮي ﻣﺮﻛﺒﺘﻲ" أﻣﺮ اﻟﺮﺟﻞ ﺑﺒﺮوﺩٍ ﻟﺘﻨﺤﻨﻲ
ﺣﺎرﺳﺘﻪ ﺑﻄﺎﻋﺔٍ وﺗﺘﺤﺮك ﺑﻌﻴﺪًا ﻋﻨﻬﻤﺎ ﺑﻜﻞ ﺗﺮﺣﻴﺐ؛ ﻓﻼ أﺣﺪ ﻳﺤﺐ أﺑﺪًا اﻟﺘﻮاﺟﺪ ﺑﻴﻦ ﻫﺬين
اﻻﺛﻨﻴﻦ.
"ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﺤﺪث ﻣﻊ اﻟﻤﻠﻚ ﻓﺴﺘﻔﻌﻞ ﺑﺎﺣﺘﺮام، ﻻ ﺗﺘﺼﺮف ﻛﺼﺎﺣﺐ اﻟﻤﻜﺎن
ﺑﻴﻨﻤﺎ أنت ﻏﻠﻄﺔٌ اقترفتها ﺑﻴﺪي!" ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻧﻄﻘﻪ ﺑﻬﺬه اﻟﻜﻠﻤﺎت ﻓﻲ وﺟﻪ اﺑﻨﻪ ﻛﺎﻧﺖ
وﻛﺄﻧﻪ ﻳﻠﻘﻲ ﺗﺤﻴﺔ اﻟﺼﺒﺎح، وﻣﺎ أﺫﻫﻞ ﺛﻮﻧﺎر ﻫﻮ رﺩ ﻓﻌﻞ ﺟﻮزﻓﻴﻦ اﻟﺒﺎرﺩ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا ﻋﻨﺪﻣﺎ
ﻗﺎل: "لمَ ﻻ ﺗﻘﻮم ﺑﺘﺠﺪﻳﺪ ﻫﺬه اﻟﻜﻠﻤﺎت؟ ﺗﻌﻠﻢ أﻧﻲ أﺳﻤﻌﻬﺎ ﻣﻨﺬ ﺳﻨﻮاتٍ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺣﻘﺎ
ﻳﺎ أﺑﻲ!"
"ﻻ ﺗﻨﺎدﻳﻨﻲ بأﺑﻲ ﻳﺎ ﻫﺬا، أنا سيدك وحاكمك، أيها الفاشل! تعلم
لمرة في حياتك كيف تتصرف باحترام"
أخذ خطوة فأصبح يواجه ابنه وهسهس بصوتٍ لم يسمعه سواهما وثالثةً كانت ضيفًا
غير مرغوبٍ في هذا الموقف: "شخصٌ مثلك لابد أن اختياره غلطةٌ من التوابازيوس،
كيف لقاتلٍ أن يسمو ليصبح فارسًا؟ ما كنت لأتستر عليك إن لم تكن من صلبي ودمائي
تجري في عروقك، أيها الجاحد".
اﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﺟﻮزﻓﻴﻦ ﺗﻘﻠﺼﺖ شيئًا فشيئًا ﺣﺘﻰ اﺧﺘﻔﺖ وﺑﺪا وﻛﺄﻧﻪ ﻳﻨﺎﺰع ﻧﻔﺴﻪ ﺣﺘﻰ ﻻ
ﻳﺘﺄﺛﺮ ﺑﺄي ﻛﻠﻤﺔٍ ﻣﻤﺎ ﻳﻘﻮل وﺍﻟﺪه. "ﻻ أﻫﺘﻢ ﺑﻤﺎ ﺗﻈﻦ وﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪ، إن ﻛﻨﺖ ذاهبًا ﻣﻦ
ﻫﻨﺎ ﻓﻤﻦ اﻷﻓﻀﻞ أن ﺗﻔﻌﻞ" ﻧﺒﺮة ﺟﻮزﻓﻴﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﺟﺎﻓﺔً وﻗﻮﻳﺔ دﻓﻌﺖ ﺛﻮﻧﺎر اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻒ
ﻛﺘﻤﺜﺎلٍ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻟلشعور ﺑﺎﻟﻘﻠﻖ.
"اﺳﺘﻤﻊ ﺟﻴﺪًا، أﻳﻬﺎ اﻟﻠﻌﻴﻦ! ﻻ ﺗﺘﺠﺎوﺯ ﺣﺪوﺪك ﻣﻌﻲ ﻳﺎ ﻫﺬا، وﻻ
ﺗﻈﻬﺮ وﺟﻬﻚ ﻣﺠﺪدًﺍ ﻓﻲ أي ﻣﻜﺎن أﻛﻮن ﻓﻴﻪ" ﻛﺎد ﻳﺘﺠﺎوﺯ ﺟﺴﺪ ﺟﻮزﻓﻴﻦ وﻳﺘﺤﺮك، وﻟﻜﻦ
ﺟﻮزﻓﻴﻦ أﻭﻗﻔﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎل: "أﻭ ﻣﺎذﺍ؟ ﺳﺘﺤﺎﻮل ﻗﺘﻠﻲ ﻛﻤﺎ ﻛﻨﺖ ﺗﺮﻳﺪ أن ﺗﻔﻌﻞ ﻣﻨﺬ
اﻟﺒﺪاﻳﺔ؟ ﻳﺎﻟﻚ ﻣﻦ ﻣﻠﻚٍ رحيم". ﺳﺨﺮﻳﺘﻪ دﻓﻌﺖ اﻟﻤﻠﻚ ﻟﻼﻟﺘﻔﺎت وﺍﻟﻨﻈﺮ ﻧﺤﻮه ﺑﻨﻴﺔٍ
ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺼﺮخ أﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﻘﺘﻠﻪ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ!
"حسنًا، لمَ ﻧﺘﻮﻗﻒ ﻫﻨﺎ؟ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ أﻧﺘﻤﺎ وﺍﻟﺪٌ وابنه، ﻻ أﻋﻠﻢ
ﻛﺜﻴﺮًا عن أموركما العائلية المعقدة، وﻟﻜﻦ ﻛﻤﺎ أﻇﻦ ﻻ ﻳﺘﻢ اﻷﻣﺮ ﻫﻜﺬا ﻋﺎدة، لمَ ﻻ
ﺗﻮدﻋﺎن ﺑﻌﻀﻜﻤﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔٍ ﻻﺋﻘﺔ وﻧﺘﺮك اﻟﻨﻈﺮات واﻟﺮﻏﺒﺎت ﻓﻲ اﻟﻘﺘﻞ ﻟﻴﻮم آﺧﺮ؟"
ﺷﻌﺮت ﺛﻮﻧﺎر ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔٍ ﻟﻠﺘﺪﺧﻞ ﻹﻧﻬﺎء ﻫﺬا، ﻛﻤﺎ أن وﺍﻟﺪ ﺟﻮزﻓﻴﻦ رﺑﻤﺎ
أﻏﺎﻇﻬﺎ قليلًا ﺑﺘﻠﻚ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺒﺎﺋﺴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺎﻣﻞ اﺑﻨﻪ ﺑﻬﺎ، وﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﺟﻮزﻓﻴﻦ ﻟﻢ
يلتفت ﺣﺘﻰ إلى ﺛﻮﻧﺎر فقد فعل وﺍﻟﺪه؛ ﻣﻤﺎ ﺷﺠﻌﻬﺎ ﻟﻤﺤﺎوﻟﺔ اﻻﺑﺘﺴﺎم وﺍﻟﻘﻮل: "ﻛﻤﺎ
أن ﺟﻮزﻓﻴﻦ ﻟﻴﺲ سيئًا ﻛﻤﺎ ﺗﻈﻦ، إﻧﻪ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﻓﻲ اﻟﻔﺮﻳﻖ وﻗﺪ ﻗﺎم ﺑﺤﻤﺎﻳﺘﻲ
ﻛﺜﻴﺮا..."
اﺑﺘﻠﻌﺖ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺤﺪث أي ﺗﻐﻴﺮٍ ﻓﻲ ﺗﻌﺒﻴﺮ وﺟﻪ اﻟﻤﻠﻚ، وﻟﻜﻨﻪ ﻗﺎل: "ﻛﻞ
ﻣﺤﻴﻂٍ ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ ﺻﺎﺣﺒﻪ، ﻟﻢ أﻛﻦ ﻷﻓﻜﺮ ﺑﺄﺷﺨﺎصٍ أﻛﺜﺮ وﻗﺎﺣﺔً يمكنك التسكع حولهم".
اﺗﺴﻌﺖ عينا ﺛﻮﻧﺎر لما ﻗﺎل ﺑﺎزﺩﺭﺍءٍ وﻫﻮ ﻳﺤﺎﺪث اﺑﻨﻪ، وﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﺘﻔِ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﻟﺜﻮﻧﺎر
ﺑﺎﺳﺘﺨﻔﺎفٍ لأنه اﻟﺘﻔﺖ ﻧﺤﻮﻫﺎ قائلا: "اعرفي ﺟﻴﺪًا ﻣﻘﺎﻣﻚ وﻣﻊ ﻣﻦ ﺗﺘﺤﺪﺛﻴﻦ ﻳﺎ
ﻫﺬه، ﺣﺘﻰ إن ﻛﻨﺖ ﻋﺎﻫﺮة اﻷﻣﻴﺮ ﻓﻬﺬا ﻻ ﻳﻐﻔﺮ ﻟﻚ".
ﻟﺨﻤﺲ ثوانٍ ﻛﺎﻧﺖ ﺛﻮﻧﺎر ﺗﻨﻈﺮ ﻧﺤﻮه ﺑﻌﺪم اﺳﺘﻴﻌﺎبٍ ﻟﻤﺎ ﻗﺎل، ﻟﻘﺪ ﺣﺎوﻟﺖ! و اﻟﺮب
ﻳﺸﻬﺪ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﺣﺎوﻟﺖ اﻟﺘﺤﺪث ﺑﺄﻛﺜﺮ اﻟﻄﺮق ﻟﺒﺎﻗﺔ، وﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻛﺎن ﺻﺎدﻣًﺎ.
وﻣﺎ ﻛﺎن ﺻﺎدﻣًﺎ ﺑﺸﻜﻞٍ أﻛﺒﺮ ﻟﻜﻞٍ ﻣﻦ ﺛﻮﻧﺎر وﺍﻟﻤﻠﻚ ﻫﻮ اندفاع ﺟﻮزﻓﻴﻦ وﺍﻟﻘﺒﺾ
ﻋﻠﻰ ﻋﻨﻖ رﺩﺍء اﻟﻤﻠﻚ ﺑﻘﻮةٍ ﺻﺎرﺧًﺎ ﻓﻲ وﺟﻬﻪ ﺑﻐﻀﺐ: "إﻳﺎك وﻣﺨﺎﻃﺒﺘﻬﺎ ﺑﻬﺬه
اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ، أﻳﻬﺎ اﻟﻌﺠﻮز اﻟﺨﺮف! إن ﺳﻤﺤﺖ ﻟﻚ ﺑﺪﻫﺴﻲ ﻓﻠﻦ أﺳﻤﺢ ﻟﻚ بمساس ﻤﻦ ﺣﻮﻟﻲ ﺑﺤﻘﺎرﺗﻚ،
أﻗﺴﻢ ﺑﺸﺮف ﻋﺎﺋﻠﺘﻨﺎ اﻟﻤﻠﻜﻴﺔ إن ﺣﺎوﻟﺖ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻌﻬﺎ ﺑﻬﺬا اﻷﺳﻠﻮب اﻟﻠﻌﻴﻦ وﺍﻟﻤﺘﻌﺎﻟﻲ
ﺳﺄﺗﻨﺎﺳﻰ أﻧﻚ وﺍﻟﺪي وﺃﻧﻲ ﻣﻦ ﺻﻠﺒﻚ!".
ﻛﺎن ﻳﺘﻨﻔﺲ ﺑﺴﺮﻋﺔٍ وﺑﻘﻮة وﻋﺮوﻗﻪ ﺗﻨﺒﺾ ﺑﻌﻨﻒ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻨﻈﺮ ﻟﻌﻴﻦ وﺍﻟﺪه اﻟﻤﺘﻔﺎﺟﺌﺔ
ﺑﻜﻞ جرأةٍ وﻏﻀﺐ ﻻ ﻳﻈﻦ اﻟﻤﻠﻚ أﻧﻪ رآه ﻓﻲ وﻟﺪه ﻛﺜﻴﺮًا.
ﻟﻜﻨﻪ ﺗﺪاﺮك اﻷﻣﺮ وﺗﺪاﺮك ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﻟﻴﺪﻓﻊ ﺟﻮزﻓﻴﻦ وﻳﺮﻓﻊ ﻳﺪه ﻟﻴﺼﻔﻌﻪ ﺑﻘﻮةٍ وﻏﻀﺐ.
ﻛﺎن اﻷﻣﺮ ﺳﺮﻳﻌًﺎ، ﺳﺮﻳﻌًﺎ ﻟﺪرﺟﺔٍ ﻟﻢ ﻳﺪرﻛﻬﺎ ﺛﻼﺛﺘﻬﻢ! اﻟﺼﻔﻴﺮ اﻟﺬي ﻏﻄﻰ ﻛﻞ ﺻﻮتٍ
ﻛﺎن ﺑﺴﺒﺐ ﺗﻠﻚ اﻟﺼﻔﻌﺔ، ﻛﺎﻧﺖ ﻗﻮﻳﺔً وﻟﻢ ﺗﺪﺮك ﺛﻮﻧﺎر ﻣﺘﻰ ﺗﺤﺮﻛﺖ ﺑﺘﻠﻘﺎﺋﻴﺔٍ وﻭﻗﻔﺖ ﺑﻴﻦ
اﻻﺛﻨﻴﻦ ﻟﺘﺘﻠﻘﻰ اﻟﺼﻔﻌﺔ ﻋﻮﺿًﺎ ﻋﻦ ﺟﻮزﻓﻴﻦ.
ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻧﻴﺘﻬﺎ ﺗﻠﻘﻲ اﻟﺼﻔﻌﺔ، أﺭﺍﺪت ﻣﻨﻊ أي ﻗﺘﺎلٍ ﺟﺴﺪي، وﻟﻜﻦ ﻳﺪ اﻟﺮﺟﻞ ﻛﺎﻧﺖ
أﺳﺮع ﻣﻦ ذﻟﻚ وﺃﻗﻮى أﻳﻀًﺎ ﻣﻤﺎ ﻇﻨﺖ.
وﻛﺄي ﺷﺨﺺٍ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺼﺪﻣﺔ ﺗﻤﻨﻌﻪ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ، وﺑﻌﺪ اﻟﺼﺪﻣﺔ ﻳﺄﺗﻲ اﻟﻐﻀﺐ، ذﻟﻚ اﻟﻐﻀﺐ
اﻟﺬي دﻓﻊ ﺳﺤﺮﻫﺎ ﻟﻴﺤﻴﻂ ﺟﺴﺪﻫﺎ ﺑﺸﺮاﺭاتٍ ﺣﺎوﻟﺖ اﻟﺘﺤﻜﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﻘﺘﻞ ﻣﻠﻚ اﻟﻤﺘﻨﻜﺮﻳﻦ
وﺗﻘﻮم ﺣﺮبٌ أﺧﺮى ﻻ دﺍﻋﻲ ﻟﻬﺎ.
أﺑﻌﺪت ﺷﻌﺮﻫﺎ اﻟﺬي ﺗﻨﺎﺛﺮ ﻋﻠﻰ وﺟﻬﻬﺎ وﻧﻈﺮت ﻧﺤﻮه ﺑﺄﻋﻴﻦ ﺗﻮﻫﺠﺖ ﻛﺎﻟﺒﺮق وﺑﻨﺒﺮةٍ
ﺣﺎﻗﺪة أﺧﺬت ﺧﻄﻮةً ﻧﺤﻮه وﻗﺎﻟﺖ: "أنا فارسة الساحرات، وﺗﻌﺮﺿﻚ ﻟﻔﺎﺮسٍ ﻫﻲ ﺟﺮﻳﻤﺔ
ﻣﻬﻤﺎ ﻛﻨﺖ اﻟﻤﻠﻚ أﻭ اﻟﻠﻌﻴﻦ، ﻟﻜﻨﻲ ﺳﺄﺗﺠﺎﻫﻞ ﻫﺬا وﺳﺄﺗﺠﺎﻫﻞ ﻣﻨﺎدﺗﻚ ﻟﻲ ﺑﺎﻟﻌﺎﻫﺮة، ﻟﻜﻦ
ﺗﺬﻛﺮ ﻣﻦ أﻧﺖ وﻣﻦ أﻧﺎ! أﻧﺎ إﺣﺪى اﻟﺴﺎﺣﺮات اللاتي ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺮم ﻋﻠﻰ أﺑﻨﺎء ﺟﻠﺪﺗﻜﻢ اﻟﺘﻌﺪي
ﻋﻠﻴﻬﻦ وإن أﺭﺪت أﻧﺎ في هذه اللحظة أن أﻗﻮم ﺑﻨﺴﻔﻚ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻧﻚ ﻳﺎ جلالة الملك، ﻋﻠﻴﻚ أن
ﺗﻜﻮن ﺷﺎﻛﺮًا ﻹﺑﻨﻚ وﺇﻻ ﻷﺻﺒﺢ اﻷﻣﺮ ﺣﺮﺑًﺎ لا هدنة فيها".
ﻟﻢ ﻳﺼﻔﻌﻬﺎ ﺷﺨﺺٌ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ أﺑﺪًا، وﻛﺎن ﻏﻀﺒﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺎﻮل ﻛﺒﺘﻪ ﻳﺘﺤﻮل ﻟﺴﺤﺮٍ
ﻳﻀﺮب اﻟﺒﺮق ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ﺑﺼﻮتٍ ﻣﺮﻋﺐ دﻓﻊ اﻟﻤﻠﻚ ﻟﻤﺮاﺟﻌﺔ أﻓﻌﺎﻟﻪ ﻟﺜﺎﻧﻴﺔ. ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻣﻦ
اﻟﻤﺤﺮم ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺘﻨﻜﺮﻳﻦ وﻏﻴﺮﻫﻢ اﻟﻤﺴﺎس ﺑﺎﻟﺴﺎﺣﺮات، وﻟﻄﺎﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺴﺎﺣﺮات ﻣﻌﺮوﻓﺎتٍ
ﺑﻘﻮﺗﻬﻦ وﻟﻜﻨﻪ ﻻ يزال اﻟﻤﻠﻚ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﻧﻈﺮ ﻟﺠﻮزﻓﻴﻦ ﺑﺒﺮوﺩٍ قائلًا: "جبان! اﻧﻈﺮ ﻣﻦ
ﻳﺪاﻓﻊ ﻋﻨﻚ، أﻳـ...".
ﻗﺎﻃﻌﺘﻪ ﺛﻮﻧﺎر ﻗﺎﺋﻠﺔً: "ﻣﻦ ﻓﻀﻠﻚ ﻋﺪ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ أﺗﻴﺖ، أﻃﺎﻟﺒﻚ ﺑﻬﺬا ﺑﺄﺳﻠﻮبٍ
ﻣﻬﺬب لمكانتك كملك، اﺫﻫﺐ ﻣﻦ ﻫﻨﺎ بسلامٍ واستخدم حكمتك عوضًا عن لسانك".
اﻟﻨﻈﺮة اﻟﺠﺪﻳﺔ ﻓﻲ ﻋﻴﻨﻬﺎ ﺟﻌﻠﺘﻪ ﻳﺪﺮك أﻧﻪ ﻳﺘﺼﺎدم ﻣﻊ ﻓﺎرﺳﺔ اﻟﺴﺎﺣﺮات وﻫﻮ ﻻ ﻳﺮﻳﺪ إﺑﺎدة
شعبه ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ ﺣﺮبٍ معهن؛ ﻟﺬﻟﻚ أﺧﺬ ﺧﻄﻮةً ﻟﻠﺨﻠﻒ ﻗﺒﻞ أن ﻳﻠﺘﻔﺖ وﻳﺘﺠﺎﻫﻞ اﻻﺛﻨﻴﻦ ﻣﺒﺘﻌﺪًا
ﻋﻦ اﻟﻤﻜﺎن.
ﻣﻊ اﺑﺘﻌﺎﺪه ﻫﺪأت ﺛﻮﻧﺎر وﺍﻟﺘﻔﺘﺖ ﻧﺤﻮ ﺟﻮزﻓﻴﻦ اﻟﺬي ﻟﻜﻢ اﻟﺠﺪاﺭ ﺑﻘﻮةٍ ﺻﺎرﺧًﺎ
ﺑﻐﻀﺐ ﺣﺎﻮل ﻛﺒﺘﻪ: "ذﻟﻚ اﻟﻌﺠﻮز اﻟﻠﻌﻴن!" ﺻﺮخ ﺑﻬﺎ وﻟﻜﻢ اﻟﺠﺪاﺭ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺮةٍ
ﺣﺘﻰ أﺻﺎب ﻣﻔﺎﺻﻞ ﻳﺪه ﺑﺠﺮﻮحٍ ﺻﻐﻴﺮة.
"ﺗﻮﻗﻒ ﻋﻦ ﻫﺬا، أﻳﻬﺎ اﻷﺣﻤﻖ!" ﺗﻤﺘﻤﺖ ﺛﻮﻧﺎر وﻫﻲ ﺗﺮاﻗﺐ
اﻧﻔﻌﺎﻟﻪ، ﻟﻜﻨﻬﺎ أﺧﺬت ﺧﻄﻮة ﻟﻠﺨﻠﻒ ﻋﻨﺪﻣﺎ اﻟﺘﻔﺖ ﻟﻬﺎ ﺑﻨﻈﺮةٍ ﺗﺸﺘﻌﻞ وﺗﻘﺪم ﻧﺤﻮﻫﺎ ﺑﺴﺮﻋﺔ.
"لمَ وقفتِ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﺑﺤﻖ الله، ﺛﻮﻧﺎر؟ لمَ ﺗﺪﺧﻠﺖِ ﺣﺘﻰ؟" ﻛﺎن ﻳﺼﺮخ ﻓﻲ وﺟﻬﻬﺎ
ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺮﺗﺠﻒ ﻳﺪه ﺑﻘﻮةٍ ﻧﺘﻴﺠﺔً ﻟﻐﻀﺒﻪ.
"ﻫﻞ أﺻﺒﺤﺖ أﻧﺎ اﻟﻤﺨﻄﺄة اﻷن؟ لمَ ﺗﺼﺮخ ﻓﻲ وﺟﻬﻲ أﻧﺎ؟ ﺗﺒًﺎ
ﻟﻚ!" ﺻﺎﺣﺖ ﺑﻪ وﺩﻓﻌﺖ ﻛﺘﻔﻪ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺘﺠﺎوﺰه وﺗﺒﺘﻌﺪ ﻋﻨﻪ.
زﻓﺮ ﻓﻲ ﻣﺤﺎوﻟﺔٍ ﻟﺘﻬﺪﺋﺔ ﻧﻔﺴﻪ، ﻣﺴﺢ وﺟﻬﻪ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺮة ﻗﺒﻞ أن ﻳﻠﺘﻔﺖ وﻳﻬﺮﻮل
ﺧﻠﻔﻬﺎ وﻳﺠﺬب ذﺭﺍﻋﻬﺎ ﻟﺘﻠﺘﻒ ﻧﺤﻮه ﻣﺠﺒﺮة. "ﺣﺴﻨًﺎ، أﻋﺘﺬر! أﻧﺎ آﺳﻒ، ﻟﻢ أﺭﺩ اﻟﺼﺮاخ
ﻓﻲ وﺟﻬﻚ، ﻓﻘﻂ ﻻ تغضبي" ﻗﺎل ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺘﻨﻔﺲ ﺑﺼﻌﻮﺑﺔ، وﻟﻜﻨﻪ ﻳﺤﺎﻮل ﺗﻤﺎﻟﻚ ﻧﻔﺴﻪ.
ﻛﺘﻔﺖ ذﺭﺍﻋﻴﻬﺎ وﻧﻈﺮت ﻧﺤﻮه ﺑﻐﻴﻆٍ، وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻌﺘﺮض. "أﻧﺎ ﺣﻘﺎ آﺳﻒ"
ﻗﺎﻟﻬﺎ ﺑﻤﻬﻞٍ وﺻﺪقٍ ﻫﺬه اﻟﻤﺮة وﺃﺧﺬ ﺧﻄﻮة أﻗﺮب ﻟﻬﺎ ﻟﺘﻨﻈﺮ ﺑﻌﻴﺪًا ﻗﺎﺋﻠﺔ: "ﻻ ﺑﺄس،
ﺳﺄﺳﺎﻣﺤﻚ ﻓﻘﻂ إن ﺗﻮﻗﻔﺖ ﻋﻦ اﻟﺘﺬﻣﺮ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮة أﺿﺎﻳﻘﻚ ﻓﻴﻬﺎ".
ﻟﻢ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﻣﻼﻣﺤﻪ اﻟﻐﺎﺿﺒﺔ؛ ﻷﻧﻪ اﺑﺘﺴﻢ ﻗﺒﻞ أن ﺗﺘﺤﻮل اﺑﺘﺴﺎﻣﺘﻪ إﻟﻰ
ﺿﺤﻜﺔٍ ﺻﻐﻴﺮة. اﺑﺘﺴﻤﺖ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺠﺤﺖ في إﺿﺤﺎﻛﻪ، ﻋﺒﻮﺳﻪ دﺍﺋﻤًﺎ ما ﻳﻌﻄﻴﻬﺎ ﺷﻌﻮرًﺍ سيئًا
ﻟﺴﺒﺐٍ ﻣﺎ!
"ﻫﻞ ﺗﺆﻟﻤﻚ؟" ﻗﺎل ﺑﻴﻨﻤﺎ يمسك ذﻗﻨﻬﺎ ﻟﻜﻲ ﺗﻤﻴﻞ ﺑﺮأﺳﻬﺎ ﺣﺘﻰ
ﻳﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ رﺅﻳﺔ اﻻﺣﻤﺮاﺭ اﻟﺴﻴﺊ بوجنتها. "أﺗﻈﻦ أن ﺻﻔﻌﺔً ﻛﻬﺬه ﺳﺘﺆﻟﻤﻨﻲ؟ ﺑﺤﻘﻚ!
أﺻﺒﺖ ﺑﻤﺎ ﻫﻮ أﺳﻮأ" ﺗﻤﺘﻤﺖ ﺑﻌﺪم اﻫﺘﻤﺎمٍ وﺗﻐﺎﺿﺖ ﻋﻦ اﻟﻠﺴﻌﺎت اﻟﺘﻲ ﻇﻠﺖ ﺗﺼﻴﺐ
وﺟﻨﺘﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﺑﻌﺪ اﺧﺘﻔﺎء اﻷﻟﻢ.
ﺗﻨﻬﺪ وﻋﺒﺲ ﺑﻮﺟﻬﻪ وﻫﻮ ﻳﻨﻈﺮ ﻟﻤﺎ ﻓﻌﻠﻪ وﺍﻟﺪه وﻻ إﺭﺍﺩﻳﺎ ﻣﺴﺢ إﺑﻬﺎﻣﻪ وﺟﻨﺘﻬﺎ ﺑﺮﻗﺔٍ
وﻫﻤﺲ: "أﻧﺎ أﻋﺘﺬر ﺣﻘًﺎ".
ﺳﺎﺑﻘًﺎ ﻛﺎن اﻧﻄﺒﺎﻋﻬﺎ اﻷﻮل ﻋﻦ ﺟﻮزﻓﻴﻦ أﻧﻪ ﻣﺠﺮد رﺟﻞٍ أﺑﻠﻪ، أﺣﻤﻖ وﺗﺎﻓﻪ، رﺟﻞ ﻣﻦ
اﻟﻤﺴﺘﺤﻴﻞ أن ﻳﻜﻮن ﻣﺤﺎربًا أﻭ رجلًا ﺟﺪيًا، ﻟﻢ ﻳﻜﻦ شخصًا ﻳﻠﻔﺖ اﻧﺘﺒﺎﻫﻬﺎ أﺑﺪًا، وﻟﻜﻦ
اﻵن ﻋﻘﻠﻬﺎ ﻳﺼﻴﺒﻪ اﻟﺘﺸﻮش، لمَ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﻜﻞ ﻫﺬا اﻟﺘﻮﺗﺮ ﻟﻘﺮﺑﻪ؟ ﺣﺘﻰ أﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ
إﺑﻌﺎد ﻋﻴﻨﻬﺎ ﻋﻦ وﺟﻬﻪ وﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﻈﺮة اﻟﻤﺴﺘﺎءة.
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺮع ﺟﺮس اﻟﺨﻄﺮ دﺍﺧﻞ ﻋﻘﻠﻬﺎ أﺧﺬت ﺧﻄﻮةً ﺑﻌﻴﺪًا ﻋﻨﻪ وﺍﺳﺘﻌﺎﺪت ﺗﺮﻛﻴﺰﻫﺎ
ﻗﺎﺋﻠﺔً: "ﻻ ﺑﺄس، ﺟﻤﻴﻌﻨﺎ ﻳﻤﻠﻚ ﺣﻴﺎةً ﻣﺠﻨﻮﻧﺔ ﺑﺸﻜﻞٍ أﻭ ﺑآﺧﺮ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﻻ تلقِ بالًا
ﻟﻬﺬا. ﺗﺬﻛﺮ ﻣﻬﻤﺘﻨﺎ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ، ﻋﻠﻴﻨﺎ رﺅﻳﺔ ﻣﺴﺎﻋﺪ اﻷﻣﻴﺮة ﺑﻤﺎ أن ﻣﻜﺘﺒﻪ ﺧﺎﺮج اﻟﻘﺼﺮ،
دﻋﻨﺎ ﻻ ﻧﻀﻴﻊ اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖ".
أﻇﻬﺮ وﺟﻬﻪ اﺳﺘﻐﺮاﺑًﺎ ﻟﻘﻔﺰﻫﺎ اﻟﻤﻔﺎﺟﺊ ﺑﻌﻴﺪًا ﻋﻨﻪ، ﻟﻜﻨﻪ أﻭﻣﺄ ﻋﻠﻰ أي ﺣﺎلٍ
وﺗﻤﺘﻢ: "ﻟﻘﺪ ﻧﺴﻴﺖ ﻣﻬﻤﺘﻨﺎ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ، ﺗﺒًﺎ". ﺣﺮك ﺧﺼﻼت ﺷﻌﺮه ﻟﻠﺨﻠﻒ وﺍﺗﺠﻪ ﻧﺤﻮ
اﻟﻤﻜﺘﺐ ﺗﺘﺒﻌﻪ ﺛﻮﻧﺎر.
وﻟﻜﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺻﺒﺢ أﻣﺎم اﻟﺒﺎب ﺷﻲءٌ ﻣﺎ ﺧﻄﺮ ﻟﻪ اﻵن، ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﻔﻌﻠﻪ ﻣﻠﻚ
اﻟﻤﺘﻨﻜﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﻣﻜﺘﺐ ﻣﺴﺎﻋﺪ اﻷﻣﻴﺮة؟
ﻟﻢ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺮاﺣﺔ أﺑﺪًا ﻟﻬﺬا، وﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎن ﻣﺘﺄﻛﺪًا من أن ﺗﺎﺑﻌﺎت ﻫﺬه اﻟﺰﻳﺎرة
اﻟﻐﺮﻳﺒﺔ ﺳﺘﻄﻔﻮ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻄﺢ ﻗﺮﻳﺒًﺎ؛ ﻟﺬﻟﻚ أﻟﻘﻰ اﻟﻔﻜﺮة ﺑﻌﻴﺪًا وﻃﻠﺐ ﻣﻦ اﻟﺤﺎرﺳﻴﻦ
إﺩخالهما ﺑﺼﻔﺘهما أﺣﺪ اﻟﻔﺮﺳﺎن.
ﻟﻢ ﺗﻜﻦ زﻳﺎرﺗﻬﻤﺎ ﻃﻮﻳﻠﺔً ﻣﻊ ﻣﺴﺎﻋﺪ اﻷﻣﻴﺮة ذي اﻟﺠﺴﺪ اﻟﻨﺤﻴﻞ وﺍﻟﻤﺘﻮﺗﺮ ﻃﻴﻠﺔ
اﻟﻮﻗﺖ، ﻫﻮ اﻟﺸﺨﺺ ذﺍﺗﻪ اﻟﺬي يرافقها على الدوام ﻓﻲ ﻛﻞ اﺟﺘﻤﺎﻋﺎﺗﻬﺎ وﻳﺴﺎﻋﺪﻫﺎ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ
اﻷوﺭاق وﺍﻟﺘﻮﻗﻴﻌﺎت اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ.
"ﻧﺮﻳﺪ ﻣﻨﻚ أن ﺗﺤﺘﻔﻆ ﺑﻬﺬا اﻟﻘﺮاﺭ ﻋﻨﺪك، ﺳﻴﺼﻠﻚ ﺧﺒﺮٌ ﻣﻦ اﻷﻣﻴﺮة
ﻗﺮﻳﺒًﺎ ﺑﺎﻟﺘﻮﻗﻴﻊ وﺍﻹﻗﺮاﺭ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﻮرﻗﺔ؛ ﻟﺬﻟﻚ اﻧﺘﻈﺮ أﻭﺍﻣﺮﻫﺎ"
ﻛﺎن ﺣﺪﻳﺚ ﺛﻮﻧﺎر وﺍﺿﺤًﺎ وﻟﻜﻦ ﻏﺮﻳﺐٌ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﺴﺎﻋﺪ اﻟﺬي ﻧﻈﺮ ﻟﻠﻮرﻗﺔ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻪ
وﻗﺮأ اﻟﻤﻜﺘﻮب ﻓﻴﻬﺎ ﻟﺘﺘﺴﻊ عيناه ﺑﺼﺪﻣﺔ، رفع رأسه بسرعةٍ دفعت صوت طقطقة عظام رقبته
للظهور. "و… وﻟﻜﻦ ﻫﺬه... ﻫﺬه ﺗﻜﻮن ا..." ﺗﻠﻌﺜﻢ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺒﺪل ﻧﻈﺮه ﺑﻴﻦ
اﻟﻮرﻗﺔ وﺛﻮﻧﺎر وﺟﻮزﻓﻴﻦ. "ﻧﻌﻠﻢ ﺟﻴﺪًا ﻣﺎ ﻫﺬه، ﻓﻘﻂ ﻻ ﺗﺪع أي ﺷﺨﺺٍ ﻳﺮاﻫﺎ ﺣﺘﻰ
ﺗﺄﻣﺮك الأميرة" ﻗﺎل ﺟﻮزﻓﻴﻦ ﺑﺠﺪﻳﺔٍ وﻧﺒﺮةٍ ﺣﺬرة ﻣﻤﺎ رﻓﻊ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺘﻮﺗﺮ ﻟﺪى
ﻣﺴﺎﻋﺪ اﻷﻣﻴﺮة اﻟﺘﻲ اﺭﺗﺠﻔﺖ ﻳﺪه بقوةٍ وﻫﻮ ﻳﻀﻊ اﻟﻮرﻗﺔ دﺍﺧﻞ ﻣﻠﻒٍ ﺟﺪﻳﺪ ﺧﺎص وﻳﺤﺘﻔﻆ ﺑﻪ.
"أﻧﺘﻤﻰ أن ﻻ ﺗﺸﺘﻌﻞ ﻫﺬه اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ" ﺗﻤﺘﻢ وﻫﻮ ﻳﺘﻔﺤﺺ اﻻﺛﻨﻴﻦ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﻣﻤﺎ أﺛﺎر
اﻟﺨﺒﺚ دﺍﺧﻞ ﺛﻮﻧﺎر ﻟﺘﺒﺘﺴﻢ وﺗﻤﻴﻞ ﻧﺤﻮ اﻟﻤﺴﺎﻋﺪ اﻟﺠﺎﻟﺲ ﺧﻠﻒ اﻟﻤﻜﺘﺐ قائلةً: "أﻮه،
ﻳﺎ ﺻﺪﻳﻘﻲ أﻧﺖ ﻻ ﺗﻤﻠﻚ أية ﻓﻜﺮةٍ عما هو قادم".
....
"ﻣﻦ ﻫﻨﺎ، ﺳﻴﺪي، ﺗﻔﻀﻞ. ﺳﻴﺪﺗﻲ، ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻨﻚ اﻟﺤﺬر ﻓﻲ أثناء ﻧﺰﻮل
ﻫﺬه اﻟﺴﻼﻟﻢ؟ ﺷﻜﺮا ﻟﺘﻌﺎوﻧﻜﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎ"
ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻤﺬﻫﻞ ﺟﺪًا ﻣﺮاﻗﺒﺔ ﻫﺎرﻟﻴﻚ ذي اﻟﺤﺠﻢ اﻟﺼﻐﻴﺮ ﻳﺴﺎﻋﺪ ﺳﻜﺎن ﻏﺮوﻟﻲ ﻋﻠﻰ
اﻻﻧﺘﻈﺎم ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت، ﻇﻞ رﻭﻣﻴﺎس ﻳﺮاﻗﺐ ﺗﻘﺒﻞ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻟﻬﺬا اﻟﻔﺘﻰ اﻟﺼﻐﻴﺮ ذي اﻟﺸﻌﺮ
اﻟﻼﻓﺖ وﺍﺑﺘﺴﺎﻣﺘﻬﻢ ﻟﻪ.
رﻭﻣﻴﺎس ﺷﻌﺮ ﺑﺎﻟﺬﻋﺮ ﻋﻨﺪﻣﺎ وﺟﺪ ﻧﻔﺴﻪ وﺍﻗﻔًﺎ أﻣﺎم ﺣﺸﺪٍ ﺿﺨﻢ وﻋﻠﻴﻪ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻌﻬﻢ،
وﻟﻜﻦ ﻫﺎرﻟﻴﻚ ﺗﻜﻔﻞ ﺑﺎﻷﻣﺮ، ﻓﻘﻂ ﻛﻞ ﻣﺎ اﺣﺘﺎﺟﻪ هو زﺋﻴﺮٌ ﻗﻮي ﻣﻦ رﻭﻣﻴﺎس ﻳﺠﺬب أﻧﻈﺎرﻫﻢ
وﻫﻮ ﺗﻜﻔﻞ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ.
ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ أﺣﺪٌ معارضة اﻟﻌﻤﻼق اﻟﺼﻐﻴﺮ اﻟﺬي ﺗﺤﺪث ﺑﻜﻞ ﺻﺪقٍ ﻋﻦ اﻟﻔﺮﺳﺎن وﻋﻦ
رﻏﺒﺘﻬﻢ اﻟﺼﺎدﻗﺔ ﻓﻲ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﻛﻞ ﺷﺨﺺ، ﻛﺎﻧﺖ ﻛﻠﻤﺎﺗﻪ ﺣﻘًﺎ لا تمت بصلةٍ لصبي في هذا
العمر!
وﻛﻮﻧﻪ ﻋﻤﻼقٌ ذﻭ دﻣﺎءٍ ﻋﺮﻳﻘﺔ وﻫﻮ ﻣﻦ ﺳﻼﻟﺔ اﻟﻌﻤﻼق ﺑﺮاﻳﻒ اﻟﺬي ﻳﻌﺮﻓﻪ ﺟﻤﻴﻊ ﺳﻜﺎن
اﻟﻜﻮاﻛﺐ وﻳﻤﺘﻨﻮن ﻟﻪ ﻷﻧﻪ ﻛﺎن أﺣﺪ أﻛﺜﺮ اﻷﺷﺨﺎص ﺗﺄﺛﻴﺮًا ﻟﻨﺸﺮ اﻟﺴﻼم؛ ﻓﻜﺎن ﻫﺎرﻟﻴﻚ
ﻣﺮﺣﺒًﺎ ﺑﻪ ﺟﺪًا، ﺑﻞ وأن اﻟﺒﻌﺾ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻠﻘﺒﻮﻧﻪ ﺑﺄﻓﻀﻞ اﻟﻔﺮﺳﺎن.
ﻟﻢ ﻳﺘﻤﻠﻚ رﻭﻣﻴﺎس إﻻ اﻟﻔﺨﺮ، ﻟﻄﺎﻟﻤﺎ ﻛﺎن اﻷخ اﻷﺻﻐﺮ ﺑﻴﻦ إﺧﻮﺗﻪ وﻟﻜﻨﻪ ﺷﻌﺮ
ﺑﺎﻟﻤﺴﺆوﻟﻴﺔ ﺗﺠﺎه ﻫﺎرﻟﻴﻚ ﻣﻨﺬ اﻟﻤﺮة اﻷوﻟﻰ، وﻛﺎن ذﻟﻚ اﻟﺸﻌﻮر ﻣﺤﺒﺒًﺎ وﻟﻄﻴﻔًﺎ، ﻛﺎن
ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻪ إﻋﻄﺎء ﻫﺎرﻟﻴﻚ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺤﺼﻞ ﻫﻮ ﻋﻠﻴﻪ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎن ﻣﻤﺘﻨًﺎ ﻟﻮﺟﻮد ﻫﺎرﻟﻴﻚ اﻟﺼﻐﻴﺮ.
ﻫﺎرﻟﻴﻚ اﻟﺬي ﻻﺣﻆ وﻗﻮف رﻭﻣﻴﺎس ﺑﻌﻴﺪًا ﻋﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﺗﺤﺮك ﻧﺤﻮه وﻗﺎل ﻓﻲ ﻋﺘﺎب:
"ﻣﺎذﺍ ﺗﻔﻌﻞ، رﻭﻣﻴﺎس؟ ﻫﻴﺎ! ﺗﺤﺮك وﺳﺎﻋﺪﻧﻲ ﻗﻠﻴﻼ، أﻧﺖ أﺳﺮع ﻣﻦ أي ﺷﺨﺺٍ أﻋﺮﻓﻪ، كما
أن حاسة شمك قوية، ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﺠﻮب اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ وﺗﺘﺄﻛﺪ ﻣﻦ أن اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻫﻨﺎ وﻟﻢ يبقَ أﺣﺪ،
ﻫﻴﺎ!".
ﺗﻮﺗﺮ رﻭﻣﻴﺎس ﻟﻮﻫﻠﺔٍ وﻗﺎل ﺑﺘﺮدﺩ: "ﻻ أﻋﻠﻢ إن ﻛﻨﺖ ﻗﺎدﺭًﺍ ﻋﻠﻰ إﻗﻨﺎﻋﻬﻢ
ﻣﺜﻠﻚ، ﻻ أﻇﻦ أﻧﻲ ﺟﻴﺪٌ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻊ اﻵﺧﺮﻳﻦ". ﻛﺘﻒ ﻫﺎرﻟﻴﻚ ذﺭﺍﻋﻴﻪ قائلًا:
"ﺑﺤﻖ الله! أﻧﺖ ﻟﻄﻴﻒٌ ﺟﺪا، ﻓﻘﻂ أظهر ﺗﻠﻚ اﻟﻨﻈﺮة اﻟﺒﺮﻳﺌﺔ وﺳﻴﺘﺒﻌﻚ اﻟﺠﻤﻴﻊ، ﻫﻞ
ﺗﺮﻳﺪ ﻣﻨﻬﻢ أن ﻳﻤﻮﺗﻮا ﻷﻧﻚ ﺳﻲءٌ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ؟ ﻫﻞ ﺗﺮﻳﺪ ﻣﻦ ﻫﺆﻻء اﻷﺷﺨﺎص اﻟﻄﻴﺒﻴﻦ أن ﻳﺤﺪث
ﻟﻬﻢ ﻣﺎ ﺣﺪث ﻟﻶﺧﺮﻳﻦ؟ لمَ ﻻ ﺗﺆﻣﻦ ﺑﻨﻔﺴﻚ؟ ﻓﻘﻂ ﺗﺤﺪث ﺑﺮﻏﺒﺘﻚ ﻓﻲ ﺣﻤﺎﻳﺘﻬﻢ، أﻻ ﺗﺮﻏﺐ ﻓﻲ
ﺣﻤﺎﻳﺘﻬﻢ، رﻭﻣﻴﺎس؟ أﻋﻠﻢ أﻧﻚ ﺧﺎﺋﻒٌ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺧﻮﻓﻚ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎﺗﻚ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﺗﺤﺮك
وﺳﺎﻋﺪﻧﻲ و...".
ﻗﺎﻃﻌﻪ رﻭﻣﻴﺎس وﻭﺿﻊ ﻳﺪه ﻓﻮق ﻓﻤﻪ قائلًا ﺑﺬﻋﺮ: "ﺣﺴﻨَﺎ، ﻓﻬﻤﺖ... ﻟﻘﺪ ﻓﻬﻤﺖ!
ﺳﺄﺗﺤﺮك، ﻟﻜﻦ أﺭﺟﻮك أﻻ ﺗﺘﺤﺪث ﺑﻬﺬه اﻟﺴﺮﻋﺔ، أﻧﺖ ﺗﺜﻴﺮ ﻓﺰﻋﻲ".
اﺑﺘﺴﻢ ﻫﺎرﻟﻴﻚ وﺃﺑﻌﺪ ﻳﺪ رﻭﻣﻴﺎس "إﺫًﺍ ﺑﻜﻞ ﺑﺴﺎﻃﺔ… ﺗﺤﺮك".
ﺗﻨﻬﺪ ﻗﺒﻞ أن ﻳﻨﻈﺮ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ وﻳﺄﺧﺬ ﻧﻔﺴًﺎ ﻗﻮﻳًﺎ. "ﺳﺄﻋﻮد بسرعة" ﻗﺎل
ﻗﺒﻞ أن ﻳﺮﻛﺾ ﺑﺴﺮﻋﺔٍ ﻏﻴﺮ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﺟﺎذﺑًﺎ أﻧﻈﺎر اﻟﺠﻤﻴﻊ اﻟﻤﺬﻫﻮﻟﺔ. "أﺭﺃﻳﺘﻢ؟ ﻗﻠﺖ
ﻟﻜﻢ أﻧﻨﺎ أﻗﻮﻳﺎء، إﻧﻪ أﺣﺪ اﻟﻔﺮﺳﺎن!" ﺻﺎح ﻫﺎرﻟﻴﻚ ﺑﺴﻌﺎدةٍ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺘﺠﻪ ﻷﺣﺪ
اﻷﺷﺨﺎص ﻳﺴﺎﻋﺪه في ﺣﻤﻞ ﺣﻘﻴﺒﺘﻪ.
....
"اﻧﻈﺮ إﻟﻰ ﻫﺬا اﻟﺠﻤﻊ! ﻟﻢ أﻛﻦ أﻇﻦ أﺑﺪًا أن ﺳﻜﺎن ﺗﺮﻳﺒﻢ ﺑﻬﺬا
اﻟﻌﺪد ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺻﻐﺮﻫﺎ!" ﻗﺎل ﻻﻓﻴﺎن وﻫﻮ ﻳﻠﺘﻔﺖ ﻳﻨﻈﺮ ﻟﻠﻌﺪد اﻟﻀﺨﻢ اﻟﺬي ﻳﺴﻴﺮ
ﺧﻠﻔﻪ ﻫﻮ وﺯﻭﻧﺪي وﻳﺘﺠﻬﻮن ﻧﺤﻮ اﻟﻨﻘﻄﺔ اﻟﻤﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ. "إﻧﻬﻢ ﻣﺴﺎﻟﻤﻮن ﺗﻤﺎﻣًﺎ، ﻟﻘﺪ
وﺍﻓﻘﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻮر وﺟﻤﻌﻮا أﻧﻔﺴﻬﻢ ﺑﺴﺮﻋﺔ" ﻋﻠﻖ زﻭﻧﺪي ﺑﺮاﺣﺔٍ وﺯﺍﺪت اﺑﺘﺴﺎﻣﺘﻪ
ﻋﻨﺪﻣﺎ لاحت اﻟﺒﻮاﺑﺔ اﻟﻀﺨﻤﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺘﺮﻳﺒﻢ ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ.
"ﻫﺬا ﻷن ﻧﺼﻔﻬﻢ ﻗﺎﺪمٌ من أﺮض ﺟﻮﻟﺪ اﻟﺘﻲ اﺣﺘﻠﻬﺎ اﻹرﻳﺒﻮس
وﺇﻧﻘﺎذﻧﺎ ﻟﻬﻢ وﺿﻊ ﺑﻌﺾ اﻟﺜﻘﺔ دﺍﺧﻠﻬﻢ" ﻗﺎل ﻻﻓﻴﺎن وﻧﻈﺮ ﻟﺰوﻧﺪي ﻣﺮدﻓًﺎ:
"وﻋﻠﻴﻨﺎ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﺜﻘﺔ وﺟﻌﻠﻬﺎ أﻛﺒﺮ". أﻭﻣﺄ اﻵﺧﺮ ﻣﻮاﻓﻘًﺎ، ثم ﻋﻘﺪ
ﺣﺎﺟﺒﻪ لثوانٍ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺷﺮد ﻗﺒﻞ أن ﻳﻘﻮل ﻟﻼﻓﻴﺎن: "ﻫﻞ ﺗﻈﻦ أﻧﻬﺎ ﺳﺘﻨﺠﺢ؟"
"ﻣﺎ ﻫﻲ؟"
"ﺧﻄﺔ ﺟﻠﻨﺎر!"
ﺰم ﻻﻓﻴﺎن ﺷﻔﺘﻴﻪ لثوانٍ وﻧﻈﺮ ﻟﻠﻄﺮﻳﻖ أﻣﺎﻣﻪ وﺭﺍﻗﺐ زﻭﻧﺪي ﺗﻌﺒﻴﺮه ﻳﻨﺘﻈﺮ إﺟﺎﺑﺔ.
"ﻻ أﻋﻠﻢ ﻳﺎ ﺻﺪﻳﻘﻲ، ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻨﻲ أن أجزم بشيء؛ فالأمر أشبه
بمراهنة، وﻟﻜﻨﻲ أﻋﺘﺮف بأﻧﻬﺎ ﺧﻄﺔٌ ذﻛﻴﺔ! رﺑﻤﺎ ﻣﻠﻴﺌﺔٌ ﺑﺎﻟﻤﺨﺎﻃﺮة، أجل، وﻟﻜﻨﻬﺎ ذﻛﻴﺔٌ
وﻣﻌﻘﺪة، وﻟﻜﻦ أﺗﻌﻠﻢ علامَ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻫﺬه اﻟﺨﻄﺔ؟" رﻓﻊ زﻭﻧﺪي ﻛﺘﻔﻴﻪ دﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺪم
ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﻟﻴﺒﺘﺴﻢ ﻻﻓﻴﺎن وﻳﺸﺒﻚ ﻳﺪﻳﻪ ﺧﻠﻒ رﺃﺳﻪ وﻫﻮ ﻳﻨﻈﺮ ﻟﻠﺴﻤﺎء. "ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺪاﺭ
ﺛﻘﺘﻨﺎ ﺑﺠﻠﻨﺎر، وﺇﻻ ﺳﻴﻔﺸﻞ ﻛﻞ ﺷﻲء... أﻧﺎ أﺛﻖ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﻔﺘﺎة، ﻟﺴﺒﺐٍ أﻭ ﻵﺧﺮ إﻧﻬﺎ ﺗﻌﻄﻴﻚ
ذﻟﻚ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺗﺆﻣﻦ ﺑﻚ وﺑﻘﺪرﺍﺗﻚ؛ ﻟﺬﻟﻚ أﺛﻖ ﺑﻬﺎ بدوري. ﻣﺎذﺍ ﻋﻨﻚ؟"
ﺻﻤﺖ زﻭﻧﺪي لثوانٍ وﺗﻨﻬﺪ قائلًا: "لا أظن أنني بهذا القرب من جلنار على
الرغم من تعاملنا معًا، لم أملك يومًا الدافع في الثقة بشخصٍ لم أعرفه جيدًا،
لكن... كما قلت أنت؛ إنها تنجح في منحك ذاك الشعور من الثقة التي يجب عليك
مبادلتها، كما أن هالة القائد التي تلفها ليس من السهل تجاهلها وعدم الثقة بها؛
لذلك أظن أن وجودي هنا أكبر دليلٍ على ثقتي بها".
ﺿﺤﻚ ﻻﻓﻴﺎن وﺭﺑﺖ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮه ﺻﺎﺋﺤًﺎ "أﻧﺖ رﺟﻞٌ ﺑﺴﻴﻂ، زﻭﻧﺪي، ﺣﻘًﺎ ﺑﺴﻴﻂ!
أﺣﺴﺪك ﻋﻠﻰ ﻫﺬا ﻳﺎ أﺧﻲ"
ﺗﻮﻗﻒ ﻛﻼﻫﻤﺎ أﻣﺎم اﻟﺒﻮاﺑﺔ اﻟﻀﺨﻤﺔ وﺍﻟﺘﻔﺘﺎ ﻟﺴﻜﺎن ﺗﺮﻳﺒﻢ ﻗﺒﻞ أن ﻳﻨﻈﺮ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ
ﻟﻶﺧﺮ وﻳﻘﻮل ﻻﻓﻴﺎن: "ﻟﻨﺼلِ أن يسير كل شيءٍ حسب خطتنا".
....
"اﻷﺧﺒﺎر ﺗﺪوﺭ ﻓﻲ اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﻛﻠﻬﺎ! وﻫﺬه اﻟﻤﻨﺎﻇﺮ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺬﻫﻠﺔً
ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺴﻜﺎن وﻣﺜﻴﺮةً ﻟﻠﻘﻠﻖ، وﻳﻈﻬﺮ ﻫﺬا اﻟﻤﻘﻄﻊ أن ﻗﻮات ﻋﺎﺋﻠﺔ دﻮل ﺗﺘﺤﺮك ﻧﺤﻮ حدود
أﺮض اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ، ﻛﻤﺎ وﺭﺩﺗﻨﺎ أﺧﺒﺎرٌ ﻋﻦ ﺗﺤﺮك ﻗﻮات ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻌﺎﺋﻼت اﻷرﺑﻊ اﻷﺧﺮى
للحدود اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ وﻓـ...."
أﺑﻌﺪت ﺟﻠﻨﺎر ﻋﻴﻨﻬﺎ ﻋﻦ اﻟﺸﺎﺷﺔ اﻟﻀﻮﺋﻴﺔ اﻟﻀﺨﻤﺔ اﻟﻤﻮﺟﻮدة ﻓﻲ ﻣﻜﺘﺐ اﻷﻣﻴﺮة وﺍﻟﺘﻲ
ﺗﻌﺮض أﺧﺒﺎرًا ﻓﻲ ﻛﺎﻣﻞ اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﻋﻦ اﻟﺘﺤﺮﻛﺎت اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﺪﺛﺖ ﻣﻨﺬ ﺳﺎﻋﺎتٍ ﻟﺠﻤﻴﻊ
اﻟﻌﺎﺋﻼت اﻟﺨﻤﺲ.
"ﻻ أﺻﺪق أن ﻫﺬا ﺣﻘًﺎ ﻳﺤﺪث" ﺿﺤﻚ أﺭﺗﻴﺎﻧﻮ ﺑﺴﺨﺮﻳﺔٍ ﻗﺒﻞ أن
ﻳﻨﻈﺮ ﻟﺠﻠﻨﺎر اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺮك ﻗﺪﻣﻬﺎ ﺑﺘﻮﺗﺮ. "ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻨﻨﻲ اﻟﺬﻫﺎب ﻟﻮﻗﺖٍ ﻗﺼﻴﺮ
وﻣﺮاﻗﺒﺔ ﺗﻌﺒﻴﺮ أﻟﻔﻦ ﺑﻌﺪ ﻫﺬا؟" ﺳﺨﺮ أﺗﺮﻳﻮس مبتسمًا، ﻟﻜﻦ ﺟﻠﻨﺎر رﻓﻌﺖ ﻋﻴﻨﻬﺎ ﻧﺤﻮه
ﺑﺠﺪﻳﺔٍ ﻗﺎﺋﻠﺔ: "ﻻ ﺗﻤﺰح! اﻷوﺿﺎع اﻵن ﺗﺸﺘﻌﻞ وﻧﺤﻦ اﻟﻔﺎﺻﻞ ﺑﻴﻦ ﻛﻞ ﻫﺬا، إﻣﺎ أن
ﻧﻨﺠﺢ أﻭ ﻳﺬﻫﺐ ﻛﻞ ﺷﻲءٍ ﻣﻨﺬ اﻟﺨﻄﻮة اﻷوﻟﻰ".
دﺣﺮج عينيه وﺃﺳﻨﺪ ﻇﻬﺮه ﻟﻠﻤﻘﻌﺪ قائلًا: "اﺳﺘﺮﺧﻲ ﻗليلًا، اﻷﻣﺮ ﻟﻴﺲ ﻧﻬﺎﻳﺔ
اﻟﻌﺎﻟﻢ". رﻓﻌﺖ ﺣﺎﺟﺒًﺎ ﻧﺤﻮه وﻛﺎﺪت ﺗﺮد، ﻟﻜﻦ أﺭﺗﻴﺎﻧﻮ ﺳﺒﻘﻬﺎ قائلًا ﺑﺒﺮوﺩ:
"أﻋﺘﺬر لأجل ﻣﻘﺎﻃﻌﺔ أﺣﻼﻣﻚ، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ! وﺃﻇﻦ أﻧﻨﺎ ﺳﻨﻘﺘﻞ
ﺟﻤﻴﻌًﺎ".
رﻓﻊ أﺗﺮﻳﻮس حاجبًا وﺗﻤﺘﻢ: "أﻭﺑﺲ! إﺫﺍ ﺳﻨﻤﻮت ﺟﻤﻴﻌًﺎ".
ﻟﻢ ﻳﻜﻦ أﺗﺮﻳﻮس وﺣﺪه اﻟﻤﺴﺘﺮﺧﻲ ﻫﻨﺎ، ﻳﻮﺟﻴﻦ وﺟﺪ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻟﻌﺒﺔً ﻣﻊ ﻣﺨﻠﻮقٍ ﺻﻐﻴﺮ
ﻳﺸﺒﻪ اﻷﺳﻤﺎك ﻣﻮﺿﻮعٍ ﻓﻲ ﺻﻨﺪﻮقٍ زﺟﺎﺟﻲ ﺻﻐﻴﺮ، ﻳﻘﻮم ﺑﺈرﻋﺎﺑﻪ وﻧﻜﺰ ﺟﺴﺪه كل ﺛﺎﻧﻴﺔٍ ﺛﻢ
ﻳﻨﻔﺠﺮضاحكًا.
ﻛﺎﻧﺖ ﺟﻠﻨﺎر ﻓﻲ ﻏﺮﻓﺔٍ ﻣﻐﻠﻘﺔٍ ﻣﻊ أﻛﺜﺮ ﺛﻼثة أﺷﺨﺎصٍ ﺑﺎرﺩﻳﻦ وﻏﻴﺮ ﻣﺒﺎﻟﻴﻦ ﻓﻲ
اﻟﻜﻮن، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻫﻲ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺄن ﻗﻠﺒﻬﺎ اﻟﺬي ﻳﻨﺒﺾ ﺑﺴﺮﻋﺔٍ ﺳﻴﻨﻔﺠﺮ وﺳﺘﻤﻮت ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻤﻘﻌﺪ
ﺑﻨﻮﺑﺔٍ ﻗﻠﺒﻴﺔ.
اﻻﻧﺘﻈﺎر ﻛﺎن ﻳﺘﻠﻒ أﻋﺼﺎﺑﻬﺎ؛ ﻟﺬﻟﻚ أﺧﺮﺟﺖ ﺻﻴﺤﺔ ﺗﺬﻣﺮٍ وﻧﻬﻀﺖ وﺍﻗﻔﺔ. "أﺷﻌﺮ
ﺑﺎﻻﺧﺘﻨﺎق ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﻜﺎن" ﺗﻤﺘﻤﺖ وﻧﻈﺮت ﻟﻠﺒﺎب ﻗﺒﻞ أن ﺗﺘﺠﻪ ﻧﺤﻮه وﺗﺨﺮج ﻣﻦ اﻟﻤﻜﺘﺐ
اﻟﻀﺨﻢ ﻟﺘﺄﺧﺬ أﻧﻔﺎﺳﻬﺎ.
"ﻫﻴﺎ، ﺟﻠﻨﺎر… ﻳﻤﻜﻨﻚ ﻓﻌﻠﻬﺎ، ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺑﺪء ﻫﺬا، أﻧﺖ أﻗﻮى ﻣﻦ
أن..." ﺻﻤﺘﺖ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺷﻌﺮت ﺑﺮﻏﺒﺔٍ ﻓﻲ اﻟﺮﻛﺾ ﺑﻌﻴﺪًا وﺍﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻦ ﻛﻞ ﺷﻲء، وﺑﻴﺪٍ
ﻣﺮﺗﺠﻔﺔ ﻣﺴﺤﺖ ﻋﻠﻰ وﺟﻬﻬﺎ ﺗﺤﺎﻮل أن ﺗﺒﻌﺪ ﻫﺬه اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ، وﻟﻜﻦ ﻓﻜﺮة أن ﻣﻤﻠﻜﺔً
ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ ﺗﺘﺤﺮك ﺗﺤﺖ أﻭﺍﻣﺮﻫﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﻋﺒﻬﺎ.
"ﻫﻞ ﺳﺘﻬﺮﺑﻴﻦ اﻵن؟"
اﻟﺘﻔﺘﺖ ﺗﻨﻈﺮ ﻷﺗﺮﻳﻮس اﻟﺬي أﺳﻨﺪ ﻇﻬﺮه على اﻠﺒﺎب اﻟﻤﻐﻠﻖ وﻛﺘﻒ ذﺭﺍﻋﻴﻪ وﻫﻮ ﻳﺮاﻗﺐ
ﺣﺎﻟﻬﺎ.
"أﺗﺮﻳﻮس، أﻧﺎ ﺣﻘًﺎ... ﺣﻘًﺎ ﻟﺴﺖ ﻓﻲ اﻟﻤﺰاج اﻟﺬي ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻲ
ﺑﻤﺠﺎراة ﺟﻨﻮﻧﻚ وﺗﻌﻘﻴﺪات ﺷﺨﺼﻴﺘﻚ؛ ﻟﺬﻟﻚ أﺭﺟﻮك… ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺄﺟﻴﻞ أي ﺳﺨﺮﻳﺔٍ وﻣﺤﺎوﻟﺔٍ
ﻹﻏﻀﺎﺑﻲ لوقتٍ لاحق؟"
أﺧﺮﺟﺖ ﻧﻔﺴًﺎ ﻣﺮﺗﻌﺸﺎ وﺍﻟﺘﻔﺘﺖ ﺑﻌﻴﺪًا ﻋﻨﻪ ﻇﻨًﺎ ﻣﻨﻬﺎ أﻧﻪ ﺳﻴﺘﺮﻛﻬﺎ وﻳﺬﻫﺐ، ﻟﻜﻨﻪ
ﺗﺤﺮك وﺃﺧﺬ ﺧﻄﻮاتٍ ﻧﺤﻮﻫﺎ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺘﻮﻗﻒ ﺧﻠﻔﻬﺎ على ﺒﻌﺪ ﺧﻄﻮﺗﻴﻦ قائلًا: "اﻧﻈﺮي
ﻟﻲ".
ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﻘﻮى ﺣﻘًﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺎﺟﺮةٍ أﺧﺮى ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﺗﺠﺎﻫﻠﺖ ﻃﻠﺒﻪ وﻓﻀﻠﺖ اﻟﻨﻈﺮ
ﻧﺤﻮ اﻟﺠﺪاﺭ اﻟﺰﺟﺎﺟﻲ اﻟﻤﻄﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺪﻳﻘﺔ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ وﺍﻟﺴﻤﺎء اﻟتي أﻇﻬﺮت اﻟﻨﺠﻮم اﻟﻼﻣﻌﺔ
وﺍﻟﻘﻤﺮ دﻻﻟﺔً ﻋﻠﻰ انتصاف اﻟﻠﻴﻞ.
زﻓﺮ وﺗﺤﺮك ﻟﻴﻤﺴﻚ ﺑﻜﺘﻔﻬﺎ وﻳﺪﻳﺮﻫﺎ ﻧﺤﻮه، ﺷﺘﻢ دﺍﺧﻠﻴًﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻈﺮت ﻧﺤﻮه ﺑﺘﻠﻚ
اﻟﻌﻴﻨﻴﻦ اﻟﻼﻣﻌتين وﺍﻟﺨﺎئفتين، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺷﻔﺘﻴﻬﺎ ﻣﺘﻘﻮﺳتان وﻛﺄﻧﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻓﺔ اﻟﺒﻜﺎء.
ﻟﻘﺪ وﻋﺪ ﻧﻔﺴﻪ أﻧﻪ ﺳﻴﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﻬﺎ وﻋﻦ اﻟﻨﻈﺮ ﻟﻬﺎ وﺍﻟﻘﻠﻖ بشأن ﻣﺎ ﺗﻔﻌﻞ
أﻭ ﻣﺎ ﻻ ﺗﻔﻌل، ﻟﻜﻦ اﻷﻣﺮ أﺻﺒﺢ ﻻ إﺭﺍﺪيًا ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻪ! ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻨﻪ اﻟﺒﻘﺎء ﺳﺎﻛﻨًﺎ ﺑﻴﻨما
ﻳﻼﺣﻆ ﻣﻨﺬ اﻟﺒﺪاﻳﺔ أﻧﻬﺎ ﺗﻜﺎد ﺗﻨﻔﺠﺮ ﻓﻲ اﻟﺒﻜﺎء وﻣﺤﺎوﻟﺘﻬﺎ تفشل ﻓﻲ إﺧﻔﺎء ذﻟﻚ.
ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺗﺠﺎﻫﻞ أي ﺷﺨﺺٍ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺎﻟﺘﻪ، إﻧﻪ ﻻ ﻳﻬﺘﻢ إﻻ ﺑﻨﻔﺴﻪ
وبواندر، ﻟﻜﻦ أﺻﺒﺤﺖ ﻫﺬه اﻟﻘﺎﻋﺪة ﻻ ﺗﺸﻤﻠﻬﺎ وﻫﺬا يثير ﻏﻀﺒﻪ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ.
"ﺗﻮﻗﻔﻲ ﻋﻦ اﻟﻀﻐﻂ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻚ ﺑﻬﺬا الحمق، ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻲ ﻣﻌﺘﺎدٌ
ﻋﻠﻰ الحمق ﻣﻨﻚ وﻟﻜﻦ…" دﺣﺮﺟﺖ ﻋﻴﻨﻬﺎ وﻟﻜﻨﻬﺎ عضت ﺷﻔﺘﻬﺎ في محاولة أﻻ ﺗﺒﻜﻲ.
"ﻻ ﺑﺄس، ﺣﺘﻰ وإن ﻓﺸﻠﺖِ... ﻻ ﺑﺄس"
ﺿﺤﻜﺖ ﺑﺴﺨﺮﻳﺔٍ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻬﺎ وﻗﺎﻟﺖ: "ﻻ ﺑﺄس؟ هناك بأسٌ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ، أﺗﺮﻳﻮس! ﻫﻨﺎك
ﻣﻤﻠﻜﺔٌ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ إن ﻓﺸﻠﺖ ﺳﺘﺪﻣﺮ وﻟﻦ ﻳﺜﻖ أﺣﺪﻫﻢ ﺑﻜﻢ ﻣﺠﺪدًﺍ ﺑﺴﺒﺒﻲ". رﻓﻊ ﻛﺘﻔﻴﻪ
وﻗﺎل: "ﻻ ﻣﺸﻜﻠﺔ، ﺳﻨﺤﻞ اﻷﻣﺮ ﻣﻌًﺎ، وﻫﺆﻻء ﻻ ﻳﺜﻘﻮن ﺑﻨﺎ ﻣﻨﺬ اﻟﺒﺪاﻳﺔ".
ﺣﺮﻛﺖ رﺃﺳﻬﺎ ﻟﻠﺠﺎﻧﺒﻴﻦ وﺃﺑﻌﺪت ﻳﺪه ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺘﺤﺮك ﺑﺘﻮﺗﺮٍ ﻗﺎﺋﻠﺔ: "اﻷﻣﺮ ﻟﻴﺲ
ﺑﻬﺬه اﻟﺴﻬﻮﻟﺔ، علي أن أﺗﺤﻤﻞ ﻛﺎﻣﻞ اﻟﻤﺴﺆوﻟﻴﺔ وﻫﺬا ﻳﻔﺰﻋﻨﻲ! إن ﻤﺲ اﻟﻀﺮر اﻟﺠﻤﻴﻊ
ستعتريني رغبة في دﻓﻦ ﻧﻔﺴﻲ ﻫﻨﺎ".
ﺳﺤﺒﺖ ﻧﻔﺴًﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ اﺭﺗﺠﻒ ﺻﻮﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ وﻛﺎﺪت ﺗﺒﻜﻲ، ﻋﻨﺪﻣﺎ وﺿﻌﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﺨﻄﺔ
ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﻌﻠﻢ أن ﻧﻘﻄﺔ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﺳﺘﻜﻮن ﻣﺨﻴﻔﺔً ﻛﺎﻵن!
"ﺣﺴﻨًﺎ... ﺣﺴﻨًﺎ، ﺗﻮﻗﻔﻲ ﻋﻦ ﻫﺬا" ﻗﺎل ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺴﺤﺐ ﻳﺪﻫﺎ
ﻟﺘﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ اﻟﺤﺮﻛﺔ وﺗﻨﻈﺮ ﻧﺤﻮه. "ﺟﻠﻨﺎر، اﻧﻈﺮي ﻫﻨﺎ" ﻗﺎل وﻫﻮ ﻳﺮاﻗﺐ ﻋﻴﻨﻬﺎ
اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﺮك ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎنٍ ﺗﺘﻮﻗﻊ ﻇﻬﻮر الأميرة.
ﻧﻈﺮت ﻧﺤﻮه بعينٍ دﺍﻣﻌﺔ؛ ﻣﻤﺎ دفعه ﻟﻠﻌﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻮاﻧﻴﻦ اﻟﺤﻤﻘﺎء اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺎﻮل
وﺿﻌﻬﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ وﺭﻓﻊ ﻳﺪه اﻟﻴﻤﻨﻰ وﻟﻤﺲ وﺟﻨﺘﻬﺎ ﺑﺮﻗﺔٍ وﺍﻷﺧﺮى ﺗﻀﻐﻂ ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻫﺎ وﻫﻤﺲ:
"أﻏﻤﻀﻲ عينيك".
رﻏﻢ اﻟﺮﻋﺐ اﻟﺬي أﺻﺎﺑﻬﺎ فإن اﻟﻨﻈﺮ ﻟﻌﻴﻨﻪ وﺍﻻﺳﺘﻤﺎع ﻟﻬﻤﺴﻪ ﻛﺎن ﻛﺎﻟﻤﻨﻮم
اﻟﻤﻐﻨﺎﻃﻴﺴﻲ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻬﺎ، وﻟﻢ ﺗﻔﻜﺮ ﻣﺮﺗﻴﻦ ﺣﺘﻰ تغمض ﻋﻴﻨﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻃﻠﺐ ﺗﻤﺎﻣًﺎ.
"ﺧﺬي ﻧﻔﺴًﺎ ﻗﻮيًا، وﺗﺨﻴﻠﻲ ﻣﻨﺰﻟﻚ، ﻋﻠﻰ ﻛﻮﻛﺐ اﻷﺮض، ﺣﻴﺚ اﻟﻮﻃﻦ
اﻟﺬي ﺗﻌﻴﺸﻴﻦ ﻓﻴﻪ، وﻫﻨﺎك ﺗﺠﻠﺴﻴﻦ ﻓﻲ ﻏﺮﻓﺘﻚ ﻓﻮق ﺳﺮﻳﺮك وﺍﻟﺸﻤﺲ ﺗﻐﺮب وﺗﻌﻜﺲ ﻧﻮرﻫﺎ على
ﻧﺎﻓﺬﺗﻚ... ﻫﻨﺎك ﻋﺎﺋﻠﺔٌ ﺣﻮﻟﻚ، وﺍﻟﺪﺗﻚ ﺗﻘﻮم ﺑﺘﺤﻀﻴﺮ اﻟﻄﻌﺎم وﺻﻮت أخوتك يملأ اﻟﻤﻨﺰل،
ﺃﻧﺖ ﻫﻨﺎك ﺗﺸﻌﺮﻳﻦ ﺑﺎﻻﻧﺘﻤﺎء وﺍﻟﺮاﺣﺔ، ﻻ ﺗﺤﻤﻠﻴﻦ ﻫﻤًﺎ وﻻ ﻳﻮﺟﺪ أﺣﺪٌ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ
ﻫﻨﺎك"
شيئًا فشيئًا ﻛﺎن ﺟﺴﺪﻫﺎ ﻳﺴﻜﻦ ﺑﺴﺒﺐ ﺻﻮﺗﻪ اﻟﻬﺎﻣﺲ، أﻧﻔﺎﺳﻪ اﻟﺪاﻓﺌﺔ، وﻳﺪه اﻟﺘﻲ
ﺗﻤﺴﻚ ﺑﻴﺪﻫﺎ وﺍﻷﺧﺮى اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﺮك ﺑﺒﻂء ﻋﻠﻰ وﺟﻨﺘﻬﺎ، اﺑﺘﺴﺎﻣﺘﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻨﻤﻮ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺮﺳﻢ
ﺻﻮرةً ﻟﻬﺎ ﺑﻌﻴﺪًا ﻋﻦ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﻔﻮﺿﻰ، ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺮاﺣﺔ، ﺑﺎﻷﻣﺎن.
رﺍﻗﺐ ﻫﻮ ﻣﻼﻣﺤﻬﺎ اﻟﺘﻲ اﺭﺗﺨﺖ وﺍﻗﺘﺮاﺑﻬﺎ ﻣﻨﻪ وﻛﺄﻧﻬﺎ ﺗﺮﻳﺪ ﺳﻤﺎع اﻟﻤﺰﻳﺪ، وﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ
ﻳﺠﺪ اﻟﻤﺰﻳﺪ... ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ أن ﻳﺠﺪ اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﺘﺬﻛﺮ اﻟﻤﻨﺰل... ﻻ ﻳﺘﺬﻛﺮ اﻟﺸﻌﻮر
ﺑﺎﻻﻧﺘﻤﺎء، وﻟﻜﻨﻪ ﻳﻌﺮف أﻧﻪ ﻣﺴﺘﻌﺪٌ ﻟﺪﻓﻊ أي ﺷﻲءٍ ﻟﻴﺘﻮﻗﻒ اﻟﺰﻣﻦ ﻫﻨﺎ، وﻳﺒﻘﻰ ﻫﻮ ﻗﺎدﺭ
ﻋﻠﻰ ﺗﺄﻣﻞ ﻫﺬا اﻟﻮﺟﻪ ﺑﻘﺪرﻣﺎ ﻳﺮيد دﻮن أن ﻳﺨﺸﻰ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ.
ﻟﻜﻦ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ... ﻟﻦ ﻳﺘﻮﻗﻒ اﻟﻮﻗﺖ، وﻟﻦ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ أي ﺷﻲءٍ ﻳﺮﻳﺪه، وﻟﻦ ﻳﺮﺣﻤﻪ
ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ وﻟﻮ ﻟﻤﺮةٍ وﺍﺣﺪة وﻳﻔﺘﺢ ذﺭﺍﻋﻴﻪ ﻟﻪ.
ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺎة ﺳﺘﻌﻮد إﻟﻰ ﺣﻴﺚ ﺗﻨﺘﻤﻲ، إﻟﻰ ﺣﻴﺎةٍ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ! إﻟﻰ ﻣﻜﺎنٍ ﻻ ﻳﺘﻮاﺟﺪ ﻫﻮ
ﻓﻴﻪ، ﻷﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺟﺰءً ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ وﻟﻦ ﻳﻜﻮن.
أﺭﺍﺩ اﻻﺑﺘﻌﺎد ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻠﺤﻈﺔ، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻤﺴﻜﺖ ﺑﻴﺪه وﻫﻤﺴﺖ: "أﻧﺖ ﻫﻨﺎك!"
ﻋﻘﺪ ﺣﺎﺟﺒﻴﻪ ﻳﺤﺎﻮل ﻓﻬﻢ ﻣﻘﺼﺪﻫﺎ ﻟﺘﺮﺪف: "ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺰل، ﺣﻴﺚ أﻧﺘﻤﻲ، أﻧﺖ ﺗﻘﻒ
ﻫﻨﺎك أﻣﺎم ﻧﺎﻓﺬة ﻏﺮﻓﺘﻲ وﺗﺤﺠﺐ ﻋﻨﻲ اﻟﻀﻮء، أﻧﺖ ﻫﻨﺎك".
ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ اﻟﺘﻌﻘﻴﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﺘﻪ، وﻟﻢ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ أﺧﺬ أﻧﻔﺎﺳﻪ لثوانٍ وﻛﺄﻧﻪ ﻻ
ﻳﺪﺮك ﺟﻴﺪًا ﻛﻠﻤﺎﺗﻬﺎ، ﻃﺮﻳﻘﺘﻬﺎ ﻓﻲ اﻻﺑﺘﺴﺎم ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺘﺤﺪث ﻋﻨﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﻴﺪ ﻛﻞ أﻓﻜﺎﺮه
وﺗﺸﻮش ﻋﻘﻠﻪ، ﻟﻌﻦ ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺼﺮخ ﺑﺄن ﻳﺄﺧﺬﻫﺎ وﻳﻬﺮب ﻣﻦ ﻛﻞ ﻫﺬا وﻟﻴﺬﻫﺐ ﻛﻞ ﺷﻲءٍ
ﻟﻠﺠﺤﻴﻢ.
ﻓﺘﺤﺖ ﻋﻴﻨﻬﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺷﻌﺮت ﺑﺎﻟﻬﺪوء وﺍﻟﺼﻤﺖ وﺃﻧﻔﺎﺳﻪ ﻓﻘﻂ، وﻧﻈﺮت ﻟﻌﻴﻨﻪ اﻟﺰﺟﺎﺟﻴﺔ
اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻜﺲ رﻮح ﻣﻦ ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻴﻬﺎ وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻔﺸﻞ ﻋﻦ ﻋﻜﺲ رﻮح ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ.
ﻟﻢ ﺗﻘﺎﻮم رﻏﺒﺘﻬﺎ ﻓﻲ إﺳﻨﺎد رﺃﺳﻬﺎ ﻓﻮق ﺻﺪﺮه وﺍﺣﺘﻀﺎﻧﻪ وﻫﻲ ﺗﻐﻤﺾ ﻋﻴﻨﻬﺎ ﻣﺠﺪدًﺍ.
"ﻓﻘﻂ لثوانٍ، ﺛﻢ ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺠﺎﻫﻠﻲ ﻣﺠﺪدًﺍ" ﻫﻤﺴﺖ وﻫﻲ ﺗﺤﺘﻀﻦ ﺟﺴﺪه ﺑﻘﻮةٍ وﺗﺪﻓﻦ
رﺃﺳﻬﺎ ﺑﻴﻦ ﻛﺘﻔﻪ ﻋﻨﻘﻪ وﺗﺘﻨﻔﺲ ﺑﺮاﺣﺔ.
ﺗﺠﻤﺪ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻧﻪ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﺠﺮؤ على اﻠﻨﻈﺮ ﻧﺤﻮﻫﺎ، رﻓﻊ ﻳﺪه ﺑﺒﻂءٍ ﻳﻨﺎﺰع ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻴﻦ
اﻻﺑﺘﻌﺎد واﻟﺒﻘﺎء مستسلمًا.
ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻀﻄﺮًا ﻟﻠﻘﺘﺎل ﻣﻊ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﺜﻴﺮًا ﻷن ﻇﻬﻮر الأميرة أﻣﺎﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎن ﻛﺤﺒﻞ
ﻧﺠﺎةٍ ﻣﻦ اﻟﻐﺮق ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻠﺤﻈﺔ. "ﺟﻠﻨﺎر" ﻫﻤﻬﻤﺖ ﻛﺈﺟﺎﺑﺔٍ ﻟﻤﻨﺎدﺍﺗﻪ ﻗﺒﻞ أن
ﺗﺒﻌﺪ رﺃﺳﻬﺎ وﺗﻨﻈﺮ ﻧﺤﻮه.
ﻗﺎﻮم اﻟﻨﻈﺮ ﻧﺤﻮ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻴﻨﻴﻦ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘتين ﺑﻮﺟﻬﻪ وﻇﻞ ﻳﻨﻈﺮ ﻟﻮﺟﻪ الأميرة اﻟﺘﻲ
ﺗﻮﻗﻔﺖ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ ﺧﻄﻮاتٍ ﻣنهما ﺑﻮﺟﻪٍ ﻣﺼﺪﻮمٍ لتحدق ﺑﻬﻤﺎ ﺑﻔﻢٍ ﻣﻔﺘﻮح ببلاﻫﺔ.
"اﻷﻣﻴﺮة ﻫﻨﺎ" ﻋﻘﺪت ﺟﻠﻨﺎر ﺣﺎﺟﺒﻬﺎ ﺗﺤﺎﻮل اﺳﺘﻴﻌﺎب ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ
ﻗﺒﻞ أن ﺗﻨﻈﺮ ﻟﻠﺨﻠﻒ وﺗﺮى اﻷﻣﻴﺮة.
ﻗﻔﺰت ﻓﻲ ثوانٍ ﺑﻌﻴﺪًا ﻋﻨﻪ ﻣﺴﺎﻓﺔ أﻣﺘﺎرٍ وﺣﺎوﻟﺖ اﻟﺘﻮﺿﻴﺢ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻔﺘﺢ ﻓﻤﻬﺎ
وﺗﻐﻠﻘﻪ، وﻟﻜﻦ اﻷﻣﻴﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻮﻟﺖ تعابيرها ﻣﻦ اﻟﺼﺪﻣﺔ إﻟﻰ اﻻﺑﺘﺴﺎﻣﺔ اﻟﻌﺮﻳﻀﺔ رﻓﻌﺖ
ﻳﺪﻫﺎ ﻗﺎﺋﻠﺔ: "ﻻ ﻳﺠﺐ عليك التفسير، ﻟﻘﺪ ﻣﺮﺮت ﺑﻤﺎ ﻫﻮ أﻏﺮب ﻫﺬا اﻟﻴﻮم".
عضت ﺟﻠﻨﺎر ﺷﻔﺘﻴﻬﺎ ﺑﺈﺣﺮاج. "ﺣﻘًﺎ اﻷﻣﺮ ﻟﻴﺲ أ..." ﺗﻮﻗﻔﺖ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻫﺮﺑﺖ
ﺿﺤﻜﺔٌ ﺻﻐﻴﺮة ﻣﻦ اﻷﻣﻴﺮة وﺣﺎوﻟﺖ أﻻ ﺗﻨﻈﺮ إﻟﻴﻬﻤﺎ. "ﺗﺼﺮﻓﺎ وﻛﺄﻧﻲ ﻟﻢ أﺭَ
ﺷﻴﺌﺎ" ﻫﻤﺴﺖ ﻟﻜليهما ﻗﺒﻞ أن ﺗﺘﺤﺮك ﻧﺤﻮ ﻣﻜﺘﺒﻬﺎ.
"ﺗﺒًﺎ!" ﻫﻤﺴﺖ ﺟﻠﻨﺎر وﺗﺤﺎﺷﺖ اﻟﻨﻈﺮ ﻧﺤﻮ أﺗﺮﻳﻮس اﻟﺬي
تجاهلهما وﺩﺧﻞ إﻟﻰ اﻟﻤﻜﺘﺐ دﻮن ﻛﻠﻤﺔ.
"أﻣﺎﻣﻚ ﻃﺮﻳﻖٌ ﻃﻮﻳﻞ ﻣﻌﻪ" ﻫﻤﺴﺖ الأميرة وﻫﻲ ﺗﻤﻴﻞ ﻧﺎﺣﻴﺔ
ﺟﻠﻨﺎر اﻟﺬي اﻧﻔﺠﺮت الحمرة بوﺟﻬﻬﺎ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ وﺻﺎﺣﺖ: "إﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ: أﻧﺎ…".
ﺗﺠﻤﺪت ﻋﻨﺪﻣﺎ اﻟﺘﻔﺘﺖ إﻟﻰ اﻟﻤﻜﺘﺐ ﺣﻴﺚ ذﻫﺒﺖ الأميرة ﻣﺘﺠﺎﻫﻠﺔً اﻋﺘﺮاﺿﻬﺎ وﺣﻴﺚ ﻛﺎن
ﻳﻘﻒ ﻳﻮﺟﻴﻦ ﻳﺤﺪق ﺑﻬﺎ ﺑﺼﺪﻣﺔٍ وﺑﺪا وﻛﺄﻧﻪ ﺗﺨﺸﺐ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻧﻪ.
زﻓﺮت ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺷﻌﺮت بأﻧﻬﺎ ﺳﺘﻘﺎﺑﻞ ﻳﻮﻣًﺎ ﻃﻮيلًا ﺣﻘًﺎ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﻗﺮﺮت أن ﺗﻬﺘﻢ ﺑﻤﺎ ﻫﻮ
ﻣﻬﻢٌ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻠﺤﻈﺔ، ﻣﺮت ﻣﻦ ﺟﻮاﺭ ﻳﻮﺟﻴﻦ وقالت: " لا تقل شيئًا".
ﻧﻈﺮ ﻧﺤﻮﻫﺎ وﻗﺎل: "ﻻ أﺟﺪ ﻣﺎ أﻗﻮﻟﻪ، ﻻ تقلقي".
دخلا ﺣﻴﺚ أﺧﺬت اﻷﻣﻴﺮة ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ﺧﻠﻒ اﻟﻤﻜﺘﺐ اﻟﻀﺨﻢ وﻧﻈﺮت ﻟﻠﻔﺮﺳﺎن اﻟﺜﻼﺛﺔ
"أﻋﺘﺬر لأجل ﺗﺮﻛﻜﻢ ﺗﻨﺘﻈﺮﻮن، ﻟﻜﻨﻲ أﻣﺮ ﺑﻴﻮمٍ ﻋﺼﻴﺐٍ ﺣﻘًﺎ، رﺑﻤﺎ ﺳﻤﻌﺘﻢ الأخبار،
ﻻ أﻋﺮف ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﻔﻜﺮ ﺑﻪ اﻟﻨﺒﻼء ﻓﻲ وﻗﺖٍ ﻛﻬﺬا".
ﻛﻞ ﻣﻦ ﺟﻠﻨﺎر وﺃﺭﺗﻴﺎﻧﻮ ﺗﺒﺎدﻻ اﻟﻨﻈﺮات ﻗﺒﻞ أن ﺗﻌﺘﺬر ﺟﻠﻨﺎر وﺗﻘﻮل: "أﻋﺮف
ﻫﺬا". ﻋﻘﺪت اﻷﻣﻴﺮة ﺣﺎﺟبيها ﺑﺎﺳﺘﻐﺮابٍ وتساءلت: "ﺗﻌﺮﻓﻴﻦ ﻣﺎذﺍ؟".
ﺟﻠﺴﺖ ﺟﻠﻨﺎر ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺮﺳﻲ أﻣﺎم اﻷﻣﻴﺮة وﻗﺎﻟﺖ: "أﻋﻠﻢ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث وﺃﻋﻠﻢ ﻟﻤﺎ ﻳﺤﺪث،
ﻟﻜﻨﻲ ﻻ أﻣﻠﻚ اﻟﻮﻗﺖ أﻭ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻟلتوضيح وﺃﻧﺎ ﻫﻨﺎ ﻷﻧﻲ أﺭﻳﺪ ﻣﻨﻚ إﺻﺪاﺭ ﻗﺮاﺭٍ ﻋﻮضًا
ﻋﻨﻲ"
"ﻟﺤﻈﺔ... ﻟﺤﻈﺔٌ وﺍﺣﺪة، ﺣﻘًﺎ أﻧﺎ أﻣﺮ ﺑﻴﻮمٍ ﻏﺮﻳﺐ، وﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث
اﻵن ﻳﺘﻔﻮق ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﻲء، أﺭﻳﺪ توضيحًا حالًا، ﻻ أﻫﺘﻢ ﺑﺎﻟﻮﻗﺖ أﻭ ﺑﻔﺮﺻﻚ، آﻧﺴﺔ ﺟﻠﻨﺎر!
ﻣﺎ يحدث يحدث ﻓﻲ ﻣﻤﻠﻜﺘﻲ؛ لذلك أريد أن أﻋﻠﻢ ﻟﻤﺎ ﻳﺤﺪث وﻛﻴﻒ ﺣﺪث"
ﺗﻮﻗﻌﺖ ﺟﻠﻨﺎر شيئًا ﻛﻬﺬا، إﻧﻬﺎ اﻷﻣﻴﺮة، وﺣﺘﻰ إن ﻛﺎن ﻻزﻣًﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺗﺮك اﺑﻨﺔ
اﻟﺘﻮﺑﺎزﻳﻮس ﺗﺘﺨﺬ ﻗﺮاﺭﺍﺗﻬﺎ فإن اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺗﺤﺖ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺘﻬﺎ؛ ﻟﺬﻟﻚ أﺭﺗﻴﺎﻧﻮ ﻫﻨﺎ، اﻟﻮﺣﻴﺪ
اﻟﻘﺎدﺭ ﻋﻠﻰ اﻹﻗﻨﺎع ﺑﻜﻠﻤﺎﺗﻪ اﻟﺬﻛﻴﺔ.
ﻧﻈﺮت ﺟﻠﻨﺎر ﻧﺤﻮه ﻃﺎﻟﺒﺔً ﺗﺪﺧﻠﻪ اﻵن.
ﻧﻈﺮ ﻧﺤﻮ الأميرة وﻗﺎل: "ﻧﺤن ﻋﻠﻰ وﺷﻚ ﺗﺤﺮﻳﺮ ﺳﻜﺎن اﻟﺤﺪوﺩ ﺧﻠﻒ اﻟﺴﻮر، ﻟﻜﻦ
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺒﺪأ ﻓﻲ ﺷﺮح ﻫﺬا ﺳﻴﺄﺧﺬ اﻷﻣﺮ وﻗﺘًﺎ أﻛﺒﺮ ﻣﻤﺎ ﻳﺠﺐ أن ﻳﻜﻮن، وﻛﻮﻧﻚ اﻷﻣﻴﺮة ﻳﻠﺰم
ﻋﻠﻴﻚ اﻟﻮﺛﻮق في من ﺗﻢ اﺧﺘﻴﺎرﻫﻢ ﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﻣﻤﻠﻜﺘﻚ وﺑﺎﻗﻲ اﻟﻤﻤﺎﻟﻚ، ﻣﻦ حق جلالتك اﻟﺤﺼﻮل
ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺿﻴﺢٍ بالتأكيد، وﻟﻜﻦ دﺍﺋﻤًﺎ ﻣﺎ ﻳﻘﺎل: اﻟﺘﻨﻔﻴﺬ أولًا، ﺛﻢ اﻟﺴؤال ثانيًا إن
ﻛﺎﻧﺖ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺴﻜﺎن ﻫﻲ اﻷﻫﻤﻴﺔ القصوى ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻚ".
أﺧﺬ ﻧﻔﺴًﺎ ﺑﻌﺪ أن ﺻﻤﺖ وﻧﻈﺮ ﻧﺤﻮﻫﺎ ﺑﺜﻘﺔٍ قائلًا: "إﻧﻪ ﻗﺮاﺮك، إﻣﺎ اﻟﺜﻘﺔ
ﺑﻨﺎ وﺇﻧﻘﺎذﻫﻢ، أﻭ اﻟﺘﺮدﺩ وﺍﻟﺸﻚ وﺍﻟﻮﻗﺖ ﻳﻨﻔﺬ".
أﺭﺍﺣﺖ اﻷﻣﻴﺮة ﻇﻬﺮﻫﺎ ﻟﻠﻜﺮﺳﻲ وﺟﺎﻟﺖ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ وﺟﻮﻫﻬﻢ ﻗﺒﻞ أن ﺗﻘﻮل ﺑﺴﺨﺮﻳﺔ:
"لذا ببساطةٍ أنتم تضعونني أمام الأمر الواقع!".
"ﻻ، ﻧﺤﻦ ﻓﻘﻂ ﻧـ... ﻧﻘﻮم ﺑﻮﺿﻌﻚ أﻣﺎم اﻷﻣﺮ اﻟﻮاﻗﻊ، أﻧﺖ
ﻣﺤﻘﺔ" أﺭﺍﺪت ﺟﻠﻨﺎر التخفيف من وطأة الكلمة، وﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث؛ ﻟﺬﻟﻚ
اﻟﺸﻔﺎﻓﻴﺔ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﻻ ﺑﺄس ﺑﻬﺎ.
"ﻣﺎذﺍ علي أن أﻗﻮل ﻋﻮﺿًﺎ ﻋﻨﻚ ﻳﺎ اﺑﻨﺔ اﻟﺘﻮﺑﺎزﻳﻮس؟"
رﻓﻌﺖ ﺟﻠﻨﺎر ﺣﺎﺟﺒﻬﺎ ﺑﺘﻔﺎﺟﺊ ﻷﻧﻬﺎ وﺍﻓﻘﺖ ﺣﻘًﺎ ﺑﺴﺮﻋﺔ، ﻟﻜﻨﻬﺎ اﺑﺘﻠﻌﺖ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎﻟﺖ
الأميرة ﺑﻨﻈﺮةٍ ﺣﺎدة وﻧﺒﺮةٍ ﻗﻮﻳﺔ: "وﻟﻜﻨﻚ ﺳﺘﺘﺤﻤﻠﻴﻦ ﺟﺰءً ﻣﻦ ﻧﺘﺎﺋﺞ أﻓﻌﺎﻟﻚ،
وأﻧﺎ ﺳﺄﺗﺤﻤﻞ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺔ ﻣﺎ ﺳﻴﺤﺪث ﻟﻤﻮاﻓﻘﺘﻲ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا؛ ﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﺗﺪﻋﻲ ﻛﻠتينا ﻳﻨﺪم ﻋﻠﻰ ﻫﺬا
ﻻﺣﻘًﺎ".
أﻭﻣﺄت ﺟﻠﻨﺎر ﺑﺘﺄﻛﻴﺪٍ وﺛﻘﺔ وﻧﺎوﻟﺖ اﻷﻣﻴﺮة ورقةً ﻟﺘﻘﻮم ﺑﻘﺮاءﺗﻬﺎ.
"ﻻ ﺑﺪ من أﻧﻚ ﺗﻤﺰﺣﻴﻦ!" ﻟﻢ ﺗﺘﻤﺎﻟﻚ الأميرة ﻧﻔﺴﻬﺎ بدهشةٍ
قبل أن ﺗﻨﻔﺠﺮ ﻓﻲ اﻟﻀﺤﻚ؛ ﻣﻤﺎ دﻓﻊ ﺟﻠﻨﺎر ﻟﻠﻀﺤﻚ أﻳﻀًﺎ و ﺣﺮﻛﺖ رﺃﺳﻬﺎ ﻛﺈﺟﺎﺑﺔٍ وﻗﺎﻟﺖ:
"ﻓﻘﻂ ﺛﻘﻲ ﺑﻨﺎ".
....
أﺧﺮﺟﺖ الأميرة ﻧﻔﺴًﺎ وكأنها تراجع نفسها للمرة الأخيرة ﻗﺒﻞ أن تتورط في هذا
المخطط، رفعت عينها بثقةٍ ﺗﻨﻈﺮ ﻟﻠﻌﺪﺳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻈﺮ ﻟﻮﺟﻬﻬﺎ ﺣﻴﺚ ﺳﻴﺒﺚ ﻣﺎ ﺗﻘﻮل ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ
أﺭﺟﺎء اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ.
"ﻣﻮاﻃﻨﻲ اﻹﻟﺘﺮاﻧﻴﻮس اﻷﻋﺰاء، ﺑﻴﻦ ﻫﺬه اﻟﻈﺮﻮف اﻟﺘﻲ ﻧﻌﻴﺸﻬﺎ
وﺍﻟﺤﺮب اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻦ ﺿﺪﻧﺎ ﻳﺴﻌﺪﻧﻲ ﻛﺄﻣﻴﺮةٍ ﻟﻬﺬه اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﺤﺒﻴﺒﺔ أن أﺭﻯ رﻮح اﻟﺘﻌﺎﻮن ﺑﻴﻦ
ﻣﻮاﻃﻨﻴﻬﺎ، وأن اﺷﻬﺪ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﺳﺎﻧﻬﺎ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻔﺎﻧﻮن ﻷﺟﻞ ﻛﻞ ﺷﺨﺺٍ ﻳﻌﻴﺶ ﻋﻠﻰ
أﺭﺿﻬﺎ..."
ﺗﺤﺮﻛﺖ ﺟﻠﻨﺎر خارج المنزل مجهزةً بكامل دروعها بعد أن عادت من القصر وﻗﻔﺰت
ﻓﻮق ﻇﻬﺮ ﻛﺎرﻭﻟﻮس اﻟﺬي ﻧﻬﺾ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻮر، وﻛﺬﻟﻚ ﻓﻌﻞ آﺭﻛﻮن اﻟﺬي ﻗﻔﺰ ﻓﻮق ﻗﺪﻣﻬﺎ، ﻣﺴﺤﺖ
ﻋﻠﻰ ﻋﻨﻘﻪ وﻗﺎﻟﺖ: "إﻟﻰ أﺮض اﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﻳﺎ ﺻﺪﻳﻘﻲ".
"ﻣﻮاﻃﻨﻲ اﻹﻟﺘﺮاﻧﻴﻮس، اﻟﻴﻮم ﺳﻨﺸﻬﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺮﻛﺔٍ ﻗﻮﻳﺔٍ وﻣﻬﻤﺔ،
ﺳﻨﺴﺘﻌﻴﺪ أﺭﺍﺿﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ أﻳﺪي اﻷﻋﺪاء وﺳﻨﺜﺄر ﻟﻜﻞ ﻣﻮاﻃﻦٍ ﺳُﻔﻜﺖ دﻣﺎﺋﻪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻷﺮض،
ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻴﻮم ﺳﺘﺪوﺭ اﻟﺤﺮب ﺑﻴﻨﻨﺎ نحن واﻹرﻳﺒﻮس وﺳﻨﺤﻄﻢ ذﻟﻚ اﻟﺤﺎﺟﺰ اﻟﺬي ﻳﺤﺘﺠﺰ ﺧﻠﻔﻪ
أﻫﺎﻟﻴﻨﺎ وﺃﺣﺒﺎﺋﻨﺎ؛ ﻟﺬﻟﻚ أﻧﺎﺷﺪ ﻛﻞ رﺟﻞٍ وﻛﻞ اﻣﺮأةٍ ﻗﺎدﺭة ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺘﺎل للتوجه ﻓﻮرًﺍ
إﻟﻰ اﻷرﺍﺿﻲ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ، وﺑﺄﻣﺮٍ ﻣﻠﻜﻲ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻘﻮات اﻟﻤﻠﻜﻴﺔ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺗﺘﻤﺮﻛﺰ ﻫﻨﺎك ﻓﻲ
اﻷرﺍﺿﻲ اﻟﺸﻤﺎلية"
ﻋﻠﻰ أﺭﺍﺿﻲ اﻟﻨﺒﻼء اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﻛﺎن ﻗﺎدة اﻟﺠﻴﻮش اﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﺗﺼﻄﻒ ﻣﻊ ﻗﺎدة اﻟﻨﺒﻼء
وﺑﺄﻣﺮٍ ﻣﻠﻜﻲ ﻛﺎن ﻳﻘﻮدﻫﻢ رﺟﻞٌ وﺍﺣﺪ، وﻫﻮ ﺑﻄﻞ اﻟﺤﺮﻮب وﻗﺎﺋﺪ اﻟﻘﻮات اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ اﻟﻤﻠﻜﻴﺔ
ﻧﻴﻜﻮﻻد ﻏﺎﻧﻔﺮي، وﻗﺪ ﺗﻢ إﺧﻼء ﺟﻤﻴﻊ اﻷرﺍﺿﻲ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺒﻼء إﻟﻰ اﻷرﺍﺿﻲ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ
وﺟﻤﻴﻌﻬﻢ وﻗﻔﻮا ﺻﻔًﺎ ﺑﺼﻒٍ ﻳﺤﺪﻗﻮن ﺑﺎﻟﺠﺪاﺭ اﻷﺳﻮد اﻟﻀﺨﻢ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺻﻮت اﻷﻣﻴﺮة ﻳﺠﻮب
اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ.
"ﻣﻮاﻃﻨﻲ اﻟﺤﺪوﺩ ﻓﻲ اﻟﺸﻤﺎل ﺳﻴﺘﻢ إﺧﻼﺋﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﻟﻲ إﻟﻰ
أﺭﺍﺿﻲ اﻟﻨﺒﻼء اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ وﺍﻷﺮاضي اﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﺑﺄﻣﺮٍ ﻣﻠﻜﻲ، وﺷﻜﺮٌ ﺧﺎص ﻟﻘﺎدة اﻟﻨﺒﻼء اﻟﺬين
ﺷﺎرﻛﻮا ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺤﺮب ﺑﺈرﺳﺎل ﺟﻨﻮدﻫﻢ إﻟﻰ ﺣﺪوﺩ اﻷرﺍﺿﻲ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ في سبيل ﺘﺤﺮﻳﺮ مواطني
اﻹﻟﺘﺮاﻧﻴﻮس، وﻧﺸﻜﺮﻫﻢ ﻻﺳﺘﻀﺎﻓﺔ ﺳﻜﺎن اﻟﺤﺪوﺩ إﻟﻰ أﺭﺍﺿﻴﻬﻢ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ، ﺟﻨﺒًﺎ إﻟﻰ ﺟﻨﺐٍ ﻣﻊ
اﻟﻨﺒﻼء حتى نتعدى هذه الأزمة، وﻗﺪ أﻇﻬﺮ ﻗﺎدة اﻟﻌﺎﺋﻼت اﻟﻨﺒﻴﻠﺔ رﻏﺒﺘﻬﻢ اﻟﺼﺎدﻗﺔ ﻓﻲ
اﻟﻤﺴﺎﻋﺪة ما أن أصبحوا قادرين على ذﻟﻚ ﻷﺟﻞ ﻣﻤﻠﻜﺘﻨﺎ"
اﻟﻜﺄس اﻟﺰﺟﺎﺟﻴﺔ ﺳﻘﻄﺖ ﻣﻦ ﻳﺪ أﻟﻔﻦ وﻫﻮ ﻳﺸﺎﻫﺪ اﻟﺒﺚ اﻟﻤﺒﺎﺷﺮ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺻﻮت الأميرة
يملأ ﻏﺮﻓﺔ ﻣﻜﺘﺒﻪ، ﺳﻘﻂ ﻓﻮق ﻛﺮﺳﻴﻪ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺼﺮخ ﺑﺎﻟﻠﻌﻦ وﻳﺤﻄﻢ ﻛﻞ ﺷﻲءٍ ﺗﻘﻊ ﻳﺪه ﻋﻠﻴﻪ.
ﻟﻢ تكن ﺑﻘﻴﺔ اﻟﻘﺎدة أﻓﻀﻞ حالًا ﻣﻨﻪ؛ ﻓﺠﻠﻴﻦ ﻗﺪ ﺷﻞ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺴﺘﻤﻊ ﻟﻠﺒﺚ، وﺩﻮل ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ
اﺳﺘﻴﻌﺎب ﻣﺎ ﺣﺪث وقد حدق بالبث فاغرًا فاهه، أﻣﺎ ﺻﺎﻣﻴﻮﻣﻴﻦ فقد أﺻﺎﺑﺘﻪ ﻧﻮﺑﺔٌ ﻫﺴﺘﻴﺮﻳﺔ
ﻣﻦ اﻟﻀﺤﻚ اﻟﻤﺘﻮاﺻﻞ.
وﻗﻔﺖ ﻛﻠﻴﺜﺴﻴﻨﻴﺲ أﻣﺎم اﻟﺒﺚ وﺍﺑﺘﺴﺎﻣﺔٌ رﺍﺿﻴﺔ ﻋﻠﻰ وﺟﻬﻬﺎ ﻗﺒﻞ أن ﺗﺒﺘﻌﺪ وﺗﺘﺤﺮك
ﻧﺤﻮ ﻏﺮﻓﺘﻬﺎ وﻫﻲ ﺗﻨﺎﺪي ﻋﻠﻰ ﺧﺎدﻣﺎﺗﻬﺎ وﺃﺧﻴﻬﺎ. "ﻫﻞ ﺻﺤﻴﺢ ﻣﺎ ﺗـ..." ﻗﺎﻃﻌﺖ
اﻟﺴﻴﺪة ﺷﻘﻴﻘﻬﺎ اﻷﺻﻐﺮ ﻛﺎﻟﻴﺴﻔﺎر وﻗﺎﻟﺖ "اﺳﺘﻌﺪ ﻳﺎ أﺧﻲ، ﻧﺤﻦ ﺳﻨﺘﺤﺮك إﻟﻰ اﻷرﺍﺿﻲ
اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ، ﻟﻦ ﻳﻘﻒ ﺟﻨودي وﺣﺪﻫﻢ ﻫﻨﺎك". ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺻﺪﻣﺘﻪ فإن اﺑﺘﺴﺎﻣﺘﻪ قد اﺗﺴﻌﺖ
وﺻﺮخ ﺑﺤﻤﺎسٍ قائلًا: "ﻫﺬه ﻫﻲ ﻗﺎﺋﺪﺗﻨﺎ!".
"ﺳﻜﺎن اﻟﺤﺪوﺩ، أﺷﻜﺮ ﺛﻘﺘﻜﻢ ﺑﺎﻟﻔﺮﺳﺎن وﺃﺗﻤﻨﻰ أن تتم عملية نقلكم
ﺑﺄﻣﺎنٍ ﺑﻌﻴﺪًا ﻋﻦ أﺮض اﻟﻤﻌﺮﻛﺔ تفاديًا ﻷﺧﻄﺎﺋﻨﺎ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ، في ﺧﻼل ﻫﺬه اﻟﻠﺤﻈﺔ ﺗﺸﺮف
ﻓﺎرﺳﺔ اﻟﺴﺎﺣﺮات ﻋﻠﻰ ﻓﺘﺢ ﺑﻮاﺑﺎتٍ ﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ اﻷرﺍﺿﻲ اﻟﺜﻼث ﺣﺘﻰ ﺗﺘﻢ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻧﻘﻞ
اﻟﻤﻮاﻃﻨﻴﻦ ﻓﻲ أﺳﺮع وﻗﺖ. ﻛﺄﻣﻴﺮة ﻟﻬﺬه اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ أﺻﻠﻲ لئلا ﻧﻔﻘﺪ ﻣﻮاﻃﻨًﺎ آﺧﺮ، وﺃﺻﻠﻲ ﻣﻦ
أﺟﻞ ﺗﻜﺎﺗﻔﻨﺎ وﺗﻌﺎوﻧﻨﺎ ﻣﻌًﺎ"
ﺣﻠﻘﺖ ﺛﻮﻧﺎر ﻓﻮق ﻧﻘﻄﺔ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﻴﻦ اﻷرﺍﺿﻲ اﻟﺜﻼث وﻗﺎﻣﺖ ﺑﻔﺘﺢ ﺳﺖ ﺑﻮاﺑﺎت ﺗﺮﺳﻞ
اﻟﻤﻮاﻃﻨﻴﻦ ﻣﻦ أﺭﺍﺿﻲ اﻟﺤﺪوﺩ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ إﻟﻰ أﺭﺍﺿﻲ اﻟﻨﺒﻼء اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ، وﻛﺎن ﻛﻞ ﻓﺎﺮسٍ
ﻣﺴﺌﻮل ﻋﻦ أﺮضٍ ﻳﻘﻮم ﺑﺎﻹﺷﺮاف ﻋﻠﻰ اﻧﺘﻘﺎﻟﻬﻢ ﺑﻨﻈﺎمٍ وﺃﻣﺎن.
"أﻳﻬﺎ اﻟﻤﻮاﻃﻨوﻦ، أﻳﻬﺎ اﻟﻤﺤﺎرﺑﻮن، ﻫﺬه ﻫﻲ ﻣﻤﻠﻜﺘﻨﺎ، ﻫﺬه ﻫﻲ
أﺭﺿﻨﺎ وﻫﺬا ﻫﻮ وﻗﺘﻨﺎ ﺣﻴﺚ ﻧﺰﻳﺢ ﺧﻼﻓﺘﻨﺎ واﺧﺘﻼف وﺣﺪﺗﻨﺎ ﺟﺎﻧﺒًﺎ وﻧﻘﺘﺪي ﺑﻘﺎدﺗﻨﺎ اﻟﺬﻳﻦ
ﺳﺎﻫﻤﻮا ﻓﻲ ﺣﻤﺎﻳﺔ اﻟﺴﻜﺎن وﺇﻋﻼن رﻏﺒﺘﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎﻋﺪة، إﻧﻪ وﻗﺖ اﻟﻘﺘﺎل، وﻗﺖ اﻟﺼﺮاخ...
ﻷﺟﻞ اﻟﻀﺤﺎﻳﺎ، ﻷﺟﻞ ﻣﻠﻜﻨﺎ، وﻷﺟﻞ أﺭﺿﻨﺎ اﻟﻤﺴﻠﻮﺑﺔ… أﻧﺎ أﻃﻠﺐ ﻣﻨﻜﻢ ﺟﻤﻴﻌًﺎ أن ﺗﺼﻄﻔﻮا
ﺟﻨﺒًﺎ إﻟﻰ ﺟﻨﺐ"
ﻫﺒﻄﺖ ﺟﻠﻨﺎر ﺑﺠﻮاﺭ أﻭﻛﺘﻴﻔﻴﺎن اﻟﺬي وﻗﻒ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﺠﻴش اﻟﻀﺨﻤﺔ وﻛﻞ ﻣﻦ أﺗﺮﻳﻮس
وﺃﺭﺗﻴﺎﻧﻮ ﺗﻘﺪﻣﺎ أﻳﻀًﺎ ﻳﻨﻈﺮان ﻟﻠﺠﻤﻊ اﻟﻐﻔﻴﺮ، في ﺧﻼل دﻗﺎﺋﻖ انضم ﻻﻓﻴﺎن وﺯﻭﻧﺪي
وﺑﻌﺪﻫﻤﺎ ﻫﺎرﻟﻴﻚ وﺭﻣﻴﺎس، وﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺣﻠﻖ أﻏﺪرﺍﺳﻴﻞ عابرًا أﺭﺍﺿﻲ اﻟﺤﺪوﺩ إﻟﻰ الحدود
الشمالية ﻟﻴﻨﻀﻢ ﻟﻠﺠﻴﺶ.
"ﻳﺎ ﻣﻮاﻃﻨﻲ اﻹﻟﺘﺮاﻧﻴﻮس الأعزاء، اﻋــــﺘـــﺼــﻤــﻮا"
ﺻﻮت الأميرة ﻋﺒﺮ من ﺧﻼل أﺭﺍﺿﻲ اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ،من ﺧﻼل ﻛﻞ ﻣﻨﺰلٍ وﻣﻴﺪانٍ وﺷﺎﺮع،
ﻛﻠﻤﺎﺗﻬﺎ دﻓﻌﺖ اﻟﻨﺒﻼء للترحيب ﺑﺴﻜﺎن اﻟﺤﺪوﺩ ﺣﺘﻰ إن ﻛﺎن ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻏﻴﺮ رﺍضٍ وﺍﻟﺒﻌﺾ قد
أﺧﺬ ﺳﻼﺣﻪ وﺍﺗﺠﻪ ﻧﺤﻮ اﻟﺸﻤﺎل ﻟﻼﺷﺘﺮاك ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺤﺮب.
وﻗﻔﺖ ﺟﻠﻨﺎر ﺗﻨﻈﺮ ﻟﻠﺠﻴﺶ اﻟﻀﺨﻢ والذي ما زالت أعداده تتزايد بشكل لم تتخيله
حتى، اﻠﺘﻔﺖ ﻧﺤﻮ ﺛﻮﻧﺎر اﻟﺘﻲ رﺑﺘﺖ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﻔﻬﺎ وﻗﺎﻟﺖ: "ﻟﻘﺪ ﻧﺠﺤﺖ ﻓﻲ ﺟﻤﻌﻬﻢ، أﻳﺘﻬﺎ
اﻟﻤﺠﻨﻮﻧﺔ!". ﺿﺤﻜﺖ الاثنتان ﻣﻌًﺎ وﻟﻜﻨﻬﻤﺎ ﻧﻈﺮا ﻟﻠﺠﻨﻮب ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺻﺮخ ﻫﺎرﻟﻴﻚ
قائلًا: "ﻟﻘﺪ ﺟﺎء ﺗﻴﻨﺮ ﺟﺎم ﺑﺎﻟﺪﻋﻢ!".
اﻟﺴﻤﺎء ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻠﻴﺌﺔً ﺑﺎﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺒﻊ ﺻﻮت ﻏﻨﺎء ﺗﻴﻨﺮ ﺟﺎم اﻟﺠﺎﻟﺲ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮ
ﻃﺎﺋﺮٍ ﺿﺨﻢٍ أﺻﻔﺮ اﻟﻠﻮن ﻛﺎن ﻣﻨﻈﺮًا مذهلًا ﺑﺠﻮاﺭ ﺷﺮﻮق ﺷﻤﺲ اﻟﻴﻮم اﻟﺘﺎﻟﻲ، ﻟﻮح ﺗﻴﻨﺮ
ﺟﺎم ﻟﻬﻢ ﻗﺒﻞ أن ﻳﻮﻗﻒ اﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎت اﻟﺘﻲ ﺟﻤﻌﻬﺎ ﺑﺤﺬرٍ ﻛﻞ وﺍﺣﺪٍ ﻣﻨﻬﻢ أﺧﻄﺮ ﻣﻦ ﺻﺎﺣﺒﻪ
وﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺟﻴﺪًا.
"ﻟﻴﺲ ﺑﻌﺪ" ﺗﻤﺘﻤﺖ ﺟﻠﻨﺎر وﻫﻲ ﺗﻨﻈﺮ ﻟﻠﺴﻤﺎء ﺑﺘﺮﻗﺐ. "ﻻ
أﻇﻨﻬﺎ ﺳﺘﻔﻌﻞ، ﺟﻠﻨﺎر" ﻗﺎﻟﺖ ﺛﻮﻧﺎر ﺑﺄﺳﻒٍ وﺃﺗﺒﻌﺖ ﺣﺪﻳﺜﻬﺎ ﻗﺎﺋﻠﺔ: "ﻻ ﺑﺄس،
ﻧﻤﻠﻚ ﻋﺪدًﺍ ﺿﺨﻤًﺎ ﻫﻨﺎ". ﺣﺮﻛﺖ ﺟﻠﻨﺎر رﺃﺳﻬﺎ رﺍﻓﻀﺔً وﻗﺎﻟﺖ: "ﻧﺤﻦ ﺑﺤﺎﺟﺔٍ
لهن، ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﻫﺬا".
ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﻘﻠﻖ ﻓﻬﺬا ﻫﻮ أﻫﻢ ﺟﺰءٍ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺨﻄﺔ، وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﺪت ﺗﻔﻘﺪ الأمل
ﺑﺮﻳﻖٌ ﻗﻮيٌ ﻟﻤﻊ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ﺟﺬب اﻧﻈﺎر ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻤﻌﺘﺼﻤﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﺸﻤﺎل.
ﺑﻮاﺑﺔ ﺿﺨﻤﺔ اﻧﻔﺘﺤﺖ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﺴﺤﺮ ﻋﺒﺮ اﻟﺴﻤﺎء وﻋﺒﺮت ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻣﺮأةٌ ﺗﻌﺮﻓﻬﺎ
ﺛﻮﻧﺎر ﺟﻴﺪًا، ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺮأة ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺸﺮاﺭة اﻟﺘﻲ ﺻﺮﺧﺖ ﺑﺼﻮتٍ ﺟﻮﻫﺮي وﻗﻮي: "إﻣﺎ
اﻟﻨﺼﺮ أﻭ اﻟﻤﻮت!".
وﻓﺠﺄة ﺗﺤﻮﻟﺖ اﻟﺴﻤﺎء اﻟﺘﻲ أﻧﺎﺮت ﻟﻠﺘﻮ للون أﺳﻮد ﻟﻜﺜﺮة اﻟﺴﺎﺣﺮات اﻟﻼﺗﻲ ﻋﺒﺮن ﻣﻦ
ﺧﻼﻟﻬﺎ .
ﻛﺎن اﻟﻤﺸﻬﺪ ﻣﻬﻴﺒًﺎ وﻣﻘﺸﻌﺮًا ﻟﻸﺑﺪان، ﺟﻴﺶٌ ﻛﺎﻣﻞٌ ﻣﻦ اﻟﺴﺎﺣﺮات ﻳﻌﺒﺮ اﻟﺒﻮاﺑﺔ
إﻟﻰ ﺳﻤﺎء اﻹﻟﺘﺮاﻧﻴﻮس ﺑﻘﻴﺎدة ﻣﻠﻜﺔ اﻟﺴﺎﺣﺮات.
ﻫﺒﻄﺖ ﻣﻠﻜﺘﻬﻦ أﻣﺎم ﺟﻠﻨﺎر وﺍﻧﺤﻨﺖ ﺑﺎﺣﺘﺮامٍ ﻗﺎﺋﻠﺔ: "اﺑﻨﺔ اﻟﺘﻮﺑﺎزﻳﻮس،
ﺟﻴﺸﻨﺎ ﺗﺤﺖ ﺧﺪﻣﺘﻚ". اﺑﺘﺴﻤﺖ ﺟﻠﻨﺎر وﺃﻭﻣﺄت ﻟﻬﺎ ﺑﺸﻜﺮ.
"ﻛﻢ ﺳﺎﺣﺮة ﺑﺤﻖ الله ﺗﺤﻠﻖ ﻋﺒﺮ ﻫﺬه اﻟﺒﻮاﺑﺔ؟" ﺻﺎح ﻻﻓﻴﺎن
ﺑﺼﺪﻣﺔٍ ﻟﺘﻨﻈﺮ ﻧﺤﻮه ﻣﻠﻜﺔ اﻟﺴﺎﺣﺮات وﺗﺒﺘﺴﻢ ﺑﻔﺨﺮٍ ﻗﺎﺋﻠﺔ: "مئتان".
رﻓﻊ ﺣﺎﺟﺒًﺎ وﻗﺎل: "مئتا ﺳﺎﺣﺮة! أﺗﻤﺰﺣﻴﻦ؟". ﺿﺤﻜﺖ ﻣﻠﻜﺔ اﻟﺴﺎﺣﺮات
ﺑﺴﺨﺮﻳﺔٍ ﻗﺒﻞ أن ﺗﻘﻮل ﺑﺠﺪﻳﺔ: "مئتا أﻟﻒ ﻣﻘﺎﺗﻠﺔٍ، أﻳﻬﺎ اﻟﻔﺎﺮس، وﺟﻤﻴﻌﻬﻦ ﺳﻴﻜﺴﺮن
ذﻟﻚ اﻟﺤﺎﺟﺰ ﺑﻘﻴﺎدﺗﻲ و...".
ﺻﻤﺘﺖ لثوانٍ ﻗﺒﻞ أن ﺗﻨﻈﺮ ﻟﺜﻮﻧﺎر ﻗﺎﺋﻠﺔ: "وﺑﻘﻴﺎدة ﻓﺎرﺳﺘﻬﻦ".
اﺭﺗﻔﻊ حاجبا ﺛﻮﻧﺎر ﺑﺘﻔﺎﺟؤ، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺣﺎﻓﻈﺖ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺒﻴﺮﻫﺎ وﺗﻈﺎﻫﺮت باللا مبالاة
رﻏﻢ ﺣﻤﺎﺳﻬﺎ اﻟﺪاﺧﻠﻲ اﻟﺬي ﻳﺪﻓﻌﻬﺎ ﻟﻠﺮﻏﺒﺔ ﺑﺎﻟﺼﺮاخ.
"ﻻ أﺻﺪق ﺣﻘَﺎ أن ﻫﺬا اﻟﺠﺰء ﻣﻦ اﻟﺨﻄﺔ ﻧﺠﺢ! أﻋﺘﺮف، ﺟﻠﻨﺎر... أﻧﺎ
ﻣﺬﻫﻮل!" ﻟﻢ ﺗﻨﻈﺮ ﻷوﻛﺘﻴﻔﻴﺎن ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﺑﺘﺴﺎﻣﺘﻬﺎ اﻟﺘﻲ اﺭﺗﺴﻤﺖ ﻋﻠﻰ ﺷﻔﺘﻴﻬﺎ وﻫﻲ
ﺗﺤﺪق ﺑﺎﻟﺠﺪاﺭ اﻟﻀﺨﻢ اﻟﻔﺎﺻﻞ ﺑﻴﻨﻬﻢ واﻷﺳﺮى ﻓﻲ اﻟﺪاﺧﻞ.
....
ﻣﻨﺬ ﺛﻼﺛﺔ أﻳﺎم:
ذﻟﻚ اﻟﻴﻮم اﻟﺬي اﺟﺘﻤﻊ اﻟﻔﺮﺳﺎن ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﻃﺎوﻟﺔٍ وﺍﺣﺪة، ﺣﻴﻨﻬﺎ ﺑﺪأ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻋﻨﺪﻣﺎ
ﺑﺪأت ﺟﻠﻨﺎر ﺑﺤﻤﺎسٍ ﺸﺮح ﻣﺨﻄﻄﻬﺎ اﻟﺠﻨﻮﻧﻲ وﺍﻟﺬي ﺑﺪأوﺍ ﻓﻲ ﺗﻨﻔﻴﺬه ﻃﻴﻠﺔ اﻷﻳﺎم اﻟﺜﻼﺛﺔ...
"اﺳﺘﻤﻌﻮا إﻟﻲ ﺟﻴﺪًا، ﺗﻨﻔﻴﺬﻧﺎ ﻟﻬﺬه اﻟﺨﻄﺔ ﻳﺠﺐ أن ﻳﺘﻢ ﺑﺄﻗﻞ
اﻷﺧﻄﺎء اﻟﻤﻤﻜﻨﺔ، ﻋﻠﻴﻨﺎ اﻋﺘﺒﺎر ﻣﺎ ﺳﻨﻔﻌﻞ وﻣﺎ ﻟﻦ نفعل، ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ سنفعل
وﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻟﻦ نفعل، أﺭﻳﺪ ﻣﻨﻜﻢ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﻜﻞ رﺩ ﻓﻌﻞٍ وﻛﻞ ﺣﺮﻛﺔٍ وﻟﻜﻞ ﻧﺒﺮة ﺻﻮت، ﻧﺤﻦ
ﻟﺴﻨﺎ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻛﺔٍ ﺿﺪ اﻹرﻳﺒﻮس ﻓﻘﻂ! ﻧﺤﻦ ﻣﻮﺟﻮدﻮن ﻹﺻﻼح ﻫﺬا اﻟﻮﺿﻊ اﻟﻤﺰﺮي ﻓﻲ ﻫﺬه
اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ"
ﺗﺒﺎﺪل اﻟﺠﻤﻴﻊ اﻟﻨﻈﺮات وﺗﻤﺘﻢ ﻻﻓﻴﺎن ﺑﺤﻴﺮة: "ﺑﺪأت أﺷﻚ في ﻣﻘﺪرة ﻋﻘﻠﻲ
اﻟﺒﺴﻴﻂ ﻋﻠﻰ ﻓﻬﻢ ﻛﻞ ﻫﺬا!"
"وﻛﻴﻒ ﺳﺘﻨﺠﺤﻴﻦ ﻓﻲ ﻫﺬا؟" ﺳﺄل أﻏﺪرﺍﺳﻴﻞ وﻫﻮ ﻳﻜﺘﻒ ذراعيه
ﻣﻤﺎ ﺳﺒﺐ اﺑﺘﺴﺎﻣﺘﻬﺎ ﻗﺎﺋﻠﺔ: "ﺳﻨﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﻨﻔﺴﻲ ﻛﺜﻴﺮًا ﻫﻨﺎ، ﻛﺒﺪاﻳﺔ: ﻧﺤﻦ
ﻧﻌﺮف أن اﻟﺠﺪاﺭ ﻣﺼﻨﻮعٌ ﻣﻦ اﻟﺴﺤﺮ اﻷﺳﻮد؛ ﻟﺬﻟﻚ ﻛﻤﺎ ﻓﻬﻤﺖ ﻟﻦ ﻳﺪﻣﺮه إﻻ اﻟﺴﺤﺮ،
صحيح؟"
أﻭﻣﺄت ﺛﻮﻧﺎر وﻗﺎﻟﺖ: "ﻻ ﻳﻔﻞ اﻟﺤﺪﻳﺪ إﻻ اﻟﺤﺪﻳﺪ، ﻋﺰﻳﺰﺗﻲ. وﻫﺬا يعني أﻧﻨﺎ
ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔٍ إﻟﻰ ﻣﻘﺪاﺭ ﺿﺨﻢ ﻣﻦ اﻟﺴﺤﺮ، أﻛﺒﺮ أﻭ ﻳﺴﺎﻮي مقدار اﻟﺴﺤﺮ اﻟﺬي ﺻﻨﻊ ﻣﻨﻪ
اﻟﺠﺪاﺭ".
أﻭﻣﺄت ﺟﻠﻨﺎر ﺑﺘﻔﻬﻢٍ وﺭﻛﺰت ﺑﻨﻈﺮﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺛﻮﻧﺎر "ﺧﻄﻮﺗﻨﺎ اﻷوﻟﻰ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻚِ،
ﺛﻮﻧﺎر، ﻟﻜﻨﻪ اﻟﺠﻨﻮن ﺑﻌﻴﻨﻪ". رﻓﻌﺖ ﺛﻮﻧﺎر ﺣﺎﺟﺒﻬﺎ ﻗﺒﻞ أن ﺗﻔﺮك ﻳﺪيها ﺑﺤﻤﺎسٍ
وﺗﻘﻮل: "لقد أشركتني في أكثر الألعاب إثارة، هاتي ما عندك!".
ﻧﻈﺮت ﻟﻬﺎ ﺟﻠﻨﺎر ﺑﺠﺪﻳﺔٍ وﻗﺎﻟﺖ: "ﻟﻘﺪ اﺳﺘﺨﺪﻣتِ ﺳﺤﺮًا ﻣﺤﺮﻣًﺎ ﻹﻧﻘﺎﺬي، أﻟﻴﺲ
ﻛﺬﻟﻚ؟". أﻭﻣﺄت ﺛﻮﻧﺎر ﺑﺎﺑﺘﺴﺎﻣﺔٍ ﻟﺘﺘﺎﺑﻊ ﺟﻠﻨﺎر ﻗﺎﺋﻠﺔ: "وﻛﻤﺎ ﻋﺮﻓﺖ ﺳﻴﺘﻢ
ﻣﺤﺎوﻟﺔ اﻟﻘﺒﺾ ﻋﻠﻴﻚ وﻣﺤﺎﻛﻤﺘﻚ قانونيًا في ﻣﻤﻠﻜﺔ اﻟﺴﺎﺣﺮات؟". ﺿﺤﻜﺖ ﺛﻮﻧﺎر وﻗﺎﻟﺖ
ﺑﺘﻔﺎﺧﺮ: "أﺗﻌﻠﻤﻴﻦ ﻛﻢ ﻣﺤﺎﻛﻤﺔً ﺗﻨﺘﻈﺮﻧﻲ؟ أﻧﺎ دﺍﺋﻤًﺎ ما أﻧﺠﺢ ﻓﻲ اﻟﻬﺮﻮب ﻗﺒﻞ
اﻟﻘﺒﺾ ﻋﻠﻲ، ﻻ تقلقي، ﻟﻦ ﻳﻘﺒﺾ ﻋﻠﻲ".
ﺻﻤﺘﺖ ﺟﻠﻨﺎر لثوانٍ وﻫﻲ ﺗﻨﻈﺮ ﻷﻋﻴﻦ ﺛﻮﻧﺎر ﻗﺒﻞ أن ﺗﻘﻮل: "ﻟﻜﻨﻚ ﺳﺘﺘﺮﻛﻴﻨﻬﻢ
ﻳﻤﺴﻜﻮن ﺑﻚ ﻫﺬه اﻟﻤﺮة".
اﻟﺠﻤﻴﻊ أﺧﺬ وﻗﺘﻪ ﻓﻲ ﻣﺤﺎوﻟﺔٍ ﻹدﺭاك الأمر، وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻇﻨﺖ ﺟﻠﻨﺎر أن ﺛﻮﻧﺎر ﺳﺘﺜﻮر
ﻓﻲ وﺟﻬﻬﺎ وﺟﺪت اﻟﻤﺮأة ﺗﺒﺘﺴﻢ ﺑﺸﻜﻞٍ ﺿﺨﻢٍ وﻳﻜﺎد اﻟﺤﻤﺎس ﻳﻔﺘﻚ ﺑﻬﺎ لتصيح ﻗﺎﺋﻠﺔ:
"اﻟﻠﻌﻨﺔ ﻳﺎ ﻓﺘﺎة! ﻗﻠﺒﻲ ﻳﻨﺒﺾ ﺑﻘﻮةٍ ﻟﺸﺪة اﻟﺤﻤﺎس، أخبريني ﻣﺎ اﻟﺬي ﺳﺄﻓﻌﻠﻪ، ﻫﺬا
حقًا ﺟﻨﻮﻧﻲ".
ﺿﺤﻜﺖ ﺟﻠﻨﺎر، ﺧﺎﺻﺔً ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﻠﻖ ﻳﻮﺟﻴﻦ قائلًا: "ﻫﺬه اﻟﻤﺮأة ﻣﺨﺒﻮﻟﺔٌ ﺑﺸﻜﻞٍ
ﻛﻠﻲ".
"اﺳﺘﻤﻌﻲ ﻟﻲ ﺟﻴﺪًا، ﺟﻤﻴﻌﻜﻢ! أﺭﻳﺪ ﻣﻨﻜﻢ اﻻﺳﺘﻤﺎع ﻟﻲ ﺣﺘﻰ
اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ" ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻫﻲ ﻧﺠﺤﺖ ﺑﺸﻜﻞٍ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﺟﺬب ﺗﺮﻛﻴﺰﻫﻢ وﺍﻧﺘﺒﺎﻫﻬﻢ وﻓﻀﻮﻟﻬﻢ
وﺣﺘﻰ دﻫﺸﺘﻬﻢ.
"ﺳﻴﺘﻢ اﻟﻘﺒﺾ ﻋﻠﻰ ﺛﻮﻧﺎر وﺃﺧﺬﻫﺎ ﻟﻤﺤﻜﻤﺔٍ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ، وﻟﻜﻨﻨﺎ ﺳﻨﺘﺪﺧﻞ
وﺳﻨﻤﻨﻊ ذﻟﻚ ﺑﺼﻔﺘﻬﺎ ﻓﺎرﺳﺔ و.."
ضحك ﺛﻮﻧﺎر أﻭﻗﻒ ﺟﻠﻨﺎر اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻐﺮﺑﺖ ﻣﻦ دﺣﺮﺟﺘﻬﺎ ﻟﻌﻴﻨﻬﺎ "ﻋﺰﻳﺰﺗﻲ، ﻟﻦ أﺤﺼﻞ
أي ﻣﺤﺎﻛﻤﺔٍ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ! اﻟﻤﻠﻜﺔ ﺳﺘﺤﺐ ﻛﺜﻴﺮًا ﻗﺘﻠﻲ ﺑﺸﻜﻞٍ ﻋﻠﻨﻲ أﻣﺎم اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺑﺄﻛﻤﻠﻬﺎ
وﺳﺘﻀﻌﻨﻲ ﻓﻲ ﻗﺘﺎلٍ أمام ﻗﺎﺗﻞ اﻟﺴﺎﺣﺮات، إﻧﻪ وﺣﺶٌ ﺿﺨﻢٌ ﻫﺎﻟﺘﻪ ﺗﺨﻔﺾ ﻣﻦ ﻗﻮة اﻟﺴﺎﺣﺮة
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻬﺎﺟﻤﻪ، ﺛﻢ ﻳﻘﺘﻠﻬﺎ، وإن ﻛﻨﺖ أﻋﺮف ﺗﻠﻚ اﻟﻠﻌﻴﻨﺔ ﺟﻴﺪًا ﻓﺴﺘﻀﻌﻨﻲ ﻣﻜﺒﻠﺔ اﻟﻴﺪﻳﻦ
أﻣﺎﻣﻪ ﺣﺘﻰ ﺗﻀﻤﻦ ﻣﻮﺗﻲ، ﺳﻴﻜﻮن ﺣﺪثًا تشهد ﻋﻠﻴﻪ ﻛﻞ ﺳﺎﺣﺮةٍ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺤﺐ اﻻﺳﺘﻌﺮاض ﻛﺜﻴﺮًا،
وﻛﻠﻤﺎ زﺍﺩ اﻟﻌﺮض ﻣﺘﻌﺔً زﺍﺪت ﺣﻤﺎﻗﺘﻬﺎ".
ﺻﻤﺘﺖ ﺟﻠﻨﺎر لثوانٍ ﺗﺤﺎﻮل اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ ﺣﻞٍ ﻣﻨﺎﺳﺐ ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻳﺮاﻗﺒﻬﺎ ﺑﻔﻀﻮل.
اﺑﺘﺴﻤﺖ ﻓﺠﺄة وﻗﺎﻟﺖ: "ﺗﺤﺐ اﻻﺳﺘﻌﺮاض! ﺟﻴﺪ، إﺫًﺍ ﺳﻨﺬﻫﺐ ﺑﺼﻔﺘﻨﺎ اﻟﻔﺮﺳﺎن
وﺳﺄﻗﻮم ﺑﺈﺛﺎرة ﻓﻀﻮﻟﻬﺎ، وﺳﺄﻗﻒ أﻧﺎ أﻣﺎم ذﻟﻚ اﻟﻮﺣﺶ ﻋﻮﺿًﺎ ﻋﻨﻚ".
اﺗﺴﻌﺖ عينا ﺛﻮﻧﺎر وﺻﺎﺣﺖ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻘﻒ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﻣﻴﻬﺎ: "ﻫﻞ ﺟﻨﻨﺖ؟". ﻛﺎﺪت
ﺗﺘﺤﺪث، وﻟﻜﻦ أﻏﺪرﺍﺳﻴﻞ دﻋﻢ ﻣﻮﻗﻒ ﺛﻮﻧﺎر قائلًا: "ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻚ ﻓﻌﻞ ﻫﺬا، ﺟﻠﻨﺎر. ﻫﻞ
ﺗﺮﻳﺪن ﻣﻮﺗﻚ؟". ﺑﺪا اﻟﺠﻤﻴﻊ متفقًا ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻲء ذﺍﺗﻪ وﻛﻞ وﺍﺣﺪٍ ﻣﻨﻬﻢ اﻋﺘﺮض
ﺑﻄﺮﻳﻘﺘﻪ.
اﻧﺘﻈﺮت ﺣﺘﻰ اﻧﺘﻬﺖ اﻋﺘﺮاﺿﺎﺗﻬﻢ وﻧﻈﺮت ﻷﺗﺮﻳﻮس اﻟﺬي ﺣﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﺻﻤﺘﻪ ﻃﻴﻠﺔ اﻟﻮﻗﺖ.
"وﺃﻧﺖ! أﻟﻦ ﺗﻌﺘﺮض ﻋﻠﻰ ﻗﺘﻠﻲ ﻟﻨﻔﺴﻲ؟" ﺳﺨﺮت ﻣﻤﺎ دﻓﻌﻪ ﻟﻼﺑﺘﺴﺎم وﺗﺤﺮﻳﻚ رﺃﺳﻪ
ﻟﻠﺠﺎﻧﺒﻴﻦ ﺑﺨﻔﺔ.
"ﻻ ﻧﻴﺔ ﻟﻲ بذلك، أﻧﺎ وﺍﺛﻖٌ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻗﺘﺎﻟﻚ ﻷﻧﻚ ﺗﺪرﺑﺖِ ﻋﻠﻰ
ﻳﺪي"
ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄﻊ ﻛﺒﺖ ﺿﺤﻜﺘﻬﺎ وﻫﻲ ﺗﺪﺣﺮج ﻋﻴﻨﻬﺎ للنرجسية التي تجسدت على هيئة رجل، ﻣﺤﺖ
اﻻﺑﺘﺴﺎﻣﺔ وﻧﻈﺮت ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﻗﺎﺋﻠﺔ: "إﻧﻪ ﻗﺎﺗﻞ اﻟﺴﺎﺣﺮات، وﺃﻧﺎ ﻻ أﻣﻠﻚ دﻣﺎء ﺳﺎﺣﺮة!
ﻟﺬا ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻨﻜﻢ وﺿﻊ ﺑﻌﺾ اﻟﺜﻘﺔ ﺑﻲ؟".
ﻛﻞ ﺷﺨﺺٍ ﻣﻨﻬﻢ ﺣﺎﻮل إﻗﻨﺎع ﻧﻔﺴﻪ بأﻧﻬﺎ ﻟﻦ ﺗﻤﻮت وﻓﻀﻞ اﻟﺼﻤﺖ ﻋﻠﻰ اﻻﻋﺘﺮاض ﻣﺠﺪدًﺍ
أﻣﺎم ﻧﻈﺮة اﻹﺻﺮاﺭ ﻓﻲ ﻋﻴﻨﻴﻬﺎ.
"اﻃﻤﺌﻨﻲ، ﺛﻮﻧﺎر. أﻧﺎ من سيقحمك ﻓﻲ ﻫﺬا الأمر وﺃﻧﺎ ﻣﻦ ﺳﻴﺨﺮﺟﻚ
ﻣﻨﻪ، وﻟﻜﻦ..." ﻧﻈﺮت ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﺑﻌﺪ أن ﺿﻐﻄﺖ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﻒ ﺛﻮﻧﺎر ﻟﺘﺠﻠﺲ ﻣﺠﺪدًﺍ وﺃﺭﺩﻓﺖ:
"ﻋﻠﻴﻨﺎ إﺗﻘﺎن أﺩﻭﺍﺭﻧﺎ ﺟﻴﺪًا، ﻛﻞٌ ﻣﻨﺎ ﺳﻴﺒﺪو غاصبًا وﻣﺘﻔﺎجئًا ﻣﻦ ﻛﻞ ﻗﺮاﺭٍ
ﺳﻨﺘﺨﺬه أمام اﻟﻤﻠﻜﺔ؛ ﻓﻬﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﻏﺒﻴﺔ، وﺣﻴﻦ يتحكم بها ﻏﺮوﺭﻫﺎ ﺳﺄﺗﺪﺧﻞ أﻧﺎ اﻟﻔﺘﺎة اﻟﺘﻲ
ﻻ ﺗشكل أي تهديدٍ وأﺘﺤﺪى اﻟﻤﻠﻜﺔ؛ ﻣﻤﺎ ﺳﻴﺜﻴﺮ اﺳﺘﻴﺎﺋﻬﺎ وشعورها بانعدام سيطرتها على
الموقف، وﺳﺘﺤﺎﻮل إﺭﻋﺎﺑﻲ ﺑﻮﺿﻌﻲ ﻓﻲ اﻟﺤﻠﺒﺔ ﻣﻊ ذﻟﻚ اﻟﻮﺣﺶ ﻇﻨًﺎ ﻣﻨﻬﺎ أﻧﻲ ﺳﺄﺗﺮاﺟﻊ أﻭ
ﺳﺄﻣﻮت، وﻟﻜﻨﻲ ﻟﻦ أﻓﻌﻞ! ﺳﺄﻗﺘﻞ ذﻟﻚ اﻟﻮﺣﺶ أو أﻳﺎ ﻳﻜﻦ ﻣﻘﺎﺑﻞ إﺧﺮاﺟﻚ ﻣﻦ اﻟﺴﺠﻦ".
ﺗﻔﺤﺼﺖ ﻧﻈﺮاﺗﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻤﻞ اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ وﺍﻻﺳﺘﻐﺮاب ﻗﺒﻞ أن ﻳﺒرز أﺭﺗﻴﺎﻧﻮ أﺧﻴﺮا
قائلًا: "وﻣﺎ ﻓﺎﺋﺪة ﻛﻞ ﻫﺬا؟ إن ﻛﻨﺎ ﺳﻨﺨﺮج ﺛﻮﻧﺎر من اﻠﺴﺠﻦ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ لمَ
أﺩﺧﻠﻨﺎﻫﺎ؟".
اﺑﺘﺴﻤﺖ وﺃﺧﺬت ﺧﻄﻮﺗﻴﻦ ﻟﻠﺨﻠﻒ ﻗﺒﻞ أن ﺗﻘﻮل: "ﻣﻠﻜﺔ اﻟﺴﺎﺣﺮات اﻣﺮأةٌ ﺗﺪﻋﻢ
ﻛﺜﻴﺮًا ﻗﻮة اﻟﻤﺮأة وﺑﺮوﺯﻫﺎ ﻛﺮﻣﻮزٍ ﻋﺎﻟﻤﻴﺔٍ وﻛﺒﻄﻠﺔٍ ﻓﻲ أي ﻣﻨﺎﺳﺒﺔٍ أﻭ ﻗﺘﺎل، وﻛﻤﺎ
أﺧﺒﺮﺗﻨﻲ ﺛﻮﻧﺎر ﻓﺈن اﻟﺴﺎﺣﺮات ﻳﻘﺪﺳﻦ ﻛﺜﻴﺮًا ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺨﺺ اﻟﺘﻮﺑﺎزﻳﻮس وﺍﻟﻤﺴﺎس ﺑﻪ ﺷﻲءٌ
ﻣﻘﺪس ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻬﺎ ﺳﺘﺤﺎﻮل ﻗﺘﻞ ﻓﺎرﺳﺔ، وﻟﻜﻦ ﻟﻨﻘﻞ أن اﻟﺴﺎﺣﺮات ﻣﻌﻘﺪات".
ﻓﺮﻗﻌﺖ ﺛﻮﻧﺎر ﺑﺄﺻﺎﺑﻌﻬﺎ وﺗﺠﺎوﺑﺖ ﺑﻀﺤﻜﺔٍ ﻗﺎﺋﻠﺔ: "ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ!"
"ﻟﺬﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ أﻗﺘﻞ اﻟﻮﺣﺶ ﺳﺄﺣﺎﻮل ﺑﺄﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﻟﺪي وﺃﻣﺎم ﻣﻤﻠﻜﺔ
اﻟﺴﺎﺣﺮات ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ، ﺳﺄﻋﻠﻦ ﻋﻦ ﻛﻮﻧﻲ اﺑﻨﺔ اﻟﺘﻮﺑﺎزﻳﻮس وﻗﺘﻠﻲ اﻟﻮﺣﺶ ﻫﻮ إﺛﺒﺎتٌ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا،
وﻟﻨﺄﻣﻞ أﻻ أﻧﻔﻌﻞ ﻛﺜﻴﺮًا... وﻋﻨﺪﻫﺎ ﺳﻨﻜﺴﺐ اﺣﺘﺮام اﻟﻤﻠﻜﺔ وإﺧﻼﺻﻬﺎ ﻟﻠﻤﺮأة اﻟﺘﻲ
اﺧﺘﺎرﺗﻬﺎ اﻟﺘﻮﺑﺎزﻳﻮس، ﺳﺘﻨﻔﺬ ﻣﺎ ﺳﺄﻃﻠﺒﻪ ﻣﻨﻬﺎ ﺣﺘﻰ وإن ﻛﺎن جيشًا من اﻟﺴﺎﺣﺮات اﻟلواتي
ﺳتساعدننا ﻋﻠﻰ ﻛﺴﺮ اﻟﺠﺪاﺭ"
ﻇﻞ ﻛﻞ وﺍﺣﺪٍ ﻣﻨﻬﻢ ﻳﻔﺘﺢ ﻓﻤﻪ وﻳﻐﻠﻘﻪ ﻣﺠﺪدًﺍ ﻻ ﻳﻌﺮف ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ أﻣﺎم ﻫﺬا اﻟﺠﻨﻮن
وﺍﻟﻤﺨﺎﻃﺮة، وﻷﻧﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﺘﻮﻗﻌﻮا شيئًا ﻛﻬﺬا أﺑﺪًا وﻟﻢ ﻳﺨﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻟﻬﻢ.
"اﻟﻠﻌﻨﺔ، ﻫﺬا ﺟﻌﻠﻨﻲ أﻓﻘﺪ ﺻﻮاﺑﻲ!"
ﺻﺎﺣﺖ ﺛﻮﻧﺎر وﺻﻔﻘﺖ ﻗﺎﺋﻠﺔ: "أﻧﺎ ﻣﻌﻚ ﻓﻲ ﻫﺬا! أﻧﺎ ﺗﻤﺎﻣًﺎ مشاركةٌ في هذا
الجنون". اﺑﺘﺴﻤﺖ ﺟﻠﻨﺎر ﺑﺸﻜﺮٍ وﻧﻈﺮت ﻟﺒﻘﻴﺔ اﻟﺬين ﺑﺪأت اﻻﺑﺘﺴﺎﻣﺎت ﺗﺮﺗﺴﻢ ﻋﻠﻰ
وﺟﻮﻫﻬﻢ. "وﻣﺎذﺍ ﺑﻌﺪ؟ ﻣﺎذﺍ إن ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﺑﻌﺾ اﻟﺴﺎﺣﺮات ﻓﻲ ﺻﻔﻨﺎ؟ ﺳﺘﺤﺪث اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ
ذﺍﺗﻬﺎ ﻣﻊ ﺳﻜﺎن اﻟﺤﺪوﺩ وﺳﻴﺮﻓﺾ اﻟﻨﺒﻼء ﺗﺤﺮﻳﻚ ﻗﻮاﺗﻬﻢ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ!"
دﺣﺮﺟﺖ ﺛﻮﻧﺎر ﻋﻴﻨﻬﺎ ﻧﺤﻮ أﻭﻛﺘﻴﻔﻴﺎن وﻗﺎﻟﺖ: "لمَ ﺗﻔﺴﺪ ﺑﻬﺠﺘﻲ ﻳﺎ
ﻫﺬا؟". رﻓﻊ ﻛﺘﻔﻴﻪ ﻛﺈﺟﺎﺑﺔٍ وﺃﺭﺪف قائلًا: "أﻧﺎ ﻣﻨﻄﻘﻲٌ ﻓﻘﻂ".
أﻭﻗﻔﺘﻬﻤﺎ ﺟﻠﻨﺎر ﻗﺒﻞ أن ينشب ﺷﺠﺎرًا ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ: "ﻻ دﺍعٍ ﻟﻠﻘﻠﻖ، ﺳﻨﺤﺘﺎج ﻓﻘﻂ
إﺷﺎرةً ﻟﻨﺒﺪأ ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺑﻌﺪ ﻋﻮدة ﺛﻮﻧﺎر، وﻟﻜﻦ... ﻫﺬا ﺳﻴﻀﻊ ﻛﻞ ﺷﻲءٍ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺤﻚ إن
ﻓﺸﻠﻨﺎ".
ﺑﻠﻠﺖ ﺷﻔﺘﻴﻬﺎ وﺭﻓﻌﺖ ﻛﻤﻲ ﻗﻤﻴﺼﻬﺎ وﻛﺄﻧﻬﺎ ﺗﺴﺘﻌﺪ ﻟﻠﻘﺘﺎل وﺗﺎﺑﻌﺖ: "ﺳﻨﺠﻌﻞ
اﻟﻨﺒﻼء ﻳﺘﻄﻮﻋﻮن دﻮن أن ﻧﻄﻠﺐ ﻣﻨﻬﻢ ذﻟﻚ، ﺳﻴﺮﺳﻠﻮن ﺟﻴﻮﺷﻬﻢ ﻟﻠﻤﺴﺎﻋﺪة، أولًا: أﻭﻛﺘﻴﻔﻴﺎن
ﻫﻮ ﺣﺼﺎن ﻃﺮوﺍﺩة اﻟﺨﺎص ﺑﻨﺎ! أي أﻧﻪ ﺳﻴﺬﻫﺐ ﻟﺴﻴﺪ أﻟﻔﻦ ﻣﺘﻈﺎﻫﺮًا ﺑﺎﻟﻘﻠﻖ وﺍﻟﺨﻮف ﻋﻠﻰ
أﺭﺍﺿﻲ اﻟﻨﺒﻼء، ﺳﺘﺤﺬﺮه وﺗﺨﺒﺮه أﻧﻲ ﺳﺄﺻﺪر أﻣﺮًا ملكيًا ﺑﻨﻘﻞ اﻟﺴﻜﺎن إﻟﻰ اﻷرﺍﺿﻲ
اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻨﺒﻼء".
ﺗﺤﺮﻛﺖ ﻧﺤﻮ أوﻛﺘﻴﻔﻴﺎن وﺍﺳﺘﻨﺪت ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺳﻴﻪ وﺃﻛﻤﻠﺖ: "ﺳﻴﺼﺎب ﺑﺎﻟﺠﻨﻮن، ﻷن
ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ أﻣﺮ ﻣﻠﻜﻲ ﺗﻌﻨﻲ اﻹﻋﺪام! وﺣﻴﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﺳﻴﺤﺎﻮل اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻣﻊ ﺑﺎﻗﻲ اﻟﻘﺎدة؛ فكما
اتضح أنهم جميعهم يتحركون معًا في أي قرار... ﺳﻮف ﺗﻨﺘﻈﺮ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ،
أﻭﻛﺘﻴﻔﻴﺎن! وعندما تبدأ الحيرة والهلع يتمكن منهم سترمي لهم حبل النجاة، والغريق
سيتمسك بأيٍ يكن ما يلقى له؛ فالأهم أن ينجو".
اﺑﺘﻌﺪت ﻋﻦ ﻛﺮﺳﻲ أﻭﻛﺘﻴﻔﻴﺎن وﺗﺤﺮﻛﺖ ﻧﺤﻮ المقدمة ﻣﺠﺪدًﺍ وﺷﺮﺣﺖ ﺑﺪﻗﺔ:
"ستتعمد إلقاء اقتراحٍ بسيط على الطاولة، لن نجعل الأمر يبدو وكأنك من وجدت
الحل، أنت فقط ستوحي لهم بالفكرة وهم سيتمسكون بها".
"وﻣﺎ ﻫﻲ اﻟﻔﻜﺮة؟" ﺳﺄل ﺗﻴﻨﺮ ﺟﺎم ﻟﺘﺠﻴﺐ:
"سيكون اقتراحًا أهوج، لمَ لا نجعل حرس النبلاء يُخيفون
السكان مما سيدفعهم للخوف من الدخول لأراضي النبلاء؟ وبما أن ألفن رجلٌ عسكري فأترك له أمر صقل
هذه الخطة حتى يظن أنها وليدة أفكاره، ولأنه رجل يعرف أن الخوف يحرك الناس سيحرك
ﻛﺎﻣﻞ ﻗﻮاﺗﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺪوﺩ ﺣﺘﻰ يخيف اﻟﺴﻜﺎن اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻈﻨﻮن أﻧﻨﺎ سننقلهم ﻟﻸرﺍﺿﻲ
اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ، أﻟﻔﻦ ﺳﻴﺴﺘﻌﻤﻞ ﻣﺒﺮر اﻟﺤﻤﺎﻳﺔ أﻣﺎم اﻷﻣﻴﺮة ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻮاﺟﻪ ﺣﻜﻢ اﻟﺨﻴﺎﻧﺔ وﺳﻴﻈﻨﻮن
أﻧﻬﻢ ﻗﺪ ﻧﺠﻮا، ﻟﻤﺎذﺍ؟ ﻷن اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﻳﺸﻌﺮ أﻧﻪ ﻓﻲ ﺧﻄﺮٍ ﻳﺴﺘﻘﺒﻞ ﻋﻘﻠﻪ أي اﻗﺘﺮاحٍ
وسيتعامل ﻣﻌﻪ ﺑﺸﻜﻞٍ ﺟﺪي ولن يدرك أن الفكرة قد أُلقت له".
ﺿﺤﻚ زﻭﻧﺪي ﺑﺎﺳﺘﻐﺮاب وﻗﺎل، "وﻟﻜﻨﻬﻢ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻧﺠﻮا!"
حركت لجلنار رأسها للجانبين قائلة: "الحبل الذي أُلقي لهم ليس سوى حبلٍ
زائف، ذلك الحبل سيكون سبيلًا نجاتنا نحن، لا هم".
عينها تحركت على وجوههم واسترسلت: "سنفترق جميعًا في الوقت ذاته لأكثر
من مكانٍ وعليكم الانتباه للوقت بشدةٍ والحرص عليه، كل ما نفعله يجب أن يُنفذ في
يومٍ واحد، فنحن لن ننقل سكان الحدود لأراضي النبلاء الشمالية".
ﺗﺤﺮﻛﺖ وﻗﺎﻣﺖ ﺑﻔﺘﺢ اﻟﺨﺮﻳﻄﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺎوﻟﺔ ﻗﺒﻞ أن ﺗﻀﻊ دﺍﺋﺮةً ﻋﻠﻰ أﺭﺍﺿﻲ اﻟﻨﺒﻼء
ﻓﻲ الجنوب وﺇﺣﺪى اﻷرﺍﺿﻲ اﻟﻤﻠﻜﻴﺔ وﻗﺎﻟﺖ:
"ﺳﻨﻘﻮم ﺑﻨﻘﻠﻬﻢ إﻟﻰ ﻫﻨﺎ! وﺳﻨﻄﻠﺐ ﻣﻦ الأميرة اﻟﺴﻤﺎح ﻟﻬﻢ بالبقاء
ﻓﻲ اﻷﺮض اﻟﻤﻠﻜﻴﺔ، وﻫﻨﺎ ﺳﺄﺣﺘﺎج ﺛﻮﻧﺎر أﻳﻀًﺎ، ﺳﺄﺣﺘﺎج ﻣﻨﻚ أن ﺗﺼﻨﻌﻲ ﺳﺖ ﺑﻮاﺑﺎت، ﺛﻼﺛﺔ
ﻓﻲ أﺭﺍﺿﻲ اﻟﺤﺪوﺩ، وﺛﻼﺛﺔ ﻋﻠﻰ أﺭﺍﺿﻲ اﻟﻨﺒﻼء وﺍﻷﺮض اﻟﻤﻠﻜﻴﺔ، ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻨﻚ ﻓﻌﻞ ﻫﺬا؟"
أﻭﻣﺄت ﺛﻮﻧﺎر ﻗﺒﻞ أن ﺗﻤﺴﻚ اﻟﻘﻠﻢ وﺗﻘﻮل: "وﻟﻜﻦ ﻋﻠﻴﻬﻢ أن ﻳﺠﺘﻤﻌﻮا ﻓﻲ ﻫﺬه
اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺜﻼث ﺑﺎﻟﺬات؛ ﻷن ﻓﺘﺢ ﺳﺖ ﺑﻮاﺑﺎتٍ ﻣﻜﺎﻧﻴﺔ في اﻟﻮﻗﺖ ذﺍﺗﻪ ﻳﺠﺐ أن ﻳﻜﻮن ﻋﻠﻰ
ﺧﻄﻮطٍ وﻫﻤﻴﺔ ﺗﺘﺠﻤﻊ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻄﺎﻗﺔ وﺳيساعدني هذا ﻛﺜﻴﺮًا".
أﻭﻣﺄت ﺟﻠﻨﺎر ﻣﻮاﻓﻘﺔً وﺃﺷﺎﺮت ﻧﺤﻮ أﻏﺪرﺍﺳﻴﻞ ﻗﺎﺋﻠﺔ: "ﻣﻬﻤﺘﻚ ﺳﺘﻜﻮن ﻋﻠﻰ أﺮض
ﺟﻮﻧﺮي، ﺳﺘﻘﻮم ﺑﻨﻘﻞ ﺳﻜﺎﻧﻬﺎ إﻟﻰ ﻫﻨﺎ، ﺣﻴﺚ اﻟﺒﻮاﺑﺔ اﻟﺨﻀﺮاء، أﻣﺎ رﻭﻣﻴﺎس وﻫﺎرﻟﻴﻚ
ﺳﻴﺘﻜﻔﻠﻮن ﺑﺄﻣﺮ ﻫﺎﻳﺒﺮ، وﻻﻓﻴﺎن وﺯﻭﻧﺪي ﺑﺄﻣﺮ ﺗﺮﻳﺒﻢ، ﻳﺠﺐ أن ﻳﻜﻮن اﻟﺴﻜﺎن ﺟﻤﻴﻌﻬﻢ
ﻣﺠﺘﻤﻌﻮن ﻓﻲ اﻟﻤﻜﺎن ذﺍﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ذﺍﺗﻪ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻧﻔﻘﺪ أﺣﺪﻫﻢ".
أﻭﻣﺄ اﻟﺨﻤﺴﺔ ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺗﻮﺗﺮﻫﻢ اﻟﺸﺪﻳﺪ من المهمات التي تم تكليفهم بها.
"ﺗﻴﻨﺮ ﺟﺎم، ﺳﺄﺣﺘﺎج ﻣﻨﻚ أن ﺗﺠﻤﻊ أﻛﺜﺮ اﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎت ﺧﻄﻮرةً ﺑﺄﻛﺒﺮ
ﻋﺪدٍ ﻣﻤﻜﻦ وﺗﺤﻀﺮﻫﻢ إﻟﻰ ﻫﻨﺎ، حيث ﻧﻘﻄﺔ ﺗﺠﻤﻌﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌًﺎ ﻣﻊ الجيش، ﺛﻮﻧﺎر وﺟﻮزﻓﻴﻦ
ﺳﺘﺘﺠﻬﺎن إﻟﻰ ﻣﺴﺎﻋﺪ اﻷﻣﻴﺮة وﺳﺘﻘﻮﻣﺎن ﺑﺈﻋﻄﺎئها وﺭﻗﺔ اﻷوﺍﻣﺮ اﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﻟﻴﻘﻮم ﺑﺎﻟﺘﻮﻗﻴﻊ
ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﺒﺎﺷﺮةً قبل أن ﺗﻈﻬﺮ اﻷﻣﻴﺮة في ﺑﺚٍ ﻣﺒﺎﺷﺮ دﻮن أي ﺗﺄﺧﺮ ﻓﻲ اﻷﻋﻤﺎل
اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ".
اﻟﺘﻔﺘﺖ ﻧﺤﻮ أﺗﺮﻳﻮس وﺃﺭﺗﻴﺎﻧﻮ "ﻛﻼﻛﻤﺎ ﺳﺘﺮاﻓﻘﺎﻧﻨﻲ إﻟﻰ اﻟﻘﺼﺮ اﻟﻌﻈﻴﻢ
وﺳﻨﺘﺤﺪث ﻣﻊ اﻷﻣﻴﺮة وﺳﻨﺤﺎﻮل وﺿﻌﻬﺎ أﻣﺎم الأمر اﻟﻮاﻗﻊ ﻟﺘﻮاﻓﻖ دﻮن أن ﺗﺴﺄل ﻋﻦ
اﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ، وﺣﻴﻨﻬﺎ...".
ﻃﺮﻗﺖ ﺑﺄﺻﺒﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﺮﻳﻄﺔ، ﺧﺎﺻﺔً اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺸﺄ اﻟﺠﺪاﺭ فيها ﺣﺎﻟﻴًﺎ
وﻗﺎﻟﺖ: "ﺳﻴﻔﻘﺪ اﻟﻨﺒﻼء ﻋﻘﻮﻟﻬﻢ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻈﻬﺮ اﻷﻣﻴﺮة ﻓﻲ ﺑﺚٍ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ
ﺗﺸﻜﺮ اﻟﻨﺒﻼء ﻋﻠﻰ إﺭﺳﺎﻟﻬﻢ اﻟﻘﻮات ﻟﻠﺤﺪوﺩ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻘﺘﺎل، ﺳﺘﺄﻣﺮ ﺑﻨﻘﻞ اﻟﻘﻮات اﻟﻤﻠﻜﻴﺔ
ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻘﺘﺎل وﺳﻨﻀﻊ اﻟﻨﺒﻼء دﺍﺧﻞ ﺻﻨﺪﻮق ﻣﻐﻠﻖ ﻻ ﻣﻔﺮ ﻣﻨﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺼﺪر الأميرة أﻣﺮًا
ملكيًا ﺑﻨﻘﻞ اﻟﺴﻜﺎن ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ذﺍﺗﻪ اﻟﺬي ﺳﺘﺼﻨﻊ ﺛﻮﻧﺎر ﻓﻴﻪ اﻟﺒﻮاﺑﺎت اﻟﺜﻼث وﺳﻨﺮﺳﻠﻬﻢ
ﺑﺄﻣﺎن، وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻨﺘﻬﻲ ﻣﻦ إﺧﻼء ﻫﺬه اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ... ﺳﺘﺒﺪأ اﻟﻤﻌﺮﻛﺔ".
رﻓﻌﺖ رﺃﺳﻬﺎ أﺧﻴﺮًا وﻧﻈﺮت ﻧﺤﻮﻫﻢ وﺗﺴﺎءﻟﺖ: "أي أسئلة؟". ﻣﻼﻣﺤﻬﻢ
اﻟﻤﺘﺠﻤﺪة أﺻﺎﺑﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘﻮﺗﺮ، وﻟﻜﻨﻬﺎ اﺑﺘﺴﻤﺖ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺧﺮج ﺻﻮت ﺟﻮزﻓﻴﻦ قائلًا ﻣﺎ ﻳﻔﻜﺮ ﺑﻪ
اﻟﺠﻤﻴﻊ: "أﻧﺖ ﻣﺠﻨﻮﻧﺔ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ! وﻫﺬا ﻳﺬﻫﻠﻨﻲ".
ﺷﺮﺪت لثوانٍ وﻫﻲ ﺗﻨﻈﺮ ﻟﻠﺨﺮﻳﻄﺔ وﻗﺎﻟﺖ ﺑﺘﻮﻋﺪ:
"ﻫﺬه ﻓﻘﻂ اﻟﺒﺪاﻳﺔ... ﻫﺬه ﻫﻲ اﻟﻀﺮﺑﺔ اﻷوﻟﻰ، وﺳﺘﺘﻮاﻟﻰ اﻟﻀﺮﺑﺎت
ﺑﻌﺪﻫﺎ، وﺑﻘﻮة".
....
ﻳﺪ ﺛﻮﻧﺎر ﻋﻠﻰ ﻛﺘﻔﻬﺎ أﻳﻘﻈﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺷﺮوﺩﻫﺎ "ﺣﺎن اﻟﻮﻗﺖ! ﺳﺘﺘﺤﺮك اﻟﺴﺎﺣﺮات،
ﻟﻴﺴﺘﻌﺪ اﻟﺠﻤﻴﻊ". أﻣﺴﻜﺖ ﺟﻠﻨﺎر ﺑﻜﺘﻒ ﺛﻮﻧﺎر وﻧﻈﺮت ﻟﻌﻴﻨﻬﺎ ﺑﺮﺟﺎءٍ ﻗﺎﺋﻠﺔ: "ﻻ
أﺭﻳﺪ ﻣﻨﻚ أن ﺗﻌﻮﺪي ﺠﺜﺔً ﻣﺠﺪدًﺍ ﻣﻬﻤﺎ ﺣﺼﻞ". اﺑﺘﺴﻤﺖ ﺛﻮﻧﺎر ﺑﺤﻤﺎﻗﺔٍ وﻗﺎﻟﺖ:
"ﺳﺄﺣﺎﻮل".
ﺗﻘﺪﻣﺖ ﺛﻮﻧﺎر وﻣﻠﻜﺔ اﻟﺴﺎﺣﺮات ﻧﺤﻮ اﻟﺴﻮر، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺻﻌﺪت ﺟﻠﻨﺎر ﻓﻮق أﺣﺪ اﻷﺣﺼﻨﺔ
وﺗﻘﺪﻣﺖ اﻟﺠﻴﺶ ﺑﺠﻮاﺭ ﻗﺎﺋﺪه اﻟﺬي رﺣﺐ ﺑﻬﺎ بحرارةٍ وﺣﻤﺎسٍ ﻗﻮي وﻛﺄﻧﻪ ﺗﻮاق ﻟﻠﻘﺘﺎل
وﺷﺎﻛﺮٌ ﻟﻬﺎ.
ﺗﻮﻗﻒ ﺣﺼﺎن أﺗﺮﻳﻮس ﻣﺠﺎوﺭًﺍ ﻟﻬﺎ ﻟﺘﻨﻈﺮ ﻧﺤﻮه ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎل: "ﻻ تقتلي
ﻧﻔﺴﻚ". اﺑﺘﺴﻤﺖ وﺃﺟﺎﺑﺖ: "اﻷﻣﺮ ﺳﻴﺎن ﻟﻚ أﻳﻀﺎ".
ﺻﻮت ﺿﺤﻜﺎت ﻳﻮﺟﻴﻦ وﺻﻠﻬﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎل: "ﺳﺘﻤﻮﺗﻮن ﺟﻤﻴﻌًﺎ وﺳﻨﺼﺒﺢ ﻧﺎﺪي
اﻷﺷﺒﺎح". ﻧﻈﺮت ﻧﺤﻮه وﻏﻤﺰت ﻗﺎﺋﻠﺔ: "ﺳﻨﺤﺘﺎج ﻟﻚ…".
اﻟﺘﻔﺘﺖ إﻟﻰ اﻟﺠﻴﺶ اﻟﻀﺨﻢ ﺧﻠﻔﻬﺎ وﺭﻓﻌﺖ ﺳﻴﻔﻬﺎ ﺻﺎرﺧﺔً ﺑﻐﻀﺐٍ وﺣﻤﺎس: "إﻣﺎ
اﻟﻨﺼﺮ أﻭ اﻟﻤﻮت!"
ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻤﻘﺎﺗﻠﻴﻦ رﻓﻌﻮا ﺳﻴﻮﻓﻬﻢ وﺻﺮﺧﻮا ﻣﻌًﺎ ﻳﺮدﺩﻮن الجملة ﻣﺮاﺭًﺍ وﺗﻜﺮاﺭًﺍ
ﻟﺘﻠﺘﻒ ﺟﻠﻨﺎر ﺑﺤﺼﺎﻧﻬﺎ وﺗﻮاﺟﻪ اﻟﺠﺪاﺭ اﻟﺬي اﻟﺘﻔﺖ اﻟﺴﺎﺣﺮات ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ ﺣﻮﻟﻪ.
ﻫﻤﺴﺖ ﻟﻨﻔﺴﻬﺎ ﺑﺈﺻﺮاﺭٍ ﻗﺎﺋﻠﺔ:
"إﻣﺎ اﻟﻨﺼﺮ أﻭ اﻟﻤﻮت"
دﻣﻰ اﻟﻤﺎرﻳﻮﻧﻴﺖ: دﻣﻰ ﻣﺴﺮﺣﻴﺔ ﻳﺘﻢ اﻟﺘﺤﻜﻢ ﺑﺤﺮﻛﺘﻬﺎ ﻋﺒﺮ ﺧﻴﻮط ﺷﻔﺎﻓﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺑﺸﺮي
ﻳﺨﻔﻲ ﻧﻔﺴﻪ وﻳﺴﻠﻂ اﻟﻀﻮء ﻋﻠﻰ ﺣﺮﻛﺎت اﻟﺪﻣﻰ.
**************************************
هالووووووووووووو
ولعت ولعت ولعت -بصوت يوجين-
جلنار خلت اللعب على الطرفين والدنيا هتولع
افتكر كمراهقة عندها 17-18 سنه وقت حطيت خطط جلنار دي كنت مبسوطه اوي ولكن في ذات الوقت مكنتش حاسه انها محبوكة
دلوقتي كبنت عندها 22-23 سنه، مبسوطه وبرضو لسه مش راضيه 😂
بس الحاجات دي صعب جدا كنت اغيرها بخطط تانيه لان هتقلب الرواية اوي فسبتها زي ما هي على قد ما أقدر
توقعت لما ارجع للروايه بعد كام سنه هقتنع
بس الحمد لله مفيش شيء بيقنعني
بالنسبه في ناس كتير بتسأل على اي خطط تانيه بعد توباز
مش عارفه هتصدقوا ولا لا
بس في وحده من المسودات رومانسي كوميدي ومش عارفه هطلع من مستنقع المعارك ده ازاي واروح اكتب روايه مغايره تمامًا
المشكله الروايه غلافها جاهز
شخصياتها جاهزه
ملفات الشخصيات نصها جاهزه والحبكه جاهزه والنهاية جاهزه
باقي بس تتكتب وهتكون قصيرة
فحقيقي الله يعينكم على الانفصام الكتابي الي بعيشه
لوف يوووو
باييي
❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️
ردحذف❤❤❤❤❤❤❤❤
ردحذف❤️❤️❤️❤️❤️❤️
ردحذف❤️❤️❤️❤️❤️
ردحذف"افتكر كمراهقة عندها 17-18 سنه وقت حطيت خطط جلنار دي كنت مبسوطه اوي ولكن في ذات الوقت مكنتش حاسه انها محبوكة
ردحذفدلوقتي كبنت عندها 22-23 سنه، مبسوطه وبرضو لسه مش راضيه 😂"
كمراهقة بنفس العمر لمن بدأت تقرا ما كان همني الحبكة كنت متحمسة متى يوجين يتعرف على زوندي ويعرف انو هو اللي مرعب حياته...
كبنت عندها 23 سنة أعترف إني أحب الحبكة حتى لو مش متقنة بالنسبة لك لكن لا زلت أفكر بنفس الشي....
يور اوكيه دير إسراء... يور اوكيه😔😔
🥺🥺🥺❤️❤️❤️
ردحذف💗💗💗💗💗💗
ردحذفارجوكي متتأخريش على الفصل اللي بعده الحماس مليون
ردحذف❤️❤️❤️❤️
ردحذفالفصل كان يجنننن و نااارر❤️🔥❤️🔥❤️🔥بس للصراحه احبطت شوي لمن شفت انه اكو كوبل ثالث بالطريق الي هو كوبل اغردسيل و ايفولا بعد كوبل جلنار و اتريوس و جوزفين و ثونار🥲🥲بالمقام الأول اني حبيت الروايه و تعلقت بيها لأنها ما تركز على الرومنسيه و انما على الخطط و المؤامرات و الحروب و الخيال و اتمنى ما تاخذ الروايه منعطف عاطفي لأن بوقتها حرفيا راح اموت قهر🥲🥲🥲قليله الروايات الي تكون ممتعه و حماسيه و كوميديه و بنفس الوقت حربيه و غير رومنسيه.....هذه الروايه الوحيده الي حبيتها بعد روايات اجاثا كريستي و اسامه المسلم و ارثر كونان دويل
ردحذفالمهم شكرا على البارت الرائع الأحداث بدأت تشتعل❤️🔥❤️🔥❤️🔥
الرواية مفيهاش تركيز ع الرومانسية حتى بين الأبطال ، هو كل شوية كدة بتحطلنا مومنتات بين الأبطال لكن التركيز الأساسي هي الحرب والقصة الخيالية ، الفصول بعد الحرب بتاع الفصل الجاي هتكون أغلبها رومانسي بس برضو في أحداث تانية معاها
حذفخطاب الأميرة كان فخم😔😔💌💌💌
ردحذفمفيش كلام يصف الحلاوه دي والله ♥️♥️♥️🥹🥹
ردحذف♥️♥️♥️♥️♥️♥️
ردحذفاتذكر اني لمن قرأتها كان عندي 18 سنه وما قدرت افهمها الا بعد ما عدتها اكتر من مره 😂😂
ردحذفSeñorita* بتتكتب كده بالاسباني ي قمر 🙊♥️
حذف😭🔥❤️❤️
ردحذف♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
ردحذفتابعت توبازيوس اول مره وانا بعمر 17 وهسه رجعت اتابعها بدون ملل أو كلل و بنفس الحماس وأكثر وانا بعمر 21 ❤️❤️
ردحذفبخصوص الحبكة حبيت لو انك غيرتي بردود أفعالهم بالفصل السابق لأن هنن من الأساس كانوا بيعرفوا كل شي ليه انخرشوا وقت اتخذت ثونار ما هم عارفين ليه اتريوس حاول يغطي ع جلنار قدام ملكة الساحرات ما هاد الهدف أساسا ليه يوجين حكى لها قلنا انا نضع خطة لا ان ترمي نفسك بفك وحش وهكذا لأن الموضوع مو منطقي وبعرف بالغالب كان مشان القراء ينصدمون بس ستل من ناحيه الاحداث مو زابطة
ردحذفأتفق
حذفغالبا لانه عشان الخطة تنجح لازم الملكة ما تحس انهم بيكذبو وعشان يعرفو يمثلو كويس اتصرفو على الاساس دة
حذفحماااااااس
ردحذفيووه جلنار ذكييية كيف قدرت تتوقع كل حركاتهم، بالفعل! كانو كالدمى بين يديها.
ردحذفلكن ما حدا ركز مع كلام ملك الإيربيوس ؟
ردحذفحساه هيطلع قريب جلنار او باباها او ايكن 😂😂🙈
حذفمتحمسين انو نشوفك كاتبه مشهوره جدا وعادي كلشي بتكتبيه بيطلع دمار من أيدك 🫀🫀
ردحذفمتحمسين انو نشوفك كاتبه مشهوره جدا وعادي كلشي بتكتبيه بيطلع دمار من أيدك 🫀🫀
ردحذفهذه المعركة راح تكون بداية الحرب الحقيقة ..وتثبت ان جلنار ابنة التوبازيوس وقائدة الفرسان ...بنظري حبكة المعركة والخطة مثالية جدا 👍👍👍👍
ردحذفحاسه اخو الاميرة هو الي هيطلع أي
ردحذفلا بيكون الابن الأصغر لألفن
حذفأنا من أشد المتابعين للرواية يعني من أيام ما كانت تنزل بالواتباد وأحبك وأحب الأجواء تبع الرواية
حذفبس عندي ملاحظة ياريت تنقصي من اللعن بالرواية حتى ولو رواية أو مش حقيقي بس اللعن في الإسلام شيء عظيم الملعون يوم القيامة ما يُشفع له
فعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن العبد إذا لعن شيئا صعدت اللعنة إلى السماء، فتغلق أبواب السماء دونها، ثم تهبط إلى الأرض فتُغلق أبوابُها دونها، ثم تأخذ يمينا وشمالا، فإذا لم تجد مساغاً رجعت إلى الذي لعن فإن كان لذلك أهلاً، وإلا رجعت إلى قائلها) رواه أبو داود
أبي الدَّرْداء رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إِنَّ اللَّعَّانِينَ لا يَكُونُونَ شُهَدَاءَ وَلا شُفَعَاءَ يَوْمَ الْقِيَامة) رواه مسلم.
وكثيييير من الأحاديث التي تدل على عدم اللعن حتى للحيوان أو اي شيء واللعن هو الطرد من رحمة الله وهذه صفة يختص بها الله تعالى وحده دون سواه من الخلق ❤
صح + ياريت كانت تغير ف قصة رومياس موضوع سيدة القمر دي عشان حرام
حذفاسراء ذكية جداً ما شاء الله كلما اقرة الرواية اندهش من التفاصيل والمعلومات والترابط ذكائها يجنن تبارك الرحمن
ردحذفبصو انا اسألكم اذا فيه خاصية تنبيه او اشعارات للتحديثات وكذا
ردحذف♥️♥️♥️♥️
ردحذفART
ردحذفجلنار ذكائها جبااار😭💖💖
ردحذفالفصل عبارة عن ( قنبلة نووية ) 😂😂🤣😂
ردحذففعلا ولعت!!!!! الفصل كتم انفاسيييي بشكل مرهب ما عندي اي تعليق او كلمه غير اني متحمسه مره! وخطه جلنار ابهرتني ابدا ما توقعت ان امساك ثوناريي كان مخطط له كمان!! فعلا مجنونه على قوله الفرسان هههههههههه
ردحذفسؤال اركان منو الي كان يغار منه كارلوس حرفيا راح اتخبل من ورا؟؟؟
ردحذف