الفصل الثلاثين | وليدة اللهب والخوف

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إفصاح: "اللهم وسع علينا في ارزاقنا حتى لا نمد ايدينا إلا اليك ،ولا نتوكل بقلوبنا إلا عليك ،اللهم وصل إلينا ارزاقنا بغير مهانه، ولا مذله".

إفصاح آخر "في الربيع حين يكون كل شي جميلاً وأخضر ومتبرعماً أشعر برغبة في إدارة ظهري للدروس والهرب بعيداً للأستمتاع بالطقس هنالك الكثير جداً من المغامرات في الحقول إنه لأكثر متعة ان تحيا الكُتب بدلاً من كتابتها". جين ويبستر

 مساحة لذكر الله

****************************************

الفصل الثلاثين


"أما زالت في غرفتها؟" أومأ هارليك بصمت لتتنهد واندر بأسى. "هل فهم الجميع وجهة نظري الآن؟ ما كان عليها المجيء، يصعب علي الاعتراف بذلك ولكن ذلك الحقير أتريوس تمكن بالفعل من جعلها تتحسن، لقد نقلها من مستوى منخفضٍ لآخر عالٍ، لقد كانت جيدة وقد تبقى لها القليل فقط لتصبح مقاتلة، عندما تأتي وترى شيئًا مؤلما كهذا ستظن أنها غير قادرة على فعل شيء وأنها ضعيفة، سوف تُهدم كل الثقة التي حاولت بنائها ولن تصدق أحدنا إن أخبرناها أن شيئا مماثلا يحصل للجميع".

انفجر أوكتيفيان قبل أن يلقي المنشفة التي يحاول مسح الدماء بها من فوق يديه "لكن على ذلك الوغد أن يعاندني ويأخذها معنا" قاصدًا أتريوس تمتم بغيظ وألقى جسده فوق الكرسي. 

"أتريوس لا يقوم بشيء كهذا لإغاظتك أوكتيفيان، لقد فعله لسبب وأنا على يقين أنه يعلم منذ البداية ما ستواجه جلنار هناك، بل أراد منها مواجهته، حمدًا لله أن الأعداء كانوا قد رحلوا قبل مجيئكم" قالت واندر لينظر نحوها الغالبية باستنكار "لمَ تدافعين عنه حتى؟" قال زوندي لتقهقه ثونار وتقول "سيدة المنزل هنا محقة، دعونا نتحدث بصراحة، من بيننا جميعًا أهناك من يعرف جلنار بقدر أتريوس؟".

صمت الجميع لتردف "قد يبدو الأمر وكأنهما ثنائي يودان قتل بعضهما ولكن الوحيد القادر على التعامل مع جلنار هو أتريوس والوحيد الذي يقضي معظم الوقت معها هو أيضًا أتريوس، قد نلقب هذا الرجل أحيانًا بالهمجي والنذل ولكن جميعنا يعلم أنه ذكي ويمكنه قراءة أي واحد منا". 

رفعت رأسها ونظرت للجميع وأردفت "هل يظن أحدكم أني مخطئة؟" لم يعارض أحدهم ما قالت "رأيتم! جميعكم يعلم أن أتريوس يعرفها أكثر منا وجميعنا أيضًا يعرف أن لا أحد يعرف أتريوس كجلنار، وواندر بالطبع". 

صمت الجميع ولم يعترض أحدهم أو يحاول نفي حديث ثونار، حتى أغدراسيل الذي ظل يعبث بالخنجر بين يده وقد رفع عينه نحوها بانزعاج واضح وهناك عقدة كبيرة بين حاجبيه، ولكنه زفر وأعاد عينه نحو الخنجر بصمت.


....
 

"جلنار إلى متى تخططين البقاء بهذا الصمت؟" زفرت ودثرت نفسها بالغطاء ليتنهد ويقول "لا يمكنكِ إنقاذ الجميع، لا أحد يمكنه ذلك" حاول مجددًا لكنها تمتمت بانزعاج وبصوت يكاد يكون واضح "اتركني وحدي، يوجين" نظر لهيئتها تحت الغطاء وتنهد للمرة الألف.

طَرقٌ على باب الغرفة جذب انتباه يوجين ولكنها ظلت على حالها ليصلها صوت أغدراسيل من خلف الباب "أتنوين حبس نفسكِ للأبد هنا؟" لم يسمع إجابة منها ليجلس ويسند ظهره لباب غرفتها ويقول: 

"لن أحاول مواساتكِ؛ فالأمر بالنسبة لكِ أكبر من هذا لكن… لستِ وحدكِ من يمر بمشاهد مشابهة، أعني… هارليك ما زال صبيًا أيضًا وقد رأى مثل ما رأيتِ مرتين ولكنه متماسك، وحتى زوندي وتينر جام، كلاهما لا يملكان فكرة عن الحرب أو القتال أو الموت! أغلب الفرسان كانوا يعيشون حياة مشابهة لحياتكِ وقد تم استدعائهم فجأة بتلك الطريقة" 

صمت لثانية قبل أن ترتسم ابتسامة صغيرة على شفتيه ويقول "لن تصدقي هذا ولكنني كنت مجرد فتى يعيش مع والديه في مزرعة صغيرة، الاستيقاظ فجرًا والذهاب للسوق ومحاولة مساعدتهما والعمل كمعلم لطلاب السنة الثانية، لا أملك فكرة عن الحرب والقتال وكل هذه الفوضى، المرة الأولى التي كنت بها في الميدان كانت الأكثر رعبًا بالنسبة لي، لقد تحولت فتاة في عمر صغير لتراب بين يدي! وضعت الكثير من اللوم على نفسي، ظللت أسبوعين لا أريد النظر لوجه أحدهم ولكن… عندما مر الوقت وخرجت من غرفتي كان كل شيء يسير كما هو، لم يتوقف العالم ثانية من أجلي، كان الجميع مشغولٌ بالحديث عن فارسة أخيرة، وعن البشر وعن بشرية قد تصبح بيننا، كما أن الجميع تحسن في أسبوعين وظللت أنا متأخرًا عنهم وأحاول اللحاق بهم، إن توقفت عن لوم نفسي مبكرًا وحاولت أن أصبح أفضل، أقوى، لأنقذت الكثير من الأرواح في كل مرة ذهبوا فيها للميدان بدوني". 

أخذت نفسًا قبل أن تبعد الغطاء عن وجهها وتنظر نحو الباب، نهضت جالسة لتسمعه يقول "أن يموت شخص بريء شيء لا يمكن تمريره بسهولة، جلنار… ولكن إن ظللنا نحاول إلقاء اللوم على بعضنا البعض فسيموت المزيد من الأبرياء، لا أحد يؤمن بنا كفرسان ولا أحد يظن أننا قادرون على حمايتهم، تلك الهجمات تزداد والرب يعلم ما الذي يخطط له ملك الظلام! كل يوم يمر دون تغير وتحسن هو جريمة، أنتِ لستِ مجرد فارسة بيننا، أنتِ ابنة التوبازيوس، لقد جعلتِ مجموعة من المتعصبين يؤمنون أن البشر أكثر من مجرد أسطورة من المعاتيه، ألا تظنين أنكِ قادرة على جعلنا نؤمن أيضًا بأنكِ ابنة التوبازيوس؟".

انتظر فترة بينما الصمت يفصل بينهما، وعندما قرر تركها بفردها لعلها تفكر جيدًا بالأمر سمع صوت الباب يُفتح من خلفه، أبعد ظهره عن الباب والتفت ينظر نحوها، شعر مبعثر وعينان حمراوان وثياب ملوثة بالكامل وعبوس يغطي كامل وجهها.

"أنت تزعجني" قالت ليبتسم ويقول "يمكن لهذا المزعج الذهاب إذا أردتِ" نظرت نحوه لمدة قبل أن تخرج وتغلق باب غرفتها وتجلس بجانبه "رائحتي كالجحيم" قهقه وقال "لا يمكنني معارضتكِ في هذا" نكزت ذراعه وتمتمت "كن مهذبًا مع السيدات". زمت شفتيها لوهلة قبل أن تبللهما بتردد وتقول "هل حقًا كنت معلم؟" أفلت ضحكة لدهشتها وأومأ برأسه "لم تكن ضمن قوات في الجيش أو فرق خاصة؟" حرك رأسه للجهتين نافيًا. 

حدقت به لمدة قبل أن ترفع كتفيها وتتمتم وكأنها لا تريد منه أن يسمعها "هل ترتدي نظارة؟" لم يستطع كبت ضحكته لتشيح بوجهها عنه "لا، ليس عادةً؛ فأنا لا أحتاجها كثيرًا." نظرت نحوه وقالت "اعتدت ارتداء واحدة" ارتفع حاجباه لتقول "ولكن منذ مجيئي أصبح نظري سليمًا فجأة". 

ظل يوجين عاقدًا ذراعيه واقفًا في الممر يراقبهما بصمت بينما ظلا بلا حديث لمدة قبل أن تقول جلنار دون النظر لأغدراسيل "إن كان هجوما مماثلا على إحدى أراضي النبلاء؛ هل كان ليحدث ما حدث؟" سكت لثوانٍ ونظر نحوها قبل أن يتنهد ويقول "جلنار، ما يحدث في الإلترانيوس يـ..." قاطعته بحدة "أكان ليحدث؟" زفر قبل أن يقول بصوت منخفض "بالطبع لا" أومأت وبدأت غشاوة من الدموع تغطي عينيها "عليهم أن يكونوا أضحية" ارتفعت عينه نحو وجهها وتعابيرها الحزينة والغاضبة. 

تنفست بقوة ومسحت عينيها بظهر يدها وقالت "لا أحد يبالي بهم، نحن هنا للدفاع عن الملاعين الذي يعيشون في القصور" حارب بشدة رغبته في قول ما يريد ولكن شيئًا ما في عنادها وغضبها لهؤلاء الأشخاص دفعه للقول "هذا ما يريدونه ولكن… التوبازيوس اختارتنا دفاعًا عن الجميع" نظرت نحوه وقالت بغضب "هل يبالي هؤلاء بالتوبازيوس حتى!؟" ابتسم وقال "ربما لا، ولكنكِ تفعلين، أنتِ ابنة التوبازيوس في النهاية، إن لم يجد هؤلاء الأشخاص من يحميهم أتريدين القول أنكِ قادرة على فعل ذلك؟".

لم يكن يمزح أو يسخر، كان جديًا لدرجة جعلت قلبها يخفق بتوتر وربما حماس واندفاع غريب، ظلت تحدق بوجهه لمدة قبل أن تبتسم وتقول "أهذا يعني أنه مسموح لي ركل مؤخرة الأغنياء؟" ظلت ملامح الجدية على وجهه وقال "جلنار، الأمر جدي! أنتِ تتحدثين عن محاولة خلق نظام جديد، هذا سيفتح أبوابًا من الجحيم" أخذت نفسًا وقالت "يمكنك قول أنني فتحت أبواب الجحيم سابقًا، الأمر ليس وكأني روبن هود، ولكن إن كان علي تحطيم رجل الظلام ذاك فسأحطم أولئك الأغنياء هنا معه". 

قهقه وصحح "ملك الظلام" دحرجت عينيها وقالت "اللعنة على كليهما". 

تمكن أغدراسيل من رفع معنوياتها قليلًا وتشجيعها وربما حوارهما الصغير دفعها لإحداث بعض القرارات ولكن أولها كان أخذ حمامًا والتخلص من تلك الملابس. 

ما إن دلفت لغرفتها حتى نهض أغدراسيل وما زالت آثار محادثاتهما باقية على وجهه في شكل ابتسامة صغيرة لم يتمكن من إزاحتها. 

توقف عند الدرج ما إن لمح هيئته مستندة على الدرابزين مكتفًا ذراعيه وعينه ثابتة على موضع واحد. "كان يمكنك أنت الذهاب والتحدث معها عوضًا عن إرسالي" رفع عينه وألقى نظرة نحو أغدراسيل ولكنه نظر مجددًا لما كان ينظر نحوه وقال "لست جيدًا في الحديث التحفيزي بقدرك، كما أنك كنت تريد الحديث معها منذ البداية" رفع أغدراسيل حاجبًا وقال "لمَ أرسلتها منذ البداية إن كنت تعلم أن هذا ما قد يحدث، أتريوس؟".

"لأنني أعلم أنها ستستغرق ساعات فقط لتخطي البؤس الذي سيصيبها وستترك غضبها يدفعها لأيام لتصبح أفضل" قهقه أغدراسيل ساخرًا وقال "أتعني أنك لم تشك حتى في أن تخطِ الأمر لن يستغرق منها أسابيع؟" ارتسمت ابتسامة على وجهه وقال "إنها تستغرق أشهر للثقة بنفسها وأسابيع لتصبح مقاتلة وساعات للتغلب على نكبة ودقائق لتفاجئك بشيء جديد". 

فك عقدة ذراعيه ووضعهما داخل جيبه والتفت ليصعد لغرفته ولكنه توقف وقال "شئت أم أبيت، هذه الفتاة ليست عادية". 

ظل أغدراسيل واقفًا في مكانه ينظر لأتريوس الذي ابتعد حتى اختفى عن نظره، وضع أصابعه داخل خصلات شعره الغامقة ورفعها عن وجهه بانزعاج وزفر مجددًا ومجددًا قبل يمسح وجهه ويتمتم "ماذا يحدث لك بحق الله؟".

....

صباح اليوم التالي كانت جلنار أول من استيقظ وحدها، كان أتريوس محقًا في كل ما يظنه عنها، كان غضبها يدفعها وبقوة، أرادت إنهاء كل ما يحدث، إنهاء العنصرية بين قوم النبلاء وسكان الحدود، أرادت إنهاء ملك الظلام وحربه السخيفة، أرادت إنهاء كل شيء تراه غير عادل! 

في الماضي كانت ترى مشاهد مشابهة على الأرض، ربما ليست بقسوة ما يحدث هنا ولكن الحروب دائمة بين شعوب جنسها، التمييز والعنصرية والتنمر وغيرها من كل ما هو قبيح كان يحدث أمام عينيها، ولكنها كانت تظن أنها في مقام أصغر من أن تتدخل في هذا.

من هي لتوقف الحرب بحق الله؟ ومن هي حتى يستمع لها العالم ويعيش البشر في سلام؟ ولكن هنا! الأمور مختلفة، إنها قوية... يمكنها أن تكون قوية، يمكنها أن تكتسب القوة التي تريدها ويمكنها إيقاف هذه اللعنة المستمرة. إن كانوا يظنون أن قانونهم يحميهم فهي ليست حتى من المجرة… لا ينطبق عليها أي قانون... هي أسطورة حية. 

مع طلوع الفجر أنهت جلنار تمارين روتينية كانت تقتلها في البداية قبل أن تتدخل المنزل وتحضر زجاجة من الماء البارد. عادت للخارج وجلست فوق الأرضية تنظر للسماء الصافية بعد مساء ممطر لتتنهد وتلمس الأرض الرطبة بيدها. 

"شبه لينة" تمتمت وهي تحرك يدها فوق الأرضية وتلمس الحشائش المبتلة بندى الصباح وما زالت آثار الأمطار باقية عليها منذ يوم أمس، العلاقة بين الماء والأرض هي الأسهل والأكثر ترابطًا كما تعتقد، ولكن هناك مشكلة تواجهها، هي تخاف الماء! كيف يمكنها التحكم فيما تخاف؟ لطالما عجزت عن تعلم السباحة وقد غرقت مرتين منذ أن كانت صبية؛ مما جعلها تكره الماء. 

ومن ناحية أخرى لديها عقدة سيئة من النيران، ليست فوبيا قوية ولكنها تكره النيران وهذا كان أحد أسباب هلعها يوم أمس؛ فالمكان كان أشبه بجحيم حي! 

النظر ليدها وهي تتحول لشعلة من النيران قد يقتلها ربما!

تنهدت وقطعت بعض الحشائش بغيظ وكأنها أصبحت عادة كلما جلست في حديقة المنزل. توقفت لثانية قبل أن تمسك بالحشائش مجددًا وتحاول سحبها دون قطعها ثم تتركها، كررت الأمر أكثر من مرة قبل أن تغمض عينيها وتفعلها مجددًا، اتسعت ابتسامتها ما إن شعرت بجذور الحشائش أشبه بعروق تنبض بضعف ما إن تسحبها بقوة وكلما تركتها تعود للنبض بقوة! 

تركت الحشائش وتلمست الأرض وهي تشعر بجذور العديد من الحشائش الصغيرة قبل أن تبدأ بالشعور بجذور تنبض بشكل أكبر وأكثر ضخامة، جذور الأشجار!

كان النبض بعيدًا عن يدها مما دفعها لعقد حاجبيها بتركيز أكبر وتحاول التفكير بالجذور وكأنها تحت يديها، تريد الشعور بها، كل ما تحتاج إليه هو بعض التركيز حتى بدأت تشعر بالجذور تقترب أكثر فأكثر حتى أصبحت تكاد تلامس يدها. 

"أتمازحينني؟" فتحت عينيها بسرعة ونظرت ناحية ثونار الواقفة خلفها تنظر بصدمة وعينها قد أخذت أكبر اتساع لها "مـ… ماذا؟" تساءلت جلنار بغرابة ولكنها لاحظت عيني ثونار التي تحدق بشيء ما حولها! التفتت بسرعة لتجفل وتنهض من فوق الأرضية تنظر لما فعلته!

الكثير من الجذور الضخمة التي من المفترض أن تبقى تحت الأرض قد برزت وأصبحت تلتف حول المكان الذي كانت تجلس جلنار فيه، تشابكت حول بضعها البعض وكونت عقدة ضخمة تمددت حتى أشجار الغابة. 

"لست الفاعلة" قالت جلنار بسرعة ناظرة لثونار التي ألقت نحوها نظرة بطرف عينها وقالت "أجل، أصدقكِ بالكامل" نبرة السخرية كانت تنفي ما قالته ثونار لتقضم جلنار أظافرها بتوتر وتقول "هذا… صدقيني لا أعلم حتى ماذا فعلت! هل ستغضب واندر بسبب هذا؟".

"بحق الله! الجميع كان يتوقع اعتكافكِ داخل الغرفة لشهر قادم بينما أنتِ هنا تعبثين بقوة ما مفاجئة، أعني… لا يمكنني فعل شيء كهذا إلا بتلاوة تعويذة وتظنين أن ما سيهمها الحديقة؟" نظرت نحو الجذور المتشابكة "ما زال الأمر سيئا، لقد قمت بتشويه المكان".

"من هذه الناحية، أجل، أنتِ محقة! من ناحية أخرى... اللعنة يا فتاة، تمتلكين قدرات ما أخيرًا!" صرخت في النهاية واحتضنت جسدها قبل أن تقول "يجب أن نشرب نخبًا لهذا، سنحتفل الليلة" تنهدت جلنار بيأس وربتت على رأس ثونار الملتصقة بها وتمتمت "أجل، ستموتين إن لم تشربي ليوم واحد". 

انتبهت كلتاهما للشخص القادم من بين أشجار الغابة، جمع خصلات شعره الشقراء بالكامل للخلف للتساقط القصيرة منها فوق وجهه يبدو قميصه مترهلًا بإهمال كعادته بينما عقدة لازمت المسافة بين حاجبيه. "جاء الوحش" همست ثونار بنبرة درامية مبالغ فيها واختبأت خلف جلنار قائلة "على الجميلة أن تتعامل معه الآن" نظرت جلنار نحوها كـ 'حقًا!' قبل أن تلتفت لأتريوس الذي توقف يحدق بهما. 

عقدت حاجبيها ما إن لاحظت كدمة بنفسجية كبيرة على معصمه غطاها بكم قميصه، مفاصل يده حمراء بالكامل بينما هناك بعض الدماء الجافة التي لم تنظف كليًا والقبضة الأخرى كانت تدمي من جديد.

أرادت سؤاله عن خطبه هذا الصباح لكنها تراجعت وقالت "صباح الخير" أتريوس غامضٌ بطبعه ولن يجيب بسلاسة عن أي سؤال، كما أنه يكره الفضوليين وجلنار تحمد الله أنهما وصلا لمرحلة يتمكن كلاهما من إجراء حديث لنصف ساعة بلا شجار. 

أومأ برأسه كرد وحاول منع ابتسامة صغيرة في الظهور على شفتيه ما إن رآها خارج غرفتها هذا الصباح على عكس توقعات الجميع، ظن أنها ستستغرق نصف اليوم ربما ولكن ها هي ذا استيقظت وحدها دون شجارهما المعتاد. 

ألقى نظرة نحو ثونار التي كانت ترمقه بنظرة وابتسامة ذات معنى ولكنها بدلتهما بسرعة لأخرى حاقدة وخبأت وجهها بدرامية خلف ظهر جلنار، أتريوس يعلم أنها تتحامق وليست حمقاء… 

ثونار ليست بالشخص السهل كما يبدو، إنها الأكثر خطورة من بين الفرسان جميعًا، يمكنه توقع محاولتها في التعامل بلطف مع الجميع ويمكنه قراءة كل ما تقوم باصطناعه ولكن ما لم يفهمه حتى الآن التصاقها بجلنار! الوقت الوحيد الذي لا تتصنع فيه ثونار هو عندما تكون حول جلنار، وهذا ربما الشيء الوحيد الذي جعله يشعر أنها ليست خطرًا على جلنار. 

كاد يكمل طريقه بصمت ولكنه تجمد والتفت ينظر للجذور الضخمة فوق الأرضية، رفع عينه لثونار وقال بتكاسل "لن تكون واندر سعيدة بعبثكِ بالحديقة" ابتسمت ابتسامة واسعة ورفعت كلتَي يديها وقالت "لست الفاعلة هذه المرة، إنها أميرتك الصغيرة". 

لكزت جلنار معدتها بقوة لتتأوه الأخرى بألم، نظرت ناحية أتريوس وقالت "يبدو أن هناك أشياء لا يمكنني التحكم بها" ارتفع حاجباه بدهشة وغير وجهته من المنزل إليها وقال "أنتِ فعلتِ ذلك؟" عضت شفتيها بتوتر وقالت "لا تخبر واندر أنها أنا" حاول كتم ضحكته، يبدو أنها نالت كفايتها من غضب واندر "ستعرف وحدها، ولكن… لقد تحكمتِ بحركة الجذور!" مالت شفتيها ورفعت كتفها قائلة "حدث فجأة" حدق ثلاثتهم بالجذور الملتفة حول بعضها قبل أن يرفع أتريوس عينه ناحية جلنار وقال "لا شيء يحدث فجأة". 

....

 

قرر الثلاثة تناول الفطور بما أنهم تجاهلوا هذه الوجبة منذ أن استيقظوا وتطوعت جلنار لتحضيره بما أن أتريوس لا يفقه شيئا سوى كيفية تدمير أدوات المطبخ وثونار جل ما تستطيع فعله هو ملء كأسها بالمشروب. 

"لم أنم منذ ليلة أمس، علينا التحدث عما حدث" همست ثونار ما إن جلست مقابل أتريوس، رفع حاجبًا وقال باستغراب "لمَ تهمسين؟" ألقت نظرة ناحية جلنار وهمست مجددًا "من السيئ تذكيرها بالأمر" لم يكن أتريوس المجيب هذه المرة لأن جلنار قهقهت وقالت "أقدر ما تفعلينه، ولكن هذا أكثر همس عالٍ سمعته في حياتي، يمكنني سماعكِ من على بعد أمتار" بدلت نظرها بين ابتسامة جلنار الساخرة وارتفاع زاويا شفتي أتريوس في ابتسامة جانبية لتلقي فوقه أحد مناديل المائدة وتقول "أنت تترك تأثيرًا سيئًا عليها". 

حاولت تجاهل نظرات السخرية من الاثنين وقالت "بما أن جلنار لن تسقط باكية فسأتحدث بصوت عالٍ" رفعت جلنار حاجبًا والتفتت حول المائدة تأخذ علبة الملح قبل أن تصفع رأس ثونار بخفة. 

فركت الأخيرة رأسها وقالت "ظللت طيلة الليل أبحث بين كل تعويذات الوهم التي قد أعرفها، تلك التي كانت على الجدران… إنها من مستوى آخر مستوى أكثر ظلامًا وقوة، لقد وضعت وهمًا على منطقة ضخمة، بل أن وهمها انطلى على مجموعة لا محدودة من العقول، لا يوجد ساحرة عادية يمكنها فعل شيء كهذا". 

زفر أتريوس وقال "هناك خونة بين السحرة وهن لسن ضعيفات أبدًا" قهقهت ساخرة وقالت "لمَ الاستغراب؟ أتعلم نظام الساحرات؟ إنه ذلك النظام المثالي حيث اللباقة والقوة والخلق الحسن وتنفيذ كل أمر بلا نقاش، أتظن أنه لن يكون هناك أي عصيان؟ نمتلك جانبًا مظلما من شعبنا نسميهن بساحرات الليل، إنهن مخيفات يا رجل! يمتلكن كل تعويذة من السحر الأسود ولا يمكن لقانون إيقافهن، لطالما كانت هناك عداوة بين الملكة وعالمها الوردي وبين عالمهم المظلم". 

نظر أتريوس نحوها باهتمام وقال "ضمن أين نصف تقعين أنتِ؟" لوحت بيدها بتكاسل وقالت "لا هذا ولا ذاك! أنا مكتفية بذاتي وبحقيقة واقعي، لا أستخدم السحر الأسود في إيذاء أحدهم ولكني لا أتبع الأوامر كالحمقاء أيضًا، يمكنك القول أني أعيش وأحتفل في المنطقة الرمادية، الجميع يكره المنطقة الرمادية، إما أن تتبع الملكة وأوامرها كالغبي أو أن تعاديها وتحاول قتل كل ساحرة وتصبح مع الجانب المظلم، كونك في الرمادي يعني أنه لا سبب قد يقاتلونك من أجله". 

أمسكت بكأس شراب ظهر فجأة ما إن فرقعت أصابعها وكادت ترتشف منه إلا أن جلنار سحبته من بين يديها ووضعت آخر ممتلئًا بعصير طبيعي لتتذمر الأخرى وترتشف من كأس العصير بانصياع ما إن رمقتها جلنار بحدة. 

"لذلك الأمر سيء، أن تنضم ساحرات الليل لملك الظلام يعني أنه وعدهن بالقضاء على الملكة؛ فلا شيء مغرٍ بالنسبة لهن أكثر من هذا، ورغم أني لست من أشد المعجبات بالملكة ولكن موتها يعني فوضى كاملة وهذا مؤلم للرأس، أمامنا مشكلة سيئة، لا أعلم حتى إن كنا قد نتمكن من هزيمة ساحرات الليل" 

زمت جلنار شفتيها بينما تقلب الفطائر على الجهة الأخرى وظلت تفكر بصمت واحتفظت بدورها كمستمعة في هذه المحادثة لكنها التفت ناحية ثونار بابتسامة واثقة وقالت "سننهي الأمر! لا تقلقي" نظر الاثنان نحوها وسخرت ثونار قائلة "ثقة كبيرة من فتاة قامت بتخريب حديقة المنزل دون أن تتحكم بنفسها" توقفت يد جلنار عن العمل ونظرت لثونار بجدية وقالت "لا فطور لكِ اليوم" اتسعت عيناها وصححت خطأها بسرعة "ألا تسمعين عن المزاح؟ يا فتاة ثقتكِ رائعة، كم أتمنى نصفها" بدل أتريوس نظره بينهما قبل أن يتنهد ويهز رأسه بيأس. 

أنهت إعداد الفطور ووضعت صحنًا أمام كل منهما ولم تنسَ سحب كأس المشروب الذي ظهر أمام ثونار مجددًا وسكبه داخل الحوض لتضرب ثونار رأسها بالطاولة بتذمر. 

"إذًا لدينا مشاكل عدة، لعنة النبلاء وملك الإيربوس والآن ساحرات الليل، بالإضافة إلى أن كل ما يمكنني فعله هو تحريك الجذور من تحت الأرض… نحن هالكون" نظر نحوها أتريوس وقال "إلهي، كم أنكِ محقة!" رمقته ثونار وهي تمضغ ما في فمها وقالت "لا تكن رجلًا سلبيًا" نظر نحوها بتقزز بسبب حديثها بفم مملوء وأكمل طعامه بصمت. 

"هل كان أحدكم يعرف أن أغدراسيل كان يعمل كمعلم؟" قطعت جلنار الصمت فجأة لتنظر نحوها ثونار بأعين متسعة وتقول "معلم! أتمزحين؟" هزت رأسها نافية وقالت "لقد أخبرني بذلك، معلم للأطفال في الصف الثاني" لمعت أعين ثونار "هذا لطيف جدًا، من كان ليتوقع شيئًا كهذا؟ أعني… انظري لجسد الرجل، إلهي، وكأنه صنع حسب الوصف" قهقهت جلنار وقالت "إن نظرتِ له بعيدًا عن شخصيته القتالية فالأمر يلائمه" أومأت بابتسامة كبيرة قبل أن يتمتم أتريوس "لمَ بدأت أشعر بالقرف؟".

رمقته ثونار وقالت "غيور". لم تسمعهما جلنار ولم تلاحظ نظرات أتريوس القاتلة ناحية ثونار التي تحمحمت وابتعدت عنه ملتصقة بجلنار. 

"أتملك الكثير اليوم؟" وجهت جلنار سؤالها لأتريوس الذي حرك رأسه نافيًا لتومئ وتقول "علي التدرب أكثر" وافقها الرأي وقال "يمكننا البدء بعنصري الأرض والماء" اتسعت عينها بفزع وحاولت إخفاء ملامحها قائلة بضحكة مصطنعة "ربما نكتفي بالأرض والرياح حاليًا" عقد حاجبيه وقال "ولكن العلاقة بين الأرض والماء يـ..." قاطعته بسرعة "لا أريد الماء الآن". 

حدق بها لوهلة قبل أن تتسع ابتسامته ويتمتم "كما تريدين". 

ظلت ثونار تراقبهما بصمت وجدية، تحدق بكل حركة يصدرها أتريوس أثناء حديثه مع جلنار قبل أن تضع نظرة ذات معنى أخفتها سريعًا بابتسامتها المعتادة ما إن التفتت جلنار ناحيتها. ما إن أنهت طبقها نهضت تضعه مع الأطباق المتسخة قبل أن تنظر لهما وقد بدأ بينهما جدال آخر لتحرك رأسها وتتمتم "سأشهد على العجائب هنا". 

تحرك كل منهما بعد تناول الفطور للخارج ليبدأ تدريب جلنار بمستوى جديد، وبالرغم أنها تمكنت من فعل شيء غير عادي دون أن تقصد؛ إلا أن إعادة محاولتها لفعله باءت بالفشل، كل محاولاتها مع أتريوس انتهت بفشلها مما دفعها في النهاية لركل الشجرة بقوة والتوقف عن المحاولة. 

زفر أتريوس وانحنى يجلس على مشط قدمه فوق الأرضية وقال "لن يحدث الأمر بين يوم وليلة" التفتت تنظر نحوه وصاحت "لا نملك الوقت كله بحق الله! يجب علي إتقانه بين يوم وليلة وإلا لن يحدث أبدًا!" ظل يحدق بانفعالها بينما استمرت هي بتذمر "لا يمكنني حتى إنبات ورقة شجر واحدة، نحن متقدمون بالفعل" سخرت قبل أن تلقي بجسدها فوق الأرض وتتدحرج فوقها وهي تصيح بغيظ.

نهض من مكانه وقال "ربما علينا تجربة النيران" توقفت عن الدحرجة ونهضت جالسة فورًا ونظرت نحوه بهلع "لمَ لا نجرب الرياح؟" طرف عدة مرات قبل أن يقول "هذا سيكون صعبًا" عضت شفتيها ونظرت لقدمها وتمتمت "لا أريد النيران". 

"الأمر لا يدور حول ما تريدين وما لا تريدينه، جلنار" تنهدت وظلت تنظر لقدمها ليتقدم نحوها ويجلس أمامها ويحاول النظر لوجهها الذي تخفضه للأسفل "ما المشكلة؟" رفعت عينها نحوه وقالت "ستتصرف بلطف الآن ثم ستجحد فعلتك لاحقًا" قهقه وقال "أفعل ما يستلزم لننتهي من هذا" نقرت رأسه وقالت "فظ". 

لم تجب عن سؤاله وبدت غير راغبة في ذلك ليزم شفتيه ويقول "لنجرب مجددًا، لا تحاولي بجهد، لا تفكري بالقتال ولا بقوة كبيرة، فكري بشيء... جميل وهادئ" أمالت شفتيها بانزعاج وقالت "لن يحدث شيء". 

سحب كف يدها ووضعه فوق الأرضية وقال "فقط حاولي" زفرت ونظرت نحوه قبل أن تنظر ليده التي تحيط يدها فوق الأرضية، أغمضت عينها وحاولت الهدوء، لا أشجار ولا أحجار ضخمة فقط شيء بسيط. 

ظنت لوهلة أن ما تقوم به بلا فائدة ولكنها لم تستطع أن تنكر الشعور البسيط بشيء يمتد من تحت باطن يدها وكأنها خيوط صغيرة وأحدهم يسحبها، استمرت بالشعور بالشيء ذاته يكبر قبل أن يتوقف عن الحركة.

فتحت عينيها وهي تنظر لأتريوس الذي ينظر لشيء ما فوق الأرضية بابتسامة صغيرة. "هل نجحت؟" قهقه وقال "انظري بنفسك" وجهت عينيها ناحية الأرض لتتسع ابتسامتها وهي ترى زهرة ذات أوراق بيضاء وأطرافها وردية متدرجة. 

"رائع، سأقاتل ملك الإيربوس بزهرة جميلة" رغم سعادتها بنجاح بسيط إلا أنها لم تمنع سخريتها ولم يمنع أتريوس قهقهته البسيطة قبل أن يقول "كل على حدا". 

أمضى كلاهما باقي النهار في المحاولات الفاشلة وفي نهاية اليوم عادا للمنزل تاركين أول زهرة صنعتها جلنار وسط الغابة. 

ما إن دلف كلاهما للمنزل حتى رأت تجمع بين افراد المكان، تأوهت ونظرت لأتريوس هامسة "أكره هذا التجمع، هناك شيء سيء غالبًا" أومأ متفقًا معها وهمس "اهربي". حاولت ألا تضحك بسبب تعبيرهم الجدية وقالت "أخبروني بشيء جيد بالله عليكم". 

تبادل الجميع النظرات بينما ظل أوكتيفيان يحدق بورقة بين يديه بدت مصنوعة من أفخم أنواع الورق. رفع رأسه نحوهما وقال "إنها دعوة ملكية" تنهدت براحة بما أن الأمر لا يعنيها ولكنها تجمدت ما إن قال "إنها خاصة لواندر وقريبتها". 

التفتت تنظر لواندر الجالسة في مكانها بهدوء ليكمل أوكتيفيان "الدعوة ليست من الملكة، إنما هي خاصة بعائلتين نبيلتين، إحداهما عائلة كليسثينيس" تذكرت جلنار على الفور سيدة العائلة ذات الشعر الأشقر والعينين العسليتين الحادة وسيف أخاها كاليسفار. "والعائلة الثانية هي عائلة ألفن، ذكر هنا اسم كل من الأخوين فلوريان وبنجامين ألفن" دحرجت عينيها والتقطت الورقة من بين يدي أوكتيفيان تنظر لها. "إنه ليس حفلًا أو ما شابه، هكذا تحل العائلات النبيلة المشكلات الخاصة بها داخل القصر الملكي" فسر هارليك الجالس فوق بار المطبخ ويحدق بقلق. 

ألقت جلنار نظرة أخيرة على الدعوة بملل قبل أن تقطعها لنصفين ثم لأجزاء أصغر وتلقيها في أقرب سلة نفايات وسط نظرات الجميع المندهشة. 

"جلنار، ما الذي…!" صاحت واندر لتقول جلنار "يمكنهم أن يحترقوا في الجحيم، لن أتحرك من مكاني وأضيع المزيد من الوقت، من يريد محادثتي فليحرك قدميه الكسولة إلى هنا ويأتي للحديث". 

ظل الجميع يحدق بها بصدمة قبل أن تنفجر ثونار في الضحك ويتبعها جوزفين الذي مال عليها ممسكًا بمعدته. "البقاء مع هذه الفتاة يعني مفاجآت بكل ساعة" تمتم لافيان بابتسامة ليقهقه زوندي موافقًا له. 

"أتظنين أن المشكلة قد تنتهي بهذه الطريقة؟" قال أرتيانو بلا مبالاة لتجيب بلا مبالاة مماثلة "ومن أخبرك بأنني أريدها أن تنتهي؟ من أخبرك أنني أضعها كمشكلة في المقام الأول حتى؟ كل ما حدث هو أنني كسرت غرور طفل مدلل، إن كانت هذه مشكلة بالنسبة لهم فليحاولوا حلها، لا شأن لي". 

"جلنار، ستجلبين مشاكل أنتِ في غنى عنها" قالت واندر بقلق لتقول "أراهن أن بإمكاني جعلهم يركضون من هنا بأعين دامعة" كل ما كان يدور في عقلها هو كارولوس ولكنها لن تكون أنانية بتوريطه في هذا. "هذه ليست شجاعة، إنه تهور وغباء، إنها دعوة رسمية من القصر الملكي مجرد تقطيعها لن يحل الأمر! تلبية الدعوة قانون واضح" نظرت لأوكتيفيان ببرود وقالت "خبر جديد، أنا لست ضمن مجرتكم الحمقاء وقانونكم غير سارٍ علي، وحتى إن كان سارٍ فأنا لا أهتم، من يريد التحدث فنحن نملك أرائك كافية للجلوس عليها". 

رفع أوكتيفيان شعره بغضب مكتوم ونظرت واندر لأتريوس الهادئ وقالت "قل شيئًا ما لها" نظر لواندر قبل أن ينظر لجلنار بجدية ويتنهد قائلًا "جلنار" نظرت نحوه بنظرة 'لا تحاول' لكنه أكمل متجاهلًا نظرتها:

"أحسنتِ عملًا" 

زاد صوت ضحكات ثونار وجوزفين بينما حرك أوكتيفيان رأسه وكأنه قد توقع شيئًا مماثلًا، أما واندر نظرت لكليهما بصدمة. اتسعت ابتسامتها وهي تنظر لأتريوس وتمنع نفسها بصعوبة من رفع كفها وتصرخ 'أعطني كفك!'. 

"رفاق الدعوة موجهة لجلنار وواندر، هما من يقرران، لا نحن" تحدث تينر جام بمنطقية من بين الجميع ليربت لافيان على كتفه قائلًا "أحسنت قولًا يا صاحبي" في تلك اللحظة دخل رومياس بوجه مبتسم وصاح "جلنار، أنـ..." توقف ما إن لاحظ النظرات العابسة والأجواء المكفهرة ليرطب حلقه بتوتر ويقول "ما الخطب؟" سحبته ثونار وهي تحيط ذراعها حول عنقه مما أزعجه وهمست "تابع بصمت". 

نظرت جلنار لواندر وقالت "إن أردتِ الذهاب فلكِ ذلك ولكني لن أفعل، أعلم أن الدعوة لها علاقة بما حدث في السوق الشعبي، أي أنني المقصودة غالبًا؛ لذلك لا أريد توريطكِ في مشاكل بسببي، لا تذهبي وإن حدث شيء سأتدبر الأمر".

"عن ماذا تتحدث؟" همس رومياس لتهمس ثونار في المقابل "تلقت دعوة من عائلة ألفن وكليسيثنيس للقصر الملكي بسبب ما حدث في السوق ولكنها ترفض الذهاب" أخرج 'أوه' وهو يتابع الحدث. 

"جلنار، علينا فقط إنهاء الأمر بسلام" دحرجت عينها وقالت "الأمر منتهي بالنسبة لي، دعينا نبقى هنا وإن حدث ضرر ما فسأهتم بالأمر، أنا ابنة التوبازيوس، ألست كذلك؟" صمتت تنظر لها بتردد قبل أن تحول عينيها لأتريوس الذي بدا موقفه واضحًا من هذا الأمر. 

"دراكوس يظن أن جلنار محقة" نظر نحوه الجميع لتصيح جلنار "أها، حتى داركوس موافق! لحظة، هل اتفقت معه؟" اتسعت ابتسامته ولكن قاطعهما زوندي قائلًا "هل نفوت شيئًا ما هنا؟ من دراكوس؟" نظرت لهم جلنار وقالت "أقوى فرد في مجموعتنا، ذئب رومياس" حرك لافيان يده وتمتم "لا نية لي في التدخل في موضوع رومياس المعقد أيضًا". 

تنهدت واندر ونظرت لأغدراسيل عله يساند القرار السلمي لكنه رفع كفيه وقال "لا أحتاج لسماع تفسيرات، أنا مقتنع تمامًا بطريقة جلنار" جمعت جلنار قبضتها وهمست بـ 'أنا أفوز'. تنهدت واندر باستسلام وقالت "لنرى لأين سيوصلنا هذا". 

اتسعت ابتسامة جلنار بانتصار قبل أن يجذب انتباهها يوجين الذي يهبط السلالم ويسأل بغباء "ماذا حدث؟".

....


مر يومان آخران وجلنار ما زالت تحاول التقدم في استعمال عنصر الأرض، ولكن ينتهي يومها بإحباط بسبب تقدمها البطيء والذي يكاد يكون معدومًا كما تظن.

ظنت أن العائلة النبيلة قد تصدر رد فعل عنيف على تجاهل الدعوة ولكن كل شيء كان هادئا، لكن لا يتفق أوكتيفيان في هذا؛ فقد حذر جلنار من هذا الهدوء؛ فهو أكثر الأشخاص تعاملًا مع العائلات النبيلة والملكية.

ظلت عصر اليوم تحاول التدرب مع يوجين بينما قرر أتريوس تركها وحدها لأنه في حاجة لبعض التدريب الذي أهمله مؤخرًا، عندما شعرت بالملل والإحباط قررت التوقف والعودة للمنزل ولكن بينما تتحرك لمحت شيئًا يتحرك بسرعة بين الأشجار، وقفت بحذر ونظرت ليوجين وقبل أن يتحرك كلاهما خرجت "بو!" صغيرة من خلفهما دفعتهما للصراخ.

التفتت تنظر للفاعل لتلكم صدر رومياس وتصرخ فيه بتأنيب "لقد كاد قلبي يتوقف، مزاحك سخيف!" عض شفتيه وحرك شعره وحاول ألا يبتسم وقال "أعتذر ولكن كان ممتعًا" رمقته بطرف عينها وقالت "لم يكن سخيفًا بالكامل، لقد نلت مني" التفتت تنظر له بالكامل، يرتدي قميصًا قطنيا ضيقا بلا أكمام يبرز عضلات جسده الصلبة وقد سرح شعره للخلف على غير عادته مما أبرز حاجبيه الكثيفين وعينيه اللامعتين باللون الأزرق القاتم.

"لقد نجح الأمر!" قال بابتسامة واسعة لتلاحظ جلنار غمازة خفيفة تنتصف ذقنه تكاد تكون ملحوظة، ابتسمت وقالت "أخبرتك... ألم أفعل؟" أومأ وقال "من الواضح أن دراكوس ليس سيئًا لهذا الحد ولكن..." تغيرت تعابيره وعقد حاجبيه لتتساءل جلنار "ولكن ماذا؟" أسند ظهره على الشجرة خلفه وقال "هناك شيء غريب يحدث! إنه... لا أعلم، غير طبيعي، لم أخبر سكارليت بعد ولم ترَ هي الأمر".

عقدت جلنار ذراعيها معًا وألقت نظرة سريعة نحو يوجين الذي بدا مهتمًا بحديث رومياس "أي أمر؟" أخذ نفسًا ورفع يده قائلًا "هذا الأمر" انقبضت عضلات يده وبرزت مخالبه وبدا الأمر طبيعيًا حتى هذه اللحظة، وقبل أن تسأل جلنار عن الغريب في الأمر بدأ شيء غريب يظهر حول ذراع رومياس كلها.

كان هناك شرارة زرقاء أشبه بالماس الكهربائي قبل أن تتحول الشرارة لتيارات أشبه بالصاعقة بين يديه وتلتف حول ذراعه كالكهرباء.

حدقت جلنار بذراعه بصدمة لكنه ابتعد عنها والتفت لأحد الأشجار ولوح بيده وفي ثانية كانت مخالبه قسمت الشجرة نصفين وقد تركت آثار حرق حول القطع.

أعاد رومياس مخالبه وبدأت الشرارة تختفي شيئًا فشيئًا حتى انعدمت تمامًا. رفع عينه لجلنار التي ما زالت تحدق بالجذع بصدمة قبل أن ترفع عينيها نحوه "هذا… إلهي، رومياس، هذا مذهل" أومأ وراقب رد فعلها، عقدت حاجبيها وفكرت لوهلة، سندفال كانت تملك شيئا مشابها... هذا يعني أن رومياس وذئبه يملكان قدرات مختلفة عن باقي أبناء جنسه.

رفعت عينيها نحوه بابتسامة جانبية كبيرة وقالت "لمَ لا تتحول ويحاول دراكوس الركض؟" عقد حاجبيه بتعجب وقال "ما الفائدة؟" قرأ يوجين ما تحاول فعله ليقهقه ويتمتم "ّذكية". نظرت هي لرومياس وقالت "فقط استمع لي، اذهب لمكان فارغ من أي أشجار وعوائق واركض بأقصى سرعة تملكها، لا تحاول منعه ولا يجب عليه إبطاء سرعته، فقط افعل ما قلت، هيا!" ارتفع حاجباه وقال "الآن؟" أومأت بحماس.

"حسنًا، أعرف مكانًا ما..." تمتم قبل أن ينظر لجلنار ويقول "سترافقينني، صحيح؟" نظرت نحوه قبل أن تنظر ليوجين ليقول "لا نملك شيئًا لنفعله في الوقت الحاضر" ابتسمت وأومأت لرومياس، انحنى فوق ركبته وقال "اقتربي، سأحملكِ فوق ظهري، سنصل أسرع" أخرج يوجين صفيرًا لتتنهد جلنار وتتحرك لتنحني فوق ظهر رومياس وتحيط عنقه بذراعيها.

رفعها قبل أن يتحرك بسرعة أصابتها بالدوار، المفاجئ بالنسبة لها هو أن يوجين نافس رومياس في سرعته بينما يحلق بجوارهما.

توقف كلاهما أمام مساحة ضخمة من الخلاء، قفزت جلنار بخفة من فوق ظهر رومياس ووقفت فوق قدميها تنظر للمكان، أخذ رومياس نفسًا وتمتم "حسنًا إذًا..." انقبضت عضلات جسده وبدأ هيكل جسده ينكمش قبل أن تسمع جلنار صوت تحطم عظامه مما أصابها بقشعريرة سيئة وخلال دقيقة كان دراكوس بفرائه الثلجية وعدسة عينه الخضراء يقف أمام جلنار وينظر نحوها.

لطالما كان من السهل التحدث عن الدراكوس بينما لم يكن موجودا جسديًا أمامها، ولكن حضوره الآن أشعرها بمزيج من التوتر والحماس "دراكوس، يسعدني لقاؤك، رغم أنني رأيتك سابقًا" قالت بتوتر ليومئ برأسه ويخرج زمجرة بسيطة وانقبض قلب جلنار ما إن استطاعت سماعه يقول "ابنة التوبازيوس كما يقولون، من الجيد مقابلتك" اتسعت عيناها وقالت "لحظة، ماذا حدث للتو؟" ظل يحدق بها بتعجب قبل أن تسمع صوته مجددًا "ما الخطب؟" بدا وكأن سؤاله موجهًا لرومياس، لا لها.

"هل من الطبيعي أن أسمع ما تقوله في عقلك؟" اتساع طفيف بدا على عيني دراكوس "أتسمعينني؟" أومأت هي ليتوقف لثانية يحدق بها قبل أن يقول "هذا ليس عادي، ولكن… أظن أنه عادي لابنة التوبازيوس" طرفت عدة مرات بتعجب ليقول "رومياس مذهول أيضًا" فكرت لوهلة قبل أن تقول "هذا يعني أنني أتمكن من سماعك عندما تكون في هيئتك لا هيئة رومياس والعكس صحيح" زمجر وقال "يبدو أن هذا ما يحدث".

ظل يوجين يحدق بجلنار ودراكوس بتعجب وأدرك الشعور الذي راود هارليك عندما تتحدث له وهو لا يراه، بدا وكأنها مجنونة تتحدث مع الحيوانات.

"إذًا كل ما تقترحينه هو الركض بأقصى سرعة" أومأت جلنار ليلتفت دراكوس ويقول "هذا سهل" أعاد قائمته الخلفية وانحنى بجسده كاستعداد قبل أن ينطلق بسرعة جعلت من المستحيل ملاحظة حركة جسده من سرعته.

التفت حول المكان بسرعة كبيرة وفي كل مرة تزداد سرعته واتسعت ابتسامة جلنار وهي ترى ما توقعت حدوثه، الشرارة الزرقاء ذاتها التي كانت تلتف حول ذراع رومياس بدأت تظهر حول جسد دراكوس كتيار كهربائي وأصبحت قوية، قبل أن يختفي دراكوس من أمام أنظار جلنار ويصبح غير مرئي، فقط كل ما يدل على وجوده هو الشرارة الزرقاء التي يخلفها مكانه.

توقف فجأة أمام جلنار تمامًا ليضرب جسدها موجة هواء قوية نتيجة سرعته، نظرت لجسده الذي ما زال الشرار يحيطه قبل أن يختفي شيئا فشيئا "هذا ما أردتِ حدوثه!" حركت رأسها قائلة "لا شكر على واجب". قفز دراكوس من فوقها وابتعد قبل أن تسمعه "سيجد رومياس شيئا ليرتديه ويعود" ثم اختفى.

نظرت ليوجين الذي كان يهتز بحماس قبل أن يصرخ "لدينا ذئب أشبه بصاعقة جليدية بيننا!" فكرت لوهلة وقالت "صاعقة جليدية… أعجبني، سندفال كانت تميل للون الحار ورومياس للبارد، الأمور تزداد حماسا" ضحك يوجين بسعادة قال "لمَ أشعر بالحماس واللعنة؟ لست أنا من تحول".

نظرت نحوه باهتمام وقالت "بذكرك، لم أعلم أن سرعتك قد تجاري سرعة رومياس!" رفع كتفيه ووضع ابتسامة فخورة وقال "لا تستهيني بشبح مرافق لابنة التوبازيوس" قهقهت وقالت "لا، بجدية، يوجين. منذ متى وأنت بهذه السرعة؟" طرف وصمت لمدة قبل أن يقول "لا أملك فكرة".

قطع حديثهما رومياس الذي عاد بينما يرتدي ملابسًا مشابهة للتي تمزقت ولكن كانت خصلات شعره بيضاء اللون كفراء دراكوس وعينيه تعود تدريجيًا للونها الطبيعي، الأزرق القاتم.

"ما حدث كان... ماذا كان بالضبط؟" بدا مشوشًا ومذهولًا بينما يبدل عينه بين جسده وبين جلنار "ما حدث أن قدراتك تفوق أي مستذئب آخر، تفوق الليكان حتى" أخرج نفسًا مذهولًا وقال "هذا غير صحيح" عقدت ذراعيها وقالت "إنه كذلك، ما فعله دراكوس بالمناسبة يمكنك فعله بجسدك الآدمي" اتسعت عيناه وقال "أتمزحين؟".

حركت عينيها تحدق بشعره الذي بدأ يعود للونه تدريجيًا وأجابت "لا! أنا واثقة من ذلك، ولكن يكفي ما حدث اليوم، لا أعلم قدر تحملك لهذا القدر من الطاقة" أومأ موافقًا بينما ابتسامة حماس كبيرة مرتسمة على وجهه.

عاد كلاهما يتبعهما يوجين للمنزل بينما ظلت جلنار تتحدث وتنصح رومياس بلا انقطاع عما عليه أن يفعل ليتقن استخدام قدراته.

دلفا للمنزل لتمدد جلنار جسدها وتلقيه فوق الأريكة بكسل، تحرك رومياس للمطبخ وأحضر لكليهما طبقا مليئًا بوجبات سريعة من صنع واندر وجلس بجوار جلنار واضعًا الطبق بينهما وناولها زجاجة من العصير البارد.

"أتعلم، رومياس؟ إن جئت يومًا ما إلى الأرض سأريك أفضل مكان للمرح هناك، سننسى كل هذا المجهود ليوم كامل في مدينة الألعاب" عقد حاجبيه وقال "مدينة الألعاب!" أومأت وقالت وهي تحرك يدها بحماس "هناك الكثير، قطار الموت أشبه بعربات تسير وتدور بشكل جنوني، وهناك العجلة الدوارة، إنها رائعة! كما أن هناك منزل الرعب حيث يمكنك السير داخل الطرقات المظلمة وترك بعض الأشخاص يقومون بإرعابك، وهناك غزل البنات والآيس كريم والكثير من المرح".

لمعت عيني رومياس وقال بفضول "لديكم أماكن كهذه؟" ضحكت وهي تتذكر الأوقات التي كانت تمضيها في مدينة الألعاب "إنه مكان ممتع حقًا" ضحك لتعبير وجهها المستمتع وقال "لا بد أنكِ تذهبين إلى هناك كثيرًا" لانت ملامحها وقل حماسها وقالت "على الإطلاق، لم أذهب إلى هناك منذ أن كنت في..." صمتت تحاول الحساب قبل أن تقول "عندما كنت في الثالثة عشر تقريبًا".

"أتمنى رؤية وطنك حقًا" ابتسمت جلنار وتمتمت "سأعمل لجعل أمنيتك حقيقة".

حدق رومياس بها قبل أن يبتسم ويقول "لابد أن رفيقك قلق جدًا بسبب اختفائك، إنه محظوظ بك" نظرت نحوه بتفاجؤ وقالت "رفيقي!" مسح على مؤخرة رأسه بتوتر وقال "أعني حبيبك" لوحت بيدها وقالت "لا أملك واحدًا" نظرت نحوه وابتسمت بخبث وهي تميل نحوه وقالت "أتريد أن تكون أنت حبيبي؟".

احمر وجهه بخجل وظهر الذعر على وجهه وحرك يده بسرعة قائلًا "لـ… لم أقصد أمرًا مماثلًا، أعني… أنتِ رائعة و... أنا فقط أراكِ كشقيقة كما... أعني أنه..." انفجرت في الضحك وهي تحدق بوجهه المذعور قبل أن تعبث بشعره الحريري وتقول "انظر لوجهك، لا تقلق سأجد فتاة جميلة من أجلك… لحظة، سيدة القمر ستدبر واحدة من أجلك، رفيقة، صحيح؟".

بهتت ملامح وجهه واختفت ابتسامته وانخفضت اكتافه وهمهم بصمت مما دفع جلنار للتوقف عن المزاح والنظر نحوه بقلق لكنه تمتم "لقد دبرت بالفعل" بدا وكأنه يتحدث لنفسه لا جلنار، ولكن لصمت المكان ووجودهما فقط ويوجين المستلقي وهو محلق يراقبهما بملل، سمعته.

"لديك رفيقة بالفعل!" قالت بدهشة ولكنها لاحظت فكه الذي انقبض وانخفاض رأسه الذي سبب تساقط خصلاته السوداء لتغطي عينيه، راقبت رد فعله الغريب وقالت "أعتذر… أقلت شيئا لا يجدر بي قوله؟" حرك رأسه نافيًا بسرعة ورسم ابتسامة مصطنعة بالكامل وقال "بالطبع لا".

صمت كلاهما بينما بدا هو كشخص يحاول كبت كل تلك التعابير بصعوبة مما دفع جلنار للتربيت على ظهره وقالت "تعلم أنه لا بأس إن أردت الحديث معي" صمت قبل أن يمسح وجهه ويقول "لا بأس حقًا، لا أعلم ما الخطب معي".

حاول الضحك ولكن ما إن نظر لجلنار وتعبير وجهها الذي لم يتغير ولم تبتسم لتجاريه تنهد وعبث بشعره بضيق وقال "حقًا لا بأس، الأمر فقط أنه..." صمت لوهلة قبل أن يقول بنبرة منخفضة "تم رفضي".

شعرت جلنار بقلبها ينقبض لتلك النبرة، تساءلت لوهلة كيف يمكن لنبرة في كلمة واحدة أن تجسد الانكسار واليأس والحزن معًا! تعلم عن أسطورة سيدة القمر وأنها قدرت لكل مستذئبٍ رفيقا ورفض رفيقك بمثابة قتل قلبك من الألم.

ظلت مكتفية بصمتها تحدق به تاركة مساحة له إن أراد الحديث.

"لم أكن أتوقع الكثير، لم أتوقع رفيقة في المقام الأول، ولكن عندما بلغت الثامنة عشر كانت رفيقتي أحد أفراد القطيع، آرثي" تنهد وابتلع غصة قوية واهتز صوته في النهاية لتمسح جلنار على ظهره بمواساة.

"لن أتمكن من نسيان تلك النظرة التي رمقتني بها، عندما اكتشف كلانا الأمر بدت متفاجئة ومستنكرة... حاولت بشدة إخفاء الأمر بقوة ولكني قرأت عينيها منذ اللحظة الأولى، بدت وكأن حكمًا بالإعدام نطق على روحها، هي ليست سيئة، الأمر كان خارجا عن سيطرتها ربما"

صمت لوهلة وبلل شفتيه وظلت عيناه مثبتة على يديه "تلك الرابطة لا تعني شيئا بالنسبة لها، قالتها بعد يومين من اكتشاف الأمر... قالت أن الأمر ليس شخصيًا وأن المشكلة ليست أنا، بل هي. المضحك أني سمعت حديثها في اليوم ذاته مع صديقتها... قالت أنها تشعر باستصغار كبير لكونها رفيقتي وأنها صاحبة أسوأ حظ".

اتسعت عين جلنار ولم تتمالك نفسها قبل أن تتفوه بلفظ بذيء دفع رومياس برفع رأسه والنظر نحوها بصدمة، عضت شفتيها وقالت "أريد القول آسفة ولكني لست كذلك" ضحك رومياس ضحكة حقيقية هذه المرة وتمتم "أنتِ غير معقولة".

"نهاية الحكاية أنني أخبرتها أنه لا بأس إن أرادت الانفصال وهي قامت بذلك بلا تردد ثم..." صمت وانكمشت ملامحه وبدا وكأن شيئا أكبر من انكسار رابطتهما قد حدث.

"لا تخبرني إن لم تكن ترغب في ذلـ..."

"لقد ارتبطت بأخي الذي يكبرني بثلاث سنوات"

تجمدت جلنار بصدمة وكان هذا دور يوجين للتلفظ بلفظ بذيء "تعني أن سيلين منحتها رفيقًا ثانيًا... شقيقك؟" حرك رأسه نافيًا وابتسامة صغيرة على وجهه وقال "لقد كانت في علاقة مع أخي سرًا قبل أن يظهر رفيقها حتى، وعندما انفصلت عني أعلن كلاهما علاقتهما في اليوم التالي و... عاشا في سعادةٍ في النهاية".

رفعت جلنار خصلاتها بعيدًا عن وجهها وظلت تنظر بصدمة حولها تحاول استيعاب كل ما حدث مع رومياس "هذا... هذا حقير جدًا" تمتمت ليقهقه ويقول "غير مهم الآن، حدث هذا منذ مدة طويلة و... لم أكن لأجبر شخص على البقاء معي بينما هو لا يريد، لقد أحبت شقيقي منذ البداية، من أنا لأتدخل؟".

نظرت نحوه بعدم تصديق وقالت باستنكار "من أنت؟ واللعنة أنت رفيقها، أنت شقيق لرجل لعين، هل لكمته حتى؟ أتقول أنك ترى وجهه كل يوم وتراهما معًا دون محاولة قتله؟" انفجرت بلا إرادة قبل أن تزم شفتيها بندم وتنظر لرومياس الذي وضع ابتسامة صغيرة لحديث جلنار.

"أعتذر، الأمر فقط... أتعلم ماذا؟ اللعنة على كليهما، من الجيد أنكما انفصلتما، إنها لا تستحق رجلا مثلك، في النهاية ما حدث كان الأفضل، أنا على يقين أن سيلين ستضع في طريقك امرأة رائعة، وإن لم تفعل فسأجد واحدة من أجلك وإن عنى ذلك أن أبحث في الكواكب الاثنا عشر" هربت ضحكة من بين شفتيه قبل أن ينظر نحوها بامتنان.

"جدي رجلًا لكِ أولًا ثم ابحثي عن أحباء للآخرين" دحرجت عينيها ورمقت يوجين ليرفع كتفيه ويتمتم "الحقيقة مُرة".

"الأمر يؤلم فقط بسبب تلك الرابطة، ولكن إن كانت الرابطة غير موجودة لما كان الأمر سيئا كما يبدو، إنه فقط…" صمت قبل أن يحرك شعر بتوتر، ضربت جلنار ظهره بقوة وصاحت لتبدد الأجواء الكئيبة التي حلت بالمكان "أتعلم ماذا؟ إن توقفت عن النظر للأسفل في كل مرة وجعلت ظهرك مستقيمًا ومشيت بكل ثقة بينما ترفع شعرك للخلف مبرزًا هذا الوجه مع ابتسامتك اللطيفة؛ صدقني المئات سيلتففن حولك ليلًا ونهارًا، سيقعن لك، أعني يا رجل! أنا بالكاد أمنع نفسي من الوقوع لك".

"انظروا من تتحدث، السيدة السابقة وملكة الجاذبية في جامعة أكسفورد كاسرة قلوب الرجال" تجهم وجهها وعضت شفتيها بغيظ قبل أن تتمتم "لعين".

ضحك رومياس وقال "سأحتاج وقتًا لفعل كل هذا" التفتت نحوه وابتسمت وهي تنظر لهيئته قبل أن تقول "انسَ ما قلته، رومياس الذي أمامي أفضل بمائة مرة من زير النساء الذي وصفته قبل قليل، ستكون محظوظة تلك التي ستمتلك هذا الفتى اللطيف".

حاول إخفاء خجله والرد بثقة قائلًا "شكرًا، أعلم ذلك" صرخت وهي تسحب خده بقوة "لطيف جدًا".

"إن كان ما وصفته قبل قليل هو زير النساء فهذا يعني أن أكثر من نصف رجال إنجلترا يصنفون كزيَرة نساء" تظاهرت بالتفكير قبل أن تهمس "تقريبًا" نظر لنفسه لولهة قبل أن يبتسم ويقول "اللعنة، كم امرأة واعدت إذًا؟ لابد أنني كنت في الصدارة!".

"هناك شخصان يأخذان استراحة هنا، جريمة!" صرخ جوزفين مشيرًا لهما ما إن دلف للمنزل. "لدينا وجبات خفيفة" قالت جلنار مشيرة للطبق ليركض ويقفز فوق الأريكة ويأخذ الطبق قبل أن يصرخ "لا بأس، نهض هذان الشخصان ليتدربا للتو!" قبل أن يغمز لجلنار ويملأ فمه.

"إذًا ما هو الحديث المهم الذي كنتما تناقشانه؟" قال مشيرًا لها "كنا نتحدث عن كم أن رومياس جذاب وأنني معجبة به" قالت ليضع ابتسامة خبيثة ويشير لرومياس قائلًا "أحسنت يا فتى" ابتلع ما تبقى في فمه وقال "حاولي ألا تنجذبي لباقي مُجمع الرجال الوسماء هنا" زمت شفتيها متظاهرة بالتفكير قبل أن تقول "متأخر للأسف، أنا معجبة بلافيان وتينر جام وأوكتيفيان أيضًا، حتى أني أعجبت بزوندي وأمنع نفسي من الوقع لهارليك، وأعجبت بأغدراسيل سابقًا"

ابتسم ابتسامة جانبية وقال "ماذا نفعل؟ نحن الوسيمون حياتنا صعبة" نظرت نحوه وقالت "لا أتذكر أنني ذكرت اسمك" توقفت يده في منتصف الطريق للطبق ونظر نحوها بصدمة بينما انفجر رومياس في الضحك "على الأقل لم تذكر أتريوس" تمتم بغيظ.

"أوه، نسيت إخبارك، بدأت أرى أتريوس جذابًا" ألقى الطبق نحوها وصاح "ليس عدلًا!" ربتت على كتفه وقالت "الحياة ليست عادلة، صديقي".

انضمت ثونار لهم وهي تقول "لا تقلق، أجدك جذابًا" اتسعت ابتسامته والتفت نحوها "حقًا!" أومأت قبل أن تقول "جذابًا بالنسبة لطفلة في العاشرة من عمرها" نظر نحوها بحقد بينما هي ربتت على رأسه وقالت "لا تحزن يا صغيري".

"لن تصدقوا هذا، رومياس يتحسن كثيرًا، أصبح متمكنًا من قدرات جديدة! إنه أشبه بـ..." صمتت تحاول إيجاد الكلمة المناسبة قبل أن تنظر ليوجين وتبتسم وتقول "أشبه بصاعقة جليدية" أصدر كل من جوزفين وثونار 'أوه' معجبة مما جعل رومياس يتوتر بخجل ويتمتم "ليس رائعًا جدًا".

رفعت حاجبًا نحوه قبل أن تنظر لرفيقيها وتقول "عندنا ترى ذئبا يركض بسرعة ثم يتحول لشرار أزرق ولا تراه لشدة سرعته، ماذا ندعو هذا؟".

نظر الاثنان لرومياس بصدمة قبل أن يصيحا معًا في الوقت ذاته "معجزة!" ابتسمت بثقة وفخر وهي تنظر لرومياس الذي حاول إخفاء ابتسامته.

"أشعر بتحسن، أنا أدير هذا الفريق على قدم وساق" تمتمت وهي تنظر لهم بفخر "لا تكوني واثقة لهذا الحد، تبدين حمقاء" همس يوجين بجانب أذنها لتنظف حلقها وتنهض قائلة "حسنًا، سأذهب للمباشرة بتدريباتي، اقضوا وقتًا ممتعًا ولكن لا تبالغوا".

لوحت لهم قبل أن تخرج من المنزل، نظر نحوها جوزفين قبل أن يقول "طفلتنا تكبر" أومأ الإثنان بجواره بتأثر.

لحق يوجين بها ليسير كلاهما معًا. "ذلك الفتى حقًا مسكين" قال قاصدًا رومياس لتتنهد وتقول "لم أكن أمزح، لربما شيء أفضل مخبأ من أجله" همهم ثم صمت لوهلة ولكنه عاد يقول "لا يمكنني تخيل نفسي أنظر كل يوم لشقيقي بينما يواعد زوجتي بعد أن انفصلت عني، لا أتذكر من أخي لكن أتمنى ألا يكون بقدر حقارة أخيه... هل أملك أخًا حتى؟ أتمنى أن أمتلك شقيقة صغرى لطيفة أعتني بها، وربما أخ أكبر… لا، سيكون متسلطًا! تعلمين، أخ أكبر عاقلً ويحب تلبية كل طلباتي و…".

نظرت نحوه جلنار وقاطعته قائلة "وما رأيك بتوأمين أصغر منك وأخ أسباني وسيم، وربما أخت من الفضاء الخارجي؟" اتسعت عينه وقال "سيكون هذا رائعـ... أوه، فهمت الأمر، لقد تماديت".

"أنتِ هنا!" التفتت تنظر نحو صاحب الصوت، عقدت حاجبيها وقالت "ماذا أصاب رأسك؟" خطت نحوه تتفحص الجرح فوق رأسه "ربما بالغ كل من هاميدال وأنا في القتال" تمتم لترفع شعره بعيدًا عن وجهه بتلقائية وتلمسه بحذر.

نظر نحو وجهها القريب وعينيها المتعلقتين بالجرح وقد أخذت شفتها السفلية بين أسنانها وعقدت حاجبيها بتعابير متألمة، حاول إبعاد عينه بعيدًا عن وجهها، بعيدًا عن شفتيها على الأقل.

"أنتِ قريبة لدرجة أنه إن قبلكِ سأقول أنكِ المخطئة" اتسعت عينها ما إن صدح صوت يوجين الساخر قبل أن تنظر نحو وجه أتريوس وتبعد يدها بسرعة وتأخذ خطوة كبيرة للخلف، نظفت حلقها وقالت "يبدو أنك قمت بتعقيمه" أومأ بهدوء قبل أن يزيح عينه بعيدًا عنها.

"وها هي اللحظة المحرجة" تمتم يوجين وهو ينظر لكليهما باستمتاع "سأذهب لإحضار بعض كبسولات العناصر، أتريدين المجيء؟" عقدت حاجبيها وقالت "في السوق؟" حرك رأسه نافيًا وقال "دينف يبيعها في مكانٍ قريب من السوق" فكرت لوهلة قبل أن توافق وتتحرك لمرافقته.

تحرك يوجين مبتعدًا عنهما لتنظر نحوه بتعجب "سأذهب لرؤية كارولوس لأنني على عكسكِ لا أهمل حيواننا الأليف، مرافقتكما مملة" دحرجت عينيها وتحركت بصمت نحو المركبة التي كانت موجودة في مكان قريب.

حلقت المركبة مبتعدة عن المكان متجهة لمقصدهما "لمَ تريد شراء الكبسولات؟" زفر بانزعاج وقال "ليست لي، إنها لأوكتيفيان" اتسعت عيناها والتفتت نحوه بكامل جسدها وقالت "أنت تقوم بشيء من أجله!" رمقها بطرف عينه وقال "أفضل قتله على فعل ذلك، ولكنه أحضر حزامًا جديدًا من أجل الفأسين عندما كان في السوق، أرد الدين له".

حدقت به لمدة وقالت "تعرف أنه ليس عليك فعل ذلك، افعلها بدافع المساعدة، لا دين!" أخرج قهقهة ساخرة وقال "عليكِ سماعه وهو يذكر الأمر كل دقيقة" ضحكت بقوة وقالت "تبدون كأطفال" تمتم قاصدًا إسماعها "انظروا من يتحدث" رمقته بانزعاج وآثرت الصمت.

هبطت المركبة وقفز كلاهما خارجها، نظرت جلنار للمكان من حولها، بعض البنايات المتفرقة وعلى مسافة منها كان هناك ما يشبه المجمعات السكنية وحولها بعض المنازل الصغيرة ذات الصناعة الرديئة.

تحرك أتريوس لتتبعه بسرعة حتى لا تتوه بالرغم من أن المكان ليس مزدحما كالسوق؛ ولكنها هنا للمرة الأولى. توجه ناحية المجمعات السكنية قبل أن يدخل لإحدى البنايات الصغيرة والمتهالكة، ما إن فتح الباب حتى صدر صوت جرس صغير معلق فوقه "هذا يشبه المتاجر قديمًا على الأرض" تمتمت جلنار وهي تحدق حولها بتعجب.

"أنت هنا مجددًا أيها الشاب الغاضب" التفتت جلنار لرجل عجوز خرج من خلف رفوف كبيرة مليئة بالكثير من الأدوات الغريبة والتي عانقها الغبار، منحني الظهر يملك جسدًا نحيلًا ويرتدي ملابس مهندمة بينما سقطت نصف أسنانه ويحاول الاحتفاظ بالنصف الباقي.

"ماذا تريد؟ إزعاجي مجددًا؟" قال بنبرة متهكمة ليحاول أتريوس كبت انزعاجه ويقول "أليس من الواضح أنني هنا لشراء غرض ما؟" عقد العجوز حاجبيه وأمسك بعصا خشبية كانت على الطاولة وألقاها نحو أتريوس ويقول "فتى فظ، لا يعرف كيف يتعامل باحترام" أمال أتريوس رأسه حتى لا تصيبه العصا وبدا عليه الملل "تقول هذا كل مرة أكون فيها هنا… ألا تمل؟".

ظل العجوز يتمتم بشتائم وأمسك بعصا أكثر طول ونكز ذراع أتريوس قائلًا "اخرج من هذا المكان أيها الدنيء" نظر نحوه أتريوس وأزاح عصاه وقال "أنا مصدر رزقك التعيس لهذا الأسبوع" تحرك العجوز وأمسك بكتاب ما بين الرفوف ينظر في صفحاته قبل أن يلقيه نحو أتريوس محاولًا إصابته "ألا توجد تعويذة هنا للتخلص من الشباب المزعج؟".

ظلت جلنار تراقب الوضع باستمتاع قبل أن تتدخل وتقول "نعتذر لإزعاجك، سيدي، لكننا في حاجة لبعض الكبسولات، وأعتذر عن تصرفات رفيقي الفظة" توقف عن الحركة والتفت ببطء يحاول النظر للمتكلم.

"ابتعد عن طريقي أيها القبيح، دعني أرى من صاحب هذا الصوت الرقيق" قال وهو يدفع أتريوس بعصاه ليبتعد بينما الأخير زفر بملل.

"من أنتِ أيتها الشابة المهذبة؟ وماذا تفعلين بمرافقة أحمق مثله؟" أشار بعصاه لأتريوس ونظر نحوه بازدراء، أعطته جلنار ابتسامة مهذبة وقالت " نحن نوعًا ما نعمل معًا، أدعى جلنار" قالت مع انحناءة صغيرة لينظر لها العجوز ويتفحصها بعينه "بعد هذا الوقت ما زال البعض يتقن تربية أطفاله، على عكس الآخرين" نظر لأتريوس بطرف عينه في نهاية الجملة.

ضحكت جلنار وانطلقت تساعده ما إن صعد على سلالم خشبية صغيرة لتصل يده لرفوف عالية، أبعد يدها وقال "لا احتاج مساعدة أيتها الشابة، ما زلت أحتفظ بقوتي" أومأت وكتمت ضحكتها وقالت "أعتذر، لم أقصد الإساءة".

أمسك بعلبة معدنية بحجم كف اليد وهبط الدرجات على مهل. أعطى العلبة لجلنار وقال "أعطيها لبذيء اللسان خلفكِ، لا أحب التعامل معه" مسح أتريوس على وجهه بينما ظلت جلنار تواجه صعوبة في كتم ضحكاتها.

ناولت العلبة لأتريوس ليقوم بفتحها يتفقدها، نظرت جلنار لتلك الكرات الزجاجية الصغير الأشبه بالبلورات، تفاوتت ألوانها بين الأزرق والأحمر، أمسكت جلنار واحدة حمراء كان يمكنها رؤية شرارة صغيرة من النيران تدور داخلها.

أعادتها مكانها لتغلق جلنار الصندوق وينظر العجوز "هل تتأكد من بضاعتي؟ هل تظنني تاجرًا غشاشًا؟ إن كانت هذه طباعك فالجميع ليسوا مثلك أيها القبيح" زفر أتريوس وتمتم "لن ينتهي هذا اليوم" نظر لجلنار وقال "انتظريني في الخارج، سأدفع له وألحق بك" أومأت وتحركت نحو باب المتجر، نظرت للعجوز وانحنت بخفة وقالت "سعدت بلقائك أيها السيد" أومأ ولوح بيده وقال "إن أردتِ أي أداة يمكنكِ المجيء ولكن لا تحضري هذا اللعين معكِ".

عضت جلنار وجنتها داخليا حتى لا تضحك وقالت "لك ذلك".

خرجت من المكان لتنفجر في الضحك لدرجة جعلت عينيها تدمع "هذا أمتع يوم منذ مجيئي لهذا المكان" قالت بين ضحكاتها قبل أن تحاول التقاط أنفاسها.

بينما تقف وتنتظر أتريوس مستندة على الجدار لاحظت حركة غير منتظمة للأشخاص من حولها، كان معظمهم يهرولون باتجاه مكان ما بينما الآخرون بدا عليهم الاستغراب مثلها.

سمعت صوت صُراخ بدأ يتصاعد وبدأ عدد الأشخاص يتكاثر وجميعهم يركضون تجاه المنازل القريبة من المجمعات السكنية.

حاولت جلنار رؤية ما يحدث وانتبهت لأشخاص من حولها يشيرون لشيء ما في السماء! نظرت لما يشيرون لتتفاجأ بدخان أسود ضخم يتصاعد وينتشر والجميع يركض ناحية مصدر الدخان.

حركت قدميها تتبع الأشخاص المهرولين ناحية الدخان الأسود بينما صوت العويل كان يزداد شيئا فشيئا.

تجمدت ما إن رأت أحد المنازل قد تحول لكرة مشتعلة من النيران وقد تجمع الكثيرون يراقبون الأمر، شعرت بقدمها ترتعش ولكنها تأبى التحرك، كان الحشد يقف أمامها بينما هي تقف في الخلف تراقب المنظر بجسدٍ مرتجف وقد توقفت أنفاسها لثانية.

تحاملت على نفسها وأجبرت قدمها على التحرك وحاولت تخطي جموع الأشخاص الفضوليين، تحشر جسدها بينهم للعبور.

تفاجأت بالمنظر في المقدمة حيث أن الكثير من الرجال يصرخون على مجموعة ترتدي زيًّا أشبه بزي حرس النبلاء وهناك امرأتان تصرخان، واحدة منهما تحاول الإفلات من بيد يدي رجل أمسك جسدها يمنعها من الركض نحو النيران.

ظلت المرأة تحاول وهي تصرخ بذعر وتحاول دفع الرجل بعيدًا عن طريقها بينما جاء آخر يحاول إبعادها معه، المرأة الأخرى كانت تبكي بهستيرية وبجانبها شابة شقراء جالسة فوق الأرضية تبكي بعجز.

التقطت أذنها الكثير من الأحاديث، الرجال يصرخون بغضب بمجموعة الحرس الذي يبدون كأشخاص يمكنهم إنقاذ الموقف بينما يرد أحدهم وهو يبدو كالمسئول عنهم قائلًا أنهم لا يمكنهم التدخل في أمر خاص بسكان الحدود ما لم يأمر سيدهم بذلك. الكثير من الشتائم، الكثير من الصراخ والهلع، ومن بينهم جميعًا تردد صوت المرأة التي تصرخ بهستيرية "ابنتي في الداخل".

لم تتمكن جلنار من أن تطرف بعينيها، شعرت وكأن أنفاسها غادرت جسدها وهي تشهد على هذا المشهد وللحظة بدا كل شيء مألوف! الحريق الهائل والرجال الذي يأبون التدخل والمرأة التي تصرخ بابنتي... كل شيء يتكرر.

وكأنها تعيش الحدث ذاته منذ تسع سنوات، لم تشعر سوى بذلك الفزع الذي رواد الطفلة ذاتها التي كانت في الثانية عشر... لكن هذه المرة لم تكن والدتها بجوارها تحتضنها ولم يكن هناك رجل شجاع ركض بين النيران لينقذ الطفلة العالقة.

ارتجفت شفتاها قبل أن تجلس وتغلق عينيها بقوة وتضع يدها فوق أذنيها تحاول منع صراخ المرأة من الوصل لعقلها، الصرخات ذاتها الرائحة، ذاتها والحرارة ذاتها… كل شيء يتكرر ككابوس مرعب تعيشه، إغلاق عينيها لم يكن حلًا لأن مشهدًا آخر منذ تسع سنوات بدأ يتكرر داخل عقلها كشريط يأبى التوقف.

رفعت رأسها وفتحت عينيها تنظر ناحية النظرة البائسة على وجوه من حولها، الجبن ذاته على وجوه الجميع لكنها لم ترَ وجهه! لم ترَ تعبيرا واحدا ينم على العزم على فعل شيء ما... قبل تسع سنوات كان هناك وجه واحد يمتلك الشجاعة الكافية لمساعدة المرأة الباكية، ولكن لا أحد هنا يملك الوجه ذاته!

نهضت فوق قدميها تنظر لمدخل المبنى المشتعل قبل أن تبعد يدها عن أذنها، ماذا إن كانت لوريندا هي من في الداخل؟

ما إن ومض السؤال داخل عقلها أصبح كل شيء آخر مشوش… الصراخ والشتائم والحريق، الحرارة والخوف والدموع.

كمنزوعة الإرادة وجدت جلنار قدمها تتحرك بسرعة راكضة باتجاه مدخل المنزل المشتعل وقد تجاهل عقلها كل الصرخات المذهولة والتي حاولت إيقافها قبل أن تضع نفسها بين النيران.

يُقال أن ما تخاف منه يظل هو العقدة الأكبر في حياتك، تنظر نحوه وكأنه أمر ضخم وهائل وأن مجابهته تعني الموت، تشعر وكأنه من المستحيل أن تتخطى هذا الخوف ومن المستحيل أن تتغلب عليه، يظل يؤرقك ليلًا ونهارًا ولكنك تفضل تجاهله لأن مواجهته مستحيلة… ولكن في اللحظة التي تقرر تجاهل كل تلك الأفكار… تلك اللحظة المجنونة التي لا تدري كيف أقدمت عليها، في اللحظة التي تقرر الإلتفات ناحية ذاك الظل الضخم خلفك فتقف مواجهًا خوفك رغم شعورك بأن روحك تغادر جسدك...

ستجد أن الأمر كان أتفه بكثير مما كنت تظن! ما إن تتخطاه تشعر بكم كنت غبيًا وجبانًا وكم أن أفكارك كانت محض هراء! وأن خوفك الذي كنت تظنه ضخمًا بحجم المجرة... ما هو إلى حصاة صغيرة.

لوهلة كان هذا ما تشعر به جلنار ما إن خطت قدمها داخل المنزل وما إن وجدت النيران تحوطها من كل جهة، كان الموقف مفزعًا ولكن في هذه اللحظة شعرت جلنار بانتصار داخلي.

صوت تحطم نصف السقف أمامها دفع الأدرينالين داخل جسدها لتصرخ "أيتها الصغيرة!" حاولت الابتعاد عن ألسنة اللهب التي تأكل الجدران، تحاول حماية جسدها من الحرارة اللاسعة.

"أيتها الصغيرة!" صرخت مجددًا تحاول سماع أي صوت يدل على حياة بين النيران، اتسعت عينها ما إن سمعت صوتًا مكبوتًا يصرخ، نادت مجددًا بصوت عالٍ ليرد الصوت صارخًا وتحاول جلنار اتباعه، كان من الصعب التركيز في شيء محدد بينما هناك الكثير من الأخشاب التي تحترق حولها والكثير من الأشياء التي تتهاوى لتقع في كل مكان والحرارة التي كانت تحرق كل جزء مكشوف من جسدها والدخان الذي يمنع التنفس.

وجدت مصدر الصوت ولكنه كان محاصرًا بين حطام السقف "هل أنتِ بخير؟ أتعانين من أي كسور أو جروح؟" أتاها صوت الفتاة الباكي بأنها تختنق.

أمسكت بالخشب الذي تراكم فوقها وحاولت تجاهل الحرارة التي أحرقت يدها، رغم الصعوبة التي واجهتها ولكنها تمكنت من رفع الحطام عن الفتاة التي ظلت تبكي بفزع وتمسكت بجلنار ما إن رأتها.

نزعت جلنار قميصها لتبقى بقميص داخلي قطني بلا أكمام، دثرت الفتاة بملابسها تحميها من الحرارة قبل أن تحملها وتحاول الخروج من المنزل بسرعة، توقفت ما إن سقطت مكتبة خشبية صغيرة أمامها وحاولت تجنبها والعبور من حولها.

عندما لم تتمكن من المرور حول المكتبة حاولت القفز من فوقها بينما تحكم قبضتها حول الفتاة حتى لا تقع، ما إن خطت فوق الأرضية تحطم الخشب تحت قدمها اليمنى لتعلق وتمنعها من التقدم.

تأوهت بألم وحاولت إخراج قدمها ولكن لم تنجح، انحنت ووضعت الفتاة فوق الأرضية تحاول إخراج قدمها؛ حتى جرحت قدمها أطراف الأخشاب المتحطمة.

ابتلعت وحاولت مجددًا بيد مرتجفة ولكن لا فائدة، نظرت حولها لتقع عيناها على حجر ضخم بين الحطام، حاولت الوصول له ولكنه كان بعيدًا عنها، نظرت للفتاة التي بادلتها النظرات بأعين ممتلئة بالدموع، حاولت التظاهر بالهدوء واصطنعت ابتسامة لطيفة وقالت "ما اسمك أيتها الجميلة؟" ارتجفت شفتي الفتاة وقالت بصعوبة "تريسي" أومأت وقالت "اسم جميل، استمعي لي، تريسي... سنخرج من هنا، اتفقنا؟ ولكن عليكِ إحضار هذا الحجر هناك، هل يمكنكِ فعل ذلك؟".

بدلت الفتاة نظرها بين جلنار وبين الحجر قبل أن تومئ وتتحرك بقدمين مرتعشتين وتحاول حمل الحجر بصعوبة لتضعه أمام جلنار. "أحسنتِ" تمتمت وأمسكت بالحجر وحاولت تحطيم اللوح الخشبي لتخرج قدمها.

الخشب كان قويًا ولكنه كان يتحطم مما دفع الأمل لقلبها، صوت تكتكة عالي دفعها للتوقف ورفع عينيها للسقف، كانت النيران تأكله بسرعة وبدا على وشك السقوط فوقهما مما دفعها للمحاولة بقوة وبسرعة أكبر.

ازداد صوت التكتكة وصوت أنين الصغيرة لتقبض على الحجر بقوة وخوف وتحاول التنفس وعدم البكاء، رفعت عينها للفتاة الخائفة قبل أن تنظر للمخرج الذي يبعد عن كليهما بمسافة.

أخذت نفسًا وخرج كسعال بسبب الهواء الملوث، نظرت للفتاة وقالت بابتسامة "تريسي، والدتكِ تنتظر من أجلك في الخارج، إنها هناك من أجلك، هل تريدين رؤية والدتك؟" أومأت الفتاة وأحكمت قبضتها فوق قميص جلنار "إذًا عليكِ الركض بأسرع ما يمكنكِ للمخرج، لن يصيبكِ شيء ولا تتوقفِ أو تنظري للخلف، اركضي وستجدين والدتك تنتظر".

أومأت الفتاة ونهضت بصعوبة والتفتت لتتحرك ولكنها توقفت ونظرت لجلنار وقالت "ماذا عنكِ؟ أنتِ لن تموتي هنا؟" وضعت جلنار ابتسامة على وجهها وقالت "سألحقكِ فورًا، لا تقلقي، أريدكِ فقط أن تسبقيني" ترددت الصغيرة لوهلة قبل أن تنطلق بخوف نحو المخرج.

اختفت ابتسامة جلنار ما إن رأت الطفلة تخرج من المكان، تحركت بسرعة تحاول تحرير قدمها وهي ترفع عينها للسقف بين كل دقيقة والأخرى.

صرخت بيأس وألقت الحجر بينما تحاول إخراج قدمها بعنف، شعرت بالاختناق ورئتيها تمتلئان بهواء ملوث، صوت تحطم السقف أصبح أعلى وأصبحت حركة النيران أسرع مما دفعها لسحب قدمها مرارًا وتكرارًا بهستيرية.

عندما شعرت بطاقتها تنفذ وبرأسها يصبح ثقيلًا توقفت عن المحاولة بينما ظلت تردد داخل عقلها أنها لن تفلح... الأمر لن ينجح، ستموت هنا، إما محترقة بالنيران أو مختنقة بالأدخنة مثله تمامًا.

ما إن قررت الاستسلام وقعت عينها على قطعة معدنية طرفها معقوف ملقاة على مسافة عنها، حاولت تمالك نفسها والبقاء واعية وحاولت الوصول لها بصعوبة، ما إن تمكنت من إمساكها حاولت نزع الخشب بعيدًا عن قدمها، دفعة، اثنتان ونجحت الثالثة لتتحرر قدمها.

قهقهت بسعادة ونهضت بسرعة لتخرج ولكن في هذه الثانية التالية صوت قوي صدر من السقف قبل أن يهوي فوقها دون أن يترك مجالًا لها للهرب.

انطلقت الطفلة تريسي خارج المنزل باكية وجسدها يرتجف بقوة، صاح الجميع ما إن لمحوا جسدها الصغير وركضت والدتها تتعثر بخطواتها قبل أن تلتقط جسد ابنتها تضمه لها بقوة وهي تبكي.

بين تلك الجموع ظل أتريوس يبحث عن جلنار بينهم، توقف ما إن سمع الكثير من الأحاديث والصراخ بأن الطفلة خرجت آمنة... التقطت عينه الفتاة الصغيرة بين جسد والدتها، تتفقد المرأة ابنتها بفزع تارة وتضمها لجسدها تارة، كاد يبعد عينه بحثًا عن جلنار ولكنها توقفت على القميص الملتف حول جسد الطفلة.

شعر بالدماء التي تجري في عروقه باردة كالجليد قبل أن تلتقط أذنه الأحاديث الجانبية من حوله "أنقذتها تلك الشابة... الشابة لم تخرج... الطفلة وحدها من نجت... ضحت تلك الشابة بنفسها بينما حرس النبلاء يشاهدون".

لم يحتج لثانية أخرى وقد اندفع بين الجميع راكضًا ناحية المنزل المشتعل.

لفحته الحرارة ما إن اقتحم المكان ولكنه تجاهل لسعات النيران على جسده وبحث عن جسدها بين الحطام والنيران، ورغم حرارة المكان شعر بقلبه متجمدًا وجسده بالكامل بارد برعب لم يعتده… لم يكن رعبًا من النيران... كان رعبًا من ألا يخرج الشخص الذي يبحث عنه من بين النيران.

سمع صوت قوي لتحطم الخشب قبل أن يهوي السقف أمامه بالكامل مما دفعه لرمي جسده بعيدًا حتى لا يُصاب.

التقطت أذنه صوت صراخ مألوف قبل أن يهدأ كل شيء! أصوات النيران وهي تأكل الخشب، الحرارة الصادرة عن النيران... ليست فقط الحرارة، لقد اختفت النيران كلها فجأة وقد تركت المكان ملتحفًا بالسواد ومتحطمًا.

تسارعت أنفاسه ونظر حوله بذهول قبل أن يصرخ بأعلى صوت يمتلكه باسمها.

فتحت جلنار عينيها ما إن سمعت صوته، ضمدت جسدها بقوة ونظرت حولها بذعر، اختفت النيران خلال ثانية، اختفت بالكامل! لكن هذا ليس الشيء غير الطبيعي الوحيد.

الحرارة التي كانت تحرق جسد جلنار من الداخل كانت غريبة! رفعت يدها المرتجفة تنظر لها لتلهث بفزع، ظلت تحدق بيدها قبل أن تنقل عينها لباقي جسدها. كانت الحرارة التي تسير في جسدها غير معتادة وما تراه يحدث لها أشبه بالمستحيل.

"جلنار!" سمعت صوته مجددًا لتبعد عينها عن يدها وتحاول إخراج صوتها "أتريوس! أهذا أنت؟" شعر الأخير بأنفاسه تعود لرئتيه ومسح وجهه وحاول تهدئة ارتجاف يديه "هل أنتِ بخير؟ أيـ... أين أنتِ؟" ابتسمت براحة ومسحت الدموع التي تكونت داخل عينها "خلف حطام السقف" قالت لتسمع خطواته تتجه نحوها.

"توقف عندك، لا تأتِ!" صرخت بفزع ليتوقف مكانه ويقول "هل أنتِ مصابة؟" نظرت لجسدها قبل أن تنظف حلقها وتقول "لا" عقد حاجبيه وقال "ما الخطب؟ أنا قادم" قال وهو يتحرك لتصرخ مجددًا قائلة "سأقتلك إن فعلت، توقف!".

أغمضت عينها وأخذت نفسًا قبل أن تقول بتوتر وخجل "الأمر هو... أحتاج لبعض الملابس" طرف بتعجب وقال "ماذا؟" زفرت وصاحت بنفاد صبر تحاول إخفاء توترها "واللعنة احترقت نصف ملابسي، أتريوس! أنا بالكاد أرتدي شيئا. أنا عارية، أتريوس، هل فهمت؟" غطت وجهها بيدها لهذا الموقف اللعين.

اتسعت عينه وتجمد لثانية وعقله يحاول استيعاب الأمر قبل أن يتحرك بسرعة ويفتح أزرار قميصه ويعطيه لها.

ارتدت قميصه الذي غطى فخذيها وقد وصل طوله لركبتها تقريبًا، نهضت من مكانها ونظرت لجسدها مجددًا قبل أن تقول "هناك خطب آخر" حاولت مسح السواد الذي لطخ وجهها قبل أن تقول بتردد "شيء ما غير طبيعي يحدث معي لذلك...".

أخذت نفسًا قبل أن تخطو بعيدًا عن الحطام وتقف أمام أتريوس الذي حدق نحوها بصدمة ولم يستطع قول شيء واحد يعبر عما يحدث.

اللهب لم يختفِ! لقد تم امتصاصه بالكامل… جسد جلنار امتص النيران لتجري كمجرى الدم بين أوردة جسدها!

كانت أوردة جسدها بالكامل أشبه بجمرة من النيران، حمراء تجري النيران داخلها بداية بالأوردة في وجهها حتى ذراعيها ونهاية بقدمها.

توقفت عين أتريوس عن تفحصها وتوقفت أمام عينها... تلك العينين البندقية لم تعد تحمل إلا اللون الأحمر القاني… كلون النيران تمامًا.

راقبت رد فعله تحاول تبين إن كان عليها الفزع أم لا، حكت جلد ذراعها بضيق بينما تشعر بحرارة جسدها ترتفع داخليًا. "أتريوس، هل سأموت؟" أفاق من صدمته وتحرك بخطى مترددة نحوها "لـ… لن تموتي" قال وهو يحاول تمالك نفسه، سمع كلاهما أصوات الأشخاص الذي يحاولون دخول المنزل ليقول "علينا الخروج من هنا".

أومأت وتحركت نحوه ولكنها شعرت برأسها يدور وفقدت اتزانها ليهوي جسدها. تحرك أتريوس مسرعًا وأمسك بجسدها قبل أن تقع "هل أنتِ بخير؟" حاولت الاستناد عليه وقالت بإعياء "أشعر بالدوار" نظر لأنفها الذي نزف لتمسحه بكم قميصه وتتمتم "لوثت قميصك، أعتذر".

حاولت الوقوف والسير ولكنها أمسكت كتفه وأغمضت عينها بقوة حتى يتوقف المكان عن الدوران. "هذا يكفي" تمتم قبل أن يضع يدًا حول كتفها والأخرى أسفل ركبتيها ويرفع جسدها عن الأرضية لتتمسك به.

"يمكنني السيـ..." قاطعها "أجل، سنستغرق اليوم بطوله" أرادت الرد وشتمه ولكنها لم تقوَ بسبب الدوار الذي يضرب رأسها؛ لذلك ألقت برأسها على صدره وأغلقت عينها لتريحها.

شعر بحرارة جسدها العالية ولكنها لم تتأذَّ من النيران، لا يعرف ما الذي تمر به، فلا متحكم لعنصر النيران يمكنه فعل ما فعلته... النيران لا تجري في أوردة جسدهم ولا تتحول أعينهم للون الأحمر ولا ترتفع حرارة أجسادهم.

خرج من المنزل المتهالك ليقابلهما الحشد أمام المنزل والشجار والصراخ والأحاديث المتداخلة، صمت الجميع ما إن رأوا جسد أتريوس يخرج من بين الأدخنة ولم يخرج صوت سوى الطفلة التي صاحت بسعادة ما إن لمحت أتريوس لتهز جسد والدتها وتقول "السيد العاري أنقذها أمي، لم تمت!".

كان الجميع يحدق بهما وخاصة بجسد جلنار الأشبه بجمرة بصدمة، اقتربت والدة الفتاة بتردد وخوف من أتريوس وقالت "هل هي بخير؟ جسدها، إنه… مشتعل!" حاولت جلنار فتح عينها ما إن سمعت صوت والدة الطفلة ولكنها فضلت التظاهر بالإغماء وتجنب كل تلك الأسئلة والنظرات.

أتريوس لم يبالِ بالمتفرجين وتجاهل المرأة ببساطة وقد تخطى جسدها وشق طريقه بين الحشد الذي افترق يترك طريقًا له للعبور، سمعت جلنار الكثير من الهمسات المتسائلة عن من هي وإن كانت حية أو ميتة وفجأة من بين الصمت صاح رجل وكأنه تذكر فجأة وقال "إنها الفتاة التي وقفت في وجه ابن عائلة ألفن!".

بدأت الهمسات تعلو وحاول الجميع النظر لها مما دفعها لإغماض عينها بقوة وإحكام ذراعها حول أتريوس وهي تخبئ وجهها بين عنقه وكتفه وتتمتم بانزعاج.

النظرة القاتلة التي أرسلها أتريوس للمتطفلين أجبرتهم في الابتعاد بينما تحرك نحو مركبتهم ليضع جلنار على الكرسي المجاور له ويأخذ مقعد السائق ويحلق مبتعدًا عن المكان.

"لا تعد للمنزل" تمتمت ليقول "هل جننت! ستصاب واندر بسكتة قلبية إن رأت حالكِ هذه" قهقهت بإرهاق ونظرت لجسدها، كانت الحرارة تخف تدريجيًا وكذلك النيران داخل جسدها بدأت تختفي. "إنها تختفي" تمتمت لينظر أتريوس نحوها "عينكِ عادت لطبيعتها" قال لتنظر نحوه وتقول "عيني!" زم شفتيه قبل أن يومئ ويقول "كانت حمراء".

عقدت حاجبيها وظلت صامتة لمدة تفكر بكيف انتهى الأمر بها داخل هذه الفوضى الجديدة.

أوقف أتريوس المركبة وخرج منها قبل أن ينظر لجلنار ويقول "أتريدين رؤية هذا؟" رفعت جسدها بصعوبة وخرجت من المركبة لتنظر حولها، كان كلاهما فوق سطح مبنى ضخم وارتفاعه كبير يطل على تجمعات الأبنية السكنية لسكان الحدود، وخلف هذا المشهد كانت الشمس على وشك الغروب.

تحركت نحو حافة السطح لتجلس تنظر للمنظر الهادئ، تحرك يجلس بجوارها قبل أن يناولها زجاجة من العصير "هذا الدوار يدل على حاجتكِ للسكر وربما السوائل" ابتسمت بامتنان وأخذت منه الزجاجة لترتشف منها على مهل.

لمحت الدخان المتصاعد من بعيد لتأخذ رشفة أخرى وتتنفس بقوة وقد فقدت السيطرة على دموعها "ظننت أني سأموت هناك" قالت بنفس مرتعش لينظر نحوها بصمت "ظننت أن الأمر انتهى" ابتلعت الغصة التي تكونت تمنعها من التنفس ومسحت دموعها ليتلطخ قميص أتريوس بدموعها والسواد الناتج عن النيران.

"هناك مرتان في حياتي شعرت فيهما بخوف لا يمكن وصفه، إحداهما هو عندما التقيت بك أول مرة" صمتت بينما هو راقب تعابير وجهها "والثانية كانت منذ سنوات طويلة، عندما مات أبي داخل حادث حريق".

أخذت نفسًا وصمتت ليقول أتريوس "يمكنكِ البكاء، سأتظاهر أن هذا لم يحدث" ضحكت لثانية قبل أن تقول "كنت في الثالثة عشر اوالثانية عشر تقريبًا، ذهبنا لمشاهدة فيلم في السينما وعند عودتنا حدث مشهدٌ مماثل لما حدث اليوم، تأخر رجال الإطفاء وتم إخلاء المنزل؛ إلا من طفلة صغيرة ظلت والدتها تصرخ وتحاول الوصول لها".

عضت شفتيها تمنع ارتجافها قبل أن تكمل "راقبت وجوه الجميع يومها، كانت تختلف من الخوف إلى الفضول إلى أشخاص حاولوا تجاهل صرخاتها، جميع الوجوه تخشى التقدم ما عدا وجه واحد، ما إن رأيت وجه أبي شعرت بالخوف... كان عازمًا على المساعدة، أعني..." قطعت حديثها وضحكت بين بكائها "تصرف على سجيته، رغم أنه كان خارج وقت عمله لكنه ما زال شرطيًا وكان عليه فعل شيء".

عبثت بكم القميص وكلما امتلأت عيناها بالدموع، مسحتها قبل أن تلمس وجنتيها "احتضن أمي وقبلها واحتضن أخي وعندما احتضن جسدي تمنيت لو أني أبيت تركه، لو أنني لم أتركه وتمسكت به وبكيت بطفولية… لكني لم أفعل. تركنا وركض بين النيران، طلب مني العد حتى العدد مئتين وحينها سيخرج، ظللت أعد حتى وصلت للخمسمائة ولكنه لم يظهر، انتظرت أن يوفي بوعده لكنه لم يفعل، كل من خرج كانت الطفلة ولم يتمكن أبي من الخروج. لم أكن أجهل ما يجري من حولي، كنت أعلم ما يعنيه الأمر، وعندما وصل رجال الإطفاء وأخرجوا أبي كل ما قالوه لأمي أنه من الجيد أن جسده لم يحترق…

مات مختنقًا بسبب الأدخنة، من الجيد أن والدي لم يحترق، كان علينا أن نسعد بهذا. لن يعود معنا للمنزل، لن أراه مجددًا ولن يرى تخرجي، لن يطفئ شموع عيد ميلادي الثالث عشر، ولكن علي أن أكون سعيدة لأن جسده لم يحترق! راقبت تلك العائلة مجتمعة مطمئنة سعيدة بنجاتها، ذلك كان منزلهم وذلك كان حريقهم وتلك كانت حياتهم وابنتهم، ولكن كان على أبي أنا أن يموت وكانت حياتي هي التي يجب أن يتم إفسادها وأنا من كان عليها فقدان فردٍ من عائلتها، لأجل أشخاص لا أعرفهم. ظللت أراقبهم بحقد، كنت أتمنى أن يموتوا جميعًا وأن يعود أبي ولكن لم تتحقق أي من أمنياتي".

شهقت أكثر من مرة وحاولت تخبئة وجهها بين يديها وتحاول تمالك نفسها.

"رفضت الخروج من غرفتي ورفضت حضور تأبين أبي كعقاب له، لأنه فضل إنقاذ ابنة تلك العائلة على العودة معنا، كرهتهم وغضبت من أبي وحقدت على كل شخص جاء لتعزية أمي. تلك العائلة ظلت تتردد على بيتنا كثيرًا، حاول الزوج مساعدة أمي بكل طريقة ممكنة وسمعت عبرات الشكر والتعزية من أجل والدي البطل، ظننت أن أمي ستكرههم مثلي ولكنها كانت تستقبلهم بكل مرة مما أغضبني، وعندما جاءت عائلتهم مجددًا خرجت من غرفتي وحاولت طردهم، صرخت واتهمتهم بأنهم من قتلوا والدي وتمنيت أن يموتوا، في كل مرة يعودون فيها كنت أصرخ في وجوههم وأحاول إلقاء أي شيء في المنزل حتى أقوم بأذيتهم حتى يخرجوا ويتوقفوا عن المجيء لعائلتنا، غضبت وصرخت على الجميع، أخي، أمي وأي شخص حاول إخباري كم أن والدي بطل ومضحٍ".

أنهت زجاجة العصير وحاولت إيقاف ارتجاف صوتها وأكملت "لم أفهم ما عنته أمي عندما قالت أنه كان ليتمنى لو أن شخصا تحرك ودخل النيران إن كنت أنا بالداخل، لم أفهمها ولم أهتم، حبست نفسي لأسابيع وامتنعت عن الذهاب للمدرسة أو تناول الطعام، أردت من الجميع موافقتي الرأي، ظننت أنني أعاقبهم بتلك الطريقة، لم أكن أعاقب إلا نفسي، اليوم! اليوم فقط فهمت ما كانت تعنيه أمي، وفهمت لما ركض أبي بين النيران، وفهمت كم أنني كنت طفلة أنانية، فكرت لوهلة إن كانت تلك شقيقتي بين النيران… ألم أكن لأتمنى لو أن أحدهم ضحى بنفسه لإنقاذها؟"

مسحت أنفها وهدأت قليلًا قبل أن ترفع رأسها تنظر للغروب "عندما كدت أموت هناك تذكرت كل شيء والرعب كان يقتلني، أكان هذا ما شعر به أبي وهو يموت وحيدًا؟ ذلك الخوف كان مؤلمًا وقاتلًا" تنهدت ورفعت شعرها عن وجهها "فهمت الأمر متأخرًا، أصبحت منطوية وجبانة وكرهت التعرف على أحدهم، كان أبي أقرب شخصٍ لي في حياتي وفقدانه قتلني؛ لذلك فكرت أنه إن تعرفت على المزيد من الأشخاص ثم أصبحوا قريبين لي… ألن يؤلم فقدانهم؟ لا أريد من ذلك الألم أن يتكرر؛ لذلك سأتجنب الجميع، جعل الجميع يكرهك أسهل بكثير من جعلهم يحبونك".

التفت ونظر نحوها يتفقد وجهها وابتسامتها الصغيرة بعبوس "يومًا بعد يوم رأيت أمي تعاني من أجلنا حتى استقرت في عمل ذي دخل جيد، ولكنها كانت مرهقة؛ لذلك قررت أن أضع الدراسة هي هدفي الوحيد، حينها يمكنني العمل ومساعدة أمي، ومن حينها أصبحت جلنار الجبانة المنعزلة والمنطوية التي تعزل نفسها داخل فقاعة كبيرة وهادئة تعيش على ذكرى والدها وتحاول اقتلاع ذكرى يوم موته بعيدًا".

صمتت في النهاية وحاولت إيقاف شهقاتها اللا إرادية "لقد استعرت كتفي ذلك اليوم في الغابة؛ لذلك أنت مدين لي بكتفك" ابتسم وقال "لقد أعرتكِ ملابسي وبقيت عاري الصدر" عبست بضيق لتتسع ابتسامته ويربت على كتفه لتلقي رأسها فوق كتفه وتغمض عينها براحة.

جمع قبضته في تردد قبل أن يستسلم ويحوط كتفها بذراعه يضم جسدها المتعب ناحيته وفكرة واحدة كانت تدور في ذهنه وقد بدت مرعبة بالنسبة له…

هذا الفتاة تشبهني بطريقة سيئة، هذه الفتاة تؤثرعلي بطريقة أسوأ.

**********************************************

يختييييييييييي كتاكيت يا اخواتشييييي

اخبار رمضان معاكم ايه؟

شاركوني أجواءكم الرمضانيه لحد دلوقتي في التعليقات والصيام عامل ايه معاكم 

حاولوا تداوموا على الدعاء والذكر وتختموا على الاقل ختمة واحده الشهر ده واستغلوا كويس في العبادة

مفيش اهم من العبادة في الشهر ده ومتنسوش اخوانكم في فلسطين والسودان وكل  مسلم بيعاني من كرب في دعاوتكم 

خلوا الفصول اخر حاجه في يومكم بعد عبادتكم 

رجوعا للفصول 

الفصول دي بتتراجع بدري على فكره عشان التنزيل اليومي ميتأخرش بس التأخر ممكن يكون كم ساعة عشان اليوم في رمضان بيقلب شويه

فيعني انا بحاول أهووووو افضل على نفس الهمة عشان في شكاوي ان الناس جتلهم تروما بسبب تأخراتي 

فاكرين أيام ما كان كل عيد فصل بالغلط 😂

اسفه مش لازم اعمل من احزانكم نكته بس هي تضحك والله -اسفه تاني-

على فكره قربنا جدااااااا من الفصول الجديدة 

وانا بقرأ الفصول غير عن كتابتها بحس اني براقب تطور عيالي 

جماعه الرواية الي بعد توباز بفكر بجد منزلهاش الا وانا كتباها كلها كامله عشان فعلا التنزيل بيكون منظم ومريح 

بس لما بكتب وانا بنزل بتحمس اكتر بسبب حماسكم والله 

على فكرة في يمكن 3 روايات -او افكار روايات- في المسودة بعد توباز 

فالموضوع مغري اوي والله 

بس اهم حاجه

تنجوي بالفصول 

ولوف يوووو

باييييي

Esraa A

احظ بوقت ممتع بعيدًا عن العالم.

70 تعليقات

  1. ❤️❤️❤️❤️❤️

    ردحذف
  2. اسراااااء ابدأي بالفصول الجديدة بشهر ٤ بليييييييز 🥲🥲🥲 لان عندي امتحانات و ما اقدر اقرأ الفصول الجديدة .. لحد الان ما بدأت بالرواية لان اريد اجواء مناسبة بس من نزلتي اولى الفصول بدأت امتحاني .. نزلي على راحتك يعني فصل بالاسبوع يكفي و زيادة 🥲🥲🥲🥲🥲🥲🥲🥲
    هذا توسل من قارىء قدييم من ايام الوات 👈🏻👉🏻

    ردحذف
    الردود
    1. بتقولي ايه ياختشي عايزة تنضربي ولا ايه فصل بالاسبوع عايزة تقتليني 🤨🤨

      حذف
    2. ما اريد تبدأ بالفصول الجديدة الحين و انا بنص امتحاناتي .. اريد اكون معاكم عايشة المفاجات الجاية و الاحداث اللي من ٣ سنين ننتظرها 🥲🥲🥲💔
      هو بيني و بينك لو كنت مكانكم ما كنت بأقبل بفصل بالاسبوع بس شنو اسوي بعد 😓💔

      حذف
  3. اسراء انا جاية لثولك كلمة واحدة بس ، انا حقيقي بحبك ❤️❤️❤️

    ردحذف
  4. 😭😭😭😭
    كيف اصبر الحين 😭😭😭😭😭😭💕💕

    ردحذف
  5. كنت مستنية البارت ده اوي بجد ومتبنية اي رواية هتبدأي فيها بعد توباز وهكون من اول الداعمين ❤️🤝🤝🤝🥺

    ردحذف
  6. ومبدأيا كده انا مقررة اني اما ابقى غنية همولك علشان نعمل طبعات كتب ل روايتك العظيمة دي مع احتكار نص الطبعة الاولى ليا😂😂👀

    ردحذف
  7. ❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️

    ردحذف
  8. لحقنا لأكثر عبارة معبرة في الرواية "هذه الفتاة تشبهني بطريقة سيئة، هذه الفتاة تؤثر علي بطريقة أسوأ"🤭❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️✨

    ردحذف
  9. و زاوية بكاء على العنوان و الصورة الاسطوريين😭😭😭✨
    حسيت بقشعريرة لما قريت "وليدة اللهب و الخوف" و شفت حمرة الصورة من الان هذا عنواني المفضل، ما اقدر اقول فصلي المفضل لان كل الرواية تحتوي فصولي المفضلة😍 حاشة فصل اسوء مستشارة عاطفية😓 دا قمامة (ليس بسبب اسراء او اي شيء دي ابدعت في الكتابة) و لكن كمية الاحراج فيه و غباء جلنار اااه 😫😖

    ردحذف
  10. و زاوية بكاء على العنوان و الصورة الاسطوريين😭😭😭✨
    حسيت بقشعريرة لما قريت "وليدة اللهب و الخوف" و شفت حمرة الصورة من الان هذا عنواني المفضل، ما اقدر اقول فصلي المفضل لان كل الرواية تحتوي فصولي المفضلة😍 حاشة فصل اسوء مستشارة عاطفية😓 دا قمامة (ليس بسبب اسراء او اي شيء دي ابدعت في الكتابة) و لكن كمية الاحراج فيه و غباء جلنار اااه 😫😖

    ردحذف
  11. ورب الكعبه من افضل الفصول هذا الفصل يجنن يهبل خياااال ياخي مااقدر اوصف كميه الابداع وكميه الجمال الي بذا الفصل بس والله كلمه يجنن قليله بحقها المهم متحمسه مررره للقادم ❤️😍🥺😭

    ردحذف
  12. بحب الفصل دا اوى ♥️♥️

    ردحذف
  13. بمناسبه الروايات و كدا
    هتنزلى خطفت مجنونه تانى 🥺🥺

    ردحذف
  14. كان فى روايه كمان اسمها دينغ دونغ تقريبا 🤔 كانت رعب نزلتى فيها حوالى ال اربع بارتات كدا بس كان جامده

    ردحذف
  15. ممكن متخليش نهايه الروايه ان حد من الفرسان يموت؟ ولا يوجين يختفي ولا حتى واندر تموت لأسباب نفسيه؟

    ردحذف
    الردود
    1. يوجين يختفي او جلنار ترجع للارض

      حذف
  16. فصل يجننن إبداع مذهل مثل مامتعودين دايما وأبداً اشكرك من قلبي واتمنى تسعدينى رواياتك الجديدة وافكارك المذهلة ومتمحسة للجاي اكيد متأكدة راح تكون أفكار رواياتك جديده ويونيك مثلك😭💙💙😉

    ردحذف
  17. 🥺🥺🥺🥺🥺🥰🥰🥰🥰 رح ابكي من الحماس
    صراحة بعد يوم طويل من الدراسة وتعب الصيام انتظر الوقت اللي اقعد فيه بعد ماكمل كل صلاواتي عشان اقرى البارت براحة واتكيف بيه 🥰😍😍😍 متحمسة جدا لتطور الاحداث.
    معرفش ليه حاسة انو الاحداث تمشي بسرعة كبيرة (يمكن لأني كنت انتظر الفصل من عيد لعيد ) على العموم كانت ايام حلوة وكنت بجد انتظر اشهر عشان اقرا الفصل الجديد بنفس الحماس.

    ردحذف
  18. رائع، سأقاتل ملك الإيربوس بزهرة جميلة

    ضحكتني هالجمله 😂😂😂

    ردحذف
  19. 💖♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️حبيت

    ردحذف
  20. وقت ادرس اتحمس انه بعد اكمل رح اقرا الفصل الجديد 🌙

    ردحذف
  21. رومياس قهرتني رفيقته والله ما يستاهل😔

    ردحذف
  22. بجد وقت احط نفسي بمكان جلنار ف الحريق وضع يقطع القلب ومش اي حد يقدر يبادر💔

    ردحذف
  23. شكلي وانا اتخيل ملمس كتف اتريوس على خد جلنار يبووووييي

    ردحذف
  24. من اكتر الفصول اللي بحبها بجد ❤️❤️🦋 🦋🦋

    ردحذف
  25. ❤️❤️❤️❤️🌙🌙🌙

    ردحذف
  26. الفصل تحفففففة فنية بكل المقاييس من تدريبات جلنار والوردة الجميلة الى رومياس حبيب قلبي الى قصة فقدان والد جلنار الي كل مرة اعيده أتأثر من جديد 💜💔

    ردحذف
  27. الله يرحم موتانا وموتى المسلمين ويغفر لهم أجمعين.
    فصل منتوع بين حزن وضحك وفرح ودراما، مش متعودين بجد على الفصول اللي تنزل كل يوم، اتذكر لمن بالعيد كنا نحصل فصل بالصدفة ونموت من الفرحة، والحقيقية يا إسراء هي انو كل منك حلو، تأخرنا ولا بدري ولا مشت الفصول سريع ولا متأخر، كله منك رائع💜💜💜💜💜💜

    ردحذف
  28. كنت منتظرة هذا الحدث الي يخص جلنار كل فصل من الان الاحداث راح تكون حماسية اكثر ..❤❤❤❤

    ردحذف
  29. اسراء نزلينه بارت فدوة

    ردحذف
  30. اسراااء وين البارت لايكون مافي اليوم بارت 😭🥺💔

    ردحذف
  31. النهاية سعيدة ولا حزينة؟

    ردحذف
  32. مافي بااااارت ؟؟؟؟

    ردحذف
  33. الفصل حقيقي تحفه نفس التأثر اللي اتأثرته اول مرة بقصة ابو جلنار، اتريوس و خوفه على جلنار 😭😭😭، رومياس حبيب قلبي ياروحي بجد عليه اصلا مش تستاهلك يا عمري متأكدة ان اسراء هتعوضك ببنوته تستاهلك، العصفة الجليدية 😭😭😭، متحمسه جدا لرواياتك الجاية كنت ديما عندي فضول للروايات اللي ممكن تكتبيها بعد توباز و ايه الانواع التانية اللي ممكن تكتبيها غير الفنتازيا و اتمنى ترجعي تنزلي رواية دينغ دونغ تاني كنت متحمسه ليها اووي بسبب انها رعب 😭😭😭، ربنا يوفقك و يجعل رمضان خير عليكي 💕💕

    ردحذف
  34. حد يروح يتطمن ع اسراء بلييز

    ردحذف
  35. وين الفصل الجديد😭

    ردحذف
  36. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  37. هل مفيش فصل انهارده!!

    ردحذف
  38. وااءء هعيط منتظرة فصل امبارح وانهارده😭

    ردحذف
  39. ءء-- اننههههههررتتتت!!!! عااااااا ييججننوننن جلنار واتريوسس !!!!!!!! ببكككييتتتتت
    💓😭🥺💞💕💗😭💓💞😭💕💗😭💓💗😭💓💞😭💗😭💕🥺

    من قوه المشاعر مو قادره اعبر واعلق هالمره لاني مو عارفه ابدا بايش ولا ايش! شكلي بسكت وما بكتب تعليقي الي اطول مني كالعاده هههه

    ردحذف
  40. «هذا الفتاة تشبهني بطريقة سيئة، هذه الفتاة تؤثرعلي بطريقة أسوأ.»

    دخخخخختت!!

    ردحذف
  41. قدرة جلنار الجديدة رهيبة، النار! احس تمثلهاا بشكل مو طبيعي

    وعيونها الي تتغير وصارت بلون احمر! وااااووو مره واو

    ردحذف
  42. اندفاعها عشان تنقذ البنت بمجرد انها فكرت لو كان شخص عزيز عليها هناك، شجاعتها الي طلعت فجأه وتحركت بدون ما تفكر- وكيف اخيرا استوعبت سبب الي سواه ابوها وكلام امها وكل شي احسها نضجت بسبب الي صار

    انهرتت على دموعها وفضفضتها لاتريوس 💔

    وخوف اتريوس لما عرف ان جلنار الي جوا وانه دخل علطول يساعدها ولما حملها وخلاها تستند على كتفه.. بيبقى بقلبيي

    ردحذف
  43. لما شفت ردة فعل جلنار الغريبه تجاه عنصر النار وانها تتجنب اساله اتريوس عن الموضوع، فكرت انه شي صارلها موقف وسبب خوف بداخلها او نفور، زي انها مثلا انحرقت وهي صغيره ولا شي، بعدين لما شافت الحريق والام الي تبكي وقالت ان المشهد يتكرر، هنا فكرت انه ممكن هي الي انحبست بداخل حريق.. بس ما توقعت يكون انه ابوها مات بسبب الحريق..
    كسرت خاطري مره قصتها وبكائها 💔💔💔

    ردحذف
  44. تقدم وتطور رومياس رهيب ! صاعقة جليدية حبيت وصف جلنار له وايد ومتحمسه اشوفه بقتال بقدراته الجديده هذي

    ردحذف
  45. جلنار البلاير تتقدم، بداية من اتريوس واغدراسيل ثم تينر جام والان رومياس، استمري بارك الله فيك🌹
    ولا بعد وهي تتكلم مع جوزفين قالت انها واقعة للكل ما تركت أحد ما ذكرته 😭

    ردحذف

  46. "أنتِ قريبة لدرجة أنه إن قبلكِ سأقول أنكِ المخطئة"
    يوجين 💀💀💀💀💀

    ردحذف
  47. جلنار قتلتني لما شقت الدعوة الملكيه ورمتها!!! صدمتني ما توقعت هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
    واتريوس يقولها «أحسنتِ عملًا» متتتت فديتك ياخي تفهم 😭

    ردحذف
  48. "رائع، سأقاتل ملك الإيربوس بزهرة جميلة" ذبات جللنناارر اون توبب 😭😭😭😭😭

    ردحذف
  49. "الأمر لا يدور حول ما تريدين وما لا تريدينه، جلنار" تنهدت وظلت تنظر لقدمها ليتقدم نحوها ويجلس أمامها ويحاول النظر لوجهها الذي تخفضه للأسفل "ما المشكلة؟" رفعت عينها نحوه وقالت "ستتصرف بلطف الآن ثم ستجحد فعلتك لاحقًا" قهقه وقال "أفعل ما يستلزم لننتهي من هذا" نقرت رأسه وقالت "فظ"
    -
    ليش حسيتهم حلوين هنا؟ هما دايما حلوين بي هنا حلوين بزياده 🥺
    وصلني صوت اتريوس وهو يقول "ما المشكلة؟" دخختتت

    ردحذف
  50. أمضى كلاهما باقي النهار في المحاولات الفاشلة وفي نهاية اليوم عادا للمنزل تاركين أول زهرة صنعتها جلنار وسط الغابة.
    -
    المشهدد هذا يجننن تخيلته لو كان بفيلم مثلا بيطلع مره حلوو

    ردحذف
  51. لا لا لا ، لا تعليق 😭😭😭😭😭 مو عارفة من وين ابدا اصلا 😭 بس الفصل دماااااااااااااار 😭💥

    ردحذف
أحدث أقدم

نموذج الاتصال