الفصل السابع عشر | وجهًا لوجه مع الخطر

 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 إفصاح: "اللهم اجعل خير عمري آخره، وخير عملي خواتمه، وخير أيامي يوم ألقاك".

إفصاح آخر "ليس هناك سوى شيء واحد يجعل الحلم مستحيلًا، هو الخوف من الفشل". باولو كويلو

 مساحة لذكر الله

 *********************************

الفصل السابع عشر



هناك الكثير من مراحل الهلع التي قد يمر بها الإنسان، بالطبع تلك المراحل تعتمد على عمر الشخص، ففتى في الخامسة عشر لن يهلع من دمية ناطقة كما طفل في الرابعة، ورجل في الثلاثين لن يصاب بالهلع نفسه الذي قد يُصِيب مراهق في الثامنة عشر عندما يُمسك به والد فتاته وهو يتسلق نافذة غرفتها.

أما أنا مع وضعي المميز والخاص فكان أكبر هلعي هو الاستيقاظ واكتشاف أن الشخص الذي كاد يقتلك داخل غرفتك منحنٍ على ركبته أمامك تمامًا يحدق بك وأنت مستغرق في النوم.

استغرق الأمر ثوانٍ لاستيعاب ما يحدث، كيف دخل لغرفتي؟ صُراخ يوجين! وقربه الشديد ويده التي كانت تسند رأسي قبل ثوانٍ. 

أكانت يده تسند رأسي؟

 أم أنه فقط أراد تفقد علامتي مجددًا؟ فهو يبدي اهتمامًا بها بشكل غريب، كانت الأسئلة التي جابت خاطري بينما أحدق به بصمت غير مناسبة الآن ابدًا.

عندما أدركت اخيرًا ما يحدث وما حدث أمس تحرك جسدي بلا إرادة، وفكرة واحدة طرقت عقلي ونفذتها فورًا، ركلت بقدمي منطقة جرحة التي أعرفها جيدًا ليتأوه ويندفع بعيدًا، دفعه لن يأتي بنتيجة! في الأمس بينما أجره علمت أن وزنه أضعاف وزني ويدان نحيلتان لن تكونا قادرتين حتى على تحريك ذراعه.

نهضت من مكاني والتقطت فأسه بسرعة ورفعته بصعوبة، وقف على قدميه ودلك رقبته بملل بينما أبقيت على الفأس مرفوعا نحوه بتهديد.

 "أخرج!".

 بقدر الإمكان أخرجت صوتي قويًا ثابتًا، ورغم أنه لم يخرج كما تصورت بسبب بحة النوم التي تركت أثرها على حلقي؛ إلا أنه كان كافيًا ليثبت أنني لن أتردد في التلويح بالفأس نحو رأسه.

حدق نحوي بصمت ولم يتحرك لذلك أعدت بصوت أعلى "أخرج من غرفتي!" لم يتحرك… نظر لفأسه ثم لوجهي الجامد وقال "هذا فأسي!" رفعت حاجبًا نحوه وقلت "أعلم هذا، ستستعيده حينما تخرج من هنا، والآن أخرج".

تحرك يوجين وتوقف بجواري وقال "كيف سيخرج بينما تقفين أمام الباب وتهددينه بفأس؟" عقدت حاجبي والتفت خلفي بسرعة وحينها أدركت أن الباب خلفي بالفعل؛ لذلك... كيف سيخرج حقًا؟

نظفت حلقي ونظرت نحوه لأراه يرفع حاجبيه ويضع ملامح سخرية على وجهه، تحركت خطوة بعد الأخرى بينما ما زلت أوجه الفأس نحوه وكان التحرك بثقله صعبًا جدًا.

استجاب هو لتحركي وأخذ خطواته بكل برود تجاه الباب، عندما توقف أمام الباب وحرك يده نحو المقبض تنهدت براحة لمرور الأمر بسلام.

 أو هذا ما ظننت لأنه توقف فجأة والتفت نحوي وهناك نظرة استمتاع على وجهه، تبًا لك، كنت أعرف أنه لن يخرج بتلك السهولة.

"إن كنتِ تريدين مني الخروج؛ لمَ أدخلتني غرفتك منذ البداية؟" اللعين حقًا كان يستمتع بالأمر، ابتلعت ونظرت نحوه بثبات دون إجابة... أخذ خطوة نحوي لكني رفعت الفأس بتهديد وصحت "لا تقترب!" قهقهة خرجت منه وكانت تلك المرة الأولى التي أراه يضحك بها، رغم أنها ضحكة ساخرة ولكنها أفضل بمائة مرة من تعابير 'أريد قتلك'.

"أنتِ ترفعين الفأس بشكل خاطئ و... هل حقًا ستقومين بإصابتي به؟ أنتِ أجبن من ذلك، لو أردتِ أذيتي لتركتني في الأمس دون معالجة جرحي". كان الكيل قد طفح بي لذلك قلت بغيظ "لقد كانت شفقة، رؤيتك ملقى على وجهك والدماء من حولك أثارت شفقتي، كما أن شرفي كطبيبة لم يسمح لي برؤية شخص يموت دون مساعدة مهما كان هذا الشخص حقيرًا".

كان من الواضح أن تلك الـ 'حقير' موجهة له، لكن يبدو أن الشفقة أغاظته أكثر من الشتيمة لأن فكه انقبض بقوة وجمع ذراعيه في قبضة وأصبحت لغة جسده عدوانية فجأة. 

الجسد! إنه يقرأ خوفي وترددي وكل ضعفي من خلال جسدي، ولكن ما قلته قبل قليل كان حقيقة وهذا ما أغاظه، إن كان هناك من يتقن قراءة الناس من خلال أجسادهم فهي أنا. كتمت أنفاسي ووضعت كامل تركيزي بالتحكم في جسدي منذ هذه اللحظة، لن أسمح له برؤية لحظة تردد واحدة حتى وإن كان هذا ما أشعر به.

"عليكِ حقًا الانتباه للهراء الذي يخرج من فمك" نظرته الباردة أصابتني بالهلع لكني ذكرت نفسي مرارًا أن أتحكم بجسدي جيدًا. كوني الطرف الذي يتحكم فيما يحدث الآن؛ سيصبح هو الطرف الذي ينفذ لا تلقائيًا.

ابتسمت بسخرية دون قول شيء ما لكنه قال "شرفك كطبيبة! وهل سيسمح شرفكِ بقتلي الآن؟"

"ذلك الشرف كان شيئا عابرًا ليلة الأمس، ولكن الآن كل ما يهمني هو أن تبقى بعيدًا عني ولا تهمني الطريقة التي سأحقق بها هذا".

 أردت إغضابه... شيء ما في غضبه كان يشفي غليلي منه؛ لذلك وجدت نفسي دون إدراك أقول بكل سخرية "ثم ماذا؟ هل تمقت الشفقة حقًا؟ أعني أليس هذا ما يشعر به الجميع تجاه متعجرف قاتل مثلك! ألا ترى الأمر في أعينهم طيلة الوقت؟".

لنكن صرحاء... لم أرَ أحدًا يشعر بالشفقة تجاهه أبدًا، في الواقع كان الجميع يتجنبه قدر الإمكان، ما كنت أراه في أعينهم هو الحذر فحسب، لكني أردت إغضابه، أردت رؤيته يصرخ من الغضب بسببي! بسبب البشرية التي يظن أنها ضعيفة.

لنقل أن عقلي توهم رد فعل من صراخ علي وسب وربما تحطيم عدة أشياء في غرفتي، لكن لماذا لم أتصور أنه قد يتجه نحوي فجأة بخطوات سريعة وبإمكاني رؤية عرق ينبض في رقبته.

وعاد الهلع مجددًا... إمساكي للفأس كان مجرد تهديد، كيف لي أن أغرز فأسا في جسد شخص يتنفس؟

لا يمكنني تصور نفسي أفعلها وهذا ما كان هو متأكد منه لذلك كان يتقدم بكل ثقة، لكنه لا يعلم أن اندفاع الأدرينالين داخل البشر يجعلهم يقدمون على الكثير من الحماقات التي تجعلهم يتساءلون لاحقًا…

'كيف بحق الله فعلت هذا؟'.

وهذا ما حدث… وجدت نفسي أرفع الفأس بقوة ولوحت به تمامًا نحو وجهه الذي كان قريبًا والذي كانت إصابة الفأس له شيء أكيد.

أو ربما شبه أكيد؛ لأنه خلال جزء من ثانية كان قد أمسك بالكرسي الخشبي بجوارة ورفعه مكان وجهه لينغرس الفأس في الكرسي.

كنت شاكرة أن رد فعله كان سريعًا، نعم أكرهه، لكن رؤية رأسه تتدحرج نحو قدمي شيء مختلف.

لولهة كنت نادمة ومتفاجئة مما فعلت لكن عندما لمحت تلك النظرة على وجهه، نظرة التفاجؤ، تلك النظرة التي تعني أنني فعلت شئا لم يكن يتوقعه على الإطلاق، دفعت شعور النصر داخلي.

تراجع خطوتين للخلف بينما ألقى الكرسي فوق الأرضية، ورغم دهشتي بالموقف إلا أنني قررت استخدامه لصالحي...

 من المستحيل أن ألوح بالفأس مجددًا، أعلم هذا جيدًا لكنه لا يعلم هذا، كل ما يعلمه أنني قد أصيبه المرة القادمة.

حاولت سحب الفأس من قاعدة الكرسي لكنه كان عالقًا! حاولت شدهُ بقوة لكنه لم يخرج، فعلت الأمر بيدي الاثنتين ووضعت قدمي اليمنى فوق الكرسي أدفعه للجهة المعاكسة التي أسحب الفأس اتجاهها لكنه لم يتزحزح، كيف يمكنه بحق الله حمل هذا الفأس وكأنه يحمل لعبة؟ 

انشغالي عن أمر أتريوس الذي يراقبني كان غلطة لأنني تحولت لطفلة تسب وتشتم الفأس لأنه لا يطيع ما تريد وأصبح عدوي هو الفأس الآن، فقد كان عنيدًا جدًا ليخرج تمامًا كصاحبه.

"جلنار" تجاهلت يوجين وانحنيت أسحب الفأس بقوة "جلنار، أظن أنـ…" زفرت وصحت به "ليس الآن". لكنه 

أكمل على كل حال "أظن أن عليكِ الالتفات قليلًا". عقدت حاجبي وتوقفت عن محاولة سحب الفأس وكدت التفت لكن الشعور بجسده خلفي تمامًا أصابني بالشلل.

نعم، تفوز حماقتي مجددًا وتناصر أتريوس، كان خلفي مباشرة لدرجة أنه كان بإمكاني الشعور بأنفاسه تضرب رقبتي. تيقنت أنني أمام أمرين: إما أن يقتلني بكسر رقبتي خلال ثانية، أو أن أضربه بمرفقي بقوة تجاه الجرح وأبتعد بسرعة.

وهذا ما كدت أفعله، لكنه سبقني هذه المرة وأمسكت يده اليسرى ذراعي وأصبح الركض مستحيلًا الآن، يدي اليمنى التي كانت فوق مقبض الفأس حاولت للمرة الأخيرة سحبه بيأس لكن لا فائدة.

وعندما ظننت أنه سيقتلني لأنني تجرأت وكدت أقتله، امتدت يده اليمنى ووضعها فوق يدي الملتفة حول مقبض الفأس وبكل سهولة رفعه وكأنه يحمل قلمًا ما.

لم أشعر بثقل الفأس هذه المرة لأنه كان يحمله، قبضتي فقط محبوسة تحت قبضته. الآن هو يملك الفأس ومرفقي في ذات الوقت، أي حركة مني قد تقتلني.

لم أتوقع أبدًا اقترابه مني لهذه الدرجة وعندما أقول لهذه الدرجة أعني رأسه الذي تحرك ليسند ذقنه فوق كتفي و خصلات شعره التي بإمكاني الشعور بها تلامس وجنتي "أنتِ تسحبينه بالطريقة الخاطئة، تضعين الكثيرة من القوة في كف يدك وتنسين كيف توزعينها على ذراعك بالكامل كما أن..."

سكت قليلًا ليأخذ نفسًا ويزفره ثم أردف "إن أردتِ قتلي المرة القادمة عليكِ اختيار جهة للتلويح، أن تلوحي به بشكل عشوائي قد يصيبني لكنه لن يقتلني ولكن إن حركتِ يدك من الخلف وبشكل سريع نحو الأمام حيث صدري؛ حينها ما كنت لأصد ضربتكِ".

هل يخبرني الآن كيف بإمكاني قتله؟ ما خطبه؟ ما... ما الذي يدور حقًا في عقل هذا الرجل؟

 "وشيء أخير، طالما العدو على مقربة منكِ لا تدعي انتباهكِ يتشتت عنه للحظة، حاولي تشتيت انتباهه حتى تستعيدي سلاحك". لم أتمالك نفسي هذه المرة والتفت أنظر نحوه "ما خطبك بحق الله؟ ما مشكلتك معي بالضبط؟ منذ ظهوري بينكم وأنت تكرهني بشكل خاص، لمَ لا تتجاهلني فقط كما تتجاهل الجميع؟ لماذا أنا؟".

لا أعلم من أين لي بتلك القوة لقول كل هذا بينما وجهه قريبًا لهذا الحد، ربما لأنه بشكل مفاجئ بدا أكثر هدوء ومسالما بشكل غريب.

كان من الصعب التركيز بين ما أقول وعينيه التي تحدق بي، تلك العين الزجاجية التي تبدو مألوفة جدًا، وبين خصلاته التي وقعت على جانب وجهه التي ذكرني لونها الآن بذلك الفتى الصغير من ذلك الحلم المزعج.

"لا تجعلي نفسك تشعر بأنها شيء خاص، أنتِ فقط جبانة، فاشلة، تشبهين الفأر الموجود كغداء للثعبان، الذي يحاول بشتى الطرق الخروج من العلبة وقد نسى أنه مجرد وجبة. لعبة التحمل والبقاء السخيفة التي تلعبينها مع نفسك يوميًا حتى لا ينهار عقلك؛ إنها تغيظني... بشكل ما لا يحق لكِ أن تكوني واحدة منا حتى".

عضضت على وجنتي بقوة حتى أنني أشك بكوني قد جرحتها، سحبت يدي اليمنى من بين يديه وأبعدت نفسي عنه لألتفت أواجهه وجهًا لوجه قبل أن أدفع بمرفقي بعيدًا عن قبضته اليسرى.

"اسمع يا هذا، لا يهمني ما تظن عني وما يغيظك وما لا يفعل، لكني اكتفيت حقًا. نعم، أنت ترعبني وهذا طبيعي لأنك كدت تقتلني. أنا ضعيفة ولن أنكر هذا لأنه طبيعي، إنه جزء مني، جزء يجعلني بشرية، جزء لا يجعلني كشخص مثلك وأنا فخورة بهذا الضعف. خائفة مما يحدث، خائفة من كل هذا وبالكاد أتماسك، أنت محق تمامًا، لكنني لست وجبة أحد ولا غداء أحد، أتفهم؟ لا يحق لك الحكم على كل من تريد كما تريد لأنك لست بإله، مهما كنت فأنت تتألم وتصاب وتفشل وتنجح، تخون وتتم خيانتك، تنتصر وتخسر وربما تبكي وتضحك، وتحزن وتفرح، وهذا يجعلك مثلي تمامًا أتريوس، لا أفضل ولا أقل... مثلي تمامًا، تمتلك قوة أفضل مني وبنية جسدية مختلفة عني، لكن هنا تمامًا...".

توقفت ونكزت بقوة صدره الأيسر بإصبعي حيث قلبه وأكملت "هنا تمامًا أنت مثلي، لأنه ينبض ويتألم كما أفعل، سواء تقبلت هذه الحقيقة أم لم تفعل فهي تظل حقيقة لا مفر منها، أتريوس".

وهذه كانت إحدى تلك الانفجارات التي لن أندم عليها أبدًا، كل كلمة خرجت كنت واثقة منها تمامًا وكنت واثقة من وقعها على أذنه ومن تأثيرها عليه، حتى لو أخفى ذلك بكل قوة يملكها، إنه لا يختلف عني أبدًا.

"اثبتي ذلك" عقدت حاجبي بتعجب لكنه أخذ خطوة وأصبح ما يفصل بيننا إنشات قليلة، وكرر "اثبتي أنني مثلك". 

نظرته لم تكن تحمل تحدي، بدت لي وكأنه يريد هذا! بل يتوسل لإثبات وكان هذا غريبًا جدًا، لكني قلت بلا تردد "أنت تكرهني... قلبك يفعل، حسنًا، إذًا كذلك أنا... أكرهك، قلبي يكرهك، هذا الكره يثبت تمامًا أنك شخص لا وحش، الوحوش لا تكره، في الواقع الوحوش لا تشعر".

الشيء الوحيد الذي أفهمه تمامًا أنه مقتنع أنه وحش ما "مجددًا تحركين فمكِ بهراء لا تقصدينه، كاذبة وجبانة، أنتِ لا تستحقين علامتكِ هذه".

رفع يده ليلمس إبهامه العلامة على جانب عنقي لكني أمسكت بكف يده بقوة وأبعدتها "ليس أنت من يحدد هذا، لست من يحدد إن كنت فارسة أم لا، لست من يحدد إن كنت قوية أم لا وإن كنت كاذبة أم لا، ليس أنت من يحدد إن كنت أستحق هذه العلامة، أنا من يحدد كل هذا؛ أعجبك ذلك أم لم يعجبك".

صمتُ لثانية حدق خلالها كل منا بالآخر ثم قلت "يوجين كان محقا، كان علي تركك ملقى فوق السلم لكني فقط فتاة لا تستمع".

دون النظر نحو يوجين استطعت سماع صرخة انتصاره، وهذا نبهني أنه كان يشاهد ما يحدث بصمت منذ البداية.

ظهر التشوش عليه لوهلة وانعقد حاجباه وأكاد أجزم أنه يقاوم حتى لا يفتح فمه ويسأل 'من يوجين بحق الإله؟' لكنه تراجع وتجاهل الأمر… ربما!

"والآن اخرج من غرفتي، وأرجوك تجاهلني منذ اليوم". ظل صامتًا لثوانٍ وهو ينقل عينيه فوق وجهي "إن وجدتني أموت المرة القادمة لا تتدخلي". رفعت حاجبي وقاومت سب يوجين الذي كان يغني بأن ما قاله تحقق بالفعل وقلت "من دواع سروري، والآن اخرج".

رفع حاجبًا نحوي وظل صامتًا لأكرر كلمة اخرج مجددًا لكنه دحرج عينيه ورفع يده وقال "سأخرج ما إن تقرري ترك يدي". لم أفهم ما يقصد تمامًا، اتسعت عيناي عندما نظرت ليده التي أبعدتها عن عنقي، لقد ظللت ممسكة بها... حسنًا، لا يعتبر إمساكًا لأن أظافري قد تركت أثرًا يبدو مؤلمًا في راحة يده، حتى أنني قد خدشته بقوة ولكنه لم يتذمر.

عندما أبعدت يدي بسرعة نظرت بعيدًا… الأمر محرج، أتظاهر بكل تلك القوة وفي النهاية أمسك يده كالغبية، لقد كنت مغتاظة فحسب، لماذا جميع المواقف الغريبة تحدث معه؟

عندما نظرت نحوه كانت نظرة غريبة في عينيه وهناك ابتسامة صغيرة على شفتيه، لم تكن ساخرة أو باردة، كانت حقًا ابتسامة عادية طبيعية لشخص طبيعي.

منعت نفسي من التحديق بصدمة كالحمقاء لأن هذا سيبدو غبيًا، طلب الخروج ثم التحديق به.

التفت وتحرك نحو الباب وعندما ظننته سيلتفت مجددًا ويرمي إحدى إهانته خاب ظني لأنه خرج بلا كلمة.

ظللت واقفة في مكاني أحاول استيعاب كل ما حدث قبل قليل! هل حقًا حدث ما حدث أم أنه حلم سخيف؟ أعني أنا! أنا جلنار روسيل وقفت في وجه أتريوس وجهًا لوجه… أمام من كاد يقتلني؟ فليخبرني أحدكم أين ذهبت جلنار القديمة لأنني أفتقد عدم الوقوع في مشاكل.

نظرت للفوضى من حولي بصمت، الكرسي الخشبي الشبه مكسور وقميصه الملوث بالدماء الملقى في إحدى الزوايا، سريري الملوث أيضًا بدمائه، الضمادات والكمادات، وجدت نفسي أتنهد براحة وكأن أحد الأحداث الكبيرة قد انتهى.

نظرت ليوجين الذي كان فقط ينظر نحوي "ماذا؟" رفع كتفيه وقال "لا أعلم، ربما خلال خمس دقائق في بداية اليوم كدتِ تقطعين رقبة أحدهم ثم تبادلتِ معه أقوى حديث صريح ما كنتِ لتتبادليه مع نفسك و... هل كان ذلك الرجل يقترب منكِ بشكل مبالغ فيه أم أنه عقلي؟".

دحرجت عيني بسخرية وقلت "نعم، لقد كان يحاول أن يفقدني عقلي، إنه يقرأ ذعري كلما اقترب مني والأمر يشعره بالمتعة لذلك انسحب عندما رأى أنني كسرت حالة الذعر تلك هذه المرة".

عقد حاجبيه لوهلة وكأنه أدرك شيئا ما قبل أن يصرخ قائلًا "هل حقًا قلتِ له أن يوجين محق!؟ لقد ذكرتِ اسمي أمامه يا فتاة، وقلتِ أنكِ تكرهينه! و ثم وكزتِ صدره و..." صحت في وجهه لإيقافه "اهدأ قليلًا! ما رد الفعل المتأخر هذا؟".

ابتلع حديثه وحدق نحوي ثم قال "من الصعب إعطاء رد فعل فوري لما يحدث، ألا تظنين أنه كثير على شبح  لاستيعابه؟" كدت أرد لكن الطرق على الباب قبل أن يفتح بقوة منعني.

ذو القامة الصغيرة التي دخل برأسه الأزرق وعينيه الصفراويتين أجبرني على الابتسام رغم كل ما حدث "صباح الخير، أختي جلنار، لقد اشتقت لكِ. أخبرتني واندر أن أوقظك وأن أستأذن وأدخل عندما تأذني لي... لم تأذني لي! تبا، هل علي الخروج والطرق مجددًا أم... اللعنة". صمت عندما انتبه لحالة الغرفة "أهلًا بالإذاعة الصباحية". سخر يوجين ولكني حقًا بدأت أحب هذا الفتى.

"وانــــدر! هنــاك رابلونين قــد زار جلنار". صرخ بقوة فجأة مما أفزعني، بدا خائف في الواقع وقال بسرعة "هل أنتِ بخير؟ هناك دماء، الكثير منها، هل أصبتِ هـ…" لكني أمسكت بكتفه وقلت "اهدأ، أنا بخير، هارليك. هذه ليست دمائي".

عقد حاجبيه وقال "أهذه دماء الرابلونين؟ هل حقًا قاتلتِ واحدًا؟".

"رابلونين؟" كررت بتساؤل وفتح فمه ليجيب لكن واندر التي دلفت للغرفة منعته قائلة "كم مرة علي القول أن الرابلونين خرافة، هارليك، لا يوجد رابلونين هنا ولـ..." توقفت عندما وقعت عيناها على الغرفة قبل أن تضع يدها على صدرها بصدمة وتقول "إلهي، هل مر رابلونين من هنا؟".

دحرجت عينَي وصحت "واندر! ما هو الرابلونين بحق الله؟" أفاقها صياحي من التحديق داخل غرفتي وقالت "ذلك... مجرد خرافة يتناقلها الأطفال عن مخلوق قادم من الجحيم، شيء مع أنياب ضخمة وأظافر كبيرة وأعين بارزة، إنه مخلوق فوضوي، عندما يحدث ضرر في مكان ما كنا نقول 'هل مر رابلونين من هنا؟' كتشبه لكن لا وجود له".

كتف هارليك ذراعيه بغيظ وقال "إنه موجود، كل شيء موجود، أنا متأكد".

"هل رأيت واحدًا هارليك؟".

"لا، لكن تومي دائمًا ما يتبجح برؤية واحد".

"تومي فتى كاذب، والآن أذهب ودعني أتحدث مع جلنار لدقائق".

لم يبدُ عليه الاقتناع بما قالته واندر لكنه خرج بصمت وأغلق الباب، تنهدت واندر بيأس ثم نظرت نحوي بقلق وقالت "ماذا حدث هنا جلنار؟ ما هذه الدماء؟ ولمَ المكان مبعثر؟ هل أصبتِ بالأمس؟" حركت رأسي بلا لتعقد حاجبيها وتتفحصني بعينها باهتمام مبالغ فيه.

"إن أخبرتكِ فلن تصدقي". تمتمت بتعب.

طمأنتها قائلة "لم تكن أنا واندر، أقسم أنني بخير، عليك الاطمئنان على شخص آخر". ارتفع حاجبيها وقالت "أتريوس" لم أقاوم رمقها بنظرات واضح عليها الاستغراب وقلت "كيف؟ أعني أن هناك الكثير غيره؛ بإمكانهم أن يكونوا مصابين". 

ابتسمت وحركت رأسها وقالت "أعرف هذا الفتى جيدًا جلنار، لا أحد سيخفي أنه مصاب سواه، كما… لا أحد سيشكرك على الاعتناء به بإثارة الفوضى بغرفتكِ صباحًا غيره".

أصابت في تحليلها تمامًا، إنها تعرفه جيدًا "هل حقًا اعتنيتِ به؟" لمسة الشك في صوتها كانت تحاول إخفائها حتى لا تؤذي مشاعري لكني عذرتها، أن تظن أن هناك شخصًا اعتني بشخص كاد يقتله لهو نوعًا ما… ضربٌ من الجنون.

أومأت برأسي وقلت "صدقيني، لم أترك مشاعري الشخصية تؤثر على مهنتي، كما اعتنيت بأغدراسيل اعتنيت بأتريوس، ومهما كان بغيضًا معي يظل من الصعب رؤية أحدهم يموت دون تدخل".

اتسعت ابتسامتها واحتضنت جسدي فجأة وتمتمت "أنتِ حقًا شيئًا آخر". ابتعدت وأمسكت كتفي وقالت "في كل صباح تثبتين لي أن هذا الفريق حقًا في حاجة لك". نعم، رفع الآمال مجددًا، منعت نفسي من التذمر حتى لا أعكر صفو مزاجها ولكني قلت "لا تسعدي بي كثيرًا، عالجته ليلًا وحاولت قطع رأسه صباحًا".

اتسعت عيناها لأفسر "تعلمين، ليس من السهل المبيت في ذات الغرفة مع شخص يخبرك في كل دقيقة يراكِ فيها أنه يريد قتلك لذلك... أخذت فأسه لأدافع عن نفسي و... تحمست قليلًا ولوحت به بطريقة متهورة وكاد يصيبه لولا أنه يملك رد فعل سريع".

نظرت نحو الكرسي في نهاية حديثي لتنظر هي أيضًا نحوه بدهشة قبل أن تنفجر ضحكًا "إلهي، حاولتِ ضربه بفأسه؟" أومأت برأسي لتحاول تنظيم أنفاسها "دعيني أحزر، بما أنه استخدم شيئا للدفاع عن نفسه هذا يعني أنه كان يظن أنكِ لن تتمكني من ضربه". وجدت نفسي ابتسم وقلت "لم يكن يظن أنني قد ألوح به حتى".

اضطرت واندر في النهاية أن تتجه لغرفة أتريوس للاطمئنان عليه وهي تتمتم بأنها تعتني بطفل ما، حاولت ترتيب تلك الفوضى رغم أن واندر أخبرتني أن لا أقلق فهي ستهتم بالتنظيف، أخذت قميصه مع الملاءة ووضعت كليهما في سلة الغسيل ثم أمضيت صباحي كالمعتاد.

قابلت هارليك أثناء اتجاهي للمطبخ والذي أصر أن هناك رابلونين قد أحدث تلك الفوضى وبصعوبة قمت بتغيير موضوع غرفتي.

كان من الظريف قضاء الوقت مع ثرثرة هارليك التي لا تنتهي، حضرت البان كيك مجددًا وجاءت واندر لتضيف بعض الأطباق الجانبية، انضم جوزفين لنا وأصبح المكان مزدحمًا فجأة عندما جاء رومياس وظل جالسًا أمام باب المطبخ يستمع لما نقول.

"في الأمس قابلنا رجل غريب، تعاملت جلنار معه وقال شيء غريب". نظرت لهارليك بطرف عيني بحدة ليصمت لكن قرص جوزفين ذراعي وقال "لا تنظري له بتلك الطريقة، دعيه يقول ما يريد". رفعت حاجبًا وقلت "ظننتك لا تشعر بالفضول لما يحدث معي!" نظف حلقه وصمت وبإمكاني رؤية احمرار طفيف على وجهه لأكتم ضحكي بصعوبة.

"أنا أشعر بالفضول" التفت بصدمة نحو رومياس الذي تمتم بجملته بسرعة وكأنه لا يريد منا سماعها ليحرك جوزفين شفته بـ شكرًا لك نحو رومياس.

"حسنًا، ما حدث كان كالتالي عندما اتبعنا تلك الكرة نحو المكان الفارغ كانت هناك صخرة كبيرة وجاء ذلك الشيخ من اللا مكان وعرض الكثير مقابل تلك الكرة، المال والقوة وقال أنه يرى الرغبات لكنه لم يرَ خاصة جلنار، ثم نزلنا إلى أسفل الأرض لأنه كان امتحان واجتازته جلنار وأصبحنا نرى النجوم من أسفل الأرض، ثم ظهر على الحائط شيء ما وقال الرجل أن هناك من سبق جلنار إلى هنا وأنها تشبه شخصا يعرفه ثم قال جولديان، وترجيته ليقول ما يعرفه لكنه طردنا".

صمت جال المكان بعد حديث هارليك السريع وغير المرتب، تنهد جوزفين وقال "أخبرني بأكثر شيء مثير للاهتمام فيما حدث بالأمس في جملة مكونة من سبع كلمات". عقد هارليك حاجبيه وقال "الشيخ قال جلنار تشبه رجل يدعى جولديان".

التفت الجميع نحوي في الوقت ذاته بطريقة مثيرة للريبة فقلت "إنه شخص وحيد وخرف، اتفقنا!؟ لم يكن يعني ما قاله" هز هارليك رأسه بقوة وقال "أنا متأكد أنه ظل ينظر لجلنار بطريقة غريبة ثم قال ذلك، حتى أنني قلت له جولديان؟ الملك جولديان؟ ولم ينفِ ذلك". دحرجت عيني وقلت "ولم يؤكد ذلك أيضًا هارليك، هناك مئات الرجال الذين يدعون جولديان، لا معنى لما قال".

عقد ذراعيه فوق صدره وقال "أنا متأكد أنه كان يقصد الملك… لا، بل أنا متأكد أن هذا الرجل كان يعرف الملك جولديان" كانت أنظار من معنا تنتقل من علي إلى هارليك ثم تعود نحوي وكأنهم يحاولون معرفة من الصادق.

"كيف لرجل أن يعرف شخص مات منذ مئات السنين؟" قلت باستنكار ولكن لم يبدُ أنهم يتفقون معي لذلك تنهدت وقد اكتفيت من هذه التفاهة، لذلك تركتهم وخرجت من المطبخ، فلا فائدة من العناد مع طفل.

خرجت لخارج المنزل لأخذ بعض الهواء فقد شعرت بالاختناق بالداخل، بالتفكير بالأمر هذه المرة الثانية التي أخرج فيها من الباب الرئيسي منذ مجيئي إلى هنا، دائمًا ما آخذ الطرق أسفل الأرض مع أحدهم.

"هل أنتِ بخير؟" التفت نحو أغداراسيل الذي ظهر فجأة من اللا مكان "أظن أني من علي سؤالك هذا السؤال". مازحت ليقهقه ويحرك كتفه بخفه ويقول "لقد كان عملًا جيدًا ما فعلته الأمس، أعني… شكرًا، أنقذتِ حياتي، أنا... لا أعرف، أبدو تافهًا الآن" ضحك كلانا بلا سبب "لم أنقذ حياتك، ذلك لم يكن بالشيء الكبير" رفعت كتفي في النهاية وضحكت بشكل متوتر.

مرت فترة من الصمت بيننا قبل أن أقول:

"مرت الطـ..."

"تبـ..."

توقف كلانا عندما تحدثنا في اللحظة ذاتها "ابدئي أنتِ أولًا" رفع شعره للخلف بحركة سريعة وأومأ نحوي.

"الطبيبة الملكية جاءت بالأمس، لابد أنها اعتنت بك، هل ستصبح ذراعك بخير؟" ابتسم وحك ذقنه ثم قال "نعم، في الواقع أصبحت بخير" أزاح قميصه عن كتفه ليظهر ضمادا لاصقا فوق جرحه وقال "الطبيبة الملكية تمتلك موهبة في الشفاء؛ لذلك قد أغلقت الجرح وقالت أنه لا يجب تحريكه كثيرًا؛ فالجلد لين وقد يتمزق في هذه الفترة".

أومأت براحة وقبل أن أتحدث أضاف "لقد مدحت ما قمتِ به، قالت أنها لم ترَ أحدًا يعالج الجرح من قبل بخياطته، فزعت في البداية لكن عندما تفقدت الأمر قالت أنها مبهورة بكيف يمكن إغلاق جرح دون استخدام السحر، وأن من قام بهذا لهو شخص رائع" لم أقاوم الابتسامة باتساع وقلت "أصدقني القول! هل قالت ذلك حقًا؟".

"حسنًا، اختلقت جزئية الشخص الرائع لكن الباقي كان حقيقيا". أومأت برأسي باقتناع الآن ليضحك في المقابل.

 "والآن دورك" قلت ليتحدث "كنت فقط أظن أنكِ تبدين متضايقة، هل أزعجكِ أحدهم؟" نظر بجدية نحوي وأنا حقًا لم أرد التحدث حيال أي مما يضايقني.

عندما ضربت أشعة الشمس وجهه كانت عيناه أكثر لمعانًا؛ لذلك وجدت نفسي أقول لتغيير الموضوع "تبدو عيناك كلون الذهب في ضوء الشمس". 

كان شيء غبيًا لقوله، أعني أنا لا أحظى بمحادثة مع رجل على شكل انفرادي ولا أعلم كيف أتملص من الأسئلة وقول أول ما جاء بعقلي كان خطأ غبي.

صمت هو لثانية، كان يفتح فمه ويغلقه مجددًا "هل ضايقكِ أتريوس؟" تبًا، لماذا لا ينسى الأمر؟ عندما طال صمتي تنهد بقوة وركل حجارة صغير كانت على الارض بقدمه "هل يجدر بي قتل هذا الرجل؟" كان يتمتم بها لنفسه أكثر من كونها موجهة لي. تذكرت ما قاله هارليك عن شجارهما، يبدو أن كليهما لا يطيق الآخر من بعدها أو ربما منذ البداية، البداية التي لا أعرف عنها شيء.

"لقد حاولت قتل أتريوس صباحًا". التفت نحوي بسرعة وكأنه لم يرَ هذا قادم "لا تنظر نحوي بتلك الطريقة، لم أملك نية ولم أخطط للأمر إن كان هذا ما تظنه" أطلق ضحكة وبدا يهز رأسه بعدم تصديق.

"عليك تناول الفطور، تعلم، حتى لا يسوء جرحك". ابتسم واقترب مني ليربت على رأسي ويتمتم "أنتِ امرأة يصعب فهمها". ثم وكعادة أغدراسيل أنهى جملته واتجه للداخل وقد تركني مع مئات الأفكار المشوشة.

اجتمع الجميع للفطور كالعادة وكان يومًا عاديًا، لا يبدو كيوم تلا هجومًا على مكان ما. عندما انضم لنا أتريوس تحت ضغط واندر صمت الجميع عن الحديث، وكأن وجوده يجبر الجميع على الصمت أو ربما يضغط عليهم، كان الهواء يبدو ثقيلًا على الجميع، وخصوصًا أغدراسيل الذي لم يتفانى في إظهار كم هو منزعج بوضع الأشياء بقوة وإصدار أصوات مزعجة.

بدا أتريوس غير مهتم بالمرة لما يحدث من حوله فقط يتناول طعامه بصمت، وأنا… أصبح لدي هواية جديدة بمراقبة أوجه الجميع.

"ماذا ستفعلون اليوم؟" قطع هارليك الصمت المحيط بنا وتنهدت شاكرة لذلك، بدا وكأن جوزفين كان ينتظر من أحدهم التحدث لأنه رد بحماس "علينا الذهاب للقصر الملكي، فقد طلبت الأميرة رؤيتنا". نهض هارليك من مكانه صائحًا بحماس "حقًا! هل سنرى القصر العظيم؟" رمقته واندر بطرف عينيها لكنه بدا غير مهتم بأي شيء في هذه اللحظة.

"سنذهب نحن وأنت ستبقى مع جلنار وواندر". بدت جملة أوكتيفيان بمثابة الصفعة لهارليك الذي صمت بلا رد حتى ظننت أنه يحاول ألا يبكي لكنه فاجأني عندما ضرب الطاولة بقبضته بقوة وصاح "أنا فارس، لا يمكنكم استثنائي فقط لعمري!".

التنهيدات التي سمعتها ونظرات الجميع المتململة أعلمتني أن هذا الحوار لا يدور للمرة الأولى "الأمر لا علاقة له بعمرك، فجلنار ستبقى أيضًا". حافظ أوكتيفيان على هدوءه وأكمل فطوره بطبيعية "هذا غير عادل، أنتم تستثنوننها أيضًا لأنها بشرية، لا حق لكم في هذا".

"نحن لا نستثني أحدا، ما سنتحدث عنه هو أمور خاصة بيوم الأمس وأشياء ستجدها مملة".

"لا أجد شئون البلاد مملة، ليس لأني أصغر منك عمرًا يعني أنني أهتم فقط بألعاب الصبية، تم اختياري كفارس لسبب، وتم اختيار جلنار لسبب أيضًا، هل علمتموها كيف تقاتل حتى؟ هل حاول أحدكم إخبارها بالوضع الذي نمر به؟ هل فكر أحدكم بها كمقاتلة لا كشخص ضعيف يومًا، ماذا إن كـ...".

"هارليك، توقف!" حاولت بشدة تهدئة نفسي، ما كان علي الصياح بهذه الطريقة. قضمت شفتي بقوة حتى لا أصرخ عليه مجددًا وأخذت نفسًا عميقًا "اهدأ، اتفقنا!؟ لا تأخذ الأمر على محمل شخصي، لكن إن كنت تريد منهم ألا يعاملوك كصبي فتوقف عن التصرف كواحد".

تجاهلت بشدة نظرات الجميع نحوي وركزت على هارليك الذي بدا متفاجئًا " أعلم أنك متحمس ومندفع حيال الدفاع عن الآخرين، لكن إن وجهت هذا الاندفاع بطريقة خاطئة فكل ما ستفعله هو الإتيان بالمزيد من الخسائر، لا أعرف الكثير عن أموركم ولا عن آلية اختيار الفرسان لكني أعلم أن مجرد علامة على جسدك لا تجعلك مستحقًا للقتال دفاعًا عن الآخرين، لأنك إن لم تكن جاهزًا بحق فحينها ستكون حتى عاجزًا عن المحاربة دفاعًا عن نفسك".

لا أعلم إن كان ما قلت قد أحبطه أم أثر به أو حتى دفعه للتفكير بجدية، لكنه صمت وجلس على غير عادته العنادية التي لاحظتها منذ الأمس.

رفعت رأسي بعيدًا عنه وانكتمت أنفاسي لنظرات الجميع الموجهة نحوي و... نعم، حتى أتريوس كان ينظر بحاجب مرفوع.

عندما لاحظوا ارتباكي حاول الجميع أن يبدو طبيعيًا ويأكل طعامه كأن شيئا لم يكن، لكن هل على كل شيء أن يكون كأنه لم يكن؟ بالطبع لا، لأن أتريوس قال فجأة "لا تنزعج كثيرًا؛ فأنا أيضًا سأبقى".

أدركت غضب الجميع فجأة، خصوصًا أغدراسيل وأوكتيفيان، لكن كان هناك شيئا آخر علي إدراكه، وهو كيفية التنفس، خصوصًا مع العصير الذي توقف في منتصف حلقي لأبدأ في السعال بقوة.

عندما انتهت نوبة السعال بدأت أرى أنني قاطعت نوبة غضبهم، وبدا وجه الجميع مكفهرا ولكنهم متماسكين حتى لا تموت المسكينة التي معهم اختنقًا.

"ماذا تعني بأنك لن تأتي؟ إنه أمر ملكي من الأميرة، لا يمكنك الرفض". تحدث أوكتيفيان بصرامة ووجدت نفسي أوجه نظري لأرى رد فعل أتريوس لكن تحديقه المستمتع نحوي جعلني أراجع إن كان ما حدث صباحًا سيمر بسلام حقًا.

"أنا لن أرفض، أنا فقط لن أذهب". قال ببرود ليضع أغدراسيل كأسه بقوة ويقول "هذا يسمى تجاهل، يبدو لائقًا جدًا بالأشخاص أمثالك، أتعلم أنا أتفق معك، لا تذهب، وفرت الكثير من الصداع علينا" ابتسم أتريوس براحة وقال ساخرًا "شكرًا لتفهمكِ، آنسة أغدراسيل".

جفل جسدي بفزع عندما تحطمت الكأس الزجاجية بين يدي أغدراسيل ونهض واقفًا بانفعال وعندما نظرت لوجه أتريوس أدركت ما يحاول فعله، أغدراسيل يعطيه تمامًا ما يريد... إنه يستمتع بإغضاب الجميع ودفعهم لبدء قتال بعدها لذلك وجدت نفسي أستمتع بإفساد متعته. 

نهضت من مكاني عندما رأيت أغدراسيل يتجه نحوه وأمسكت ذراعه وسحبته، نظر نحوي بغضب، لكني قلت "اتبعني دون أن تسأل". في الواقع بدا الجميع متفاجئا لتدخلي غير المتوقع البتة، وهو بالذات! بدا منزعجًا أو يحاول إخفاء انزعاجه، لن أعطيه الشجار الذي يريد.

خرجت من المنزل وما زلت أجر أغدراسيل خلفي وهو يتبعني بلا تساؤل، بدأنا المشي داخل الأشجار المتشابكة لمدة وعندما طال مشينا قرر أخيرًا السؤال "أين نذهب؟" ما زال غاضبًا لكنه يتمالك نفسه الآن.

لم أجبه وواصلت المشي حتى وصلت للمكان الذي أريد، بدا مستغربًا لما يحدث وسأل "لمَ نحن هنا؟" بالطبع من الغريب جلبه للمكان الذي كدت أقتل فيه.

أمام ذلك المنحدر.

"أخرجه هنا" عقد حاجبيه بلا فهم لأفسر قائلة "أخرج غضبك هنا. لا أعرف، اصرخ، الكم، أو اركل، افعل ما تراه مناسبًا".

تردد في البداية لكن انتهى به الأمر وهو يصرخ بقوة ثم أخذ يلكم بعض الأشجار ويصرخ مجددًا حتى هدأ وجلس على الأرض.

"أفضل؟" قهقه وهو يتنفس بقوة "أفضل". جلست بجواره وألقيت نظرة سريعة على مفاصله المحمرة بالكامل "هل تؤلم؟" هز رأسه للجانبين بصمت.

مر وقت بلا حديث بين كلينا قبل أن يقول "هل تفعلين هذا عادةً عندما تغضبين؟".

"لا، لم أكن أغضب من قبل، كنت جيدة في التجاهل، لكني قرأت في كتاب أنها طريقة جيدة وتساعد في تجنب العنف".

"لا يوجد شخص لا يغضب، جلنار".

"اكتشفت ذلك عندما قابلت أتريوس".

لم يقاوم الضحك هذه المرة رغم أنني ظننته قد يغضب عند ذكر اسمه مجددًا "أنتِ حقًا فتاة جيدة، ما كان عليكِ الخوض في أمر كهذا" رفعت كتفي ونهضت من مكاني وقلت "أخبر التوبازيوس بهذا".

لم أكن لأظن أنني قد أسحب أحدهم بهذه الطريقة يومًا أو أتحدث بهذا الشكل مع شخص يومًا ما، لكن يبدو أن القدر حقًا يضع في طريقنا الكثير مما لا نتوقعه... في الواقع القدر يضع طرق غير الطرق التي نظن أننا سنسلكها ويجبرك على تغيير الخطة بالكامل.

عندما عدت مع أغدراسيل لم أجد الجميع موجود، فقط واندر وهارليك الذي لازم غرفته، تركني أغدراسيل ليتجه للقصر الملكي حيث الجميع، وأنا أخذتني واندر في تحقيق شامل كان يشارك يوجين ببعض الأسئلة فيه.

عندما غربت الشمس حدث ما حدث ليلة الأمس، حيث بدأت الكرة تهتز مجددًا ثم أصدرت الضوء ذاته، كدت أخرج لأتبعها لكني قابلت هارليك في طريقي، بدا هادئا ونوعًا ما حزين؛ مما أثار انزعاجي.

كان من الصعب تركه هكذا لذلك عرضت عليه المجيء معي مؤكدة أن مغامرتنا ستكون أكثر متعة من الذهاب لقصر ملكي، ولم يستغرق إقناعه دقائق لأن حماسه قد عاد بقوة.

هذه المرة كانت الكرة تشير نحو الباب الرئيسي للمنزل لذلك سلكنا طريقنا للخارج عبره. "إلى أين قد ترشدنا في هذه المنطقة؟" تعجب هارليك بينما ما نزال نسير بلا وجهة واضحة، بدأ طريقنا يمتلئ بالأشجار وبدأت أقلق إن كان طريق العودة سيبقى واضحًا لنا.

أصبح الطريق أكثر انحدارًا وكان علينا الحذر أين نضع أقدامنا بالضبط. "لا منازل ولا أشخاص هنا، فمنزلنا تم أخذه في مكان بعيد عن السكان حتى نتدرب كما نريد" وضح هارليك بينما نسير وهذا يفسر لما جئت إلى هنا عبر مركبة طائرة في المرة الأولى.

بعد عشر دقائق من الاصطدام بالأغصان والتعرقل بالحفر والصخور توقفنا فجأة عندما سمعنا صوت أحدهم، نظرت لهارليك وخبأت ضوء الكرة بيدي، ألم يقل أن لا أشخاص هنا؟

اقتربنا قليلًا وقد انحنينا وبدا يوجين حذرًا لدرجة أنه قد نسى أنه شبح لا يمكن رؤيته فقد انحنى معنا ومشى بحذر.

أشرت لهاريك بالصمت عندما نظرت خلال الأشجار وحينها تجمدت بفزع.. هذا ليس شخصًا! هذا لا يبدو كأي مخلوق على الإطلاق.

ما بين الخوف والذهول! هذا ما يمكنني وصف ما أمر به الآن، لم يكن بإمكاني التفكير في أي شيء يمكن فعله، الركض بأقصى ما أملك أم الوقوف بصمت وانتظار أيًا كان ما قد يحدث، أم فقط... أم فقط ماذا؟ لا يمكنني التمييز بعد الآن؟

"إياكِ وإصدار حركة واحدة" همسُ هارليك دفعني للنظر نحوه وحالته التي كان عليها أفزعتني في الواقع، كانت عيناه متسعة ويبدو وكأنه يحارب حتى لا يتنفس، وكان يتعرق بشكل مخيف.

أعدت عيني نحو ذلك الكائن أمامنا، تلك الأعين الحادة أشبه بعدسة اختلط اللون الأسود بالرمادي فيها، جسده الأسود ذو الجلد السميك يقف على أربعة قوائم يلف ذيله حوله بينما جناحيه مطويين فوق ظهره، كان جسده بالكامل قد لطخ ببعض الخطوط البيضاء التي تلمع تحت ضوء القمر.

شيء واحد كنت متأكدة منه، فزع هارليك لم يكن لمظهر ما هو أمامنا! بل كان لما هو عليه، لأن هذا الشكل هو أقل ما يُقال عنه ساحر.

"علينا العودة من حيث أتينا دون إصدار صوت واحد". همس بصوت يكاد يُسمع وأنا متأكدة أن أصوات حفيف الأشجار من حولنا وبعض الصفير الخافت لحشرات الغابة إن خفتت لسمعت صوت قلبه ينبض بقوة.

"ما هذا؟" همست نحوه لكنه أشار بالصمت وبدا على حافة البكاء وهذا بدأ ينقل الخوف لي.

بدأ هارليك يأخذ خطوة بعد الأخرى للخلف بهدوء شديد. نظرت ليوجين الذي رفع كتفه بعدم فهم قبل أن يلقي نظرة على ما أمامنا "هذا الشيء الخلاب يبدو تمامًا كتنين!" قال يوجين هو يحدق نحوه لتتسع عيناي بقوة.

لم أتفاجأ من تسمية يوجين... في الواقع كاد قلبي يتوقف وقد هدأ كل شيء فجأة، أنظار ثلاثتنا اتجهت نحو ذلك… التنين، لأنه ألتفت نحونا تزامنًا مع حديث يوجين بأكثر نظرة قاتلة.

ثم بدأ كل شيء بعد صرخة هارليك بكلمة "اركضي".

لم أحتج أن يخبرني أحدهم بأن أركض لأن هذا ما فعلته دون تفكير، شيء كان يعج داخل عقلي بتذمر، لماذا مخلوقات هذه الغابة لا يمكنها أن تكون ودودة ولو لمرة؟

عندما نظرت للخلف لم يكن ذلك التنين ورائي، توقفت ألتقطت أنفاسي وأبحث بعيني عن هارليك ويوجين و… بالحديث عن يوجين، هل هذا صوت صراخه؟

بدا كصوت امرأة تلد لكني تعرفت عليه، حقًا كان يصرخ! وجدت نفسي أركض بسرعة تجاه صوته، لماذا قد يصرخ ولا شيء قد يمسه بأذى؟ هو شبح!

اقتربت من مصدر الصراخ ووجدت نفسي بصوت عالٍ أصرخ باسم يوجين، لم أعد متأكدة بعد الآن إن كان سيظل سالمًا؟

توقفت في اللحظة الأخيرة وتجمدت للمنظر أمامي! كان يوجين يحلق بأسرع ما يمكنه وذلك التنين قد فرد جناحيه ليلحق بيوجين، عندما لاحظني يوجين حلق هاربًا نحوي لتتسع عيناي بفزع "أيها الأحمق، لا تجلبه إلى هنا!" صرخت بينما ألتفت أركض بعيدًا وأصبح التنين يلاحق كلينا الآن.

 أصبحت الآن أركض عائدة نحو المكان الذي هربت منه في البداية، كنت أصرخ بفزع وأشتم يوجين كلما نظرت خلفي وأرى ذلك الشيء على مقربة مني.

"لا يمكنه لمسك أيها الغبي! لمَ تهرب منه؟" صرخت بشدة وأنا أكاد أبكي "هل جربتِ أن تكوني الوحيدة التي يحلق شيء نحوها بسرعة الضوء؟ إنه يراني واللعنة! من يعرف ماذا بعد؟" صرخ في نهاية جملته قبل أن يحاول أن يسرع أكثر.

التقطت عيناي جسما ثالثا انضم لنا، كان هارليك بالكاد يتنفس وهو يحاول النجاة بحياته "سأتحول، علي التحول، يجب أن أتحول، ماذا أفعل؟ سنموت". كان صوته مرتجفًا لكني صرخت به "إياك والتحول! هذا سيزيد الوضع سوءً فحسب".

التفت خلفي لتتسع عيناي، كان يحطم الأشجار بجناحيه بكل سهولة قبل أن يطلق صوتا أشبه بعويل أذى أذني وجعلني أكاد أنفجر في البكاء، لم أنتبه أين أضع قدمي إلا وأنا أشعر بجسدي يهوي إلى الأسفل.

تعثرت قدمي ثم ظل جسدي يتدحرج فوق الأرض المائلة إلى الأسفل، هارليك الذي حاول إمساك يدي كان قد سقط بسبب طريقة وقوفه الخاطئة وكانت عشرات الأغصان تخدش جسدي، هذا إذ لم نتحدث عن الصخور التي كانت تصطدم بي.

توقف جسدي عن التدحرج ككرة أخيرًا وحاولت التقاط أنفاسي، رفعت رأسي بصعوبة أنظر نحو هارليك الذي كان يتأوه بألم محاولًا الوقوف، حاولت جمع شتات نفسي والوقوف على قدمي التي كانت تنزف بشكل سيء وقد ملئت الخدوش ذراعي ووجهي.

"هل أنتِ بخير؟" يوجين الذي حظا بهبوط آمن صرخ بفزع وهو ينظر لحالتي المتدهورة.

 "جلنار!" التفت لهارليك الذي كان ينظر خلفنا لألتفت بسرعة وأشعر بقلبي يكاد يتوقف! كان حائط صخري ضخم خلفنا، أي... لا مهرب.

التفت بسرعة إلى الأمام عندما سمعت صوت ارتطام شيء بالأرض وما كان سوى قوائم ذلك التنين تحفر مكانها على الأرضية أمامنا بينما يحدق نحونا بأعين شرسة.

لم يكن هناك أحد مستثنى من هذا حتى يوجين قد حصل على قدرٍ من النظرات المرعبة، كانت عيناه مختلفة الآن، سوداء بالكامل. كشر عن أنيابه الحادة وهو ينظر نحونا بغضب.

"جلنار… أريد منكِ أن تركضي نحو الأمام عند إشارتي". التفت لهارليك الذي يحدق بالتنين بتركيز "هل جننت؟ كيف سنركض وهو يقف أمامنا؟" يمكنني رؤيته يبتلع وهناك لمحة من الخوف والتردد في عينيه وحركة جسده كلها "سأقوم بتشتيته، لا تقلقي".

عقدت حاجبي بعدم فهم قبل أن أركز بنظري على قبضة هارليك، كانت عروقه بارزة بشكل مخيف كما حال العروق على عنقه، وبدا وكأن الدم تجمع داخل عينيه، وحينها فهمت ما يحاول فعله. يبدو أن ذلك التنين انتبه لمن فينا قد يشكل تهديدًا له؛ لأنه ركز انتباهه فجأة على هارليك.

لا، لا يمكن أن يفعلها، إن تحول لعملاق قد يقتل أي شيء أمامه... الأسوأ! قد يقتل نفسه، إنه خائف! يمكنني رؤية ذلك بوضوح. إنه طفل بحق الله، بالتأكيد سيكون خائفا! كيف بإمكاني الركض وتركه هنا على هذه الحالة؟ إلى أي مدى قد أصبح جبانة؟

كنت خائفة أنا أيضًا، رؤيته يحارب شيئا ما ويحاول بشدة مقاومة خوفه كانت تشوشني، عندما تقدم خطوة نحو التنين الذي بدا على أتم الاستعداد للهجوم عليه عرفت أنني أمام أمرين، إحداهما كان الأعقل لكن الأجبن، والآخر...

كان الأكثر جنونًا، ربما الأكثر جنونًا على الإطلاق. نظرت ليوجين الذي يبدو أنه يمكنه قراءة أفكاري بسهولة وبدا لوهلة مشوشًا وغير متأكد، مثلي تمامًا، لكن واللعنة... كل شيء منذ مجيئي إلى هنا لهو جنون! من يبالي؟ كدت أموت العديد من المرات، لتكن هذه إحدى هذه المرات.

"عشرون ثانية من الشجاعة" همست لنفسي وأنا أغمض عيني واستجمع كل شجاعتي فقط في عشرين ثانية قد تنهي الأمر، كوني شجاعة ولو لعشرين ثانية في حياتك وافعلي شيئًا!

عندما نظرت ليوجين هذه المرة كان هناك ابتسامة على وجهه، ابتسامة أعرفها جيدًا، كان قد اتخذ قراره أيضًا. أومأ لي برأسه لآخذ نفسًا قويًا وأصرخ بصوت عالٍ "هــذا يــــــكـــفــي!"

صراخي مع يوجين في الوقت ذاته جاء تزامنًا مع عويل ذلك التنين، كان يبدو وكأنه قد قرر في هذه اللحظة قتل هارليك، لكن صراخ كلينا كان عالٍ لدرجةٍ جعلته يلتفت نحونا بسرعة.

يمكنني تخمين النظرة على وجه هارليك، ولكني ركزت عيني على ذلك التنين، إما أنت أو أنا هذه الليلة.

كاد يتقدم نحوي بسرعة لكن يوجين صرخ "أيها السميك، هنا! انظر لشخص في حجمك". التفت التنين نحوه وكشر بغضب وكاد يتحرك نحوه، لكني صرخت "أين تظن نفسك ذاهبًا؟".

أعاد نظرته نحوي لكن يوجين لم يترك له فرصة وهو يأخذ خطوات على يمينه "هنا، انظر هنا، ألا تريد تذوق شبح لمرة في حياتك؟" كان يوجين يعطيني القوة لأكمل دون خوف، وكأن هذا ما نفعله كل يوم.

"إياك ولمس صديقي، أتفهم؟" صحت بحدة عندما تحرك فجأة نحو يوجين، التفت نحوي وأصبحت نظرته أكثر سوادًا، وبدون إدراك فجأة وجدت نفسي أبادله نظرات صارمة.

حدث كل شيء بسرعة لم أدركها، عندما قفز بشكل غير متوقع نحوي وفي اللحظة ذاتها ومض شيء داخل عقلي، صوت صاح باسم... اسم وجدت نفسي أصرخ به بصرامة "كارولوس، توقف!"

لم أكن خائفة! إن كنت سأُصدم من شيء في هذه اللحظة فهو أني لم أكن خائفة! على العكس تمامًا كنت أشعر وكأن ما أفعله هو شيء عادي! بل وأني شعرت بالغضب لسلوك... كارولوس؟

كانت يداي قد تشكلت كقبضة بجواري وقد وقفت دون تردد أمامه تمامًا، عندما صرخت به كان قد كبح قفزته وتوقف أمامي ينظر نحوي بصمت.

كنت ألتقط أنفاسي بصعوبة ولكني رغم ذلك وقفت بثقة أمامه، وهذه المرة كان دوري في التكشير... مر صمت علينا استمر لثوانٍ قبل أن يخفض كارولوس رأسه لتصبح موازية لطولي واقترب خطوة أخرى مني بحذر، دفنت كل شعور بالخوف عميقًا وكانت العشرون ثانية من الشجاعة قد أفلحت، حتى أنها امتدت لدقائق كثيرة.

عندما اقترب حتى أصبح وجهه يقابل وجهي تمامًا تنفس بقوة لتضرب أنفاسه وجهي، وعلي القول أنها لم تكن ذات رائحة جيدة، هذا الفتى يحتاج إلى مئة علبة من معجون النعناع!

أردت لمسه لكني ترددت في الوقت ذاته، لا أريد فقدان يدي.

 عندما ظللت أنظر نحوه دون أن أرمش هدأ وجهه فجأة وعينيه عادت للونها الطبيعي الأسود والرمادي، وقد توسع بؤبؤ عينيه بشكل عادي.

ارتفع ليقف على قوائمه الأربعة بـ لا أعلم… بدا كأنه يتفاخر أو يتظاهر بكبرياء، وهذا ما دفعني للابتسام. وضعت يدي داخل جيب ردائي، تحول بسرعة لحالة تأهب، رفعت يدي الأخرى أمامه وقلت "اهدأ، سأريك شيئًا؛ ليس إلا". أخرجت الكرة من جيبي أمام وجهه وقلت "لا نريد إيذاءك، فقط نريد غرضًا ما".

اتجهت عيناه بسرعة نحو الكرة قبل أن تعود نحوي ثم تعود للكرة مجددًا، بدا حذرًا جدًا أو أني شعرت به حذرًا للغاية.

 "ماذا يحدث بحق الله؟" سمعت همس هارليك لكني ركزت على كارولوس أمامي "هؤلاء أصدقائي، هارليك". أشرت على هارليك المتجمد مكانه وبالكاد يضع تعبيرًا على وجهه "وهذا يوجين". أشرت على يوجين الذي لوح بحذر.

نظر لهم بداية من هارليك حتى يوجين قبل أن يعيد أنظاره نحوي، عقدت حاجبي أنظر نحوه… أمال برأسه نحوي ليرتفع حاجبي بفهم "أنا! أنا جلنار" جنون... حقًا يبدو كجنون، ولكني أقسم أنني أشعر بما يريد هذا الفتى! إنه لا يتحدث، لكني أشعر بما يقصد.

عندما نظر للكرة مجددًا ثم التفت شعرت بما يريد "تريدنا أن نتبعك؟" أردت فقط أن أتأكد أني لم أجن! وعندما التفت برأسه نحونا نصف التفاته ونظر بعينيه بكسل شعرت مجددًا به، كنت متأكدة أنه يريد منا أن نتبعه.

"جلنار، هذا جنون!" التفت نحو هارليك الذي كان لون وجهه شاحبًا بشدة "وجودي بينكم هو جنون بحد ذاته، هارليك، فقط دعنا نتبعه". لم أكن على استعداد لمناقشة الأمر لأنني تبعته دون الاستماع لحديث هارليك، تبعني بسرعة وأخذ خطواته خلف جسدي كحماية من كارولوس.

"لا أفهم.., أنا لا أفهم شيء، كيف أوقفته؟ لماذا يستمع لكِ؟ من يوجين بحق الله؟ لا يوجد سوانا هنا جلنار، لماذا أشرتِ على شخص ثالث؟ لا لا، دعينا نعود لأمر التنين، كيف بحق الله لم يقتلنا تنين الشفق؟ لا أحد يخرج حيًا بعد مواجهة تنين الشفق! إنه قوي كاللعنة و...".

كبحت ضحكتي عندما انتبهت لمشية كارولوس، بدا فخورًا بينما يرفع قامته بشكل أكبر ويفرد جناحيه بشكل استعراضي، إنه يفهم ما يقوله هارليك عنه.

"تنين الشفق!" التقطت ما جذبني ليومئ هارليك ويهمس بحذر "يسمى تنين الشفق، إنه من أخطر أنواع التنانين، لا يمكن ترويضه أبدًا، حاول ملكة البرومفينا من قبل ترويضه، لكنها فشلت و... " أوقفته مجددًا وسألت "البرومفينا؟" أومأ برأسه وقال "إنهم شعب متحكمِ الكائنات، تينر جام هو الفارس المختار من بين البرومفينا". إذًا هناك شخص يسمى تينر جام وهو متحكم كائنات ضمن أعضاء الفريق.

صراخ كل من هارليك ويوجين أعادني لأرض الواقع، كان كلاهما يختبئ خلفي بينما كارولوس قد التفت نحونا فجأة مما أخافهما، كان يشعر بالملل لرد فعل كليهما مما أضحكني.

نظرت للمكان من حولنا حيث توقف، كان هناك مدخل لكهف أمامنا، أعدت أنظاري نحو كارولوس الذي التفت وأكمل خطواته للداخل، تبعته ليتوقف يوجين قائلًا "لن أدخل هناك، إنه يخطط لتناولنا". دحرجت عيني على سخافته وقلت "إذًا ابقَ هنا".

عندما رأى أني جادة تبعني بسرعة، لاحظت أن هارليك كان ينظر حوله بشك ثم بدأ ينظر نحوي أنا بخوف "أعلم أنك تظنني جننت، لكني سأفسر الأمر لك، اتفقنا؟" بدا مشوشًا وغير متأكد عما سأفسر بالضبط فهناك الكثير ليُفسر، لكنه أومأ بصمت.

عندما تعمقت خطواتنا إلى داخل الكهف بدأ الظلام يغطي المكان وأصبحت الرؤية صعبة لذلك توقفت "لا يمكنني السير، لا أرى شـ..." صمت عندما شيئًا فشيئًا بدت الخطوط البيضاء فوق جسده تنير! كانت تشع بشكل أخّاذ وتحت ضوئها كان جلده الأسود يلمع.

لم يتوقف وظل يسير بينما تبعته بدهشة وأنا أنظر نحوه بإعجاب "هذا رائع!" صحت ليلقي نحوي نظرة بطرف عينه "لا تكن مغرورًا جدًا" تمتمت لكنه تقدمني بخطوات واسعة ليصبح في المقدمة.

 ملاحظة، هذا التنين نرجسي لحد ما.

توقفت عندما توقف، نظر نحو الكرة في يدي التي بدأت تهتز ثم ابتعد وبسط قوائمه على الأرضية قبل أن يتسطح براحة ويراقب ما أفعل "مستمتع بالعرض؟" سخرت ليلف عنقه للجهة الأخرى وكأنه غير مهتم.

وجهت الكرة حيث يشير الضوء ليحدث ما حدث في المرة السابقة، على سقف الكهف ظهر الرقم اليوناني ثلاثة.

الأول هو الرقم أربعة عشر والثاني ثلاثة، تبقى رقمان إذا كانت الأحجية صحيحة، ثم سنجعل خمسة أشياء مستوية لنحصل على الرقم الأخير.

ابتسمت لنفسي بفخر، لقد عملت بجد حقًا. عندما التفت نحو التنين كارولوس كان يسترق نظرات نحو السقف بفضول.

"أمسكتك!" صحت به لكنه التفت بسرعة ونهض وقد أعطى ظهره لنا قبل أن يستلقي مجددًا.

"هل بدأ عقلي يفسد أم أن تنين الشفق يتصرف كصبي الآن؟" زمجرة صدرت من كارولوس أفزعت هارليك "آسف، لم أقصد إساءة، أنا حقًا أسف" انفجرت ضحكًا بينما أشعر بالأسى على الفتى المسكين.

"اهدأ قليلًا، اتفقنا؟"

"يهدأ! جلنار، أنتِ تتحدثين مع تنين وتقومي بتسميته، وتريدين من الفتى أن يهدأ؟ بحق الله أنتِ تتواصلين معه وهو يمكنه رؤيتي و... كيف يمكنكِ أن تكوني هادئة، أنا ميت وأشعر بالفزع".

زفرت ونظرت ليوجين "لا أعرف، اتفقنا!؟ أنا لا أعرف شيئًا حقًا، كيف يمكنني الشعور به؟ وكيف بإمكانه رؤيتك؟ ولماذا لم يخبرني أحدهم عن وجود تنانين في هذا العالم؟ لا أفهم شيئًا، لكن ما أفهمه هو أن كارولوس ليس مؤذٍ، لا ينوي قتلنا، كما أني لم أسمِّه... لسبب لا أعرفه أنا أعرف أن اسمه كارولوس".

أخذت نفسًا عميقًا لتهدئة نفسي.

"جلنار، لا تخيفيني، مع من تتحدثين بحق الله؟" صاح هارليك وبإمكاني رؤية عينيه تدمعان "هارليك، اهدأ أخبرتك سأفسر، إنه يوجين..." قاطعني يوجين "هل هو الوقت المناسب حقًا للتفسير؟ نحن داخل كهف لا نعرفه بجوار كائن أسطوري كاد يقتلنا، والله وحده يعلم كيف سنعود".

"الفتى فزع مثلك تمامًا يوجين، إنه يستحق معرفة ما يحدث على الأقل، ضع نفسك في موضعه، لست الوحيد القلق هنا".

"لماذا جلبته معنا منذ البداية، أتبدو هذه كنزهة أطفال؟".

"إنه فارس مثلي تمامًا، وهو يعرف المكان أكثر من كلينا، لن أستثنيه كما يفعل الآخرون لي وله، وهذا يعود لي، والآن اصمت قليلًا!".

كنت قد فقدت أعصابي وقد صحت بنهاية الجملة ليصمت يوجين أخيرًا، التفت نحو هارليك لكنه كان يقف يراقبني بفزع، وخلفه كان يقف كارولوس يبدل أنظاره بيني وبين يوجين.

تنهدت ومسحت وجهي بكف يدي، لنبدأ من البداية...

"هارليك، أريدك أن تهدأ قليلًا، لا شيء خطير يحدث، الأمر فقط أنني أرى شخصًا لا يراه الآخرون، أنا أراه منذ أن كنت على الأرض، يسمى يوجين و..." قاطعني يوجين ليزعجني وقال "صاحب الجلالة يوجين، دعيه يراني بصورة أمير أو ملـ...".

"اصمت وإلا جعلت كارولوس يطاردك لساعة".

وفجأة بدا كارولوس متحمسًا للفكرة لأنه نظر ليوجين بسرعة وبدا متأهبًا، ركض يوجين خلفي وصاح "دعيه ينظر بعيدًا" دحرجت عيني وأعدت تركيزي مع هارليك.

"أتعرف الأشباح؟" عقد حاجيه وتمتم "أرواح الأموات؟" أومأت برأسي وقلت "متشابهان تقريبًا لكنك أصبت، يوجين هو روح شخص ميت".

تحولت نظراته لفزع، ولكن يوجين بدا لا يعطي لعنه لأنه صاح "اهتموا بشعور الشبح الميت قليلًا! قولي أني روح في أجازة مؤقتة، أو ربما روح يلازمها النحس لينظر نحوها تنين بهذه الطريقة".

"لا تخف، إنه غير مؤذٍ، في الواقع إنه مضحك و... مسلٍ" قاطعني مجددًا "قلت اجعليني أبدو كأمير؛ لا مهرج" هززت رأسي بيأس وأكملت "الأمر هو أن يوجين يلازمني من قبل أن أقابلكم يا رفاق، منذ أن كنت على الأرض و...".

قاطعني وقال "هل البشر يرافقون أرواح الأموات؟" حركت رأسي للجانبين وقلت "لا، أنا فقط من يراه، وهذا لسبب لا أعلمه، لا أحد يرى يوجين هنا أو على الأرض سواي" اتسعت عينيه وصاح "أيمكنك إذًا رؤية روح عمي ريفاندوالو؟ لقد مات منذ شهر!".

طرفت بتعجب وانفجر يوجين ضحكًا وقال "ريفا… ماذا؟ من يسمي طفله بهذا الاسم؟ كيف عاش بدون أن يغير اسمه؟" حاولت ألا أنفجر ضحكًا وقلت لهارليك "لا، لا يمكنني رؤيته و... آسفة لموت عمك" رفع كتفيه بإهمال وقال "لا بأس، توقع الجميع أن يموت منذ قرن لكنه كان عنيدا ومتمسكا بالحياة، كان يبلغ ألفي سنة تقريبًا".

سعلت بصدمة قبل أن أتمالك نفسي وأربت على كتفه "حسنًا! المغزى أنني لا أرى سوى يوجين، ولا يراه سواي... في الواقع كارولوس يراه أيضًا".

التفتَ للتنين ينظر نحوه وبدا كارولوس غير مهتمٍ وهو يمرر عينيه على كل واحد منا بكسل. "انظر، يوجين يقف هناك تمامًا. إنه شبح جيد وغير مؤذٍ على الإطلاق، إنه…" صمت قليلًا أنظر نحو يوجين بتفحص أحاول إيجاد كلمة لوصفه.

"ما خطب هذه النظرة؟ تجعلينني أبدو كأرمل في الستين، إن لم تخبريه بأني أمير فاجعليني أبدو كبراد بيت على الأقل" دحرجت عيني وقلت لهارليك الوصف الذي وجدته "إنه يبدو كصبي في جسد رجل" أومأت لنفسي متفقة معها تمامًا.

"اللعنة عليكِ!" صاح بسخط مما أجبرني على الضحك "كيف بإمكاني تصديقكِ؟" نظرت لهارليك بسرعة ولم أتوقع أنه قد يقول هذا في الواقع!

بدا وكأنه شعر بالذنب والندم على سؤاله العفوي؛ لأنه تردد وحاول التفسير قائلًا "لم أعنِ شيئًا… لم أعنِ شيئًا على الإطلاق... فقط من الصعب تصديق ما تقولين . تعرفين، لا أعلم، الأمر فقط..." انخفض صوته في النهاية وبدا مرتبكًا لكني جذبت كتفيه وقلت "لا بأس، أعرف ما تقصد ومعك حق في ذلك، كنت لفعلت الشيء ذاته إن كنت مكانك".

صمت قليلًا أحاول التفكير في طريقة تجعله يصدق أن يوجين موجود "لمَ لا أمر من خلاله؟" عقدت حاجبي نحو يوجين "لا أعني المعنى السيء للأمر، أعني… تعلمين، يصاب الأشخاص عادة برعشة باردة عندما تتصادم أجسادهم بهيئتي، أظن أن هذا كافٍ له!".

نظرت لهارليك الذي بدا مترقبًا "عندما يمر من خلال الأشخاص يصابون برعشة سريعة وشعور بارد، إن شعرت بهذا الأمر فهذا كافٍ لتصدق أن يوجين اصطدم بجسدك!".

اتسعت عيناه وصاح بسرعة "لالا، لا بأس! أصدقك، أنا أصدقك. لا تدعيه يلمسنـ..." توقف فجأة وأمسك بجسده الذي ارتعش وصك على أسنانه لأن يوجين عبر خلال جسده بكل بساطة "هناك تيار بارد هنـ..." توقف عندما استوعب الأمر وصاح "هل مر من خلالي!؟" أومأت له بابتسامة ليتسمر وهو ينظر نحو الحائط.

"هل هو بخير؟" سأل يوجين بترقب وحاولت ألا أنفجر ضحكًا "هناك شبح معنا في هذا المكان حقًا!".

"هارليك، لقد كان حولنا دائمًا لا فرق".

زفر وأومأ محاولًا تقبل الأمر "أتعلمين؟ وجود شبح في صفك يعطيكِ..." قلت في نفس الوقت "مئة نقطة لصالحي، أعلم، اعتدت على قول هذا لنفسي".

صمت وبدأ يحاول ترتيب أفكاره قبل أن تتسع عيناه بحماس ويصيح "علينا إخبار الآخرين، حينها سيتوقفون عن النظر نحوكِ كضعيفة! أنتِ ترين شيئا لا يمكنهم رؤيته. أتعلمين؟ هذا سيبدل آراءهم وسيجعلهم يأخذونكِ على محمل جاد إذا عر...".

"هارليك… هارليك، توقف!" صحت به ليصمت وينظر نحوي بتعجب "لا يجب أن نخبر أحدًا، لأنه… لأنهم لن يصدقوني، سيظنون أني أكذب، لا يجب أن نشغل عقلهم بهذا الأمر و...".

صاح معترضًا "يمكنكِ إقناعهم، هناك سبل كثيرة لإقناعهم كما فعلتِ معي، أغداراسيل سيصدقكِ و... جوزفين قد يفعل أيضًا، السيدة واندر! كما أنهم قـد يفسرون الأمر، لماذا يمكنكِ رؤيته و لـ…".

"هارليك لا أريد منهم أن يعرفوا… وإن أخبرتهم فأنا لا أريد أن يصدقوا! ماذا إن كانوا يملكون تفسيرًا للأمر؟ أتعرف ماذا قد يحصل؟ لا أريد أن أعرف، ولا أريد التفكير في الأمر، الشيخ من الأمس تمكن من سماع يوجين بشكل ما وكارولوس يرى يوجين، من يعلم من التالي!؟ ماذا إن أخذوه بعيدًا؟ لا أريد منهم أن يأخذوا يوجين، هارليك".

توقفت لوهلة أتنفس بهدوء "إنه صديقي، وهو الشيء الوحيد الجيد الذي يحدث لي حتى الآن، بالرغم من تماسكي إلا أنني أشعر بأنني سأنفجر من كل ما يحدث. عندما أستيقظ صباح كل يوم وأتيقن أن ما يحدث ليس بكابوس وأن هذه ليست غرفتي ولا هذا منزلي ولا هذه عائلتي أكاد أفقد صوابي حينها، لكن يوجين يساعدني على التماسك".

التفت نحو يوجين الذي كان يستمع بابتسامة هادئة على وجهه "رؤيته تشعرني أن كل شيء سيكون بخير، لا يجب أن أقلق، فأنا أمتلك شخصًا بجانبي، شخص لا يراه سواي وهو ما يجعلني أشعر أن يوجين شيء خاص، حتى وإن كان ميتا فهو أفضل من عشرات الأحياء الذين قابلتهم".

نظف يوجين حلقه وقال "الكثير من المدح، لا أريد أن ينفجر رأسي من الغرور وما شابه، توقفي قبل أن أشعر بأن كل شيء يتمحور حولي، هل يتمحور كل شيء حولي؟" ضحكت على سخافته وقلت "يوجين أفضل ما حدث لي ولا أريد منهم أن يفسدوا هذا! لا أريد منك أن تفسد هذا، هارليك".

ظل يحدق نحوي قبل أن يضع نظرة جادة وصارمة وقال "أعدك، كلمة شرف على حياتي، لن أخبر أحدهم بصديقكِ الشبح إلا إذا أخبرتني أن أفعل". اتسعت ابتسامتي قبل أن أنكش شعره وأقول "والآن انضممت لدائرة المميزين للأسرار الغريبة".

ضحك وقد بدأ يهدأ أخيرًا، نهضت من على ركبتي ونظرت حولي "علينا العودة للمنزل فقد تأخر الوقت" أومأ برأسه وقال "كيف سنعود؟".

التفت نحو كارولوس الذي كان يراقب منذ مدة "أترشدنا؟" ظل يحدق بصمت لمدة "نعم أم لا؟" تحرك نحوي وأخفض عنقه قبل أن يدفع جسدي برأسه؛ مما دفعني للقهقهة والمسح على رأسه "أنت ظريف للغاية" تمتمت بينما أغمض عينيه وتنفس بقوة. 

"ظننت أن جلدك سيكون أكثر خشونة". تمتمت بين نفسي وأنا أتلمس جلده، تركته ليرفع رأسه ويتحرك نحو المخرج "هيا، سنعود للمنزل" التفت قائلة لهما لكن كليهما كان ينظر نحوي وفاهيهما مفتوحين بغباء "ماذا؟" صحت بهما ليتمالك كل منهما نفسه.

"من الصعب التصديق أنكِ تروضين تنين شفق" رفع هارليك كتفيه وتبعه يوجين قائلًا "بل من الصعب التصديق أنكِ كنتِ تخافين من حمقاء كفريونكا وتمسحين على رأس... تنين!" دحرجت عيني لكليهما وتبعت كارولوس دون الرد.

"أتعلمين؟ لا تنزعجي مما سأقول لكن بدأت أظن أنكِ أخطر من الفرسان جميعًا" ارتفع حاجباي وتساءلت "حقًا!؟" أومأ برأسه وقال "كانت أمي تقول دائمًا 'تلك الأشياء التي لا نتوقع شيئًا منها هي دائمًا ما تفاجئنا في النهاية' لم أفهم مقصدها سوى عندما قابلتكِ".

"والدتك شخص حكيم، أتعلم؟ هناك جملة نقولها نحن البشر، ربما هذه ما كنت تقصده، توقع غير المتوقع… لكن لم أفهم ما علاقة هذا الأمر بي؟".

رفع حاجبيه وقال "أتمازحينني!؟ هل يتوقع أحد منكِ شيء ما؟ أي من الفرسان؟ لا أحد! ولكن على العكس تمامًا، أنتِ ترين شيئا لا يراه أحدهم، وتكادين تفتحين بوابة لم يستطع أحدهم فتحها، والآن تروضين تنين الشفق! أتعلمين أن مروضي التنانين عادة يكونون من العائلة الملكية؟ وغالبًا من النبلاء؟ إن سمع أحدهم أنكِ روضتِ تنينًا وليس أي تنين، بل تنين الشفق؛ سيجنون".

كدت أتساءل عن أمر ما لكنه قاطعني "أتعرفين ما الرائع في كل هذا؟ أنكِ لا تعطين لعنة! إن كان شخصًا آخر لركض متفاخرًا أمام الآخرين لإثبات نفسه، لكنك لا تهتمين حتى، إثبات نفسكِ والرد على ما يقولونه ومحاولة إثارة إعجابهم، الأمر لا يعنيكِ، حتى أنكِ تظلين توافقيهم الرأي ثم بووم! تفعلين عكس ما يتوقعون تمامًا".

اتسعت ابتسامته وقال "أكاد أجزم أن الأمر سيحتاج وقتًا قصيرًا قبل أن تصبحي مقاتلة أفضل من الجميع، أظن أنكِ لو تدربتِ سـ…" قاطعته قائلة "انسَ الأمر، أنا لا يمكنني إلحاق الضرر بأي شخص مهما كان، أتريد مني أن أقاتل؟" قهقهت بسخرية في النهاية.

توقف أمامي فجأة وقال "مشكلتكِ الوحيدة هي أنكِ لا تؤمنين بنفسك، أخبريني بكل صراحة، قبل أسبوع من الآن هل كنتِ تظنين أنكِ قادرة على ترويض تنين؟" دحرجت عيني وقلت "لم أعلم أنهم موجودون حتى ثم…" قاطعني مجددًا "هل ظننتِ أنكِ ستصمُدين لأسبوع وسط جنون هؤلاء الرجال في المنزل؟".

صمت لكنه أكمل "أرأيتِ؟ أراهن أنكِ ستصبحين مقاتلة في غضون أسابيع إن تدربتِ، لا أعلم إن كان هذا أنتِ أم أن هذه ميزة البشر، لكنكِ تتكيفن مع كل شيء بسهولة وتعتادينه وتتفوقين على الجميع فيه، لا أرى القتال استثناء".

ودون أن يسمع ردي كان قد سبقني بخطوات كأنه لا يريد سماع أي اعتراض على قناعته الشخصية "هذه المرة أتفق تمامًا مع الإذاعة المسائية" نظرت ليوجين الذي كان يستمع بصمت منذ البداية قبل أن أتمتم "بدأ الجميع يتحدث كواندر فجأة".

لحقت خطوات هارليك قبل أن أسأله "لماذا يخاف الجميع من كارولوس؟" بدا عليه التعجب لأقول "أعني تنين الشفق؟" أشرت بعيني نحو كارولوس الذي كان يتقدمنا جميعًا.

"هذا طبيعي! لم ينجُ أحد قد واجهه من قبل؛ فهو عدائي وشرس للغاية. قرأت في أحد الكتب أنه قادر على قتل ألف رجل في دقائق، وهو نادر جدًا، من الصعب أن تجدي تنين شفق، بعضهم يقول أن في العوالم كلها لا يوجد سوى اثنين فقط منه، والبعض يقول أنه واحد فقط لا غير، وهذا يعني أننا نمشي مع أكثر المخلوقات ندرة على وجه العوالم كلها".

عقدت حاجبي ونظرت نحو كارولوس الذي لم يتوقف عن المسير، ما الذي جلب هذا التنين لهذا المكان؟ تقدمت خطوات حتى أصبحت أسير بمحاذاته "هل حقًا قتلت العديد من الناس؟" ملت نحوه وسألت لكنه لم يبدِ اهتمامًا. "يقولون أنك الوحيد من نوعك" وهنا بدا مهتمًا، لأنه فرد جناحية وحركهما في شكل استعراضي، هو حقًا نرجسي!

"تعلم؟ قتل الأشخاص شيء خاطئ، فقط في حالة الدفاع عن النفس يكون جيدا" نظر نحوي بطرف عينيه وشعرت أنه بدا مهتما بما أقول "تعلم؟ لا أرى أنك مخيف لهذا الحد، تبدو لطيفًا" كشر فجأة عن أنيابه ونظر نحوي بشراسة، لكن بادلته نظرات غير مهتمة وقلت "فعلك لهذا لن يغير من رأيي".

عاد وجهه لتعبير طبيعي واتسعت عيناه وهو ينظر نحوي "لا تحاول، لن أقر بأنك متوحش". خرج صوت متحجرش من حلقه قبل أن ينظر بعيدًا وشعرت به مجددًا! كان حانقا؛ مما دفعني للضحك. "ألديك تفسير لما أشعر بما تريد؟".

بدا جاهلًا للأمر مما أجبرني على الصمت ووضع يدي داخل جيوب ردائي.

توقف عن المسير وظل ينظر نحو الأمام بصمت "هل وصلنا؟" سألت أحاول رؤية المنزل من بين الأشجار، دفع جسدي برأسه نحو الأمام مما أثبت لي أننا وصلنا حقًا.

"هارليك، لا تخبر أحدًا بأمر كارولوس" حذرت لتتسع عيناه ويصيح "لماذا!؟". 

"لأنهم قد يحاولون قتله، لقد ساعدنا ولم يقتلنا هارليك، أتظنه يستحق أن يُقتل، كما أنك قلت أنه من الصعب أن ينجو أحدهم إن حاول مواجهته، لا أريد أن يُقتل كارولوس ولا أحد الفرسان".

صمت ثم بدأ يتمتم "أنتِ محقة، لا يجب أن يعرفوا، رغم أنه تنين متوحش لكنه أظهر وجهًا جديدًا الليلة، وإن قابله الفرسان لن يتركوا فرصة لفهم الأمر وسيحاولون قتله، وإن قتلوه سيجعلك هذا حزينة لأنه يبدو أنكِ معجبة به، وإن قتل هو أحد الفرسان هذا سيكون سيئا جدًا، وقد ساعدنا الليلة لذلك نحن مدينون له مهما كان متوحشًا، إن سألونا فماذا سنقول؟ كيف نفسر الأمر؟ ربما نقول أي شيء عادا أننا قابلنا تنينًا هنا و...".

مسح يوجين على وجهه بعدم صبر وقال "أوقفيه، أرجوكِ" لا أعلم لما كان يوجين غاضبًا، أحب رؤية عادة هارليك في التفكير بصوت عالٍ، يبدو حقًا ظريف.

"هارليك، لا تقل شيئا!" ارتفع حاجباه وقال "لا شيء؟" ابتسمت باستمتاع وقلت "تخيل كمَّ الفضول الذي قد يصيبهم عندما نعود مليئان بالجروح والخدوش من مكان ما ونعطيهم أجوبة غامضة على أسئلتهم، ألا تشعر برغبة بالانتقام؟ يذهبون لقصر الملك لاجتماع سري ويقاتلون ولا يخبرونا بشيء عن الأمر، ألا تظن أنه يجب أن نحتفظ بجانبنا من الأسرار أيضًا؟".

بدت ابتسامة شريرة تظهر على وجهه "أنتِ محقة، سيشعرون بما أشعر ولو لوهلة" بدأ يضحك بشكل درامي لأهز رأسي وأنا أمدح نفسي داخليًا لأنني أمسكت بنقطة ضعفه.

نظرت نحو كارولوس وقلت "ستذهب، صحيح؟" ظل ينظر نحوي بصمت لأتنهد "يمكنني رؤيتكِ لاحقًا! تعلم، لن نخبر أحدا بأمرك، يمكنك البقاء في هذه الغابة، ما رأيك؟" أحنى عنقه نحوي قبل أن يقترب برأسه ويدفع وجنتي بخفة.

اتسعت ابتسامتي وقلت "سأعتبر هذه نعم، لست خائفة منك إن كان هذا ما يقلقك، أراك لاحقًا" مسحت على رأسه قبل أن أبتعد.

فرد جناحيه بشكل واسع قبل أن يرتفع عن الأرض ويحلق مبتعدًا، هذا كان حقًا يومًا طويلًا ولا يصدق، بداية بأتريوس ونهاية بكارولوس.

تحركت خلال الأشجار وبدا المنزل الآن في مرمى البصر، تبعني كل من هارليك الذي ظل يتدرب على أكثر الجمل استفزازًا ويوجين الذي يصفر بمزاج متحسن فجأة.

دلف ثلاثتنا إلى المنزل وكان أول من التقينا به واندر التي ركضت نحونا وملامح القلق بادية على وجهها "لقد كان شيئًا لا يصدق حقًا، من كان يظن أننا سنفعل ونرى أشياء مماثلة، كانت هذه أفضل ليلة!" صاح هارليك فجأة ثم نظر نحوي وغمز بعينه. حاولت أن أقاوم رغبتي في الضحك ووجدت نفسي أجاري حركاته الصبيانية "أنت محق، لقد كان ممتعًا فعلًا".

"أين كنتما بحق خالق الجحيم؟" صاحت واندر في وجهنا مما أجفلني، لمَ هي غاضبة؟

"لقـ…".

"تختفيان فجأة وتظهران فجأة دون إخبار أحد، كما... يا إلهي العزيز، من فعل بكما هذا؟ لقد تمزق ردائك، ولمَ الخدوش تملأ كليكما؟".

 لم تعطني فرصة واحدة لتفسير شيء، وفي الواقع ما كنت لأخبرهم بأننا دخلنا في حالة هروب من تنين!

"واندر، لقد خرجت ليلة أمس أيضًا، ما المشكلة؟" كادت ترد لكن قاطعها هارليك "نعم، ما المشكلة؟ هي أيضًا فارسة، أتسألين أحدهم أين يذهب وأين كان وما فعل؟" أشار على الرجال خلف واندر حيث كان أغدراسيل وجوزفين واقفين خلفها، وكل من رومياس واكتيفيان جالسان، ولمحت بطرف عيني هيئة أتريوس مستندة على مدخل المطبخ وبين يديه شيء ما يقضم منه ويتابع الأمر باستمتاع.

"وإن كنت أنا قاصر فجلنار بالغة، وأنا كنت معها، وكلانا فارسان لذلك لا أرى أي داعي لهذا التحقيق" كتف يديه فوق صدره بحزم في نهاية حديثه وبادلت واندر نظرة مندهشة من هذا الاندفاع الهجومي!

"الأمر ليس كما تتصور هارليك، إنه فقط... كنا قلقين، ثم أنت تعرف؛ كلاكما سيء في القتال، كما إن كنتما تفعلان شيئا، فأخبرانا يمكننا المساعدة". حاول أغدراسيل التدخل بلطف لكن علي القول أنه زاد غيظ هارليك الذي قال "لا تقلق إذًا! نتكفل بأنفسنا، كما أنه شيء لا يمكنكم فعله على أي حال".

"أين كنتما؟" قاطع سؤال أوكتيفيان أي جدال يحدث، ولكن بدا هارليك وكأنه ينتظر هذا السؤال من أوكتيفيان لينتقم منه شر انتقام "اللا مكان". كانت إجابته تثير الغيظ بالفعل ومنعت نفسي من الضحك بالقوة وضحكات يوجين كانت تزيد الوضع سوء.

"لن أتناقش مع طفل، جلنار، ما المشكلة؟" بدا أوكتيفيان واثقًا من أني سأجيبه ثم أعاتب هارليك على أفعاله الصبيانية، تنهدت ونظرت لهارليك الذي كانت عيناه تقتل أوكتيفيان مائة مرة.

"أخبرك هارليك، لا شيء لتقلقوا حوله، يمكننا الاعتناء بأنفسنا، لديكم ما هو أهم لتقلقوا حوله على أي حال" بدا منزعجًا فجأة مما جعلني أبتسم بهدوء لأزيد من استفزازه، هل كان إزعاج الآخرين ممتعًا هكذا؟

"جلنار!" صاح أغدراسيل بعدم تصديق لكني أطلقت قهقهة صغيرة وقلت "رفاق حقًا لا بأس، لا يحل كل شيء بالقتال عادةً" أومأ هارليك موافقًا وقال "لا تزعجوا أنفسكم، أخبرتكم أنه شيء لا يمكنكم فعله".

"إن كان لا يمكننا فعله فمن يمكنه بحق الله؟" صاح جوزفين ليرفع هارليك كتفيه ويبتسم بكل براءة ويقول "فقط جلنار تستطيع".

التفت الجميع نحوي لكني اكتفيت بابتسامة وقلت "نحن حقًا متعبان، كان يومًا شاقًا، سنأخذ حمامًا ونخلد للنوم لا تشغلوا عقولكم بالأمر، تصبحون على خير".

دفعت هارليك ليسير أمامي وهو يحارب ابتسامته الكبيرة، التفت نحوهم فجأة وقال "كدت أنسى… لا تقلقوا بشأني بعد الآن، لن أزعجكم منذ اليوم لأذهب معكم لمهماتكم، كنت محقًّا سيد أوكتيفيان، أمور المملكة شيء ممل، البقاء مع جلنار أكثر متعة" ثم صعد بكل فخر بما قال.

كنت أكرر داخليًا 'لا تضحكي، لا تضحكي' بينما أصعد السلالم بوجه بارد.

لسبب ما التفت نصف التفاته للخلف أنظر نحو المكان الذي يقف فيه أتريوس، كان لا يزال على وضعه السابق، لكنه متكتف اليدين وينظر بعيدًا، حتى أنه لم يلحظني.

تنفست براحة وأكملت صعودي للأعلى.

"جلنار، كان هذا رائع! أرأيتِ النظرة المرتسمة على وجوههم؟ الآن سيشعرون بما كنت أشعر... وبالمناسبة؛ لم تكن جملة استعراضية، أنا حقًا أستمتع بقضاء الوقت معك" همس هارليك بحماس عندما صعدنا إلى الطابق الثاني حيث لا يمكنهم سماعنا.

ابتسمت له وربت على رأسه، نظرت نحو يوجين الذي يحاول تمالك نفسه من الضحك حتى الآن "اهدأ وإلا مت مرتين من كثرة الضحك". سخرت منه ليحاول التنفس بعمق "أهو جيونجين؟".

كان دوري هذه المرة لأضحك "يوجين… إنه يوجين، نعم، وهو معجب جدًا بما فعلت بالأسفل" ابتسم بحماس وقال "كنت رائعًا سيد يوجين، صحيح؟ على كل حال لا تقلق، لن أخبر أحد بسرك سأحتفظ به" سكت لبرهة قبل أن يقول "تصبحين على خير جلنار، تصبح على خير سيد يوجين" ثم لوح بيده وصعد نحو غرفته.

"هل قال سيد يوجين؟" بدا يوجين مصدومًا لوهلة "مسكين لا يعرف أي أبله أنت".


*******************************************

هالوووووووووووووو

مش طبيعي وضعي وانا براجع الفصل ومتحمسه كأني مش عارفه انا كاتبه ايه 

بس ثنائي جلنار وهارليك رهيب ياخي

ظهر عنصر جدييييييييد في الروايه

الرهيب الخطير الفطير كاروووولوووووسسس

هيظهر تاني فمتقلقوش 

معلش الفصل اتاخر شويه بس المهم انه ينزل

انجوييييي

باااااييي

Esraa A

احظ بوقت ممتع بعيدًا عن العالم.

35 تعليقات

  1. كنت برجع اقرأ الفصل ١٦ وحصلت ١٧ نزل 😭

    ردحذف
  2. كارلوس 😭❤️❤️❤️❤️❤️❤️

    ردحذف
  3. الحماس مو طبيعي في ذي الرواية بدءًا من الحدث الرهيب مع اتريوس بالبداية 😭😭💗
    ولما كان يعلمها كيف تستعمل الفأس، انا هنا خلاص ذبت
    ولما قابلت كارولوس وبالمناسبة كارولوس يجننن وكيوت ✨✨
    تنين الشفق اذكر انو في الكتاب كانت اكثر الرسومات لتنانين، المهم
    بطلتنا تراقب اتريوس كتير 🤭
    مدري ليه احس جلنار بتتفوق عليهم كلهم، وفعلاً جلنار وهارليك اكيت ثنائي ✨✨
    متحمسة للفصل الجاي💗💗

    ردحذف
  4. الفصل تحفةةةة حرفياً انا اقرا واضحك واكثر شي ضحكني يوجين من يصرخ كامرأة تلد 😂😂 عفية استعجلي بتنزيل الفصول حرفياً مجاي اتحمل انتظر 😭😂♥️

    ردحذف
  5. من اقرب الفصول على قلبي بجد ♥️✨

    ردحذف
  6. هيييييييه اسراء نزلت فصل
    بس ايه الجامدان ده يا اسراء🔥🔥🔥
    كارلوس لولا أن هو تنين كلن زماني اتجوزته على طوووووووووول😂😂❤️

    ردحذف
  7. حرفيا انا بدخل كل ساعه اتاكد في فصل جديد ولا لا

    ردحذف
  8. واخيرا كاروووولووووس يمهههه المطاردة كانت تجنن وتضحك

    ردحذف
  9. كارولووسسس يييجننننن وقلبس النرجسي ما تدري هذا تنين ولا قطوه 😭😭😭😭 بغيت اصارخ من فخري بجلنار لما وقفته وقدرت تروضه بكلمة ❤️‍🔥

    ياخي اتعب وانا اقول ففخخخرررييي جلنار يوم وقفت قدام اتريوس وقالت كل شي بخاطرها وكانت حتقتله بعد يشيخه يسعد قلبك ويسعد امك الي جابتك فداك الكون بس
    مع اني احب اتريوس بس نوو جلنار بنتي تفوزز

    بعدين حركات اتريوس مشكوكه 🤨🤨🤨

    معلينا منه بس كان مرررههه بخااطريي لو يدرون ان جلنار روضت كارولوس وخلته خويها وقطوه عندها هههه بس بعد التفكير في كلامها صدق افضل لو ما عرفوا وضل بين الثلاثي الحلو حقنا عشان نبعد عن المشاكل ولا يتاذى تنيننا الحلو كارولوس

    ويارب ظهوره الجاي قريب حشتاقله مره 😞💗

    الزبده حماس باقي رقمين يعني يومين ونوصل لاخر بيت من اللغز مقدر اصبرر واتمنى الطريق للرقمين الجايين ما يكونوا خطيرين بزياده--

    ردحذف
  10. حمااس مش طبيعي مع انها ليست المرة الاولى لكن مرت سنوات على قراءتها
    الفصل كان ممتع بشكل رهيب ،مواجهة صباحية مع اتريوس ورحلة مسائية ممتعة مع هارليك ولقاء اسطوري لكارولوس

    ردحذف
  11. فصل ناااااااااار 🔥🔥🔥
    ابداع كالعادة 🤍🤍

    ردحذف
  12. Can't wait till the next chapter

    ردحذف
  13. أعيد قراءته من جديد بنفس الحماس كأنها أول مرة كم اشتقتلهم وخصوصا كارلوس حي انها أليف الأول🤣🤣🤣🤣 منتشرة على نار عندما يكتشف فرسان وجوده وتلك الصدمة على وجوههم إسراءطريقة سردك روعة بتخلي كل ملاجروسين يعيدوا قراءته بكل جمال أكثر من أول

    ردحذف
  14. حماس ابد مو طبيعي رغم اني عادي قريت توبازيوس ١٠٠٠ مره ولا شبعت وهذا ان دل على شيء يدل على روعة وجودة محتوى الاسطوري للرواية ، رغم السنين تضل بالنسبة لي رقم واحد

    ردحذف
  15. هلا بالحبيب ككاروووولوووووسسسى الغالى ي ناس وصل 🥺♥️♥️

    ردحذف
  16. سيد يوجين !!؟ 🤣🤣

    ردحذف
  17. مش متخيلة كارلوس كان واحشني اد اية اية انا فية دموع فخر نزلت من عيني انا ما اسمه اتقال

    ردحذف
  18. ❤️❤️❤️❤️❤️❤️

    ردحذف
  19. ❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️

    ردحذف
  20. يارب علامة اتريوس تطلع هي هي علامة جلنار 😭😭🤡

    ردحذف
  21. مش متخيلة ان الفصل دا عبارة عن الفصل التسعة و عشرين و الثلاثين 😭😭😭

    ردحذف
  22. و اخيرا كارولوس الحب ظهر اشتقت له حقيقي 😭😭💕

    ردحذف
  23. الفصل اللي وضح شخصية جلنار و ازاي اتغيرت، حقيقي فصل احدثه تقيلة و جميلة، في انتظار موجهات اكثر عمقا مع اتريوس 😭😭💕

    ردحذف
  24. كنت أتخيل كارولوس مثل توتليس 😭💗

    ردحذف
  25. واعععععع كيف لم اقرء هده التحفة 😭😭😭❤️‍🔥❤️‍🔥❤️‍🔥

    ردحذف
  26. انا بعشق يوجين بجد هو أفضل شخصيه بالنسبالي في الروايه 😂❤️

    ردحذف
أحدث أقدم

نموذج الاتصال