الفصل الثامن والخمسون | صبي القش المحترق


 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إفصاح: "اللهم ارحم من اخذهم الموت قبل اكتمال احلامهم".

إفصاح آخر "هل تدرك ما معنى أن لا يكون للإنسان مكان يذهب إليه؟". الجريمة والعقاب


ملاحظه: الفصل هدية عيد ميلاد خاصه لاجمل بنوته آمال، كل عام وانتي بالف خير ♥️♥️

****************************************

الفصل الثامن والخمسون


هناك خطب ما في هذا القصر بأكمله، العائلة كلها نوعًا ما.. توقف لثوانٍ وحرك أصبعه السبابه في دوائر بجوار رأسه. كانت جلنار تستمع لثرثرة يوجين بهدوء بينما تتناول صحن الحساء الساخن أمامها.

أنا حقًا جاد، هذه العائلة ليست طبيعية، الملكة تعيش في عالم الأحلام وملكٌ يشبه شريرًا كرتونيًا إلى حد يدفعك للتساؤل: أتبصق في وجهه أولًا أم تزدريه؟. كادت جلنار تختنق بطعامها بعد جملته الاخيرة لكنها تماسكت وأخمدت الموقف بسعلة صغيرة متصنَّعة.

ألقت نظرة سريعة على وجوه الجالسين وكان بإمكانها الشعور بالجو المشحون والغريب بسهولة لذلك نظفت حلقها قائلة: ألن تنضم واندر للتناول الطعام معنا؟ بدا زوندي سعيدًا جدًا بكسر أحدهم للصمت وأجاب على الفور لقد أتجهت لأحد أجنحه الضيوف للراحة قبل أن نتجه لاجتماعنا، سيصلها الطعام لغرفتها ما إن تستيقظ.

أومأت جلنار متفهمة قبل أن يعود الصمت مجددًا ليسود الأرجاء يتخلله أصوات اصطدام الملاعق بالصحون الزجاجية.

أممم رفاق!. التفت الموجودون نحو زوندي الذي وضع معلقته جانبًا وقال ببعض القلق ألا يبدو وكأن جوزفين قد استغرق وقتًا طويلًا؟ أتظنون أن كل شيء بخير؟ حدق بردود أفعالهم قبل أن يردف: ثونار كذلك لم تظـ.. اختنق بكلماته عندما لاحظ عبوس أوكتيفيان فجأء وانحناء المعلقة في يده لقوة قبضته عليها ليتمتم انسوا الأمر.

تنهدت جلنار وحاولت الابتسام قائلة: لا بأس كلاهما ناضجان، سيعودا عندما يريدان.

ناضجا مؤخرتي.

اتسعت عينها محلقة نحو أوكتيفيان الذي تمتم جملته قبل أن يستمر في تناول طعامه بمعلقته ذات الانعواج بينما صدحت ضحكات يوجين تغطي على أصوات اصطدام الملاعق بالصحون الخزفية.

أتريدين المراهنه؟ ارتفع رأسها نحو أتريوس الذي رسم ابتسامة جانبية وأجاب على سؤالها دون الحاجة للنظر لوجهها لنتراهن من سيعود على قيد الحياة، جوزفين أم والده أراحت ظهرها على المقعد محدقة بابتسامتة الباردة ونظراته اللامبالية أتمازحنني؟ سألت ببعض السخرية ليرفع كتفيه مجيبًا: لا ضرر من بعض المتعة!.

أيمكنني المشاركة؟.

التفتت بسرعة كادت تنزع رقبتها من مكانها نحو صاحب الجملة صائحة باستنكار: زوندي! حك رقبته ببعض الإحراج ودافع عن نفسه بسرعة بالطبع لن يحدث شيء بينهما، كانت مزحة لتمرير الوقت تنهيدة متعبة انسلت من بين شفتيها وتركت الأمر يمضي بالرغم من عدم تصديقها لكلمة واحدة.

أريد الذهاب وتفقد ما سيحدث تمتم يوجين محدقًا بباب قاعة الطعام ولكن جلنار رمته بإحدى نظراتها الحادة والتي أصبح خبيرًا في قراءتها منذ وقت طويل مـــاذا! الفضول يقتلني.

لقد كان يقتل جلنار أيضًا، لن تكذب، ولكنها لاتزال مؤمنة أن محاولة معرفتها لكل شيء لهو نوع من أنواع اقتحام خصوصية الآخرين، فالمرات القليلة التي حظيت فيها  بمحادثة جادة مع جوزفين كانت دليل قوي على تقديسه لخصوصية حياته، الرجل يتعامل بشخصية مختلفة كاملة حتى لا ينخرط في محادثة خاصة عن حياته الشخصية.

لذلك ورغم رغبتها الضخمة في التدخل ومحاولة مساعدته، فمن الواضح أن شخصية والده ليست بسهلة إلا أنها منعت نفسها من التدخل، فأحينًا ما نظنه فعلًا بدافع المساعدة قد يكون أذية غير مقصودة.

وعلى ذكر التدخل، ربما قامت بتهدئة أوكتيفيان ولكن أين بحق الإله اختفت ثونار، ما كان يخيف جلنار إدراكها أن هذا الاختفاء لا يأتي وراءه سوى مصيبة.

ما هي خطتنا التالية انتشلها صوت أوكتيفيان من بين أفكارها وكان بإمكانه ملاحظة تنهيدة راحة من زوندي الذي يوتره الصمت كثيرًا.

أرى أن أمورنا هنا تمت، بقي فقط أمر واحد أومأ أوكتيفيان متفق قبل أن يردد معها الأسم قائلًا: آرنالدو هيلبارت.

وعلى الرغم من توتره وقلقه الواضح كانت جلنار قادرة على ملاحظة التماع عين زوندي كلما ذكرت الأمر.

إذًا، أنتوجه جميعًا لإيجاده؟ أم ننقسم؟ سألت أوكتيفيان الذي استرخى في مقعده، صمت لثوانٍ وقد أخذ يفكر قبل أن يجيب: فكرت في الذهاب وترك جوزفين ينهي أموره هنا فشيء ما يخبرني أننا نقتحم حياته ارتفع حاجبها استغرابًا لتشابه أفكارهما.

لكن في الوقت ذاته فكرة الانقسام تؤرقني خاصة بعد حادثة البوابة في قصر أركستوراي، أظن أنه من الأفضل أن تحرك الجميع معـ.. قاطع حديثه صوت دوي انفجار قوي في أنحاء القصر فجأة مسببًا اهتزاز زواياه.

تبادل الجميع النظرات بارتباك قبل أن تنسل كلمة تبًا من بين أفواههم، لينهضوا متجهين لمصدر الصوت بسرعة عادا أتريوس الذي ظل في مقعدة يتناول طعامه مع ابتسامة جانبية قبل أن يتمتم يبدو أن لا أحد سيعود حيًا.

-قبل ساعة واحدة-

كان الخدم ينسحبون بسرعة مرعبة من أمام وجه جوزفين الذي كان صدى وقع خطواته في الرواق اشارة واضحة لمدى غضبه، هذا بالطبع إن لم  تكن تعبير وجهه الساخطة واضحة كوضوح الشمس، فقد بدت عينيه تشتعل غضبًا وكأن فتيلًا على وشك الإحتراق بالكامل تاركًا خلفه انفجارًا.

سمو الامير لا يمـ.. تجاهل بالكامل صوت خادم جناح والده الخاص الذي حاول منعه من الدخول وأخذ يسير بخطى ثابته داخل أكثر مكان كره التواجد فيه منذ أن كان طفلًا.

رامـــــــيــــــــــوس أورال.

صدح صوته في المكان صارخًا بغضب مما لفت أنظار الحرس نحوه سمو الأمير أرجوك توقف. هرول أحد الخدم  بسرعة وحاول الوقوف في وجه جوزفين ولكن الأخير تجاهله متخطيًا جسده.

رامــــيــــــــوس!.

أخذ صوت يتردد بصوت أعلى وأعلى، ونبرته تزداد غضبًا وقد بدأ القلة الموجودة في الجناح تسترق الانظار بفضول ممزوج بخوف من تصادمهما، فلا يتذكر أحدهم أن تصادم الملك بإبنه نتج عنه خيرًا يومًا؟

سمو الأمير، اتمنى منك التوقف هنا، لا يمكنني السماح لك بالتقدم أكثر من هذا، حتى وإن كنت ولي العهد فهذا تعدي على أمن جلالتـ.. لم يكن جوزفين في المزاج الذي يسمح له بالاستماع بتراهات الأمن الرسمية فقد ضرب بها جميعًا عرض الحائط ممسكًا بمقدمة قميص رئيس الخدم إلياروس دافعًا جسده الهزيل بقوة نحو الجدار.

حدق جوزفين بغضب لا يظن إلياروس أنه رآه في عينين سيده من قبل، قبضته كانت تضيق أكثر حول عنق قميص إلياروس وقال بينما يجز على اسنانه أين هو؟.

بصمت ظل إلياروس يحدق بعيني جوزفين يشعر للمرة الأولى أنه على شفى فقدان رقبته، وعلى الرغم من عدم شعوره بالخوف إطلاقًا لكنه شعر بشيء آخر تمامًا، شيء من الأسى على الصبي الذي شاهده منذ نعوم أظافره يبتلع جنون هذه العائلة حتى ظن أن جوزفين ليس بشخصٍ طبيعي فمن يمكنه تحمل كل هذا دون الإنحراف أو الإنفجار مره؟

ولكنه على شفير ذلك، صمت إلياروس لم يكن خوفُا على جوزفين من والده، بل لأول مرة شعر بالعكس!

إليـــاروس صرخ جوزفين يكاد يفقد عقله وقد سحب جسد الخادم ودفعه بشكل أقوى نحو الجدار.

يد إلياروس ارتفعت بهدوء لم يلاحظه جوزفين مشيرة للحرس من خلفه ليوقفهم عن التقدم.

إنه في مكتبه سمو الأمير، الجزء الشرقي من الجناح.

هذا كل ما كان جوزفين في حاجته ليفلت جسد رئيس الخدم ويتحرك بسرعه حيث مكتب والده وقد ظلت أعين الخادم المتكئ على الجدار تتبع ظهره.

 ربما عليه ترك الفتى يحرق المدينة ليشعر بالدفئ أخيرًا!

جوزفين ما الذ.. تجاهل رئيسة الحرس دايلن ودفع باب مكتب أورال حتى كاد يخلعه من مكانه  قبل أن يصفعه مغلقًا الباب وراءه.

دخلت دايلن فورًا وهي على يقين أن القرار الصائب في هذه اللحظة هو عدم ترك هذين الاثنين وحدهم لكن لم يترك جوزفين لها فرصة وقد ألقى أمره بكل وضوح اخرجي دايلن. ابتلعت ريقها، والتوتر يثقل أنفاسها، بينما عيناها تحلّقان في الفراغ الممتد بين الباب والمكتب.

خلال الإضاءه الخافتة جلس أورال خلف مكتبه ودون الحاجة لرفع عينه عن الأوراق بين يديه أشار لدايلن بهدوء كأمر صامت بالخروج من المكان وهو ما أمتثلت له بلا نقاش ولكن بقلب يرتجف خوفًا فلا تتذكر أنها شهدت جوزفين بهذا الغضب من قبل.

تقدم جوزفين بضعة خطوات مقلصًا المسافة الكبيرة بينه وبين المكتب الخشبي قبل أن يكسر صوته الغاضب الصمت في المكان قائلًا: ماذا تظن نفسك فاعلًا بحق الإله أورال؟. ودون أي حاجة حتى لنظر لجوزفين، قلب أورال الورق بين يديه بهدوء مجيبًا: أظن أن علي أنا سؤالك ذات السؤال.

كم من الدناءة قد تصل نفسك؟ انت تعلم جيدًا من هم النبلاء، تعلم حق المعرفة ما قد يفعلوه ما إن يتمكنوا من قوة ققوة السلطة الملكية، لقد جلست على ذات الطاولة مع أشخاص على أتم الاستعداد لتخلص من الفرسان جميعًا، بما فيهم أنا!.

تقدم خطوتين قبل أن بيصق كلماته بسخرية : لن أستخدم ضدك ورقة الأبن والأب فأنت أسوأ العارفين بها ولكنني فارس مملكتك اللعينة التي تعتز كثيرًا بحمايتها، كيف فكرت حتى في وضع يدك بيد وضعاء كهؤلاء؟.

بلا مبالة وضع أورال أوراق عمله جانبًا ورفع عينيه بكسل نحو جوزفين قائلًا: توقف عن المبالغة، لم أقم بأي اتفاق معهم، ألم أعطي كلمتي بالثقة أمام عينيك لصديقتك البشرية!. لم يتمكن جوزفين في تمالك نفسه في هذه اللحظة وانفجر في الضحك الذي بدأ يضغط على هدوء أورال.

كلمتك؟ أنت؟ من تظنني حبًا في الله؟ أغيابي الطويل عن القصر أنساك مع من تحدث ومن تخدع؟ كِلنا يعلم جيدًا أن كلمتك الوحيدة تصب في مصلحتك الشخصية وحسب أورال، ربما أسكت الفرسان لفترة لكن في اللحظة التي تتأكد فيها أن مصلحتك تصب في مكان آخر.. أسقط تعبيره الساخر واعتلى اشمئزاز مرعب وجهه مردفًا ستحرق الجميع بمن فيهم أنا أورال.

ظل يحدق أورال به دون محاولة الدفاع عن نفسه، لم يكن حتى على استعداد لإنكار الأمر لذلك أراح ظهره على كرسية وقال بكل ثقة: وما الخطأ في ذلك؟ لن يتردد أي ملكٍ لحظة في أخذ قرار يحمي به شعبه لأجل عواطف شاب أحمق.

ارتفع حاجب جوزفين وبصق بنبرة لاذعة: شعبك؟ تقدم خطوة أخرى معيدًا بصوت أعلى شعـــبـك؟ أتمكنت من حماية عائلتك أولًا قبل أن تتحدث عن شعبك؟ لم تهتز عضلة في وجه أورال بينما يستمع للغضب يعلوا ويشتعل داخل أبنه لأول مره منذ وقت طويل.

لم تكون سوى آلة دمار لهذا القصر، أي شعب قد تهتم به وأنت من أحرقت هذه العائلة بأنانيتك؟ ارتفع حاجبا أورال قبل أن يقول ببرود: هل قضائك الوقت مع مجموعة الفشلة تلك أنستك من أنت؟ العائلة المالكة لها وظيفة واحدة فقط وهي خدمة هذا القصر، خدمة ملك هذه المملكة وهو ما فشلت فيه هذه العائلة، ما أنت ووالدتك إلا فشل تام.

أنظروا من يتحدث عن الفشل؟ أكنت أنا من دمر زوجته حتى أصبحت تعيش على العقاقير والأدوية ليلًا ونهارًا؟ أم أنا من فشل في الأبوة منذ اليوم الأول الذي رفض فيه حمل مولوده الأول؟ أم أنا من فشل كملك عندما ألقيت بلوم كل قراراتي الغبية والأنانية على كاهل وزراء ومستشاري هذه المملكة وألقيت بهم في السجون حتى هذا اليوم؟ ..

أغـــلــق فمـــك اللـــعين.

صراخ أورال زلزل المكان وقد ضربت قبضته سطح المكتب بقوة بينما نهض من فوق كرسيه أتظن نفسك مهمًا لأنك فارس الآن؟ لا تنسَ من تكون أيها الأهوج اللعين، لا تنسَ أي عار أنت؟ لا تنسَ مكانتك في هذا القصر وإياك ثم إياك أن تنسَ من قام بالتغطية على فعلتك القذرة أيها القاتل.

أشار بإصبعه نحو جوزفين الذي بدأ جسده في الارتجاف غضبًا وتابع بكراهية : أتظن أن لك الحق في الوقوف هنا ومحاضرتي في الأخلاق؟ أنت من قتل أخاه حبًا في السلطة؟ ايها الجاحد القذر، كان علي جرك لمنصة       اللإعدام بيدي هاتين منذ أن كنت غلامًا ضعيفًا.

توقف، تــوقـف، تـــــــوقـــــف ومع كل كلمة هتف بها بإشمئزاز كان يقترب أكثر لاورال حتى أصبح يقف أمامه وجهًا لوجه لا يحيل بينهما سوى مكتب خشبي وأردف محدقًا بعينين خصيمه بكل جراءة توقف عن الكذب على نفسك بحق الإله! أنت تجعلني أشمئز في كل مرة، أتظنني مغفلًا؟ ربما أتظاهر بالحمق ولكنني لست بأحمق أيها الملك العادل بصق آخر كلمتين وقد ارتفعت زاويه شفتيه قبل أن يرتفع صوته مع كل كلمة حتى صار يصرخ في وجه أورال وقبضته تضرب المكتب قائلًا: ألم تنتهِ مسرحية الحزن على أيّدين تلك بعد؟ أتظنها انطلت على أحد؟ كل ما كنت تفعله طيلة هذه السنوات هو صب جام الغضب والذنب والاشمئزاز الذي تشعر به ضد نفسك علي أنا.

في هذه اللحظة بدأ الغضب ينال نصيبه بشدة من أورال الذي أمسك بطرف المكتب القابع بيهما وألقى به لنهاية الغرفة قبل أن ترتفع قبضته مصيبة وجه جوزفين الذي تراجع لخطوات جراء تلك الضربه.

لم يكد يوازن جسده حتى التقطت كف أورال رقبته ودفعه بعنف نحو الجدار يكاد يكسر عنقه ألم اعلمك منذ الصغر أن تراقب فمك القذر؟ كيف تجرؤ على اتهامي أنا؟ لقد كان أيّدين ابني البكر، الأحق بالعرش والمُلك، لقد عشت أيامك متغذيًا على الغيرة منه أيها اللعين، وتظن أن لك حق التشكيك في حزني على وريثي.

حدق أورال في وجه جوزفين الذي حال للون أحمر قبل أن ينظر لعينيه الدامية ولكنها كانت ترمقه بنظرات لا روح فيها، ولوهله شعر أورال أنه حتى وإن حاول قتل جوزفين هنا فالأخير لن يهتم لدقيقة.

يالك من أب! مازلت تفضل الكذب أورال، أن كنت أبًا جيدًا بهذا الشكل أيمكنك حتى إخباري بمكن أكون؟ سأله جوزفين بصوت مختنق، مشوَّه بالبحّة التي أورثته إياها كف أورال، فشوشه ذلك لوهلة وعقد حاجبيه.

وخلال ثانية، وما إن طرفت عينه حتى أجفل جسده.

ارتعشت يده وخفت قوة قبضته بينما يحدق بعدستي جوزفين الزرقاء الصافية. مسحت عينه بارتباك وجه جوزفين الذي قد يبدو في الوهلة الأولى لأي أحد أن لا أختلاف فيه سوى لون عدستيه ولكن وحدهم الوالدين بإمكانهم التفرقه، يمكنهم التفرقة جيدًا بين ملامح أطفالهم حتى وإن كانوا متشابهين..

وتلك لم تكن ملامح وجه جوزفين!!

حتى وإن اشتد الشبه بين الأخوين، كانت هناك تلك الفروق الصغيرة، الفروق التي كان يإمكان أورال تميزها جيدًا.

ماذا حدث لك أيها الأب المثالي؟ ألم تكن تتبجح بحبك منذ لحظات؟ يد أورال حررت رقبة الشاب الواقف أمامه بينما أخذت خطواته تبتعد بارتباك عنه ليتقدم الآخر بثبات قائلًا: أخبرني الآن؟ من أنا بحق الإله؟ مع من أمضيت بقية حياتك وعلى من صببت جام كراهيتك طيلة هذه الفترة؟

تقدم خطوة أخرى مسببًا تراجع اورال مجددًا أكنت تكره جوزفين طيلة هذه المدة؟.. تقدم خطوة أخرى وعينيه تحدق بروح أورال أم تكره بكرك ووريثك أيديّن؟. ارتجفت شفتي أورال وخرج صوته مرتعشًا أوقف هذا الجنون الآن جوزفين.

أكان جوزفين ليعلم بفعلتك؟ تراجع أورال للخلف فورًا، بينما يعلوا صوته أكثر أكان ليعلم ما فعلته بي أورال؟  تقدم أكثر وصوته يضرب جدران المكان أكان ليعرف بروح من أردت التضحية أيها الأناني اللعين؟.

اتسعت أعين أورال حتى كادت تخرج من محجريهما وكانت تلك المرة الأولى التي يشعر فيها بهذا الفزع أمام أبنه. تراجع بخطوات أوسع وعينه لم تغادر وجه أبنه الذي لم يعد يعرف من هو بالضبط. يده أخذت ترتجف بخوف بينما تبحث خلفه عن حامل سيفه على الجدار.

من أنت بحق خالق الجحيم؟ صاح قبل أن تلتقط يده سيفه لخرجه من غدمه بسرعة ولم يتردد للحظة قبل أن يضع نصل سيفه حائلًا بينه وبين إبنه الواقف أمامه.

حدق أورال بحد السيف الذي يكاد يلامس عنق جوزفين قبل أن يحدق في تقاسيم وجهه، لم يعد يعرف من يقف أمامه وشعر بعقله على حافة الجنون. ولوهلة وكأن كلا ولديه واقفا أمامه يحدقان بروحه وقد انقسم وجه ولده لقسمين، أحدهما يحمل لون عين جوزفين الرماديه وتعبيره المعتادة والآخر يحدق به بأعين زرقاء غاضبه وتقاسيم وجه أيديّن الذي فقده منذ وقت طويل.

كلاهما وقفا أمامه يحسبانه في هذه اللحظة على جميع أخطاءه.

إن لم توقف هذه المسرحية الآن، أقسم أني لأنحر عنقك هنا والآن زمجر من بين أسنانه ولكن جسده أجفل ما إن التقطت يد أبنه نصل السيف قابضًا عليه بقوة ليسحبه نحو عنقه بلا خوف.

ما الذي يوقفك؟ لقد حاولت فعلها من قبل! هيا، ليس وكأنه عالم يستحق العيش فيه  اللامبالة في صوته كانت ترسل رعشة غير محببة خلال كل عظام أورال بينما يحدق بالدماء التي بدأت تقطر على أرضية المكتب.

سحب السيف بقوة أكبر مسببًا جرحًا أعمق في يده وصاح في وجه أورال أقدم على قتلي أيها اللعين، أم تريد الحفاظ على هذه الروح حتى تتمكن هذه المرة بمقايضتها بشكل صحيح؟ هز أورال رأسه بنكران وتلعثم في كلماته لم .. لم أفعل، أنا... هذا غير صحيح أيّدين بلل شفتيه الجافتين واللتا لم تتوقفا عن الارتجاف أنا لم أفعلها، لم أكن لأفعلها.

ارتفع حاجبا جوزفين قائلًا: لم تكن لتفعلها؟ أم لم تمتلك الجراءة الكفاية؟ ظل يحرك رأسه نافيًا قبل أن يصرخ في وجه جوزفين أيها اللعين، هذا يكـــفــي، أوقــف ما تفعله وفي لحظة تملك جسده كله الغضب وسحب سيفه بقوة من بين كف جوزفين ورفعه في استعداد لدق عنقه.

تــــــوقـــــف راميـــوس.

تزامنًا مع اقتحام صراخها المكتب، اندفع جسد الملكة حائلًا بين أورال وجوزفين وقد ألقت جسدها بالكامل بلا تردد فوق جسد أورال تمنعه من التلويح بسيفه.

لا تقتل ولدي راميوس، لا تأخذه مني صرخت منتحبه وقد تعلقت بكل قوتها وجسدها الهزيل بذراعه وفي هذه اللحظة بدأ أورال يستعيد رابطة جأشه وعاد شعوره بالسخط والغضب بشكل أكبر قبل أن يرفع يده الحره ويصفع بها وجه زوجته ليرتمي جسدها الضعيف أرضًا.

هل أصابكم الجنون جميعًا صرخ بغضب ولكن عادت الملكة بسرعة غير آبهة بشفتيها الدامية وتعلقت بكل قوة تملكها بذراعه الممسكة بالسيف تحاول انتزاعه هذا يكفي، لقد آذيته بما فيه الكفايـ.. قُطِعت كلماتها بصفعة ثانية أقوى من سابقتها تاركة كدمة سيئة على وجنتها.

ألقى أورال بسيفه بعيدًا وسحب زوجته من شعرها صارخًا في وجهها لتتوقف قبل أن يلقي جسدها بعيدًا.

وفي هذه اللحظة شعر جوزفين بكل ذرة في جسده تشتعل وقد أيقظه من شروده صوت ارتطام جسد والدته بالأرضية وقبل أن يدرك ما يفعله اندفع جسده بكل قوة نحو أورال ليلكم وجهه لأول مرة في حياته.

ومع التحام قبضته بوجه أورال شعر بالألم يحطم مفاصله لقوة ضربته ومع ذلك لم يهتم لثواني واندفع ممسكًا بعنق أورال يدفعه نحو الجدار ليشعر الأخير بعظام ظهره تكاد تتحطم لشدة دفع جوزفين لجسده.

إياك ولمسها أيها الوغد، لقد قطعت وعدًا بإسمك الملكي ألا تمسها بسوء مجددًا أيها اللعين بدأ صوته يختفي لشدة صراخه وفي هذه الثانية شعر أنه على بعد ثانية من قتل والده دون أي ذرة ندم أو تردد.

امتدت يد أورال ممسكة بذراع جوزفين يحاول تخليص نفسه من القبضة المحكمة حول عنقه والتي تستنزف الهواء من رئتيه ولكن كل جهوده كانت ضائعة..

وفي تلك الثانية بين الوعي واللاوعي، اللحظة التي يظن فيها الشخص أنه هالك لا محالة، كان يحدق بأعين دامعه بنتيجة حياته..

زوجة هزيلة متعبة ملقاة على أرضية مكتبه تحدق في مشهد موته بكل مشاعر الكراهية والتشفي، وابن أسودت تعابير وجهه لشدة غضبه وحقده المتراكم على والده، أبن لم يظهر في عينينه اي نظرات تردد في إزهاق روحه..

كانت تلك العينين الرمادية تحدق به بكل رجاء منذ أن كان طفلًا، في كل مرة كان يحبسه فيها في مكتبه أو غرفته وينهال عليه ضربًا، كانت هذه العينين تحدق به بكل رجاء وعجز حتى اختفت منها الحياة في أحد الأيام ولم يعد الأذى الجسدي يؤثر فيهما.

والآن!

لأول مرة منذ وقت طويل يرى في عيني ابنه المشاعر من جديد، لكنها مشاعر ملأتها رغبة الانتقام.

ارتجفت جفون عينيه الدامعيتن وقد تلونت حدقتهما بخطوط حمراء متشابكه، انفرجت شفتيه في محاولة لإدخال الهواء لرئتيه وتحول وجهه المتعرق للون أزرق، أخذت حدقتيه ترتجفان بجنون وقد تشتت نظره، وقبل أن تنغلق جفونه بالكامل صوت تحطم الباب أعاد وعيه لثوانٍ.

اقتحم عشرات الجنود المكان برفقة دايلن التي صرخت في جوزفين على الفور حرر جلالته فورًا سموك... أرجوك اندفع جسدها بسرعة نحو جوزفين قبل أن تتمسك به وتدفعه بأقصى ما تملك لنهاية الغرفة.

أنسلت سيوف الجنود جميعها واتجهت أنصالها نحو جسد جوزفين الذي كاد يختل توازنه ولكنه تمالك نفسه.

حدق بجسد أورال الذي انحنى وقد أخذ يسعل بشكل جنوني متمسكًا بعنقه يشعر وكأن روحه اندفعت بشدة نحو جسده من جديد.

لم يكن هذا كافيًا!

لازالت الكراهية تملأه.

لازالت رغبة قتل أروال تجري بجنون داخل رأسه وخلال أوردته.

ربما إن سحب أحد سيوف هؤلاء الجنود سيتمكن في لحظة من قطع عنقه.

عدستيه حدقت بغل وحقد قويين بجسد أورال، كان صوت أفكاره عاليًا يغطي على كل ما حوله، حتى توسلات دايلن المستمرة له راجية توقفه، حتى لا تقدم على فعله تندم عليها، بدت بعيدة جدًا عنه وغير مسموعة.

أخذ صدره يعلو ويهبط بشدة قبل أن يعدل وقفته في نية العودة وإنهاء ما بدأه مما دفع الحرس للتوتر، تقدم أحدهم واقفًا في وجه جوزفين وقال: سموك، أرجو أن ترافقنا خار.. لم يكد يكمل جملته حتى حلق جسده خلال المكان بعد أن لكم جوزفين وجهه بلا تردد.

وفي سرعة تكاد تكوت محلوظة التم الحرس حوله وقد رفع كل واحد منهم سيفه في نية الدفاع عن الملك متجاهلين صرخة دايلن بهم ليتوقفوا.

وقبل أن يلمس أول نصلًا عنق جوزفين، اندفعت أجسادهم دفعة واحدة خلال الغرفة ليرتطم كل واحد منهم بجدار خلّفه صوت أنفجار قوي هز أرجاء القصر.

إن تجرأ أحدكم على المساس به، سأحرص على تخليص جسده من روحه بنفسي.

صوتها القوي زلزل المكان وفي اللحظة التي اندفع جسد دايلن نحوها بتلقائية لحماية سيدها توقفت!

وكأن شللًا أصابها!

قبضتها، التي لم تسقط السيف يومًا ولو خطأً، ضعفت قبل أن يرتطم سيفها بالأرض. ارتفع رأسها نحو السقف، ووقعت على ركبتيها بينما ظل ثغرها مفتوحًا كمن فقدت وعيها، وظلت عينها الجاحظة تحدق بالسقف بمقلتين بيضاوين كأنهما مصابيح صغيرة.

بحذر، حدق أروال بجميع حرسه في المكان. اتخذ كل واحد منهم ذات الوضعية، واقعًا على ركبتيه، وقد فُغرت أفواههم واتسعت أعينهم محدقة بالسقف، فاقدين الوعي تمامًا.

وخلال الأرضية الرخامية، كان بإمكانه بوضوح رؤية جميع خطوط الضوء التي توزعت في مكتبه نحو جسد كل واحد منهم، وكلها متجذرة من مكان واحد.

كانت جميعها تجتمع أسفل قدمي الساحرة الصهباء، التي أثبتت في كل مرة أنها أخطر من مواجهة الموت على يد إبنه، بل وأسوأ.

الإله وحده يعلم كم تحملت فكرة بقاءك على قيد الحياة حتى هذه اللحظة بصقت ثونار بإشئمزاز وهي تتقدم نحوه. رفعت كف يدها نحو وجهه وقد بدأت تلتف حول أصابعها شرارات صغيرة تنم عن نيتها في قتله مرة واحدة وللأبد.

فقط قلها، ولن أتردد ثانيه في فعلها.

هذه المرة كانت جملتها موجهة نحو جوزفين الذي بدوره ظل واقفًا في مكانه وقد أعاده صوت الإنفجار الذي سببته ثونار لرشده.

دارت عينه في المكان يحاول إدراك ما يحدث حوله قبل أن تقع على والدته التي مازالت ملقاة فوق الأرضية تحدق بأعين جاحظة بحالة الجنود من حولها قبل أن تلتقي عينها بجوزفين مما دفع تعبير وجهها للاسترخاء ما إن تأكدت أنه بخير.

ظل لثوانٍ يتأمل منظر أورال، واقفًا بلا حيلة وجميع جنوده مسلوبوا الإرادة، ملتصقًا بالجدار ولم يتجرأ على إبعاد أنظاره عن يد ثونار التي بإمكانها شيه في دقيقة.

شيء ما في عجز وخوف أورال كان يشفي جزءًا من روحه، ولم يعلم أنها أرادت الانتقام لهذا الحد.

كان هذا نفس الجزء الذي يصرخ داخل عقله بجنون، يأمره بأن يترك ثونار لتتخلص من شخص كآورال.

لم يشعر بذرة حزن؛ فهو على يقين من ذلك، إذ لم يَكنُ لهذا الرجل أي مشاعر جيدة، ولا حتى قريبة من مشاعر الأبوة.

لكنه تماسك، كما يفعل دائمًا.

أغلق عينه لثوانٍ وأخذ نفسًا عميقًا واتجه نحو ثونار. هبطت كف يده فوق كتفها وقال بثبات وعينيه تحدق بأورال بلا أي تأثر لا يستحق الفوضى التي ستحدث بعد موته. انقبض فك ثونار بقوة وبدت غير راضية عن قراره بحق الله جوزفين أنـ.. قاطعها وقد ضغطت يده بخفة على كتفها صدقيني أريد ذلك، لكنني لن أسمح له بإفساد حال الفرسان، ووضع جلنار في مشاكل أسوأ مما قد تتحمل كقائدة.

التفت نحوه بعصبية وقد انفلت لسانها قائلة: يمكنني محو أي أثر لوجو... وفي اللحظة الأخيرة ابتلعت كلماتها وكأنها أدركت ما كادت تتفوه به. حدقت بجوزفين لثوانٍ وكأنها تمنحه فرصة أخيرة وفي النهاية تنهدت وابعد كف

يدها بعيدًا عن وجهه.

كاد أروال يلتقط أنفاسه لثوانٍ لكن جوزفين باغته وقد جذب مقدمة قميصه قابضًا عليها بقوة وجذب جسد أورال نحوه حتى كادت انشات قليلة تفصل بينهما وقال من بين أسنانه:

صدقني.. لم أتركك تعيش اليوم حبًا فيك، حتى الشفقة لا يستحقها شخصًا مثلك، لبقائك حيًا ثمن أورال.. بميثاق الدم الملكي ستعطني كلمتك الآن بعدم التعرض نهائيًا لوالدتي، وستقسم بولائك التام لقائدة الفرسان جلنار روسيل.. حدق بعينيه باشمئزاز قبل أن يضيف هل فهمت؟.

لثوانٍ حدق أورال بأعين جوزفين الرمادية التي أُنتزعت منها كل معاني الرحمة وكأنه يعامل عدوًا لدودًا لا أبًا، ثم سافرت نظرته نحو ثونار التي وقفت ترمقه بلا أي مشاعر سوى رغبة واضحة وصريحة في القتل.

كان يثق تمام الثقة الآن أن هذه المرأة كانت لتقتله ضاربة بكل قواعد الممالك عرض الحائط إن لم يمنعها جوزفين.

ولذلك نظر لإبنه مجدًدا وهز رأسه موافقًا دون إضافة أي كلمة أخرى.

دفع جوزفين جسده بخفة وأخرج خنجرًا مخبأً في جيب قدمه وناوله لأورال الذي ولأول مرة يشعر كذبيحة تٌقاد لمذبحة وعليها المشي بحذر حتى تهرب بحياتها.

أمسك بنصل الخنجر بين يده اليمنى قبل أن يسحبه بالأخرى مسببًا جرحًا طوليًا في كف يده ثم مد ذراعه نحو جوزفين.

حدق بها جوزفين لثوانٍ، شعر برغبة قوية في قطع يده قبل أن يضعها في يد أورال. لكنه كان يعلم أن هذه هي الطريقة الوحيدة التي يحافظ بها أورال على وعده كملك. لذلك وضع جوزفين كف يده، التي أصابها نصل السيف سابقًا، في يد أورال، لتختلط دماء شخصين، أسوأ ما قد يُقال عنهما: عائلة.

ترددت ثونار لثوانٍ تحدق بكفي يديهما قبل ان ترتفع عينيها نحو جوزفين وكأنها تطلب منه تأكيدًا أخيرًا.

نظرة الإصرار والثبات في عينيه كانت كفيلة بدفعها للتحرك، فوضعت كف يديها فوق يديهما. نظرت للطرفين، وكما يقتضي الموقف، قالت بتحذير:

"ختم ساحرة لميثاق دم ملكي سيختم طرفي الاتفاق بسحر العقود. وإذا أخلّ أحد الأطراف بالاتفاق، سيتم وشمه كخائن للأبد بفعل السحر. هل يعي الطرفان هذه الشروط؟"

أومأ جوزفين ولم تتزحزح عينيه عن وجه أورال الجامد الذي حدقت عينيه بيد ثونار فوق كفيهما. أخذ نفسًا قبل أن يومئ هو الآخر موافقًا مخاطرًا بملكه كله ما اذا أخل بالتفاق بينهما.

أطلقت ثونار تعويذتها بكل سلاسه فأسهل ما يمكن لساحرة تعلمه كيفية ربط ميثاق دم ملكي.

امتزجت دمائهما بالسحر قبل أن يلتئم الجرحان في كف كلاهما تاركًا ندبة واضحة لتنهي ثونار تعويذتها وما إن ابعدت يدها حتى انتزع جوزفين يده من يد أورال، ودون أي كلمة أخرى التفت في النية الخروج من المكان.

توقف بجانب جسد والدته المتعب وانحنى بابتسامة لطيفة طابعًا قبلة صغيرة على جبينها. مدركًا أنه، وللمرة الأولى منذ وقت طويل، كانت في حالة نفسية طبيعية، بعيدًا عن حالات الذهان والهيجان العصبي، كانت والداته التي رغم قسوتها رآها شبه يوميًا تحاول إيذاء نفسها كلما آذته بعدم إدراك في أحدى نوباتها.

تركها مطمئن أنه أبعد بطش أورال عنها واتجه لخارج المكان بهدوء.

تحركت ثونار خلفه ولكنها توقفت بجانب جسد الملكة ورمقتها بطرف عينها قائلة:

 تمالكِ نفسك يا أمرأة، أنتِ تُنَكّسين لقبك كملكة بضعفك هذا، عودي لرشدك.

ثم تخططت جسدها وبفرقعة واحدة من أصابعها اختفى الضوء من المكان وسقطت أجساد الجنود جميعًا فوق الأرضية.

رفعت دايلن رأسها الذي ضربه ألم قوي وحاولت إدراك ما يحدث حولها، عينها وقعت على أورال أولًا، جالس فوق الأرض مستندًا على الحائط يحدق في اللاشيء ولكن لا يبدو عليه أي إصابة جسدية عدا كف يده الملوث بالدماء والكدمة السيئة تحت زاوية عينه اليسرى.

وعلى الجهة الأخرى جلست الملكة بأعين متسعة وعينها تتابع أحدهم نحو المخرج، نظرت دايلن حيث تنظر ملكتها وكل ما لمحته شعر أصهب مجعد يمر من خلال الباب نحو الخارج.

خارج جناح الملك كان الفرسان يحاولون بعصبية إقناع الجنود بتركهم يمرون حيث مكتب الملك ولكن الممر بالكامل قد أحتشد فيه الجنود وقد منعوا أي أحدًا بالدخول أو الخروج.

لا يمكننا البقاء هنا والانتظار وحسب، شيء ما يحدث في الداخل بالتأكيد صاح زوندي وقد بدأ التوتر ينال منه بسبب مشهد الجنود امامهم.

عدد الجنود كان هائلًا وقد سدوا المدخل بالكامل ويبدو أن حتى صلاحية الفرسان لا يمكنها ان تمدد داخل القصر الملكي للملكة أخرى.

أحد فرساننا في الد... لا اثنين من فرساننا في الداخل.. صحح أوكتفيان بعد أن أصبح متأكد أن صوت انفجار كهذا لا تخلفه إلا كارثه صهباء متنقله إن لم تتركنا نمر الآن قد تزداد الأمور سوء حاول تمالك أعصابه حتى لا يصيح في وجه الجندي الذي بدا متوترًا جدا بدوره ولكنه يحاول تدارك تعبير وجهه.

أفهم رغبتك سيدي ولكن أعذرني فلا أملك سوى اتباع الأوامر كرر الجندي جملته للمرة المئة ما دفع أوكتيفيان لضغط اسنانه ضد بعضها بعصبية حاول تمالكها حتى لا يهشم وجه الرجل الذي لا ذنب له.

زفر قبل أن يمسح وجهه بكف يده والتفت ينظر لجلنار لعلها تملك حلًا في جعبتها. كانت انظارها مثبتة بتركيز وقلق على الممر المزدحم ولكنها هادئه بشكل غريب.

أي أفكار؟ قال بعصبية محاولًا جذب انتباهها وقد نجح في ذلك بعد ان حولت انظارها نحوه أعني تبدو الأمور هادئة فأنا لا أسمع صو.. صمتت فجأه وبدت شاردة مما دفع أوكتيفيان للالتفات خلفه يحاول رؤية ما جذب انتباهها مجددًا.

لكن عينيه لم تلتقط يوجين الذي حلق عائدًا بسرعه نحو جلنار صارخًا أخبار عاجلة، لقد انتصر الأبن في المعركة أرادت جلنار استقبال يوجين بلكمة في وجهه لعلها تعيد جديته الضائعه لجسده لكنها كانت ممتنة لوجود مخبر صغير على الاقل في مواقف كهذه.

لا وجود لضحايا، يبدو أورال منهزمًا هزيمة نكراء، وسيعود المنتصران من فريقنا حاليًا خلال ثلاث، اثنان..  ولم يكمل عده للنهاية لانه اشار بكل فخر نحو ممر الجنود والذي فجأه بدأت حركتهم تتغير والتفت كل منهم ممسك بسيفة بحذر مما جذب انتباه الثلاثة.

توقف كل من جوزفين وثونار عند نهاية الممر وقد احاطهم جموع الحرس متأهبين للهجوم رغم خوف بعضهم الواضح عند ملاحظتهم ان الحرس الشخصيين لم يخرجوا من مكتب الملك.

أتريد مني التكفل بهم؟ سألت ثونار ممدة ذراعيها لا، لا اريد أن أتعامل مع الأمور بهذه الطريقة أجاب جوزفين بجديه رافعًا كلا يديه بهدوء مشهرًا نيته الجيدة لأنك ممل، اما انا فلا أنوي الاستسلام كذبيحة بينما بإمكاني انهاء امرهم خلال دقيقه.

لن تفعلي! كانت جملته نهائية لا نقاش فيها مما دفعها لتكشير وجهها والنظر نحوه باستنكار لكن نظرته الهادئة والتي بدت وكأنه يطلب منها لا يأمرها دفعتها للتنهد مدحرجة عينيها.

سمو الأمير، اتمنى منك التفهم لكن لا يمكنني ترككما تخرجان من هنا إلا عند التأكد من سلامه جلالته وبموافقته تقدم من بين الجنود من يبدو وكأنه المسؤول عنهم وبدأ حديثه باحترام كافي لدفع جوزفين ليومئ بلا مقاومه.

أتركوا كلاهما يمر.

الصوت القوي الذي صدح خلال الممر دفع جميع الواقفين بالاتفات حيث مكتب أورال.

أعين جوزفين أخذت تتسع شيء فشيء بينما يراها تتقدم بكل حزم واقع قدميها الحافيتين كان للمرة الاولى منذ زمن بعيد اقوى من اي وقع أقدام سارت في هذا الممر.

لكن جلالتك، يجب علي التأكد من.. لم تسمح له بإكمال جملته وقد وقفت وجها لوجه امامه وفجأة بدت كجدار عالي وقوي أمام جوزفين وثونار من تظن نفسك حتى ترد على أمر ملكي؟ وعلى الرغم من أن جملتها لم تخرج صارخة إلا أن صوتها تردد صداه في ارجاء الممر كاملًا وقد شرست نظرتها مما دفع الجندي امامها بالعودة خطوة للخلف مدركًا أنها يقف أمام ملكته.

جثى على ركبة واحدة صائحًا أعتذر جلالتك، أستحق العقاب على وقاحتي. نظرت لباقي الجنود لثوانٍ قبل أن تقول بقوة لم يشهدها خدم وجنود هذا القصر من قبل جهزوا عربات القصر لأجل خروج الفرسان وقتما أرادوا، سمو الأمير وفارسة الساحرات، لن يتم مُساءلة أو حتى مضايقة أحدهما، أنه أمر ملكي، هل هذا مفهوم؟ علت نبرتها نهاية الجمله دافعه الجنود جميعًا في الإجابة بصوت واحدة أوامر جلالتها مطاعه. قبل أن يبتعدوا واحدًا تلو الأخر مفسحين الطريق.

التفتت نحو جوزفين ونظرت لوجهه ذو التعبير المتفاجئة التي لم يتمكن من اخفائها.

لم تستطع ايجاد الكلمات المناسبه، شعرت وكأن شريط مشوش من الإساءات كان يمر أمام نظريها وكلما تذكرت كلما وجدت أنها لا تملك الأحقية في قول شيء لذلك كل ما تمكنت من فعله هي محاولة تمالك دموعها من النزول وقد رسمت ابتسامة مرتجفة على شفتيها قائلة بصوت خافت:

لا يمكنني الاعتذار منك كفاية بني، لذلك.. عد لي سالمًا وأسمح لهذه الأم السيئة بتعويضك عن كل ما جعلتك تمر به.

في هذه اللحظة لم يعرف جوزفين إن كان السعادة لا تسع صدره، أم السخط على كل ما اضطر للمرور به، لم يستطع فهم نفسه ولكنه كان مدركًا أنه وللمرة أولى يريد أن يرى والدته بصحه عقليه جيده حتى يتمكن من التحدث معها، حتى يتمكن من عتابها بشكل جيد هذه المرة.

كان عليه إعطائها الوقت حتى تتعافى ثم سيعود، سيعود ليبني علاقته معها من جديد.

وعلى الرغم من ذلك كان يريد شيء واحد لا غير، وقف أمامهما قائلًا: أتعرفين من أنا أماه؟ حدقت بعينيه قبل أن ترسم ابتسامة رقيقة كان يموت اشتياقًا لرؤيتها وأجابت بوجه بشوش كيف لي ألا أعلم من ولدي؟.. كانت تعرف جيدًا نواياه لذلك اقتربت منه قبل أن تهمس بالأسم في اذنيه ثم طبعت قبلة أخيرة على وجنته.

ما إن ابتعدت كان بإمكنها أخيرًا رؤية ابتسامة جوزفين الهادئة والتي بإمكنها القول أنها ابتسامة راحة قبل أن يومئ لها بهدوء مودعًا ويتحرك خلال صف الجنود.

حدقت بها ثونار لوهلة قبل ان تزم شفتيها قائلة: الآن تتصرفين كملكة، لكن تدربي أكثر على اخفاء رجفة يدكِ همست بالجمله الأخير دافعة الملكة لاخفاء كف يديها خلف ظهرها بسرعة.

تحركت ثونار تابعة جوزفين قبل أن ترفع إبهامها للأعلى نحو الملكة صائحة: تروق لي هذه النسخة أكثر تاركة ملامح الدهشة والارتباك على وجه الملكة وقد بدأت تتساءل إن كانت أحد اسباب تبدل حال ابنها هي هذه المرأة!

أمسح عينيك تمتمت ثونار ما إن مرت بجوار جوزفين دون النظر نحوه قبل أن تتخطى جسده راكضة نحو نهاية الممر ما إن لاحظت جلنار وقد فتحت ذراعيها صائحة لقد اشتقت لـــكِ.

رفع جوزفين كف يده بسرعه ماسحًا عينيه من أي دموع عالقه بهما قبل أن يلعن بين أنفاسه.

جسد ثونار المندفع نحو جلنار توقف في منتصف الطريق ما إن أمسكت كف أوكتيفيان بقميصها من الخلف، سحب جسدها بقوة لتقف أمام وجهه لا تفصل بينهما سوى انشات وقال، وقد خرج كل حرف من بين أسنانه بغضب مكبوت وعينيه تشتعلان غضبًا: أسيريحك أن أحطتكِ بحلقة من النيران حتى تبقين في مكانك دون مصيبة واحدة؟ آخر كلمة خرجت بصوت عالي رج أرجاء القصر مسببًا أجفال منتصف من حولهم.

ظلت ثونار تفتح فمها وتغلقه وهي تحدق بوجه أوكتيفيان الذي تكاد تقسم أنها المرة الأولى التي تراه بهذا الغضب، وهذا ما أوقعها في حيرة، أرادت بشدة لكم وجهه فلم يكن يسمح كبريائها بترك رجل يعاملها بهذه الطريقة، ولكن جزء آخر كان نوعًا ما يخشى ردود فعل أوكتيفيان بعد هذه المرحلة فالرجل يبدو على وشك فقدان صوابه إن لم يكن قد فقده بالفعل .

لما لا نهدأ قليلًا، الغضب لن يزيد الوضع سوى سوء. تدخلت جلنار بسرعة ساحبة جسد ثونار من بين يدي أوكتيفيان لتختبئ الأخرى خلف جلنار بسرعة وتومئ قائلة بصوت منخفض: لم أحاول الرد عليك احترامًا للجميع فحسـ.. بتلعت كلمتها ما إن رمقتها جلنار بطرف عينيها هامسه حبًا في الإله ثونار دعي اليوم يمر.

دحرجت عينيها ولكن ما إن لاحظت نظرات أوكتيفيان التي لم ترتفع عن وجهه عادت للاختباء خلف جلنار تتظاهر بعدم رؤيته.

اعتذر عن الفوضى التي تسببت بها.

التفت الجميع نحو جوزفين الذي بدى في حالة من الفوضى ولكن يعتري وجهه تعابير الذنب بالكامل.

أخذ أوكتيفيان نفسًا قويًا ووضع أصابعه بين خصلات شعره البنية، دفعها بعيدًا عن وجهه وقد زفر بتعب لكنه أومأ محاولًا تفادي قول أي شيء قد يبدو وقحًا بفعل غضبه لا بأس، لديك أسبابك.

مجددًا شعر بنوع من التخبط، أراد بشدة مواساة الرجل الواقف أمامه ولكن هذا كل ما تمكن من قوله، لا يعلم أن جوزفين قد اعتبر جملته هذه -وسط نوبة الغضب الضخمة الواضحة على وجهه- لوحدها نوع من أنواع المواساة.

لذلك أومأ برأسه شاكرًا وقال: لقد أنهيت أموري هنا لذلك، أن كان الجميع مستعدًا للمغادرة فــ.. توقف عن الحديث ما إن لاحظ التفات الجميع للنظر خلفه.

التفت مواجهًا جسد الملكة التي وقفت وقد التم خدمها حولها أخيرًا، حاوطت خادمتها الشخصية ناريل جسدها بشال أحمر ملكي بدا لجلنار وكأنه صنع من الكشمير، وضعت خادمة أخرى قدمي ملكتها في حذاء ناعم دافئ وتوقفت الأخيرة والتي كانت الخادمة الجديدة أيفيلا على مقربة منهم في حال حاجتهم لشيء على وجه السرعة.

أعتدل أوكتيفيان في وقفته بسرعة وضبط تعبير وجهه قبل أن ينحني باحترام تبعه زوندي، ظلت جلنار تحدق بوجه الملكة في شيء من الانبهار والأخرى تبادلها نظرات صامته حتى انتهبت لكل من زوندي وأوكتيفيان لتحني رأسها باحترام بسرعة ولم تنسى نكز ثونار بقوة لتتملل الأخيرة وتومئ برأسها على مضض.

أعتذر على عدم تمكني من استقبال ضيوف قصري في ظروف أفضل من هذه قالت بهدوء وتقدمت ليتقدم خدمها معها.

رفع الجميع رؤوسهم، نظرت جلنار نحو أوكتيفيان تحاول معرفة إن كان عليها الحديث أم هو، ولكن اختصرت عليهما الملكة الحيرة وقد ظلت عينيها واقعة على وجه جلنار علي القول كنت لأكون نادمة إن فوت لقاء بشرية بنفسي ارتفع حاجبا جلنار تحاول نوعًا ما قراءة الأجواء..

وعندما أدركت الملكة أن جلنار لم تفهم مزحتها حاولت رسم ابتسامة صغيرة على وجهها حتى تسترخي جلنار قليلًا.

إلهي العزيز، عبدك المخلص يوجين يشكرك لإبقاءه حيًا حتى هذه اللحظات، ليتمكن من شهادة جميع هذه الكائنات الجميلات، إلهي، لقد أخذت مني قلبًا يُدفء جسدي لكنك منحتني ابتسامة كل امرأة هنا لتدفـ... 

بكل ما تملك من قوة حاولت جلنار تمالك ضحكاتها وهي تستمتع لصلوات يوجين ولكن تعبير وجهها سببت في حيرة الملكة قبل أن تبدأ في الظن أن الفتاة فهمت مزحتها ووجدتها مضحكة.

إنه لشرف لي مقابلة جلالتك حاولت إخراج صوتها واضحًا ورزينًا ومازالت صلاوت يوجين الشاكرة مستمرة في الخلفية ملقيًا الأشعار في حق خصلات شعر الملكة الذهبية كأشعة الشمس.

أعتذر عن الفوضى في القصر، وأريد أن أطلب منكم شخصيًا البقاء والنوم هذه الليلة والتحرك من صباح الغد بعد مشاركتي وجبة الإفطار قدمت الملكة عرضها محدقة في وجوههم المرتبكة، فلا أحد يعلم إن كان من الطبيعي أن يبقوا بعد كل هذه الفوضى..

لكن لمرة واحدة، ارادت الملكة محاولة ممارسة دورها الشرعي في هذا القصر عوضًا عن الملك، أرادت الشعور أنها قادرة على التحكم بشيء واحد في حياتها أخيرًا.

جلالتك، عليكِ الراحة قليلًا نحن على ما يرام وأظن أنه من الأفضل أن نتحر.. قاطعت الملكة جوزفين ممسكة بكف يده وحركت رأسها للجهتين رافضه دعني أقوم بالأمور هذه المرة على طريقتي ثم أنه.. التفتت نحو بقية الفرسان وأردفت أريد التعرف عليهم كأصدقائك لا كضيوف القصر فقط.

ظل جوزفين يحدق بوجهها بصمت، شعر أن الأمر كله مجرد حلم وإن لم يخرج من هنا الآن.. إن ذهب للنوم في هذا القصر واستيقظ فسيختفي كل شيء صباحًا.

أنا موافقة. التفت الجميع بسرعة لثونار التي رفعت يدها بلا مبالة، نظرت نحو أوكتيفيان الذي يحرك شفتيه بصمت بأنواع السُباب لتهمس بصوت يسمعه الجميع ماذا؟ أحتاج لبعض النوم.

أخرجوا من هنا قبل أن تُدمر صورتكم أكثر من هذا قال يوجين وهو يحدق بالاثنين هازًا رأسه.

نظرت جلنار لوجه جوزفين الذي مازال متعلق بوالدته قبل أن تنظر للفوضى التي بدأت تصبح أخف في الممر من خلفهم.

تنهدت قبل أن ترسم ابتسامة لطيفة على وجهها وقالت: لا يمكنني أن أظهر امتنانًا كافيًا لعرض كعرض جلالتها، يسعدني قبوله بسعادة، شكرًا لكِ لتفكير في راحتنا بين أنشغالاتك الأخرى أحنت رأسها باحترام متجاهلة نظرات أوكتيفيان التي تشعل مؤخرة رأسها.

حدقت بها الملكة لوهلة يخالجها شعور مختلف، للمرة الأولى منذ وقت طويل تشعر أنها فعلًا ملكة لهذه المملكة وليس مجرد دمية مُخبئة في أحد غرف هذا المكان، إن أظهرت وجهها في أي مكان كانت تُعامل كالإضافة أو زينة يحملها الملك معه في أي مكان، حتى تمكن منها المرض فأصبحت في أوقات صحتها إن خرجت عاملها الجميع كمجنونة يجب الحذر في كل كلمة تُقال أمامها.

لذلك شعورها للمرة الأولى باحترام حقيقي نابع من شخص لا يهتم لرؤيتها مبعثرة حافية القدمين منذ دقائق فقط كان كفيلًا بجعلها تقف بصمت لا تعرف كيف يجب أن تُجيب.

جلالتك همست خادمتها الشخصية دون أن يلاحظها أحد وكأنها تشجع سيدتها لتخرج الأخيرة من شرودها وترسم ابتسامة هادئة على الرحب، سأتطلع قدمًا لقدح من الشاي معك قبل ذهابكم آنسة.. توقفت مدركة أنها لا تعرف اسم جلنار أو لا تتذكر حتى وإن سمعته..

جلنار، جلنار روسيل قالت بسرعة وقد اتسعت ابتسامتها ماحية الابتسامة الرسمية وقد شعرت ببعض الراحة، فبإمكانها التعرف على أحد من عائلة جوزفين غير والده المختل -من وجهة نظرها-.

أومأت الملكة قبل أن تربت على كتف جوزفين الذي لازال واقفًا مكانه وكأنه يعيش حلمًا تصبح على خير همست له والتفتت للذهاب.

توقف لثوانٍ ونظرت لثونار بطرف عينيها وأضاف أنتِ ايضًا، سأنتظرك صباحًا قبل أن تتحرك بعيدًا عن هذا الجناح.

نعم نعم بالطبع تمتمت ثونار دون النظر للملكة فلازالت تكن لها عدواة بعد اطلاعها على جميع ذكريات جوزفين، ربما كانت امرأة مظلومة لكن ثونار تمقت بشدة النساء الضعيفات حتى وإن كن ضحايا.

في نهاية الجناح مالت الملكة نحو خادمتها ماريل هامسة هل بدوت كملكة حقيقية؟ مالت ماريل بدورها نحو الملكة هامسة جلالتك ملكة حقيقة بالفعل، لقد كان تدراك للموقف مذهلًا انتصبت الملكة في مشيتها ورفعت رأسها فخورة بنفسها، تعلم أن الأمر صعب وليس بهذه السهولة ولكن..

إن لم تبدأ في أخذ خطوة جدية لتستعيد صحتها العقلية...

إن لم تتخذ أي فعل يخرجها من حلقة الضحية هذه، فلن تكون ضحية بعد الآن بل جانية في حق ابنها.

....

إذًا، من وافق على فكرة بقائنا هنا؟ 

نظر الجميع لتعبير أتريوس المنزعجة وكان من الواضح أنه على وشك بدء قتال جدي مع صاحب الفكرة، التفت الجميع دون قول كملة واحدة ناظرين لجلنار التي ابتلعت مرطبة حلقها وقالت: رأيت أنه من الأفضل أن نتحرك بذهن صافٍ فقد كان يومًا متعبًا للجميع.

حدق بوجهها لثوانٍ، ثم تنهد متمتمًا حسنًا انا في حاجة لبعض الراحة والتفت خارجًا من قاعة الطعام.

اتسعت ابتسامة زوندي ورفع كف يده نحو أوكتيفيان الذي دحرج عينيه ووضع يده داخل جيبه مخرجًا ورقتين من النقود ووضعها في كف يد زوندي.


ماذا تفعلان؟ أمسكت وثونار بكتفيهما ما إن لاحظتهما ليميل زوندي نحوها هامسًا لقد تراهنت معه أن أتريوس لن يبدي أي رد فعل عنيف عندما يعرف أن جلنار من واقفت، وقد راهنني على أنه سيبدأ شجارًا كالعادة.

التفت أوكتيفيان نحوه ببعض السخط قائلًا: لم أراهنك، أنت راهنت وأنا وجدت أن منطقك مغفل وأردت إثبات العكس اتسعت ابتسامة زوندي المتلاعبة وقال: وانظر مال من في يدي الآن؟ أبعد أوكتيفيان يد ثونار عن كتفه وخرج من القاعة متمتمًا بين أنفاسه بإنه قد طفح به الكيل من هذه المجموعة.

كيف لم تشركني في شيء كهذا عوضًا عن هذا العابس؟ أنبته ثونار ليرفع كتفه قائلًا: كنا لنتراهن على الشيء ذاته نظرت له ثوانٍ قبل أن تومئ أنت تعرفني حقًا يارجل.

ربت زوندي على يديها كتأكيد قبل أن يزيحها عن كتفه قائلًا: بالطبع، ولكن الآن أنا أريد النوم وكأن لا غد ينتظرني، تصبحين على خير ربتت على ظهره كوداع وأجابت على مضض تصبح على خير.

التفتت نحو جلنار التي بدت لها شاردة ولكن ما إن اقتربت منها حتى لاحظت تمتمها بصوت غير واضحة، كادت تفزع بشدة ولكنها تذكرت أن جلنار يحوم حولها شبح ما.

أعلم أن الأمر ممتع، ولكنه يبدو مريبًا إذا رأها أحد لا يعرف بوجوده تمتمت لنفسها قبل أن تقف بجوار جلنار قاطعة حديثها مع يوجين لم يبقى سوى كلانا هنا في المكان، تحدثي معه براحة وتوقفي عن إخافتي رفعت جلنار رأسها تحدق في المكان متى خرج الجميع؟ 

زوندي وأوكتيفيان للتو، جوزفين منذ عشر دقائق للتحدث مع الخدم وأتريوس .. أظن أنه الوحيد الذي لاحظتِ خروجه.

التفتت نحوها جلنار بحاجبين معقودين قائلة: ولما سيكون الوحيد؟ اتسعت ابتسامة لعوبة على شفتي ثونار ورمقتها قائلة: لا أعلم، أخبريني أنتِ! فمؤخرًا يبدو أن كلاكما لا ينتبه سوى للآخر.

رغم انزعاج جلنار وصفعها لكتف ثونار لتتوقف عن حماقتها إلا أن اكتساح الحمرة وجهها لم يكن خفيًا جدًا.

إذًا.. أكنتِ تتشاجرين مع شبحك فوجين مجددًا؟ حركت رأسها نافية وصححت يوجين، ولا.. كنا نقرر ما سنفعله غدًا صباحًا 

كاذبة، لقد كنت أعطيك تقريرًا عن كل ما لاحظته عن والدة جوزفين صاح يوجين ولكن ظلت جلنار تنظر لثونار دون أن يطرف لها جفن. أظن أنه بعد شرب الشاي مع الملكة.. قالت ثونار بنبرة ساخرة سنذهب للبحث عن الاستاذ المدرب الحكيم والغامض أضافت بنبرة درامية وكأنها تقدم شخصية تلفزونية.

لنأمل فقط أن نجده بسرعة ونتمكن من العودة معه، فأنا حقًا أشتاق للرفاق قالت جلنار لتومئ ثونار موافقة عليكِ رؤية كيف يتدرب الرأس الأزرق بكل جدية، اردت أخذ صور له بينما يحاول لعب خمسين دورة ضغط بجسده الصغير ذاك ضمت جلنار شفتيه مصدرة أوووه كبيرة أريدا القول أنكما تبالغان، لكنني لا اصدق انني أقول هذا، اشتقت لذلك المذياع قال يوجين عابسًا لتكرر لجلنار ما  قاله على ثونار.

على أي حال، دعينا نتوجه لغرفنا الخاصة للحصول على قسط من الراحة قالت جلنار لتصحح ثونار أجنحتنا، لكل منا جناح هنا ارتفع حاجب جلنار قبل ان تتسع ابتسامتها متذكرة الجناح الذي أخذت فيه قيلولتها ما إن وصلوا للقصر وقالت: رغم كل ما نعاني منه، أحب عندما يتم معاملتنا بسخاء صفعت ثونار كتفها بحماس مجيبة إلهي أخيرًا أحدهم يشاركني التفكير ذاته.

ضحكت كلاهما وقد سار الثلاثه نحو اجنحتهم وما إن عم الصمت بينهم زمت ثونار شفتيها للحظة قبل أن تسأل دون النظر لجلنار ألن تحاولي حتى تأنيبي على التدخل في حياة جوزفين؟ همهمت جلنار بتفكير لثوانٍ قبل أن تحرك رأسها نافية..

لا يمكنني لومك، لقد شعرت برغبة مشابهة منذ دخو.. لا منذ أن وضعنا قدمنا على هذه المملكة، اردت قول شيء ما، أو فعل شيء ما لكنني دائمًا ما كبحت جماحي خوفًا من ترك الأمور بيني وبين جوزفين تصبح غير مريحة ما إن أقحم نفسي في مشاكله ولكن أنتِ..

نظرت لثونار بابتسامة وأكملت أنتِ مختلفة عني نوعًا ما، ربما انتِ أقرب لجوزفين ولكن أيضًا.. أنتِ لستِ خائفة من تأثر علاقتك بأحدهم بسبب فعلك ما تظنين أنه الصواب، ربما كانت لتضرر علاقتك بجوزفين ولكنك فعلتِ ما رأيت أنه الصواب لأجل صديق.

توقفت ثونار في مكانها وحدقت بوجه جلنار الباسم بلا تعبير واضحة لتربت الأخيرة على كتفهما قائلة: ربما سببنا بعض الفوضى ولكن أحسنتِ في حماية أحد أصدقائنا ثم حيتها والتفتت متجهة نحو قسم أجنحة الضيوف.

ظلت ثونار تحدق بظهر جلنار المبتعده بصمت ولكن أفكار رأسها تضارب بشكل جنوني.

وضعت يدها على كتفها حيث كانت يد جلنار منذ دقائق قبل أن تمتم: لا أتذكر أن أحدهم أثنى علي بعد ارتكابي لفوضى ما! أخذت نفسًا وأخرجته بقوة وهمست لا تقلقِ، كل شيء تحت السيطرة.

لما مازلتِ هنا؟

أجفل جسدها والتفتت بسرعة نحو جوزفين الواقف في منتصف القاعة الواسعة والفارغة.

أنت أيضًا مازلت هنا! تقدم نحوها مجيبًا أنا صاحب القصر، علي الاتفاق مع رئيس الخدم على كل شيء لذلك على الضيوف النوم والراحة أنحنت تسعين درجة ساخرة منه وصاحت أوامر سمو الأمير، سأتوجه لجناحي فورًا.

دحرج عينيه وأمسك بكتفها دافعًا جسدها للانتصاب مجددًا أوقفي سخافاتك هذه رسمت ابتسامة صغيرة على وجهها قبل أن تلتقط كف يده تحدق بالندبة بها هل أنت متأكد من قيامك بالفعل الصحيح؟ نظر ليده قبل أن يعيد أنظاره لها لتفسر ميثاق الدم، تعلم أن والدك قد يُخلع من مكانته كملك إن أخلَّ به؟ لم تبدو عليه أي علامات الاهتمام أعلم، وهذا ما دفعني لربط الوعد بهذا الميثاق، لا يحب هذا الرجل شيء أكثر من ملكه.

أومأت متفهمه قبل أن تمسح بإبهاما على ندبته قائلة: يمكنني إزاله أثرها متى ما أردت سحب كف يده من بين يدها بهدوء لا، أنها أحد علامات الاتفاق، أريدها لتبقَ حتى عودتي مجددًا.

 احترمت ثونار رغبته وأقحمت كلتا يديها في جيبوها إذًا، لقد انهيت عملي هنا اعطته ابتسامه أخيره قبل أن تلتفت في نية الذهاب لنوم.

ثونار.

توقفت في مكانها والتفت نحوه تنتظر قول ما يريد..

ماذا تكونين بالضبط؟ 

ارتفع حاجبها لسؤاله وأمالت رأسها بعدم فهم، بلل شفتيه وقد اراد سحب سؤاله مجددًا لكن لا تراجع لذلك أردف في البداية.. ظننتك ربما ساحرة ظلام، ليس بشكل سيء ولكن، ظننت أنكِ قادرة على تنفيذ بعض تعويذات ساحرات الظلام بسبب فضولك وحبك المعتاد لكسر القواعد.. 

توقف لوهلة وقد تشتت أنظاره بارتباك في المكان قبل أن تقع عليها محاولًا التفسير ما حدث في مكتب أورال، السحر الذي استخدمته في الداخل، انا لست ساحرًا لكن الجميع يعرف.. 

تقدمت ثونار خطوة منه قائلة بنبرة ثابتة الجميع يعرف ماذا؟ 

شعر بنبضات قلبه ترتفع بشدة، وبدأ يخيل له أنه يسمع صداها داخل أذنه، لم يجد مهرب من نظراتها لكنه عرف إنه أما الآن أوما فلا..

الجميع يعرف كيف تبدوا تلك الساحرة، خطوط الضوء تلك، ما فعلته هناك، لا يمكن للساحرات التحكم في العقول إلا إذا.. تقدمت منه ثونار خطوة أخرى وكررت إلا إذا ماذا؟ قل ما تريده جوزفين.

ثونار، أعلم ان ما أقوله يبدو جنونًا وأعلم أن لا وجود لهن ولكن.. هل أنتِ ساحرة نور؟.

ابتلع مرطبًا حلقه وحدق بوجهها بتركيز شديد في محاولة لالتقاط أقل تعبير على وجهها ولكنها ظلت راكدة، تحدق بعينيه وكأنها تحدق في روحه ولوهلة بدأ يشعر بالندم لسؤاله.

سأجيبك بكل صراحة إذا أجبتني انت بوضوح.. ارتفع حاجباه بعدم تصديق بينما تتقدم نحوه حتى توقفت أمام وجهه مباشرة اعتلت عينيها نظرة خبيثة يعرفها جوزفين جيدًا نظرة ما إن رأها عرف فورًا أنه ضغط زر ما كان يجب عليه ضغطه..

أخبرني من تكون؟.

اتسعت عينه ببطء لكنها اقتربت منه أكثر وككرت سؤالها بشكل أوضح وبصوت واضح من يقف أمامي الآن؟ هل أنت جوزفين؟ أم أيّدين؟ أيكما وقع من على الجرف ذلك اليوم؟ 

ارتجفت يديه بشكل واضح وهو يدرك أن ثونار اللطيفة التي تحاول نوعًا ما مراعة الآخرين لم يعد لها وجود في هذه اللحظة وهي تحدق به بعينها الزرقاء الشاحبة وكأنها شخص آخر وضع خمسين جدارًا حول نفسه.

يبدو انه سؤال صعب أجابته، دعني أعطيك سؤال آخر إذًا... قالت وقد تسللت يدها لياقة قميصة بهدوء قبل أن تسحبه بشدة نحوها وتهمس بجوار أذنه مسببه اتساع حدقه عينه بشدة..

لما أراد ملك المتنكرين التضحية بروح أبنه البكر؟.

ابتعدت عن أذنه تحدق بنظرة التخبط على وجهه وقد شردت عينيه بعيدًا عنها للحظات..

تركت ياقة قميصة قبل أن تربت بهدوء على صدره جاذبة أنظاره نحوها أرأيت كم أن الإسئلة الشخصية تترك طعمًا لاذعًا عل طرف لسانك؟ لذلك.. صمتت لثوانٍ وقد عدلت قميصه الملوث ببعض الدماء وأخذت خطوة صغيرة بعيدًا عنه وهي تحدق بعينيه بتحذير واضح رغم ابتسامتها الصغيرة دعنا لا نحاول طرح أسئلة كلانا يعلم أن إجابتها ستولد المشاكل ليس إلا.

ظل يحدق بوجهها بصمت دون أن ينطق حرفًا واحدًا مما دفعها لالتفات والابتعاد عنه قبل أن تصيح تصبح على خير سمو الأمير.

وتركته واقفًا وحده يدرك فجأه أن ثونار سمعت الكثير في هذا القصر وربما كانت محقة، ربما عليه ابتلاع فضولة المرة القادمة حتى يكون جاهزًا لرمي جميع اوراقه أمامها دون خوف.

وعلى الرغم من ذلك لم تفارق صورتها في مكتب والده اليوم ذهنه لثانيه.

وفي المقابل ما إن التفت ثونار بعيدًا عنه تغيرت تعبير وجهها تمامًا وقد أصبحت أكثر حدة وغضب بينما تقرع خطواتها الممر بقوة علي أن أصبح أكثر حذرًا تمتمت لنفسها قبل أن تسحب خصلات شعرها للخلف بعصبية لما يتدخل في كل شيء؟ إنه حقًا يشعرني بالإحباط.

....

هل تعرفين الطريق بالفعل؟ أومأت جلنار مجيبة سؤال يوجين ألم تسمع الخادم؟ إنه ذات الجناح الذي بقيت فيه صباحًا. أخذ يوجين يلتفت حوله وهو يتأمل الجسر الزجاجي بين القصرين وبدا وكأن فكرة ما على طرف لسانه ولكنه يمنع نفسه من قولها.

لم يلبث دقائق حتى انفجر وقد فشل في كتم أفكاره هل أنا الوحيد الذي يظن أنه من الجنوني أن نبقى في قصر هذا الرجل المجنون بعد كل ما حدث وكأن شيء لم يكن؟ أخرجت جلنار نفسًا قويًا وكأن الفكرة ذاتها كانت جاثمة فوق صدرها إلهي أخيرًا نطق بها أحدهم.

نظر نحوها يوجين بسرعة يشعر بالارتياح التام لتمكنه من مشاركة أفكاره مع شخص يملك نفس الشعور الأمر أشبه بالبقاء في منزل صديقك بعد أن سمعت شجاره مع والديه بسبب وجودك أومأت جلنار بشدة أنا ممتنة أنك تشاركني الفكرة ذاتها يا رجل.

ارتفع حاجبه ووقف أمامها قائلًا: ألستِ أنتِ من وافقت على عرض البقاء؟ حدقت به بشفتين مفتوحتين لثوانٍ قبل أن تغلقهما وتمر من خلاله متمته لي أسبابي.

هرول حتى أصبح يسير أمامها بشكل عكسي ليواجهها يسعدني الاستماع لها سكتت لثوانٍ تحاول ترتيب أفكارها ولكنها أفصحت عما يدور في رأسها في النهاية ألم ترى النظرة على وجه جوزفين؟ لا أعلم بالضبط ماذا يدور في هذا القصر ولكن من الواضح أن بعدما حدث من الطبيعي أن يكون جوزفين أول الراغبين في الرحيل..

أومأ يوجين متفقًا لتردف لكن عندما عرضت والدته علينا البقاء، لا أعلم بدا وكأنه يريد حقًا البقاء هذه الليلة، الطريقة التي كان ينظر فيها لوالدته أشبه بمن لم يراها لعقد من الزمان زم يوجين شفتيه مفكرًا لثوانٍ قبل أن يشارك ما يعرفه مع جلنار قائلًا: والدته نوعا ما ليست بطبيعية وبالنظر لشخصية أورال فيمكنني تفهم حالتها.

ارتفع حاجب جلنار مضيفة لذا؟ عدل يوجين من مشيته بعد أن اخترق جسده العمود العاشر وقال لقد كانت تعامل جوزفين وكأنه شخص آخر، قبل قليل في الممر، بدت وكأنها قد عادت لصوابها بالفعل لذلك يمكنني تفهم رغبة جوزفين الآن.

مر صمت بين الاثنان وقد أخذا يفكران بجدية بكم الفوضى الذي كان يعيش فيه جوزفين.

هل يمكنك تخيل النظرة على وجه أورال ما إذا قابل أحدنا غدًا صباحًا؟ انفجر يوجين ضحكًا ما إن شاركته جلنار ما يدور في رأسها يارجل لا أعلم تمامًا ما حدث ولكن يبدو أن جوزفين كان المنتصر لذلك إن كنت أنا لخبأت وجهي حتى خروج أخر فارس من القصر.

قهقهت جلنار لثوانٍ قبل أن تتوقف عاضة على شفتيها وقد بدأ يعتريها شعور بالذنب أشعر نوعًا ما بالخزي، في النهاية لازال والد جوزفين نظر نحوها يوجين بأكثر نظرة جدية وغير مبالية صدقيني إن كان جوزفين هنا لصفق لنا وشاركنا ساخرًا بكلمات أكثر قسوة.

لم تستطع معارضته هذه المرة فيبدو أن أكبر كاره لأورال ليس سوى أبنه الوحيد.

كم يجب لشخص أن يكون حقيرًا حتى يدفع عائلتة الوحيدة لكراهيتة لهذه الدرجة، تساءلت جلنار متذكرة والدها فجأة.

مقتها الشديد لغياب والدها اثناء مرهقتها أنساها ذكريتهما الجيدة معًا خلال طفولتها، والآن أردكت أنها تمنت لو عاش جوزفين نصف تلك الطفولة التي نستها في فترة ما.

فتحت باب جناحها على مصرعية لتتسع ابتسامتها وهي تتفقده يبدو أجمل ليلًا تمتمت قبل أن تغلق الباب الكبير محدقة في الأنوار الصفراء السحرية الصغيرة والتي تحلق على مسافات متباعدة على الجدار تعطي الغرفة أجواء أكثر دفئًا.

تحركت نحو أبواب الشرفة الكبيرة وفتحتها على مصرعيها سامحة للنسيم البارد بالدخول للغرفة لتتطاير ستائرها الزرقاء الثقيلة.

الحديقة الخلفية لقصر الضيوف ذات مساحة شاسعة بالفعل، يمكنني الركض بضع دورات دون ملل هنا حدق بها يوجين وقد ارتفع أحد حاجبيه جلنار، يومًا فيوم تتحولين لتصبحي أشبه بهؤلاء المهاويس بالقتال والتدريب قال قاصد كل من أوكتيفيان وأتريوس.

كتفت ذراعيها بانزعاج ودافعت لقد نلت كفايتي من النوم، والتمرين ليس بشيء سيء أومأ برأسه بسخرية متمتًا نعم هذا تمامًا ما كانا ليقولاه.

تجاهلته جلنار ونزعت عنها السترة الثقيلة وألقتها على أحد المقاعد لتبقى بقميصها عديم الأكمام ذو الرقبة الطويلة، نزعت رباط شعرها سامحة له بالإنسدال على كتفيها براحة على كتفيها قبل أن تدلك فروة رأسها مغمضة عينيها براحة.

يبدو هذا شهيًا التفتت جلنار نحو يوجين الواقف بجوار صينية فوقها كأس من مشروب ساخن وطبق ممتلئ بقطع البسكويت الطازجة الخدم حقًا جيدون تمتمت والتقطت كأس المشروب ترتشف منه، أرتفع حاجبيها بقوة هذا حقًا لذيذ حدق بها يوجين ببعض الأسى متذمرًا أشتاق حقًا للطعام.

هذا أكثر ما تشتاق له في حياتك؟ سألت جلنار ليومئ باقتناع لا شيء يواسي الرجل كمعدة ممتلئة دحرجت عينيها مبتسمة والتفتت نحو الشرفة تحدق بشكل القمر في السماء يبدو أن لكوكب المتنكرين قمر واحد لا اثنين كما الإلترانيوس لاحظ يوجين قبل أن ينظر لجلنار ويقول بينما يخطوا نحو الشرفة: اتركي فكرة التمرين السخيفة عنك، ألن يكون من الجميل الوقوف هنا وتأمل هذا المشهد بر...

اختنق بكلماته وقد سقطت عينه على الجهة اليمنى من الشرفة وتوقف عن الكلام.

ربما أنت محق، لن يضرني بعض الهدوء، كما أن المنظر يستحق التأمل قالت جلنار متجهة للشرفة لكن تملكتها الحيرة عندما نظر لها يوجين مبتسمًا وهو يتحرك عائد للغرفة أتعلمين، أظن أنه الفكرة ليست جيدة جدًا، أعني إنها مجرد شرفة والمنظر ليس بهذا الجمال الذي تظنين، لنبقى في الغرفة أفـ... 

كانت جلنار تعلم أنها كذبة وأن هناك سببًا آخر لتراجعه فجأه، لذلك تاجهلت طلبه واتجهت لتقف في الشرفة الواسعة رغم محاولته لردها عن قرارها.

تأملت المكان وهي ترتشف مشروبها براحة قبل أن تزم شفتيها باستغراب ما خطبك؟ لا شيء هـ.. توقفت في منتصف حديثها عندما التفت رأسها تنظر للجهة الشرقية من الشرفة حيث كانت الشرفة المجاورة لها تمامًا.

ارتفع حاجبيها بإدراك وألقت نظرة سريعة صحبتها ابتسامة ساخرة نحو يوجين الذي كتف ذراعية وتمتم بجمل منزعجة بازدراء واضح.

كتمت ضحكتها لتصرفاته الطفولية، اتجهت لحافة شرفتها تستند عليها وقد أمسكت الكأس بكلتا يديها، حدقت بأتريوس، واقفًا في شرفته، ظهره مسند إلى الحافة، ومرفقاه مرتاحان عليها، بينما رأسه مائل إلى الخلف وعيناه مغمضتان.

بدا لها مسالمًا جدًا، وكان من اللطيف الشعور أنه مهما بدا صلبًا لزال يملك جزء يشبه الجميع، جزء يرغب ببعض السلام والهدوء.

كان من الواضح أنه تخلى عن حذره في هذه اللحظة تمامًا وإلا كان ليشعر بوجودها تحدق بوجهه الهادئ.

أراهن أن هذا المشهد يبدو أكثر جمالًا من الحديقة الخلفية وقمرها الآن تمتم يوجين بانزعاج دافعًا جلنار لرسم ابتسامة واسعة لتعض على شفتيها مانعة نفسها من الضحك.

ألقت بنظره ماكرة نحو يوجين وحركت حاجبيها باستمتاع قبل أن تحرك شفتيها بلا صوت قائلة: أنت محق في محاولة منها لإغاظته، وقد نجحت فقد أطلق صيحة منزعجة في ذات اللحظة متظاهرًا برغبتة في التقيؤ.

اسقطت رأسها بين ذراعيها تحاول بشدة كتم ضحكاتها حتى لا تفسد سلام أتريوس، عندما شعرت أن رغبتها في الضحك هدأت قليلًا رفعت رأسها ولزالت الابتسامة على وجهها، أزاحت خصلات شعرها الساقطة على وجهها للخلف قبل أن تعيد نظرها نحو أتريوس.

أجفلت عندما لاحظت عينيه التي تحدق بها وقد بدا أخيرًا مدركًا لوجودها، أمال برأسه نحوها لتتساقط خصلات شعره الشقراء على جانب وجهه ورسم ابتسامة صغيرة قبل أن يكسر الصمت بينهما قائلًا: وأنا من ظننت أن هذه اللحظة لا يمكنها أن تكون أفضل.

ارتفع حاجبيها مندهشة للحظات أهذا أحد أسطر غزلك؟ زم شفتيه وقد نظر بعيدًا عنها لثوانٍ بتفكير ثم قال وقد أعاد أنظاره لتحدق بوجهها: ليست أفضلها، لكنها جيدة كفاية.

رسمت ابتسامة مشاكسة -متجاهلة صوت يوجين وهو يتظاهر بالتقيؤ مجددًا- ثم تمتمت وهي تنظر للكأس في يدها ليس سيئًا، لكنني سمعت ماهو أفضل رفعت عينها نحوه ما إن عدل وضعية جسده ليقف كما تقف تمامًا مستندًا على حافة الشرفة..

بدأت أشعر كتمثال الزينة في زاوية الشرفة اللعينة جلنار صاح يوجين بتقزز واضح حتى كادت تبصق شرابها وتسقط ضحكًا لكنها تمالكت نفسها أنا أعلن أنسحابي، صاح وقد عاد للغرفة متمتمًا أن الأمور تصبح أكثر غرابة وعديمة الراحة له عندما يكونا وحدهما.

أوه! إذًا كان هناك من يغازلك في النهاية؟ أعاد سؤاله تركيزها نحوه، كان سؤلًا هزليًا لكنه لم يتوقع أن تتوقف بتفكير لثوانٍ قبل أن تومئ مجيبة هناك فتى.. ارتفع أحد حاجبيه فورًا وكرر فتى؟ ارتسمت ابتسامة لطيفة على وجهها متذكرة ديفيد فجأة.

بالعودة لذكريتها معه قبل رحيلها، بإمكنها الآن إرداك أنه كان يغزالها طيلة الوقت ولكنها لم تكن معتادة على ذلك وظلت متأكدة أنه يحاول إزعاجها أو حتى تسلية نفسه.

كان أحد أصدقائي حيث كنت أدرس الطب رفعت أنظارها نحوه وتابعت لقد كان أكبر زير نساء في المكان أطلقت ضحكة قصيرة عندما تذكرت محاولاته ليتبعها في كل مكان وتابعت الحديث وقد أغفلت انقباض فك أتريوس القوي..

لقد ظل يتبعني في كل مكان مسببًا المشاكل، لقد ظننت وقتها أنه يحاول إزعاجي فحسب ولكني كنت بلهاء وقتها، ادركت مؤخرًا أنه كان يحاول التقرب مني ارتشفت باقي شرابها قبل أن تضع الكأس جانبًا وتنظر لأتريوس متابعة إن كنت أتذكر بشكل صحيح ففي لقائنا الأخير كان يحاول بجدية الاعتراف بإعجابه.

ظل أتريوس يحدق بوجه جلنار دون أي تعبير قبل أن يقول ثم ماذا؟ صمتت وقد بدأت ابتسامتها تسقط تدريجيًا لم يحدث شيء فقد قاطعه صديقه ولكنه حقًا فتى جيد انسلت شهقة متفاجئة من بين شفتيها واتسعت عينها بفزع عندما أمسك أتريوس بحافة شرفته، وضاع كامل وزنه على ذراعه وقفز بحركة سريعة نحو شرفتها وقد ساعدته المسافة الصغيرة بينهما.

تراجعت خطواتها للخلف ما إن وقف أمامها مباشرة ممسكًا بدرابزين شرفتها، مال نحوها وقد احتدت تعبيره ولكنه رسم ابتسامة جانبية على وجهه أتجدين حقًا متابعة الحديث عنه فكرة جيدة؟ بالرغم من ضربات قلبها التي أخذت بالتسارع إلا أنها رسمت ابتسامتها المشاكسة والذي بدأ يفضلها فجأه..

لماذا؟ أيزعجك تغزله بي؟ أم كونه فتى جيد؟ تسللت يده نحو خصلات شعرها المنسدلة فوق كتفيها، أخذ يلف أحدهما حول أصابعه بهدوء ثم سحبها ببطء ليضعها خلف أذنها وقد سببت لمسات أصابعها لأطراف أذنها رجفة قوية سرت في جسدها بالكامل لا تحاولي اللعب باللنار بندقية العينين  همس وقد تناقلت عينيه بين خصلاتها وعينها المعلقة بوجهه.

كان تأثيرة عليها يثير حفيظتها كل مرة، كانت مدركة لاستمتاعه الكامل بهز ثباتها ولكن بالنسبة لها أصبح الأمر مختلفًا... كانت جلنار تعرف أين بإمكنها الضغط تمامًا لذلك...

أخذت خطوة للأمام مقلصة المسافة بينهما أكثر وقد استقرت كف يدها فوق صدره، كان بإمكانها الشعور بسهولة بإنقباض عضلاته تحت أصابعها من خلال قميصه الرقيق.

ابتسمت ورفعت عينها نحوه هامسة بدورها بتحدٍ أنسيت أن أكثر عنصر أتقنت االتلاعب به كان النار؟ شعرت بانتصار كبير وهي تراقب تقلص ابتسامته وقد توقفت أنفاسه لثوانٍ بينما تحدق عينيه بوجهها بهدوء.

حركت يدها فوق صدره تشعر بنشوة الانتصار ما ان استشعرت نبضاته السريعة والقوية تضرب صدره، استقرت يدها فوق كتفه لتقف على أطراف أصابع قدمها تهمس بجوار أذنه أنا أيضًا أعرف أين تقع نقاط ضعفك أيها القوي.

أغمض عينه لثوانٍ واتسعت ابتسامته مدركًا نجاحها التام في التلاعب به هذه المرة.

ابتعدت عنه لكنه أمسك بمرفقها وجذبها نحوه بسرعة أتريدين حقًا التورط في هذه اللعبة روسيل؟ اعتلت عينيها نظرات تحدٍ واضحة أتريوس فلورمان، ألا تدرك أنني أملك اليد العليا في أي لعبة؟ سواء كانت عاطفية أو قتالية ارتفع حاجبه بشدة وكرر باستنكار قتالية؟ جلنار صغيرتي، اخر مرة أتذكر أن الأمر كلفك كامل قوتك أنتِ ومستذئب آخر حتى تتمكنا من هزيمتي

ألا يمكنك ملاحظة أنني أسرع من تطور بينكم عزيزي؟ بإمكاني إطاحتك بسهولة الآن؟ أتريوس أخذ يحدق بتلك النظرة المشتعلة في عينيها مدركًا أن هذه هي... ما يجذبه فيها بقوة تلك الشعلة داخلها والتي تشعله أكثر من أي أحد آخر..

أنها تفهم تمامًا تعطشه للقتال، تشعر بذات النشوة عندما يتحول الأمر لتحدٍ، تلك الخصلة التي وجدها الجميع وحشية وبدائية، كانت تشتعل داخل عينيها كلما تحدث عن القتال وكان هذا جذابًا بطريقة لا يمكنه تصديقها.

وإن قمت بهزيمتك هنا والآن؟ سأل بنبرة واثقة لتضحك وتجيب سأعترف بأنك تفوقني قتاليًا زم شتفيه وأخذ يفكر لوهلة وقد أراد ماهو أكثر من مجرد اعتراف لكنه كبح أفكاره حاليًا ماذا؟ أظن أن الحديقة الخلفية كافية لقتال كهذا، أم أنك ستتراجع؟ قهقه لجملتها مجيبًا أتراجع؟ اقترب من وجهها وقال بتفاخر يبدو أنك نسيت من كان مدربك، إلهي لقد اشتقت لتلك الأيام، كان من الممتع رؤيتك تزحفين حول الحديقة ولم تكملي خمس دورات حتى.

نجح مجددًا في إغاظتها لذلك سحبت قميصه نحو الحافة قائلة: لنختبر إن تمكن الطالب من التغلب على استاذه إذًا لم يكن يمانع كلاهما القفز الآن نحو الحديقة الخلفية والبدء في القتال حتى طلوع الشمس ولكن توقفا في اللحظة الأخيرة عندما سقطت كف واندر على كتف كلاهما لتعلو صوت الصفعة في أرجاء الحديقة.

أجفل كلاهما ممسكًا بكتفه متألمًا ونظرا لواندر التي سحبت كلاهما بعيدًا عن الحافة هل جُننتما؟ أتنويان إيقاظ القصر كله وتدمير الحديقة الخلفية للمكان قبل الذهاب؟ ألا تكفي مصائبكما؟ والآن تريدان الخوض في قتال؟ أعلي.. صفعت كتفهما مجددًا بقوة وأردفت أعلي قتلكما ودفن كلاكما هنا حتى أكمل حياتي بارتياح؟ 

حسنًا حسنًا لقد فهمت وجهة نظرك أرجوكِ كفى عنفًا صاحت جلنار بينما تفرك كتفها المحمر بتألم، نظرت لها واندر بغضب الآن أصبحتِ تمقتين العنف؟ الم تكونا على وشك تمزيق وجه بعضكما لإثبات من هو الأفضل؟ صاحت في وجهها قبل أن ترفع كف يدها في نية صفع كتفها مجددًا ولكن عوضًا عن ذلك أصابت ضربتها ذراع أتريوس الذي امتد تلقائيًا محاوطًا كتف جلنار حتى لا تتلقى ضربة أخرى..

حسنًا اهدأي واندر كنا نمزح فحسب كانت يده تمسد كتف جلنار لا شعوريًا بينما ينظر لواندر بابتسامة مستمتعًا برؤيتها غاضبة ومحاولًا تهدئتها في الوقت ذاته..

تمزحان؟ أتظنني بلهاء أيها الهمجي أخذت تصفع ظهره ليتأوه بألم ولكنه لم يحاول إبعادها أو حتى إمساك يدها وتركها تنفس عن غضبها.

أنظر لما فعلته، لقد حولت الفتاة البريئة حتى أصبحت نسخة من همجيتك وجنونك صاحت مشيرة لجلنار، نظرت بعيدًا بسرعة وقد خبأت نفسها خلف كتف أتريوس الذي بدوره نظر نحوها بنوع من الفخر ولم يظهر تعبير ندم واحد.

وكان من السهل على واندر ملاحظة تعبيرة مما دفعها لتوقف عن ضربه والوقوف في محاولة للهدوء والتقاط انفاسها ستدفعاني للجنون تمتمت بيأس بينما تراقب تبادلهما النظرات ومحاولة تمالك ضحكتهما.

شيء ما في انسجامها جعل غضبها يزول بسرعة بينما بدأت تلاحظ جسد أتريوس الذي وضعه بالكامل أمام جلنار على الرغم من أنها على يقين أن بضع صفعات منها ما كانت لتؤذي أحدهما.

تنهدت وتمالكت أعصابها قبل أن تسحب قميص أتريوس وتدفعه بعيدًا اذهب لغرفتك واحصل على بعض النوم، إن رأيتك تفعل أي شيء له علاقة بتدريب أو قتال أقسم بخالقي وخالقك لانزع شعرك عن رأسك أتريوس لم يتمكن هذه المرة من كبت ضحكاته التي هربت بسبب تهديداتها.

ظلت جلنار تراقبة بوجه مبتسم تشعر بالراحة لتصرفه بشكل طبيعي أخيرًا حولها فقد كان يبدو في حال سيئة منذ حادثة البوابة.

وقف عند باب غرفتها ونظر نحوها قبل أن يحرك شفتيه بلا صوت قائلًا: أراكِ غدًا ابتسمت ملوحة له ليخرج من جناحها متجهًا لخاصته.

عاد انتبهها لواندر التي أخذت تمسد كتفها المُحمر بفعل ضرباتها وسألت بهدوء هل آلمتك؟ قوست جلنار شفتيها للاسفل متظاهره بالألم نعم كثيرًا 

إذًا تستحقين قالت دون تردد ومازالت يدها تمسد كتف جلنار، ضحكت الأخيرة باستمتاع دافعة ابتسامة صغيرة مجبرة على شفتي واندر التي تمتمت لا أعرف كيف تفكران بحق الإله.

تركت كتفها أخيرًا واتجهت نحو أحد المقاعد الموضوعة بعناية في الشرفة، جلست قبل أن تسحب المقعد الآخر بجوارها وتربت عليه داعية جلنار لتجلس بجوارها.

تحركت جلنار بسرور بعد أن ألقت نظرة سريعة على الغرفة تطمئن من وجود يوجين النائم بسلام.

جلست بجوار واندر وأراحت جسدها مستندة على ظهر الكرسي عندما استيقظت سمعت صوتًا قويًا في القصر ولكن الخدم منعوني من الخروج من قصر الضيوف، أتعلمين كم كنت قلقة، طرقت باب جناحك ولكني لم أسمع ردًا لهذا سمحت لنفسي بالدخول بدأت واندر تشرح ما حدث معها لتحرك جلنار رأسها قائلة: لا بأس، يمكنك الدخول متى ما شئت.

ربتت واندر على يد جلنار شاكرة قبل أن تطلب منها إخبارها بكل ما حدث في الخارج ولم تردد جلنار في قص كل ما تعرفه متحفظه على التفاصيل التي مدها يوجين بها.

وما إن انتهت حتى أخرجت واندر تنهيدة قوية وقد بدا على وجهها الاستياء لا أعرف تمامًا ما حدث ولكن لا يمكن للمرء إلا أن يلاحظ كيف يبدو جوزفين منذ أن جئنا إلى هذه المملكة، الفتى المسكين.. تنهدت مجددًا وقد كان الحزن واضحًا في صوتها لقد حاول بشدة البقاء متزنًا بينما الإله وحده يعلم ما واجهه مع والدين كهذين.

أومأت جلنار متفقة ليشاركا صمتًا قصيرًا يفكر كلاهما كيف كانت حياة جوزفين حقًا كطفل وكم كانت العودة إلى هنا تشكل صعوبة تحملها وحده.

أتعلمين، أحيانًا أظن أني بلا حيلة، الكثير يحدث من حولي وكل ما يمكنني فعله هو الوقوف متفرجة، جميعكم لستم سوى شباب تحملون قدرًا كبيرًا من مسؤولية ماكان الناضجون قادرين على حملها، وكل ما يمكنني تقديمه هو وجبه ساخنة و تربيتة صغيرة نظرت جلنار نحو واندر، عينها معلقة بالقمر الذي انتصف السماء ومازلت يدها متمسكة بكف جلنار.

ربما يبدو لك الأمر وكأنك لا تقدمين شيئًا، لكنك بالفعل قدمتي ومازلتي تقدمين الكثير واندر، في يومي الأول، ما كنت لأتجرأ على الخروج من غرفتي لولا معرفتي بوجودك خارجًا، ما كانت العودة للمنزل بعد كل تمرين وكل معركة لها ذات الراحة إن لم نكن نعلم جيدًا أن هناك شخص ينتظرنا هناك، واندر لا أظن أن منزل الفرسان كان ليكون كما هو لولا وجودك معنا، أحيانًا أشعر أن الجدران والغرف ليست المنزل الذي نعود له، بل أنتِ.

حدقت واندر بجلنار بعينين لامعتين تحملان جميع معاني الامتنان قبل أن تزيح وجهها للجهة أخرى تمنع جلنار من رؤية الدموع التي تجمعت في زوايا عينها.

أنا حقًا ممتنة للأشخاص اللذين تمكنا من تربية فتاة لطيفة مثلك جلنار، لا تعلمين رغبتي القوية في مقابلتهما وشكرهما شخصيًا ضحكت جلنار مستمتعه بهذا المديح انا على يقين أنكِ وأمي ستنسجمان فورًا ضحكت واندر ولكن خفت ابتسماتها عندما أردفت جلنار كان أبي رجلًا رائعًا، كان بطلًا بحق لم يسعها إلا ملاحظة كلمة كان ولذلك ربتت مجددًا على كف يد جلنار في مواساة.

أخذت جلنار نفسًا قويًا قبل أن تخرجه كزفير متعب لكنها ابتسمت في النهاية لتقول واندر كان ليكون فخورًا جدًا بإبنته إن رأها الآن لم تستطع جلنار التأكد إن كان حقًا سيسعد برؤيتها الآن، أم سيشعر بالأسى على ابنته لكنها فضلت الاحتفاظ بهذه الأفكار لنفسها .

أتعلمين من كان ليحب مقابلتك حقَا؟ التفتت جلنار نحو واندر بنظارت متسائلة لتدرف كريستوفر فلورمان ارتفع حاجبا جلنار حتى كادا يلمسان مقدمة رأسها، اندفعت صورة لرجل طويل القامة ذو شعر بني وعينين زرقاوتين لرأسها بسرعة.

أليس هذا... تساءلت لتومئ واندر مؤكده والد أتريوس، لازلت أتذكر هذا الرجل حتى يومنا هذا، لقد كان مفعمًا بالطاقة والإيجابية، محبًا لعائلته حتى مات في سبيل هذا الحب عادت لجلنار ذكريات طفولة أتريوس وشعرت بغصة ترتفع خلال حلقها ولكنها منعت نفسها بصعوبة وقد رفعت رأسها تحدق بالسماء حتى لا تسقط دموعها.

كان ليحب وجودك حول أتريوس، لربما أخذ كلاكما يتنافس من بإمكانه قطع أفرع شجر أكثر أو كتم أنفاسه لمدة أطول، كان يحب التحديات كثيرًا انسلت ضحكة صغيرة في نهاية جملتها دافعه جلنار للضحك وسط دموعها التي حاولت اخفائها.

جلنار 

توقفت عن الضحك والتفتت لواندر التي تجنبت النظر لعينها في البداية وكأنها مترددة في قول ما تفكر فيها لكنها حزمت أمرها ونظرت نحو عينها بكل قوة وسألت إلى متى تقررين إخفاء معرفتك بالحقيقة عن أتريوس؟.

سقطت ابتسامة جلنار فورًا قبل أن تزيح بوجهها بعيدًا وقد سحبت كف يدها بعيدًا عن واندر وأخذت تعبث بأصابعها بصمت.

جلنار صغيرتي، أعلم ان رد فعله قد يكون مخيفًا لكنه يحتاج لهذا، يحتاج لرؤية أن هناك من لا يهاب حقيقته، أنا لست بلهاء، يمكنني رؤية كيف ينظر كلاكما للآخر، ربما لم يقلها لكنني ربيت هذا الأحمق على يدي، جلنار أنا لم أرى أتريوس يشعر بهذا الكم من السكينة والراحة بجوار أحدهم كما يفعل بجوارك، إنه غارق حتى قدمه في حبـ..

قاطعتها جلنار قائلة: الأمر ليس كما تظنين واندر مسحت وجهها بانزعاج واضح أثار ضيق واندر فقد بدت وكأنها كانت تكتم جميع مخاوفها حتى هذه اللحظة..

أعلم أن تخبئة الأمر ليس بالخيار الجيد، ربما أنا مدينة له بقول الحقيقة ولكن.. تنهدت قبل أن ترفع نظراتها المرتبكة نحو واندر أنا مرتعبة من رد فعله، لا أعلم كيف سيعاملني، لا أعرف أن كان سيسمح لي بالتواجد حوله حتى والأسواء، ماذا إن قرر المغادرة والاختفاء مجددًا كما فعل مع فينيسيا؟.

هزت واندر رأسها نافية ونفت بسرعة لن يفعل أنا لـ.. قاطعتها جلنار هل أنتِ متأكدة؟ إن وقفت أمامه غدًا وأفصحت عن كل ما أعرف، هل بإمكانك ضمان أنه ما إن نعود سيختفي ليس فقط بعيدًا عنا بل  بعيدًا عن الإلترانيوس كلها واندر؟.

ظلت واندر تفتح شفتيها وتغلقهما أكثر من مرة، تريد التأكيد بثقة أنه لن يفعل لكنها لم تجد المقدرة على ضمان كهذا، لأنها مدركة أن جلنار قد تكون نوعًا ما محقة، هوية أتريوس هي أساس جميع مشاكله منذ أن كان طفلًا..

وجلنار كانت أول شخص يثق به بعد وقت طويل من الإنعزال عن الأشخاص من حوله، لذلك إن وقفت أمامه وأدرك أنها تعرف هويته التي لطالما كان كابوسًا يطارده، قد يفضل الابتعاد والاختفاء عوضًا عن مراقبة جلنار تختفي بدورها.

أعلم أنه ربما قرارًا خاطئ ولكن أرجوك واندر، لا تحاولي إخباره، أعدك أنني سأجد الوقت المناسب وحينها سأخبره بكل شيء لكن.. ليس الآن.

تبادلت كلاهما النظرات لثوانٍ قبل أن تتنهد واندر وتومئ موافقة مثيرة شعور من الراحة عند جلنار.

شكرًا لك. ابتسمت واندر وربتت على كتف جلنار ناهضة من مكانها حاولي الحصول على ساعة أو اثنين من النوم جلنار، أمامنا يوم طويل غدًا أومأت الأخيرة بصمت لتلفتت واندر وتخرج من الغرفة غير راضة تمامًا بقرارهما الأخير ولكنها لم تجد حلًا آخر سوى الصمت حاليًا.

ظلت جلنار في مكنها لبعض الوقت تعيد ترتيب افكارها قبل أن تثيرها فكرة أخرى كانت قد تناستها تمامًا، التفتت تنظر للغرفة حيث ظل يوجين نائمًا بعمق وهو يطفوا بجوار سريرها وقد تذكرت للتو أنها لم تخبر يوجين حتى الآن بأي شيء يخص ماضي أتريوس.

صفعت جبهتها تشعر أن الأمور لا تزداد سوى تعقيدًا قبل أن تمتم رائع.

كان من الصعب عليها النوم وجميع تلك الأفكار تدور باستمرار داخل رأسها، ظلت في مكانها على الكرسي الخشبي لساعات تحدق في الأفق أمامها مكتفة ذراعيها مريحة جسدها ضد ظهر الكرسي. مر الوقت بسرعة دون أن تنتبه له وفي النهاية استسلم جسدها لتغفو فوق مقعدها لساعة إضافية.

ومع استيقاظ سكان القصر من الخدم والحرس والعاملين، بدأ الفرسان -أو من تمكن من النوم منهم- في الاستيقاظ والتجهز للخروج من القصر أخيرًا.

خرج أتريوس واقفًا في شرفته يحاول ملئ رئتية ببعض الهواء النقي بعد أخذه لحمام صباحي سريع. جمع خصلات شعره جميعها بعيدًا عن وجهه قبل أن يحدث نفسه قائلًا: يبدو أنني في حاجه لقصه.

مدد عضلات ذراعيه أخيرًا قبل أن يتلفت للغرفة في نية لإحضار قميصًا ليرتديه لكنه تجمد في مكانه عنما وقعت عينيه على المقعد الموجود في زاوية شرفة جلنار.

ارتفع حاجباه ببعض الاستغراب قبل أن يقترب من حافة شرفته يحاول التأكد إن كانت نائمة أم لا.

جفنيها المغلقتين وشفتاها المنفرجتين بالإضافة لرأسها المائل على كتفها كانت أدلة كفاية تشير أنها غارقة في النوم، تنهد وقد ساوره شعور بعدم الراحة فقط من رؤية وضعية رأسها وكتفها تلك الحمقاء. تمتم قبل أن يحكم قبضته على درابزين شرفته في النية القفز لشرفة جلنار لكنه توقف في الثانية التالية عندما فُتح باب الشرفة باتساع لتدلف أحد الخادمتين اللتا رفقتا جلنار يوم أمس لجناحها.

وقفت الخادمة وكان من الواضح شعورها ببعض الارتباك ما إن لاحظت جسد جلنار على المقعد، التفتت نحو مدخل الشرفة ونادت بصوت هامس إنها هنا.

ثوانٍ حتى دخلت الشرفة خادمة أخرى المكان تتفحص جلنار بعينيها المسكينة، كم يمكن لشخص أن يكون مرهق حتى ينام في هذه الوضعيه قالت الأخرى وقد اعترى وجهها بالكامل تعبير الأسى ثم أردفت.

أشعر ببعض القلق من إيقاظها كتفت الأخرى ذراعيها قائلة: لا تقلقِ إنها مختلفة تمامًا يا ساشا، لقد عاملتني أنا وماري أمس بكل تهذيب واحترام، حتى أنها اعتذرت مني مرتين عندما اخطأت في نطق أسمي حدقت ساشا بجارلين بنظرات تصرخ بعدم التصديق قبل أن تقول: أتظنيني في الخامسة من عمري؟ ابنة التوبازيوس ستعتذر لخادمة؟ أعلم أنكِ تحبين حبك الحكايات لكن احذري لما يقول لسانك حول هؤلاء الأشخاص قبل أن تتسبي في قطعه أنهت جملتها بصفعة على ذراع صديقتها التي تذمرت بانزعاج لكنها الحقيقة حتى أنها حكت لنا عن كوكبها.

لا اهتم، علينا فقط إيقاظها بكل هدوء ولندعوا الإله ألا يكون مزاجها معكرًا  جعدت جارلين تعبيرها بعدم رضى وهمست مجددًا إنها ليست هذا النوع من الأشخاص دحرجت الأخيرة عينيها لا اهتم فقط لنوقظها قبل ان تقطع الملكة رؤوسنا جميـ... اختنقت بكلماتها فورًا عندما اصطدمت عينيها بأعين أتريوس الذي وقف يستمع لهما منذ البداية.

شعرت ساشا بالدوار وقد تسارعات نبضات قلبها بسرعة سببت في انسحاب الدماء من وجهها لتحول للون اًصفر، حاولت تمالك نفسها وقد أسندت جسدها ممسكة بالجدار لثوانٍ قبل ان تقف باستقامة تجاورها جارلين بسرعة لينحني الاثنان دون إضاقة كلمة أخرى.

حاولت ساشا فتح فمها للاعتذار لكن فكها ظل يرتجف دون تحكم منها لذلك احتفظت الاثنتين بصمتهما في هذه اللحظة.

ماذا تفعلان؟

ارتفع رأس كلاهما ببطء يحاولان عدم النظر لعينين أتريوس مباشرة نـ..نعتذر..نعتذ..ر عن أزعاج سـ.. لم تكمل جارلين جملتها الشبه مسموعة بعد أن قاطعها أتريوس قائلًا: قفا باعتدال اعتدلت الاثنتين فورًا وقد تمسكت كل واحدة منهم بزيها الرمادي لشدة توترهما.

هل استيقظ الجميع؟ سأل لتنظر كل واحدة نحو الاخرى لثانية قبل أن تجيب جارلين بصوت مهتز: لـ..لست على يقين سيدي، غـ..غرفة السيدة روسيل كانت الاولى التي.. التي نمرها. أومأ أتريوس قبل أن يلقي نظرة سريعة على جلنار.

لا بأس، مرا بباقي الغرف أولًا ثم عودا لإيقاظها، لم تحظَ بنوم كافي. تمتم بالجملة الأخيرة وكأنه يقولها لنفسه لا لهما.

انفرجت شفتي الاثنتين ببعض البلاهة وظلتا تحدقا بأتريوس، أمال أتريوس رأسه يحدق بمستوى نظرهما ينتظر أي استجابة لتجفل جارلين عن شرودها قائلة: بالتأكيد سيدي سنفعل.

أومأ راضيًا قبل أن يلتفت في نية العودة لغرفته سيكون من الجيد إن أحضرتما غطاءً لأجلها فالهواء بارد اليوم قال قبل أن يدلف مباشرة لغرفته لتنحني الخادمتين بسرعة حتى تأكدتا من ان أبواب شرفته قد أغلقت.

حدقت كل واحدة بالأخرى بعينين يطابق اتساعهما اتساع طبق طعام قبل أن ينظرا نحو شرفة أتريوس مجددًا أليس هذا؟... سألت ساشا لتومئ جارلين بسرعه هامسة وهي تصفع كف زميلتها باستمرار أنه هو، الفارس الحادي عشر أتريوس فلرومان.

هل طلب منا للتو... توقفت ساشا قبل أن تنظر مجددًا نحو جلنار، أطلقت شهقة قوية لتقفز جارلين فوقها تغطي فمها لتخفض صوتها ستوقظينها، أتريدين أن يخرج ويقتل كلتانا؟ ظلت ساشا تحدق بأعين متسعه نحو جارلين قبل أن تمسك كف يدها وتسحبها بسرعة نحو الغرفة بيعدًا عن الشرفة.

لما يبدو الأمر وكأنه.. توقفت وكأنها تخشى إكمال جملتها، اخذت ابتسامة جارلين تتسع حتى كادت تمزق وجنتيها صحيح؟ لست أتخيل أحداثًا من تلقاء نفسي؟ ألا يبدو وكأنه مهتم بها؟ أومأت ساشا بسرعة وقد بدت الاثنتين كمراهقتين تستمتعان بمشاهدة فلم رومانسي رخيص.

إلهي جارلين هل رأيت كيف وقف بكل رجولة غير آبهٍ بصورته وهو يأمرنا بعدم إيقاظها؟ أومأت جارلين بسرعة قافزه في مكانها عدة مرات هالة الرجل البارد تحيطه بشكل لا يصدق ولكن الطريقة التي نظر بها نحو الآنسة روسيل، أظن أنني فقدت صوابي لوهلة صرخت في النهاية لتصفعها ساشا بسرعة حتى تخفض صوتها.

لم ألاحظ هذا في البداية لكن، ألم يبدو غاية في الوسامة إن تاجهلتِ نظراته القاتلة، لقد منعت نفسي بصعوبة من التحديق بصدره ضحكت ساشا كمراهقة حمقاء وهي تقول: لم ألحظ حتى أنه بدون قميص لشدة خوفي، ظننت أن هذه نهاية حياتي عندنا تلاقت عيناي به.

دفعتها جارلين بسرعه والتفتت تبحث في المكان دعينا نحضر غطاءً قبل أن يغضب منا لعدم الاهتمام بالآنسة ضحكت في نهاية جملتها لخيالها الجامح أتتوقعين أن هناك علاقة بينهما؟ انتصبت جارلين بسرعة لسؤال ساشا أتعنين شيء كعلاقة مستحيلة بين إلترانيوسي وامرأة من عالم آخر؟ غطت فاهها بكلتا يديها تشعر باستمتاع كبير يبدو الأمر وكأنها مسرحية تراجيديه كنت لأشاهدها مرات لا تحصى.

أمسكت ساشا بأحد الأغطية من الخزانه وقالت وهي عائدة للشرفة لا يمكنني تخيل الكيمياء بينهما جارلين خرجت صرخة مكتومة من جارلين بحماس وهي تقفز في ارجاء المكان.

ولم تتمكن كلتهما من رؤية الشبح الواقف في الزاوية يحدق بهما باشمئزاز واستنكار واضح إنه أقبح وأسوأ وأقذر سيناريو يمكن لرجل الاستماع له التفت ينظر لجارلين التي تدندن بسعادة بسطور أغنية من الواضح أنها عن الحب ليدحرج عينيه ويتحرك نحو الطاولة في منتصف الغرفة ويركلها بخفه لتتساقط الأغراض من فوقها مسببة إجفال جارلين.

قومي بالتركيز في عملك عوضًا عن تأليف سيناريوهات لا داعي لها صاح بانزعاج بينما انحنت جارلين تجمع الأغراض التي تبعثرت حول الطاولة التي تفحصتها أكثر من مرة تحاول فهم كيف سقطت وحدها.

تركت الاثنتين غرفتة جلنار لتمرا على باقي الغرف تتأكدان من استيقاظ أصحابها وفي تلك الاثناء قام يوجين بأخذ نزهة سريعة في ارجاء القصر يستمع لكل النميمة المتناقلة ويحاول إبجاد أورال لأخذ أي معلومة قد تفيد جلنار لاحقًا.

لم يمر الكثير من الوقت حتى استيقظت جلنار وحدها بسبب ألم رقبتها الذي سببته وضعية نومها. فركت عينيها متثائبة قبل أن تمدد جسدها ليسقط الغطاء أرضًا.

التقطته ببعض الاستغراب تحاول التذكر متى قامت باستخدامه لكنها تجاهلت الأمر واتجهت لغرفتها لأخذ حمام سريع عندما لاحظت أن الشمس أشرقت بالكامل.

كان من اللطيف الشعور بالمياه الدافئة على جسدها بعد اليومين الماضيين اللذين قضتهما تتعامل مع الكثير من الأحداث كلها دفعة واحدة. كانت لاتزال تحاول التأقلم مع كل المعلومات التي عرفتها عن حياة أتريوس وجوزفين في هذه الرحلة..

وقفت أمام مرآة المرحاض كعادتها قبل أن تزيح البخار المتراكم فوقها، حدقت بانعكاسها تشعر أن التعب الظاهر على وجهها أصبح أخف الآن.

ومضة سريعة لوجه لوكيان ظهرت من بين ذكرياتها وشعرت وكأن وجهه يحدق بها من خلال المرآة. اعتصرت جفونها قبل أن تفتح صنبور المياه الباردة وتقوم بغسل وجهها بعنف أكثر من مرة.

أخذت نفسًا قويًا قبل أن تعيد التحديق بعينيها خلال انعكاسها، ذلك الشعور السيء كان يزحف ببطء خلال جلدها وفوق رقبتها، وكأن عينيه مازالت تلاحقها في كل مكان، كلما اختلت بنفسها لا تنفك تتذكر كيف وقف ينظر نحوها.

تلك الحدقتين، سوداء كسواد ليلة بلا قمر، وكأن الحياة انتزعت منها انتزاعًا.

صوته الرخيم الهادئ وجملته الوحيدة، جميعها كانت تكرر داخل رأسها كشريط فلم مكسور تدفعها شيء فشيء للفزع.

حاولت التنفس بهدوء وببطء بينما تهمس مرارًا لنفسها بـ كل شيء بخير.

وقعت عينها على العلامة  الموجودة جانب رقبتها بينما تحاول تهدئة نفسها، كلما تكررت صورة لوكيان في ذهنها كلما كانت أكثر وضوحًا، الآن فقط عندما حاولت التذكر بتركيز، كانت شبه متأكدة أن عينيه تعلقت برقبتها لولهة، التمعت عينها مدركة الآن أنه بالفعل حدق بثوانٍ في علامتها قبل أن تمدت يده نحوها.

لماذا؟ كان هذا السؤال الوحيد الذي دار في خلدها، تلمست العلامة السوداء الأشبه بوشم صغير بأطراف أصابعها. حتى الآن لا تملك فكرة عن معنى هذه العلامة، لا يمكنها ترجمة الكلمة المكتوبة في منتصف علامتها وقد تجاهلت هذه الحقيقة لوقت طويل مشتتة بأشياء أخرى.

ربما عليها التحدث مع أرتيانو فور عودتهم.

 تمسكت بالمنشفة حول جسدها قبل أن تدفع بتيارات من الهواء الدافئة حولها لتجفف نفسها خلال دقيقة.

ابتعدت عن المرآة بعد أن شعرت أنها قد تمالكت نفسها قليلًا وخرجت من المرحاض لتقوم بارتداء ملابسها وتقرر ترك شعرها هذه المرة فوق ظهرها دون جمعه.

وبينما تقوم بوثق رباط حذائها سمعت نقرات على باب غرفتها لتسمح بالطارق بالدخول.

فُتح الباب ليظهر جوزفين مبتسمًا من خلفه، اعتدلت في جلستها وقد اعتلت وجهها ابتسامة مشابهة ورحبت به.

أراد الخدم إيقاظك لكنني أخبرتهم  بترك المهمة لي، تم برمقي ببعض النظرات الغريبة لكن لا بأس تمتم بنهاية جملته مما سبب اتساع ابتسامة جلنار أكثر.

لقد وفرت عليك العناء إذًا. قالت ليوميء ويتخذ أقرب مقعد في الغرفة للجلوس أيمكنني التحدث معك لدقائق؟ شعرت ببعض الحيرة لكنها وافقت فورًا مشجعة جوزفين لتحدث براحة.

ربما لم تكن تجربتك في هذا القصر هي الأفضل لذلك أريد أولًا الاعتذار لهذا، أردت منكِ الاستمتاع قليلًا هنا ولكن اختلفت الأمور قلـ.. كُتِمت باقي جملته بفعل الوسادة التي ألقتها جلنار لتصيب وجهه مباشرة توقف عن التصرف كأحمق، هذا هو الشيء الوحيد الذي يزعجني منذ مجيئي إلى هنا.

أزاح الوسادة عن وجهه وحدق بها بدهشة لتردف فقط تصرف كجزوفين العادي، من غير المريح رؤية مكانًا ما يسرق حماقتك المعتادة، والدك شخص حقير، ثم ماذا؟  لا بأس في ذلك لسنا أكثر الأشخاص طبيعية، ألا تراني أتبدال الحديث مع أشخاص أردوا قتلي منذ الأسبوع الأول لي هنا، لا تتصرف وكأنك المميز الوحيد بيننا.

ظلت تعبيره ثابته قبل أن يخفض رأسه بينما يبعثر شعره ببعض الإحراج أكنت أتصرف بغرابة؟ زمت جلنار شفتيها لثوانٍ قبل أن تجيب لا يمكنني حقًا لومك، أعني يا رجل تملك عائلة كارثية، خروجك منها بشخصية كشخصيتك جعلتني أشعر وكأنك بطل خارق من نوع ما ضحكت في النهاية مثيرة رغبته في الضحك أيضًا.

بطل خارق؟ كرر باستغراب لتومئ مؤكدة نعم بطل خارق، أنه شخص يملك قوة غير اعتياديه وقد مر عادةً بماضٍ سيء لكنه لم  يترك الأمر يؤثر عليه سلبًا وأصبح شخصًا جيدًا يساعد الآخرين كان من الواضح أنها تحاول ممازحته حتى تكسر الأجواء الغريبة بينهم لكن عينيه التي لمعتان فجأة كانت توضح متى تأثره بنظرتها له.

أظن أنني أحببت هذا تمتم وقد بدأ فجأه يشعر ببعض التحسن للمرة الأولى منذ ليلة امس.

نهض من كرسييه في نية دعوتها للذهاب لكنه تذكر ما جاء لأجله في المقام الأول لذلك التفت نحوها مجددًا قائلًا:

بالمناسبة، ليس عليكِ القلق من تعاون أورال مع النبلاء بعد الآن ارتفع رأسها نحوه بسرعه تحاول التقاط سبب الثقة في جملته لكنه أجابها دون سؤال لقد أعطى وعدًا تحت ميثاق الدم الملكي، لذلك لن يتمكن من كسره حتى إذا اراد.

ظلت جلنار تحدق في وجهه قبل أن تكرر ميثاق الدم؟ أدرك أنها لم تسمع به من قبل لذلك حاول التفسير بشكل مختصر أنه أشبه بعقد بين شخصين يتم عبر امتزاج دمائهما وختم ساحرة للميثاق بتعويذة سحرية، إذا أخل أحد الطرفين بالإتفاق تظهر علامة واضحة على وجهه، وكلما علّت مكانة الشخص اجتماعيًا كان إخلاله للعقد أشبه بوصمة عار وكان أثرها أكبر على حياته لذلك يتجنب الملوك أي وعود تضمن ميثاق دم.

فغرت جلنار فاهها تحاول إدراك ما فعله تعلم أنه لم يكن عليك الذهاب لهذا الحد جوزفين، في النهاية لا يزال والـ.. قاطعها دون أدنى تردد هذه هي الطريقة الوحيدة لدفع رجل مثله لحفظ كلمته جلنار، لا يمكنكم معرفته كما عرفته أنا، لذلك فقط.. تعاملي مع الأمر وكأنه عادي، سيكون هذا أكثر راحة لي.

لم تكن مرتاحة بدورها لفكرة تورط جوزفين في شيء كهذا مع رجل من الواضح أنه لا يطيقه لكنها كانت رغبة واضحة وصريحة من طرف جوزفين لذلك أومأت باستسلام دون الاعتراض بكلمة أخرى لتتسع ابتسامته المرتاحة.

أوه شيء آخر.. قال بينما ينهض من فوق الكرسي والدتي ليست بصحة جيدة هذه الأيام، لكنها للمرة الأولى بدت راغبة في استقبال ضيوفها لذلك، إن قامت بأي تصرف غريب أو قالت شيء بدا غير مفهوم أتمنى أن تتعاملي مع الأمر وكأنه عادي.

تنهدت ونهضت بدورها من مكانها لتقف أمامه يحدق كلاهما في الآخر قبل أن تخرج عن صمتها وتصفع رأسه بقوة ليمسك برأسه متأوهًا بألم توقف عن التعامل معي برسمية زائدة أيها الأحمق صاحت في وجهه غاضبة بجدية هذه المرة.

 تجلب شعور بعدم الراحة في كل مرة تفتح فيها فمك تمتمت بغضب وتخطت جسده لتخرج من الغرفة.

ظل في مكانه يحدق في ظهرها بينما يمسح مكان ضربتها بوجه متألم ولكن مع ابتسامة مرتاحة يشعر أن جميع أفكاره ومخاوفه تبددت نوعًا بعد حديثهما.

انتظريني صاح لاحقًا بها لخارج الغرفة سننتظر الجميع عند مدخل قصر الضيافة قال بينما يسيران في الممر لكنها توقفت فجأة عن المشي ليتوقف معها محدقًا بها باستغراب.

أين كنت أيها الغبي. صاحت فجأه ملوحة بيدها في الهواء لتتسع عين جوزفين بدهشة مـ..ماذا؟ التفت حوله لكنها لم تكن تتحدث معه كان انتباهها منصبًا على يوجين الذي حلق نحوهما منذ دقيقة.

لما أنتي دافعية جدًا منذ الصباح الباكر؟ صاح في وجهها في المقابل أتعلم كم مرة استيقظ فيها ولا أجدك في غرفتي؟ أتظننا نلعب؟ هتفت بغضب ليرد بسرعة لقد كنت أقوم بجولة في المكان لمعرفة كل ما يُقال ويحدث حتى أتمكن من مساعدتك ايتها اللئيمة.

ومن سمح لك بالعـ.. توقفت في منتصف جملتها بينما يعالج عقلها ما قاله: أقلت أنك خرجت لوحدك دون طلب مني بحثًا عن المعلومات؟ كتف ذراعيه وقد أبدا تعبيرًا منزعجًا بجدية وقد كوفئت على ذلك بالصراخ في وجهي. ألقت جلنار نحوه نظرة متفحصة قبل أن تتمتم لم أتوقع شيء مماثل منك

جلنار.

التفت كلاهما نحو جوزفين الذي أصفر وجهه وقد ابتعد عنهما بخمس خطوات أعلم أنك تتحدثين مع ذلك الشبح ولكن، أيمكنك عدم فعل ذلك أمامي، هذا أكثر مشهد مثير للرعب.

أتحارب جنود مصنوعين من لعنة ظلام، وتحاول قتل والدك والذي من الواضح أنه شخصية لا تقل تواضعًا عن هتلر والآن تخبرني أنك خائف من روح مسالمه؟ صرخ يوجين في نهاية جملته قبل أن يتجه نحو جوزفين مشيرًا لوجهه باصبعه السبابه أتعلم ماذا، سأترك المسكين زوندي، أنت ضحيتي التالية، أستعد لأيام من الرعب في كل زاوية في غرفتك.

جلنار! لماذا سكتِ؟ ولما يبدو وكأنك تنظرين لوجهي ولا تفعلين في الوقت نفسه؟ بصوت حاول تمالكه سأل جلنار بينما نظر بزاوية عينه حيث تنظر جلنار وحيث وقف يوجين يتمتم بالشتائم لا داعي للقلق أنه يوجين يحاول إخبارك بوضح كم أنك الشخص المفضل له بين الفرسان.

ارتفع حاجب جوزفين بينما تتسع ابتسامة خبيثة على وجه يوجين وهو يحاول تركيز طاقته على يده اليمنى حتى تصبح ملموسه متمتمًا سأريك كم يحبك عمك يوجين ويضع كف يده الباردة على رقبة جوزفين.

خلال عشر ثوانٍ وصل جوزفين خلال ثلاث قفزات لآخر الممر ذو الثلاثون قدمًا وقد ترددت صدى صرخته في انحاء القصر كله.

وقف يوجين في مكانه لثلاث دقائق القادمة يحاول التوقف عن الضحك بينما منعت جلنار نفسها بصعوبة من إفلات ضحكاتها أمام جوزفين.

انسي الأمر، أنا ذاهب وحدي صاح بينما يهرول خارج الممر بالكامل لتسمح جلنار لنفسها بالانفجار ضحكًا.

عليكِ الاعتراف أن هذا كان أكثر الأمور تسليه خلال اليومين الماضيين تفاخر يوجين لتومئ متفقة.

بالمناسبة، أورال لم يخرج من جناحه منذ ليلة أمس حسب حديث الحرس، ويبدو أن جوزفين وثونار حولا مكتبه لساحة معركة.. توقف يحاول تذكر بقية الأحداث الخدم يركضون في الأرجاء لتحضير مائدة فطور لأجل لقاء الملكة بكم والذي يبدو بالمناسبة حدث استثنائي، على ما يبدو أن الملكة لم تخرج من جناحها لتحية ضيف لوحدها منذ زمن بعيد.

استمعت جلنار لما لديه بإنصات إذًا، يبدو أن أورال لن يقوم بتودعينا قالت متمتة قبل أن تنظر ليوجين أنهاك شيء آخر مهم نسيت إخباري به كعادتك؟ توقف لثوانٍ يشعر بالإهانة وكاد يبدأ في التذمر لولا تذكره أنها نوع ما عادة لديه لذلك ابتلع كل تذمراته وحاول التفكير بجدية..

لا، لا شيء مهم، المركبات يتم تجهيزها لأجل تحرككم اليوم، الخدم يتهامسون منذ الصباح حول حادثة جوزفين والملكة و... أوه بعض الأحاديث الجانبية بين الحرس عندما تسربت بعض الأقاويل عن محاولات بحثك عن ذلك المدعو آرنالدو هيلبارت.

التفتت نحوه بسرعة هيلبارت؟ ماذا قالوا عنه؟ فكر مجددًا لثوانِ محاولًا التذكر أنك مجنونة لمحاولة دعوة شخص مثله للأترانيوس وبعضهم كان على اقتناع تام أن الرجل شخصيًا مجنون لا يمكن الوثوق به.

زمت شفتيها تحاول التفكير جيدًا ومقارنة ما قاله زوندي عن هيلبارت وما يقوله الآخرون طيلة الوقت لا داعٍ للتسرع، فلم يحبنا الجميع أيضًا منذ البداية تمتمت عن شبه اقتناع ولكنها لم تتمكن من تجنب بعض القلق الذي ساورها حول إن كانت تقوم بالفعل الصحيح.

انتِ هنا؟ التفتت نحو صوت أوكتيفيان الذي يسير جنبًا ألى جنب مع أتريوس صباح الخير حيت كلاهما ثم أضافت سبقنا جوزفين نحو مدخل قصر الضيوف أومأ أوكتيفيان وضاف زوندي أيضًا سبقنا إلى هناك.

لنأمل أن تكون كل من ثونار وواندر هناك أيضًا حتى ننتهي من هذا الأمر بسرعة قالت جلنار وكان من الواضح اتفاق الرجلين معها حتى دون الافصاح عن ذلك.

تنفست جلنار الصعداء عندما تحققت أمنيتها فقد وجدت كل من واندر وثونار ينتظرا برفقة جوزفين وزوندي في القاعة الكبيرة عند مدخل قصر الضيافة.

وقف الجميع معًا ليبدأ أوكتيفيان فورًا:

حبًا في الإله، دعوا هذا اللقاء الأخير يمر بسلام دون أي مشاكل... نظر نحو ثونار التي دحرجت عينيها أو تعليقات وقحة.. اتجهت عينه نحو أتريوس الذي كان يثبت حزام فأسيه بلا مبالة أو تعقيدات لا داعٍ لها.. نظر لجلنار التي كادت تصيح بـ ماذا فعلت انا؟ لكنها التزمت الصمت بتعبير غير راضٍ.

تذكروا جميعًا أننا نتناول وجبة إفطار مع جلالة الملكة لذلك تمالكوا أنفسكم ولا تتعاملوا بطبيعتكم حتى النهاية. أضاف دون أي فرصة للنقاش ألا يجب أن تكون الجملة الصحيحة هو أن نتعامل بطبيعتنـ.. قاطع أوكتيفيان زوندي فورًا لا... طبيعتكم كارثية، لا تتعاملوا بطبيعة نهائيًا، تعلموا النفاق الاجتماعي وضعوا ابتسامة واحدة جيدة على وجوهكم بحق الإله وتذكروا ان جوزفين هنا هو سمو الأمير وولي العرش وليس صديقكم من الباحة الخلفية قال جملته الأخيرة بانزعاج واضح وهو ينطق كل حرفٍ بقوة بينما يزجر ثونار بعينيه.

جلالتها في انتظار انضمامكم لها، إن كان بإمكان سمو الأمير وضيوفنا اتباعي.

تغيرت تعابير أوكتيفيان لأخرى رسمية وهادئة ما إن صدح صوت أحد الحرس في المكان والتفت نحو جوزفين ينتظر منه التحرك أولًا بصفته الأمير مسببًا تململ الأخير والتحرك خلف الحارس ليتبعه الآخرون بصمت.

كانت طاولة الإفطار مجهزة مسبقًا في الحديقة الأمامية للقصر والتي كانت ذات مساحة ضخمة وممتلئة بعدد كبير من الأعمال الفنية المعمارية، بدء من طريقة تهذيب الأشجار وتشكيلها وصولًا لنوافير المياه والبرك الموزعة بشكل منظم حتى الأرصفة الحجرية و المماشي الموزعة كانت مصنوعة باحترافية عالية.

كان النسيم لطيفًا جدًا يحمل برودة محببة وحفيف الأشجار أضاف لمسة جميلة مع منظر الطاولة الكبيرة التي التفت حولها المقاعد بترتيب وارتصت فوقها أصناف لا تُعد من الشطائر والمخبوزات وحتى الحلوى وأقداح المشروبات الساخنة والتي لازالت فارغة حتى وصول الضيوف.

أخذ كل واحد منهم مقعدًا وتُرك المقعد الوحيد المختلف في الشكل والذي كان من الواضح أنه موجود لأجل جلالتها فارغًا حتى مجيئها.

ألم يقل أن جلالتها في انتظارنا؟ همست ثونار مميلة بجسدها نحو مقعد واندر التي بدورها رفعت كتفيها جاهلة أنها بروتوكولات ملكية، على جلالتها الدخول بعد مجيء الضيوف، لا يجب على فرد ملكي انتظار أحدهم بل العكس أجاب جوزفين بصوت منخفض قبل أن يعتدل هو وثونار في جلستهما ما إن لاحظا أنظار أوكتيفيان الحادة والثابتة عليهما بصمت.

يسعدني تلبيتكم لدعوتي هذا الصباح.

نهض الجميع على أقدامهم ما إن أنضمت الملكة لهم أخيرًا، اتسعت عين جوزفين ما إن وقعت عليها. مرتدية أحد فساتينها الملكية ذات اللون الوردي القاتم وقد تزينت بشكل مناسب وهادئ، ولأول مرة منذ زمن طويل شعر أن والدته سرقت بعض من بريقها الذي تميزت به في الماضِ.

لا بأس تفضلوا بالجلوس أشارت لهم ما إن أخذت مكانها حول الطاولة ليجلس البقية، أشارت خادمتها الشخصية للخدم من حولهم للبدء في صب أقداح المشوربات الساخنة والتي تصاعدت أبخرتها على الفور مصحوبة برائحة طيبة من الأعشاب المغلية جيدًا.

أنه أحد أنواع شاي النوشكا، يُزرع خصيصًا لأجل العائلة الملكية، أتمنى أن تستمعوا به أوضحت الملكة قبل أن تتناول قدحها الخاص وارتشفت منه في هدوء.

أخذ كل واحد منهم قدحة بهدوء وما إن تذوقته جلنار حتى التمعت عينها وقالت دون تفكير أنه يشبه شاي البابونج والنعناع كثيرًا. نظرت نحوها الملكة ببعض الاستغراب مثير إحراجها لتوضح بصوت أكثر انخفاضًا مشروب ساخن لتهدئة الأعصاب نقوم بصنعه في موطني.

وضعت الملكة قدحها جانبًا وقد أبدت اهتمامًا واضحًا أتصنعون الشاي أيضًا على كوكبكم؟ أومأت جلنار فورًا وابتسمت متذكرة من أين جاءت بالضبط في الواقع أنا أعيش على مملكة تسمى بريطانيا على كوكبنا، شعبي يشتهرون كثيرًا بحبهم لحفلات الشاي، ربما تختلف أسماء المشروبات لكن أظن أن مشروب الشاي يشبه كثيرًا ال.. توقفت تحاول تذكر أسم مشروبها لتذكرها الملكة فورًا النوشكا أومأت جلنار.

ظننت أن الأمر مختلف عندكم  تمتمت الملكة ببعض الحيرة لا، في الواقع نتشابه كثيرًا أكثر مما ظننت، المشروبات الساخنة تختلف من اختلاف المناطق ولكننا نبرع في صنعها، هناك الشاي والبابونج والنعناع والكاكاو  و... توقفت عندما لاحظت انسياقها التام في السرد أمام ملكة -حرفيًا- لذلك تجنبت نظرات أوكتيفيان بأي ثمن ونظفت حلقها مضيفة في النهاية انها كثيرة.

إذًا أتمنى أن تنال مشروبات مملكتنا على إعجابك دون إظهار أي تذمر أضافت الملكة بهدوء لتتمسك جلنار بقدحها مجيبة فورًا أنها حقًا ذات طعم مميز أومأت الملكة برضا قبل أن تحلق بعينها للمقعد على يمين جلنار ويميل رأسها باستغراب لثوانٍ قائلة: لا يبدو أنه يعجب الجميع!.

التفت الجميع نحو أتريوس الذي جلس في مقعده دون المساس بكوبه ولو مرة لا أشعر برغبة في تناول الفطور... ولكن شكرًا. كاد المشروب الدافئ يتوقف في منتصف حلق أوكتيفيان الذي سعل بسرعة محاولًا إخفاء انفعاله.

وفي المقابل لم يرى أتريوس أنه قام بأي خطأ فقد شكرها في النهاية وهذا كان تهذيبًا زائد عن الحاجة من ناحيته.

لا بأس، بإمكاني جعل الخدم يصنعون لأجلك ما تـ.. قاطعها أتريوس دون تردد لا داعٍ، لا أريد شرب شيء، يكفي أن تنتهي الأميرات من حفلة الإفطار حتى نتمكن من المغادرة. هذه المرة لم يكن أوكتيفيان فقط الذي يختنق بمشروبه فزوندي سكب نصفه بينما ظلت واندر تحدق بأتريوس بفك يكاد يُلامس الأرض.

أخفى جوزفين وجهه فورًا بين كفيه لا يعرف إن كان عليه الإنفجار ضحكًا أم الدعاء أن يمر اليوم بخير ففي النهاية حتى وإن كانت والدته فهي لا تزال الملكة..

جلالتك، ارجوا أن تعذري أسلوبه الهمجي في الحديث.. توقف أوكتيفيان فورًا عندما ارتفع كف الملكة بهدوء وقد رسمت ابتسامة صغيرة متفهمة يبدو أن الجميع ليسو مناصرين لفكرة المبيت، أكان البقاء في القصر مزعجًا جدًا أيها الفارس؟

حدق أتريوس بوجهها لثوانٍ يقوم بإحصاء كم المصائب التي حدثت منذ مجيئهم ولم يكن ينوي الكذب لثانية لذلك ما إن أراح ظهره ضد مقعده كان من الواضح للجميع أن الإجابة التي ستخرج من فمه في الخمس ثواني التالية قد تسبب في نفيهم جميعًا من هذه المملكة للأبد..

في الواقع لقـ.. لم يتمكن من إكمال جملته وقد انعقد حاجبيه بشدة وانقبض فكه واتجهت عينه بسرعة نحو قدمه التي شعر بعظامها تُهرس حرفيًا تحت أقدام جلنار التي تدخلت فورًا قائلة: لقد استمتعنا كثيرًا جلالتك، لقد ذهلت حقًا من التصماميم المعماريه للقصر، كلما تجولت داخله كلما ازدت ذهولًا، كما أن الخدم جميعًا متعاونين والعائلة الملكية تعاملت بكل كرم مع وجودنا، لذلك أظن أن الجميع قد استمتع بوجوده هنا... وجهت نظرة جانبية حادة تكاد تخترق جمجمة أتريوس وقالت من بين أسنانها بينما تضغط على كل كلمة وقد بدأت قزحيتها تتحول للون أحمر قاتم بفعل الغضب أليس. كذلك. سيد. أتريوس؟.

نظر نحوها بوجه جامد وبنظرات تحدٍ واضحة لكنها ضغطت بشكل أقوى على أصابع قدمه مستغله زاوية جلوسه التي لا تسمح لقدمه بالهروب، أخذ نفسًا قويًا وقد ارتجف جفنه لثوانٍ لشعوره بعظام أصابع قدمه تكاد تتحطم لذلك سحب قدمه بقوة ولكن لم يستطع الهروب من نظراتها التي ترسل رساله واضحة -أنت ميت- رغم الابتسامة الباردة على شفتيها.

بالطبع، استمتعت كانت هذه الكلمتين الوحيدة التي تمكن من قولها بينما يرمق جلنار بانزعاج واضح وغضب مكبوت ولكنه رسم ابتسامه صغيره لا تمد للود بصفة وتكاد تكون ملحوظه نحو الملكة التي كانت تحدق بهما هي والخدم بنظرات مندهشة حاولت تمالكها.

التفتت جلنار للملكة وقد تبدلت تعبيرها فورًا لأخرى لطيفة ومبتسمة.

اعذرينا جلالتك، إنها مجموعة يُصعب التحكم بها علق جوزفين فورًا ممازحًا في محاولة لتلطيف الأجواء برغم من حربه الضرية مع نفسه حتى لا ينفجر ضحكًا في منتصف المكان.

لا بأس، أرى أنها قادرة على ترويض أصعبكم سلوكًا تمتمت الملكة بابتسامة جانبية قبل أن ترتشف من قدحها وعينها لم تبتعد عن جلنار.

اختنقت الأخيرة بمشروبها وحاولت بشدة منع نفسها من السُعال وقد وضعت القدح جانبًا مشيحه برأسها بعيدًا بينما ارتفع حاجب أتريوس حتى كاد يلامس مقدمة رأسه.

اخفت ثونار وجهها بسرعه بين كفي يدها وقد اهتز جسدها كله لشدة الضحك وظل كل من أوكتيفيان وزوندي يحدقان بالملكة ببلاهة ثم بأتريوس وقد عُلقت أيديهم الممسكة بأكوابهم في منتصف الطريق.

جـــــلالــــتك!! لا تقومي بدعم هذه العلاقة السامة والتي لا تملك حتى اسمًا واضحًا.

صُراخ يوجين بينما يكاد يضرب رأسه بالجدار كان الشيء الوحيد المسموع وسط الصمت الذي غرقت فيه الغرفة

تماسكت جلنار حتى لا ترمي القدح في منتصف رأس يوجين ونظفت حلقها مطلقة ضحكة صغيرة لا تنم بأي شكل من الأشكال للفكاهة.

وضعت الملكة كوبها فوق الطاولة قبل أن تريح ظهرها وتتحدث بهدوء لقد كانت تصلني حكايا متفرقة طيلة الوقت عن الفرسان، وأعلم أنكم لا تحصلون على دعم واضح من الأشخاص حولكم.

تركت جلنار مشروبها جانبًا عندما شعرت أن حديث الملكة هذه المرة ذو أهمية لذلك أنصتت باهتمام ربما لست بالقوة الكافية كجلالته لكن.. توقفت لثوانٍ ولم تفت جلنار العقدة بين حاجبي الملكة وارتجاف يدها الذي حاولت اخفاءه قبل أن تأخذ نفسًا بطيئًا وتردف أظن أنه من واجبي كملكة أظهار امتناني الخالص لحمايتكم لموطني، ما حدث في قصر أركتسوراي كان ليتحول إلى كارثة لولا وجودكم وتدخلكم.

تبادل الفرسان النظرات فيما بينهم ببعض الدهشة فتلك كانت المرة الأولى لهم في سماع شكر صادق من أحد العوائل الملكية، بينما ظل جوزفين يحدق في والدته بأعين التمعت بشدة.

لا يمكنني وصف كم أدفأت عبارتك قلوبنا جلالتك قال أوكتيفيان فورًا وقد أحنا رأسه بنبل واضح ليتبعه البقية بإيماءه خفيفة.

أجفل جوزفين بشكل غير ملحوظ عندما التفتت نحوه الملكة ورسمت ابتسامة صغيرة ولكن بعيدة عن الرسمية وقالت: أنا فخورة بسمو الأمير، لتعد لنا سالمًا جوزفين ظل يحدق بها لا يصدق أنها للمرة الأولى منذ وقت طويل تتحدث بكامل قواها العقلية معه.

أراد الالتفات نحو ثونار والتأكد إنها لم تلقي على والدته أي تعويذة سحرية لكنه تمالك نفسه وحاول تخبئة تعبير الدهشة وأومأ برأسه بصمت.

ظلت جلنار تراقب الوضع بينهما ولم يخفى عليها تعبير الملكة التي حاولت بشدة الحفاظ على ثباته، ولكن انعقاد حاجبيها المستمر وتعرق جبينها مع ارتجاف يدها كان كفيلًا لدفع جلنار لنظر نحو أوكتيفيان كإشارة واضحة على وجوب تحركهم.

جلالتك، نحن شاكرون كرمك واستقبالك لنا، لقد كانت دعوة لطيفة منك، لذلك إذا أذنت لنا فأظن من الأفضل ترك جلالتك ترتاحين كان طلبًا واضحًا لذهاب ولكنه مغلف بطبقة من الأدب والأتيكيت كعادة أوكتيفيان.

أومأت الملكة ووقفت ليقف الجميع بعدها ويحاوطها خادمتيها تنتظركم المركبات خارجًا، ستأخذكم حيث تريدون خلال وجودكم هنا. سأدعوا الإله أن تعودوا لنا سالمين فائزين بهذه الحرب.. التفتت حيث جلنار وأضافات: سأنتظر زيارة منك بعد نهاية هذه الفوضى، أظن أن حكاياتك ستمتعني كثيرًا ابتسمت جلنار وأومأت قائلة: أنه لشرف لي.

التفت الفرسان جميعًا خارج المكان ولكن قبل أن يخرج جوزفين أوقفته يد والدته فوق كتفه ليلتفت نحوها، أمسكت بكف يديه بين يديها ونظرت لوجهه وكأنها لم تره منذ وقت طويل..

لم أكن الأم الأفضل لك، أستحق منك الكراهية تمامًا كما والدك يا صغيري، لذلك انتبه لنفسك، عد لي حيًا ترزق، سأعوضك عن كل شيء، أقسم بإسمي كملكة. قبلت باطن يده بهدوء قبل أن تمسح وجنته بلطف ناظرة نحوه بابتسامة دافئة عزيزي جوزفين.

ظل يحدق نحوها يحارب الرغبة العارمة داخله في البكاء مرة وفي العتاب مرة، لم يستطع تحديد متى كانت أخر مرة نطقت أسمه بكل هذا الحب وبدا الأمر له شبه مستحيلًا.

أتشعرين أنكِ بخير أماه؟ سألها ممسكًا يدها وكأنه يريد تصديق الأمر أكثر، أخذت نفسًا عميقًا وأومأت بخفة منذ حادث المكتب أمس، أشعر نوعًا ما وكأن عقلي يعود لي تدريجيًا، لا أعلم السبب ولكن لا يهم، المهم أنني تمكنت من الحديث معك.. توقفت لثوانٍ وقد أعتصرت جفونها تشعر بصداع رأسها يعاودها.

تحركت خادمتها الشخصية ممسكة بكتفها قبل أن تنظر لجوزفين القلق وتقول: لا تقلق سموك، من الطبيعي أن تشعر ببعض النوبات المفاجئة، سأقوم بالتحدث مع الطبيب، يمكنك ترك الأمر لي حدق جوزفين بها لثوانٍ وقد بدأ يشعر برغبة في ترك كل شيء خلفه والبقاء هنا.

لكنه حزم أمره ونظر لوالدته يودعها للمرة الأخيرة لتحدق بوجهه ببعض التشوش قبل أن تتمتم أيديّن؟ هل أنت ذاهب مجددًا ظل يحدق بملامح وجهها بابتسامة صغيرة قبل أن يومئ بهدوء مجيبًا سأعود حتى قبل أن تشعري بغيابي، أعتني بنفسك وطبع قبله أخيرة على رأسها قبل أن يلتفت ويخرج من المكان كله تاركًا والدته المشوشه بين يدي الخدم.

خلال طريقة لمدخل القصر شرد تفكيره لثوانٍ يحاول إدراك كل الأحداث التي مرت خلال وجوده في قصر العائلة المالكة، لم يكن ليتوقع ابدًا أن مواجهة كتلك كانت لتقع في وقت كهذا، لقد انتظر طيلة عمره حتى يأتي اليوم الذي يقف فيه في وجه أورال أخيرًا ولا يصدق أنه فعلها دون تفكير حتى.

كان يشعر بحملٍ كبير أُزيح عن كاهله بعدما تأكد أن والدته أصبحت سالمه في هذا القصر ولكنه لا يستطيع منع قلقه هو يفكر في حالتها، لقد كانت تعاني لوقت طويل من حالات الذهان والانفصال عن الواقع ناهيك عن النوبات التي جعلت إبقائها على محادثة طبيعية لأكثر من عشر دقائق شبه مستحيل.

لكن بعدما حدث أمس فجأه أصبحت قادرة على إدراك محيطها والتعامل بشكل طبيعي حتى وإن كانت بعض الآثار واضحة عليها.

لا ينفك شكه عن الإشارة بأصابع الاتهام نحو شيء واحد، كل ما يحدث حوله يشير لذات الشيء.

وقعت  عينه على الصهباء الواقفة عند مدخل القصر بينما تمازح جلنار باستمرار ولم يتمكن من إزاحة هيئتها عن باله يوم أمس، إن كان هناك تفسير منطقي واحد لتحسن والدته في يوم وليلة فالتفسير يقف على بعد خطوات منه لكنه تفسير جنوني وغير قابل للتصديق.

أجفل وقد أنتشلته يد زوندي التي التفت حول كتفه عن تفكيره قبل أن يحثه على الإسراع حتى ينهوا زيارتهم هنا.

اتجه الجميع نحو المركبة الملكية الضخمة وبدأوا واحدًا تلو الآخر يقفزون داخلها.

توقف جوزفين وقد استشعر تلك النظرات تحدق به ليلتفت ناحية النافذة الضخمة أعلى القصر، حيث وقف أورال بصمت ممسكًا بكأس نبيذه وعينه لم تفارق جوزفين.

تاقبلت أعينهما لثوانٍ كل واحد فيهم يحدق بالآخر بلا أي مشاعر واضحة قبل أن يلتفت جوزفين بلا مبالة ويقفز للعربة.

كاد أورال يلتفت ليعود لمكتبه لكنه تجمد عندما التقت عينه بأعينها الزرقاء الفاتحه تحدق به وكأنها تحدق لروحه.

رسمت ابتسامة هازئة على شفتياه قبل أن تلوح بيدها وتلتف نحو العربة تقفز داخلها.

قبضت يد أورال على كأسه بقوة قبل أن يلتفت ويلقي به مهشمًا زجاجه ضد الحائط تاركًا بقعة حمراء سيئة على الجدار.

....

داخل العربية جلسوا جميعًا على مقاعد من الجلد باهض الثمن، رافقهم أحد الجنود ذوي الرتبة العالية من حرس الملك، جلس باستقامة قبل أن ينظف حلقه كاسرًا الصمت المنطقة التي نتوجه لها هي منطقة نائية، لقد وصلني أطراف أحاديث لأسباب رغبتكم الأساسية للذهاب إلى هناك لذلك أجد من واجبي تحذريكم.. صمت لثوانٍ بينما حدقت به أعينهم ببعض الاهتمام الشخص الذي ترغبون في مقابلته مصنف كأحد أخطر المجرمين، لذلك وجب عليكم الحذر.

لقد قضى فترة عوقبته.. التفتت الأعين جميعها نحو زوندي الذي تهجم وجهه بينما يحدق بالحارس الذي انعقد حاجبيه باستغراب لا يمكنك وصفه بالمجرم بعد الآن، لقد قضى فترة عقوبته كامله. كان من السهل استشعار التوتر الذي احتل الأجواء فجأة ومن الواضح أن دفاع زوندي الواضح لم يكن محل إعجاب للحارس الذي انقبض فكه ولكنه تمالك نفسه بصعوبة بسبب وجود جوزفين في ذات العربية.

أعتذر عن الخطأ إذًا قال على مضض وفي المقابل ربتت واندر على فخذ زوندي حتى يتمالك نفسه قليلًا.

لا داعٍ لتحذيرنا، يمكننا التعامل مع الأمر كفرسان قالت جلنار بابتسامة مهذبة ليحدق بها الحارس قليلًا قبل أن يومئ دون أي تعقيب.

سيكون من الصعب عليك الاعتياد على تحديق كل واحد بك كلما تذكر كونك بشرية همس يوجين وكأن أحدهم قادر على سامعه لتتنهد جلنار تفكر كم هو محق هذه المرة.

لم تستغرق المركبة وقت طويلًا فيبدو أنها أسرع من المركبات التي اعتادت ركوبها في الإلترانيوس، هبطت بهدوء ليترجل الجميع خارج المركبة. وقف الحارس أمام جوزفين قائلًا: لا يمكنني العبور خلال هذه المنطقة أكثر من هذا، إن استمررت في المضي قدمًا شمالًا سيواجهكم كوخ قديم، هناك قد تجدون من تبحثون عنه.

شكره جوزفين ورفض عرضه الأخير بمرافقته كوريث للعرش لحمايته لذلك بعدم اقتناع عاد الحارس للمركبة قبل أن ترتفع عن الأرض مثيرة الفوضى بسبب الهواء الذي ضرب المكان ما إن عادت المركبة لتحلق.

نظام تحليقها مختلف عن الإلترانيوس علقت جلنار تحادث نفسها لكن أوكتيفيان الذي سمعها وضح خاصتنا تعتمد بشكل واضح على الهبات ولكن خاصتهم تعتمد على المحركات النفاثة والطاقة الكهرومغناطيسية في بعض الأماكن طرفت جلنار بتعجب قبل أن تتمتم نمتلك محركات نفاثة على الأرض، نقطة مشتركة.

مال يوجين نحوها ساخرًا أتريدين إقناعي أن محركاتنا النفاثة تشبه حتى نصف محرك كالذي حمل عربة ضخمة كتلك منذ قليل؟ ورغم أنها دحرجت عينها إلى أنه كان محقًا.

أذًا، أهناك شيء علينا معرفته عن معلم الهاشمادان ذاك قبل أن نفرض أنفسنا عليه؟ سأل أوكتيفيان زوندي بينما يسيرون خلال الطريق المكسو بالأعشاب متجهين أسفل التل أنه يتصرف أولًا ثم يتحدث.

توقف أوكتيفيان عن السير ونظر لزوندي لكن الأخير تابع سيره دافعًا أوكتيفيان على الاستمرار في التحرك للمشي بجواره أتعني أنه عدائي؟ أسيكون علينا استخدام القوة؟ بدا كعادته حذرًا وكأنه يتعامل مع أرض معركة لا يفقه شيء عن تضاريسها.

اهدأ، إنه ليس بقاتل، العنف لن يجدي نفعًا ولا أظن أن هذه هي الطريقة التي أريد مقابلة معلمي بها بعد هذه المدة أجاب زوندي باسمًا بينما يتفحص المكان بعينه متأكد أنه موقع جديد لم يزر معلمه فيه من قبل.

زوندي محق، نحن هنا لطلب مساعدته لا لاختطافه عنوة تدخلت جلنار في الحديث ليتمتم أوكتيفيان لازال الحذر واجبًا.

أظن أن علينا فقط التعامل بلطف، ليس من الجيد.. توقفت واندر عن الحديث عندما كادت تتعثر عند نزولهم التلة ليمسك أتريوس بيدها يساعدها على النزول بلطف لتكمل حديثها ليس من الجيد اقتحام منزل أحدهم وقتاله ثم طلب مساعدته.

تمامًا، ومع ذلك، كونوا حذرين، لقد كان معلمي لكن لا يمكن توقع ردود فعله إطلاقًا خاصة كونه لا يفضل وجود الغرباء في ملكيته الخاصة بلا دعوة علق زوندي مثيرًا سخرية يوجين ياله من تحذير مطمئن جدًا.

لا داعِ للقلق، ففي النهاية نملك وريث العرش معنا، لا أظن أن أحدهم سيقدم على مهاجمته قالت ثونار مما دفع جوزفين للضحك بسخرية واكتفى زوندي بابتسامة هازئه على وجهه ماذا؟؟ سألت ثونار ناكزة كتف جوزفين صدقيني، إن وقف الملك بنفسه أمام آرنالدو هيلبارت ما كان ليبالِ وكان ليحطم رأسه في ثوانٍ.

أتمزاحني صاحت ثونار قبل أن تقفز بحماس صارخة أريد حقًا مقابلته الآن.

أتعرفه؟ سألت جلنار جوزفين الذي حرك رأسه للجهتين نافيًا ليس شخصيًا، فلم يسبق لي مقابلته وجهًا لوجه لكن أورال فعل، بإمكانك القول إنه أكثر ثاني شخص يكره اورال بعد لقائهم لمرة واحدة. ارتفع حاجب جلنار متمتة ألهذا الحد؟

لذلك أطلب منكم أخذ الحذر وإن حدث شيء ما لا تحاولوا الهجوم واتركوا امر الحديث لي  كرر زوندي مجددًا ومؤكدًا على أهمية عدم الإنفعال أو العنف.

أليس هذا هو الكوخ؟ صاحت ثونار ما إن لاح لها من بعيد سقف الكوخ القرميدي الأحمر، كلما اقتربوا كلما كان أكثر وضوحًا، شامخًا وحدة في منتصف المكان تجاوره شجرة أكثر ضخامة في الحجم من الكوخ نفسه.

خشبه القديم والمتآكل كان دليل على وجوده هنا لمدة طويلة، تسللت بين ألواحه الخشبية بعض الأعشاب الضارة والنباتات المتسلقة آخذة الجدران منزلًا لها، ذو نافذتين صغيرتين كأنهما عينان تطلان بصمت بينما باب الكوخ الخشبي المتهالك أخذ يتأرجح مع نسيم الرياح مصدرًا صوت صرير مزعج وسط صمت المكان.

لا يبدو لي أن أحد يعيش هنا قالت واندر بينما تحاول التقاط محتويات الكوخ الداخلية من الخلال النظر للنافذة.

تحركت ثونار بلا اهتمام وادفعت الباب ليُفتح على مصرعيه صارخة سيد الهشاديمان، هل أنت هنا؟ صفع كل من أوكتيفيان وزوندي رأسهما فورًا وركض جوزفين ساحبًا ذراعها بعيدًا عن الكوخ.

ألا يعني لكِ أي تحذير مما قلناه توًا شيئًا؟ صاح لترفع كتفها بلا مبالة أهدأ نحن ستة فرسان في النهاية، أيخيفك رجل واحد؟

تقدمت جلنار هذه المرة ونكزت ذراعها قائلة: رجل واحد طلبناه كمعلم لأثنى عشر فارسًا لسبب واضح بدا وكأن مغزى جلنار حلق من فوق رأس ثونار تمامًا عندما رسمت تعبير الغباء على وجهها لتستسلم جلنار من محاولة الشرح.

بدأت تدور حول المكان بينما تنادي بصوت ليس عالٍ جدًا سيد هيلبارت؟ هل بإمكاننا التحدث؟ كان يبدو لها أن الساحة الخلفية للكوخ فارغة تمامًا، بالرغم من وجود طبق على طاولة خشبية يبدو وكأنه وضع حديثًا، وإناء غريب الشكل معلق فوق حوض الزهور كان يروي الحوض باستمرار وكأن احدًا تركه يعمل بهذا الشكل.

لا يبدو لي أن أحد هنا، ربما ليس في الكوخ علق يوجين وهو يتفحص المكان مع جلنار بعينيه، همهمت بموافقة قبل أن تتوقف لثوانٍ مدركة الامر وتلتفت نحو يوجين بتعبير ينعته بالأحمق بكل تأكيد..

أنا أعرف معنى هذه النظرة، لكن ماذا فعلت هذه المرة؟ كتفت ذارعيها منتظرة منه فهم الأمر وحدة قبل أن يخرج أها كبيرة ويصيح أنا شبح سريع، يمكنني تفحص المنطقة أسرع منك والدخول للكوخ وتفحصه دون أي مشـ.. حسنًا وضحت الفكرة.

تنهدت بأسى لحالها قبل أن تلتفت في نية العودة للباب الأمامي لكن لم تكد تتحرك خطوة حتى وصلها صراخ يوجين الذي لم يبتعد عنها بعد جلــــــنــار، خلفك.

لولا تلك الصرخة ما كان بإمكانها أبدًا إعطاء رد فعل بنفس هذه السرعة، التفت في أقل من ثانية وقبضتها أمسكت بشدة بالسلاح الموجه نحو رقبتها.

لا تعلم كيف كان بإمكان الجميع التفاعل بنفس السرعة وفي نفس الثوانٍ بمجرد شعورهم بهالة القتل التي حواطتها كل ما أدركته أنها وقفت في منتصف المكان ممسكة بطرف السلاح الذي يكاد يلامس رقبتها وعينها تحدق بعنين الرجل السوداء الواقف أمامها بينما التفت حوله الأربعة جميعهم.

أتريوس مشهرًا فأسه نحو الجهة اليمنى من رقبة الرجل، ومن الجهة اليسرى حد سيف أوكتيفيان متوجه بدقة عالية نحو شريان الرجل السباتي.

وخلفه ثونار وقد التف البرق حول كفيها متخذه وضعيه هجوم في انتظار اشارة واحدة لتفحيم جسد الرجل وبجوارها جوزفين الممسك بخنجره في نية إصابة فقرات رقبته.

أوه! هذه أسرع رد فعل رأيتها في حياتي تحدث الرجل بنبرة باردة لا تنم عن موقفه، فأربع فرسان ملتفون حوله في نية ذبحه والخامسة ممسكة بسلاحه والذي لم يكن سوى عصا خشبية قديمه.

حدقت به جلنار بذهول وهي متأكده أنها للتو أطلقت موجه من الهواء عندما أمسكت بعصاه لكن وكأن قواها بالكامل تبخرت.

لما لا يهدء الجميع بحق الإله صاح زوندي بعصبية واضحة وهو يهرول نحوهم أبعد عصاك حتى لا أزيح رأسك كله عن جسدك قبل أن تأخذ نفسك القادم هدد أتريوس بجدية وقد اشتدت قبضته على فأسه في نية لتنفيذ تهديده غير آبه بزوندي.

عين الرجل اتجهت نحو أتريوس وحدق بعينه قبل أن يبتسم ابتسامة جانبية متمتمًا رجل ذكي مثيرًا استغراب جلنار.

أريد إبعاد عصاي، لكن سيدتكم لا تسمح لي قال بابتسامة هدئة مشيرًا لقبضة جلنار فوق عصاه جلنار، لا بأس حاول زوندي التدخل حتى يهدأ من حدة الموقف ولكن في هذه اللحظة لم تكن جلنار خائفة أكثر من كونها حائرة ومازلت تحاول معالجة كيف اختفت طاقتها!

ولكن ما إن خفت قبضتها عن العصا حتى سُحبت منها بقوة وسرعة سببت بخدش باطن يدها، وقبل أن يلاحظ أي منهم اندفع جسد الرجل في الهواء بضع أقدام قبل أن يلمس طرف قدمه حد فأس أتريوس ليدفع جسده لارتفاع أعلى، ليدور فوق رؤوسهم هابطًا بكل سلام خلف أجسادهم التي لازالت في مكانها تحاول إدراك سرعته.

عدا شخص واحد.

أتريوس إنطلق بسرعة جنونية وما إن لمست قدم الرجل الأرض ارتفع حاجبه بينما دفع بجسده للخلف بسرعة وخفة ليمر حد الفأس أمام عينيه وإن تأخرت ردة فعله لكان رأسه قسم لنصفين بفعل قوة الفأس.

قوة تلويحك جنونية علق باهتمام واضح ولكن أتريوس لم يكن مهتمًا وأمسك فأسه الأخرى والتي لم يراها الرجل وقفز نحوه وقد لوح بفأسه مجددًا ولكن لم يتحرك الرجل من مكانه وعوضًا عن ذلك مرت الفأس خلال لحم زوندي باترة كف يده الذي رفعها بسرعه بعدما وقف في طريق أتريوس عالمًا أن هذه الطريقة الوحيدة لإيقافه.

كيف يد زوندي التي حلقت قبل أن ترتطم بالأرض كانت كفيلة بإيقاف أتريوس بالفعل الذي حدق باليد التي بدأت تتحلل فورًا ثم بتعبير زوندي الذي اترسم عليه بعض الألم الطفيف لشدة ضربة أتريوس.

ابتعد 

كانت كلمة واحدة لكنها كفيلة بدفع قشعريرة سيئة خلال ظهر زوندي بالكامل.

أتريوس، لا بأس، نريد الرجل حيًا تدخلت جلنار ممازحة حتى تكسر حدة الأجواء مثيرة ارتفاع حاجب الرجل.

وقفت جلنار بجوار أتريوس وقد هبطت يدها على كتفه مدركة أن انفعاله غطى على تفكيره وقالت: إنه آرنالدو هيلبارت، الشخص الذي جئنا للبحث عنه ليصيح زوندي الذي يحرك معصم يده المتجدده هذا ما كنت أحاول قوله.

وضعية أجسادهم الهجومية تبدلت فورًا وارتخت في مكانها وظل أتريوس واقفًا يحدق بالرجل قبل أن يقول ببرود يمكننا إيجاد مدرب غيره نظرت نحوه بسرعة و أوه صغيرة خرجت من شفتيها مدركة أنه علم بالفعل بمن يكون ولم يثنه هذا عن الهجوم.

أتريوس بحقك يا رجل هتف زوندي بعدم تصديق ليتأوه بسرعة ما إن اصطدم جانب كف هيلبارت بمؤخرة عنقه وقال بخشونة أتظنني بحاجة لدفاعك عني أيها الشقي؟ فرك زوندي مؤخرة عنقه بألم والتفت نحو مدربه باسمًا وقال: أشتقت لك أيضًا ايها المعلم.

لقد حاول الهجوم أولًا برر أتريوس رغبته الواضحه في قتل الرجل لتربت جلنار على كتفه قائلة: مازلنا في حاجة له، كما أنك بترت يد زوندي لذلك لنعتبره تعادلًا. أومأ زوندي بقوة متفقًا ليتمتم أتريوس بعدم رضا بينا يعيد فأسيه لحزامهما هو من وضع نفسه في الطريق.

ألستِ غاضبة ايتها الصغيرة.

التفتت جلنار نحو هيلبارت وأخذت تتفحص هيئته، طويل القامة ذو هيئة لا توحي كثيرًا بالخطورة، فوق جسده النحيل ارتدى قميصًا فضفاضًا وبنطال وفقوهما عباءة ذات اكتاف منخفضة. جمع نصف شعره الأسود لأعلى وترك الباقي منسدل فوق كتفيه.

العصا الخشبية التي كان يمسك بها، ما إن لوّح بها مادًّا ذراعه، حتى تحولت بشكل مذهل إلى عدة فروع خشبية نحيفة، التفّت حول ذراعه اليسرى بالكامل.

حك ذقنه الشبه حليقة بينما يحدق بها في انتظار إجابة لكن عوضًا عن ذلك قالت جلنار: أنا فضولية أكثر من كوني غاضبة شبك كفي يده خلف ظهره وتقدم نحوها خطوتين ما الذي أثار فضولك؟ رفعت أصبعي السبابة والوسطى مجيبة شيئين في الواقع، كيف بحق الإله ألغيت قوتي وانت لست متحكم عناصر، ولما لا تبدو لي رجلًا عجوزًا كما يصفك الجميع؟.

حدق في وجهها لبضع ثوانٍ قبل أن تكسر ضحكته النظرات بينهما هذا غير متوقع قليلًا تمتم في نهاية ضحكته، قبل أن يشير نحو أتريوس الواقف بجوارها قائلًا: سؤالك الأول اكتشف اجابته صديقك هنا منذ الثانية الأولى، أما الثاني فأنا اشعر بالإطراء لكن يبدو أن إجابته أيضًا مرتبطة بالأول.

لم أفهم كلمة واحدة سوى أن أتريوس اذكى منك علق يوجين وتجاهلته جلنار ملتفتة نحو أتريوس الذي لم يزح عينه عن هيلبارت ولو لثانية.

ماذا؟ هل أخطأت؟ ألم تهاجمني بفأسك عوضًا عن هباتك لأنك تعرف السبب؟ تساءل هيلبارت حاكًا ذقنه مجددًا، أجاب أتريوس هذه المرة ومازلت عينه تلاحق هيلبارت الهاشمادان أسلوب يعتمد على التحكم والتلاعب في مستويات الطاقة وتدفقها حول المقاتل والخصم، والهبات ماهي إلا عناص طبيعة تحفزها طاقة الجسد حتى يتمكن صاحب الطاقة من التلاعب بهذه الهبة لذلك سيسهل على معلم هاشمادان التلاعب بمجال أي قوة يصدره خصمه قبل أن يتمكن من التلاعب بأي عنصر.

مع كل كلمة كانت تشعر جلنار بالدهشة بشكل أكبر لذلك التفتت نحو زوندي بسرعه مؤنبة لم تخبرني بهذه التفاصيل حتى! رفع يده بسرعة نافيًا لم أقصد، فلا أحد يتمكن بالتلاعب بهذا القدر من الطاقة إلا قلة قليلة صفير هيلبارت المستمتع تدخل في الحديث بينما قال ملحنًا وأنا أفضل القلة.

أومأت جلنار بفهم قبل أن تقول دون أي حاجة لتخبئة إنبهارها لقد أخبرني زوندي أن تعلم أسلوب القتال هذا بشكل مستهتر قد يدمر خلايا الجسد باستمرار، لابد أنك تملك تحكم لا يمكن وصفه زم شفتيه لثوانٍ قبل أن يميل رأسه ناظرًا لزوندي قائلًا: أجلبت صديقة لتتلاعب على حبال غروري؟ اتسعت عين زوندي ونفى الاتهام فورًا بالتأكيد لست كـ... قاطعه هيلبارت صائحًا الأمر ينجح ثم ختم جملته بضحكة عالية وسط نظرات الجميع المندهشة.

تنهد بعد أن فرغ من الضحك، ربت على ظهر زوندي المرتبك مبتسمًا استرخِ قليلًا يا فتى، لا يمكنني قتل أصدقائك في النهاية ابتسم زوندي وشكر أستاذه وكأنه يشكره على عدم ضربهم بالعصا لا قتلهم.

إذًا! هل أنتم هنا لإلقاء التحية وشرب بعض الأعشاب أم علي صرفكم منذ البداية؟ سقطت ابتساماتهم وتناقلوا النظرات بينهم لترتفع ضحكة هيلبارت مجددًا وكأنه الوحيد الذي يجد نكاته مضحكة عليكم رؤية وجوهكم، أنا أمزاحكم.

أخذ نفسًا قبل أن ينظر لزوندي بجدية قائلًا: لكن بجدية، لما أنتم هنا؟ عض زوندي على شفتيه لا يعلم كيف ينقل له رغبتهم الحقيقة فهو يعرف جيدًا أن أحد أسباب كره العائلات الملكية لهيلبارت هو نفس الطلب الذي يردونه منه الآن.

لقد كانت رغبتها عندما وجد زوندي صعوبة في الإفصاح عن الامر أشار نحو جلنار عاضًا شفتيه، حدقت فيه بعدم تصديق ليحرك شفتيه قائلًا: أنا أسف بلا صوت.

وماذا تريد مني فتاة مثلك.. لحظة من تكونين؟ أتذكر أن الفرسان الحمقى يملكون امرأة واحدة في فريقهم اتسعت ابتسامة ثونار ولوحت بيدها صاحئة انا هنا ليشير لها هيلبارت قائلًا: نعم هذه المجنونة ارتفع حاجب ثونار وسقطت ابتسامتها وكادت تفتح فمها في وصلة من الشتائم المتواصلة لولا جوزفين الذي غطى فمها بسرعة ليلاحظ هيلبارت وجوده أوه ولي العهد بنفسه! أعلي الركوع على ركبة واحدة أو أنتظار الحرس حتى أركل رؤوسهم واحد تلو الآخر.

رسم جوزفين ابتسامة آلية وقال: لا دعٍ لأي من الخيارين، جئنا للتحدث فقط لأن جلنار أرادت ذلك التفتت جلنار نحوه صائحة أحقًا أصبحت رغبتي وحدي؟ وكأنني الوحيدة التي ستخرج بفائدة من هذا الموقف؟

تظاهر الجميع بتجاهلها لتشتمهم تحت انفاسها.

استاذي، جلنار أرادت المجيء هنا لأجلي. قال زوندي وقد قرر تحمل المسؤولية أخيرًا ولما قد تريد امرأة إلترانيوسية المجيء لرؤيتي بسببك؟ أسببت مصيبة ما أيها الشقي صفع رأس زوندي بخفة لكن الأخير ابتسم وقال إنها ليست إلترانيوسية، جلنار بشرية، أنها قائدة الفريق وابنة التوبازيوس سيد هيلبارت.

ظل هيلبارت يحدق في وجه زوندي لثوانٍ وكأنه يفكك شفرة قبل أن ينظر لوجه جلنار التي وضعت ابتسامة واسعة ولوحت بحركة خفيفة بكف يدها. مال أوكتيفيان نحو جوزفين هامسًا تحت أي صخرة يعيش؟

أعاد هيلبارت نظاره نحو زوندي وقال: أنها ليست كذلك! طرف زوندي أكثر من مرة يحاول فهم الثقة في جملة هيلبارت لكـ..لكنها كذلك أكد بأرتباك وبدأ يشك في نفسه.

سيدي، أنها ابنة التوبازيوس وقائدتنا تقدم أوكتيفيان بعدما مل من الانتظار وأكد ولكن هيلبارت أعاد نظرته المتفحصة نحو جلنار وكرر أنها عادية تمامًا، ليس أبنة التـ... توقفت الكلمات على طرف لسانه وارتفع حاجبيه بدهشة فجأة وفاه ظل مفتوحًا لثوانِ.

بينما وقفت جلنار في المقابل بابتسامة واثقة وهادئة بعدما أدركت سبب عدم تصديقه، لتثبت العكس سمحت لجميع مسارات طاقة التوبازيوس الصفراء بالسيران بحرية خلال جسدها، شيء ما أخبرها أن الرجل لا يشعر بهذه المسارات كما تشعر هي بها ب يراها رؤيا العين.

لذلك ما إن سمحت للطاقة في جسدها بالسير بحرية، كان من الواضح ان القريبين منها استشعروا تلك الطاقة، فقد كان الأمر شبه معتاد بالنسبة لهم، كانت جلنار تسير بها في كل مكان حتى تعلمت فجأة كيف تخفيها وتتحكم بيها.

لكن هيلبارت كان يرى بعينة شكل الطاقة الصفراء وهي تتنقل بسلاسة ووضح خلال أجزاء جسد جلنار حتى مقدمة رأسها حيث علامة حجر التوبازيوس.

إلهي! تمتم بعدم تصديق وعينيه تلمعان ولكنه طرف بسرعة وحاول تمالك ردة فعله قبل أن يركز انتباهه نحو وجه جلنار يتفحصه وكأنه يراه للمرة الأولى وقال إذًا أنتِ هي البشرية.

أحنت جلنار رأسها انحنائة بسيطة في محاولة لإظهار احترامها وقدمت نفسها قائلة: جلنار روسيل، سررت بلقائك. أومأ برأسه دون أي تعقيب آخر قبل أن يلتفت نحو زوندي قائلًا: لقد وجدت إوزة ذهبية.

لم يفهم كلاهما مقصده ولم يوفر فرصة للتفسير، التفت بكل برود بينما يقول: حسنًا، شكرًا لمروركم بي، يسعدني رؤيتك مجددًا أيها الشقي واتجه نحو كوخه وسط تفاجؤهم.

لحظة، لحظة من فضلك صاحت جلنار مهرولة قبل أن تقف أمامه تمنعه من التقدم ألا تريد سماع سبب وجودنا هنا أو.. قاطعها مباشرة لا.

فرغ فاهها ببلاهة محاولة إدراك الرفض القاطع لـ..لكن، دعني افـ.. لوح بيده اليسرى بقوة لتتحول الجذور الصغيرة حول ذراعة وتلتف حول بعضها مكونة عصا خشبية ذات نهاية معقوفة، التفت النهاية حول ذراع جلنار وسحبها هيلبارت نحوه لتقترب منه بضع خطوات ويقول في وجهها مباشرة أنا أرفض السبب الذي ستحاولين شرحه. ثم ابعد النهاية المعقوفة عن ذراعها ودفعها بخفة من خلال العصا لتنزاح خطوتين عن طريقة.

نظرت  بعجز نحو زوندي الذي رفع كتفيه وحرك شفتيه قائلًا: لقد اخبرتك.

لا أعلم تمامًا سبب رفضك لكننا لسنا في حاجة لخبرتك لمصالحنا الشخصية لم توقفه جملتها وتابع المسير غير مبالي مثيرًا غضبها لتصيح فيه إن كنت حكيمًا لأدركت أن طلبنا مختلف عن طلبات العوائل الملكية توقف مكانه هذه المرة راسمًا تعبير من الأمل على وجه جلنار.

التفت ونظر نحوها وإحدى حاجبيه مرفوعة من قال لكِ أنني حكيم؟ سقطت تعبير جلنار فورًا ولكنها لم تستسلم وحاولت مجددًا ألست معلمًا؟ لطالما كان المعلم حكيمًا. تنهد هيلبارت قبل أن يتمتم بين نفسه أنها من النوع الأحمق إذًا.

لست حكيمًا ولست معلمًا، أعفيني من المنصبين. قال بصوت أعلى هذه المرة لتشعر جلنار بالإحباط يتسلل لقلبها.

أستاذي هرول زوندي نحونه مناديًا قبل أن يقف أمامه قائلًا: أنا الشخص الذي أخبرتها عنك، لأنني في الواقع اكثر الأشخاص حاجة لك، تعلم مسبقًا أنه تم اختياري كفارس لكنني.. توقف وقد اختلفت تعبيره لأخرى مليئة بالحزن لا أشعر أنني كافٍ لهذا الفريق، لا يمكنني القتال بشكل جيد كالبقية، لا أشعر أنني ذا منفعة، لذلك أنا بحاجة لتعدي حدودي، أريد كسر ذلك الجدار الذي أعتقد أنه أقصى ما يمكنني فعله، أريد تقديم المزيد.

كانت جلنار نوعًا ما متفاجئة مما قاله زوندي للتو، تعلم أنه بحاجة ماسة لتدرب كالجميع لكن لم يتحدث معها يومًا على مستوى أعمق عما يشعر.

في المقابل ظل هيلبارت يستمع له في النهاية ثم صمت عدة ثوانٍ اشعرتهم بالأمل، رفع عصاه وضرب بها مقدمة رأس زوندي بخفة أشعر بالأسف لأجلك، لكنني لست معلمًا بعد الآن، لكنني مؤمن أنك ستجد الحل قريبًا. كاد جوزفين يصرخ بـ أتمازحني؟ فقد كان من الواضح أن الرجل غير مهتم سواء وجد زوندي حلًا أم لا.

سيدي، نحن بحاجة لكل المساعدة الممكنة لتحسين قدراتنا لأجل إنقاذ هذا العالم، لا نطمع فقط لنصبح أقوى لأجل أنفسنا، في الواقع نحن نفعل هذا لإنقاذ وطنك أيضًا حتى لا نموت جميعًا تدخل جوزفين هذه المرة ليميل هيلبارت رأسه محدقًا بجوزفين مجيبًا رائع، أنا أدعم نهاية هذه الممالك، لنمت جميعًا في سلام.

كان من الواضح أن أمره ميؤوس منه تمامًا بعد هذه الجملة لكنه لم يصمت لأنه أشار بعصاه نحو جوزفين قائلًا بأسلوب عنيف ألست من العائلة الملكية أيها المتحاذق زير النساء؟ لا تخاطبني يا حامي الأكوان.

انفجرت ثونار هذه المرة في الضحك تبعها يوجين مستمتعًا بالأمر وأخفى أوكتيفيان وجهه بسرعة عندما شعر بشبه ابتسامة قد ترتسم على وجهه.

كان من الواضح لجلنار أن الرجل لا يبالي فعلًا لأي من المفاهيم الأخلاقية أو الإنسانية، لا تعلم بالضبط ما الذي خاضه في حياته فمن خلال تجربتها الشخصية، التعامل مع النبلاء أو حتى العائلات الملكية يثير في الإنسان رغبة في تحويل الكوكب بمن فيه لرماد لكن مع ذلك شعرت أنه كان ليهتم قليلًا أن أوضحوا أن رغباتهم ليست شخصية أو أنانية.

وفجأه لمعت داخل رأسها الفكرة المناسبة، شخصية و أنانية، هكذا تمامًا تبدو شخصية هيلبارت الذي لا يحاول حتى إخفائها، صلّت بسرعة أن يكون تحليلها صحيحًا وتقدمت قائلة: إذًا، إن ساعدتنا سأمنحك منفعة شخصية.

هذه المرة توقف بالفعل بفضول حقيقي ولكن لم يتمكن من منعه تعبير السخرية عن وجهه وماذا قد تمنحني فتاة مثلك، المال؟ المكانة الاجتماعية؟ ... وضعت ابتسامة جانبية واثقة ورفعت كف يدها وقد ركزت كل طاقتها لتبدأ قوة التوبازيوس داخلها تتحرك، هدأت أنفاسها وحاولت دمج قوة ستحضار العناصر الأربعة داخل جسدها نحو كف يدها..

اتسعت ابتسامتها ما إن نجحت، مسارات الطاقة في كف يدها تحولت بالكامل للون أصفر مشع وأحد عينيها تغيرت لونها لأصفر ذهبي ونظرت لهيلبارت الذي ظلت عينه معلقة على طاقتها بفضول واهتمام واضح وقالت: سأمنحك ما هو أفضل..

اقتربت منه أكثر وأردفت..

سأسمح لك بامتصاص جزء بسيط من هذه القوة.

وللمرة الأولى ظهر اهتمام واضح وصريح على وجهه ولم يكن يملك ردًا ساخرًا وسريعًا كعادته بل احتفظ بصمته بينما يحدق بمسارت قوتها تشع خلال كف يدها قبل أن تنتقل أنظاره لعينها مزدوجة اللون باعجاب فشل في اخفاءه.

جــلنــار صاح أوكتيفيان في رفض واضح وصريح لهذه الفكرة لكنها تمسكت بقرارها عازمة على إعطاء فريقها كل المساعدة التي قد يحتاجونها.

أخفت طاقتها مجددًا قبل أن تقحم يدها في جيبها وسألت: ما رأيك. ظل ينظر نحوها قبل أن يحك ذقنه وتعبيره يصرخ بالحيرة، رسم ابتسامة على وجهه بعد تفحصهم جميعًا وقال: لدي عرض أفضل! أغمض زوندي عينه في لحظة من الانزعاج يعلم كم قد يصل خبث استاذه أحيانًا للحصول على ما يريد.

ما إن أومأت جلنار في استعداد لسماع عرضه رفع هيلبارت عصاه الخشبيه أمام وجوههم وقال: سأختار ثلاثة منكم، سأمنحكم حتى غروب الشمس، إن تمكن واحد منكم من كسر عصاي هذه، لن أقوم فقط بتعليم زوندي، لكنني على استعداد لتعليم الفرسان جميعًا ما هم في حاجته لتحكم بطاقتهم.. 

اتسعت أعين الموجودين عدا أتريوس وأوكتيفيان، ظلت تعبيرهم جامده يعلمون تمامًا أن عرض كهذا ما كان ليعرضه إلا إذا كان واثقًا تمام الثقة من فوزه.

وإن خسر الثلاثة؟ سألت جلنار لتتسع ابتسامته الماكرة ويجيب ستمنحيني الإذن لامتصاص جزء صغير من طاقة التوبازيوس وستخرجون من هنا ولن أرى وجوهكم مرة أخرى.

ظلت واقفة في مكانها لدقيقة تفكر بعمق، رغم رغبة هيلبارت الشديدة في الوصول للطاقة التي تسري في جسد جلنار لكن حتى وإن رفضت فسيريح رأسه منهم وإن قبلت فسيهزمهم بسرعة فالغروب على بعد ساعة ونصف فقط وهذا سهل جدًا بالنسبة له.

جلنار، لقد وضح شرطًا صريحًا لاختياره الثلاثة لأسباب معروفة، سيختار أكثر ثلاثة يمكنه تحمل هجماتهم حتى الغروب علق يوجين مشيرًا لملاحظة ذكية في رأي جلنار.

التفت أوكتيفيان ليسبقهم نحو أعلى التل فهو يعلم تمامًا أن عين العقل والمنطق هو رفض عرض كهذا..

لكن جسده تجمد في مكانه عندما وصله صوت جلنار قائلة بكل ثقة: لك ما تريد. وقد مدت يدها في نية لمصافحته.

أجـــــــــننتِ؟ صاح أوكتيفيان بغضب واضح وهو يلتفت متقدمًا نحوهما لتوقف ما إن امتدت يد أتريوس أمام جسده  لا تقل لي أنك موافق على هذه الحماقة! صاح في وجه أتريوس لينظر نحوه الأخير بهدوء مجيبًا: لا، لكن هذه المرة، أتركها تفعل ما تريد.

أمسك أوكتيفيان بذراع أتريوس الممتدة أمامه وأزاحاها بينما يقول: أتظنون الأمر لـ.. قاطعه أتريوس بجدية لم تبدو لأوكتيفيان هذه المرة كلامبالة لا أعلم ما الذي يدور في عقلها، لكنها واثقة مما تفعل توقف أوكتيفيان قبل أن ينظر لجلنار التي صافحت يد هيلبارت ونظرت نحوهم بابتسامة ثقة.

شيئ ما صرخ في رأس أتريوس عندما دارت عينها عليهم وكلها ثقة، شيء أخبره أنها هذه المرة لا تملك خطة ماكرة أو ملتوية، لكنها مشحونة بثقة كبيرة في الفريق لذلك أراد أن يشهد إلى اي مدى قد تصل ثقتها بهم.

حسنًا إذًا، سيدور قتالنا الصغير هنا في هذه الساحة الخلفية، بإمكان الثلاثة المختارين القتال معًا أو الهجوم معًا، لا أهتم، لن أكون رحيمًا لذلك قاتلوا بكل ما تملكون، مسموح بالأسلحة وباستخدام أي نوع من أنواع القوة، إذا غربت الشمس وعصاي لاتزال سليمة فقد خسرتم، وإن كسرت العصا خلال أي وقت قبل الغروب فلكم ما تريدون.. 

وقف في منتصف المكان وقد جالت عينه على وجوههم جميعًا ثم رفع عصاه قبل أن يشير بها نحو أول شخص مع ابتسامة تحدٍ وحماس كبيريين قائلًا: أنت! الخصم الأول.

التفت الجميع حيث أشارت العصا وفجأة شعروا بأمل كبير وثقة عالية في الفوز.

أتريوس كان الخصم الأول.

وقف محدقًا في نظرات هيلبارت الواثقة قبل أن يتقدم نحو المنتصف دون أي تعقيب.

تلاعب بعصاه الخشبيه بين يديه مفكرًا قبل أن يشير لخصمه الثاني قائلًا: تقدم هنا أيها الشقي.

اتسعت عين زوندي في ذات اللحظة وأشار على نفسه ليتأكد، لكن نظرات هيلبارت وعصاه التي أشارت نحوه لم تدع مجالًا للشك. لذلك تقدم بتوتر وقلق واضح يشعر أن اختياره ضد معلمه قد يسبب بعض الارتباك في القتال.

جالت عين هيلبارت عليهم جميعًا للمرة الأخيرة ولكن أتريوس الذي لم يبعد عينه عن الرجل كان يعلم أنه قد اتخذر قراره سابقًا بالفعل، لذلك عندما أشار هيلبارت بعصاه للفرد الثالث بثقة صائحًا ليتقدم الخصم الثالث ابتسم بثقة وهو ينظر نحوها.

جلنار.

في هذه اللحظة بدا للغالبية أن الرجل اتخذ اغبى قرار بإمكان شخص يريد الفوز اتخاذه. مهما بلغت من قوة فمن الحماقة اختيار ابنة التوبازيوس للقتال ضدك بمساعدة فارسان آخران أحدهما أتريوس!

لكن وعلى الرغم من وضوح حماقة هذا الاختيار، ظل أوكتيفيان يشعر بعدم الارتياح لا يفارقه، حدسه الذي لطالما اعتمد عليه في حياته كان  يخبره بأن شيء ما خاطئ.

لم يكن الوحيد فأتريوس كان على أتم الثقة أن هذا الرجل يعرف تمامًا ما يقوم به، الرغبة في عينيه للمس قوة جلنار ولو مرة واحدة كانت واضحة جلية حتى للأعمى حتى يقوم بالمخاطرة بفرصة كهذه، واختيار هذه الشروط وهؤلاء الثلاثة بشكل عشوائي.

تقدمت جلنار بابتسامة هادئة نحو منتصف الساحة وعلى الرغم من أن ملامحها تظهر الهدوء والثقة إلى أن رأسها كان يدور بسرعة خارقة في هذه الثانية.

منذ البداية حتى الآن كانت تحلل كل شيء حول ما سمعته وما رأته عن هذا الرجل، اختياره لثلاثتهم ضده كان أول ناقوس خطر يطرق داخل رأسها، لقد كانت متأكدة أنه ليس بغبي. إما أنه يملك ثقة بلهاء في قدراته أو أنه رجل استراتيجي لدرجة لا يمكن تخيلها.

حاولت بسرعة تحليل اختياره لكل واحد فيهم، زوندي كان الطرف الأكثر سهولة، من الواضح أنه سيختار تلميذه الذي تدرب على يده فهذا يجعل قراءة تحركاته وأسلوب قتاله أسهل حتى وإن تغيرت قليلًا بعدما انضم للفرسان فلازال هو الشخص الذي بنى أساسه في الهشمادان.

من الواضح تجنبه لاختيار ثونار، لا تعرف أن كان مبدء الهشمادان يعمل على طريقة تفاعل السحر أم أن الأمر مختلف لكن حتى وإن كان مؤثرًا فقدرة ثونار على التحليق وحدها كانت لتكون عائقًا كبيرًا ضده.

أما أختياره لأتريوس فقد كانت شبه متأكده أنه سيختار أوكتيفيان لا أتريوس، فمن الواضح منذ اللحظة الأولى أن أتريوس كان عالمًا بأفضل طريقة يمكن استخدامها للهجوم ضده، كان الوحيد الذي استخدم سلاحه مدركًا أن استخدام العناصر لا طائل منه في تلك اللحظة.

لذلك لما قد يخاطر باختيار أتريوس، إلا إذا كانت قدراته قادرة على تمكينه للوقف وجهًا لوجه ضد قوة أتريوس الجسدية الغاشمة أو... فضول.

كانت فكرة غريبة، لكن منذ اللحظة الأولى التي ظهر فيها، كلما تحدثت معه لم تتمكن من تفويت نظراته نحو أتريوس وفأسيه وكأنه يحلل كل جزء فيه، لذلك قد يبدو ضرب من الجنون أن تختار أحدهم لإشباع فضولك حول قدراته وقوته ولكن لا يبدو الأمر مستبعدًا.

وفي النهاية هي.

لا تعرف أن كان اختيار قمة في الذكاء أن قمة في الحماقة، نعم لاتزال ثقة جلنار في قدراتها مهزوزة لكن بعد تدريباتها داخل الكتاب الذي يعد معبرًا نحو أبعاد أخرى، تطورت قدراتها كثيرًا. لذلك ظلت حائرة بين إما أن ثقته فعلًا عمياء، أو هناك حيلة ما في جعبته.

أجفلت خارج أفكارها عندما صفقت يد يوجين أمام وجهها سيبدأ القتال وينتهي وأنتِ لاتزالين تدورين داخل رأسك أرادت شكره ولكنها اكتفت بهزة رأس شبه واضحة.

سأعطيكم خمس دقائق لتحدث وتحديد كيف ستقاتلون معًا، بدأ من الآن. حدق الجميع به يحاول فهم الحيلة، فيبدو وكأنه يحاول مساعدتهم لا التغلب عليهم.

لكن جلنار كانت على استعداد لاغتنام أي فرصة لذلك تقدمت نحو أتريوس واشارت لزوندي الذي بدا شاردًا بينما يحدق في معلمه وكأنه يحلل شفرة ما.

ما الذي يجب علينا معرفته بالضبط عن هذا الرجل؟ أنت أكثرنا معرفة به قالت جلنار موجهة حديثها لزوندي الذي كان من الواضح عليه علامات عدم الارتياح.

أنه ليس غبيًا، أعلم أنكما الأكثر قوة في الفريق، لكن إن كنت أعرف شيء واحد عن المعلم هيلبارت فهو أن أختياراته لم تكن يومًا عبثًا، كل ما يفعله يصب في مصلحته نظر نحو أتريوس وأردف كما فعل أتريوس، عليكم تجنب استخدام أي شيء يعتمد على القوة الروحية كالهبات خاصة إن كنتم على مقربة كبير منه، قدراتي بجانبه لا تذكر حتى.

توقفت جلنار تتذكر قتالها مع زوندي وكم عانت لأجل الدفاع ضده وقد خسرت في النهاية، إن كانت قدرات زوندي لا تذكر، فماذا ستواجه بالضبط؟

عصاه، أتعلم عنها شيء؟ هذه المرة سأل أتريوس ليأخذ زوندي ثوانٍ وقد كانت تعبيره كافية لشرح صعوبة الموقف في العادة لم يكن يستخدمها كثيرًا في أي شيء يخص قتاله لكن.. أتذكر مرة واحدة رأيته يستخدمها اثناء قتاله، كان الأمر سيء، سيء جدًا، أنها أشبه بسلامح ملغم، الطاقة التي يسحبها من الخصم ويتحكم بها، بإمكان المعلم شحنها داخل هذه العصا واستخدامها كهجمات بعيدة المدى وموجهة بشكل ممتاز للقتال البعيد.. أخذت جلنار نظرة سريعة نحو عصاه بينما تمتم يوجين أشبه ببندقية.

لكن كلما كانت الطاقة المشحونة داخل العصا كبيرة كلما سببت ضررًا أكبر، لقد استخدمها أمامي مرة واحدة وبإمكاني تذكر الضرر الذي سببته حتى الآن، لقد كان كارثيًا لذلك نصحتكما بتنجب استخدام هباتكما قربًا منه، قوته أضعاف قوتي وربما أصبح أقوى ولكن لازالت قوته تملك نقاط ضعف.. لم يكن زوندي في حاجة لشرحها لأن أتريوس قال فورًا المسافات البعيدة.

أومأ زوندي وعلق الطاقة التي تستخدمونها لخلق الهبات عادة ما تحاوط أجسادكم لكن عند إطلاق هجوم من مكان بعيد فكل ما يمكنه فعله هو تخفيف شدة الهجوم من خلال امتصاص الطاقة التي تحيط الهجمة، أو تجنب الهجمة تمامًا وهذا شيء يبرع فيه المعلم.

إذًا، أظن أن أنسب طريقة لهزيمته هي انقسامنا، سأحاول بقدر الإمكان تشتيته باستخدم هجمات بعيدة المدى بينما كلاكما سيحاول مهاجمته، فكلاكما ماهر في القتال القريب دون الاعتماد على الهبات أو الطاقة، أيبدو هذا جيدًا؟ نظر كلاهما للآخر قبل أن يوافقا على هذه الخطة.

في حال فشلت الخطة، سأحاول تشتيته بطريقتي وعليكما التعاون معًا لتحطيم عصاه قال أتريوس مثيرًا رغبة جلنار في الاعتراض على غموض الجملة، فكرت أنه من الأفضل توضيح طريقته بالضبط لكنها أثارت الصمت مدركة أن أتريوس ليس بأحمق فقد خاض معارك منذ نعومة أظافره وأكثر ما يمقته هو أن يشكل عائق على من حوله.

لقد انتهى وقتكم، هل نبدأ؟ قاطعهم صوت هيلبارت العالي مصفقًا بيده ليلتفت الثلاثة نحوه.

ابتعد البقية فورًا تاركين دائرة قطرها عشرة أمتار حتى لا تصيبهم أي ضربة طائشة، وواقف هيلبارت في المنتصف ينتظر هجومهم الاول بينما وقف الثلاثة على الطرف المقابل.

بالتوفيق صاح يوجين محلقًا في الهواء وتربع جالسًا فوق المتفرجين، أوكتيفيان، ثونار وواندر بينما يختار زاوية جيدة للمشاهدة.

ما إن استقر كل فرد في مكانه، تراجعت جلنار خطوتين للخلف، تزيد المسافة بينها وبين هيلبارت، أطلق أوكتيفيان طلقة نارية في الهواء معلنًا بدء النزال وفي جزء من الثانية خلقت جلنار حجرًا ضخمًا وركلته بكل قوتها نحو جسد هيلبارت الثابت.

في المقابل، اندفع زوندي من الجهة اليمنى، بينما ركض أتريوس من اليسرى، عازمين على إحاطته في نفس الوقت.

ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتي هيلبارت، وعيناه تلتقطان كل حركة أمامه وكأن الزمن تباطأ فجأة.

قفز عاليًا، وهبط فوق سطح الصخرة الكبيرة. وما إن لمست مقدمة قدمه سطحها حتى دفع جسده بقوة للأسفل لتتحطم الصخرة إلى شظايا صغيرة تناثرت في كل اتجاه.

 خلال الوقت الذي وصل كل من أتريوس وزوندي له كانت اجزاء الصخرة التي اندفعت في كل مكان تشكل عائق أمامهما ليحمي كل منهما نفسه بطريقته، أشاح زوندي بسرعة بوجهه بعيدًا أما أتريوس التفت بكامل جسده مبتعدًا تمامًا عن الطريق.

كل ذلك حدث بسرعة خاطفة. استغل هيلبارت تشتتهما، ووجه ركلة نحو فك زوندي. أدرك زوندي الخطر وحاول تفاديها، لكنها أصابت ذراعه، ودفعته بقوة ليندفع جسده بعيدًا.

استدار هيلبارت بسرعة نحو أتريوس، وانحنى متفاديًا حد فأسه. ثم وضع كفيه على الأرض، ورفع جسده ليسدد ركلة مزدوجة نحو وجه أتريوس. قفز الأخير للخلف بسرعة، وتراجع عدة خطوات.

قفز هيلبارت معيدًا توازنه ولكن ما إن لمس الأرض التفت حول قدمه جذور أشجار خرجت من تحت قدميه، أمسك بعصاته وضرب بها الأرض تحت قدمه ممتصًا جميع الطاقة التي تحيط الجذور لتخف قبضها حول قدمه ويتحرر في الوقت المناسب قبل أن يعاود أحدهم الهجوم.

في اللحظة التي هاجمه فيها زوندي متزامنًا مع أتريوس وقبل أن يصل كلاهما له ضرب بطرف عصاه الأرض مصدرًا موجة كبيرة من الطاقة لتتوقف أجسادهما  لنصف ثانية قبل أن تندفع بقوة بعيدًا عنه.

استعاد أتريوس توازنه بسرعة وهبط على قدميه ولكن جسده تارجع مسافة كبيرة للخلف مجبرًا، على الطرف الآخر تدحرج جسد زوندي وقد تحطمت كل عظمة في جسده لنصفين مثيرًا هلع واندر التي كاد جسدها يندفع لمنتصف المكان لولا تدخل أوكتيفيان الذي أمسك بها بسرعة.

بأعين متسعة حدقت جلنار بجسد زوندي الملقى في مكانه ومن الواضح أن كسور ذراعيه وقدمية ورقبته ليست كسور طبيعية أو خفيفة، لكن القلق الذي كان يزحف بسرعة لرأسها تلاشى ما إن بدأ زوندي في الحركة وكل عظمة في جسدة بدأت تعود في مكانها.

مشهد زوندي المحطم تمامًا كان إشارة واضحة وقوية أن الرجل الواقف ضدهم لا ينوي التهاون أو التساهل حتى ضد تلميذة الخاص، لذلك بغضب عرفت جلنار أنه ليس بصحيح لكن لم تستطع منعه التمعت قزحتها بلون أحمر قاتم قبل أن تصرخ لتعيد تركيز الاثنين للقتال عليكما استغلال كل فرصة.

ومع التفت الثلاثة نحوها أندفعت موجة ضخمة من النيران نحو وجه هيلبارت، كل ما فكرت به.. إن كان يريد امتصاص قوتها، فليحاول امتصاص قدر ما يريد فلديها المزيد.

ارتفع حاجب هيلبارت بينما يحدق بألسنة النيران المندفعة نحو وجهه، أمسك عصاه الخشبية بسرعة وأخذ في إدراتها بين يديه أمام وجهه حتى أصبحت تدور بسرعة مروحة محرك ولكنها شكلت حاجزًا من الطاقة  الغير مرئية أمامه تحميه من حرارة النيران.

ركض أتريوس بسرعة مستغلًا لحظة أنشغاله بصد هجمة جلنار، أشتدت قبضته على فأسه وبأقوى ما يملك لوح به متأكدًا أن رد فعل هيلبارت التلقائية سترفع العصا في وجه أتريوس دفاعًا عن نفسه في ذات اللحظة التي سيختفي فيها اللهب.

لكن في اللحظة الذي لمس نصل فأس أتريوس عصا هيلبارت لم تتحطم ولم تُخدش حتى بل انطلقت شرارة بينهما وكأن الفأس ارتطم بجدرا اسمنتي لا عصا خشبية، عندما التقت أعينهما.. النظرة الواثقة والهادئة في عيني هيلبارت كانت كفيلة بإخبار أتريوس أنه يعرف تمامًا ما يواجهه، لذلك اندفعت فأس أتريوس بعيدًا لقوة الصطدام.

بسرعة رفع أتريوس فأسه الثانية مستخدمًا ظهر الفأس لصد ركلة هيلبارت لكن عين الأخيرة التي التمعت كانت إشارة سيئة، لأنه تليها فورًا ارتفاع الطاقة حول جسدة حتى أصبحت مرئية لأتريوس كحاجز أزرق باهت اللون .

وضع هيلبارت كامل ثقلة على القدم التي صدتها فأس أتريوس والتف جسده في الهواء ليوجه بقدمة الأخرى ركلة نحو وجه أتريوس ليصدها بسرعة بذراعه الذي سمع صوت تحطمه ضد قدم هيلبارت.

قفز أتريوس بعيدًا بسرعة كاسرًا التلاحم بينهما لكن بدا أن هيلبارت لا نية له في الابتعاد عن أتريوس فقد ركض نحوه بخفة جنونية والعصا تدور في يده بسرعة مخلفة موجة قوية من الغبار حولها.

لم يترك فرصة لأتريوس بالتقاط أنفاسه، هاجم بعصاه موجهًا نصف الطاقة التي امتصصها من هجوم جلنار نحو جسد أتريوس، كانت الضربة ستصيبة لا محالة لكنه لمس الأرض بسرعة بأطراف أصابعه مشكلًا حاجزًا من الصخور ذو خمس طبقات والذي تحطم بقوة بفعل هجمة هيلبارت، لكنه امتص أغلب قوة الصدمة ليتكفل أتريوس بصد باقي قوتها بجسده مشكلًا بذراعيه درعًا أمام جسده، أندفع للخلف بعنف لتحفر أقدامه أثارها على الأرض لشدة ضغطة عليها حتى يتوقف في مكانه.

ركض هيلبارت نحوه دون توقف لكن جسد زوندي الذي ركض منزلقًا أمام أتريوس فجأة دفعه للتوقف في مكانه وقبل أن يبدي رد فعل أو هجوم بادر زوندي بعد أن هدأ جسده وأخذ نفسًا قويًا، امتص الطاقة التي تحيط بجسد معلمه دون أي تحكم أو حذر بينما ركض مواجهًا هيلبارت.

بدأت دماء زرقاء بالسيلان خارج أنف زوندي وخلال أذنه وعينيه فقد كانت خلاياه تتدمر ويُعاد بناءها في ذات الثانية لامتصاصه هذا القدر من القوة لكنه لم يبال، ولم يفكر حتى في الألم الذي يضرب كامل أنحاء جسده، كل تركيزه كان موجهًا نحو عصا معلمه.

جلنار التي تتابع قتالهما من بعيد قرأت مايدور في عقل زوندي لذلك ضربت الأرض بقدمها بقوة لتتسارع مئات الجذور بسرعة تحت الأرض نحو هيلبارت وترتفع متسلقة وملتفة حول ساقة بالكامل، على الرغم من أن جلنار تعرف أن هذا القدر من الجذور لن يمنعه من الحركة لكنه سيعيقة حتى يهاجم زوندي ويستعيد أتريوس توازنه.

ما إن التفت كامل الجذور حول ساقيه وجه زوندي لكمة قوية نحو وجه هيلبارت والذي صدها بسرعة، هبط جسد زوندي خلفه وابتسم ما إن تحررت قدم معلمه اليمنى وبرد فعل سريع صد لكمة زوندي التالية بعصاه.

اتسعت ابتسامة زوندي وعوضًا عن اللكمة قبض كف يده على العصا ناويًا امتصاص كامل طاقتها وفي اللحظة التي يضعفها فيها سيكون منح أتريوس فرصة للهجوم وتحطيمها.

لكن في اللحظة التي قبضت كفة على العصا حتى تمتم هيلبارت اعتذر يا فتى وفي الثانية التالي اتسعت عين زوندي بينما امتص هيلبارت كل طاقة هجوم جلنار لتسري الطاقة خلال جسده نحو العصا وتنفجر في الوقت نفسه مفجرة معها ذراع زوندي بالكامل لأشلاء.

لم يمنح هيلبارت زوندي أي لاحظات من الراحة أو الأستيعاب، في اللحظة التي اندفع جسد زوندي بسرعة بعيدًا عن هيلبارت قفز نحوه مقلصًا المسافة بينهما بينما سدد ركلة حطمت فك زوندي.

قبل أن يسدد ضربته التالية ناويًا إسقاط زوندي أرضًا لفترة جيدة تمنحه وقتًا لإضعاف الاثنين الآخرين، اندفع جسد أتريوس بسرعة ممسكًا بجسد زوندي يدفعه بعيدًا لتلقطه جذور جلنار التي ارتفعت بسرعة من الأرض والتفت حول جسده.

هذه المرة، في اللحظة التي وجد هيلبارت نفسه يقف في وجه أتريوس تنبه جسده بالكامل وكأنه يقف أمام عدو في قتال حقيقي لا قتال ودي، تجمدت تعبيره لثوانٍ عندما لاحظ تعبير أتريوس الذي أظلمت عينيه وخصلاته كادت تخفي تلك الابتسامة القوية على شفتيه، لقد بدى فجأة في قمة متعته.

ما إن لاحظ أتريوس طريقة هيلبارت في القتال عرف أن عليه تغيير كامل خططه واستراتيجته، هذا الرجل يقاتل دون رحمة لذلك ما الداعي لقتاله بحرص.

في اللحظة التالية بسرعة رفع هيلبارت عصاه في وجه فأس أتريوس الايمن ولكن هذه المرة لم يندفع جسد أتريوس للخلف بل عاود الهجوم بفأسه الأخرى بقوة لا تقل عن الهجوم الأول، تبادل الضربات بينهما كان غير طبيعي لدرجة جعلت التدخل في قتالهما دون أذية الاثنين شبه مستحيلة لجلنار.

شعر الواقفون فجأة وكأنهم يشهدون أسلوب قتال جديد لأتريوس، قتال لا يستخدم فيه أي هبات بل فقط فأسين وقوة جسدية مرعبة.

كان كل هجوم يهجمه بفأسه يخلف شرارة تطاير لقوة التصادم، وقبل أن يتادرك هيلبارت الأمر كان يمطره أتريوس بلكمات لا نهاية لها.

بينما تراقب جلنار باهتمام شديد قتالهما شعرت لوهلة وكأنها ترى مشهدًا شهدته من قبل، تلك الذكريات التي شهدتها لأتريوس بينما يقاتل بضرواة في المنفى ليعيش، قبل أن يحصل على قوة الهبات، حيث كل ما يملكه فأسيه وقوة جسده.

بدا الأمر مماثلًا تمامًا، وهذا ما ذكر جلنار بأمر مهم.. أتريوس لم يكن مستخدم هبات في المقام الأول.. لقد نجى في المنفى وهو طفل صغير مستخدمًا فقط قوته الجسدية. أتريوس مقاتل من الدرجة الاولى دون استخدام أي قوة أو هبات.

استجمع هيلبارت قوته وأخذ يصد كل هجمات أتريوس بعصاه قبل أن يرد الهجوم بعدما استجمع قدرًا كافيًا من الطاقة، في اللحظة التالي التي صد فيها هجوم أتريوس بعصاه فجر تلك الطاقة كلها في وجه أتريوس حتى يدفعه لوضع مسافة بينهما لكن اتسعت عينه بينما يحدق في الاحتمال الوحيد الذي لم يحسب له حساب.

فقد تصلب جسد أتريوس في مكانه ممسكًا بعصا هيلبارت وقد حول يده لحجر في توقيت مثالي يكاد يكون كارثيًا فإن تأخر لثانية لبُترت يداه.

لكنه وقف في وجه هجمة هيلبارت وقد تلقى جسده بقية الضرر تاركًا جروحًا على طول ذراعة التي لم تتحجر ككفة يده.

بينما يحدق في عينه التي امتلأت بنشوة القتال شعر هيلبارت للمرة الأولى في حياته أنه يقاتل وحشًا بريًا لا آدمي، فمهما بلغت قوة خصومه لم يقوى أحد على تلقي هجمات الهشمادان بذراعيين عارتيين لهذه الفترة، هذا إن لم نتحدث عن الوقوف أمام موجات الطاقة التي تندفع من العصا.

الحجر حول يد أتريوس تصدع قبل أن يتدمر ليستغل هيلبارت الفرصة وبكامل قوته قفز بكلتا قدميه موجهًا ركلة قوية لوجه أتريوس محاولًا هو وللمرة الأولى في هذا القتال وضع مسافة بينه وبين المتوحش الواقف في وجهه.

شعرت جلنار أنه وقت مناسب للتدخل لذلك ركضت بسرعة وشكلت حول هيلبارت عاصفة من الهواء تحاصره من جميع الجهات قبل أن تنمدج معها النيران مشكلة عاصفة نارية.

ارتفع حاجبه وصفر متمتًا عنصران في الوقت نفسه! أقللت منهم؟ ولكنه لم يبدو آبهًا بل على العكس الطاقة من حوله أخذت ترتفع بينما جلنار أخذت تمد هجومها بالقوة أكثر وأكثر عالمة أن هناك حدود لامتصاصه قوتها لذلك بينما تقترب منه رافعة كلا كفيها لتتحكم في مدى العاصفة النارية تمتمت امتص قدر ما تريد، لنرى أين ستصل.

لكنها لم تعرف أن قدرات امتصاصه مع العصا تفوق تصورها، رفع عصاه ثم ضرب بها الأرض لتثبت في مكانها مسببة انفجارًا من موجات الطاقة التي أوقفت عاصفة جلنار بسرعة وألقت بأجساد كل من حولها بعيدًا وقد اضطرت ثونار بسرعة تشيكل حاجز سحري حتى يحميهم من اثار موجات الهجوم.

هبط أتريوس وزوندي على قدميهما لكن جلنار لم تتمكن من التوازن في الوقت المناسب لذلك سقطت ليرتطم وجهها بالأرض بشدة لتنفجر ضحكات يوجين ولسبب أزعج جلنار، كانت ضحكاته أعلى صوت من بين أصوات قتالهم.

ترك هيلبارت عصاه المغروسة في الأرض في منتصف الساحة تلتف حولها موجات من الطاقة، بينما وقف متبخترًا وقد ارتفع صوته قائلًا: بما أنكم تعاونون بهذا القدر، الثلاث دقائق القادمة سأترك العصا في منتصف المكان بينما سأقاتلكم بيدي عاريتين، لنرى إن تمكن أحدكم من الوصول لها.

ارتفع رأس جلنار من فوق الأرضيه ناظرًا نحوه أتمازحني!! بصقت بانزعاج واضح قبل أن تقف على قدميها، كان عليها تفكر في خطة اخرى للهجوم فواضح أن الأولى غير مجدية، لكنها وجدت الاثنين معها ينطلقان كل واحد من جهة نحو جسد هيلبارت.

كانت أولوية هيلبارت هي صد هجوم أتريوس فقد كان يستشعر الخطر الأكبر منه لذلك في اللحظة التي كادت تلامس قبضة أتريوس فكه انحنى بخفة مثيرة للأعجاب متفاديًا قبضته وفي اللحظة التالية قفز متافديًا قدم زوندي التي حاولت ركل كاحله لإفقاده توازنه.

وقف على قدمية وأخذ نفسًا قويًا، وقبل أن يسدد أتريوس هجمته التالية، جمع طاقته وطاقة جسد من حول في كف يده قبل أن يسدد ضربة براحة يده نحو المنطقة السفلية لقفص أتريوس الصدري، كان لا يفضل استخدام هذه الطريقة لأنها قد تسبب مشاكل جدية للخصم لاحقًا لكن بدا له إن لم يستخدمها الآن فربما يفتك به الرجل قبل أن يستيقظ من نشوة القتال التي دخلها.

تراجع أتريوس بسرعة ممسكًا بصدره يشعر وكأن كل نفس يحاول أخذه يلحقه ألم غير عادي وكأن عظام صدره تحطمت.

لم يتوقف زوندي للإطمئنان وجمع هو الآخر طاقتة ليسدد هجومًا نحو مؤخرة رقبة هيلبارت الذي صده والتفت ممسكًا بمعصم زوندي، ترك معصمه ليكسر في يد معلمه ونقل كامل قوته لكف يده الأخرى ليسدد لكمه قوية لجنب هيلبارت.

كان هيلبارت مهارًا في امتصاص قوة هجوم أخصامه وكان زوندي على علم بهذا لذلك التفت بكامل جسده مجددًا مسددًا ركلة في الهواء نحو ذات البقعة التي هاجمها من قبل وقد التف معصمة درجة كامله متحطمًا بالكامل.

الركلة لم تكن في حسابات هيلبارت لذلك تراجع للمرة الثانية في هذا القتال بسرعة ولكنه استشعر رغبة القتل خلفة لذلك وقبل أن يفكر رفع كلتا ذراعيها نحو جانب وجهه الايمن ليتصدى لكمة أتريوس.

استغلت جلنار انشغالهم ووقفت أمام عصاه تحدق في سريان الطاقة حولها مسحت الدماء من فوق شفتيها وأخذت نفسًا قبل أن تحاول فهم طريقة تدفق القوة خلال العصا لكن كل ما تمكنت عينها من التقاطه هو فوضى خالصة من مسارات الطاقة التي لا تستطيع تفكيكها بهذه السرعة.

لنترجل إذًا تمتمت قبل أن ترفع كلا كفيها وتستخدم أكثر العناصر التي تبرع في استخدامه، موجة قوية من النيران أخذت تلتف حول العصا ولكن الطاقة من حولها كانت اشبه بدرع حامي، لم تكن تعكس فقط قوة جلنار بل تمتص القدر الذي تحتاجه وكأنها مخلوق بكيان منفصل يدرك الطاقة ويتفاعل معها دون تدخل سيده.

لم تتوقف جلنار وبدأت تدمج اللهب بالهواء العاصف وكلما بدا لها أن الحاجز على وشك التفكك عاد للالتئام مجددًا، لعنت تحت أنفاسها وزادت من قوة هجومها بينما كل شيء من حولها بدأ في التطاير بهمجية بسبب قوتها.

من اللامكان بدأت المياه تتشكل حول ذراعيها قبل أن تندمج مع الرياح الباردة الصادرة من جسدها لتتحول لجليد خالص يضرب الحاجز مع كل من النار والهواء.

جذور الأرض من حولها أخذت ترتفع كمثاقيب لتهاجم في الوقت ذاته، وفي هذه اللحظة شعرت جلنار أن استخدامها للعناصر الاربعة لم يكن لكسر الحاجز، أرادت معرفة واختبار مدى شدته وصلباته، ارادت فهم طريقة سير الطاقة حتى تكسرها في الوقت القليل الذي يشغل فيه الرجلين هيلبارت عنها.

لكن كان من الصعب جدًا تشتيت أي شخص عن عاصفة العناصر التي تشكلت في منتصف المكان وفي اللحظة التي قفز هيلبارت بعيدًا عن الاثنين اللذين لم يتوقفا لثوانٍ عن مهاجمته -رغم كل الأضرار التي أصابتهما- لاحظ العاصفة التي أخذت تكبر في منتصف المكان، تلتف حول جسد جلنار وعصاه ولشدتها أخذت تداخل معها شرارات صفراء قوية.

اتسعت عينه لمشهد يراه للمرة الأولى في حياته أربعة عناصر! هتف قبل أن تتسع ابتسامته بشدة ورغبة الشعور بهذه القوة تسري في جسده دفعه لتجاهل الاثنين خلفة والركض نحو جلنار في نية مهاجمتها بينما تضع كامل تركيزها على عصاته.

لاحظ أتريوس وزوندي نيته ليركض الاثنين نحوها بسرعة لحمايتها لكن قبل أن يصل لها هيلبارت قفز في ذات الثانية بعيدًا عنها عندما حركت كف يدها اليسرى ووجهته نحوه دون حتى الحاجة للألتفات له.

تشتت كل من أتريوس وزوندي بفعل القوة الغاشمة التي توجهت نحو جهتهم جميعًا يمكنني التفكل في بالأمر صرخت قبل أن تعيد تركيزها نحو العصا ولكن في الثانية التالية قفزت بعيدًا مدركة أن هيلبارت وصل لها من الجهة الأخرى أسرع مما تخيلت.

بسرعة شكلت درعًا من الصخر حولها لكنه تحطم فورًا سبب ضعفه بعدما امتص هيلبارت قوته وردها في ركلته.

أخذت تتراجع صادة كل هجماته ولكنه لم يتوقف للحظة لتلتقط أنفاسها ولم يبتعد عنها إلا عندما تدخل أتريوس وزوندي مجددًا، كانت قد اكتفت من مهاجمته جسد زوندي وأتريوس وتحطيمه غير آبه إن كان هذا قتال ودي أم لا لذلك انطقلت وقد تقدمتهما في نية استخدام كامل قوتها.

ابتعد الاثنين بسرعة ما إن ضربته بكرة من النيران واصاحت فيهما العصا، جدا حلًا لهـ.. لم تكمل جملتها لأن هيلبارت استخدم بسرعة أحد حركات الهاشمادان والتي تجاهلت جلنار لولهة فكرة كونها جاهلة بأساليب قتاله الكاملة.

لذلك في ثوانٍ تمكن من استغلال تشتتهم وألقى بجسد زوندي بعيدًا ما إن ألتقط ذراعه، واندفع نحو وجه أتريوس بركبته موجهًا ضربة قوية صدها الأخير بفأسه في اللحظة الأخيرة لكنه اندفع بعيدًا تاركًا جلنار وحدها في المنتصف.

لنرى كيف ستتعاملين مع الأمر قال ما إن وقف منفضًا رداءه ثم التقط عصاه من على الأرضية بعدما انتهى الوقت المحدود واندفع بكل قوته مستفيدًا بكل القوة التي امتصتها العصا في الهجوم على جلنار.

رفعت جدارًا وراء الآخر من الصخر بسرعه لتفاديه لكنه حطمه مارًا خلاله مسددًا ركله نحو فكها والتي صدتها بذراعها بسرعة، لم يتوقف وفجر أحد ضربات العصى في وجهها لتندفع بعيدًا، توازنت على قدميها وركضت نحوه بشراسه وجمعت كفيها معهًا قبل أن توجه ألسنة نيرانها بكامل حرارتها نحو وجهه.

وقبل أن تصل له كانت عصاه امتصت كل هجمتها ليغمز قائلًا: شكرًا على الوجبه ويغرز عصاه في الأرض مستندًا عليها بكل ثقله ويوجه كلا قدميه في ركلة نحو وجهها ليرتمي جسدها بعيدًا.

في تلك اللحظة قفز أتريوس نحو هيلبارت بوحشة وفأسه لم يكن يستهدف العصا هذه المرة بل رقبة هيلبارت،  تدارك الأمر بسرعة وتوازن على قدمه، وضع العصا بينهما مجددًا قبل أن يفجر قوتها في وجهه ويلتفت لزوندي الذي التف جسده في الهواء خلفه في نية لوضع كامل قوته في هجومه.

لوح بعصاه بقوة ضاربًا قدم زوندي ومفجرًا موجة أخرى من الطاقة ليرتمي جسد زوندي مجددًا.

أهذا كل ما تملكه أبنة التوابازيوس، جيدة كمقاتله لكن سيئة كقائدة سخر في النهاية مثيرًا سخط جلنار التي فقدت هدوءها أخيرًا وعادت الهجوم عليه.

مثير للاهتمام.

التفت جميع المتفرجين نحو أوكتيفيان الذي أطلق تعليقًا للمرة الأولى منذ بداية القتال ماذا تقصد؟ سأل جوزفين ليفسر تغيرت استراتيجية العجوز في القتال فجأة. التفت الجميع في محاولة لإيجاد الفرق فالأمر لا يبدو لهم مختلف عن هجمات وحشية وجنونية من قبل الطرفين فكانت الأرض تهتز تحت أقدامهم مع كل هجوم يقوم به أحدهم.

لقد كان يقاتل للمتعة والفوز في البداية... شرح أوكتيفيان ما إن لاحظ وجوههم الجاهله لكنه غير طريقته فجأة، نمط قتاله وكأنه يحاول دفعهم -خاصة جلنار- لاكتشاف الخطأ الذي يرتكبوه، أي أنه تحول من خصم لمعلم، يبدو أن بعض العادات لا يمكن التخلص منها علق في النهاية وعينه لاتزال تتابع جميع تحركاتهم.

أتقصد أنه يحاول مساعدتهم؟ وجهت ثونار سؤالها ليومئ لا أعلم إن كان يفعلها بإدراك أم لا، لكن في اللحظة التي التقط حدسه خطأهم خاصة خطأ جلنار، أحساسه بالمسؤولية والذي يبدو لا إراديًا غير نظام قتاله كتف ذارعية وأشار برأسه نحو جلنار قائلًا: إنها في نظرة تبدو كتلميذة مثالية.

مثالية! ألم تقل للتو أنها أخطأت في قتالها، كيف لها أن تكون مثالية؟ ارتفع حاجب جوزفين مستائلًا  لان التلميذ المثالي لأي معلم هو التلميذ الذي يفيض بالاخطاء لكنه في الوقت نفسه يبدو مرنًا جدًا وسريع التعلم وهذه صفتان لا تتجزءان عن جلنار..

أشار لمنتصف الساحة وحاول الشرح: جلنار في أغلب قتالاتها تقع في خطأ نعتبره كجنود عيب قاتل، ربما لتحملها المسؤولية للمرة الأولى لكنها ما إن تنخرط في قتال برفقة أحدهم حتى تحاول أخذ زمام الأمور بسرعة وتحريك الآخرين بعيدًا عن القتال، حتى وإن حاولت دفع نفسها للخلف فستندفع مع أول فرصة لمنتصف القتال وتحمل مسؤولية المعركة كلها متجاهلة مقدرة من يساندها في ذات المعركة.

ارتفع حاجب ثونار وقد اندفعت ذكرى لقتالها مع جلنار أنت محق، كان التعامل معها مزعجًا جدًا في الواقع، وكأنها لا تتحمل ترك ساحة القتال للآخرين، تتصرف وكأنها الوحيدة القادرة على إنهاء القتال أو كأننا سنموت بدون مساعدتها.

أومأ أوكتيفيان موافقًا قد يبدو للآخرين أن ما تفعله محاولة بطولة أو سرقة كل الفضل للفوز أو حتى التبجح في بعض المواقف لكن الأمر أن جلنار لا تثق بقوتها كل هذه الثقة مما يدفعها لوضع نفسها في عين العاصفة، إنها ببساطة لا تعرف كيف تحمل مسؤولية دون أن تضع نفسها أمام مرمى النيران، يطاردها ذلك الشعور بأن كل ما تحاول حمايته سينهار في اللحظة التي تأخذ فيها خطوة للخلف .

لم ألحظ الامر لكنك محق تمامًا، أتذكر شيء كهذا أثناء تدربي مع فرسان القصر، أحد المسؤولين عن الكتيبة كان يشعر أن لحظة عدم تدخله يعني موت أحد الجنود وكانت تلك مشكلة تعيق تقدم الآخرين في ذات الفريق صاح جوزفين متذكرًا قبل أن يبدأ في ملاحظة طريقة قتال جلنار التي تبدوا مثالية لكنها لا تفيد ضد هيلبارت لانها في الوقت نفسه تشكل عائقًا على الاثنين معها.

وأنا التي ظننته جنون عظمة أو تحكم تمتمت ثونار وقد بدأ شعور سيء بالذنب يزحف فوق صدرها.

هذا ما يحاول هيلبارت إيضاحه، ربما يفوز أن استمر القتال، فكما ترى الهجوم دائمًا يتم امتصاصه وإيقافه لذلك عليها التوقف للحظة وترك زمام الأمور للحلقة التي تظن أنها الأضعف قال ومازلت عينه تتابع القتال وفي ذات اللحظة ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفيته عندما لاحظ أخيرًا توقفها المعتاد عندما تبدأ في أعادة حسابتها بسرعة.

وقد كان محقًا فقد توقفت جلنار تلتقط أنفاسهًا بينما تراقب قتال أتريوس وزوندي ضد هيلبارت في نفس الوقت، عينها اتجهت نحو الشمس التي شارفت على المغيب وذكرى وعدها لزوندي بدأت تتكرر كشريط مكسرو داخل رأسها.

حاولت إدراك أين يقع الخطأ تمامًا فثلاثة من أفضل المقاتلين يحاولون منذ أكثر من ساعة فقط كسر عصا واحدة ولكن يبدو أن القوة لا طائل منها.

أخذت تتذكر طريقة قتالها مع زوندي، مسارات الطاقة التي تحمي العصا، طريقة قتال هيلبارت، كل شيء حتى الآن أخذت تعالجه داخل رأسها وعينها تتبع حركات الثلاثه امامها قبل أن تشعر وكأنها كسرت فجأة نمطًا ما في هذه الحلقة.

لا تكمن قوة الهاشمادان في القتال بقوة عارمة، بل في الصبر، الصبر حتى تستنزف قوة الخصم تمامًا أو في حالتهم حتى غروب الشمس.

كان عليها منذ البداية ترك الصنعة لصاحبها، وصاحبها في هذه اللحظة كان.. اتجهت عينها نحو زوندي الذي ارتد جسده للخلف مجددًا قبل أن يعاود الركض نحو هيلبارت.

اعتدلت في وقفتها وهدأت طاقة جسدها، حاولت طمأنت قلقها المتصاعد متمتة لابأس، بإمكانه فعلها، لا بأس أخذت تتراجع للخلف بينما تنظم سير قوتها داخل جسدها، أغمضت عينها وهي تتنفس ببطأ، اتجهت أصابعها نحو السوار حول معصمها تلمس أحد خرزاته لتتواصل مع الاثنين اللذان وقفا بعيدًا عن هيلبارت يلتقطان أنفاسهما.

زوندي، أتريد هذا الرجل كمدربك مهما كلفك الأمر تفاجئ الاثنين من سماع صوتها خلال الرقعة خلف أذانهما لكن زوندي أجاب فورًا وقد دفع القتال كل قطرة أدرينالين في جسده نعم! مهما كلفني الأمر، إنه وسيلتي الوحيدة حتى أصبح الفارس الذي أريد.

فتحت جفنيها لتظهر عدستها الصفراء النقية بعدما تمكنت من التحكم بكامل تدفق قوتها قبل أن تقول إذًا هل بإمكانك فعل ما سأقترحه؟.

بدأ هيلبارت يلاحظ تغير حركتهم فجأة بعد توقفهم لذلك التقط عصاه وشحن قوته كامله في نية إنهاء القتال في الجولة التالية.

انعقد حاجبيه عندما لاحظ تسارع كل من أتريوس وجلنار نحوه وشعر بالدهشة أكثر للون أعين جلنار الذي أصبحت كالذهب النقي.

أخذ وضعية دفاع سريعًا مستعدًا لاستقبال هجوم كلاهما في الوقت نفسه لكن مالم ينتظره هو صرخة جلنار ما إن أصبحا في مواجهته الآن زونـــــــــدي 

اتسعت عينه مدركًا أن الثالث لم يكن في مرمى بصره لكنه ظهر من خلفهما فجأة قافزًا لعلو عالي بمساعدة دائرة من الهواء أنشأها كلاهما.

وما إن حلق فوق جسدهما مادًا كفي يدها صرخ الـــــآن لتقفز جلنار وأتريوس في الوقت نفسه مادًا كل منهما ذارعيه ليضرب كفيهما كفي زوندي.

خلال تلك اللمسة مررت جلنار كل ما تمكن من تمريره من قوة داخل جسدها نحو جسد زوندي، لم تكن قوة الهبات أو قوتها الروحية بل كانت قوة التوبازيوس الخالصة.

وفي الجهة الاخرى فعل أتريوس المثل ممررًا كامل قوة هباته نحو زوندي الذي كان جسده في هذه اللحظة يحمل قدرًا من القوة أشبه بقنبلة نووية مشحونة.

كان كل ما حدث سريعًا بشكل لا يمكن إدراكه لذلك لم يتمكن هليلبارت من إزاحة عصاه بعيدًا عن زوندي الذي أمسك بها بينما جسده يمر من فوقه وفجر كامل الطاقة التي كانت تسير داخل جسده بسرعة.

كان الإنفجار قويًا، اهتزت بسببه الأرض تحت أقدامهم جميعًا وخلف موجة ضخمة من الهواء الذي دفع بكل شيء حول نطاق هجومهم للخلف بعنف.

أعين هيلبارت تلاقت مع أعين جلنار التي اندفع جسدها هي وأتريوس للخلف بفعل الإنفجار الضخم، كان يريد الثناء على محاولتها المثيرة للإعجاب حقًا، لكنه كان مدركًا أن قوة العصا الخالصة تتمثل في الطاقة من حولها لا في العصا نفسها لذلك إن كان هذا الهجوم قادر على تدمير ونسف الطاقة التي تحمي العصا لازالوا في حاجة لهجوم أخير لكسر عصاه التي أصبحت عصا خشبية لا أكثر ومهاجمهم الوحيد لابد أن جسده تحول نصفه لفتات لقوة الطاقة التي انفجرت من جسده.

اتسعت عينه عندما راقب ابتسامة جلنار الجانبية تعلو وعينها اتجهت لأعلى رأسه.. ألتقط طرف أعين هيلبارت جسد زوندي الذي اختفى نصفه العلوي بالكامل بفعل القوة الضخمة التي كانت تسري في جسده، لكنه لم يرتد بعيدًا بل التفت في الهواء وتجدد بالكامل خلال ثانيتين لتصيب قدمه اليمنى العصا الخشبية ويحطمها لنصفين قبل دقائق فقط من غروب الشمس!

هبط جسده بقوة على قدميه وقد تجدد بالكامل مظهرًا ابتسامة كبيرة بلهاء على وجهه قبل أن يرفع كلتا ذرعيه العاريتين لاعلى صارخًا لقد فزنا.

ظل هيلبارت واقفًا في مكانه يده ممسكة بنصف عصاه المحطمه وعينة المتسعة تحدق في جسد زوندي الذي انهى إعادة بناء ذراعه اليمنى بالكامل وأخذ يحركها لتلين عضلاته.

التفت نحو جلنار التي ركض زوندي نحوها يصيح بسعادة لا أصدق أنكي لم تترددي لوهلة في فعلها جلنار وقفت تبعد الغبار عن ثيابها وقالت: لقد فعل أتريوس نفس الشيء، لما أنا؟ ضحك مجيبًا أتريوس يمكنه قطع رأسي دون أن تطرف له عين ولكنك إن أصبتني بخدش واحد عن قصد ستغرقين في الذنب والعار لأسبوع. أوما أتريوس متفقًا بينما يعيد ضبط فأسيه داخل حزام ظهره.

لا تبدأ إذًا في دفعي لشعور بالذنب صاحت بينما تضرب صدره العاري بمرفقها لتصدح ضحكاته العالية والتي من الواضح كانت تغمرها سعادة لم تعرف جلنار إن كان سببها فوزه ضد معلمه أو سماحها له بتفجير جسده في منتصف السماء.

ارتد جسدها للخلف بقوة ما إن أرتمت ثونار بكل ما تملك من قوة فوقها تحضنها لقد كانت هذه أكثر حركة دموية ومجنونة شهدتها في قتال من قبل لم تترك فرصة للرد وقد التفتت نحو زوندي تضرب كتفه بقوة صائحة لم أعلم أنك رجل مجنون وقوي لهذا الحد أيها اللعين.

وعلى الرغم من شحوبه المعتاد إلا أن بعض الحمرة اكتسحت وجه زوندي بينما يحاول إعادة ترتيب شعره بحركة تخفي توتره لقد كانت خطة جلنار قال بارتباك ضاحكًا ليتفاجأ بكف أوكتيفيان يربت على كتفه بينما يناوله سترته العسكرية ليرتديها عوض عن قميصه الذي تمزق لقد أحسنت عملًا.

أتسعت عين زوندي لوهلة ولكنه أطلق ضحكات عالية يغمرها توتر واضح بينما يجيب بعبرات عشوائية على أوكتيفيان.

الفتى سينفجر لشدة توتره، من الواضح أن إمطاره بالإطراءات لهو سلاح فتاك ضده مال جوزفين ناحية جلنار قائلًا بخفوت مثيرًا رغبتها للضحك بينما تراقب انفعال زوندي الذي جعل عدم اعتياده على جذب الأنظار شيئًا واضحًا.

لقد غييرتِ استراتجيتك في النهاية! كانت جملة استعجابية ولكنها بدت لجلنار كسؤال يعرف أوكتيفيان إجابته، توقفت جلنار لثوانٍ وكأنها تحاول هي بنفسها فهم ما دفع تفكيرها لتغيير فجأة في الواقع لا يمكنني فهم أين كانت المشكلة بالضبط، لكن بالتوقف لوهلة وملاحظة القتال كان بإمكاني معرفة أن طريقتنا لا تفيد بشيء سوى بتضييع المزيد من الوقت ليس إلا.

ألتفت أوكتيفيان نحو هيلبارت الذي كان يلتقط طرف عصاه المكسورة من فوق الأرضية وقال: لكنك تعرف أين كانت المشكلة. أبتسم هيلبارت بينما يحاول وضع الطرفين مع بعضهما وكأن العصا ستصلح نفسها..

من الحكيم أن يقف الشخص مدركًا لوجود خطأ وسط إندفاعية المعركة.. وقف أمام جلنار قبل أن يضرب رأسها بخفة بأحد طرفي العصا ثم أردف لكن من الحُمق ألا تدرس أخطائك وتفهمها.. ما الذي دفعكم للفوز أيتها الآنسة؟ لم تكن جلنار في حاجة للتفكير كثيرًا في الإجابة لقد تركت لزوندي زمام الأمور.

أومأ هيلبارت ورفع كتفيه وكأن الإجابة أصبحت حاضرة الحل خرج من رحم المشكلة إذًا أرتفع حاجبي جلنار مدركة بسرعة ما يرمي له قبل أن تبدأ علامات الإحراج ترتسم على وجهها وعلى الرغم من ذلك لم يجد هيلبارت أي مشكلة في لعب دون المعلم مجددًا وأخذ يشرح على القائد الجيد معرفة متى عليه ترك زمام الأمور لفرسانه، كيف يضع كامل ثقته بهم وبأنهم قادرين على إنجاز المهمة مثلة وأفضل منه في بعض الأحيان.

اندفعت جلنار بسرعة مدافعة: لكنني لا أشكك في قدرات أيٍّ من الفرسان، على العكس أنا على يقين أنهم أمهر مني في كثير من الأمور ربت زوندي على كتفها راسمًا ابتسامة مواساة صغيرة ما إن بدأ يسمع نبرة الذنب ترتفع في صوتها.

لم أقل أبدًا أنكِ لا تثقين بهم، لكنك في الوقت ذاته تجدين راحة في تقبل الأذى الناتج عن إتمام المهمة أكثر من رؤية أحدهم يصاب بنفس الأذى! على الرغم من أن بعضهم يمكنه تحمل هذه الإصابت أفضل مما قد يفعل جسدك البشري صمتت قليلًا وقد أصبح الإرتباك باديًا على وجهها.

أنتِ الشقيقة المسؤولة بين أشقائك لم يكن سؤالًا من هيلبارت بل تأكيد دفع عينها للاتساع لوهلة ليثبت هذا الرجل على دور، إما معلم أو قاتل متوحش أو ساحرٌ، عراف مريب علق يوجين متذكرًا شخصية جلنار وسط أخوتها والتي كانت ما تقع مسؤولية الاهتمام حتى بأكبرهم على عاتقها.

عادة ما تولد هذه العادة فطريًا لدى الأشقاء الأكبر ولكنها تكون أكثر قوة على الأشقة الذي يحاولون دائمًا تحمل المسؤولية حتى في وجود من هم أكبر منهم في العمر، وهذا ما يبدة عليكِ أيتها الشابة، عليكِ تعلم متى تتركي زمام الأمور للآخرين، إن كان بإمكانك إنقاذ الجميع وحدك لما وجد إحدى عشر فارس آخر في نفس الفريق.

لم يحاول أحد التعليق، أو حتى الدفاع، لقد كانت جلنار تمامًا كما وصفها وتعابير الإحراج والذنب على وجهها كانت كفاية لشرح موقفها لذلك وجدت ثونار نفسها على استعداد لتربيت على ظهرها لكنها توقفت قبل أن تهم بالحركة وأقحمت يدها داخل جيوبها.

لكن علي الاعتراف، سرعة ملاحظتك وتعديلك لهذا الأسلوب شيء يثير الدهشة أكثر من الإعجاب لا تعلم جلنار إن كانت جملته مواساة أم حقيقة لكنها رسمت ابتسامة صغيرة على ثغرها.

في الواقع، أنا أيضًا لم أفهم تمامًا كيف فزتم حتى بالاستعانة بزوندي رفع جوزفين كفه متسائلًا ليتلقى ضربة من العصى المكسورة على مؤخرة رأسه ويبصق هيلبارت بعدوانية لا يهتم احدهم إن فهمت أم لا أيها الأمير المدلل اتسعت عين جوزفين وكاد يصيح اعتراضًا على الكراهية الصريحة ضده لكن ثونار غطت فمه بكفها حتى يتجنب الجميع صراع آخر هم في غنى عنه.

العصا كانت محمية بواسطة مسارت من الطاقة التي لم استطع فهم كيف تنظم نفسها ولكسر شيء كهذا كان علي فهم طريقة عمل هذه الطاقة حتى أكسرها بينما معرفتي بالطاقة ومجالتها ضعيف جدًا مقارنة بزوندي الذي كان تلميذًا قد تعلم تمامًا كيفية عمل الهاشمادان لذلك كان علي تركه يمسك بزمام الأمور.

مجددًا أخذ وجه زوندي يكتسيه حمره الخجل بينما يعبث جوزفين بشعره هامسًا أيها العبقري.

ولكن في الوقت نفسه كنا نملك مشكلتين.. استرسلت جلنار في الشرح وقد شجعها تعبيرهم المنصته باهتمام الطاقة العادية التي تحفز العناصر لا تجدي نفعًا فعلى ما يبدو ان كل هجومنا كان يفيد السيد هيلبارت أكثر مما يفيدنا ولم يبدو على العصا أي ضرر والمشكلة الثانية هي كيف يمكن توجيه طاقة تدمر العصا وزوندي لا يحمل طاقة كافية لفعل هذا عندها لاحظت هجوم لسيد هيلبارت المتكرر نحو زوندي بلا رحمه بينما يحسب الوقت الذي يتجدد فيه زوندي حتى يتمكن من الهجوم على أتريوس.

ارتفع حاجي هيلبارت في نوع من التعبير عن الإعجاب بدقة ملاحظاتها ولكنها كانت منغمسة جدًا في شرحها لتلاحظ  لذلك أكملت:  ولكن زوندي كان يتجدد في الواقع أبطأ من سرعته الطبيعية، ففي آخر قتال خضناه معًا ظل لافيان يحسب سرعة تجدده وكانت حينها أسرع بكثير وإن كان تخميني في محله فقد كان يتبطأ عن قصد عالمًا أن السيد هيلبارت يحسب سرعة تجدده في كل مره.

اتجهت جميع الانظار نحو زوندي الذي رسم ابتسامة واسعة وقال: لم أكن أملك خطة مباشرة الصراحة لكن من الذكي ألا يشكف المرؤ أوراقه جميعها في القتال حتى يأتي بخطة جيدة ارتسمت على وجه هيلبارت ابتسامة فخر تلقائيًا.

في الواقع كان زوندي في كل مرة يتجدد فيها يزداد سرعة عن سرعة تجدده السابقة، ولأنه لأول مرة يقابل خصمًا لا يهتم بتقطيع أوصاله في سبيل الفوز فقد تمكن زوندي من دفع سرعة تجديده خلال قتال واحد لسرعة كان يحاول الوصول لها خلال الأشهر الماضية أومأ زوندي متفقًا وعلق وقد بدأت الصورة تتضح في رأسه لذلك سألتني عبر الأتصال عن سرعتي الحقيقة التي يمكنني تجديد أطرافي فيها.

أومأت كان علي الضمان أنك قادر على تسديد ضربة قاتلة واخرى احتياطية في حال فشلت الأولى في تحطيم العصا تمامًا، كنت الشخص الوحيد الذي بإمكانه أمتصاص طاقتي وطاقة أتريوس في الوقت ذاته والشخص الوحيد الذي بإمكان فهم كيفية كسر مسارات طاقة العصا والشخص الوحيد الذي يمكنه التعافي من إنفجار هذا الكم الضخم من الطاقة والتجدد خلال ثوانٍ في الهواء لتسديد الركلة الأخيرة لكسر العصا إلى أنه.. توقفت جلنار وقد ظهر على وجهها مجددًا بعض تعابير الإحراج..

إلى أنك ترددت لخوفك من خطورة دفع طاقة التوبازيوس مع طاقة أتريوس في الواقت ذاته خلال جسد زوندي، وهو الشيء الذي كان عليكي التفكير فيه ألف مرة في رأيي الشخصي. تحولت نبرة أوكتيفيان في نهاية لنبرة أكثر حدة وتأنيبًا لتكتف جلنار ذراعيها وقد أشتعلت عادة العند داخلها لكننا نجحنا في النهاية، ألم يكن عدم ثقتي في الآخرين محل انتقاد منذ قليل؟

تقدم أوكتيفيان وقد شعر بالإنزاعاج من نبرة عنادها الواضحة ومع ذلك، دفع طاقة كطاقة التوبازيوس داخل جسده شيء لا يمكن لاحد تحديد عواقبه، كان عليكِ التأني أولًا، أعلي تذكيرك بما حدث مع آخر شخص دفعتي طاقتك داخل جسده بالكامل؟.

اتسعت عينها واندفعت نحوه صائحه: أتظنني كنت لأفعلها لو شككت لوهلة أنني يمكنني قتل زوندي؟ أتمزح معي؟ وقف زوندي بينهما متربكًا بينما يحاول بابتسامة هلعه تهدئه الأمور بينهما يوضح باستمرار أنه بخير وفي المقابل دحرج أتريوس عينه والتفت تاركهم في نية الذهاب لأعلى التل حيث مكان عودة المركبات لأخذهم.

أهذا طبيعي؟ تمتم هيلبارت وهو يحدق بهما يتجادلان وقد اختفت تمامًا هالة العسكري الشرس والقائدة الحازمه وتحولا فجأة لأحمقين يحاول كل منهم إثبات أنه وجهة نظره هي الصحيحة..

في الواقع هذا أكثر مشهد طبيعي بين هذه المجموعة أشهده منذ فترة، ستعتاد الأمر أيها المعلم هز هيلبارت برأسه يتسائل إن كان اتخذ القرار الصحيح في الموافقة على اتباع هذه المجموعة، ولكنه نظر نحو مجيبه فجأة وظل يحدق في وجه جوزفين الواقف بجواره يحدق في الأطراف المتجادلة بنظرة أسف من سمح لك أيها الصلعوك في الحديث معي؟.

التفت جوزفين بسرعة نحو هيلبارت وصاح ماذا فعلت أنا بحق الإله؟ ضرب مؤخرة رأسه بالعصا مجددًا قبل أن يقول وجهك وحده يثير حفيظتي أيها المدلل، أبتعد عن وجهي. قبل أن يزيحه عن طريقه بطرف عصاه ويسير مبتعدًا عنه وسط نظرات جوزفين المندهشة.

ألم تكن عصاك منكسرة منذ دقائق؟ التفت ناظرًا نحو ثونار التي أشارت لعصاه السليمة بين يده ليجيب قبل أن يتابع سيره أظننتي أحمقًا لأراهن على كسر هذه التحفة الأثرية في سبيل رهان أحمق، يمكنها إصلاح نفسها وقتما تشاء.

ظلت ثونار تحدق في ظهره لثوانٍ قبل أن تنفجر ضحكًا متجاهلة جوزفين الواقف بجوارها متسائلًا بجدية أعلينا حقًا أخذه معنا؟.

....

اجتمعوا جميعًا أعلى التلة بعدما تدخلت واندر أخيرًا بطريقتها المعتادة لفك الشجار بين جلنار وأوكتيفيان. لم يطل انتظارهم فقد قاطع الصمت صوت صفير اشبه بزقزقة قبل أن يحط على كتف أوكتيفيان طائر متوسط الحجم ذو مظهر مميز بأربع أجنحه وذيل طويل مزين بالريش الأحمر.

لم يكن الطائر غريبًا على جلنار فقد سبق لها رؤيته مع أندريس أركستوراي، حيوانه الأليف فوميسكا لكن لشدة إنزعاجها من أوكتيفيان ابتلعت اسألتها وظلت واقفة بوجه عابس دون أن تبوح بأسئلتها.

لم تمضِ دقائق على عودة فوميسكا للطيران بعيدًا قبل أن تعود مركبيتن هذه المرة لنقل الجميع عودة للإلترانيوس أخيرًا.

بدأ الجميع واحدًا تلو الآخر في الركوب وتقسيم أنفسهم في المركبات كل أربعة في مركبة.

قبل أن تقفز جلنار داخل أحد المركبتين توقفت ما إن سمعت اسمها يُنادى، التفتت حيث وقف أوكتيفيان لتدحرج عينها وتتخذ الهجوم كوسيلة دفاع قائلة بتهكم: ماذا الآن؟ أيجب علي الإعتذار عن جميع أخطائي حتى يسمح لي بركوب المركبة؟.

توقف أوكتيفيان يحدق لوجهها يراجع جميع قراراته في هذه اللحظة ويشعر برغبة في البصق على نفسه ثم الإلتفات وركوب مركبته.

لكنه أخذ نفسًا ودلك جبينه قبل أن ينظر نحوها قائلًا: أردت فقط الإعراب عن تسرعي في إلقاء الأتهمات سابقًا لغة جسدها الدفاعية أصبحت أهدأ ما إن سمعت جملته بينما مال يوجين نحوها بتعبير قلقة إما أنه على وشك قتلك أو أن حمى ما قد أصابته.

عندما قُبِلت جملته بالسكوت نظف حلقه وقال محاولًا تجنب النظر لوجه جلنار: ما أقصده هو أن تصرفاتك قد تكون متهورة أحيانًا لكن نيتك ليست سيئة، لذلك لا ضررًا من التفكير مرتين. دحرجت جلنار عينها وقالت: أهو من الصعب حقًا قول أنا أسف؟.

ارتفع حاجباه حتى كادا يلمسان مقدمة رأسه لست هنا للاعتذار، أردت فقط إيضاح أنني لم أقصد إتهامك بسوء النوايا، لكن لازالت مصممًا أن قراراتك متسرعة وغير مدروسة، لقد وافقتِ على عرض ذلك المعلم أيضًا دون التفكير لوهلة كيف قد يعود هذا القرار عليكِ بالسوء، لازلتِ تحاولين فهم قدراتك وقوة كقوة التوبازيوس قد تكون قاتلة حتى لصاحبها إن لم يكن حكيمًا في كيفية استخدمها.

كتف ذراعيه مستعدًا لدافع عن حجته لكنه تجمد مكانه ما إن ارتسمت تعابير واثقة وجدية على وجهها بينما تقول دون تردد إن عاد بي الزمن لفعلت نفس الشيء، ليس فقط هنا بل لأي واحدٍ منكم انفرجت شفتيه وكاد يضرب الجنون رأسه لكنه توقف عندما أردفت:

ربما لا أعلم شيئًا بعد عن القيادة كما تفعل أنت، لكنني أعلم أن مسؤولية هذا الفريق تقع على عاتقي، لذلك مساعدتكم جميعًا حتى وإن كنت عاجزة عنها، وحتى وإن كنت أضعف منكم جميعًا وحتى وإن كانت مهاراتي ومعرفتي لا تجابه مهاراتكم، لاتزال تقع على عاتقي لذلك.. أخذت نفسًا وأكملت بنبرة لم تهتز:

لا تحاول ثنيي عن مساعدة أحد الفرسان بكل ما أملك بما فيهم أنت، إن كان وجود هيلبارت هو ما يحتاجه زوندي حتى يشعر أنه على قدر كافي من القوة والمعرفة ليصنف كفارس فسأبذل كل ما في وسعي لتحقيق ما يريد، أن أراد كل واحد منكم أن أدور حول الممالك العشر كلها حتى أساعدهم في تحقيق أفضل ذاتٍ منهم فأنا على استعداد لفعلها، حتى لك أنت أيها القائد العسكري القوي لذلك، تعلم أنت أيضًا أن تضع حملك ورغباتك علي ربتت على كتفها بقوة وعزيمة مع ابتسامة واسعة أنا أيضًا قائدتك ومسؤولة عن رغباتك وحمايتك، لا تتردد يومًا في طلب مساعدتي ولا تحاول منعي أو تأنيبي على محاولاتي مهما بدت ضعيفة أو متهورة أو عديمة القيمة.

ظل أوكتيفيان يحدق في تعبيرها الواثقة والجدية والتي لم تبدو كمن يحمل همًا أو خاض نازلًا مميتًا لتو في سبيل إقناع معلم عنيد في مساعدتهم.

شعر وكأن لسانه لُجم وضاعت من رأسه كل الكلمات التي حضرها سابقًا، في هذه الدقيقة، استذكر شريط حياته كلها، لم يجد يومًا موقفًا وجد فيه نفسه واقفًا أمام أحد قادة النبلاء أو حتى قادته العسكريين وقد شعر بهذا القدر من الإحترام أو حتى الدهشة.

لذلك لأول مرة يشعر أن حُجته قد غلبته امامها.

لم يدرك الأثنين الطرف الثالث الواقف خلفهما على مسافة خلف المركبة وقد سمع حديثهما كاملًا، ظل زوندي متسمرًا في مكانه لثوانٍ قبل أن تظهر على وجهه ابتسامة دافئة لا إرادية ويتجه نحو المركبة التي سبقه داخلها هيلبارت الذي بدوره يرراقب زوندي من خلال النافذه.

قبل أن تقفز عينه نحو جلنار التي التفتت وتركت أوكتيفيان متجهة لأحد المركبتين.

مثير للاهتمام تمتم بينما يسند وجهه على كف يده وقد وقعت على وجهه بعض خصلات شعره السوداء.

حلقت المركبات عائدة نحو المعبر والذي كان مبنى مختلف تمامًا عن مبنى وصولهم، وعلى عكس الإلترانيوس لم يكن بإمكانهم رؤية غرفة المسؤولين عن النقل بل تم قيادتهم عبر ممر طويل نحو قاعة واسعة وضخمة تحتوي على مئات الغرف الصغيرة ذات الجدران والأبواب الزجاجية.

تم تقسيمهم لفئتين كل أربعة في حجرة قبل أن تبدأ عملة نقلهم والتي كانت مماثلة كالمعتاد.

لم يتسغرق الأمر أكثر من دقائق حتى وجدت جلنار نفسها داخل حجرة المعبر داخل الغرفة الضخمة للأخوين المسؤولين عن نقل المسافرين.

كالعادة كان من الصعب التنفس تحت ثقل وضغط القوة المسؤولة عن نقلهم وقد شعرت بالغثيان يصيبها مجددًا لكنها تماسكت هذه المرة ولم تفقد توازنها.

أعاد أتريوس إقاحم يده التي كانت متجهة نحوها داخل جيبه ما إن لاحظ إتزانها فورًا والتفت لخارج المكان يتبعه واندر وجلنار وجوزفين.

ألقى الأخوين التحية سريعًا على مجموعة الفرسان العائدة قبل أن يخرجوا من المكان ولكن ما إن حطت أقدامهم خارج غرفة الإنتقال حتى وجودا أنفسهم أمام مواجهة عدد لا يستهان به من الجنود المدججين بالأسلحة وكأنهم على الاستعداد لإطاحة مجموعة من الإرهابيين لا أستقبال مجموعة فرسان.

تقدم الحرس قائدهم وأعلن بصوت عسكري واضح على السيد آرنالدو هيلبارت التقدم والتعاون معنا بكل هدوء.

تنهيدة طويلة خرجت من بين شفتي جلنار قبل أن تغمض عينها مدلكة جبينها ما إن لاحظت علامة عائلة ألفن واضحة صريحة على دروع الحرس.

تقدمهم أوكتيفيان الذي قد عادت شخصيته العسكرية والتي لا يتسغنى عنها كثيرًا في العادة السيد هيلبارت قادم بصبحة الفرسان وقائدتهم، ومعنا أمر ملكي واضح بالسماح له بالدخول لأراضي الإلترانيوس.

لم تهتز تعبير قائد الحرس وقد بدى أكثر عندًا وخشونة آرنالدو هيلبارت محظور تمامًا من دخول أراضي الإلترانيوس بموافقة الأغلبية من قادة النبلاء، وجوده هنا لهو تعدي واضح وصريح على القانون، لذلك عليه المجيء معنا طواعية أو بالقوة.

وقبل أن يتقدم هيلبارت بابتسامته الساخرة للرد سبقته جلنار التي تقدمت ووقفت أمام وجه قائد الحرس  تنظر لوجهه بأعين متعبة وهي واثقة أنها تكرت فرصة للحديث السلمي حتى لا يعاتبها أوكتيفيان لاحقًا وقالت: لقد كانت رحلة طويلة، رحلة طويلة حقًا ومتعبة، لذلك أغرب عن وجهي وعد لسيدك الذي أرسلك وقل له أن السيدة روسيل ترسل تحيتها أولًا، وتذكرك بدس أنفك القبيح داخل شؤونك الخاصة وتركه خارج شؤون الآخرين اللعينة.

لوهلة شعر الحارس وكأن دلوًا من الماء المثلج قد سقط فوق جسده بالكامل، ففي حياته كامله لم يتجرأ أحدهم على التطاول على سيده كما فعلت هذه المرأة خلال جملة واحدة وعندما استعاد التحكم في جسده مجددًا حتى التمعت عينيه بالغضب وقد اتجهت يده نحو سلاحه صارخًا بـ كيف تجروؤين؟.

دحرجت جلنار عينها وسط أنظار هيلبارت الذي كان مندهشًا هذه المرة بكل ما تعينه الكلمة من معنى، فلا يتذكر متى كانت آخر مرة وقف أحدهم مهينًا أحد أقوى العائلات النبيلة، آخر مرة فعلها هو تم حظر دخوله لأكثر من مملكة.

أتريد حقًا أستخدام القوة؟ تمتمت بتعب واضح، قبل أن تلتف نحو أوكتيفيان الذي كانت نظارته واضحه وصريحة لذلك تنهدت ورسمت ابتسامة مصطنعة على وجهها وقالت: لقد أخذنا إذنًا ملكي أيها الأحمق كما وضح السيد أوكتيفيان، بالإضافة أننا في حالة طوارئ كما وضحنا سابقًا مئة مرة أيها الأغبياء لذلك بصفتي ابنة التوبازيوس يمكنني كسر قوانينكم التافهة، لذلك مجددًا، ابتعد انت ورجالك من طريقي قبل أن أحطم أنوفكم التي تستمرون بحشرها في شؤوني من فضلك.

التفت نحو أوكتيفيان قائلة: لقد كنت في غاية التهذيب وقد أضفت من فضلك أيضًا كان من الواضح أن أكتيفيان الوحيد الذي يتعامل بجدية مع الموقف فقد وقف البقية مستمتعين بكل لحظة تقف فيها جلنار ضد النبلاء.

كيف تجروء أمرأة مثلك على إهانة عائلة عريقة كعائلة ألفن النبـ.. اختنقت الكلمات داخل حلقه ما إن تحولت أعين جلنار لحمراء قاتمة بينما تحدق بروحه لا عينه بينما تبصق كل كلمة في وجهه:

 ثلاث ثوانٍ، سأمهلك ثلاث ثوانٍ لتقرر أن كنت تريد العودة لسيدك على قدمين أم محمولًا في تابوت خشبي قذر.

يارجل، عليك الهرب فورًا، لقد فقدت العد كم مرة تحولت عينها لهذا اللون خلال الأسبوع الماضي، إنها تفقد عقلها تدريجًا، قد تسحب الزناد في أي لحظة يوجين الذي ابتعد عنها مترين بينما يحدق في وجهها قال وكأن الجنود على مقدرة على سماع نصيحه.

ظل الرجل يحدق بعيني جلنار التي كانت تتخذ مظهرًا أكثر جنونًا بالفعل وكأنها تنتظر رفضه حتى تقوم بدق أعناقهم جميعًا خمسين مره بينما مرت على رأسه ذكرى كل المرات التي سمع فيها عن جنون هذه المرأة  لذلك وكتصرف حكيم أخير أخذ خطوة للخلف قبل أن يقول في محاولة لحفاظ ماء وجهه: السيد ألفن سيسمع بالتأكيد عن هذه الحاد.. مجددًا لم تترك له فرصة إكمال حديثة ومرت من أمامه بلا اهتمام واضح وصريح ليتبعها البقية وعلى وجوههم أكبر تعبير الاستفزاز التي يمكن رؤيتها على وجه أعدائك.

ما إن خرجوا من المكان حتى صفق جوزفين قائلًا أحسنتِ التعامل معهم، لقد كان خروجًا نظيفًا وقفت جلنار مكانها قبل أن تلتفت تنظر للمخرج بإعادة تفكير أشعر بإغراء للعودة ومسح بلاط القصر بوجوههم، لما تركنا نخرج بكل هدوء؟ تمتمت في النهاية بإنزعاج قبل أن تتجه للمركبة التي تنتظرهم خارج بوابة القصر.

هل بقيت خارج الإلترانيوس لفترة طويلة أن هناك ما فاتني؟ هل أصبح مقام عائلة ألفن سيء لهذا القدر؟ ثونار التي سمعت تمتمة هيلبارت مالت نحوه مجيبة باستمتاع واضح: على الإطلاق، لكن جلنار لم تترك فرصة لإذال كل عائلة من العوائل النبيلة أمام المملكة كلها إلا وانتهزتها ثم تركته متجهة بدورها نحو المركبة.

ظل هيلبارت يحدق بظهرها ببعض الاستغراب يحاول معالجة ما قالته قبل قليل ستستمتع كثيرًا بصحبتها  هذه المرة علق أوكتيفيان الذي لاحظ تعبير هيلبارت، متذكرًا ما سمعه عن شخصية هيلبارت من العوائل النبيلة سابقًا ولم يتمكن إلا من ملاحظة الشبه القوي بينه وبين جلنار.

زاد ارتباك هيلبارت بينما تخطاه أوكتيفيان نحو المركبة ووقف في مكانه لثوانِ يتسائل إن كان عليه العودة أدراجه أو الإنخراط في هذه المعمة التي لا تبدو كأي شيء توقعه أو كان في انتظاره.

في النهاية كان يعلم أن نفسه القديمة والتي تعشق أستغلال كل فرصة لرؤية أحدهم يقوم بإذلال النبلاء ستنتصر فورًا وستدفعه للاتجاه للمركبة مع الجميع وهذا ما حدث.

وطيلة الرحلة لم يتمكن من إزاحة عينه عن جلنار التي أراحت رأسها ضد مسند الرأس مغمضة العينين بينما ظل السؤال نفسه يدور في رأسه مرارًا وتكرارًا...

كيف بحق الإله لفتاة تبدو بهذا السلام والضعف أن تقف وجهًا ولجه ضد بطش النبلاء بشهادة من الجميع!

ما إن هبطت المركبة داخل أرضي الأكادمية، شعرت جلنار في رغبة في الركض بأقصى سرعة نحو غرفتها وإلقاء جسدها فوق أول سرير يقابلها حتى تشعر بالراحة.

لذلك بدت كالميت الحي بينما تسير مع الجميع بين أورقة الأكاديمية الشبه فارغة في هذا الوقت من الليل تشعر إن الأكادمية إن أنفجرت تمامًا أمامها ما كانت لتبالي وستلتف تبحث عن أول مكان مريح وتلقي جسدها فيه.

لكن لم تكن تتوقع أن في اللحظة التي سيصلها صوت يصرخ بإسمها من الطرف المقابل قبل أن تشعر بثقل جسده القصير يلقى بين ذراعيها ورائحة شعره الأزرق تغمرها سيعيد لها كل الطاقة التي ظنت أن معجزة ما كانت لتعيدها.

ابتسامتها اخذت أكبر اتساع لها قبل أن تغمر هارليك بين ذارعيها بقوة وكأنها كانت في حاجة أكبر لهذا العناق من حاجته أيها الشقي، لقد اشتقت لك صاحت بينما تبعثر شعره كعادتها..

حمدًا لله لعودتكم سالمين رفعت رأسها لصوت أغدراسيل الذي تبعه كل من تينر جام ولافيان اللذان اللتفا حول زوندي فورًا بينما وقف رومياس بجوارها بابتسامة كان القلق واضحًا فيها وكأنه يتفقدهم جميعًا بعينيه إن كانوا على خير ما يرام.

وفي النهاية وقف أتريانو بقامته القصيرة على مسافة بعيدة مستندًا على الجدار، ألقى عليهم نظرة سريعة قبل أن يهز رأسه ويلتفت متجهًا لغرفته.

ووسط أصواتهم التي تردد صداها في منتصف القاعة الرئيسية للأكاديمية شعرت جلنار بشعور افتقدته لمدة طويلة وظنت أنها لن تشعر به مجددًا.

لقد كان شعور العودة للمنزل يغمرها بالدفئ على الرغم من أن لا منزل يحيطهم في الواقع.


***************************************


هااااااااااااالووووووووووووو

أولا وقبل كل شي أتمنى منكم الدعاء لخالي بالرحمة والمغفرة، اللهم أرحم موتنا وموتى المسلمين جميعًا يارب.

حابه أشكر موقفكم النبيل مع ظروفي واحترامكم لحزني وحزن عائلتي الفترة الي فاتت عشان كده مكنتش حابه أرجع أبدا على حساباتي بأي بوست وايدي فاضيه وقلت ارجعلكم بالفصل على طول.

كنت مخططه كمان أكتب فصل جانبي من وجهة نظر يوجين بيتكلم عن كل الأحداث الي حصلت من اول الرواية لدلوقتي كتذكير للناس الي ناسيه الاحداث لكن حسيت هياخد وقت وانا حاسه الأهمية للفصل حاليًا..

عشان كده إلي حابب يفتكر الأحداث الماضية يستنى عليا يومين ان شاء الله هكتب الفصل الجانبي وأنزله.

بالنسبة للفصل كنت مقرره انزله بعد ما وصلت 12 الف كلمة بس بعد عملية ديمقراطية -للاسف الشديد- اتحدد ان الفصل ينزل بعد ما اكتب كل الاحداث الي انا كنت محددها للفصل والي كنت مقدراها بحاوالي خمسة الاف كلمة او سبعة بالكتير..

لكن إلي معملتش حسابه انهم يوصلوا 16 الف كلمة زيادة عشان اقفل الفصل كله 28 الف كلمة وده شيء منجز ومرهق جدا في نفس الوقت..

بقول ده ليه؟؟؟؟

عشان ابووووووووووووووس ايديكم اقرأوا الفصل شوية شوية وقسموا كام يوم لحد ما أكون كتبت جزئية حلوه في الفصل الجيييي.

الفصل ده كان المفروض ينزل من اسبوع تقريبا بس بسبب وافاة خالي الله يرحمة انسحبت شوية ولما جيت أرجع واجهت مشكلة مكنتش عاملة حسابه وهي..

الصيف

فحابه من هذا المعبر أولًا أقول ميتين أبو الصيف على الي بيحبو الصيف و****** و انـ ************

انا بلا مبالغة مكنتش فعلا قادرة أكتب بسبب حرارة الجو عندنا.

انا درجة الحرارة بتوصل عندي 47 وبواجهها بدون تكييف

اللاب اول ما بفتحه بيووووللللع مش بس بيسخن والجو مش بيهدى إلا بليل خالص بعد 12 وعشان حظنا ديما معروف

فأنا نومي إلي بقال أكتر من سنه ونص -والله بلا مبالغه- بحاول اظبطه بدل ما كنت بنام 5 الفجر واقوم العصر فجأه وقت ما الجو بقى حر عرفت اظبطه وبقيت انام من قبل 12 واصحى من قبل 8 الصبح فالوقت الي بكون صاحيه فيه هو اكتر الأوقات حرارة.

فببقى همووت وافتح اللاب اكتب الفصل بس مش قادرة من كتر الجو ما حر.

فادعوا الجو يهدا شويه عندنا قبل ما أنا شخصيًا أهنج قبل اللاب.

وبالنسبة للرواية فحابة أنوه أن الفصول من بعد النهاردة هتكون اقصر بكتير عشان يكون الفارق الزمني بين تنزيل الفصول اقصر بكتيييير من الزمن الي بياخده الفصل ابو 20 الف كلمه.

فلو ده هيزعج ناس معينة ممكن تستنى لحد ما ينزل  3 او 4 فصول وتقرأهم مره واحدة لكن حسيت أن تقليص احداث الفصول وتقسيمها على اكتر من فصل هيساعد ان التنزيل يفضل مستمر ودوري اكتر.

بس والله..

كفايه رغيي عشان هموووت وانام

لوف يو

باي

 

Esraa A

احظ بوقت ممتع بعيدًا عن العالم.

19 تعليقات

  1. صدقا، من احلى الفصول الي بالرواية كاملة، استمتعت بكل نص حرف مكتوب فصلللل راااائع، تسلم ايدكي يا حبيبتي والله يرحم خالك ويصبر قلبك وقلب اهلو.

    ردحذف
  2. انا لسة هقرا الفصل بس اتمنى ان انا اكون فاكر حاجة من الفصول اللى فاتت

    ردحذف
  3. شكرررراً ع هالفصل الرائع فعلاً كنت مشتاقتلهم كثيررررر بكيت مع جوزفين و ضحكت مع اوكتيفيان مو يوجين لا هالمررره قائدنا العسكري هو الي ضحكني 😂💔
    حبيت كلش شخصية المعلم و قتالهم كاااان حمااااااااسسسس 💥
    اتريوس داخل دروس غزل يمكن شنو هالكلام والغيره عيني 🤭🤭💕🥺
    ختامها بعملاقنا الازرق احنه هم اشتقناله و لكل جمعتهم 🥺🥺🥺🤍🤍🤍

    ردحذف
  4. الان بدأت اقرأ الفصل ومن الحماس حسيت عيوني دمعت وما قدرت اكمل احتاج استراحة عاطفية لبعض الدقائق...

    ردحذف
  5. اولا : الله يرحم فقيدكم ويغفرله ويسكنه فسيح جنانه....ثانيا: البارت جميل جدا وممتع وحابه اشكرك كثير لطولة بالك علينا مع كل ظروفك لازلت قادرة على التماسك بسرعه.....ثالثا : اعيد التمنى عليكي للتفكير بجدية بنشرالرواية ككتاب مطبوع يحمي حقك فكريا وحصريا ويعرف العالم عن وجد فكر مبدع ناشأ يستحق الاحترام والتقدير.

    ردحذف
  6. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  7. اقسم الفصل على كم يوم؟ انا خلصته ب 3 ساعات😭😭💕💕

    ردحذف
  8. افضل الروايات بالكوكب😭✨

    ردحذف
  9. يعجز التعبير عن اللسان ونوءطة . 😔💥💥💥💥💥💥💥💥💥

    ردحذف
  10. الواحد محتاج يومين يحاول يهضم فيهم كل اللي حصل في الفصل علشان حرفيا الفصل دا ياخد المرتبة الاولى في الصدمات و الانتقالات المزاجية و الحماس و البلوت توستات و تلفان المخ، و الله انا مش عارفة بجد حقيقي استوعب ايه ولا ايه كميه الصدمات و تقلبات المشاعر اللي حصلتلي في الفصل دا لا توصف بجد، فصل من اروع الفصول اللي قرأتها في حياتي و تفوق على اي فصل بحبه من فصول الرواية، حقيقي حقيقي فصل يستحق كل الانتظار، هاخد بريك صغير و ارجع اصيح على كل فتفوته في البارت حرفيا، بجدد حبي للكاتبه و للرواية 💕💕💕

    ردحذف
  11. ربنا يرحم خالك و يغفر له و يجعل مؤاه الجنة و يبعد عنه عذاب القبر و يصبركم على فراقه

    ردحذف
  12. كان فصل تحفة شكرا على مجهودك كثيرا والله افضل رواية بالنسبة لي الى الان

    ردحذف
  13. الفصل روعةةةةةة زمان عن هل الحماس
    استمري يا افضل كاتبه love uuuuuuuuu

    ردحذف
  14. فعلا فعلا رواية تحححححححففففففففة🥰😍 شكرا على مجهودك إسراء 😇

    ردحذف
  15. صدقق فقدت مرهه روايه لدرجه حتى في قتالهم مبتسمه احس مرهه اشتقت للشخصيات وقتالتهم وهواشهم بس حرفيا الفصلل كان يجنن صدق تسلمين على هذا فصل الحلو 💗💗💗💗

    ردحذف
  16. مش عارفة ابدأ منين و لا منين حقيقي، من الفصل اللي فات و انا كنت هموت واعرف ثونار هتبص في وش جوزفين تاني ازاي بعد ما عرفت ماضيه و ازاي هتخبي اصلا انها عارفة، بس مع بداية الفصل انا بجد مخي كان بيشيط، خلينا نبدأ بجوزفين، حقيقي جوزفين صدمني بطريقة مش طبيعيه، جوزفين بالنسبالي كان انسان مستحيل اتخيل ان غضبه يوصل للمرحله دي، انا قولت اه هيزعق و يهدد و يشتم بس اخره هيكون يدوب يقلب مكتب ابوه مش اكتر، لكن رد فعله و كلامه حرفيا كانت على وشك تجبلي بانك اتاك، معرفش ليه انا كنت متأثرة اوي كده في اللحظه دي بس بجد كل اللي حصل بين اورال و جوزفين كان مخلي انفاسي سريعة، و كنت مخضوضه، يعني انا واثقة اني لو كنت في الموقف دا حقيقي كان هيجيلي بانك اتاك حرفيا من الرعب، اصلا مش قادرة استوعب اللي حصل، يعني ايه مين فيهم اللي مات، يعني ايه اورال كان عاوز يضحي بابنه البكر، و ليه اصلا، ايه اللي كان ممكن يحصل عليه مقابل تضحيته بابنه البكر، بجد مش متخيلة كمية الحقارة دي، نيجي بقى للشخص اللي صدمني صراحة، تدخل والدة جوزفين، دي كانت اخر شخص اتوقعه يدخل صراحة، انا قولت دايلين او ثونار انما ام جوزفين، لا اتصدمت، بس حقيقي صعبانه عليا بجد، يمكن في جزء من الخطأ يقع عليها بس بردو هي ضحيه و انا مراعياها صراحة، نيجي بقى للحظه اللي كنت مستنياها، ظهور ثونار و رغبة القتل الرهيبه اللي كانت موجهاها لاورال لولا جوزفين، بجد مكنتش متوقعة انها يوصل بيها الحال انها تبقى عاوزة تموته، انا قولت هتكرهه ذيادة او هتحاول تأذيه لكن يوصل بيها الموضوع للقتل بجد صدمتني، لا و لما قالت اللي هيقرب من جوزفين هموته يخي بجد نسيت الموقف لحظها و غرقت في الفرشات، صياااح، المهم متخيلتش ان الموقف ينتهي كده الصراحة، كنت عارفة ان جوزفين مش هيقتل اورال لكن انه يعمل معاه ميثاق و تعويذة و حركات متوقعتهاش، انا متفقه معاه في انه مسابش ثونار تقتله و عمل الميثاق، حقيقي نقطة في حق جوزفين انه قدر يسيطر على مشاعره و يستفاد من الموقف باكبر قدر ممكن، ننتقل للملكة حقيقي موقفها عجبني اووي، خاصه اعتذارها لجوزفين و طلب مبيتهم و محاولة على الاقل استضافتهم بشكل كويس، حقيقي اتمنى فعلا تتغلب على مرضها و تعوض جوزفين عن اللي حصله كله، بالنسبه لثونار حقيقي انا مش عارفة اقول ايه، فكرت ساحرات النور، هو انا حسيت اني قرأت حوار ساحرات النور دا قبل كده و طلع فعلا اتذكر في الفصل الخامس و الخمسين لما ثونار اتخدت هيئة هوليا و اللي هي ساحرة بتستخدم تعاويذ السحر الاسود لتولد النور، و اللي المفروض ان اصلا محدش عارف اذا كان دي حقيقة ولا كذب، ففكرت ان ثونار تطلع ساحرة نور، شئ منطقي شوية لان تم التلميح ليه، علشان من المنطقي ان ساحرة نو تعرف تستدعي ساحرة نور تانية، بس عموما مستنية مفاجئات ثونار الجاية

    ردحذف
  17. نيجي بقى للجزء اللي حرفيا خلا انفاسي تنكتم، اتريوس بيتغزل، حقيقي من اكبر صدمات الفصل بالنسبالي، يخي ايه الحلاوة دي، حرفيا اللي هو انا كنت مساكة نفسي بالعافية علشان مصوتش لاني كنت في الشغل ساعتها و بعدين كملت في المواصلات و الصرخه فلتت مني بالغلط بس الحمدلله محدش خد باله، او تقريبا محدش خد باله الله اعمل بقى، بجد رومانسيتهم بهدلت مشاعري، و قربهم و ازاي بقوا بيحسوا براحة حولين بعض لدرجة ان محدش فيهم بقى يستغرب رد فعل التاني، حاسه اني سعيدة بجد ان الوضع بينهم اتحسن بعد الشد و الجذب اللي حصل في قصر اركستوري، فجميل اووي انهم وصلوا للمرحلة دي من الهدوء و الثبات، و نيجي لواندر مفسده اللحظات، و انا اللي كنت في قمه سعادتي لما بدأوا يتحدوا بعض على القتال و قلت القتال اللي اسراء محمسانا عليه طلع بتاع اترينار جت واندر و وقعت سقف طموحاتي، هي مش بس وقعته هي حرفيا خسفته، بالنسبة لحقيقة اتريوس انا حرفيا متفقه كليا مع جلنار في موقفها و طريقة تفكيرها، حرفيا اكيد هحس بالرعب لو كنت مكانها، و متخيله جدا ان اتريوس فعلا يهرب و يختفي تماما اول لما يعرف ان جلنار تعرف حقيقته، علشان كده متفقه معاها جدا و مع قرارها اتمنى فعلا الطريقة اللي يعرف بيها اتريوس ان جلنار عارفة حقيقته تكون هادية و خفيفه على القلب لاني مش هستحمل الموضوع بشكل غير كده، فصلت جدا من الخادمتين حرفيا اللي هو دول مش الخادمتين دول انا، بجد حسيت انهم بيوصفوني اووي و بتفاعلي على كل مومنت بين اترينار، حرفيا كنت شبههم كده لما اتريوس غار على جلنار، مع ان غيرة اتريوس كانت واضحة اووي في الفصول اللي فاتت بس في الجزء دا حقيقي حستها غيرة من نوع اخر، كانت غيرة اتريوس حقيقي مختلفة و تجيب فرشات جامد جدا، غيرة هادية كده لذيذة، مع اني متأكده ان لو كان ديفيد موجود كان اتريوس فلقه نصين فلحظتها، حقيقي موقفهم من اول لما شافها و بعدين لما نط لبلكونتها و بعدين هي قربت منه و تحديهم لبعض و دفاعه عنها لما واندر كانت بتضربها يخي بجد صياااااااح، كنت عاملة زي الخادمتين بظبط، مكانوش هما بس المراهقتين، حرفيا فصلوني بجد ردود فعلهم و كلامهم يخي سكر،

    ردحذف
  18. نروح بقى لنقطة مهمه جدا بالنسبالي، حقيقي فكرت ان الكوميديا في الفصل دا اغلبها كانت بسبب اوكتيفيان، و دي حاجة بحيي اسراء عليها لانها طلعت كوميديا من شخصية هي في طبيعتها اصلا ملهاش علاقة بالكوميديا نهائي، رغم وضوح ردت فعل اوكتيفيان على تصرفات الفرسان الا ان ردود افعاله في الفصل مفشلتش انها تكون كوميديا جدا لدرجة انها مش بس تسبب الابتسام لا دا كمان تخلي الواحد يضحك بصوت عالي، يوجين كان مفضي الساحة المرادي لاوكتتفيان و جوزفين و هاليبارت اللي بردو اضاف جو مبهج عكس ما اي حد كان ممكن يتخيله، يعني من كلام الناس عنه تلقائيا هتاخد فكرت ان مقابلته هتبقى غامقه كده و تقيله حتى لو مكانش فيها قتال او حاجة، لكن طلع شخصية عكس ما اي حد توقع و بردو مشكلته حاجة واحدة و هي النبلاء، جزء هاليبرات كان لذيذ و خفيف عكس المتوقع و وضح منظور مختلف و مكنش مجرد قتال بتخوضه جلنار، يالنسبة لاختيار هاليبرات، كان بالنسبالي متوقع و غير متوقع في نفس الوقت، بس منطقي حسيته فعلا منطقي، بالنسبة لاختياره زوندي دا كان شئ بديهي جدا، بالنسبة لاتريوس فدا حسيت انه اختار اتريوس علشان يثبت غروره و قوته، اللي هو انا بختار شخص انتوا عارفين و انا عارف انه فاهم اسلوبي كويس و عارف ازاي يحاربني مع ذلك انا واثق اني هفوز، بالنسبة لاختياره لجلنار فده كان اختيار منطقي جدا لان دي فرصه هتسمحله يمتص فيها طاقه التوبازيوس سواء فاز او خسر، فدي كانت تجربه تستحق بالنسباله انه يحس بالطاقه دي ولو في نزال على الاقل، كان نزال ذا منفعه كالعادة و فتح طريق ليهم انهم يفهموا بعض اكتر و بعيدا عن جلنار هو ورانا بردو تطور اتريوس في قتالاته الجماعية، اتريوس اللي هو كان معروف انه اناني و غير متعاون، غير انه اتاح لاتريوس يطلع شوية من الوحشه اللي جواه اللي بطل يستعملها من ساعة ما ساب المنفى، فحسيت هنا ان اتريوس خد نفسه شوية اللي هو اخيرا هطلق العنان لنفسي زي الايام الخوالي، حرفيا ردود فعل هاليبارت اتجاه جوزفين فصلتني ضحك بجد، حاسه ان هيكون في كيميا حلوة اووي بين هاليبرات و الفرسان و الدنيا معاهم هتبقى لذيذة، اللي هو في مجنون اضافلكوا يا جماعة على اساس ان المجموعه ناقصه مجانين، الله يعين اوكتيفيان من هلأ داخل على ايام هباب، بالنسبه للوكيان حقيقي مش عارفه احطه في موقع لحد هلأ موضوعه كبير معايا فهنسيبه شوية لحد اما نجمع معلومات اكتر و يظهر بشكل اكبر، بس و بكده نكون خلصنا يارب مكون ناسيه حاجة، عموما كان فصل تحفه يستحق الانتظار، انا فاكرة ان الفصل اللي قبل دا نزل و انا في الشغل بردو و قرأته ساعتها و بعديها سبت الشغل و روحت مكان تاني اشتغل فيه و بعدين سبته و امتحنت و نتجتي طلعت و نزلت شغل تاني في نفس المكان اللي سبته بس مع اشخاص مختلفين و بردو قرأت الفصل دا في الشغل فحقيقي من احد الحاجة اللي بحبها مع الرواية هي الانتظار بردو بقيت احس ان دا جزء لا يتجزء من الرواية يعني لو مافيش انتظار مافيش توباز، كده كده هفضل متحمسه حتى لو الرواية وقفت لست سنين تاني حتى مع اني مش هستحمل انها تتأحل تاني مع ذلك هفضل استناها و احبها و ادعها ديما هي و الكاتبه القمر بتاعتنا، ربنا يديكي الصحه و ديما يرزقك بالخير و يصبرك على فراق خالك و يارب ديما تبقي بخير و سعادة، في النهاية بجدد حبي للرواية و الكاتبه 💕💕💕

    ردحذف
  19. الفصل اقل ما يقال عنه ابداع الله يعطيكي العافية يارب والله يصبرك ويصبر اهلك على وفاة خالك الله يرحمه، اول ما اجا هارليك الابتسامة شقت وجهي، ايش ما يصير بالرواية بس بحس وجود هارليك والشلة بيعطي شعور دافي جد و بيذكرني بأيام لما كانت جلنار تقضي كل وقتها مع هارليك و يوجين وهاي الايام جد بشتاقلها بيذكروني بالبدايات. الفصل جميل ورائع والقتال وتفاصيله ابداع بمعنى الكلمة 💓💓💞💞

    ردحذف
أحدث أقدم

نموذج الاتصال