الفصل الثالث والثلاثين | صبي صلب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إفصاح: "اللهمّ إنّي توكلت عليك، وسلمت أمري إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك".

إفصاح آخر " و لم يفته في غضون ذلك، أن يذكر نفسه بين لحظة و أخرى ، بأن التفكير بهدوء ، بهدوء شديد ، خير من اتخاذ قرارات تحت تأثير اليأس".فرانز كافكا

 مساحة لذكر الله

****************************************

الفصل الثالث الثلاثين



"ما الأمر مع هذه النظرات؟"

التفت جلنار تنظر من حولها لمقر ثونار الفوضوي والمليء بتلك المخلوقات الغريبة والصغيرة الشبيهة بالجنيات، كانت كلها تتجنب التحليق بجوار أتريوس الواقف عاقدًا ذراعيه فوق صدره مستندًا على باب المكان وينظر لثونار كما يفعل الاثنان معه. 

"نحتاج لمساعدتك" صرحت جلنار لتضحك ثونار وتسخر "ظننتكم هنا للزيارة! بالطبع أنتم هنا لحاجةٍ ما، لكن تلك النظرات لا تعجبني، خاصة أنت يا صاحب الفأسين!" صاحت في أتريوس ليرفع حاجبًا نحوها مما دفعهًا لإغلاق فمها والتمتمة "كانت مزحة، لا تغضب".

"استمعي، ثونار… أريدكِ أن تكوني جدية قليلًا؛ فالأمر… خطير نوعًا ما" قالت جلنار تحاول تبسيط الأمر بينما هارليك ظل جالسًا فوق كرسيه يتابع الجميع بحماس ورغبة كبيرة في التحرك والتقدم. 

"حسنًا، أنا أستمع" كتفت ذراعيها وجالت عيناها الزرقاء عليهم بفضول. 

"أريد منكِ صنع شيءٍ ما سيساعد هارليك" انتقلت عيناها من على جلنار إلى هارليك بسرعة بتعجب قبل أن تعود إلى جلنار "يساعده في ماذا بالضبط؟" سألت لتنظر جلنار إلى أتريوس الذي ابتسم بجانبية وأشار برأسه لتخبرها "لنحوله إلى عملاقٍ عاقل". 

حملقت الفتاتان ببعضهما لفترة قبل أن تدحرج ثونار عينها قائلة "قلتِ أن علينا التحدث بجديةٍ دون مزاح، أنتِ من بدأت الأمر الآن" زفرت جلنار ونظرت بجدية وثبات نحو الساحرة الصهباء مما دفع الأخرى لإيقان أن الأمر ليس بمزحة. 

"ما اللعنة التي تحاولين قولها؟ يمكننا السيطرة على عملاق؟" أومأت جلنار ونظرت لهارليك كما فعلت ثونار بعدم تصديق "كيف عرفتِ الطريقة؟ ما هي؟" تبادلت جلنار نظرة مع يوجين الذي قال "لا شيء! عرفناها من رجل يبجله العالم حاليًا من كتاب في مكتبة مخفية على لسان راوٍ معكر المزاج يشبه السحالي ويرتدي نظارة، لا شيء غريب البتة".

دحرجت عينيها لسخريته واختصرت كل ما قاله في كلمتين "الأمر معقد" مسحت عنقها وقالت "حقًا نحتاجكِ في هذا، ثونار… وعلينا النجاح قبل نهاية الأسبوع" مالت ثونار على الطاولة أمامها وقالت بنوع من الحماس "حسنًا، بدأ الأمر يصبح مسليًا، هاتي ما عندك!".

أخرجت جلنار ورقة من جيبها وقالت "أتملكين هذه الأدوات؟ أوراق جندر وحبات قيقون وجرعة القط؟" تبدلت ملامح ثونار في ثانية وأصبحت أكثر جدية "أتعلمين عما تتحدثين؟" راقبتها جلنار بحذر لتردف ثونار "كل مكون من المكونات التي قلتها أكثر خطورة من الآخر، بل وإن نسبةً خاطئةً منه قد تقتل، أخبريني أنكِ متأكدة من الوصفة". 

قضمت جلنار شفتها وأخذت نفسًا قبل أن تحرك رأسها نافية وتهرب من نظرات ثونار "كل ما أعرفه هو المكونات، علينا التجربة حتى نصل للجرعة الصحيحة". 

صمتٌ جال بين الجميع وراقب هارليك الوضع ببعض التوتر، ظل يفرك كفيه معًا وهو يصلي داخليًا أن توافق ثونار. 

"هل جننتِ؟" هتفت الأخرى أخيرًا دافعة جلنار لإغلاق عينيها لوهلة "ربما أكون قد جننت، لكننا سنحاول" نظرت ثونار لها بعدم تصديق وصاحت "أتريدين مني قتل الصبي؟" زفرت جلنار ودلكت رأسها "لن نقتله، ثونار. نـ…" قاطعتها الأخرى بانفعال "أتعرفين كم أن جرعة القط قاتلة؟ ما بالك بدمجها مع حبات القيقون والجندر؟ نحن نقتله بهذه الطريقة، وإن لم يمت بفعل الجرعة سيموت ألمًا، لقد قتلت ما يكفي وقد تلوثت يدي بما يكفي، لن أتحمل ذنب صبي لم يبلغ بعد". 

حاولت جلنار الحديث بهدوء؛ علها تقنعها "أعلم أن الأمر بهذه الخطورة لكننا هنا لنمنع وقوع الأسوأ، لن نقتل أحدهم، نحن فقط سـ..." حركت رأسها رافضة الأمر بشكل قاطع وقالت "لن أحمل ذنب طفل، جلنار، أنـ...".

"افعليها" 

التفت الجميع ناحية هارليك الذي هتف بصرامة "أجننت؟ أنت لا تدرك ما تحاول فعله بنفسك" نهض هارليك من مكانه نحوها وقال "أعرف جيدًا ما قد يحدث، وأعرف أنني سأتألم وقد أموت، ولكنني مصر على فعلها". 

"واللعنة أنت طفل ولا تعرف حتى…" قاطع صوتها العالي بصوتٍ أعلى "لست طفلًا! أنا فارس ويحق لي اختيار مصيري، وإن مت سأفضل الموت وأنا أحاول على الجلوس خائفًا كالجبان". 

الصمت المشحون بالتوتر ملأ المكان كما ملأ الغضب صدر هارليك وظل الجميع يرمقه بتعجب؛ فتلك المرة الأولى التي يفقد فيها أعصابه أمام أحدهم "يا رجل! أحب الدراما التي تحدث داخل هذا المنزل" كانت جلنار محظوظة لقدرتها على سماع يوجين الذي يمكنه التخفيف من حدة موقفها بتعليقاته.

مسحت ثونار على وجهها بنفاد صبر وبدا عدم الرضى جليًا على وجهها، ابتلع هارليك عاقدًا حاجبيه وهو يشعر باليأس لرفض ثونار؛ لذلك أخذ خطوة للوراء قبل أن يركع على ركبتيه وعينه مثبتة على الأرض أمامه.

"أنا أترجاكِ" اتسعت أعين جلنار وثونار في ذات الوقت بينما أتريوس اعتدل في وقفته ناظرًا للصبي أمامه في شيء من التعجب الذي لم يلاحظه أحدهم "أرجوكِ فعلها، ليس من أجلي، من أجل كل تلك الأرواح التي قد تزهق هباءً، ملايين سيموتون هنا ثم… سـ… سينتقل إلى وطني، لا أريد لذلك أن يحدث، لا أريد أن أرى أخي يتحول لتراب بين يدي… السلام الدائم في وطني أريد أن أحميه، لا أريد من أحدٍ أن يكسره، أمتلك الفرصة الآن ولا أريد الندم لاحقًا". 

رفعت ثونار شعرها المجعد بعيدًا عن وجهها بضيق قبل أن تهتف به "انهض فحسب!" جمع قبضته بقوة صائحًا "لن أنهض إلا إذا وافقتِ!" نظرت لجلنار بانزعاج قائلة "اجعليه ينهض" رفعت جلنار يدها قائلة "لا أتحكم بأفعاله" حولت نظرها لأتريوس يائسة لكنه ظل بنظرته اللا مبالية وكأنه يخبرها أنها مشكلتها وحدها. 

أخرجت صيحةً مستسلمة قبل أن تقول "حسنًا، فقط انهض" أشرق وجهه بسعادة ووقف على قدميه صائحًا "حقًا؟" زفرت مجددًا بضيق ونظرت بعيدًا.

"هل يمكنكما تركنا وحدنا؟" دون أن تبعد عينها عن ثونار وجهت طلبها لكل من هارليك الذي بادل نظرته بينهما وأتريوس الذي نظر نحوها لمدة قبل أن يتنهد؛ فهو كان معرضًا للفكرة نوعًا ما ولكنه خرج، تبعه هارليك وحينها نظر يوجين نحو جلنار ساخرًا "أيجب علي أنا أيضًا الخروج؟" رفعت حاجبًا نحوه ليرفع يده ويأخذ زاوية يراقب فيها تلك الجنيات. 

"أعلم بما تفـ..."

"لا تعلمين شيئًا"

تنهدت جلنار وقالت "أعرف، أنا لا أعلم شيئًا عنكم يا رفاق، ولا أعرف ما الذي عانيتم منه وما الذي يقبع ورائكم، ولكني أعلم إنكِ ما زلتِ تتهمين نفسك بقتل تلك الساحرة، خائفة من تحمل ذنب المزيد، ولكننا لن نقتل هارليك ولن أسمح لهذا أن يحدث. استمعي لي، هارليك لن يتراجع عن قراره وعوضًا عن محاولة دفعه بعيدًا لنقم بمساعدته. ثونار، علينا الفوز في هذه الحرب وهارليك سيجعلنا نتقدم مائة خطوة في سبيل هذا". 

نظرت لوجهها ولنظرة الرجاء التي تعتليه لتغلق عينها بقوة تحاول إزاحة كل تلك الأفكار السوداء "ما الخطة؟" اتسعت ابتسامة جلنار وأخذت نفسًا قويًا قبل أن تقول "أولًا؛ لا نقتل هارليك" قالت وكأنه أمر بديهي دافعة ثونار لوضع ابتسامة مجبرة أراحت جلنار قليلًا "ثانيًا؛ محاولة ضبط الوصفة، ثالثًا؛ إيجاد مكانٍ آمن بعيدًا عن الجميع لمحاولة هارليك، ورابعًا… ننجح في الأمر". 

أومأت بتوتر قبل أن تزيح كل الفوضى فوق طاولتها بحركة من يدها لتوقعها أرضًا وعلى الفور تحركت الجنيات الصغيرات لتنظيف كل شيء وحمله وإعادته لمكانه على الرفوف. أمسكت ثونار بورقة، ونظرت لإحدى الجنيات "أنتِ، تعالي" قالت لتتحرك الجنية بسرعة ممسكةً بقلمٍ أضخم من حجمها "لن نتعدى جرعة الخمسة في المائة بالرغم من أن خمسة بالمائة قد تقتله، لكن..." نظرت لجلنار ثم أردفت "سنخاطر". 

تحركت بتوتر بينما جلنار تراقبها بابتسامة "علينا التأكد من أن الأمر لن يضره كثيرًا، ثم ندمجها، يجب أن..." توقفت لوهلة ومسحت على وجهها قبل أن تنظر لجلنار قائلة "هل سأكون سخيفة إن طلبت منكِ احتضاني لثانية؟" اتسعت ابتسامة جلنار وتحركت نحوها تحتضن جسدها وتربت على ظهرها بخفة "لا بأس، ستظل هذه اللحظة السخيفة بيننا". 

"وبين شبح في الزاوية" قهقهت جلنار دون النظر ليوجين قبل أن تبعد ثونار التي أومأت، وقبل أن تتحرك جلنار أمسكت بكتفها "أخبريني أن كل شيء سيكون بخير" حاولت ثونار بكل طريقة ممكنة قتل ذلك الشعور الخانق داخل صدرها وابتسامة جلنار وقولها أن كل شيء سيكون بخير كان مساعدًا لها جدًا.

أشارت ثونار للجنيات لتبدأ كل منهن بالقيام بعملها وجلب المكونات اللازمة من فوق الأرفف المزدحمة بالأغراض الغريبة، وضعن المكونات على الطاولة مع طبق عميق وغريب الشكل. 

أخذت ثونار نفسًا قبل أن تتوقف عن التوتر وتبدأ عملها بجدية، كل حركة كانت تقوم بها كانت الجنية الصغيرة تكتبها بحذافيرها، استغرق الأمر وقتًا لم تجده جلنار مملًا وهي تتابع عمل ثونار مع يوجين الذي كان يراقب منذ البداية. 

الكثير من الوقت استغرقته وهي تضيف المكونات بدقة وتحاول ضبط الأمر، ثم خلطتها وفي النهاية بسطت ثونار كفها فوق الطبق قبل أن تتلو تعويذةً صغيرة ليتجمع السائل ذو اللون البرتقالي إلى كرة صغيرة أشبه بالمقرمشات "حسنًا، أظننا انتهينا" قالت وهي تمسك بالكرة الصغيرة وترفعها أمام نظر جلنار. 

"ليس بعد، هناك مكون واحد أخير" قالت جلنار مما دفع الساحرة للتعجب "نيران باردة من ابنة التوبازيوس" ارتفع حاجبها وهي تنظر لكف يدها "ماذا تنتظرين إذًا؟" رفعت جلنار عينها لثونار بابتسامة بلهاء "لا أعرف كيفية إشعال نار باردة". 

صفعت ثونار وجهها بيأس، تحركت وأمسكت بعلبة صغيرة وضعت الكرة داخلها وجذبت يد جلنار قائلة "أوكتيفيان يعرف، دعينا نتحدث معه" وقبل أن تخرجا نظرت للجنيات آمرة "نظفن المكان" قبل أن تنظر للصغيرة التي كانت تدون ورائها على والورقة "وأنتِ، ضعي هذه الورقة في مكانٍ آمنٍ ولا تدعي شيئًا يمسها" امتثلن لأوامرها بسرعة عجيبة دفعت كل من جلنار ويوجين لمراقبتهم بدهشة. "هيا!" صاحت ثونار وجذبت ذراع الأخرى للخارج. 

بحثت كلتاهما عن أوكتيفيان بينما انطلق يوجين يبحث في الباحة الخلفية اختصارًا للوقت، وبالفعل ما إن وجد الرجل يتدرب خارجًا عاد لجلنار وأخبرها أين عليهما الذهاب. 

سحبت جلنار ثونار معها لخلف المنزل حيث كان أوكتيفيان واقفًا هناك يتدرب وحده وقد ألقى قميصه بعيدًا عنه، توقفت الاثنتان تنظران لظهره لتهمس ثونار مائلة نحو جلنار "إن لم يكن هذا الرجل ذا مزاج عكر صدقيني لما تركت غرفته يومًا". 

دحرجت جلنار عينيها ولم تستطع منع ضحكتها. "هذه الفتاة لديها سجل طويل في التحرش وهذا يثبت أن النساء يمكنهم أن يكونوا وحشيات أحيانًا" علق يوجين باشمئزاز.

 ما إن تحركت ثونار لتنادي أوكتيفيان همست جلنار "الفتيات يفعلن هذا طيلة الوقت، لكني عنصر شاذ" رفع حاجبًا بدهشة لتتركه جلنار بابتسامة متجهة لأوكتيفيان الذي التقط قميصه وارتداه دون أن يكلف نفسه عناء إغلاق أزراره. 

"نحتاج مساعدتك" لم تتمكن ثونار من إخفاء امتعاضها بسبب ارتدائه قميصه. "ما المصيبة التي تخططان لها؟" كتف ذراعيه وهو يتفحصهما بصرامة "فقط نتدرب" تظاهرتا بالبراءة مما دفعه ليزفر بيائس "كيف تقوم بإشعال نيران باردة؟" سألت جلنار جاذبة نظره نحوها. 

ظل يحدق بها بينما يتساءل عما يحدث حول تلك البشرية هذه المرة؟ تنهد عندما لم يستطع الوصول لاستنتاج وأقر في نفسه أنه مهما سألهما لن يحصل على جوابٍ يرضي فضوله لذلك استسلم "عندما نشعل النيران العادية تشعرين بأوردتكِ دافئة وبأطرافكِ كذلك، ذلك الشعور بالدفء حاولي تبديله بشعور بارد، الأمر أشبه بوضع الثلج على طول ذراعك، عندما تبعدين ذلك الثلج تشعرين ببعض البرودة العالقة على طولها... قد يأخذ الأمر وقتًا حتى تقومين بإتقانه، لكن لا تـ…".

توقف عن الحديث ونظر للشعلة الزرقاء الباردة حول كف يدها "هكذا إذًا..." غمغمت جلنار وكأنها لم تستمع للجزء الأخير من حديث أوكتيفيان الذي تمتم "أو ربما لن يأخذ الأمر معكِ أكثر من ثانية!".

"شكرًا جزيلًا أيها الوسيم" هتفت ثونار وانطلقتا بعيدًا عنه، راقبهما وهما يبتعدان "الرب وحده يعلم أي مصيبة أخرى ستقومان بها، لم تكن تكفي مصائب جلنار! الآن انضمت لها المجنونة الأخرى" تنهد قبل أن يعود لتدريباته محاولًا إلقاء الأمر خارج رأسه. 

"ماذا الآن؟" سألت ثونار عاقدة حاجبيها وفعل يوجين المثل مقلدًا وضعيتها مازحًا لتهز جلنار رأسها بيأس "سنذهب معًا للبحث عن مكان جيد" 

في تلك اللحظة ركض هارليك ناحيتهما وخلفه أتريوس الذي بدا على حافة الانفجار، اندفع هارليك نحو ثونار ممسكًا بها يسألها باستمرار عن إن كانت صنعت الجرعة أم لا. 

سحب أتريوس ذراع جلنار وهمس بجانب أذنها بقوة "إياكِ وترك هذا اللعين الثرثار معي مرةً أخرى، لن أقاوم إغراء إخراسه بطريقتي" حاولت كتم ضحكتها وهي تزم شفتيها بقوة حتى لا تزيد الوضع سوء "هذا ليس مضحك، أشعر وكأني سأصاب بالصداع لأسبوع" التفتت نحوه بابتسامة تحاول منعها وهمست نحوه "أعتذر عن هذا" توقفت لثانية قبل أن تبتسم بصدق وتربت على جانب صدره بامتنان "وشكرًا للمساعدة، هذا يعني الكثير". 

دحرج عينيه ومال نحو أذنها هامسًا "لا أحبذ جلنار العاطفية" قبل أن يتخطى جسدها، دحرجت عينيها وما زالت الابتسامة على وجهها وما لبثت حتى محت تلك الابتسامة فورًا ما إن لمحت نظرة يوجين الضيقة قبل أن يشير بإصبعيه السبابة والوسطى نحوه عينيه ثم نحوها في إشارة 'أنا أراقبك'. 

"علينا الذهاب بعيدًا عن هنا" قالت مقاطعة حماس هارليك وجاذبة انتباه الجميع "بعيدًا عن الجميع، لا نريد هدم المنزل ولا نريد من واندر أن ترمي أربعتنا من فوق سطح المنزل" قهقه هارليك لمزحة جلنار لكن الاثنين الآخرين كانا يعلمان أن واندر قد تفعل شيئًا مشابه ما إن تعرف بما يحاولون فعله. 

"أعرف ساحةً واسعةً وبعيدةً عن هنا، لكن سنأخذ وقتًا حتى نصل إلى هناك ويمكنني نقل شخص واحد فقط آنيًا" قالت ثونار وهي تنظر لثلاثتهم، رفعت جلنار كتفيها وقالت "ليست بمشكلة" وضعت إصبعين بين شفتيها قبل أن تصفر بصوت عالٍ. 

نظر من معها بتعجب لحركتها وقبل أن تخرج تساؤلاتهم تمت الإجابة عليها بصوتٍ قوي قادم من بين أشجار تبعه جسد ضخم أسود اللون حلق عاليًا قبل أن يهبط بجوار جلنار.

دفع رأسه نحوها لتمسح عليها بسعادة "مرحبًا يا صاح" هتف يوجين وهو يربت على عنقه "وجدت وسيلة نقلي أنا وهار..." توقفت ما إن لمحت ثونار التي وقفت على بعد أمتار منهما وتشير لكليهما من بعيد، دحرجة عينها وصاحت لتسمعها ثونار "يمكنكِ نقل أتريوس والعودة لتدلينا على الطريق". 

ما إن نطقت اسم أتريوس حتى نظر كارولوس نحو الرجل الذي كتف ذراعيه ناظرًا نحوه، زمجر كارولوس ولكن أتريوس ظل واقفًا في مكانه بابتسامة ساخرة "أنا خائف!" قال ساخرًا مما دفع جلنار لدحرجة عينيها، تحرك كارولوس نحوه وزأر بقوة في وجهه، أغمض أتريوس عينيه حتى انتهى قبل أن يعود خطوة للخلف "أنفاسك كريهة" ألقى بتقزز قبل أن يلتفت ويتحرك ناحية ثونار وكارولوس يحدق بظهره بغضب. 

"اهدأ، لن تتمكن من إخافة هذا الشخص خاصةً بهذه السهولة" قالت جلنار تمسح على عنقه وعينها متعلقة بظهر أتريوس. قفزت فوق ظهر كارولوس ومسح هارليك على رأسه قبل أن تساعده جلنار على الصعود، وظل يوجين واقفًا بجواره يمازحه. 

وضعت ثونار يدها على كتف أتريوس وقالت "قد تشعر ببعض الدوار" قبل أن يختفيا في ومضة عين. 

لم تمضِ ثانية قبل أن تظهر ثونار مجددًا على مسافة بضع خطوات من كارولوس "لنتحرك!" صاحت مشيرةً لجلنار لتربت على ظهر كارولوس ليحرك جناحيه مخلفًا موجةً قويةً من الهواء قبل أن يلحق بجسد ثونار المحلق على مسافة آمنة منه وبجوار جسده يوجين.

كان كلاهما سريعًا في التحليق؛ فلم يأخذ منهما دقائق حتى وصلوا للمكان حيث يقف أتريوس ينتظرهم. 

قفز هارليك وجلنار من فوق ظهره، نظرت ليوجين بجدية وقالت "مهما حدث لا تدع كارولوس يتدخل" نظر نحوها لمدة بتردد لكنه يعلم أنها لن تتراجع؛ لذلك أومأ مستسلمًا وقبل أن تتحرك شعرت بقلق كارولوس الموجه نحوها؛ مما دفعها للتربيت على رأسه والهمس "سأكون بخير". 

بالرغم من قلق جلنار إلا أن هارليك كان يعاني بسبب قلبه الذي ينبض بقوة داخل صدره، لم يتمكن من تفسير إن كان متحمسًا أو قلقًا أو خائفًا أو متوترًا، ربما كل ما يشعر به هو مزيج بين كل هذا، لكن كلما فكر بعائلته وأصدقائه، كلما فكر في حياته وأن نسبة قليلة من الخوف قد تدمر مملكته الزرقاء المسالمة يزداد إصرارًا على التحمل. 

"المكان جيد... واسع، ولكن نحتاج لشيءٍ يمنعه من الذهاب بعيدًا أو التحرك نحو المنزل" التفت ناحية ثونار التي قالت وهي تتفحص المكان.

"هذا سهل"

حرك أتريوس يديه يقبضها قبل أن يجلس على إحدى ركبتيه على الأرض ويبسط كفه فوق الأرضية، اهتز سطح الأرض تحت أقدامهم قبل أن تتحرك الأرض الصخرية وكأنها حباتٌ من الرمل تتكون فوق بعضها البعض، كونت حلقة ضخمة كسور عالٍ بلا مداخل. 

"أشعر أحيانًا أن هذا الرجل يمكنه قتلنا جميعنا قبل أن نطرف حتى" همست ثونار وهي تحدق بأتريوس الذي نهض ونفض يده. 

لمحت جلنار كارولوس ويوجين يحلقان على مسافةٍ من السور حتى يحصلا على رؤية أفضل. "لا تموتي!" صاح يوجين نحو جلنار قبل أن يردف "واحرصي على تقديم عرضٍ جيد". التفت نحوه وأشارت لكارولوس برأسها مما دفعه للنظر ليوجين والزمجرة في وجهه ليبتعد ذلك الأخير صارخًا "ظننتنا أصدقاء، تبًا لكما!". 

زفرت نفسًا بتوتر ونظرت لهارليك لتربت على كتفه وتقول "إن كنت لا تريد فعلها فلا بأس، هارليك… يمكننا فقط العودة" قبل أن يجيبها هارليك أجابها صوت أتريوس "لا، لا يمكنه العودة، جئت إلى هنا وسأرى عرضًا لكِ وأنتِ تهربين من عملاق أزرق" انخفض كتفيها ورمقته بحدةٍ لكنه بادلها بابتسامة مستمتعة قبل أن يلتفت نحو السور الحجري ويتسلقه في ثانية ليجلس فوقه. "قرد" همست وهي تراقبه مما دفع هارليك للضحك.

"لن أعود، أريد فعلها والنجاح فيها" راقبت ملامح وجهه المصرة لتتنهد وتومئ "استمع لي جيدًا إذًا، لا أعرف ما الذي سيحصل تمامًا داخل رأسك عندما تتحول لكن مهما حدث لا تحاول أبدًا الحركة، ثونار ستقوم بتثبيتك لخمس دقائق على الأقل حتى لا تقتل إحساسك العصبي، قد تشعر بتخدير؛ لذلك حاول تحريك يدك أولًا ولا تفزع". 

 أومأ برأسه لنصائح جلنار وقبض يده وبسطها أكثر من مرة ليتحكم بأعصابه، التفت نحو ثونار لتخرج العلبة وتخرج منها الكرة برتقالية اللون وتناولها لجلنار، قبضت الأخيرة يدها فوق الكرة قبل أن تتحول للهب أزرق اللون.

أصبحت الكرة مشتعلة بلهب أزرق كأنها كرةٌ من النيران ولكن بلا حرارة، أعطتها لهارليك ونظرت لثونار لتصبح جاهزة لتقييده ما إن يتحول. راقب هارليك الكرة المشتعلة بين يديه والتي لم تحرقه على الإطلاق، وأخذ نفسًا قبل أن يضعها داخل فمه ويمضغها "لا تمضغها، فقط ابتلـ... حسنًا، أنت تسببت بهذا لنفسك" صاحت ثونار قبل أن ترفع يدها باستسلام فملامح التقزز ظهرت بشكلٍ قوي على وجه هارليك وحاول ابتلاع البقية دون أن يتقيأ. 

أغمض عينيه بقوة للطعم اللاذع الذي مر بحلقه وترك أثرًا سيئُا ولكنه حاول التركيز على التحول، بدأت عروق جسده وأوردته تصبح زرقاء وأصبح نبضها واضحًا للعين، اللون الأزرق بدأ يزحف ببطء على بشرته وصوت العظام التي تتحطم أصبح قويًا، عادت جلنار خطوات للخلف وهي تراقب حجم هارليك الذي تضخم أضعاف حجمه الطبيعي. 

صرخة قوية صدرت من حلقه ما إن استقام بجسده الضخم الذي ينافي تمامًا براءة الصبي الذي يعرفونه. "ثبتيه!" صرخت جلنار فورًا بثونار التي رفعت يدها نحوه وتمتمت بتعويذة معينة وعينها أصبحت أكثر بياضًا.

تحرك هارليك بقوةٍ ووحشيةٍ ولكنه اندفع للخلف وظل جسده ثابتًا تحت ضغط تعويذة ثونار، الأخيرة كانت ذراعها ترتجف في محاولة التمكن من أعصاب العملاق حتى لا يقتلهم جميعًا. 

زمجر بقوة وحاول تحريك جسده ولكن ثونار كانت أقوى من أن تتعب بهذه السهولة، وبالرغم من أن تثبيته كان صعبًا إلا أنه لم يكن بتلك الصعوبة بالنسبة لها، محاولةٌ تليها الأخرى وعضلاته الزرقاء تنقبض بقوة في محاولةٍ لتتحرر من تعويذة الساحرة الصهباء ولكن بلا فائدة. 

"هارليك، تحكم في وعيك قليلًا!" صراخها جذب انتباهه لينظر نحوها قبل أن تتجهم ملامح وجهه ويصرخ فيها ويحاول التحرك نحوها. "هارليك، تمالك نفسك!" صرخت مجددًا بينما تحرك العملاق بقوة محاولًا الإمساك بجلنار، وفي ثانية انزلقت قدم ثونار بأحد الأحجار مما دفع تركيزها بعيدًا عن هارليك ليتحرر جسده أخيرًا واندفع نحو جلنار التي اندفعت للخلف ووقعت على ظهرها بقوةٍ وقبل أن تسحق كف يده جسدها توقفت وعادت لمكانها بجوار جسده. 

راقبت جلنار جسده الذي تشنج قبل أن يضرب رأسه بالحائط بقوة يحارب رغبته القوية في التدمير، وفي النهاية كحلٍ أوسط؛ فقد الوعي ليعود جسده الصغير الذي اعتاده الجميع.

ظلت جلنار مكانها تحدق به بصدمة قبل أن تنهض بسرعة ناحيته، ثونار كانت أسرع منها، ما إن صفقت بيدها ظهرت ملابسٌ تغطي جسده، ثم انحنت تحاول الشعور بنبضه. "ما زال حيًا" قالت براحة وهي تتنهد بينما جلنار انحنت وحاولت حمل جسده، ولكن ما إن حركته حتى فتح عينه وصرخ بقوة وتشنج جسده، نظرت لثونار بفزع ثم للصبي الذي يتشنج باستمرار ويصرخ بألم بين يدها. 

"هذه هي المضاعفات" تمتمت الأخرى وهي تضع يدها فوق رأسه تحاول تخدير جسده وصراخه المستمر وأنينه، محاولاته لكبت صراخه جعلت جلنار تتمسك بجسده وتحارب لتتنفس بينما تهمس باعتذارٍ مستمر؛ عل هذا يخفف من ألمه.

دقائق حتى سكن جسده وزفرت ثونار بتعب لنجاحها في تخديره وسلب وعيه، أخفضت جلنار رأسها بصمت أقلق ثونار، لكنها نهضت ببساطة وهي تحمل جسده، نظرة واحدة نحو كارولوس كانت كفيلة بدفعه ليهبط نحوهما وتفقد هارليك بنظرة قلقة قبل أن ينظر لجلنار التي تمتمت "سيكون بخير". راقب يوجين حركتها بصمت وتقدمت ثونار والتقطت جسده من بين يديها حتى تسلقت جلنار ظهر كارولوس وأخذت هارليك ممسكة بجسده بقوة حتى لا يقع. 

حلق كارولوس ببطء وحرصٍ للمرة الأولى خشية على الصبي الذي كان مميز في عين كارولوس بشعره الأزرق وعينه الصفراء الجاذبة لعينه المتحسسة للألوان.

لحق بهم يوجين حتى الباحة الخلفية بعيدًا عن المنزل، وما إن هبطا ظهرت ثونار مع أتريوس الذي كان يراقب في البداية دون أي تدخل "ناوليني الصبي" قال بنبرة نهائية وما إن رمقته جلنار بحدة فسر "سأضعه في غرفتي، لن يزعجه أحدهم هناك، كما أنني أعرف طريقة للدخول دون أن ترانا واندر". 

تركت هارليك لأتريوس الذي سار نحو المنزل وثونار تراقبه بدهشة "من هذا الرجل؟ ظننت أن طابقه وغرفته إحدى المحرمات" لم تجبها جلنار ببساطة التفتت وسارت نحو الغابة يتبعها كل من كارولوس ويوجين. 

ما إن وصلت للمكان الذي يتخذه كارولوس كمسكن هبطت فوق الأرضية وأسندت ظهرها لصخرة ضخمة ووضعت وجهها بين كفيها، كارولوس الذي استلقى بجوار قدمها أخرج أنينًا مواسيًا؛ لعل صاحبته تشعر بتحسن، لكنها كانت ممتلئة بالشعور بالذنب. 

"لقد كان اختياره وكنتِ تعلمين أنه سيمر بتجربة مماثلة" قرر يوجين التحدث أخيرًا ولكنها لم تجبه ليعاود المحاولة "لستِ المخطئة في هذا الأمـ...".

"أنا كذلك" همست قاطعة حديثة ليزفر وينحني بجوارها "لا، لستِ كذلك، هارليك اختار ذلك بنفسه وهو..." صمت يحاول إيجاد كلمات مناسبة، لكن جلنار وجدت الكلمة المناسبة لها "وهو صبي... وأنا دفعته لهذا، اللعنة على الحرب واللعنة على ما يحدث معي، أي قائدة وأي هراء هذا؟ أنا أكثرهم فشلًا وربما سأقتلهم جميعًا بتفكيري الوردي، لقد دفعته لأذية نفسه". 

تنهد يوجين بيأس وهو ينظر لها بمواساة، نهض كارولوس وتحرك بعيدًا عنهما بين الأشجار وسط نظرات يوجين المتعجبة ولكنه حرك رأسه وأعاد أنظاره لجلنار "توقفي عن جعل نفسك الملامة، جلنار. حبًا في الله لقد كنا نعلم أن هذا سيحدث" رفعت رأسها نحوه بأعين مليئة بالدموع "أن تعرف أنه سيحدث وأن تراه يحدث أمران مختلفان". 

راقبها تمسح عينها بعنف قبل أن تأخذ نفسًا قويًا وتحاول ألا تنفجر في البكاء. "إذًا ماذا؟ هنا حيث تأتين وتبكين كل مرة؟" رفعت رأسها بصدمة لأتريوس قبل تلتفت بعيدًا وتمسح عينها حتى لا تسمح له برؤيتها تبكي. 

"لا تنظري نحوي بازدراء، قطتكِ الأليفة من أحضرتني" زمجر كارولوس ودفع ظهره بقوة ليدحرج أتريوس عينيه ويتمتم "تنين مزعج كصاحبته". 

"هارليك بخير؟" سألت دون النظر نحوه "بخير ويأخذ قسطًا من الراحة" أجاب قبل أن يقف أمام جسدها "ماذا تريد إذًا؟" سألت بامتعاض تمنع ارتجاف صوتها "أحاول إزعاجكِ بينما تبكين!" أجاب وكأنه شيء بديهي؛ مما دفعها لرفع عينيها نحوه بدهشة "ماذا؟ ترتدين احتضانًا؟" سخر لتدحرج عينها وتنهض مبتعدة "اتركني وحدي" تمتمت وابتعدت، لكنه أخذ خطوة وأمسك برسغها قبل أن يسحبها نحوه. 

بالرغم من محاولاتها المستميتة للسيطرة على ارتجاف شفتيها ودموع عينيها إلا أنها بدت كطفل على شفير البكاء ورؤيتها على هذا النحو دفع أتريوس للمحاربة حتى لا يضحك على غباء أفكارها؛ فهو لن يقوم بإذلالها إن بكت أمامه، لن يذكر الأمر حتى. 

دفع جسدها لتجلس فوق الصخرة التي كانت تستند عليها سابقًا قبل أن يجلس على أمشاط قدميه أمامها "ما تفعلينه قمة في الغباء" عقدت حاجبيها وسحبت يدها من بين يده "إن جئت لتسخر فلا تـ..." قاطع اتهاماتها بنظرة جادة ونبرة أكثر جدية "أتظنين أن الصبي فعلها بسببك؟" زمت شفتيها ولم تقل ما يدور في عقلها، ليس بسببها، لكنها دفعته أكثر لذلك.

"أعرفه قبل أن تأتي لهنا وتعرفيه، هارليك رغم اندفاعه إلا أن أفكاره وقراراته أكبر من مرحلته العمرية، إن لم يكن يريد فعل هذا ما كان ليفعله، لكنه موقن بنجاحه وكان يترقب ألمًا مماثل" 

حركت رأسها بعدم اقتناع "أنا أكثر من شجع هذا الأمر، إنه صبي مندفع ليس إلـ…" قاطعها مجددًا "ليس مندفعًا بحماقة، هناك فرق واضح بين شخص مندفع لإثبات شيء، لإثبات أشياء تافهة عن كم هو قوي وكم أنه جدير باللقب، لكن هارليك مندفع لشيء آخر، أتعرفين ما الذي يستحوذ على تفكيره؟".

 نظرت نحوه بعبوس وابتلعت الغصة التي تمنعها من الحديث ليردف "كل ما يفكر به عائلته، مدينته، وأولئك الأشخاص الذي اعتاد على وجودهم كل صباح، يحاول حمايتهم بكل ما يملك، أخبر واندر أن رؤيته لما حدث هنا أرعبه، قال أنه سيحاول أن يكون عملاقًا؛ فهذه الطريقة الوحيدة التي يمكنه بها أن يحمل الأذى بعيدًا عن وطنه" 

أبعدت عينها عنه ومسحتها بكم قميصها الأسود "وجودكِ لم يدفعه لشيء، وجودكِ ساعده في تحقيق هدفه، لا يحق لنا التحكم فيما يقرر بحجة أنه صبي، إن اختارته التوبازيوس فذلك يعني أنه مسؤول عن نفسه وعن قراراته الخاصة، كل منا يحمي وطنه هنا ويحاول الحفاظ عليه، إنه متعلق بكِ وسعيد بوجودكِ لأنكِ تجعلينه يشعر بأهمية وجوده بين الفريق ولأنك تجعلينه قريب من هدفه كل يوم، سواء كان أنتِ أم لا... هارليك كان ليقدم على خطوة مماثلة ولا حق لنا بمنعه". 

أول ما تبادر على ذهنها وهي تراقب ملامحه الجادة؛ كيف يمكن للحديث معه كل مرة أن يكون مريحًا ومقنعًا في الوقت ذاته؟ كيف ينجح كل مرة في إزاحة التشوش داخل عقلها ودفع التناقضات التي تشعر بها لتصبح أقل بينما هو شخص مليء بالتناقضات، بل تكاد تقسم أنه صُنع من التناقضات! 

لم تتمكن من فعل شيء سوى أنها تنهدت والعبوس على وجهها أصبح أخف "ماذا إن أصابه ضرر بالغ؟" رفع حاجبًا وقال "تمزحين؟ لم يصبح فارسًا حتى يموت بطريقة تافهة" لكمت كتفه بقوة وهتفت "لم أقل موت، لن أتركه يموت" نظر نحوها كـ 'ما المشكلة إذًا؟' قضمت شفتيها قبل أن تلقي برأسها فوق كتفه بيأس هامسة "أنا قلقة عليه حد الموت". 

تجمد لوهلة للحركة الجريئة التي ظن أنها لن تقدم عليها مجددًا ولهمسها القريب وحرارة جسدها وأنفاسها، قبض يده المستندة على ركبته بقوة وقال "هذا طبيعي، قد تموتين من قلقكِ على الجميع" أخرجت ضحكة ساخرة وقالت "لا أقلق عليك؛ لذلك ربما قد أصاب بالحمى، لا الموت" دحرج عينيه قبل أن يحرك يده بعد صراع قوي أقر أنه صراع أصعب من صراعه في القتال وربت على ظهرها بخفة. 

"سيصبح بخير، عليكِ الاعتياد على صراخه المتألم حتى ينجح، إظهارك لترددكِ قد يخيفه وقد تفزع تلك الساحرة؛ فهي ترمقك في كل ثانية تحاول طمأنة نفسها، كلاهما يستمد شجاعته منك، لذلك خذي نفسًا وتوقفي عن وضع تلك التعابير التي يضعها قاتل مذنب" 

زفرت وأومأت بخفة قبل أن تبعد رأسها عن كتفه مقاومة شعور الراحة والرغبة في النوم، خاصةً أنها لم تنم منذ يومين سوى لساعات محدودة. "أحتاج لبعض الراحة" تمتمت وهي تنظر بعيدًا عنه وتنهض على قدميها.

ظل يوجين منذ البداية يراقب الاثنين بصمت وبذراعين منعقدتين فوق صدره، لم يحاول التدخل أو الحديث مع جلنار... في الوقت الحالي فقط! 

لم يعجبه أتريوس منذ البداية ولم يعجب أحدًا في الواقع وجلنار ليست بلهاء لدرجة تدفعها لتكوين صداقة مع كل رجل تقع عينها عليه؛ لذلك طيلة الوقت ظل يراقب أتريوس عن كثب يحاول اكتشاف ما الذي تراه جلنار في هذا الرجل بالضبط حتى لا تحاول تجنبه!

لوهلة شعر بأن الرجل أمامه مزيف بالكامل، بل أنه مزيج متراكم من أحداث ماضية كونت تلك الشخصية المتناقضة، ولكنه يحاول منع نفسه من أي انطباع جيد قد يأخذه عن هذا الرجل، فبحق الله لقد حاول قتل فتاة قبل أن تقول مرحبًا حتى! 

عرف أنه ليس عادلًا بالكامل تجاه أتريوس وأن حكمه السيء بسبب رفضه المستمر لأي تعامل جيد يصدر منه وبسبب أسوأ انطباع تركه أتريوس في نفس يوجين، ولكنه ما كان ليخاطر بتقبل رجل قد يؤذي جلنار، هي الوحيدة القادرة على رؤيته وهي الوحيدة الذي يشعر برغبة قوية في حمايتها.

تلك الفتاة كانت كسند لروح تائهة كانت تشعر بالوحدة، وقدرتها على تفكيك شخصيته وقراءتها كانت تذهله، حتى بالرغم من أنهم لم يتقابلوا يومًا وهو حي، سواءً كان مكلفًا بمهمة غريبة لا يعرف شيئًا عنها أو أنه فقط ممتن لهذه الفتاة فهو لن يسمح لأحد بمساسها بسوء، وقدرته على لمس الأشياء ستساعده كثيرًا في هذا، لا شيء يبقيه على وجه الحياة إلا هي. 

إن كانت جلنار مخطئة في إرخاء دفاعاتها فهو لن يفعل، والسماح بأفكار كـ 'أتريوس ربما ليس بسيء' هي إرخاء لدفاعاته؛ لذلك سيصدها كلها ويراقب بحذر وسيتدخل عندما يلزم الأمر. 

نهض أتريوس وأخذ نفسًا وكأنه قد يساعده في ترتيب بعض من أفكاره "اذهبي للمنزل وخذي قسطًا من الراحة حتى يستيقظ هارليك وسنحاول غدًا مجددًا، حتى هذا الوقت ستحاول الساحرة ضبط الوصفة، وأنتِ ما أن تستعيدي تركيزك وانتباهكِ سنتدرب ليلًا؛ لذلك لا تستغرقي في النوم". 

لم تمنع ابتسامتها لأوامره الذي اعتاد إلقائها "أمرك، سيدي القائد" هتفت ساخرة ليرمقها بطرف عينه وفي المقابل وقف كارولوس خلفها يرمقه بنظرات مشابهة واقفًا في ظهر صاحبته.

"تعرفين أن على حيوانكِ الأليف أن يوقن أنه لا يخفيني؟" رفعت كتفيها وقالت "حاول إقناعه بذلك عندما ينفث نيرانه عليك" التفت وتحرك بين الأشجار وقال قبل أن يختفي عن نظرها "رأيت ما هو أسوأ من تنين ينفث النيران". 

التفتت ناحية كارولوس تمسح على رأسه وتقول "لا تستمع له، بالتأكيد هناك شيء يخيفه وسنكتشف سره يومًا ما" حرك رأسه وزمجر بخفة وكأنه يوافق على حديثها. 

"إذًا صاحب الفأسين قادر على تحسين مزاجك بينما أنا يمكنني البقاء كلوحة للزينة" نقلت عينيها نحو يوجين قبل أن تحادث كارولوس "انظر من يشعر بالغيرة" زفر وأشار نحوها بسبابته "أنا لا أشعر بالغيرة، أنا حذر" لوحت بيدها "احذر كما تريد بينما أنا سأذهب للنوم؛ فهذا الرجل يخطط لتعذيبي". 

حاولت تجنب مشاعر القلق التي تنتابها والتعب بمضايقة يوجين بتلك الطريقة، ودعت كارولوس ولم تنسَ وعده بزيارته مجددًا.

اتجهت للمنزل وسط مضايقاتها ليوجين ومشاجراتهما مما أنساها ذلك الشعور الخانق قليلًا، قابلت ثونار عند عودتها وأجبرت نفسها على وضع ملامح طبيعية وأجابت سؤالها بأن تلك التصرفات الهادئة كانت بسبب صدمتها بالأمر، لكنها على يقين من أنه سيكون بخير.

حمدت ربها أنها لم تقابل واندر في طريقها وذهبت لغرفتها على الفور، ما إن وضعت رأسها فوق الوسادة غرقت في نوم عميق.

 

....

 

نهض فزعًا قبل أن يشعر بألم يضرب جسده، تأوه وحاول تحريك عضلات جسده المتيبسة وجالت عينه على الغرفة غير المألوفة بتعجب، حاول تحريك كتفه وتدليكه، وقف على الأرضية وبدأ بتحريك جسده يمنًا ويسارًا بينما يتفحص الغرفة بعينه عله يتذكر لمن كانت، لكنه لا يتذكر رؤية واحدةٍ مماثلة. 

تثاءب وتحرك في المكان وفتح أول باب وجده أمامه، اتسعت ابتسامته ما إن رأى المرحاض الكبير المشابه لمرحاض غرفته عدا ببعض التفاصيل الصغيرة، أغلق بابه وخلع ملابسه قبل أن تملأ المياه الدافئة المكان لتساعده على تليين جسده. 

"المحاولة الأولى فشلت" تمتم بخفة وهو يرفع شعره الأزرق المبتل بعيدًا عن وجهه وما لبث حتى عاد مجددًا فوق عينيه بفعل المياه المنسابة فوق رأسه. "لم تفشل بالكامل" همس بنبرة غنائية سعيدة؛ فهو يتذكر جيدًا ومضة مما حدث، لقد تمكن لثانية التحكم في جسده العملاق عندما كاد يقتل جلنار.

عبس لهذه الذكرى السيئة، كاد يؤذي شخصًا ما، وليس أي شخص… جلنار ليست كالجميع. زفر وحرك رأسه يحاول رمي الأفكار بعيدًا؛ فجلنار لن تغضب منه بالتأكيد، بل يكاد يجزم أنها قلقة الآن. لا يمكنه إنكار أن الألم الذي ضرب جسده بعد التضخم كان أقوى مما تصور، بل وأن موجات بسيطة من الألم ما زالت تضرب جسده ورأسه بصداع قوي ولكن يمكنه تحمل هذا.

أغلق المياه بعد أن شعر بجسده يتحرك أخيرًا دون ألم قوي وجفف جسده قبل أن يرتدي ملابسه الذي لا يعلم من وضعها عليه؛ فليست هذه هي الملابس التي خرج بها من المنزل. احتقنت الحمرة بوجهه واتسعت عيناه ما إن قفزت فكرة أن إحدى الفتاتين قد رأته عاريًا؛ مما دفعه لتحريك شعره بقوة والصراخ بخجل "تبًا! كيف سأنظر لهما الآن؟".

جفل جسده للطرق القوي على باب المرحاض قبل أن يصدر صوت أتريوس "أخبرني أنك لم تمت بعد؟" اتسعت عيناه وأدرك حينها أنه رأى غرف الفرسان جميعهم إلا غرفة أتريوس؛ لهذا كانت الغرفة غير مألوفة له. 

"يا فتى، سأكسر الباب" كان صوته جديًا هذه المرة مما دفعه للصياح بصوت متوتر "أنـ… أنا بخير، بخير تمامًا. سـ… سأخرج، سيد أتريوس، في الحال" التقطت القميص الأخضر ومرره من فوق رأسه ليغطي صدره قبل يتجه للباب بخطى متعثرة ويفتحه. 

تفحصه أتريوس بعينه ورؤيته بخير دفعته للتنهد براحة؛ فجلنار لن يشغل عقلها الشعور بالذنب عندما تراه على ما يرام ويبحلق بتلك الطريقة البلهاء في رأيه. 

ما إن أدرك هارليك موقفه الأحمق انحنى بخفة وقاوم الألم الذي زاد في رأسه وقال بنبرة ممتنة "شكرًا لك، سيد أتريوس، على المساعدة" تحرك الأخير وألقى بجسده على الأريكة "لم أقم بالمساعدة، استمتعت بالمشاهدة؛ لذلك لا تتفوه بالهراء". قبض هارليك على قميصه بتوتر ولكنه تذكر أن الرجل أمامه ليس بوحش كما يظن أحيانًا، جلنار تتعامل معه بأريحية رغم أنه يبادلها تصرفات جافة، هذا يعني أن جلنار أكثر شجاعة منه! 

تلك الفكرة أزعجته؛ لذلك رفع رأسه وأفصح عما يريد "أنا في غرفتك الآن؛ لذلك أنت قمت بمساعدتي؛ لذلك أنا أشكرك؛ لذلك انا لا أتحدث بالهراء لـ..." قاطعه أتريوس "لذلك اخرج من غرفتي" طرف بدهشة ليومئ ويتحرك نحو باب الغرفة. 

توقف قبل أن يخرج والتفت ناحية أتريوس قائلًا "هل جلنار بخير؟" دون أن ينظر له أجاب "نائمة منذ ساعات، لا تقم بإزعاجها" أمر الأخير أثار دهشة هارليك وأثار دهشة أتريوس نفسه "لم أكن أنوي إزعاجها أصلًا" تمتم هارليك بانزعاج قبل أن يلتفت ليخرج ولكنه توقف مجددًا وجمع شجاعته وهتف "أريد منك أن تكون معنا غدًا أيضًا، كثرتكم حولي تشعرني بالراحة" وفتح الباب بسرعة وخرج. 

حدق أتريوس بالباب ببعض التفاجؤ قبل أن يخرج ضحكة مندهشة ويعيد رأسه فوق الأريكة وهو يتنفس براحة لا يعلم سببها. 

تحرك هارليك للمطبخ يشعر بالجوع فقابل واندر التي قد عادت من السوق للتو وتحاول تنظيم أغراض المطبخ التي جلبتها. "جائع!" هتف بتذمر لتلتفت نحوه ولم تنسَ بعثرة شعره الرطب وتقول "لم يجبرك أحد على تعدي وجبة الغداء، حتى تلك المجنونة ثونار والأحمق أتريوس والحذق أرتيانو والمتهورة جلنار لم يكونوا موجودين". 

قضم شفتيه يمنع ابتسامته؛ فهو يعلم أين كانت المجنونة والأحمق والمتهورة "أعطيتِ كل واحد لقبه؟" ضربت رأسه بخفة بالعلبة في يدها وقالت "وأنت لك لقبك أيها الثرثار الكبير" اتسعت عيناه وهتف "أنا ثرثار؟" أومأت وأكدت "ثرثار كبير" جلس فوق الكرسي الخاص بالبار ودحرج عينيه بانزعاج.

"المذياع؟" صاح يوجين ما إن لمح هارليك الجالس على كرسي البار، تحرك نحوه يتفحص وجهه، لكنه لم يبدُ كشخص يتألم مما دفعه للتنفس براحة. "لقد قتلت جلنار قلقًا" هتف بتذمر ولكن ظل هارليك يراقب واندر بملل وهي تجهز طعامه.

نظر حوله قبل أن تخطر له فكرة متهورة، أمسك بعلبة مليئة بمسحوق أبيض لم يهتم ليعرف ما هو وسكبه بجوار هارليك على البار، نظر الأخير للعلبة التي انسكبت أمامه بفزع ونظر لواندر بخوف ظنًا منه أنه من أوقعها.

"هل تشعر بألم ما أيها المذياع؟" 

اتسعت عيناه وهو يرى الكلمات تتكون أمامه وكأن أحدهم يكتبها بإصبعه، وقبل أن يصرخ فزعًا تكونت الكلمات أمامه:

"أنا يوجين، لا تصرخ" 

ظل يحدق بالكلمات لمدة قبل أن يدرك أنه أخيرًا يتواصل مع الشبح الذي تتحدث عنه جلنار طيلة الوقت "يـ… يوجين! إلهي، سعيدٌ بالحديث معك" همس بسعادة وهو ينظر للمسحوق ولكن ارتسم سهم نحو سؤال يوجين الأول وأضاف له "أجب بصراحة".

أومأ برأسه وهمس "بخير، أشعر ببعض الصداع وألم جسدي أخف بكثير، لكني بخير" ابتسم يوجين ومسح ما كتبه قبل أن يكتب "اذهب للساحرة، ربما تملك دواءً ما" طرف هارليك قبل أن يهمس "فكرة جيدة! لم تخطر لي" دحرج يوجين عينه وكتب "بالرغم من أن هذا بديهي أيها المذياع". 

عقد حاجبيه وهمس "ما الأمر مع المذياع هذا؟ ما هو حتى؟" مسح يوجين الحديث وقال "المذياع هو رمز للقوة؛ لذلك أناديك بهذا اللقب" اتسعت ابتسامة هارليك بينما يوجين يكاد يفقد وعيه من كثرة الضحك.

ما عن التفتت واندر مسح هارليك المسحوق بيده واتسعت عيناها وهي ترى الفوضى الذي تسبب بها، تحركت نحوه وقرصت أذنه بقوة دفعته للصياح ألمًا "آسف آسف آسف، وقع دون قصد". 

تركت أذنه وصفعت رأسه مما زاد صداعه سوءً. "لا تعبث بأدوات المطبخ يا فتى!" أنبت بحدة ليومئ وهو يشعر بالظلم؛ فهذا كان يوجين، لا هو. التعبير على وجهه دفع يوجين لكتابة "آسف" بخط عريض ثم مسحها، رفع هارليك إصبع الإبهام إشارة على أنه بخير بينما تكاد الدموع تفر من عينه لقوة القرصة.

 

....

 

ضفرت جلنار شعرها حتى لا يعيقها في التدريب، نظرت للغرفة ثم للنافذة وصلت داخليًا ألا تكون قد استغرقت وقتا طويلا في النوم حتى لا يجد أتريوس حجة أخرى لقتلها بالتدريب.

تحركت للأسفل وتوقف جسدها ما إن رأت هارليك يتناول طعامه بنهم، اتسعت ابتسامتها وتحركت نحوه وأول ما فعلته هو بعثرة شعره كما تحب أن تفعل دائمًا. "هل أنت بخير؟" سألت ليرفع رأسه نحوها ويومئ بابتسامة واسعة "ثونار قالت أنها انهت الجرعة الثانية، سنجربها غدًا" همسه بحماس أعاد حديث أتريوس لرأسها…

 لن يتخلى عن هدفه ولا يحق لأحد أن يمنعه.

تنهدت قبل أن تبتسم وتومئ له وبادلته الحماس قائلة "سننجح غدًا" أومأ وشعر بالراحة لرؤيتها بخير. "فيمَ ستنجحان؟" التفتا لواندر بفزع تقول جلنار بسرعة "في التدريب، فهارليك يتدرب على أسلوب جديد في القتال، هل رأيت أتريوس؟" سألت بعجل لتومئ وتقول "خرج للتو" أومأت وتحركت بسرعة هاربة من نظرات واندر الحادة.

"أتشعرين بشعور أفضل؟" سأل يوجين لتومئ وتتنفس براحة "نوعًا ما، نعم". تحرك كلاهما للخارج ورأت ظهر أتريوس الذي كان ممسكًا بسيف طويل وحاد ويتدرب على التلويح به "لم أتأخر؟".

التفت ناظرًا نحوها قبل أن يضع السيف في غمده ويتركه بعيدًا ويقول "ما زال الليل في بدايته".


****************************************

هالوووووو

الناس الي كانت خايفه ان مفيش فصل النهرده 

متخفوش 

خافوا بكره 😂

بهزر عشان محدش ياخد الكلام بجديه، فعلا مش بنزل فصل الا لو في ظرف جدا جدا طارئ

 فمتقلقوش

ولكن احذروا

اخبار صيامكم ايه؟

بحس الايام بجد بتجري بسرعة وبحس رمضان اطول واحنا صغيرين لما كبرنا كل مناسبه بقت بتعدي بسرعه بشكل غريب 

عمومًا، الروايه حرفيًا بنجري فيها وفي ناس توقعت نقعد شهور عشان نوصل للفصول الجديده، بس حرفيااااااااا الموضوع شغله اسبوعين لو فضل التنزيل منتظم وهندخل في الفصول الجديده

المشكله الوحيده زي ما بصيح كل مره هي امتحانات الميد ترم هتخطفني منكم شويه 

متنسونيش في دعواتكم 

لكن ان شاء الله هحاول التأخر ميزدش كتير

ثانكيووو لكل الدعم 

انجوي بالفصول 

باااي



Esraa A

احظ بوقت ممتع بعيدًا عن العالم.

24 تعليقات

  1. نزل بدري💃🏻💃🏻💕💕

    ردحذف
  2. ❤️❤️❤️❤️❤️

    ردحذف
  3. ما اصدق نزل الفصل ❤❤❤❤😘😘😘😘

    ردحذف
  4. حماااس ❤️❤️❤️❤️

    ردحذف
  5. عندي سؤال مرعوبة اسأله، لمن تجي الفصول الجديدة هل التنزيل بيكون يومي زي الآن؟
    اكيد يعني بعدما تعدي المي ترم على خير يااارب 🥺🥺💜💜💜💜💜💜💜

    ردحذف
  6. الله يسهلك وييسرلك و تعدي امتحانك بكل سهولة

    ردحذف
  7. عندى فضول اعرف إذا انتى كتبتى حاجه من الفصول الجديده و لا فى دماغك بس لسه

    ردحذف
  8. كالعاده البارت جميل ♥️♥️

    ردحذف
  9. الفصل طويل وممتع ما شاء الله وهارليك محليه

    ردحذف
  10. ❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️

    ردحذف
  11. الفصل الجاي قتال اثنين ضد واحد و حاجة تحفة بجدد

    ردحذف
    الردود
    1. تقصدي تدريب جلنار ويا اتريوس وقت يتنافسون؟؟ صح؟!

      حذف
  12. هارلك كيوتت ولدي، امنيتي أخذه معي واحميه 😔🩷

    ردحذف
  13. ممتاز ، ربنا يوفقك في الامتحانات
    عموما انا كمان عندي امتحان الاسبوع ده، بس توبازيوس متتفوتش ، 😍😍

    ردحذف
  14. كلش حابة جزيئة تواصل هارليك ومع يوجين 💜💜

    ردحذف
  15. وهذا هو الوقت الذي أخبركم به🥹🥹 أننا وصلنا للفصل51 في القديم ياقوم 💃💃💃💃💃💃🎊🎊🎊🎊🎊

    ردحذف
أحدث أقدم

نموذج الاتصال